الشيخ : استمعنا في هذه الصلاة صلاة الصبح ليوم الخميس الثاني والعشرين من شهر رمضان عام 1420استمعنا إلى قول الله تبارك وتعالى : (( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا في قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ )). (( يحذر )) أي يخاف ويكون على حذر. و(( المنافقون )) هم فئة خرجت حين انتصر المسلمون في غزوة بدر التي سماها الله تبارك وتعالى يوم الفرقان وكانت هذه الغزوة متى ؟ نعم؟ في رمضان أي سنة ؟ سنة ست من الهجرة ها ؟ ها؟ في السنة الثانية من الهجرة. بارك الله فيك استرح. هذه الغزوة المباركة انتصر فيها المسلمون انتصارا باهرا. وقتل فيها والحمد لله من كبراء قريش وصناديدهم ما أذل الله به قريشا. وإنني بهذه المناسبة أود من إخواني المسلمين أن يكونوا على صلة بحياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وغزواته وتاريخه حتى يزداد بذلك إيمانهم وتزداد بذلك محبتهم للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وإنه ليؤسفني أن يكون كثير من المسلمين لا يعرفون عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلا النزر القليل أو ما يتعلق بعباداتهم إن أدركوا ذلك. مع أن معرفة غزوات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تكسب الإنسان تخلقا بأخلاق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي قال الله عنها : (( وإنك لعلى خلق عظيم )). لما انتصر المسلمون في هذه الغزوة المباركة غزوة بدر ظهر النفاق وهم فئة ثالثة لأن الناس ثلاث فئات : فئة المؤمنين الخلص وفئة الكافرين الخلص وفئة المنافقين. وهذه الفئات ذكرها الله تعالى في أول سورة البقرة فبدأ بالمؤمنين الخلص ثم بالكافرين الخلص ثم بالمنافقين وصار الكلام في المنافقين بعد الكلام في المؤمنين والكافرين لطول الكلام عليهم ، لأن المنافقين - أيها الإخوة - يحتاج الإنسان أن يعرفهم تماما من أجل أن يحذرهم ويخاف منهم. كما قال الله تبارك وتعالى في سورة أنزلها كاملة في المنافقين قال الله تعالى : (( هم العدو فاحذرهم )). وكلمة هم العدو جملة اسمية مركبة من مبتدأ وخبر طرفاها معرفتان ومثل هذا يعد حصرا كأنه قال : لا عدو لكم أيها المؤمنون إلا المنافقون. وصدق الله عز وجل فإن المنافق أعدى من الكافر الخالص. الكافر الخالص الذي يعلن أنه كافر تعرفه ولا تغتر به. ولكن البلاء كل البلاء في من يقول إنه معك وهو ايش ؟ وهو عليك. وهم المنافقون. ولهذا قال الله تبارك وتعالى : (( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله )) هذا الكلام بظاهره إسلام أو كفر ؟ إسلام. يقول نشهد إنك لرسول الله يؤكدون هذا بثلاثة مؤكدات بالشهادة وإيه ؟ وإن واللام. اسمع الرد عليهم. قال الله عز وجل : (( والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون )) سواء بسواء عدل بعدل. يشهد إن المنافقين لكاذبون جملة مؤكدة بثلاث مؤكدات : الشهادة إيش ؟ وإن واللام. ثم ذكر أحوالهم. ومن جملة ذلك قوله : (( إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم )). إذا رأيت المنافق أعجبك جسمه وهيئته وتقول هذا الرجل المخلص المؤمن لأن سيماه سيما المؤمن. فيعجبك بظاهره (( وإن يقولوا تسمع لقولهم )) لأن عندهم بيانا وفصاحة حتى يكاد يقلب الباطل حقا والحق باطلا بما عندهم إيش ؟ من الفصاحة (( إن يقولوا تسمع لقولهم )) لأنه قول فصيح إذا سمعه الإنسان قال هذا المؤمن حقا. لكن (( كأنهم خشب مسندة )). والخشبة المسندة لا خير فيها لأنها هي بنفسها ليست قائمة بنفسها. إنما هي مسندة. لو لا الجدار الذي سندت عليه ما استقامت. ووصفهم بالخشب لأن الخشب صلبة لا يدخلها شيء. ولذلك يقول الناس حتى اليوم فلان خشب فلان خشبة يعني إيه ؟ ما يفقه ولا يفهم يعتمد على غيره (( يحسبون كل صيحة عليهم )) يعني يظنون أن كل صيحة يعني محاربتهم ، لأنهم أذلة خائفون. يخافون أن يُفضحوا. (( هم العدو فاحذرهم قاتلهم أنى يؤفكون )) ولهذا فضحهم الله تعالى في سورة التوبة فضيحة يكاد القارئ يعرفهم بأعيانهم من فضيحتهم. سمى بعض السلف سورة التوبة بسورة الفاضحة الفاضحة لأنها فضحت المنافقين تماما. من ذلك ما سمعناه في قراءة إمامنا لصلاة الفجر هذا اليوم.

الشيخ : (( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تنبئهم بما في قلوبهم )) من أين تنزل؟ - أجب يا رجل - من الله عز وجل العالم بما في القلوب العالم بالخفيات الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. قال الله تعالى : (( قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ )) مهما اختفيتم ومهما أسررتم بما عندكم من الكفر فالله تعالى مخرجه مبينه يفضحكم. (( ولئن سألتهم )) ماذا قالوا ؟ (( ليقولنّ إنما كنا نخوض ونلعب )) أتدرون ماذا قالوا ؟ جاء في الآثار أنهم كانوا يتحدثون فيما بينهم يقولون : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء. ويعنون بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه ( ما رأينا مثل قراءنا هؤلاء أرغب بطونا ) ، يعني أكثر أكلا. ( ولا أكذب ألسنا ) يعني أنهم يكذبون كذبة ( ولا أجبن عند اللقاء ). فوصفوهم بهذه الأمور الثلاثة : كثرة الأكل. والثاني : نعم كذب الألسنة. والثالث : الجبن عند اللقاء. ووالله إن هذه الأوصاف لتنطبق تماما على من ؟ على المنافقين. رمتني بداءها وانسلَّتِ. هذا ينطبق تماما على المنافقين. وكانوا يقولون : (( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا )). ويقولون : (( لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )). ماذا قال الله عن كلامهم الأول؟ (( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا )) حتى هنا للتعليل وليست للغاية. المعنى : لا تنفقوا عليهم من أجل أن ينفضوا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فوالذي نفسي بيده لن ينفض أصحاب الرسول عنه حتى ولو ماتوا دونه كما وقع ذلك. ولهذا لما قال مندوب قريش في صلح الحديبية : أرى حولك أوباشا يوشك أن ينصرفوا عنك قال له أبو بكر رضي الله عنه : ( امصص بظر اللات ). ( امصص بظر اللات ). اللات صنم لقريش وبظرها فرجها. يستهزئ به ويسخر به. أنحن نترك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وهكذا الشجاعة. أنترك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ونحن نرجو الله تعالى أن نقول لمن قال إنكم ستتركون السنة امصص بظر الشيطان. أنحن نترك السنة إن شاء الله نسأل الله أن يثبتنا عليها. طيب. أتى الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقولون هذا الكلام : ( ما رأينا مثل قراءنا هؤلاء ) ايش؟ ( أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند الللقاء ). ويقولون : (( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا )). ويقولون : (( لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )). كل هذا يقولونها لكن يقولونه فيما بينهم. يظنون أن الأمر لن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولم يعلموا أن عالم السر والعلانية رب العالمين يعلم وسينزل فيهم الفضيحة (( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب )) يعني نستهزئ نسخر على وجه الخوض من أجل أن نقطع عنا الطريق. لأن الناس فيما سبق يسافرون على إيه ؟ على الإبل وعلى الأرجل. فيقولون نحن نتحدث هذا الحديث من أجل أن ننسى مشقة الطريق وينقطع عنا الطريق بسرعة. فقال الله عز وجل : (( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )). يعني أتستهزؤون بالله وآياته ورسوله. وهذا الاستفهام للإنكار والتوبيخ. يعني لو استهزأت بأي شيء ما كان لك أن تستهزئ بالله وآياته ورسوله. لا تعتذروا وتقولوا إنّ هذا خوض ولعب وإننا نتحدث حديث الركب لنقطع به عنا الطريق (( قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم )) بأن يمن الله عليهم بالإيمان الحق ويعفو عنهم ما وقع عنهم (( نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين )) .

الشيخ : في هذه الآية من الفوائد : أن الله سبحانه وتعالى يعلم ما يخفي العبد. أي شيء تعمله فالله تعالى يعلم به. الأخ لو عملت شيئا في حجرة مغلقة هل يعلم الله به ؟ يعلم ؟ ما فيه ... ولا فيه حتى ولو كان في الحجرة ؟ بارك الله فيك. اسمع قول الله عز وجل : (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه )) ما في صدرك تفكر فيه يعلمه الله عز وجل. الأخ قم قم اصبر لي يا شيخ يلا. انتظر طيب. فالله تعالى يعلم كل سر وعلانية.

الشيخ : ومن فوائد هذه الآية : شدة خوف المنافقين شدة خوف المنافقين لقوله : (( يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم )). ولقد ضرب الله لهم مثلا في البقرة فقال تعالى : (( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ )). فهم لا يتحملون ويخافون. أشد الناس خوفا من الفضيحة هو المنافق. ولذلك ينافق تجد يظهر أنه مسلم وهو كافر. أنه صادق وهو كاذب. أنه أمين وهو خائن. أنه وفي بالعهد وهو غادر .

الشيخ : من فوائد هذه الآية الكريمة : تهديد هؤلاء المنافقين لقوله : (( قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون )) يعني مهما أخفيتم فسيظهره الله عز وجل. نعوذ بالله من الفضيحة.

الشيخ : ومن فوائدها : أن هؤلاء يدعون أنهم يتكلمون في عرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه على وجه إيش ؟ الخوض واللعب لا على وجه الاعتقاد. ولكنهم والله كاذبون إنما يقولون هذا اعتقادا منهم.

الشيخ : ومنها : أن المنافق يسخر بأهل الدين واسمع قولهم : ( ما رأينا مثل قراءنا هؤلاء ).والقارئ غير الفقيه يا جماعة. القارئ غير الفقيه. ويشبه هذا ما يقوله بعض الناس اليوم في أهل العلم وطلبة العلم هؤلاء المطاوعة مطاوعة يعني إيه؟ تحقيرا لهم. هؤلاء حقّروا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالوا إنهم قراء يعني مجرد قراءة عندهم وليس عندهم عمل وليس عندهم نصيب. وهل هم صادقون بذلك؟ أجيبوا يا جماعة. لا والله ما هم صادقون. هم القراء الفقهاء. واعلم أن القارئ غير الفقيه وأن الفقيه غير القارئ. القارئ هو الذي يحفظ النصوص لكن لا يعرف معناها أو يعرف معناها ولكن لا يطبقها. وما أكثر الذين يعرفون النصوص ولا يطبقونها! وما أكثر الذين يقرؤونها ولا يفقهونها! ولهذا نقول لكم أيها الإخوة : احذروا أن تكونوا من هؤلاء الذين يقرؤون ولا يفقهون. فتجد إنسان قارئا حافظا لأحاديث كثيرة ولكنه ليس بفقيه. كما جاء في الحديث : ( رب مبلغ أوعى من سامع. ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ). وقال ابن مسعود رضي الله عنه : ( كيف بكم إذا كثر قراؤكم وقل فقهاكم! ). وما أكثر هؤلاء اليوم عندهم قراءة لكن ليس عندهم فقه! والعلم يا إخواني يحتاج إلى علم وفهم وعقل وتربية. إنك لو ملأت دماغ الطالب علما ولكن بدون فهم ماذا يستفيد ؟ أجب. لا يستفيد شيئا ولو ملأته علما وفهما دون تربية لم يستفد. ولهذا أقول لإخواني طلاب العلم : عليكم بالتربية تربية الخلق التربية النافعة على مقتضى علومكم. عليكم بأن تضعوا العلم في موضعه. عليكم أن تنظروا ماذا يترتب على العلم قد يترتب على شيء تظنونه هو مصلحة ما ، هو مفسدة عظيمة. - أذهب عنك النوم يا رجل؟ نعم؟ استرح -.

الشيخ : انظروا إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كيف ساس الرعية بالحكمة .كان الطلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر واحدة. الطلاق الثلاث واحدة. يعني الرجل إذا قال لزوجته أنت طالق أنت طالق أنت طالق تحسب وحدة في العهود الثلاثة في عهدين تامين وفي بعض الثالث. في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر إذا قال الإنسان لزوجته أنت طالق أنت طالق أنت طالق فهو واحدة سواء أراد التوكيد أو أراد التأسيس. حتى لو أراد التأسيس وأراد بالطلقة الثانية غير الأولى والثالثة غير الثانية فهي واحدة. لأنه لا معنى لكونك تطلق المطلقة فهي إذا قلت أنت طالق صارت مطلقة. فكيف توقع عليها الطلقة الثانية هي مطلقة. وأيضا إذا طلقتها الثانية فقد طلقتها لغير عدتها. وقد قال الله تعالى : (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن )). ولكن هذه الصيغة أي قول الإنسان لزوجته : أنت طالق أنت طالق أنت طالق محرمة ، حرام على الإنسان أن يقول هكذا حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال رجل قال ذلك : ( أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ). ( أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ). حتى استؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل هذا الرجل. مما يدل على شدة التحريم في قول الإنسان لامرأته أنت طالق أنت طالق أنت طالق. لماذا يا أخي تستعجل شيئا جعل الله لك فيه سعة. كثر الطلاق الثلاث في عهد عمر. وكان من سياسته الحكيمة أن يسلك كل طريق يحصل به ردع الناس فقال رضي الله عنه : ( أرى الناس قد استعجلوا في شيء كانت لهم فيه أناة ) ويش الاستعجال ؟ الإنسان إذا قال لزوجته أنت طالق طلقت وحدة. فإذا قال بعد مدة أنت طالق طلقت الثانية. فإذا قال بعد مدة أنت طالق طلقت الثالثة. فكان له في ذلك سعة لأنه ربما يتندم في الطلقة الأولى ويبقي الزوجة. يقول رضي الله عنه : ( أرى الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ) يعني تُؤدة وسَعَة ( فلو أمضيناه عليهم ). فأمضاه عليهم . وجعل إذا قال الرجل لزوجته أنت طالق أنت طالق أنت طالق لا يمكن أن يردها عليه. منعه من استرجاعها علشان إيه ؟ علشان إيه ؟ لا إله إلا الله. اللهم ارزقني علشان إيه ؟ علشان ما يعودون لهذا لأن الرجل إذا عرف إذا قال لزوجته أنت طالق أنت طالق أنت طالق منع من الرجوع إليها ما عاد يرجع ، ما عاد يطلق ثلاثا. فقلّ الطلاق الثلاث بناء على إيش ؟ بناء على إيش ؟ على أنّ عمر أمضاه.
ولو قال قائل : كيف يمنع عمر صاحب الحق من الأخذ بحقه ؟
قلنا : منعه تربية للناس حتى لا يعودوا لمثل هذا. وفعلا صار ذلك تربية .قلّ الطلاق الثلاث في وقتنا الحاضر مع الأسف الشديد بدأ الناس يتوسعون في هذه المسألة. ويأتي الرجل إلى بيته ويقول للزوجة اه خلص الشاي؟ قالت والله الآن يفوح الماء ما بقي إلا شوي بس أحط عليه الشاي والسكر وأجيبه لك. فيقول : ما خلص؟ قال لا. أنت طالق بالثلاث. أنت طالق أنت طالق بالثلاث بالثلاثين بالألف بالمليون. علشان ايه ؟ علشان الشاي ما بقي إلا شوية ويعطى إياه ، يعني مثل هذا هل يمكن أن يرحم ويقال هذا طلاق الثلاث واحدة ؟ يجب على طلاب العلم أن يلاحظوا هذه المسألة. لو أن الناس لا يقع منهم هذا الطلاق إلا مرة بعد الأخرى لكان الناس يفيتيهم بما يرى أن طلاق الثلاث واحدة. لكن إذا تكاثر الناس وصار الطلاق الثلاث عند أدنى سبب فينبغي أن تتفق الكلمة والفتيا على أن يمنع هذا الرجل من الرجوع. وإذا كان لا بد فليعذبه المفتي. ما يأتي المسألة بأول مرة على وجه سهل يجي وطلقت امرأتي ثلاثا قال الثلاث واحدة. و يروح ما يصير. عذبه عذبه حتى يرى كما يقول العوام حتى يرى نجوم الضحى. تعرفون نجوم الضحى ولا إيه؟ أجيبوا يا جماعة. نجوم الضحى يعني مبالغة في تعذيب الإنسان الضحى لا ترى النجوم فيه. لكن خلهم من شدة التعذيب والحسرة يشاهد نجوم الضحى حتى لا يعود مرة أخرى. على كل حال هذه مسألة تحتاج إلى بحث طويل. أنا قصدي بهذا أنه يجب على طلبة العلم أن يلاحظوا تربية الناس الوجه الذي يرضي الله ورسوله طيب.

الشيخ : وفي هذه الآية الكريمة آية التوبة التي نحن بصدد الكلام عليها فيها دليل على أن المستهزئ بالله أو المستهزئ بآيات الله أو المستهزئ برسول الله - أجيبوا - كافر. وأنه لا يقبل منه الرجوع من المستهزئ.
طيب لو قدرنا أن إنسانا يمزح يمزح استهزئ بالله عز وجل أو بآياته أو برسوله وقال أنا فعلت هذا مزحا لا جدا ماذا نقول له ؟ يكفر ولا ما يكفر ؟ يكفر حتى لو كان يمزح يعني حتى وإن لم يقصد الاستهزاء. ما دام استهزأ فهو كافر سواء كان جادا أم هازلا.

الشيخ : طيب. وإذا قلنا إنه يكفر هل تقبل توبته أو لا تقبل ؟ في هذا للعلماء قولان :
القول الأول : أنها لا تقبل توبته على الأقل لا تقبل ظاهرا بمعنى أننا نقتله ولو قال أشهد بالله أنّ له الكمال المطلق وأن آياته أكمل الآيات وأن رسوله صادق وإنما قلت ذلك على سيبيل الاستهزاء. نقول جب عنقه ولا تبالي اقتله. قال تاب. ولو تاب هذا قول كثير من الفقهاء وهو المشهور من مذهب الإمام رحمه الله عند أصحابه أن الساب لا تقبل توبته يُجَبُّ رأسه وإن كان صادقا في رجوعه وتوبته فحسابه عند الله يوم القيامة لكن في الدنيا لا بد أن نقتله. وهذا القول ينبغي أن يؤخذ به في هذا الزمان لأن زماننا اليوم وُجد كثير من الناس يسخرون بالله وآياته ورسوله يسخرون بذلك تصريحا أو تلميحا ولا يمكن أن يبقى لهؤلاء مقام في الدنيا بل يجب أن يقتلوا. - أيها النائم استيقظ قم -. أقول : إن هذا القول أنها لا تقبل توبة من سب الله ورسوله أو آياته هذا الأخذ بأن من سب الله أو رسوله أو آياته يقتل على كل حال حتى لو أعلن توبته. نقول الحمد لله الآن نزيلك من الدنيا لنسلم منك ويتأدب بك غيرك وحسابك على الله.
وقال بعض العلماء : " إن الساب إذا تاب تاب الله عليه " ، لقول الله تعالى : (( قل لعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا )) ، ولقوله تبارك وتعالى في المنافقين : (( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا )) - أكمل أكمل أكمل إلى الآن فيك نوم؟ انتظر كمل -.
الطالب : (( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ )).
الشيخ : طيب تمام (( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ )) ، ولقوله تعالى في هذه الآية آية التوبة : (( لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )) - أكمل -. (( إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً )) (( إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ )) يعني بالتوبة. يتوبون فأتوب عليهم نعذب طائفة لم تتب. هذا القول من حيث النظر لا شك أنه أصح. وأن المنافق والمستهزئ تقبل توبته ويرفع عنه القتل. لكن إذا رأى ولي الأمر السلطانُ أو القاضي أن يقتل هذا بكل حال قتل. وإذا كان قد صحت توبته رفع الله عنه العذاب في الآخرة ولكن في الدنيا لا بد أن يقتل. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قولا وسطا جيدا قال : " أما من سب الرسول فيقتل ولو تاب لكن تقبل توبته فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع الناس ولكنه يقتل وأما من سب الله تعالى وتاب فإنه لا يقتل وتصح توبته ". أنتم معي؟ أنتم معنا؟ يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " من سب الله عز وجل ثم تاب قبلت توبته ولا يقتل. ومن سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإن توبته تقبل ولكن يجب أن يقتل ". أفهمتم الآن أو لا؟ طيب.
لعل بعضكم شوش وقال : أسَبُّ الرسول أعظم من سب الله ؟
فالجواب : لا ليس أعظم لكن الله عز وجل بحلمه ورحمته أخبر أنه عاف عن حقه إذا تاب العبد إليه. فاتبع الحق. الرسول هل نعلم أنه تاب عن حقه أو لا؟ أي نعم. أنه عفى عن حقه أو لا ؟ لا. الرسول ميت عليه الصلاة والسلام. فنحن نأخذ بالثأر لرسولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونقتل من سبه ونقول توبتك مقبولة نغسلك ونكفنك ونصلي عليك وندفنك مع المسلمين ولهذا جاء في الحديث.
- الطالب : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام.
الطالب : ... مقفلين الشارع ... .
الشيخ : ايش؟
الطالب : ... .
الشيخ : الله يعين المار.
الطالب : ... .
الشيخ : إذا قفلوا الطريق فالله يعين المار.
الطالب : في هناك سماعات ميكروفونات.
الشيخ : طيب. -
نقول لهذا الذي سب الرسول عليه الصلاة والسلام أنت الآن ستقتل على كل حال ولكن إذا تبت رفعنا عنك الحكم بالردة .

الشيخ : ختاما لهذا التعليق أحذر الإنسان من النفاق والنفاق محله إيش ؟ القلب لأن المنافق ظاهر أفعاله الصحة لكن قلبه خبيث منطو على الكفر. أحذر إخواني من النفاق العقدي والعملي ايش قلنا ؟ طيب. تمام حرفا بحرف ، وحركة بحركة. استرح طيب. اسمع يا رجل أحذر إخواني من النفاق العملي والعقدي. العقدي الحمد لله الإنسان عارف نفسه وأنه مؤمن بالله عز وجل. لكن العملي العملي. العملي له أمثلة منها :الكذب. الكذب من النفاق قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ) فمن كذب في حديثه فهو على خصلة من النفاق والعياذ بالله. أنتم معي؟ نعم سواء كان جادا أم هازلا حتى لو كذب ليضحك الناس فإنه داخل في الحديث. وقد جاء فيه الوعيد الخاص : ( ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ). سمعت بعض العوام والعوام هوام والهوام طوام يقول الكذب نوعان. اسمع الفقه يقول الكذب نوعان : أبيض وأسود. أبيض وأسود. قال نعم إن كان الكذب يستلزم ظلم لمن لا يحل ظلمه والظلم حرام بكل حال إن كان يستلزم الظلم فهو حرام. وهذا هو الأسود. وإن لم يستلزم ظلما فهو حلال وهذا هو الأبيض. شفت التقسيم تقسيم رائع لو كان صوابا. لكنّ هذا كذب نقول الكذب كله أسود وإلا لا ؟ فيه شيء بني؟ ما فيه. فيه أبيض ؟ ما فيه. قال سبحان الله أليس الكذب يجوز في الإصلاح بين الناس ؟ قالوا هذا أبيض. هذا أبيض. طيب أليس الكذب يجوز في الحرب إذا لقيت عدوك قال من وراءك من الناس ؟ قال وراءي العدد الكثير والعدد القوية حتى يرهب العدو. أليس جائزا ؟ كذب ولا غير كذب ؟ كذب يا رجل. طيب. أليس الرجل يحدث امرأته بحديث كذب من أجل التأليف. ويقول أنا تاجر أنا عندي أموال كثيرة اللي تبيه مني اطلبيه. ولكن ما تأخذ ولا فتيل. نعم أليس هذا جائزا ؟ طيب. قال إذن هذا كذب أبيض لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الكذب في الحرب والإصلاح بين الناس وأن تحدث المرأة زوجها ويحدثها زوجها. لكنّ هذا ليس يعني هذا الحكم استنادا إلى هذا الحديث غير صحيح. فإن المراد بالكذب في الحديث هو التورية مو بالكذب الصريح. التورية والتورية تسمى كذبا كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام إذا طلب الناس منه الشفاعة يوم القيامة قال إنه كذب في ثلاثة أشياء وهو لم يكذب. لكن ورّى. وقال إن المراد بالكذب في الحديث التورية. الحرب إذا كذب الإنسان في الحرب لا بد يؤول يؤول. فيكون الظاهر للمخاطب خلاف ما في قلبه وما في قلبه موافق للواقع. فيكون إذا ما في قلبه مخالف للظاهر ولكن ما في قلبه موافق لإيش ؟ للواقع. قالوا هذا كذب ، لأن المخاطب يفهم شيء غير اللي في قلبك. والتورية جائزة إذا كان فيها مصلحة.
أيضا الإصلاح بين الناس تذهب إلى رجل بينه وبين شخص آخر عداوة فتقول يا فلان ويش بلاك مع الرجل؟ ويش فيك؟ قال الرجل هذا يقول في ويتكلم في ويقول ويقول. فتقول أبدا ما قال هذا. أنت تعرف إنه قائل. لكن تقول ما قال هذا. فأنت تعلم أنه تكلم فيه وقدح فيه. وتقول ما قال هذا. نعم أقول ما قال هذا لكن أتأول .كيف أتأول ؟ أقول ما قال هذا يعني بحضرتك. يصلح وإلا ما يصلح ؟ الظاهر أنكم ما فهمتم المسألة. ها. هو قال للشخص المصلح قلو هذا يتكلم في ويتكلم في عرضي ويفضحني عند الناس ... يقول هذا أنه صحيح تكلم في عرضه وفضحه. فتقول أبدا ما قال هذا وتنوي ما قال هذا قبل عشرة أيام. وهو قاله قبل يومين يصلح ولا ما يصلح ؟ يصلح ؟ طيب. هذا كذب ولا غير كذب ؟ هو حسب الظاهر الذي يعتقده المخاطب كذب لكن حسب الواقع. لا بالعكس هو حسب الواقع كذب لأنه قد تكلم فيه. حسب ما يظهر للمخاطب أنه صحيح. المخاطب يظن أنه لم يسبه أبدا. وأنت تريد لم يسبه في حال من الأحوال يعني لم يسبه قبل عشرة أيام ولكن سبه قبل يومين. واضح؟ طيب أتى رجل للإمام أحمد رحمه الله أحمد بن حنبل إمام أهل السنة أتى إليه يسأل يقول أين المروذي؟ المروذي من أصحاب الإمام أحمد طالب من الطلبة أين المروذي؟ كان المروذي حاضرا قال ليس المروذي هاهنا. ليس المروذي هاهنا. وما يصنع المروذي ها هنا؟ ليس المروذي هاهنا وما يصنع المروذي ها هنا؟ رجع الرجل. الإمام أحمد يقول هاهنا يعني نعم؟ في يده مو في يده صحيح. لكنه في المجلس هذا يسمى تأويلا. والتأويل أن يريد الإنسان بلفظه ما يخالف ظاهره قالوا هذا الكذب في الإصلاح بين الناس.
حديث المرأة زوجها وحديث الرجل زوجه هذا أيضا المراد التأويل. ولا يصح إلا في حال يكون التأويل فيه أصلح. أرأيتم لو كان الرجل يكذب على زوجته ويقول سأفعل كذا. سأجيب لك الحلي. سأجيب لك الثياب الزينة. نعم سأجيب خادم. سأجيب سيارة جميلة مظللة كل شيء فيها. ولكن يكذب عليها يا رجل تقول يا رجل وعدتني قال نعم. وهو يكذب ما هو جابلها ولا خمار. لكن يكذب عليها عشان يجلبها. ما هي النتيجة إذا عرفت أن الرجل يكذب ؟ أجيبوا يا جماعة. النتيجة سيئة. تبقى هذه المرأة لا تصدقه بشيء. ويكون في قلبها عليه شيء أكثر من قبل. إذا كان كذبا حقا. كذلك المرأة تقول لزوجها أنت طلعت للسوق خرجت للسوق خرجت تتسكعين بالأسواق. قالت أبدا ما خرجت تكذب عليه. يجوز هذا وإلا ما يجوز ؟ ما يجوز. فإذا علم الرجل أنها تخرج ازداد بغضه لها والكذب على المرأة يجوز في التأويل. يجوز أن يؤول. إذا قالت له الزوجة والله أنا أعرف من نفسي ما ني بعندك شيء.