الشيخ : أما بعد فإننا في هذه الليلة ليلة خمسة وعشرين من رمضان عام أحد عشر وأربع مئة وألف نلتقي على سطح المسجد الحرام للمرة الخامسة ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا لقاءنا هذا لقاء مباركاً نافعاً، أيها الإخوة كان من عادتنا أن نتكلم بما يسر الله سبحانه وتعالى على بعض ما سمعناه من قراءة إخواننا أئمتنا في هذا المسجد
الشيخ : واخترنا الليلة أن نتكلم على قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ))

الشيخ : صدر الله هاتين الآيتين بقوله (( يا أيها الذين آمنوا )) وقد أُثر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: " إذا قال الله يا أيها الذين آمنوا فأرعها سمعك " يعني استمع لها " فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه " أعيد الأثر يقول رضي الله عنه:" إذا قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا فأرعها سمعك " يعني استمع لها " فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه "ونحن نقول إذا قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا )) فصدّر الخطاب بالنداء فإن هذا يدل على أهمية هذا الخطاب وذلك لأن النداء يستدعي تنبيه المنادى وتنبيه المخاطب قبل خطابه يدل على أنه سيخاطب بما له أهمية ثم إنه إذا كان النداء بوصف الإيمان فإنه يدل على أن هذا المخاطب به من مقتضيات الإيمان ويدل أيضاً على أن مخالفته نقص في الإيمان.

الشيخ : هنا يقول الله عز وجل: (( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله )) قال بعضهم: ((لا تقدِّموا)) بمعنى لا تقدَّموا ولكن معنى لا تقدِّموا في الواقع أدق من معنى لا تقدَّموا المعنى لا تقدموا بين يدي الله لا أقوالاً ولا أفعالاً ولا أحكاماً ولا أخباراً ولا غير ذلك بين يدي الله ورسوله لا تقدموا شيئاً بين يدي الله ورسوله فلا تشرع ما لم يشرعه الله ولا تحرم ما لم يحرمه الله ولا تبح ما لم يبحه الله ولا توجب ما لم يوجبه الله ولا تقف ما ليس لك به علم في جانب الله كن أديباً كن عبداً حقيقياً لله عز وجل كن مؤمناً حقيقياً بالله عز وجل (( لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ))

الشيخ : (( واتقوا الله )) والتقوى مأخوذة من الوقاية وهي أن يفعل الإنسان ما يتقي به عذاب الله هكذا يا أخ ما هي التقوى؟ اي اتقو الله ما هي التقوى ، ايش؟ أين ذهبت استرح
التقوى أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله وبماذا تكون الوقاية من عذاب الله تكون بفعل أوامر الله واجتناب نواهي الله عز وجل إذن فهي تشمل الدين كله لأن الدين أوامر ونواهي ففعل الأوامر طاعة لله، ترك النواهي طاعة لله وكلاهما تقوى لله عز وجل إذن فالتقوى بالمعنى العام هي اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه ومن ذلك من نواهي الله ألا نقدم بين يدي الله ورسوله.

الشيخ : ثم قال تعالى (( إن الله سميع عليم )) أي سميع لأقوالكم إن تقدمتم بين يدي الله وعليم بنياتكم ماذا نويتم بتقدمكم بين يدي الله بل هو عليم بكل شيء فإنه لا أعم من صفة العلم إذ أنها متعلقة بالواجب والممكن والمستحيل ولهذا من أشمل ما يكون دلالة وأشمل ما يكون معنى صفة العلم لله عز وجل لأنها تتعلق بالواجب والممكن والثالث المستحيل يعني أن الله يعلم ما كان واجب الوقوع وما كان ممكن الوقوع وما كان مستحيل الوقوع استمع إلى علم الله بمستحيل الوقوع قال الله تعالى (( لو كان فيهما ألهة إلا الله لفسدتا )) ومن المعلوم أنه يستحيل أن يكون في السماوات والأرض ألهة إلا الله سبحانه وتعالى طيب والله سميع عليم وهذان اسمان من أسماء الله انتبه لنأخذ بسطا في القول على هذين الاسمين سميع عليم

الشيخ : قال العلماء: إن السمع يطلق على معنيين: أحدهما الاستجابة والثاني إدراك المسموع، فإذا حصل صوت وأدركت هذا الصوت فهذا سمع وإذا دعاك أحد فأجبته فهذا أيضاً سمع مثال الأول أعني السميع أو أعني السمع الذي بمعنى الاستجابة قوله تبارك وتعالى: (( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون )) معنى لا يسمعون لا يستجيبون لأنه لو كان وهم لا يسمعون أي بأذانهم لا يسمعون القول لكان متناقضاً مع قوله: (( قالوا سمعنا )) لكن معنى يقولون سمعنا لكن لا يسمعون لا يستجيبون ومن ذلك قوله تعالى: (( إن ربي لسميع الدعاء )) سميع الدعاء يعني مجيب الدعاء وإن كان يشمل هذا وهذا في الواقع لكن الإجابة تتضمن سمع الإدراك ولا عكس ومن ذلك قول المصلي: سمع الله لمن حمده يعني استجاب الله لمن حمده وانظر إلى سمع لما كان في معنى استجاب تعدت باللام فقال: سمع الله لمن حمده ولم يقل سمع الله من حمده لو قال سمع الله من حمده لكان المعنى سمع صوت الحامد لكن لما قال سمع لمن حمده صار المعنى استجاب لمن حمده سمع الله عز وجل يأتي بمعنى الاستجابة نعم اجزموا نعم ومنه (( إن ربي لسميع الدعاء )) ومنه سمع الله لمن حمده طيب

الشيخ : الثاني من معنيي السمع إدراك المسموع يعني صوت حدث فتسمعه هذا يسمى سمع قال أهل العلم وسمع الله سبحانه وتعالى محيط بكل صوت مهما خفي ومهما بعد محيط بكل صوت مهما خفي ومهما بعد، فإن الله تعالى يعلم السر والنجوى وماهو أخفى، يسمع السر والنجوى وما هو دون ذلك مما يكون من الأصوات وسمع الله بهذا المعنى ينقسم إلى ثلاثة أقسام خلوكم معنا سمع الله بهذا المعنى أي معنى إدراك المسموع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يكون المراد به التهديد
والثاني: أن يكون المراد به التأييد
والثالث: أن يراد به بيان شمول سمع الله، كم هذه؟ ثلاثة

الشيخ : أن يكون المراد به التهديد هذا ما قلناه أولاً مثاله قول الله تعالى: (( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء )) فإن المراد بذلك إيش؟ التهديد يهدد الله هؤلاء الذين قالوا هذه القولة الشنيعة بدليل قوله: (( سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد )).

الشيخ : سمع بمعنى التأييد عكس الأول ومنه قوله تعالى لموسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون: (( فقالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى )) فهذه الآية يراد بها التأييد لموسى وهارون وفي نفس الوقت قد تكون مفيدة للتهديد بالنسبة لفرعون طيب

الشيخ : القسم الثالث: أن يراد بالسمع بيان شمول سمع الله لكل شيء ومنه قوله تعالى: (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله )) هذه المرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها فقال الله تعالى: (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله، والله يسمع تحاوركما )) قالت عائشة رضي الله عنها: " الحمدلله الذي وسع سمعه الأصوات إني لفي الحجرة وإنه ليخفى علي بعض حديثها " الله أكبر والله عز وجل أين هو في السماء فوق عرشه فوق كل شيء ومع ذلك يسمع شكوى هذه المرأة ومجادلتها للرسول عليه الصلاة والسلام ومحاورة الرسول لها فهنا المراد بالسمع إيش؟ بيان شمول سمع الله لكل مسموع

الشيخ : أنت إذا آمنت بهذا فما الذي يحدث لك هذا الإيمان من حيث السلوك والمنهج يحدث لك ولاشك أن تتقي الله فيما تقول لأنك إذا آمنت بأن الله يسمع كل ما تقول فسوف لا تسمع ربك إلا ما يرضي الله ما دام تؤمن بأنك إن قلت فحشاً سمعه الله إن قلت حقا سمعه الله إن قلت باطلاً سمعه الله إن قلت حسناً سمعه الله فإنك سوف تختار من النطق ما هو خير وحسن ولن تسمع ربك عز وجل ما لا يرضيه. ولهذا لا شك أن الإنسان الذي يؤمن بمقتضى أسماء الله وصفاته سوف يحدث له تغييرا في حياته وسلوكا حسنا مرضيا عند الله سبحانه وتعالى لكن مع الأسف أننا نقرأ أسماء الله وصفاته ولكننا لا نفهم معناها ولا نشعر أنفسنا بمتقضاها

الشيخ : وانظر إلى حديث ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام فقال: ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ) ولم يبينها الرسول عليه الصلاة والسلام من أجل أن يتعب الإنسان في استخراجها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والحديث الذي ورد في تعيينها قال أئمة الحفاظ إنه حديث مدرج لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لأجل أن يتولى الإنسان بنفسه استخراج هذه الأسماء من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يتبين للمجد الحريص على تتبع هذه الأسماء من غيره طيب يقول من أحصاها دخل الجنة هل معنى إحصائها أن تتحفظها تكتبها في ورقة وتحفظها بقلبك؟ لا، إحصاؤها هو أولاً معرفتها لفظاً معرفة معناها التعبد لله بمقتضاها وهذه النقطة الأخيرة هي المهمة بالنسبة للسير والسلوك إلى الله عز وجل معرفة لفظها الثاني معرفة معناها الثالث: التعبد لله بمقتضاها ولهذا قال الله تعالى: (( اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم )) اعلموا علماً يتغير به سلوككم ومنهاجكم إلى الله عز وجل التعبد لله بمقتضاها إذا علمت أن الله سميع ماذا تتجنب؟ كل قول يغضب الله وتختار كل قول يرضي الله إذا علمت أن الله بصير وش تعمل؟ تتجنب كل فعل يغضب الله وتقوم بكل فعل يرضي الله عز وجل لأنك تعلم أن الله يراك سميع بصير طيب إذا علمت أن الله حكيم فإنك تؤمن بقضاء الله وقدره وتعلم أن ما قدره وقضاه فإنه لحكمة وتؤمن كذلك بشرعه فتنقاد له انقياداً تاماً لأنك تعلم أن ما قضاه الله عز وجل فهو لحكمة طيب

الشيخ : نرجع إلى الآية: (( لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم )) أخذنا معنى السمع وقسمناه أولاً إلى، لا أولاً تقسيمه الأول
الطالب : ...
الشيخ : طيب الأخ
الطالب : ...
الشيخ : أحسنت سمع بمعنى إدراك المسموع وسمع بمعنى الاستجابة وذكرنا لهذا شواهد ثم قسمنا السمع الذي بمعنى إدراك المسموع إلى
الطالب : ...
الشيخ : ما يقتضي التهديد وما يقتضي التأييد وما يراد به بيان شمول سمع الله نتكلم عن السمع طيب استرح مثل بمثال السمع الذي يقتضي التهديد
الطالب : قول الله تعالى: (( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ))
الشيخ : قول الله تعالى: (( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء )) من أين علمت أن المراد به التهديد؟
الطالب : في الآية (( سنكتب ما قالوا ))
الشيخ : من آخر الآية (( سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق )) أحسنت طيب أنت مثّل بمثال السمع الذي يقتضي التأييد
الطالب : قوله تعالى: لموسى وهارون عندما أرسلهم إلى فرعون: (( إنني معكما أسمع وأرى ))
الشيخ : أحسنت قول الله لموسى وهارون حينما أرسلهما إلى فرعون: (( إنني معكما أسمع وأرى )) بارك الله فيك طيب ما هو الذي مثال لما يقتضي بيان شمول السمع ؟
الطالب : قال الله جل وعلا: (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ))
الشيخ : من أين عرفت أن المراد بذلك بيان شمول سمع الله
الطالب : ...
الشيخ : لا من أين عرفت أن المراد به بيان شمول سمع الله
الطالب : حديث عائشة رضي الله عنها
الشيخ : حيث قالت عائشة رضي الله عنها قالت: " الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات أحسنت بارك الله فيك طيب

الشيخ : هذا سميع، العليم، سميع عليم العليم أولاً لابد أن نعرف ماهو العلم؟ قال العلماء العلم إدراك الشيء على ما هو عليه، إدراك الشيء على ما هو عليه هذا هو العلم خلوكم معنا فمن لم يدرك فليس بعالم ومن أدرك الشيء على غير هو عليه فليس بعالم ويسمى الأول: جاهلاً جهلاً بسيطاً ويسمى الثاني: جاهلاً جهلاً مركباً ومن أدرك الشيء على ماهو عليه فهو عالم .

الشيخ : هذا العلم، علم الله سبحانه وتعالى محيط بكل شيء بالماضي والحاضر والمستقبل خلوكم معنا بالماضي والحاضر والمستقبل محيط بالماضي فلا ينسى وبالحاضر والمستقبل فلا يجهل ولهذا قال موسى لما قال له فرعون ما بال القرون الأولى: قال: (( علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )) لا يضل لا يجهل ولا ينسى ما علمه أولاً فهو جل وعلا يعلم ما كان وما يكون لو كان كيف كان يكون علم الله محيط بكل شيء جملة أو تفصيلاً سؤال هذا هل هو محيط بكل شيء جملة أو جملة وتفصيلاً؟ جملة وتفصيلاً واستمع إلى الجملة قال الله تعالى (( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً )) هذا مجمل أما التفصيل فاستمع إليه في آيات كثيرة منها قوله تعالى: (( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين )) وقال تعالى: (( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها )) وقال تعالى: (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه )) والآيات في هذا كثيرة

الشيخ : (( يعلم ما في البر والبحر )) من أي شيء؟ كل ما في البر والبحر من شجر وحجر وأنهار وطيور وحيوان كل ما في البر والبحر (( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها )) الورقة من أين تسقط؟ من الشجرة ومن ورقة شامل لكل ورقة صغيرة أو كبيرة، لأن ورقة نكرة في سياق (( وما تسقط )) في سياق إيش؟ في سياق النفي فتكون مفيدة للعموم أي ورقة تسقط فهو يعلمها طيب وأي ورقة تنبت يعلمها، لأنه إذا كان يعلم الأوراق الساقطة فهو يعلم الأوراق النابتة من باب أولى لأن الإنبات يحتاج إلى خلق والله عز وجل يعلم ما خلق كما قال تعالى: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) طيب (( ولا حبة في ظلمات الأرض )) يعني إلا يعلمها (( ولا حبة في ظلمات الأرض )) يعني إلا وهي معلومة لله أي حبة معلومة الكبيرة أم الصغيرة ، الكبيرة والصغيرة لأن حبة أيضا نكرة في سياق النفي (( في ظلمات الأرض )) أخونا يبين لنا ظلمات الأرض
الطالب : في قاع البحار
الشيخ : هذه واحد طيب ظلمة الليل، ما فيه شيء ثاني
الطالب : ...
الشيخ : هو يقول في ظلمات الأرض هذه ظلمة البحر وظلمة الليل
الطالب : ظلمة تحت الأرض هذه الظلمة الأولى، الظلمة الثانية ظلمة البحر الظلمة الثالثة ظلمة الليل وظلمة السحاب
الشيخ : إذا كان فيه سحاب
الطالب : وظلمة المطر
الشيخ : إذا كان فيه مطر صحيح خمس ظلمات استرح فيه شيء عندك
الطالب : ظلمة داخل الحوت
الشيخ : داخل إيش؟
الطالب : الحوت ، يونس عليه السلام كان في ظلمة الحوت
الشيخ : في ظلمات الأرض البطون ما أدري هل هي من الأرض ولا لا؟ على كل حال نشوف، في ظلمات الأرض لنفرض أن حبة في قاع البحر تحت الطين في ليلة مظلمة ممطرة إذا عددنا الظلمات صارت خمساً ظلمة الطين الذي فوق الحبة ظلمة الماء الذي فوق الطين ظلمة الليل ظلمة السحاب ظلمة الماء المطر لأن الماء المطر إذا كان ينزل يكون فيه ظلمة ولهذا تنظر للمطر من خلال السحاب الأبيض تراه أسود هذه خمس ظلمات وهي التي نعلمها إذا كان هناك ظلمات أخرى ما نعلمها الله أعلم هذه الحبة الصغيرة في هذه الظلمات معلومة عند الله: (( ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين )) يعني إلا وهو مكتوب عند الله كتاب بين لا يختلف إذن علم الله محيط بكل شيء جملة وتفصيلاً في الحاضر والماضي والمستقبل

الشيخ : ما الذي يفيده الإيمان بعلم الله من الناحية المسلكية يفيد أن الإنسان إذا علم بأن الله عالم بكل شيء أوجب له أن يخشى الله في قلبه لأن القلب لا يعلم به أحد هل أنت تعلم ما في قلوب الناس؟ لا لكن الله يعلم فإذا أمنت بأن الله يعلم كل شيء فإنك لن تضمر في قلبك شيئاً يغضب الله أبداً لأنك مؤمن بأن الله عالم مطلع وتخشى الله كذلك أيضاً لا تنوي سوءاً بأحد إذا علمت أن الله سبحانه وتعالى يعلم لأنك حتى لو أخفيت نية السوء عمن تريد به السوء فإن الله يعلم ذلك وسيحاسبك على هذا فالإيمان بالعلم من أسباب صلاح الباطن أو الظاهر؟ الباطن لأن العلم يكون حتى في الخفيات فإذا أمنت بهذا فسوف يصلح قلبك وثق أنه إذا صلح القلب صلحت الجوارح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ولهذا ينبغي لنا أن نعتني بصلاح القلوب قبل صلاح الجوارح، صلاح القلوب هو المهم وكم من إنسان صالح الجوارح لكن قلبه فاسد نسأل الله لي ولكم أن يصلح قلوبنا إذا صلح القلب صلحت الجوارح ولابد لأن القلب هو المدبر للبدن فإذا صلح صلح البدن وإذا فسدت، إذا فسدت القلوب فسدت الأبدان ولهذا لما حدث الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه ( ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن يصرفه كيف يشاء ) قال: ( اللهم يا مصرف القلوب صرّف قلبي إلى طاعتك ) من يقوله يا إخوان؟ من الرسول عليه الصلاة والسلام يقوله كيف بنا نحن؟! يقول: ( يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك ) أو قلوبنا إلى طاعتك هذا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بنا؟ قلوب مائلة ذاهبة هالكة لها هوى يخالف الشرع ومع ذلك فكأن قلوبنا على أصفى ما يكون بل إنك لتعجب أن ترى شخصاً على منكر ظاهر فتقول يا أخي اتق الله اتق الله فيقول لك التقوى ها هنا، التقوى ها هنا من قال التقوى ها هنا الرسول عليه الصلاة والسلام قال التقوى ها هنا فهذا الرجل تراه على معصية تقول يا أخي اتق الله خف الله يقول لك التقوى ها هنا طيب نقول له بكل بساطة لو اتقى ما ها هنا لاتقى ما ها هنا يعني لو اتقى القلب لاتقت الجوارح ، لأن الذي قال التقوى ها هنا هو الذي قال: ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ولهذا أسأل الله أن يعينني وإياكم على صلاح القلوب ينبغي للإنسان أن يكون دائماً مع قلبه يغسله ينظفه دائماً ينظر انحرافاته هل يريد الدنيا هل يريد الآخر هل يضمر حقداً لأحد من المسلمين هل يضمر البغضاء للمسلمين هل يضمر الموالاة للكافرين إلى غير ذلك من أعمال القلوب الخطيرة الخطيرة الخطيرة أخطر ما يكون على الإنسان عمل القلب

الشيخ : ولهذا أحدثكم بحديث وإن كان مخيفاً لكن لعل الله أن يجعل فيه خيراً كان رجل مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة من الغزوات وكان لا يدع للعدو شاذة ولا فاذة إلا قضى عليها شجاع مقدام مؤثر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن هذا من أهل النار ) اللهم عافنا إن هذا من أهل النار صحابي يجاهد شجاع مؤثر في العدو قال: ( إن هذا من أهل النار ) عظم ذلك على الصحابة وشق عليهم كيف يكون هذا الرجل من أهل النار فقال رجل من الصحابة والله لألزمنه يعني لأصاحبنه أنظر ماذا يكون الأمر فأصيب هذا الرجل بسهم أصيب بسهم من العدو فجزع فأخذ بذباب سيفه يعني بطرفه ووضعه بين ثندؤتيه ثم اتكأ عليه حتى خرج السيف من ظهره ومات، إذن خاتمته أن قتل نفسه وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً فيها مخلداً، ( فجاء الرجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وبم؟ قال إن الرجل الذي قلت إنه من أهل النار حصل منه كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ) هذا الشاهد إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وهذا يوجب للإنسان الخوف والقلق وأن يكون دائماً مع قلبه ينظفه يطهره من الشرك من الشك من النفاق من الحقد من العداوة للمسلمين من البغضاء وهكذا يجب أن يكون الإنسان دائماً مع قلبه لأنه هو الذي عليه المدار

الشيخ : يقول: ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ) طيب كيف يخذل الله هذا الإنسان العامل بعمل أهل الجنة؟ مع أن الله أكرم الأكرمين فكيف يخذل الله هذا الإنسان؟ الجواب لأن في قلبه سراً خبيثاً هو الذي أودى به إلى الهلاك ولهذا أنا أكرر مرتين أو ثلاثاً أن نطهر قلوبنا أن نطهر القلوب أن نمحصها حتى تكون نقية وإذا صلحت صلح الجسد كله طيب يقول الله عز وجل: (( لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ))

الشيخ : (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )) لما نزلت هذه الآية كان رجل من الصحابة خطيباً مسطعاً من خطباء النبي صلى الله عليه وسلم هو ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية وكان خطيباً يتكلم بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام بالخطب القوية بقي في بيته بقي في بيته لا يخرج ولا يرقأ له دمع يبكي ليلاً ونهاراً ففقده النبي صلى الله عليه وسلم وكان من عناية النبي صلى الله عليه وسلم وحسن رعايته لأصحابه أنه إذا فقد أحداً سأل عنه وهكذا ينبغي للشيخ المدرس أن يتفقد طلابه للأب أن يتفقد أولاده وأهله كل راع مسؤول عن رعيته فسأل عنه فقالوا يا رسول الله إنه منذ نزلت هذه الآية ماهي؟ (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي )) وهو في بيته يبكي فأرسل إليه النبي عليه الصلاة والسلام فقال له: ( إنك تعيش سعيداً وتقتل شهيداً وتدخل الجنة ) الله أكبر شف الخوف صار سبباً لأمنه هو خائف من عذاب الله (( أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )) فبين له الرسول عليه الصلاة والسلام أنه ليس من هؤلاء وأن عاقبته أن يقتل شهيداً ويدخل الجنة ولهذا نحن نشهد الآن أن ثابت بن قيس رضي الله عنه من أهل الجنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له وفعلاً وقع فإن هذا الرجل قتل شهيداً في وقعة اليمامة

الشيخ : وكان له قصة غريبة لما قتل مر به رجل من الجيش ووجد عليه درعاً وكأنه أعجبه الدرع فسلبه أخذ الدرع ثم ذهب به إلى رحله ووضعه تحت برمة برمة أتدرون ما البرمة قدر من خزف من طين مشوي نعم وفي الليل رأى رجل من أصحاب ثابت بن قيس، ثابت بن قيس رآه في المنام فأخبره أنه مر به رجل من الجيش وأخذ درعه ووضعه تحت برمة وحوله فرس يستن وأوصى بوصية نسيت نفس الوصية لكنه أوصى بوصية بلغها قائد الجند خالد بن الوليد إلى أبي بكر فلما أصبح الرجل ذهب إلى المكان الذي وصفه ثابت بن قيس ووجد البرمة ووجد تحتها الدرع ووجد عندها الفرس يستن ثم أخبر القائد ونقل الوصية إلى أبي بكر ونفذ وصيته ويقال إنه أول شخص نفذت وصيته بعد موته، لأن الوصية لا تنفذ إلا إذا أوصى بها الإنسان وهو حي لكن بعد وفاته لا يمكن لا تقبل ولهذا نحن نسمع كثيراً من الأموات يأتون إلى أهليهم يقولون أنقذونا بماء أنقذونا بطعام فيضيق صدر الرائي ويقول لعل هذا الميت يعذب ويحتاج إلى طعام وشراب ولكننا نقول لا تكن في قلق قد يكون هذا من ضرب الأمثال من الشيطان لأن الشيطان يستطيع أن يتصور بصورة أي إنسان في المنام إلا صورة واحدة ماهو؟ صورة النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يتمثل بها الشيطان أما غيره فقد يتمثل الشيطان بصورة أبيك أو عمك أو أخيك أو ابنك ويأتي بالأشياء التي تزعجك لأن الشيطان حريص على إزعاج بني آدم طيب أقول

الشيخ : إن هذه الآية: (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق الصوت النبي )) معناها أي لا تجعل صوتك أعلى من صوت الرسول فإذا كان الرسول يقول إليك بصوت منخفض فاجعل صوتك في مخاطبته أخفض منه لا تجعله أعلى منه

الشيخ : (( ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض )) يعني عند مناداته لا تصرخ كما تصرخ لو ناديت زميلك لا، خاطبه بماذا؟ بأدب يليق به صلى الله عليه وسلم أنت مثلاً ربما تنادي شخصاً من زملائك وتصرخ يا فلان يا فلان بأعلى صوت لكن مخاطبتك للنبي صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون بأدب (( ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض )) في سورة النور قال الله تعالى: (( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً )) وأحد معنيي الآية رأيت شخصاً من الناس أقول له يا فلان باسمه يا عبدالله يا عبدالرحمن يا بكر يا خالد يا علي وما أشبه ذلك لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لا أقول يا محمد بل أقول يا رسول الله يا نبي الله وما أشبه ذلك لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً هذا أحد معنيي الآية والمعنى الثاني إذا دعاكم فأجيبوه ولا تجعلوه كدعاء بعضكم بعضاً إذا دعاك صاحبك فأنت بالخيار إن شئت فأجب وإن شئت فلا تجب بل أجب