الشيخ : أما بعد : فإنا درسنا هذه الليلة سيكون امتدادا لدرس الليلة السابقة والذي تكلمنا فيه على ما قرأه إمامنا في صلاة المغرب تكلمنا على السورة الأولى وانتهينا منها ووعدناكم بالكلام على السورة الثانية فهل أنتم تذكرونها؟ لا، نعم ايش؟ صحيح هي سورة الماعون لم نتكلم عليها تلك الليلة لكن هل تريدون أن نتكلم عليها الليلة أو على ما سمعناه في قراءة إمامنا هذه الليلة أو على الأمرين جميعا؟
على الأمرين جميعا طيب نسأل الله التوفيق والإعانة.
قال الله تبارك وتعالى : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) البسملة آية من كتاب الله، آية من كتاب الله لكنها ليست من السورة التي بعدها ولا من السورة التي قبلها بل هي آية مستقلة ولذلك لا تحسب من آيات السورة، فمثلا الفاتحة أول آياتها (( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ))
كم هذه؟ هذه سبع آيات، أما البسملة فليست منها لكن بعض العلماء رحمهم الله يقول إنها منها وعلى ذلك جرت الطباعة في المصحف الشريف فإنكم تجدون البسملة في سورة الفاتحة معدودة على أنها أول آية وبقية السورة لم يكتب لها الرقم لأنها ليست من السورة.

الشيخ : قال الله تعالى : (( بسم الله الرحمن الرحيم أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين )) إلى آخره.
قال العلماء رحمهم الله : إذا قال تعالى : (( أرأيت )) فالمعنى أخبرني، (( أرأيت الذي يكذب )) يعني أخبرني عن حال هذا الرجل الذي يكذب بالدين ويكذب بالدين أي لا يصدق به والمراد بالدين هنا الجزاء وذلك يوم القيامة كما قال تعالى : (( وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين )) وما أكثر الذين يكذبون بالبعث كما قال الله تعالى : (( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير )) هذا الذي يكذب بالدين ما شأنه ؟

الشيخ : ما حاله ؟ ذكر الله من أوصافه قال (( فذلك الذي يدع اليتيم )) أي يدفعه بالعنف يدع يعني يدفعه بعنف ومنه قوله تعالى :(( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا )) أي يدفعون بعنف وقوله : (( اليتيم )) اليتيم: هو الذي مات أبوه قبل بلوغه. بلوغ الولد ولا الوالد؟ هو الذي مات أبوه قبل بلوغه؟ الولد ولا الوالد؟ الوالد ما شاء الله يأتي أولاده وهو لم يبلغ هو الذي مات أبوه ولم يبلغ أي الولد سواء ذكر أو أنثى هذا هو اليتيم.
وأما من ماتت أمه وأبوه حي فليس بيتيم. وإنما سمي يتيما من اليتم وهو الانفراد لأنه انفرد عن كاسب يكسب له نفقته ويربيه ويوجهه.
اليتيم وردت أحاديث وآيات كثيرة تحث على إكرامه وعلى الإحسان إليه وهو في القرآن كثير وفي السنة كذلك حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين ) وقال بأصبعه السبابة والوسطى يعني أنهما قرينان.
(( الذي يدع اليتيم )) يدفعه بعنف ليس في قلبه رحمة ليس في قلبه رحمة والعياذ بالله. لأن الصغار سواء كانوا أيتاما أو غير أيتام ينبغي للإنسان أن يرحمهم وأن يرق لهم فإن رحمتهم والرقة لهم من أسباب رحمة الله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ارحموا من في الأرض ) أتموا ( يرحمكم من في السماء ) وهو الله عز وجل.

الشيخ : (( ولا يحض على طعام المسكين )) هذا أيضا من صفات الذي يكذب بيوم الدين لا يحض أي لا يحث الناس على طعام المسكين وهو أيضا لا يطعم المسكين فلا خير فيه لنفسه ولا خير فيه لغيره لا يحض على طعام المسكين، ومن هو المسكين؟ المسكين : هو الفقير المسكين هو الفقير، وسمي مسكينا، سمي مسكينا لأن الفقر أسكنه ليس عنده عزة وليس عنده قوة وليس له وجه يقابل الناس لأنه فقير إذن المسكين هو الفقير، إذا قال الإنسان كيف تقول إن الفقير هو المسكين وقد فرق الله بينهما في قوله : (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين )) ؟ فجعل الفقراء صنفا والمساكين صنفا آخر ؟
نقول : نعم هناك كلمات في اللغة العربية في اللغة العربية كلمات إذا قرنت الكلمتان صار لكل واحدة معنى وإن انفردت إحداهما صارت بمعنى الأخرى. انتبه لهذه القاعدة في اللغة العربية والقرآن عربي هناك كلمات إذا ذكرت إحداهما منفردة شملت الأخرى وإذا ذكرتا معا صارتا صار لكل واحدة معنى.
الفقير والمسكين في آية الصدقات : (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين )) الفقير أشد حاجة من المسكين، والمسكين دونه الفقهاء رحمهم الله قالوا إذا كان الإنسان لا يجد إلا أقل من نصف الكفاية فهو فقير، وإن كان يجد النصف فما فوقه لكنه لا يجد كفاية كاملة فهو مسكين، إذن أيهما أشد حاجة ؟ الفقير ولهذا بدأ الله به عز وجل.
هناك أيضا كلمة أخرى كمثال وإلا الكلمات كثيرة الإسلام والإيمان إذا أطلق الإسلام دخل فيه الإيمان. إذا ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان وإذا ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام.
مثال ذلك : قال الله تبارك وتعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) أي إسلام ؟ الإسلام الشامل للإيمان.
وقال الله تبارك وتعالى : (( وبشر المؤمنين )) يشمل من ؟ المسلمين هذا إذا ذكرت كلمة إسلام وحدهل وكلمة إيمان وحدها إن ذكرتا جميعا والأخ يأتيننا بآية فيهما ذكرهما جميعا لا هذه ... ايش ؟
الطالب : ... .
الشيخ : طيب استرح ذكر آية اسمعها (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين )) هل الإسلام هنا والإيمان معناهما واحد؟ لا.
آية أخرى : (( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا )) فإذن فرق الله عز وجل بين الإيمان والإسلام.
ننظر في الآية الأولى (( أخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين )). والمراد بهذه القرية قرية قوم لوط أخرج الله من كان فيها من المؤمنين وهو لوط وأهله إلا زوجته البيت الكان فيها يدخل فيه المرأة امرأة لوط هل امرأة لوط مؤمنة أو مسلمة ؟
الطالب : مسلمة.
الشيخ : مسلمة وليست مؤمنة لأنها تتظاهر بأنها مسلمة ولهذا قال الله تعالى : (( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما )) خانتاهما بايش ؟ بالكفر ما هو بسوء الخلق أو بالزنا مثلا لا خانتاهما بالكفر.
امرأة لوط مسلمة لكنها ليست مؤمنة إذن الذي نجى من أهل لوط من ؟ من يا إخوان ؟ المؤمنون.
والذي كانوا في بيت واحد المسلمون طيب.
(( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا )). الأعراب هم سكان البادية والغالب على سكان البادية الغالب عليهم الجفاء والجهل وفيهم من يؤمن بالله واليوم الآخر لكن الغالب عليهم الجهل والجفاء (( قالت الأعراب آمنا )) قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : (( قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم )) يعني لم يدخل بعد ولكنه سيدخل مع الاستمرار في الإسلام يدخل الإيمان في القلب.
نعود إلى قوله تعالى في السورة التي نحن بصددها (( ولا يحض على طعام المسكين )) من المراد بالمسكين هنا ؟ الفقير.

الشيخ : ثم قال عز وجل : (( فويل للمصلين )) ويل لا أحتاج أن أفسرها لكم لأننا فسرناها بسورة الهمزة ماذا قلنا فيها ويل كلمة وعيد (( فويل للمصلين )) من الذي له الويل من المصلين؟ (( الذين هم عن صلاتهم ساهون )) ليس كل مصل له الويل بل المصلي حقيقة له الخير لكن المصلي الذي هو لاه عن صلاته هذا هو الذي ويل له أعاذني الله وإياكم منه طيب. (( ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) أي غافلون مفرطون لا يبالي متى قام من اليوم صلى وصلى مع الجماعة ومع غير الجماعة ساه عنها وإذا دخل فيها جاءته الوساوس والهواجيس من كل مكان. هذا غير مصلي صلاته جسم بلا روح صلاته جسم بلا روح. ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل بحضرة الطعام لأنه سيكون قلبه مشغولا بايش؟ بالطعام فيغفل عن الصلاة فالمصلون الذين هم عن صلاتهم ساهون هؤلاء الذين لهم ويل لهم ومن لا يصلي أبدا ؟ أجيبوا يا أيها الفقهاء ؟ من باب أولى.
إذا كان الذي يصلي وهو غافل ويل له فمن لا يصلي أبدا أشد وأشد، ولهذا كان أصح أقوال العلماء أن الذي لا يصلي كافر، كافر خارج عن الإسلام ليس من المسلمين في شيء وإذا مات فإنه لا يجوز أن يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين ولا يدعى له بالرحمة ولا بالمغفرة لأنه ايش؟ كافر ولهذا لا يحل لأحد يعلم من قريبه أنه مات وهو لا يصلي لا يحل له أن يقدمه للمسلمين ليصلوا عليه. إذن ماذا يصنع به ؟ يصنع به كما قال أهل العلم الذين قالوا بكفر تارك الصلاة وهو الحق يخرج به إلى بر إلى أرض فلاة ويحفر له حفرة ما هو قبر حفرة ويرمس فيها بثيابه رمسا وإذا كان يوم القيامة يحشر مع من؟ مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف أعاذنا الله وإياكم من ذلك فالصلاة أمرها خطير شأنها عظيم.
(( الذين هم عن صلاتهم ساهون )) ما معنى عن صلاتهم ساهون؟ أي غافلون لاهون عنها متهاونون فيها.

الشيخ : طيب لو قلت : ويل للمصلين الذين هم في صلاتهم ساهون خطأ ولا صحيح ؟ الأخ.
الطالب : خطأ.
الشيخ : خطأ؟
الطالب : خطأ.
الشيخ : فهمت كلامي ؟ ويل للمصلين الذين هم في صلاتهم ساهون، أنت ما تسهو في صلاتك؟ قد تصلي خمسا و الصلاة رباعية نعم.
الطالب : ما أسهو.
الشيخ ما تسهو أبدا ؟ ما أعتقد هذا كلنا نسهو يا أخي استرح.
لو قيل الذين هم في صلاتهم ساهون لكانت كارثة لأنه لا يسلم أحد من السهو في الصلاة هذا النبي صلى الله عليه وسلم وهو أخشع الناس لله عز وجل سهى في صلاته ألم يسهو في صلاته ؟ سهى مرة وصلى الظهر خمسا، سهى مرة وسلم من ركعتين من الظهر أو العصر، سهى مرة وقام ولم يتشهد التشهد الأول كل هذا وقع منه بل أكثر من هذا.
لكن أقول لكم بارك الله فيكم الذين هم في صلاتهم ساهون ليس لهم الويل من الذين لهم الويل؟ (( الذين هم عن صلاتهم )) ولهذا أذكركم بما قال العلماء قال العلماء : الحمد لله الذي لم يقل الذين هم في صلاتهم ساهون واضح؟ طيب.
وفي آية أخرى تشبه هذه (( والكافرون هم الظالمون )). قال العلماء الحمد لله الذي لم يقل والظالمون هم الكافرون لأنه لو قال الظالمون هم الكافرون صار الظالم كافرا أي ظالم يكون كافرا لكن قال (( الكافرون هم الظالمون )) لأن أعظم الظلم أن تكفر بالله عز وجل طيب.

الشيخ : (( فويل للمصلين )) هل هذه آية مستقلة عما بعدها أو (( ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) آية واحدة ؟ من يعرف ؟ تفضل قم.
الطالب : واحدة.
الشيخ : آية واحدة متى راجعت المصحف ؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا دعنا من المعنى فويل للمصلين هل هذه آية الذين هم عن صلاتهم ساهون آية ثانية ولا هما آية واحدة ؟
الطالب : آية واحدة.
الشيخ : آية واحدة لم تراجع المصحف من زمان. استرح طيب لم يعرف الظاهر أجبت نصف الجواب يلا تفضل ايه.
الطالب : آيتان.
الشيخ : آيتان ؟ آيتان كذا.
الطالب : عطف.
الشيخ : لا يا أخي ما في عطف (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) مفصولة فيها علامة. طيب أحسنت.
هنا سؤال : هل نقرؤها على حسب ما هو موجود في المصحف بمعنى أن نقول (( فويل للمصلين )) ثم نقول (( الذين هم عن صلاتهم ساهون )) أو نصلها ونقول (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) نعم تفضل.
الطالب : نصل.
الشيخ : نصل بارك الله فيك هذا رأي الرأي الثاني.
الطالب : ... .
الشيخ : نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : اه تقف ثم تعيد مرة ثانية لتصل أي لا تعذب نفسك صلها مرة واحدة استرح من يعرف ؟ تفضل.
الطالب : لا نصلها.
الشيخ : لا نصلها بل نتوقف نقول (( فويل للمصلين )) (( الذين هم عن صلاتهم ساهون )) كذا؟
الطالب : نعم
الشيخ : ولا نقرأ يعني نختم الماعون بهذه الآية؟
الطالب : لا نتوقف ثم نكمل.
الشيخ : طيب هذه استرح هو على كل حال بعض الناس يقول لا تقف لأنك إذا قلت فويل للمصلين وسكت بناء على أنها رأس آية صار فيه إشكال بل لابد أن تقول : (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) وتصل.
وبعض العلماء يقول لا يا أخي من الذي أنزل الآيات؟ الله عز وجل من الذي يضع الآية في مكانها؟ الرسول يقول ضعوا هذه الآية في مكان كذا.
إذن هاتان آيتان فلك أن تقول (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )). وتقف لأن رؤوس الآيات كلها محل وقف سواء انقطع المعنى أو لم ينقطع طيب الآن إذا قلت لك فويل للمصلين وسكت سوف ينشغل فكرك كيف، كيف ويل للمصلين وتبقى متشوقا غاية التشوق لما بعدها وحينئذ يكون الوقف له فائدة عظيمة ما هي الفائدة ؟ أن الإنسان إذا سمع فويل للمصلين وسكوت سبحان الله ويل للمصلين لابد أنه هناك شيء فإذا جاءت عن صلاتهم ساهون صارت كأنها ماء بارد على كبد إنسان عطشان أفهمتم الآن ؟ ومع ذلك يجوز الوصل لكن الوقف لا يعاب على فاعله لا يقال للإنسان ليش تقف والآية الي بعدها متصلة بها نقول لا بأس ألست نقف في الفاتحة فنقول : (( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين )). كلها متصلة بعضها بعضا ومع ذلك نقف على كل آية. طيب (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) إذن عرفنا الفرق بين في صلاتهم وبين عن صلاتهم.

الشيخ : (( الذين هم يراؤون )) يراؤون أي يعملون العمل ليراهم الناس فقط أعاذنا الله وإياكم من ذلك. وهذه صفة من؟ المنافقين، المنافق لا يهمه ما بينه وبين الله يهمه ما بينه وبين الخلق هل الناس رأوني في الصف الأول هل رأوني أتأنى في الركوع والسجود ؟ هل رأوني أقرأ القرآن؟ هل رأوني متخشعا هذا هو الذي يهمه، لا يهمه رب العالمين يهمه أن يراه الناس ليس له حظ في الآخرة هذا الذي يرائي الناس في صلاته أو صدقته أو صيامه أو حجه أو غير ذلك ليس له في الآخرة من خلاق الدليل ايش الدليل ؟
الدليل قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) يعني لا أقبل منه ولا أريده ليس له حظ في الآخرة ولذلك أوصي نفسي أولا وأوصيكم ثانيا بالإخلاص لله طهروا قلوبكم من مراءاة الناس وهذا أشد ما يكون على الإنسان. الإنسان يقدر يصلي صلاة يتم قراءتها وركوعها وسجودها وقيامها وقعودها يتمها تماما على السنة لكن تنقية القلب من الرياء هذا هو المشكل. هذا هو الذي يعجز عنه كثير من الناس إلا ما شاء الله. ولهذا قال بعض السلف : " ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص " انتبه يا أخي وقني الله وإياكم شر الرياء ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على ايش ؟ على الإخلاص، الإخلاص صعب شديد لو أنك مثلا رأيت وأنت تصلي رأيت إنسان مثلا ينظر إليك فأُعجبت بهذا أنْ رآك الرجل عشان يقول الرجل هذا ما شاء الله مصلي صار رياء. صار رياء فالرياء آفة من الآفات وهو بالنسبة للعبادات كالسوسة تنخر في الحبة يتلفها (( الذين هم يراؤون )) يعني ليس لهم هم إلا أن يراؤوا الناس وربما نقول الذين هم يراؤون من جملة قوله أو داخلة في قوله : (( الذين هم عن صلاتهم ساهون )) أي أنهم غافلون عن الإخلاص فيها فهم يراؤون الناس .

الشيخ : طيب فإذا قال قائل أنا أعمل العمل وأحسن العمل ليراني الناس فيتأسوا بي ماذا تقولون؟ أهذا رياء أم دعوة إلى الله؟ يا إخوان هذا رجل يقول أنا أحسن العمل لله عز وجل لكن أحب من الناس أن يروه من أجل أن يتأسوا بي لأني أتمشى على السنة فهل نقول هذا مرائي لا يقبل عمله أو نقول هذا داع إلى الله؟ الثاني شوف النية كيف تأثر الثاني ولهذا لما صنع المنبر للرسول عليه الصلاة والسلام صار يصلي على المنبر، المنبر درجات يرقى عليها الخطيب صار يلي عليه يقوم ويركع وإذا أراد السجود نزل على الأرض وسجد فقال : ( إنما فعلت هذا لتأتموا بي ) هذه واحدة ( ولتعلموا صلاتي ).
وكذلك لما زاحمه الناس في المسعى ركب على بعير قال ابن عباس رضي الله عنه : ( من أجل أن يراه الناس ويتأسوا به ) إذن الحمد لله الإنسان إذا كان أسوة للناس أي كان عالما عالما موثوقا عند الناس وصلى صلاة يطمئن فيها لكن لا ليراه الناس، لكن لأجل أن يتقرب إليهم برؤيتهم لكن لأجل أن يتعلموا منه لم يكن هذا من الرياء بل هذا من ايش؟ من الدعوة إلى الله لأن الدعوة إلى الله تكون بالقول وتكون بالفعل ولذلك ما أشد المسؤولية على العلماء. العلماء عليهم مسؤولية عظيمة لأن الناس يرونهم على أنهم ايش؟ أئمة يقتدى بهم فإذا أخل العالم بشيء من الشريعة لم يكن ضرره على نفسه بل على نفسه وعلى غيره فإذا قدرنا أن العالم في الصلاة يتساهل في رفع اليدين رفع اليدين عند تكبيرة عند الركوع عند الرفع منه عند القيام للتشهد الأول أربعة مواضع هذا سنة لكن قد تكون هذه السنة في حق العالم واجبة واجبة ليش؟ لأن العالم أسوة فإذا رآه الناس لا يرفعوا يديه تركوا هذه السنة.
أقول إن مسؤولية العلماء عظيمة الذين يقتدي بهم الناس فأحث إخواني العلماء ولو طلبة علم دون العلم الراقي أحثهم على أن يحرصوا على تطبيق السنة ما استطاعوا (( الذين هم يراؤون )).

الشيخ : (( ويمنعون الماعون )) يمنعون الماعون يمنعون ايش ؟ أولا بأسأل ما هو الماعون ؟ الأخ.
الطالب : القدح.
الشيخ : طيب أحسنت الماعون هو القدح الذي يجعل فيه الطعام أو الماء أو ما أشبه ذلك ويرادفه الإناء ما معنى يمنعون الماعون؟ يعني يمنعون طالب الماعون إعارته يأتي إليهم الرجل يقول يا أخ أنا عندي ضيوف وليس عندي أواني كبيرة اطلب منك آنية وهي عنده ويقول لا هل يدخل في الآية أو ما يدخل ؟ أجيبوا يدخل في الآية تمنع إعارة الماعون وهو سيعاد إليك وسيضمن أيضا لأن العارية تضمن على المستعير يعني ما عليك ضرر وتمنع هذا يدل على شدة البخل نعم لو أن أحدا طلب منك إعارة الماعون لكن تعرف أنه سيخربه عليك هل تمنعه أم لا ؟ تمنعه لأن هذا ضرر عليك ولا تلام إذا ما أعطيت لكن شخص يطلب منك أن تعيره الماعون وأنت تعلم أن الرجل أمين ولا يمكن أن يحدث فيه شيئا فإنه لا يحل لك أن تمنعه مع استغنائك عنه فإن منعته دخلت في هذه الآية.

الشيخ : ما رأيكم في الكتاب ؟ هل نقول كالماعون أو لا ؟ إنسان عنده كتاب جاءه طالب علم قال: أعرني جزاك الله خيرا هذا الكتاب أقرأ فيه وأرده عليك فمنعته أيدخل في الآية أو لا ؟ نعم يدخل في الآية لأنه إذا كان إناء الغذاء الجسمي وهو الماعون الذي يجعل فيه الطعام إذا كان منعه مذموما فغذاء الروح من باب أولى.
طيب رجل جاء إليك وقال أعرني المصحف أنا أريد أن أقرأ وليس عندي مصحف أعرني المصحف يجب عليك أن تعيره ؟ نعم يجب عليك لكن إذا خفت أن يتلفه ألك أن تمنع ؟ نعم .
وكذلك إذا خفت أن يكتب عليه حواشي أو هوامش لأن بعض طلبة العلم ما شاء الله إذا أعرته الكتاب ثم رده إليك وإذا هو.