الشيخ : أرسله الله إلى العالمين بشيرا ونذيرا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فإننا سنتكلم قليلا على بعض الآيات التي سمعناها في تلاوة أئمتنا وفقهم الله.
نتكلم على قوله تعالى: (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )) إلى آخره.

الشيخ : فقوله تعالى: (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم )) يعني قل مبلغاً عنا (( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم )). والعباد هم عباد الله وليسوا عباد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد، عبد لله كما قال الله تعالى: (( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده )) وقال: (( سبحان الذي أسرى بعبده )) وقال: (( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا )) ولا يذكر الله سبحانه وتعالى عبودية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا في مقامات الشرف، إلا في مقامات الشرف، في مقام إنزال القرآن ، في مقام الإسراء ، في مقام التحدي، وذلك لأن أفضل وصف يتصف به الإنسان أن يكون عبداً لله.
نسأل الله أن يجعلنا من عباده الصالحين، هذا أشرف وصف يتصف به أن يكون عبداً لله.
واستمعوا إلى قول الشاعر االعاشق يقول:
"لاتدعني إلا بيا عبدها ** فإنه أشرف أسمائي"
يقول إذا ناديتني لا تنادني إلا بقول يا عبد فلانة فإنه أشرف أسمائي.
فأشرف أوصاف العبد أو فأشرف أوصاف الإنسان أن يكون عبداً لله.

الشيخ : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم )) أي تجاوزوا الحد وذلك بانتهاك حرمات الله أو بالتهاون بأوامر الله، لأن الإسراف مجاوزة الحد.
ويكون هذا بأمرين:
الأمر الأول: التهاون بالواجب.
والأمر الثاني: انتهاك المحرم.
فمن لم يقم الصلاة فهذا من أي النوعين؟
الطالب : ... .
الشيخ : هذا من التهاون بالواجب ومن زنا فهو انتهاك المحرمات، وكلاهما إسراف لأن الإسراف تجاوز الحد والإنسان المخالف لأوامر الله متجاوز للحد، إذن أسرفوا على أنفسهم بماذا؟ بترك الواجب أو انتهاك المحرم.

الشيخ : (( لا تقنطوا من رحمة الله )) والقنوط أشد اليأس، ولا يقنط من رحمة الله إلا من لم يقدر الله حق قدره كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام للملائكة حين قالوا له: (( بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين )) قال : (( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون )) لا يقنط من رحمة الله وييأس منها إلا الضال الذي لم يقدر الله حق قدره، ووجه ذلك:

الشيخ : أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمان ،كل قلوب بني آدم بين أصيعين من أصابع الرحمان يقلبها كيف يشاء إن شاء أزاغ القلب وإن شاء هداه.
وكم من إنسان كان زائغاً فهداه الله. وكم من إنسان كان مهتدياً فأزاغه الله، ولكن لا يمكن أن يزيغ الله من كان مهتدياً إلا وفي قلبه بلاء.
انتبه لهذا الشرط لا يمكن أن يزيغ الله قلب إنسان إلا وفي قلبه بلاء، أما لو كان سليما فإنه لا يمكن أن يزيغه، دليل هذا: قول الله تبارك وتعالى: (( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم )) والقلب السليم لا يمكن أن يزيغه الله لأن الله تعالى أكرم من أن يزيغ هذا القلب السليم. ولهذا أقول لك ولنفسي قبلك: فتش قلبك فتش قلبك هل فيه شك؟ هل فيه حقد؟ هل فيه كراهة لبعض شرائع الله؟ هل فيه حسد؟ هذه الأمور قد تبدو سهلة لكنها في الحقيقة كالسوسة في التمرة تقضي عليها فتعدمها،
طهر قلبك من الشرك ، من الرياء ، من الشك ، من النفاق ، من الغل ، من الحقد ، من كراهة شيء مما شرع الله، فإن لم تفعل فإنك على شفا جرف هار والعياذ بالله نسأل الله أن يطهر قلوبنا جميعاً.

الشيخ : ولكن اعلم أن الإنسان قد يكون قلبه سليماً فيأتي الشيطان ليحرفه وقد يكون قلبه صحيحاً فيأتي الشيطان ليفسده، وقد يكون القلب مسمتاً قوياً فيأتي الشيطان ليخرقه، وكيف ذلك؟ كيف ذلك هو أنه يلقي الشيطان في قلب الإنسان المؤمن الشك، يلقي الشك في قلب الإنسان المؤمن.
دائماً يطرأ على الإنسان هواجس رديئة لو نطق بها بلسانه أو أقرها بقلبه لكان كافراً بالله، لكن إذا طردها ولم يبال بها وأعرض عنها واستعاذ بالله سبحانه وتعالى من الشر، من شر الشيطان، فسرعان ما تزول ولهذا شكا الصحابة رضي الله عنهم ذلك إلى رسول الله فقال : ( أوجدتم ذلك؟ قالوا : نعم. قال: ذاك صريح الإيمان ). صريح الإيمان بمعنى : خالص الإيمان. يعني يلقي الشيطان في قلب الإنسان ما يحب أن يكون فُحمة محرقاً ولا يتكلم به، ما يحب أن يسقط من السماء حتى يهلك ولا يتكلم به، هل هذا معناه أن الإنسان كفر؟ أجيبوا؟
لا لكن إياك أن تقر ذلك بقلبك أو تثبته. اطرده انفره وقد أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم دواءً ناجعاً نافعا قال: ( إذا وجد ذلك فليستعذ بالله ولينته ). استعاذة بالله في ما لا تقدر عليه، وذلك بطرد الشيطان ولينتهي في ما تقدر عليه، تقدر أن تنتهي عن هذه الوساوس وتعرض عنها تشتغل بعملك وقل لنفسك إذا وردت عليها هذه الوساسوس، قل لنفسك: ألست أتوضأ في الليلة الباردة في الماء البارد وأخرج إلى المسجد في الريح الباردة وأصلي؟ ستقول النفس نعم أو لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ستقول النفس بلى. إذن لماذا أفعل هذا الشيء؟ لماذا أشق على نفسي هذه المشقة إلا لأني أؤمن بالله عز وجل. فيكون ما يلقيه الشيطان من الوساوس والشكوك مطرودا بهذا. أعرض عما وقع في قلبي من الشك وأنظر ما أنا فيه من الأعمال ولا يهمني ذلك الشك.
وهذه المسألة يبتلى بها كثير من الإخوة إذا التزموا، إذا التزموا ورأى الشيطان أنهم ملتزمون ذهب يلقي الشكوك والكفريات في قلوبهم، فمنهم من يوفق لشخص يسأله عن ذلك ويهديه إلى الصراط المستقيم. ومنهم من لا يفوق فينتكس والعياذ بالله.
(( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله )).

الشيخ : لا تيأس فاليأس من رحمة الله ضلال وكفر وقد قال الشاعر بمعنى ذلك:
"ولا تقنطن إذا أوجعتك الذنوب فداوها *** برفع يد في الليل والليل مظلم.
ولا تقنطن من رحمة الله إنما *** قنوطك منها من خطاياك أعظم"
وصدق الشاعر القنوط ضلال واليأس من روح الله كفر فلا تقنط.

الشيخ : (( إن الله يغفر الذنوب جميعاً ))
الذنوب من صيغ العموم يعني كل الذنوب فما هي طريق العموم في كلمة الذنوب؟ أخبروني أصحاب أصول الفقه : ماهو طريق العموم في قوله : (( الذنوب )) أين أصحاب أصول الفقه واحد ، ثانين ، ثلاث ، أربع. طيب.
الطالب : ... .
الشيخ : دخول الألف .
الطالب : ... .
الشيخ : طيب استرح توافقون على هذا؟ نعم نوافق على هذا دخول "ال" إذا لم تكن لبيان الحقيقة ولم تكن للعهد فإنها تفيد العموم والاستغراق. استمع إلى قول الله تعالى : (( والعصر إن الإنسنن لفي خسر * إلا الذين آمنوا )) الإنسان هنا مفرد دخلت عليه "أل" فيكون ايش؟ عاماً والدليل على ذلك قوله: (( إلا الذين آمنوا )) والاستثناء كما قال العلماء معيار العموم.
طيب، إذن يغفر الذنوب كل الذنوب ثم أكد هذا العموم بقوله: (( جميعاً )) كل الذنوب يغفرها الله عز وجل.

الشيخ : فإذا قال قائل: ما الجمع بين قوله تعالى: (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) فهنا نفى أن يغفر الشرك والآية التي نتكلم عليها يقول: (( يغفر الذنوب جميعاً ))
فالجواب : أن قوله تعالى : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) في غير التائبين، وأما قوله : (( إن الله يغفر الذنوب جميعاً )) فهذه في التائبين، فمن تاب من الذنب فالله يغفر ذنبه مهما عظم، ومن لم يتب ومات على إصرار على الذنب: فإن كان شركاً فإن الله لا يغفره ، وإن كان دون ذلك فإن الله سبحانه وتعالى إن شاء غفره وإن شاء لم يغفره.
- انتبه ياولد -.
وإنما نحتاج إلى إيراد هذا السؤال وهو الجمع بين الآيتين لئلا يظن أحد أن في القرآن الكريم تناقضاً، والقرآن الكريم ليس فيه تناقض أبداً. إذا ظننت أن في القرآن تناقضاً فاتهم من يا أخ؟ أجب. - لا الأخ -
الطالب : ... .
الشيخ : من قال لك؟ من الذي قال لك هذا الكلام؟
الطالب : ... .
الشيخ : استرح.
إذا ظننت أن في القرآن تناقضاً فاتهم نفسك ليس في القرآن تناقض إنما ذلك - أعني ظن التناقض - لسوء فهمك أو قلة علمك أو سوء نيتك.
لأن بعض ا لناس يكون سيء النية يتتبع الآيات التي ظاهرها التعارض في القرآن من أجل أن يشكك بها الناس وهذا لا يمكن أن يهتدي للصواب، أو إنسان يكون قاصر العلم أو إنسان قاصر الفهم والدليل على أنه لا يمكن أن يوجد في القرآن تناقض قوله تعالى: (( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيها اختلافاً كثيراً )). فإذا ظننت أن في القرآن تناقضاً فتدبر، تدبر القران يعني فكر في المعنى مرة بعد أخرى حتى يتبين لك.
ومن أحسن ما رأيت من الكتب التي تبحث في هذا الموضوع كتاب: "دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب" للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمة الله عليه صاحب أضواء البيان. كتاب جيد في بابه.
الطالب : ... .
الشيخ : الاسم: "دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب" المؤلف : محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله صاحب أضواء البيان طيب.
إذن الجمع بين الآيتين ماهو؟ أن آية الزمر في التائبين. وآية النساء في غير التائبين.

الشيخ : طيب. التوبة يظن بعض الناس أنها سهلة، ولهذا إذا قلت له مرة من المرات عليك بهذا الذنب أن تتوب إلى الله وتستغفر قال: ما علي إلا هذا؟ قلنا: نعم. ما علي كفارة؟ فيظن أن الكفارة مد من طعام أصعب من إيش؟ من التوبة وهذا خطأ، التوبة ليست بالأمر السهل، التوبة تحتاج إلى شروط لابد منها.

الشيخ : شروط خمسة :
الأول : الإخلاص.
والثاني : الندم على الذنب.
والثالث: الإقلاع عنه فوراً.
والرابع : العزم على ألا يعود.
والخامس : أن تكون في وقت تقبل فيه التوبة.
الشروط خمسة أعيدها المرة الثانية: الإخلاص و الندم و الإقلاع والعزم على ألا يعود و أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة.
المرة الثالثة: الإخلاص والندم والإقلاع والعزم على ألا يعود و الخامسة أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة.لابد من هذه الشروط.
الأخ قلها لنا. أي نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : شروطها خمسة.
الطالب : ... .
الشيخ : طيب أحسنت.

الشيخ : الإخلاص معناه : ألا يكون الحامل على التوبة مراءاة الناس أو ابتغاء مال أو ابتغاء مرتبة في الدنيا أو ما أشبه ذلك، لا يحمله على التوبة إلا خوف الله عز وجل وابتغاء مرضاة الله، لايريد بتوبته شيئاً من الدنيا إطلاقا. فمن تاب أمام الناس رياء فإن توبته إيش؟ غير مقبولة. وهو دليل على سفاهته وعلى نقص دينه إذ كيف يتوب أمام الناس ولا يتوب أما الله، أيما أشد أو أيما أوجب مراعاة الخالق أو المخلوق؟ الخالق، المخلوق لا ينفعك لاينفعك إلا الله عز وجل، راقب الله، تب إلى الله مخلصاً له التوبة.

الشيخ : الثاني : الندم على إيش؟ الندم - لا - على ما فات، على الذنب ، يندم يعني يتأسف ويقول في قلبه ليتني لم أفعل لأن بعض الناس قد يفعل الذنب ولكن لا يندم يعني فعله وعدمه سيان عنده، لكن يندم ويتأسف ويتحسر ويقول في قلبه ليتني لم أفعل هذا الندم.
أشكل على بعض العلماء: كيف يكون الندم شرطا والندم انفعال نفسي لا يمكن تطلبه؟ فيقال: المراد بالندم أن يظهر على الإنسان أثر فعل الذنب أي أنه يتأسف ويقول : ليتني ولم أفعل، طيب.

الشيخ : الثالث: الإقلاع عن الذنب، إن كان الذنب ترك واجب، بادر إلى فعله. إن كان فعل محرم بادر إلى تركه،
إن كان يتعلق بحقوق الناس بادر إلى استحلال الناس من هذا الذنب.
طيب رجل يتعامل بالربا ويأكل الربا وهو يعلم أنه حرام. فتاب وندم فكيف يقلع عنه؟
يقلع عنه أن يتصدق بما اكتسبه من الربا تقربا إلى الله أو تخلصاً منه؟
الطالب : ... .
الشيخ : الثاني تخلصاً منه، لأنه لو تصدق بما اكتسب من الربا تقربا إلى الله لم يقبل منه ولم تبرأ ذمته من الربا لم يقبل منه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ) والربا ليس بطيب، كسب الربا ليس بطيب، ولا تبرأ الذمة بذلك لأنه تصدق به على أنه ملكه لا على أنه متبرئ منه.
طيب، كيف يتصدق به تخلصاً منه؟ نقول: ينوي بذلك أنه يريد السلامة من الإثم لا التقرب إلى الله بالصدقة، السلامة من الإثم. وحينئذٍ يسلم من الإثم.
طيب أرأيتم لو كان عنده أموال كثيرة من الربا وقد تعامل بها وهو يعلم أنها رباً ثم هداه الله وصار يبني بذلك مساجد بما اكتسبه من الربا صار يبني مساجد تخلصاً من هذا الربا، فما حكم الصلاة في هذه المساجد؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم.
الطالب : صحيحة.
الشيخ : صحيحة.
الطالب : جائزة.
الشيخ : جائزة .
الطالب : ... .
الشيخ : ما يخالف صحيحة أو جائزة بمعنى واحد. طيب، في قول ثاني؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم نقول الصلاة فيه هذا المساجد صحيحة و جائزة، لأن ما ذنب المسجد؟ و الرجل أخرج هذا المال تخلصاً منه حتى يسلم منه؟
طيب لو أعان به شخصاً على الزواج. هل يجوز للشخص أن يقبله وهو فقير محتاج وقال إنه يريد أن يتصدق بهذا الربا تخلصاً منه فأعطاه شخصاً يحتاج للزواج يتزوج به، أيجوز أم لا؟
نعم يجوز ، كالأول ، كالأول تماماً كبناء المساجد لأن هذا الرجل ليس له سبيل إلى البراءة من إثم الربا إلا بهذا الطريق. فأخرج الربا لأجل التخلص من إثمه.
طيب، لو أن هذا الرجل الذي اكتسب الربا اكتسبه قبل أن يعلم أنه ربا ثم منّ الله عليه و تاب، هل يلزمه أن يخرج ما اكتسبه؟ نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : لا، اكتسب عنده آلاف الريالات من الربا لكن قبل أن يعلم ثم علم هل يلزمه أن يخرج ذلك؟ أو لا؟
الطالب : لا يلزمه
الشيخ : لا يلزمه؟
الطالب : ... .
الشيخ : بإجماع الفقهاء طيب، الدليل؟
الطالب : ... .
الشيخ : قوله تعالى : (( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد )) بعد أن جاءت الموعظة (( فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )).
طيب، رجل سرق من شخص مالاً وتاب إلى الله فماذا يصنع بهذا المال؟ أيتصدق به؟ أم ماذا؟
نقول : لا تتم توبته إلا برده إلى صاحبه، يجب أن يرده إلى صاحبه، فإن لم يعلم صاحبَه فإنه يتصدق به لصاحبه والله يعلمه ثم إن جاء صاحبه يوماً من الدهر فإنه يخيره يقول: أنا أخرجت هذا صدقة عنك فإن شئت فهو لك وإلا فهذا مالك وأجر الصدقة لي.
طيب رجل سرق من شخص مالاً وتاب إلى الله ولكن الذي سرقه منه مات فماذا يصنع؟
نقول: يرده إلى ورثته، فإن لم يكن له ورثة ، رده إلى بيت المال، لأن الأموال التي تورث ممن لا وارث له تكون لبيت المال.
ويشكل على بعض الناس أنه يقول: أنا الآن تائب من السرقة وأنا سرقت من فلان وأعرف أني سرقت منه، لكن يشق علي أن أذهب إليه وأقول إني سرقت منك أخشى إذا قلت: أنا سرقت منك ألف ريال وهذا ألف ريال. قال : اصبر أنا قد فقدت من مالي مليون ريال فاهمين السؤال؟ طيب هذا رجل تاب سرق منت شخص ألف ريال وتاب، قلنا له لا بد تسلمه لصاحبه قال أخشى إذا ذهبت إلى صاحبه وقلت يا فلان أنا سرقت منك ألف ريال وأنا الآن تائب قال : الحمد لله أنا فقدت من مالي مليون ريال يعني أنك سرقت مني كم؟ مليون ريال، فماذا يصنع هذا الرجل؟
الطالب : يتصدق.
الشيخ : لا ما يتصدق به لا يصح أن يتصدق به وهو يعلم صاحبه.
الطالب : ... .
الشيخ : نعم نقول : انظر إلى شخص من أصحابه الأمناء وقل له: يا فلان في حال سفهي وجهالتي سرقت من فلان مثلاً ألف ريال وأنا الآن تائب إلى الله وهذه ألف ريال، فالمحسن المصلح يذهب إلى صاحب الدراهم ويقول : هذه دراهم مسروقة منك وقد آتاني السارق تائباً وهذه دراهمك، وبذلك يسلم منه.
طيب، إذا سرق من إنسان شيئاً معيناً ولنقل إنه سرق منه ساعة وتاب إلى الله فماذا يصنع؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم
الطالب : ... .
الشيخ : يردها إليه. فإذا قال أنا أخشى إذا رددتها إليه أقام علي دعوة نقول كما قلنا في الأول: اذهب إلى رجل من أصحابه وأخبره بالواقع والرجل المصلح الناصح يردها إلى صاحبها ويقول: هذه سرقت منك والآن السارق تاب فهي لك.
طيب لو كان المسروق قد نقص عند السارق، الساعة حين سرقها جديدة والآن صارت قديمة، ونقصت بالاستعمال. فهل يضمن السارق نقصها؟
نعم ولا تتم توبته إلا إذا ضمن النقص لأنها نقصت تحت يده، ويده يد سارقة ليست محترمة، فتضمن ما نقص تحت يدها والمهم أن التوبة من حقوق الآدميين لا تصح إلا إذا وصل الحق إلى مستحقه.
طيب إذا كان الذنب غير مال وهو حق آدمي مثل أن يكون رجل اغتاب شخصاً في مجلس سواء اغتاب عالماً من العلماء أو اغتاب إماماً من أئمة المساجد أو اغتاب تاجراً من التجار أو اغتاب داعيةً من الدعاة المهم اغتاب شخصاً، والغِيبة اعتداء على حق الغير، فماذا يصنع؟ بالنسبة للتحلل من هذا الرجل؟
نقول : نعم نقول يكلمه إذا كان الذي اغتِيب قد علم بالغيبة يذهب إليه ويقول: لا بد إنك سمعت عني فيك كذا وكذا، وأنا الآن جاي معتذر تائب، نقول لصاحبه: إن من الخير أن تعفو عنه لأن الرجل التائب الذي جاءه معتذراً ينبغي أن يقابل بالمعروف والإحسان وأن تعفو عنه.
أما إذا كان لم يعلم وأنت عالم أنه لم يعلم باغتيابك إياه فيكفي أن تدعو له وأن تستغفر له وأن تثني عليه بما هو من وصفه في المجلس الذي اغتبته فيه.
ولا حاجة تذهب إليه لأنك ربما لو ذهبت إليه بقي في نفسه شيء وهو لم يعلم الآن بأنك اغتبته فلا حاجة لأن تذهب إليه .
كم شروطا ذكرنا الآن؟
الطالب : ثلاثا.
الشيخ : ثلاثا.

الشيخ : الشرط الرابع: العزم على ألا يعود بمعنى أن يعزم بقلبه أنه لا يعود لهذه المعصية، فإن تاب وندم وأقلع لكن في نفسه أنه لو سنحت له فرصة لعاد لهذا الذنب فإن توبته لا تقبل.
طيب فإذا عزم ألا يعود ثم سولت له نفسه بعد ذلك فعاد، هل تبطل التوبة الأولى أو لا؟ الأخ قم.
الطالب : ... .
الشيخ : وش هو؟
الطالب : ... .
الشيخ : ما هو السؤال؟
الطالب : ... .
الشيخ : عزم على ألا يعود مو أقلع عزم على ألا يعود ثم.
الطالب : ... .
الشيخ : الأولى التوبة الأولى تبطل ولا لا؟
الطالب : تبطل.
الشيخ : تبطل استرح. أفهمتم جواب الأخ يقول لو عزم ألا يعود ثم سولت له نفسه فعاد فتوبته الأولى تبطل.
هل هذا الحكم يؤخذ من هذا الشرط؟
الطالب : لا.
الشيخ : ماذا قلنا؟ قلنا يشترط ألا يعود ولا يشترط أن يعزم ألا يعود؟
الطالب : ... .
الشيخ : أي نعم. يشترط أن يعزم ألا يعود. فإذا سولت له نفسه فعاد فتوتبه الأولى صحيحة باقية على صحتها لكن يحدث للذنب الثاني توبة طيب.

الشيخ : طيب، الشرط الخامس : أن تكون التوبة في زمن قبول التوبة، وماهو زمن قبول التوبة أن يكون قبل حضور الموت بالنسبة لكل فرد، وقبل طلوع الشمس من مغربها بالنسبة للعموم. فلو لم يتب الإنسان إلا حين حضره الموت فإن توبته لا تقبل لقول الله تعالى: (( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إن تبت الآن )) ما ينفعه هذا وقد تاب فرعون حين أدركه الغرق فهل قبلت توبته؟ لا، قيل له: (( آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين )).
طيب، طلوع الشمس من مغربها متى يكون؟ في آخر الزمان الشمس الآن تطلع من المشرق تغرب من المغرب كل يوم، إذا قرب الزمان فإن الله تعالى يأمرها أن ترجع فتخرج من المغرب فإذا رآها الناس آمنوا كلهم الكفار صاروا مسلمين والمذنبون صارون مستقيمين، فمن لم يكن له توبة قبل طلوع الشمس من مغربها فإنه لا ينفعه.

الشيخ : وهنا سؤل: هل تجب التوبة على الفور يعني بمعنى يجب أن يبادر بالتوبة أو له أن يؤخر؟
نقول : يجب أن يبادر بالتوبة لقول الله تبارك وتعالى: (( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) ولأن الإنسان لا يأمن فالإنسان ربما يموت بغتة، ربما يخرج ولا يرجع إلى بيته. ينام ولا يقوم من فراشه، فالواجب المبادرة بالتوبة.
وبهذه المناسبة أقول لإخواني الذين عليهم حقوق لغيرهم ليبادروا بالتوبة منها ومن ذلك أي مما يحتاج إلى التوبة ما يفعله بعض الأغنياء يماطل بقضاء ما عليه مع قدرته على ذلك، تجد صاحب الحق الذي باع عليه السلعة يأتي إليه يقول يا فلان أعطني حقي يقول: بكرة فيجيء بكرة فيقول بعد بكرة ، يجيء بعد بكرة يقول: في الأسبوع الثاني يجيء في الأسبوع الثاني يقول: في الشهر الثاني، وهذا حرام كل من كان قادراً على الوفاء فإن تأخير للوفاء ولو لحظة لا يزداد به إلا إثماً وظلماً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مطل الغني ظلم ).
نستمر في الآيات أو في أسئلة؟ في أسئلة؟ هل تحبون نستمر في الآيات أو نأجل لليلة الثانية؟
الطالب : استمر
الشيخ : طيب لا بـأس.
الطالب : ... .
الشيخ : كل العبدات مافيها شيء. طيب (( إن الله يغفر الذنوب جميعاً )) ما معنى يغفر؟ معناه يتجاوز ويستر الذنوب كلها.

الشيخ : الذنوب كلها (( إنه هو الغفور الرحيم )) والغفور الرحيم اسمان من أسماء الله، أحدهما يتضمن المغفرة والثاني يتضمن الرحمة، فالمغفرة للمذنبين والرحمة للمطيعين، المذنبون يغفر لهم والمطيعون يرحمون بمضاعفة الجزاء (( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ))
(( وأنيبوا إلى ربكم )) ارجعوا إليه الجؤوا إليه اجعلوه مرجعكم في كل شيء، ((وأسلموا له )) أي لله عز وجل أي انقادوا له أتم الانقياد، (( من قبل أن يأتي العذاب ثم لا تنصرون )) يعني لا بد أن تتوبوا إلى الله وتنيبوا إليه وتلجؤوا إليه وتعتصموا به قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون، وقد هدد الله عز و وجل العصاة بأن يأتيهم العذاب إما وهم نائمون وإما أن يأتيهم ضحىً وهم يلعبون، قال الله تعالى : (( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون، أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون، أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )).
الطالب : ... .
الشيخ : طيب بارك الله فيك.
الطالب : ... .
الشيخ : ... نبي ورقة
الطالب : ...
الشيخ : يقول الله عز وجل: (( من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون )) أي لا أحد يمنعكم من عذاب الله لأن الناس إذا لم يتوبوا إلى الله واستمروا بمعاصيه فإن الله تعالى ينزل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين، نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للتوبة.
ونقتصر على هذا لقوله يعني نقف على قوله: (( واتبعوا أحسن من أنزل إليكم من ربكم )) ويكون إن شاء الله في الدرس القادم تذكرونا بهذا.
ثم إننا نعلن خبرين الآن :
الخبر الأول : أن رجعنا عن قرارانا الماضي السابق في الليلة الماضية بأن نجعل فرصة نصف ساعة بين انتهاء الدرس وابتداء التهجد لأننا لم نستفد شيئاً بل إننا حرمنا بعض الإخوة الأسئلة الخفية التي تورد علينا.
والخبر الثاني : أن صباح غد ليس فيه درس لأنه يوم جمعة ومن عادتنا أن يوم الجمعة لا يكون فيه درس في الصباح والله أعلم.
ونريد أيضاً أن نحثكم على تقديم أسئلة المسابقة حتى لا ينتهي الوقت ونحن لم نخلص إلى شيء، بعض الإخوة قدّم إلي ما يكون مسابقة في التوحيد والعقيدة ولكن مع ذلك لا بد أن أحداً يعطينا في الحديث والفقه والتفسير والعربية والعلوم الأخرى. نعم إن شاء الله تعالى احنا حددنا ثلاث ليال.
الطالب : ... .
الشيخ : لا ثلاث ليال، راح الليلة هذه والبارحة وبقي ليلة طيب.
يعني فإذا لم يحصل لنا هذه الأسئلة فإنها ستلغى المسابقة.
نعم.

السائل : بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله. والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
الشيخ : - اصبر حتى يسنتهي الدرس-
السائل : فنسأل الله عز وجل أن يجزي الشيخ خير الجزاء و نسأله عز وجل أنه كما أغاث هذه البلاد أن يغيبث قلوبنا.
الشيخ : آمين.
السائل : إنه ولي ذلك والقادر عليه.

السائل : يقول السائل : فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله تعالى: (( الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً )). ويقول تعالى : (( ألر * كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم ))
الشيخ : فصلت
السائل : (( ثم فصلت من لدن حكيم خبير )) وقال تعالى : (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات )). الآية.
ففي الآية الأولى وصف الله القرآن كله بأنه متشابه.
وفي الآية الثانية وصف الله القرآن كله بأنه محكم.
وفي الآية الثالثة وصف الله عز وجل بعض القرآن بأنه محكم وبعض الآخر بأنه متشابه؟
فكيف نجمع بين هذه الآيات الكريمة؟
وما معنى التشابه؟ وما معنى المحكم؟ وما واجبنا تجاه ذلك؟ وهل صفات الله عز وجل من قسم المتشابه أم من قسم المحكم وضحوا لنا هذه المسألة مأجورين؟
الشيخ : طيب هذا السؤال مارأيكم أن نجعله في المسابقة؟
الطالب : ... .
الشيخ : أم نجيب عنه الآن؟
الطالب : نجيب عنه
الشيخ : طيب. هذا السؤال يصح أن يكون مثالاً لما قلنا في الجمع بين الآيات التي ظاهرها التعارض فقوله سبحانه وتعالى: (( الله نزل أحسن الحديث كتاباً )).