الشيخ : وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فقبل أن نشرع فيما نريد أن نتكلم عليه مما سمعناه في قراءة أئمتنا في قيام هذه الليلة 18 من شهر رمضان عام 1418، نؤكد ما قاله سماحة الرئيس العام لشؤون الحرمين الشيخ محمد بن عبد الله آل سبيل، من حث النساء على الآداب الشرعية التي أرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن النساء كالرجال يعلمن أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق لهن، وأنه لن يوجههن إلا ما فيه الخير والسعادة والشرف لهن وللرجال أيضا.
فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) يخاطب بذلك من ؟ يخاطب الرجال، لأن الرجل قوام على المرأة، إذا شاء منعها وإذا شاء أذن لها لكن المساجد مساجد الله، ولهذا قال : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله )، فالمساجد لله، والنساء إماء الله، فلا تمنعوهن من مساجد الله.
وهذا يدل على أن الرجال يتحكمون في النساء من جهة المنع والإذن، لكن في هذه المسألة نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكنه صلى الله عليه وسلم بيّن في غير حديث أن صلاة المرأة في بيتها أفضل، أفضل حتى من المسجد الحرام، حتى من المسجد النبوي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن أفضل صلاة المرأة في بيتها وهو يتكلم في أي مسجد؟ في أي مسجد ؟ في المسجد النبوي، هو الذي قال : ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في ما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة ).
ومع ذلك قال : ( بيوتهن خير لهن ).
إذن فإذا صلت المرأة في بيتها فصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد الحرام، وأفضل من صلاتها في المسجد النبوي، وأفضل من صلاتها في المسجد الأقصى، وأفضل من صلاتها في المساجد الأخرى.
لكن من نعمة الله أنه أذن لهن أن يشاركن الرجال في الصلاة مع الجماعة، ولا يعني الإذن بهذه المشاركة أن مشاركتهن أفضل من الصلاة في البيوت.
إذن نحث إخواتنا أن يصلين في بيوتهن في مكة وفي المدينة، وفي أي مدينة أخرى أو قرية، لأن ذلك أبعد من الفتنة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : - انتبه - ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وليخرجن تفلات ) التفلة هي التي غير متبرجة ولا متجملة، غير متبرجة بزينة ولا متجملة ولا متطيبة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا صلاة العشاء ) فذكر البخور، وهو من أدنى أنواع الطيب، وذكر العشاء وهي من أستر أو أستر ما يكون من الصلوات، ومع ذلك قال : ( أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا صلاة العشاء ).
إذن لو أصابت ما هو أقوى من البخور؟ من باب أولى، ولو شهدت ما هو دون صلاة العشاء بالستر فالنهي من باب أولى، هذه واحدة.

الشيخ : ثانيا: ونؤيده ونشكره على حث النساء على الحجاب الشرعي، على الحجاب الشرعي. وأهم شيء وأعظم شيء في الحجاب الشرعي أن تحجب المرأة وجهها عن نظر الرجال، أن تحجب المرأة وجهها عن نظر الرجال، وإذا كانت المرأة مأمورة بأن تحجب ساقها وقدمها عن الرجال فغير ذلك من باب أولى.
أيما أشد فتنة أن تظهر المرأة وجهها، أو أن تظهر طرف إبهام رجلها؟ نعم؟ وجهها بلا شك، كل إنسان يعلم ذلك.
والعجب أن لكل جواد كبوة، ولكل صارم نبوة، العجب أن بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا يجب على المرأة أن تستر قدميها ولا يجب أن تستر كفيها ووجهها، سبحان الله أيمكن أن تأتي الشريعة الكاملة المراعية للمصالح ولدفع المفاسد بجواز كشف الوجه الجميل التي تفتن صورته فضلا عن حقيقته، ولكنها تستر خنصر قدمها. يجب أن تستر كل القدم من إبهامه إلى عقبه، ولكن لا يجب أن تستر الوجه الجميل! سبحان الله! ولكن هذا يدلك على أن الإنسان قاصر مهما كان، ولا شك أن لهم أدلة يستدلون بها، ولكن أدلة المنع من كشف الوجه أقوى وأبين وأظهر.
ولذلك نرى أن المرأة يجب عليها أن تستر وجهها إلا من صنفين من الناس من هما؟ الأخ؟ أي نعم، قم.
الطالب : الكبيرة.
الشيخ : لا، أصلا ما تستر وجهها عن الكبيرة ولا الصغيرة، امرأة عن امرأة ما تستر وجهها. استرح. نعم. تفضل.
الطالب : الأرحام.
الشيخ : وغير؟ الصنف الثاني؟ إلا عن اثنين إلا عن صنفين من الرجال؟ نعم استرح.
الطالب : الخطيب.
الشيخ : ايش؟ غلط، الخطيب إنما رخص له بالنظر لما تدعو الحاجة إليه فقط، ايش؟
الطالب : الصبي.
الشيخ : الصبي يا أخي ما هو رجل، أنا أقول عن الرجال، تفضل؟
الطالب : ... .
الشيخ : خطأ، يا سبحان الله العظيم، أيغيب عنكم الزوج؟ كيف غاب عنكم ؟ الزوج، والثاني المحارم، وما سوى ذلك من الناس فإنه يجب عليها أن تستر وجهها، لما في ذلك من الفتنة العظيمة، ولأنه مقتضى النصوص الشرعية، ونحن متعبدون بايش؟ متعبدون بايش؟ بما دلت عليه النصوص الشرعية، وليس لنا أن نتبع أهواءنا، (( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن )).
ولهذا نجد النساء اللاتي أخذن بهذا الرأي أعني جواز كشف الوجه والكفين لم يتقيدن بذلك، هل تقيدن بإظهار الوجه فقط والكفين؟ لا، يظهر النحر، والرقبة، وطرف الذراعين، ولا يبالين بذلك، والنساء يتوسعن.
انظر مثلا إلى النقاب، كان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ينتقبن، ومعنى النقاب أن تستر المرأة وجهها بغطاء وتظهر ما تحتاج لإظهاره من نقب للعين حتى ترى طريقها، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرمة ايش؟ : ( لا تنتقب )، وهذا يدل على أن من عادة النساء الانتقاب فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تلبس المرأة النقاب ولكن لو رخصنا للنساء في النقاب في عهدنا هذا، هل سيلتزمن بالنقاب الشرعي؟ أجيبوا يا جماعة؟ لا، وهذا هو الواقع.
الآن المرأة قلنا النقاب جائز فتحت اليوم لعينها فقط، غدا توسع إلى الحاجب، وبعد أسبوع إلى بعض الخد وبعض الجبهة، وبعد أسبوع تتلثم تلثما مو نقاب، التلثم يعني تغطي الشفتين وأسفل الوجه وتقول هكذا. نعم. إذن المسألة فيها توسع، والقاعدة الشرعية أن المباح إذا كان ذريعة إلى محرم صار محرما تحريم الذرائع.
انظر مثلا إلى الطلاق الثلاث، الطلاق الثلاث يعني: الرجل إذا طلق زوجته ثلاثا فقال: أنت طالق ثلاثا، أو قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان الطلاق الثلاث واحدا، وفي عهد أبي بكر كان الطلاق الثلاث واحدا، وفي سنتين من خلافة عمر كان الطلاق الثلاث واحدا، فتجرأ على الناس على الطلاق الثلاث، والطلاق الثلاث محرم، لأنه من اتخاذ آيات الله هزؤا فإن الإنسان تعجل شيئا كانت له فيه أناة، أراد أن يبين زوجته قبل أن يأتي بالطلاق الذي تبين به المرأة. ما هو الطلاق الذي تبين به المرأة؟ أن يطلق ثم يراجع، ثم يطلق ثم يراجع، ثم يطلق، هذا الطلاق التي تبين به المرأة، صار الناس يتعجلون إذا كره الإنسان المرأة بتّ الطلاق، أنت طالق أنت طالق أنت طالق أنت طالق، لماذا؟ تتعجل شيئا جعل الله لك فيه خيرة.
وأنت إذا طلقت واحدة أو طلقت ثلاثا مثلا. الأمر بيد من؟ يعني طلق واحدة، رجل طلق زوجته واحدة، الأمر بيد من؟ بيد الزوج، إن شاء راجع، وإن شاء ترك، حتى تنقضي عدتها وينتهي الموضوع.
فالشيطان صار يأمر الناس بأن يطلقوا ثلاثا. وكان عمر رضي الله عنه كما تعلمون من أدق الناس سياسة وأقربهم إلى الصواب رضي الله عنه، رأى بثاقب رأيه وحكمة تصرفه ان يمنع الرجل من الرجوع إلى زوجته إذا طلقها ثلاثا، ولم ير رضي الله عنه أنه خالف النص، لأنه أراد أن يلزم الرجل ايش؟ بما التزم به وبما ألزم به نفسه، فقال رضي الله عنه : ( أرى الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ). أناة يعني تأني ( فلو أمضيناه عليهم )، فأمضاه رضي الله عنه، وإذا طلق الرجل ثلاثا، قال: تعال لماذا طلقت ثلاثا؟ قال لأجل ما ترجع إلي، قال: خلاص نمنعك من مراجعتها.
لكن في عهد الرسول وفي عهد أبي بكر وأول خلافة عمر يرجع وإلا ما يرجع؟ يرجع، فتأمل الآن أن عمرا منع من شيء مباح للإنسان خشية الوقوع في الحرام.
نحن أيضا نقول لا نفتي بجواز النقاب إذا كان ذريعة لكشف الوجه.
طيب لو فرض أننا في بلد تكشف النساء وجوههن، أنا كلامي هنا أني لا أفتي بجواز النقاب وإن كنت أعتقد جوازه لكن لا أفتي به. وإني أسألكم الآن ما الفرق بين قولي أفتي بعدم جوازه، وبين قولي لا أفتي بجوازه؟
أيكم الجيد الي يفهم الفرق، إذا قلت لا أفتي بجوازه أو أفتي بعدم جوازه، هل بينهما فرق، وإلا هما واحد؟ تفضل.
الطالب : ... .
الشيخ : أي واحد قال لا أفتي بعدم الجواز والثاني قال لا أفتي بجوازه. قال أفتي بعدم جوازه والثاني قال لا أفتي بجوزاه، بينهما فرق؟
الطالب : يفتي بجوازه يعني ... .
الشيخ : لا. استرح.
الطالب : لا أفتي بجوازه أي ... بجوازه.
الشيخ : أي نعم. وأفتي بعدم جوازه؟ أي أفتي بأنه حرام، تمام أحسنت.
انتبه إذا قال أنا أفتي بعدم الجواز قلنا أخطأت كيف تفتي بعدم الجواز في أمر كان معروفا بعهد الرسول.
أما إذا قال أنا لا أفتي بجوازه فالمعنى أني أمتنع منه لئلا أتحمل المسؤولية، والامتناع عن الفتوى في أمر مباح خوف الوقوع في المحرم جائز.
على كل حال نحن نقول في البلاد السعودية نمتنع من الإفتاء بايش؟ بجواز النقاب، لأنه يؤدي إلى مفسدة أعظم، لكن لو كنا في بلاد جرت عادة النساء فيه أن تغطي الوجه وجاءت تسأل، هل يجوز لي النقاب؟ قلنا: نعم يجوز، لأن النقاب أهون من كشف الوجه، ويكون هذا نقلة في التدريج. فانتبهوا يا جماعة حتى لا تبقى الفتوى فيها اشتباه، لأن هذه اشتبهت على بعض الناس، نقول: لا نفتي بجواز النقاب إذا كان يؤدي النقاب إلى كشف الوجه أو بعضه. هذه واحدة. وإذا كنا في بلاد جرت عادة النساء فيه بكشف الوجه قلنا النقاب خير ايش؟ من كشف الوجه، فنفتي بجوازه.
طيب، أقول : بارك الله فيك، لا شك أن كشف المرأة وجهها ولا سيما إذا كانت شابة جميلة سبب للفتنة، ولذلك تجد السفهاء من الناس يتبعون مثل هذه المرأة، وربما يحصل عليها ضرر في المغازلة والصفير وإلقاء الوريقات فيها أرقام الهاتف وما أشبه ذلك، وهذا شيء جاري يا جماعة ولا يمكن أن ننكر الواقع، فإذا كان كذلك تبين تأكد القول بوجوب - أتموا - تأكد القول بوجوب تغطية الوجه.
ولهذا أنا أنصح إخواني المسلمين الذي يسمعون كلامي هنا أو في غير هذا المكان أنصحهم أن يلزموا نساءهم بتغطية الوجه، بتغطية الوجه، وليصبروا إذا أوذوا على ذلك فإن الله تعالى يقول فإن الله يقول : (( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله )) ورجع عن ما هو عليه من الحق خوفا من الإيذاء، ولكن الإنسان إذا أوذي في الله فهو خير وأجر.
واسمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دميت أصبعه في القتال ماذا قال ؟ ماذا قال؟
" هل أنتِ إلا أصبع دميتي ** وفي سبيل الله ما لقيتي "
وما دام الأمر في سبيل الله فهو خير، خير للإنسان.
نعم لو أُمسكت المرأة وقيل إما أن تكشفي وجهك وإلا فالحبس حينئذ يكون كشفها وجهها لايش؟ للضرورة، والضرورة تبيح المحظورات، أما مجرد الأذية والنظر إليه، أو أخذ صور لها فهذا لا يهم، لا يهم، لأن الأذية -انتبه يا أخ- الأذية لا تضر، الأذية لا تضر.
كلام صحيح ولا غير صحيح؟ الذي يقول صحيح سأقيمه وأناقشه، قم، كيف نقول الأذية لا تضر؟
الطالب : ... .
الشيخ : لقول الله تعالى : (( لن يضروكم إلا إذى )) يعني لن يضروكم ولكن يؤذنوكم، هذه واحدة.
دليل أوضح من هذا، اجلس.
استمع إلى قول الله تعالى في الحديث القدسي، والحديث القدسي هو الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه، يقول الله في الحديث القدسي : ( يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري ايش؟ فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ). فنفى الله عز وجل أن يضره أحد من خلقه، ومع ذلك قال في الحديث القدسي : ( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر ).
فالجمع بين الحديثين أن نقول : الأذى لا يستلزم الضرر.
وقال الله تعالى في القرآن العظيم : (( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا عظيما )). فأقول إن الإنسان إذا تمسك بدين الله ابتغاء وجه الله وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم وناله أذى بذلك فإنه لا يناله إلا أجر من الله عز وجل، ولن يضروه، لأننا فهمنا أن الأذى لا يستلزم الضرر. فأدعو إخواني المسلمين كل من بلغهم كلامي هذا أن يربوا بناتهم وزوجاتهم وأخواتهم على الحجاب الشرعي، والحجاب الشرعي أهمه وأعظمه حجاب الوجوه عن ظهورها للرجال.
فأنا أشكر سماحة الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي على هذا التنبيه، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يسمعه آذانا صائغة وقلوبا واعية، وأن ينفع به المسلمين.

الشيخ : أما ما نريد أن نتكلم عليه من قراءة أئمتنا فهو آيات بينات، ذكرها الله تعالى في سورة الشعراء في آخرها في قوله تعالى : (( وإنه لتنزيل رب العالمين )). الله اكبر.
(( إنه )) الضمير يعود على ايش؟ على القرآن (( إنه لتنزيل رب العالمين )) أضاف التنزيل إلى الرب وإلى عموم الربوبية، رب العالمين، فالذي أنزل هذا القرآن هو رب العالمين الذي خلقهم وله ملكهم وله تدبيرهم، فعليهم أن يأخذوا بهذا القرآن، ولهذا كان القرآن ليس لنا نحن المسلمين فقط، بل القرآن لكل الناس، كل من بلغه القرآن لزمه أن يتبعه، ولهذا أقسم النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق بدون قسم، فقال : ( والذي نفسي بيده - أو قال نفس محمد بيده - لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بما جئت به إلا كان من أصحاب النار ).
وأصحاب النار هم أهلها المخلدون فيها، وعلى هذا فكل يهودي أو نصراني سمع برسالة النبي صلى الله عليه وسلم ثم مات ولم يؤمن به فإنه من أصحاب النار، وكل يهودي ونصراني مات على هذا فإنه لا يجوز لنا أن ندعو له بالمغفرة أو بالرحمة، أو نبدي الحزن عليه أو الأسف عليه.
وإذا كان الله عز وجل قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( ما كان للنبي والذين آمنوا )) أكمل؟ أنت حافظ القرآن؟ لا، يكملها، ما تعرف اجلس ما في، يلا، من يكملها؟ تفضل.
الطالب : (( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم من أصحاب النار ))
الشيخ : الجحيم الحجيم، يا رجل لا ترد غلط، الله يهديك، أصحاب الجحيم
الطالب : (( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم )).
الشيخ : بارك الله فيك. أين اصبر اصبر. اذكر لي الآية التي فيها أن إبراهيم استغفر لأبيه؟
الطالب : (( قال سلام عليكم سأستغفر )).
الشيخ : قال سأستغفر. اسمع اسمع سأستغفر مو باستغفار، هذا وعد، ولهذا لو قال الرجل لزوجته سأطلقك لن تطلق، اذكر لي الآية التي فيها أن إبراهيم استغفر لأبيه؟ الله أكبر ما أسرع ما، من يعرف؟
انتظر يا أخي، ألم تسمع في قراءة الليلة أن إبراهيم قال (( واغفر لأبي )) كذا. بارك الله فيك. إذن هذه الآية (( واغفر لأبي )).
إن الله عز وجل يحب العذر، ولا أحد أعذر من الله لما قال : (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )) سيبقى في النفوس، لماذا استغفر إبراهيم لأبيه، وهو أي إبراهيم إمام الحنفاء؟ فأجاب الله عن هذا الإشكال بقوله - أجيبوا يا جماعة - : (( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه )) وبعدين (( فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه )) إذن لا يجوز أن نقول : اللهم اغفر لفلان وقد مات على الكفر حرام، لأن هذا من الاعتداء في الدعاء، إذ أن الله لا يغفر للمشركين، فكيف تسأل الله ما لا يمكن أن يفعله، أو ما اقتضت حكمته أن لا يفعله؟! فعلينا أن ننتبه لهذا.
قال الله تبارك وتعالى في الاية : (( وإنه - أي القرآن - لتنزيل رب العالمين ))، وإذا كان تنزيل رب العالمين وجب على جميع العالمين - امشوا يا جماعة - أن يؤمنوا به وأن يتبعوه.

الشيخ : ومن السفير بين الله وبين الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. اسمع. (( نزل به الروح الأمين على قلبك )) الروح الأمين هو جبريل عليه الصلاة و السلام نزل به من الله على قلب الرسول، ولم يقل على أذنك أو على سمعك، لأن محل الوعي والحفظ هو القلب، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوحي إليه القرآن لم يفلت منه حرف واحد ولا حركة ولا كلمة ولا آية، تنزل في القلب.
(( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين )) أي من الرسل، لأن الرسل عليهم الصلاة والسلام مبشرون ومنذرون، كما قال الله تبارك وتعالى في سورة النساء : (( رسلا مبشرين ومنذرين )) هنا لم يذكر البشارة قال : (( لتكون من المنذرين )) لأن سياق الكلام يقتضي ذلك يقتضي الإنذار، لأن السورة كلها في بيان تكذيب المجرمين للرسل، والمكذب ما الأنسب في مخاطبته؟ الإنذار أو البشارة؟ الإنذار، ولهذا قال هنا : (( لتكون من المنذرين )) أي من الرسل المنذرين الذين ينذرون قومهم مخالفتهم.
بأي لغة؟ (( بلسان عربي مبين )) الله أكبر، هذا فخر لللسان العربي فخر للغتنا العربية الذين بدأ سفهاؤنا يتحولون عنها وبدؤوا .. اللغة الأعجمية، بدؤوا أناس مسلمون عربيون يتكلمون ويتخاطبون باللغة ايش؟ غير العربية. حتى كانوا يعودون صبيانهم بدل ما يقول السلام عليكم يقول ايه؟ ايه؟ how are you ؟ لا، أنا أعرف بابا أو باي باي باي باي. يا سبحان الله ما أجهلكم، لغة القرآن لغة النبي لغة الصحابة لغة من تفتخر بالانتساب إليهم العرب، كيف تذهب لتأتي بلغة أعجمية تعلمها الصبيان؟! ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب على رطانة الأعاجم، إذا سمع إنسانا عربيا يتكلم بلغة العجم ضربه، كأنه يقول لماذا تضيع لغتك؟ وهي لغة القرآن والسنة وعلماء المسلمين. أسالكم البخاري رحمه الله إمام أهل الحديث ايش هو؟ عربي ولا غير عربي؟ غير عربي لكنه يتكلم بالعربية تماما ويعرف معاني الكلمات العربية، ويفخر بذلك رحمه الله، وكذلك كل إنسان عاقل يفخر بأن ينتسب وأن يستعمل لغة القرآن والسنة.
بلسان عربي أي بلغة، لأن اللسان يراد به اللغة كما قال الله تعالى : (( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه )) أي: بلغتهم ليبين لهم.
(( مبين )) مبين أي بين، أو مبين أي مظهر، أو كلاهما؟ والله الظاهر أنه لما قلت: أو كلاهما، أخذتوها.
اسمع سأعطيك قاعدة : إذا رأيت الكتاب أو السنة يعني نص من القرآن أو السنة يحتمل معنيين لا مرجح لأحدهما على الآخر ولا منافاة بينهما، شرطان: لا مرجح لأحدهما على الآخر، والثاني لا منافاة بينهما فالنص يدل عليهما جميعا، فإن كان أحدهما أرجح أخذ به وإن تساويا لكن هناك مرجح خارجي أخذ بما دل عليه المرجح الخارجي.
هنا نقول : مبين تصلح لازمة ومتعدية، لأن كلمة أبان اسم الفاعل منها، أبان اسم الفاعل منها مبين، كأكرم اسم الفاعل منها مكرم، طيب.
كلمة أبان يا إخواني يصح أن تكون لازمة ويصح أن تكون متعدية، تقول: أبان الصبح، هذه لازمة أو متعدية؟ هذه لازمة، بمعنى بان الصبح، وتقول: أبان الضوء حروف الكتاب متعدية.
إذن مبين يصح أن تكون بمعنى بيِّن، ويصح أن تكون بمعنى مبين لغيره.
لو أردنا أن نقول هو شامل للمعنيين، يصح؟ يصح لا شك.
إذن القرآن الكريم بين مبين لغيره، ولهذا سماه الله تعالى فرقانا.
أي نعم سماه الله فرقانا.
(( بلسان عربي مبين )).
هنا سؤال كنت أريد أن أقوله قبل كم ليلة لكنه فات علي.
قال الله تعالى : (( وكذلك أنزلناه حكما عربيا )). أريد من الجيد منكم أن يعرب عربيا؟ تفضل
الطالب : ... .
الشيخ : نعم.
الطالب : مفعول مطلق.
الشيخ : لا يا أخي، غلط يا أخي، وين مفعول مطلق.
الطالب : حال.
الشيخ : حال منين؟
الطالب : ... .
الشيخ : ها (( وكذلك أنزلناه حكما عربيا )). حكما عربيا صفة لايش لحكم؟ خطأ. استرح نعم قم يا أخي.
الطالب : حال.
الشيخ : حال منين، من الحكم؟ صفة للحكم، هذا كلام أخيك استرح وهو غلط.
الطالب : تمييز.
الشيخ : تمييز؟ لا بعيد هذا.
الطالب : الإنزال.
الشيخ : الإنزال فعل يا أخي الفعل مو بيوصف. استرح، على كل حال قد يتبادر لبعض الناس أنه صفة لحكم (( حكما عربيا )) وليس كذلك. بل هو حال من الضمير في أنزلناه ليه؟ لأننا لو قلنا حكما عربيا صارت أحكام القرآن بمقتضى العروبة. (( حكما عربيا )) أي الحكم عربي، وليس كذلك بل القرآن عربي.
إذن أعرب حكما؟ حال من الضمير في أنزلناه، وعربيا حال أخرى من الضمير في أنزلناه.
هنا نرجع للآية (( بلسان عربي مبين )) بعدها.
(( على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين )).

الشيخ : (( وإنه لفي زبر الأولين )) إنه أي القرآن، (( زبر الأولين )) كتبهم، والمعنى أو المراد أن القرآن مذكور في الكتب السابقة، وهذا لتعلية شأنه، وأنه كتاب عظيم نوهت عنه الكتب السابقة، وحق له ذلك، فالقرآن أشرف كتاب أنزله الله على أهل الأرض، على من؟ على أشرف نبي أرسله الله إلى أهل الأرض (( وإنه لفي زبر الأولين )).
ثم قال عز وجل : (( أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل )). آية بالنصب أو بالرفع يا إخوة؟ بالنصب؟ كيف بالنصب والي قبلها يكن؟ الآية بالنصب ولا بالرفع؟ شلونمنصوبة وقبلها يكن؟ نعم كيف تعربها إذا كانت منصوبة؟ استرح. نعم
الطالب : ... .
الشيخ : هو الاسم، أحسنت بارك الله فيك، (( أو لم يكن لهم )) أي للمكذبين.
(( آية )) أي: علامة على أنه حق.
(( أن يعلمه )) من؟ (( علماء بني إسرائيل )) علماء بني إسرائيل الأحبار الذين درسوا الكتب يعلمون أن القرآن حق. ويعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، كما قال تعالى: (( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم )) لكنهم يكتمون الحق حسدا للعرب أن تكون هذه الرسالة العظيمة فيهم.
(( أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل )).
وفي هذا دليل على فضل العلم حيث إن الله تعالى يستشهد بقول العلماء ليقيم به الحجة. وقد قال الله تعالى : (( شهد الله أنه لا إله إلا هو - ومن؟ - والملائكة وأولي العلم )). فعليك أيها الشاب المسلم عليك بالعلم، فالعلم به رفعتك في الدنيا والآخرة، العلم نور لك وللأمة، عليك بالعلم يكفيك فخرا أن الله تعالى قرن العلماء بالملائكة في شهادة التوحيد لله وحده. (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم ))، وهنا يقول: (( أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل )).

الشيخ : ثم قال : (( ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين )) وهذا كالتنكيت على العرب واللوم لهم، يقول: لو كان هذا القرآن نزل على العجم ولم يؤمنوا به لكان لهم بعض العذر، لأنهم لا يفهمون معناه، لكن أنتم العرب نزل بلغتكم، فلماذا لا تؤمنون به؟! وهذا توبيخ للعرب أن لا يكونوا مؤمنين بهذا الكتاب العزيز.
والحمد لله أظهر الله من العجم من علموا القرآن وعلّموه وقاموا بتفسيره وحفظوا السنة، وهذا شيء معلوم من التاريخ ومن الكتب المؤلفة في ذلك.
وقد فسر بعض العلماء قول الله تبارك وتعالى : (( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم )) فسره بعض العلماء بأن المراد بهم العجم.
وعلى كل حال سواء كان هذا التفسير صوابا أو القول الآخر، فإننا نقول: إن العرب يجب أن يكونوا هم أول من يؤمن بالقرآن، لأنه نزل بلغتهم بلسانهم فيفهمون الكلام مركبا وغير مركب، لأنه لغتهم.
ولذلك أسمع وأنا لست عالما باللغة ولا أعرف غير اللغة العربية والعامية، يقولون : إن أصعب اللغات اللغة العربية، يقول هذا من يعرفون اللغة اللغات، وأنا أقول : أسهل اللغات عندي اللغة العربية، نعم، فهل ما قالوه صحيح؟
إن أصعب اللغات اللغة العربية؟ أنت مو عربي الظاهر أنت أعجمي؟ وتعلمت اللغة العربية بسهولة؟ وترى أنها أسهل من اللغات الأخرى؟ طيب، لو قدرنا أنك تعلمت لغة أخرى غير ايش؟
الطالب : ... .
الشيخ : والله على كل حال الحمد لله، أنا قصدي بهذا أن الإنسان يجب عليه أن يحمد الله على نعمه أن يسر له اللغة العربية، لأنها لغة القرآن والسنة وعلماء المسلمين، أئمة للمسلمين من المحدثين وغيرهم ليسوا أصلهم عربيا، ولكنهم تعلموا العربية من أجل أن يفهموا كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
(( ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين )).
وبقي وقت؟ ونقتصر على هذا من الآيات، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم فهم كتابه والعمل به.

الشيخ : وأحثكم مرة بعد مرات سبقت على تعلم تفسير القرآن حتى تذوقوا طعمه وتعرفوا بلاغته ويحصل لكم أو ويفتح لكم من أبواب العلم ما لم يكن عندكم من قبل.
ها ..
محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فقبل أن نتكلم على ما نريد الكلام عليه فيما سمعناه من قراءة إمامنا نكمل ما سبق قبل ليلتين في قوله تعالى :(( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز )). انتبه اترك اللحية يا رجل.
(( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )).
ذكرنا من إقامة الصلاة أشياء، من يحفظ ما ذكرنا ممن حضر درسنا السابق؟ ما الذي ذكرنا من الشروط؟
الطالب : ثلاث شروط.
الشيخ : نعم
الطالب : الطهارة.
الشيخ : الطهارة
الطالب : استقبال القبلة.
الشيخ : استقبال القبلة. نعم استرح.
الطالب : الوقت.
الشيخ : الوقت أو دخول الوقت؟ دخول الوقت، إلا في صلاة واحدة، الجمعة فلا بد أن تكون في الوقت.
نكمل هذا، نقول : من إقامة الصلاة أن يصليها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أن يصليها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.