شرح العقيدة الواسطية-02a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
العقيدة الواسطية
تعريف الرسول.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ما هي أول ما هي أول بدعة خرجت في الملة الإسلامية ؟
المؤلف رحمه الله تعالى : " أما بعد : فهذا اعتقاد الفرقة الناجية " إيش ؟ توزيع الكتب إي نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف : " أما بعد " سبق لنا أن محمد عليه الصلاة والسلام عبد ورسول رسول من عند الله أرسله الله تعالى للبشر كافة بل للإنس والجن والرسول عند أهل العلم : من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، وقد نبئ صلى الله عليه وسلم بـاقْرَأْ وأرسل بالمدثر ففي قوله تعالى : (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ )) إلى قوله : (( عَلَّمَ الأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )) كان نبيا بهذه الآيات وفي قوله : (( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ )) كان رسولا انتبه يا ولد معك الكتاب .
المؤلف رحمه الله تعالى : " أما بعد : فهذا اعتقاد الفرقة الناجية " إيش ؟ توزيع الكتب إي نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف : " أما بعد " سبق لنا أن محمد عليه الصلاة والسلام عبد ورسول رسول من عند الله أرسله الله تعالى للبشر كافة بل للإنس والجن والرسول عند أهل العلم : من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، وقد نبئ صلى الله عليه وسلم بـاقْرَأْ وأرسل بالمدثر ففي قوله تعالى : (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ )) إلى قوله : (( عَلَّمَ الأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )) كان نبيا بهذه الآيات وفي قوله : (( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ )) كان رسولا انتبه يا ولد معك الكتاب .
شرح قول المصنف أما بعد " فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة
الشيخ : قال : " أما بعد : فهذا اعتقاد الفرقة الناجية " إلى آخره .
" أما بعد " قالوا : إن أما هذه نائبة عن اسم شرط وفعله وأن التقدير : مهما يكن من شيء قال ابن مالك :
" أما كمهما يك من شيء وفا *** لتلو تلوها وجوباً ألفا "
فقولهم : أما بعد : انتبه للتقدير : مهما يكن من شيء بعد فهذا، وعليه فالفاء هنا رابطة للجواب والجملة بعدها في محل جزم جواب الشرط، ويحتمل عندي أن تكون : " أما بعد : فهذا " يعني أن أما حرف شرط وتفصيل أو حرف شرط فقط مجرد عن التفصيل والتقدير : أما بعد ذكر هذا فأنا أذكر كذا وكذا ولا حاجة أن نقدر فعل شرط ونقول : إن أما وهي حرف نابت مناب الجملة.
وقوله : " فهذا اعتقاد " فهذا : الإشارة لا بد أن تكون إلى شيء معلوم، فكيف يكون هذا معلوما والخطبة خطبة هذه الكتاب في صدر الكتاب ؟
قال بعضهم : يحتمل أن المؤلف كتب هذه الخطبة بعد كتابة الكتاب، وعلى هذا فيكون المشار إليه إيش ؟ معلوما ظاهرا محسوسا .
وقال بعضهم : إن المشار إليه ما في ذهن المؤلف فكأن الذي في ذهنه لقوة استحضاره إياه كأنه قائم محسوس انتبه أنا عندما أقول : هذا فأنا أشير إلى أي شيء ؟ إلى شيء محسوس ظاهر وهنا المؤلف كتب الخطبة قبل الكتاب قبل أن يبرز الكتاب لعالم الشاهد فكيف ذلك ؟
أقول : إن العلماء يقولون : إن كان المؤلف كتب الكتاب ثم كتب المقدمة والخطبة فالمشار إليه إيش ؟ موجود محسوس ولا فيه إشكال .
وإن لم يكن فإن المؤلف يشير إلى ما قام في ذهنه من المعاني التي سيكتبها في هذا الكتاب أعرفتم طيب .
عندي فيه وجه ثالث : وهو أن المؤلف قال هذا باعتبار حال المخاطب والمخاطب لم يخاطب بذلك إلا بعد أن برز الكتاب وصدر الكتاب فكأنه يقول : فهذا الذي بين يديك كذا وكذا.
فهذه إذا كم وجها ؟ ثلاثة أوجه .
" أما بعد : فهذا اعتقاد الفرقة الناجية اعتقاد " اعتقاد من حيث التصريف افتعال من العقد وهو الربط والشد هذا من حيث التصريف اللغوي افتعال منين ؟ من العقد وهو الشد والربط .
وأما في الاصطلاح عندهم : فهو حكم الذهن الجازم هذا الاعتقاد اعتقدت كذا يعني : جزمت به في قلبي فهو حكم الذهن الجازم فإن طابق الواقع فصحيح وإن خالف الواقع ففاسد .
اعتقادنا أن الله إله واحد صحيح، اعتقاد النصارى أن الله ثالث ثلاثة باطل لأنه مخالف للواقع، فإذا الاعتقاد لغة من العقد وهو الشد والربط وأنتم تعرفون العقدة ولا لا في الاصطلاح : حكم الذهن الجازم فإن طابق الواقع فصحيح وإن خالف فباطل واضح، ووجه ارتباطه بالمعنى اللغوي ظاهر لأن هذا الذي حكم في قلبه على شيء ما كأنه عقده عليه وشده عليه بحيث لا ينفلت منه .
وقول المؤلف " الفرقة " بكسر الفاء بمعنى : الطائفة قال الله تعالى : (( فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ )) وأما الفرقة بالضم فهي مأخوذة من الافتراق، الفرقة يعني الطائفة .
" الناجية " : اسم فاعل من نجا إذا سلم ناجية من أي شيء ؟ ناجية في الدنيا من البدع سالمة منها وناجية في الآخرة من النار، ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يا رسول الله قال من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ) .
هذا الحديث يبين لنا معنى الناجية فمن كان على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو ناج منين ؟ ناج من من البدع و( كلها في النار إلا واحدة ) إذا هي ناجية من النار فالنجاة هنا من البدع في الدنيا ومن النار في الآخرة.
" المنصورة إلى قيام الساعة " اللهم اجعلنا منهم المنصورة إلى قيام الساعة المنصورة وعبر المؤلف بذلك موافقة للحديث حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ) والذي ينصرها هو الله وملائكته والمؤمنون ينصر بعضهم بعضا والملائكة تؤيد المؤمن وتثبته قال الله تعالى : (( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ )) فهي منصورة إلى قيام الساعة منصورة من الرب عز وجل ومن الملائكة ومن عباده المؤمنين حتى قد ينصر الإنسان من الجن ينصره الجن ويرهبون عدوه.
وقوله : " إلى قيام الساعة " يعني إلى يوم القيامة فهي منصورة إلى قيام الساعة .
وهنا يرد إشكال وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن الساعة تقوم على شرار الخلق وأنها لا تقوم حتى لا يقال : الله الله يمحى الإسلام فكيف نجمع بين هذا وبين قول المؤلف : إلى قيام الساعة ؟
والجواب : أن يقال : إن المراد إلى قرب قيام الساعة أو إلى قيام الساعة أي ساعتهم وهو موتهم لقوله : ( حتى يأتي أمر الله ) لأن من مات فقد قامت قيامته لكن الأول أقرب فهم منصورون إلى قرب قيام الساعة وإنما لجأنا إلى هذا التأويل لدليل، والتأويل بدليل جائز لأن الكل من عند الله .
" إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة " : أضافهم إلى السنة لأنهم متمسكون بها والجماعة لأنهم مجتمعون عليها.
فإن قلت : كيف يقول : " أهل السنة والجماعة " لأن هم جماعة فكيف يضاف الشيء إلى نفسه ؟
فالجواب يا عبد الله : أن الأصل أن كلمة الجماعة بمعنى الاجتماع فهي اسم مصدر هذا في الأصل ثم نقلت من هذا الأصل إلى القوم المجتمعين وعليه يكون معنى أهل السنة والجماعة أي : أهل السنة والاجتماع سموا أهل السنة لأنهم متمسكون بها وسموا أهل الجماعة لأنهم مجتمعون عليها فهم متصفون بهذا الوصف أهل السنة متمسكون بالسنة ظاهرا وباطنا وجماعة مجتمعون عليها، ولهذا لم تفترق هذه الطائفة وهذه الفرقة كما افترقت أهل البدع نجد أهل البدع كالجهمية متفرقون والمعتزلة متفرقون والروافض متفرقون وغيرهم من أهل التعطيل متفرقون لكن هذه الفرقة مجتمعة على الحق وإن كان يحصل أحيانا بينهم خلاف لكنه خلاف لا يضر وهو خلاف لا يضلل أحدهم الآخر به يعني : أن صدورهم تتسع له وإلاّ فقد اختلفوا في أشياء مما يتعلق بالعقيدة مثل : هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه بعينه أم لم يره ؟ ومثل : هل عذاب القبر على البدن والرواح أو الروح فقط ؟ ومثل بعض الأمور يختلفون فيها، لكنها مسائل تعتبر فرعية بالنسبة للأصول ما هي من الأصول الأصول.
ثم هم مع ذلك إذا اختلفوا لا يضلل بعضهم بعضا بخلاف أهل البدع. إذا فهم إيش ؟ مجتمعون على السنة فهم أهل السنة والجماعة.
وعلم من كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يدخل فيهم من خالفهم في طريقتهم فالأشاعرة مثلا والماتريدية لا يعتبرون من أهل السنة والجماعة في هذا الباب لأنهم مخالفون لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في إجراء صفات الله سبحانه وتعالى ولهذا يخطئ من يقول : إن أهل السنة والجماعة ثلاثة : سلفيون وأشعريون وماتريديون هذا خطأ نقول : كيف يكون الجميع أهل سنة وهم مختلفون ؟ ماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ وكيف يكونون أهل سنة وكل واحد يرد على الآخر ؟ هذا لا يمكن إلا إذا أمكن الجمع بين الضدين فنعم وإلاّ فلا شك أن أحدهم هو صاحب السنة فمن هو ؟ الأشعرية الماتريدية السلفية ؟ نشوف من وافق السنة فهو صاحب السنة ومن خالف السنة فليس صاحب سنة فنحن نقول : السلف هم أهل السنة والجماعة ولا يصدق الوصف على غيرهم أبدا والكلمات تعتبر بمعانيها فلننظر كيف نسمي من خالف السنة أهل سنة ؟ لا يمكن وكيف يمكن أن نقول هؤلاء ثلاث طوائف مختلفة ؟ نقول : هم مجتمعون أين الاجتماع ؟ فأهل السنة والجماعة إذا هم السلف السلف زمنا أو السلف معتقدا ؟ السلف معتقدا حتى المتأخر إلى يوم القيامة إذا كان على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنه سلفي إذا من أهل السنة والجماعة ؟ أنا بجيب وخطئوني أو صوبوني ؟ أهل السنة والجماعة السلفيون والأشعريون والمتريديون ؟ خطأ طيب أهل السنة والجماعة السلفيون ؟ صح السلفيون طيب إذا أهل السنة بعد أهل السنة والجماعة هم الذين على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقط ومن خالفهم فلا .
" أما بعد " قالوا : إن أما هذه نائبة عن اسم شرط وفعله وأن التقدير : مهما يكن من شيء قال ابن مالك :
" أما كمهما يك من شيء وفا *** لتلو تلوها وجوباً ألفا "
فقولهم : أما بعد : انتبه للتقدير : مهما يكن من شيء بعد فهذا، وعليه فالفاء هنا رابطة للجواب والجملة بعدها في محل جزم جواب الشرط، ويحتمل عندي أن تكون : " أما بعد : فهذا " يعني أن أما حرف شرط وتفصيل أو حرف شرط فقط مجرد عن التفصيل والتقدير : أما بعد ذكر هذا فأنا أذكر كذا وكذا ولا حاجة أن نقدر فعل شرط ونقول : إن أما وهي حرف نابت مناب الجملة.
وقوله : " فهذا اعتقاد " فهذا : الإشارة لا بد أن تكون إلى شيء معلوم، فكيف يكون هذا معلوما والخطبة خطبة هذه الكتاب في صدر الكتاب ؟
قال بعضهم : يحتمل أن المؤلف كتب هذه الخطبة بعد كتابة الكتاب، وعلى هذا فيكون المشار إليه إيش ؟ معلوما ظاهرا محسوسا .
وقال بعضهم : إن المشار إليه ما في ذهن المؤلف فكأن الذي في ذهنه لقوة استحضاره إياه كأنه قائم محسوس انتبه أنا عندما أقول : هذا فأنا أشير إلى أي شيء ؟ إلى شيء محسوس ظاهر وهنا المؤلف كتب الخطبة قبل الكتاب قبل أن يبرز الكتاب لعالم الشاهد فكيف ذلك ؟
أقول : إن العلماء يقولون : إن كان المؤلف كتب الكتاب ثم كتب المقدمة والخطبة فالمشار إليه إيش ؟ موجود محسوس ولا فيه إشكال .
وإن لم يكن فإن المؤلف يشير إلى ما قام في ذهنه من المعاني التي سيكتبها في هذا الكتاب أعرفتم طيب .
عندي فيه وجه ثالث : وهو أن المؤلف قال هذا باعتبار حال المخاطب والمخاطب لم يخاطب بذلك إلا بعد أن برز الكتاب وصدر الكتاب فكأنه يقول : فهذا الذي بين يديك كذا وكذا.
فهذه إذا كم وجها ؟ ثلاثة أوجه .
" أما بعد : فهذا اعتقاد الفرقة الناجية اعتقاد " اعتقاد من حيث التصريف افتعال من العقد وهو الربط والشد هذا من حيث التصريف اللغوي افتعال منين ؟ من العقد وهو الشد والربط .
وأما في الاصطلاح عندهم : فهو حكم الذهن الجازم هذا الاعتقاد اعتقدت كذا يعني : جزمت به في قلبي فهو حكم الذهن الجازم فإن طابق الواقع فصحيح وإن خالف الواقع ففاسد .
اعتقادنا أن الله إله واحد صحيح، اعتقاد النصارى أن الله ثالث ثلاثة باطل لأنه مخالف للواقع، فإذا الاعتقاد لغة من العقد وهو الشد والربط وأنتم تعرفون العقدة ولا لا في الاصطلاح : حكم الذهن الجازم فإن طابق الواقع فصحيح وإن خالف فباطل واضح، ووجه ارتباطه بالمعنى اللغوي ظاهر لأن هذا الذي حكم في قلبه على شيء ما كأنه عقده عليه وشده عليه بحيث لا ينفلت منه .
وقول المؤلف " الفرقة " بكسر الفاء بمعنى : الطائفة قال الله تعالى : (( فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ )) وأما الفرقة بالضم فهي مأخوذة من الافتراق، الفرقة يعني الطائفة .
" الناجية " : اسم فاعل من نجا إذا سلم ناجية من أي شيء ؟ ناجية في الدنيا من البدع سالمة منها وناجية في الآخرة من النار، ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يا رسول الله قال من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ) .
هذا الحديث يبين لنا معنى الناجية فمن كان على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو ناج منين ؟ ناج من من البدع و( كلها في النار إلا واحدة ) إذا هي ناجية من النار فالنجاة هنا من البدع في الدنيا ومن النار في الآخرة.
" المنصورة إلى قيام الساعة " اللهم اجعلنا منهم المنصورة إلى قيام الساعة المنصورة وعبر المؤلف بذلك موافقة للحديث حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ) والذي ينصرها هو الله وملائكته والمؤمنون ينصر بعضهم بعضا والملائكة تؤيد المؤمن وتثبته قال الله تعالى : (( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ )) فهي منصورة إلى قيام الساعة منصورة من الرب عز وجل ومن الملائكة ومن عباده المؤمنين حتى قد ينصر الإنسان من الجن ينصره الجن ويرهبون عدوه.
وقوله : " إلى قيام الساعة " يعني إلى يوم القيامة فهي منصورة إلى قيام الساعة .
وهنا يرد إشكال وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن الساعة تقوم على شرار الخلق وأنها لا تقوم حتى لا يقال : الله الله يمحى الإسلام فكيف نجمع بين هذا وبين قول المؤلف : إلى قيام الساعة ؟
والجواب : أن يقال : إن المراد إلى قرب قيام الساعة أو إلى قيام الساعة أي ساعتهم وهو موتهم لقوله : ( حتى يأتي أمر الله ) لأن من مات فقد قامت قيامته لكن الأول أقرب فهم منصورون إلى قرب قيام الساعة وإنما لجأنا إلى هذا التأويل لدليل، والتأويل بدليل جائز لأن الكل من عند الله .
" إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة " : أضافهم إلى السنة لأنهم متمسكون بها والجماعة لأنهم مجتمعون عليها.
فإن قلت : كيف يقول : " أهل السنة والجماعة " لأن هم جماعة فكيف يضاف الشيء إلى نفسه ؟
فالجواب يا عبد الله : أن الأصل أن كلمة الجماعة بمعنى الاجتماع فهي اسم مصدر هذا في الأصل ثم نقلت من هذا الأصل إلى القوم المجتمعين وعليه يكون معنى أهل السنة والجماعة أي : أهل السنة والاجتماع سموا أهل السنة لأنهم متمسكون بها وسموا أهل الجماعة لأنهم مجتمعون عليها فهم متصفون بهذا الوصف أهل السنة متمسكون بالسنة ظاهرا وباطنا وجماعة مجتمعون عليها، ولهذا لم تفترق هذه الطائفة وهذه الفرقة كما افترقت أهل البدع نجد أهل البدع كالجهمية متفرقون والمعتزلة متفرقون والروافض متفرقون وغيرهم من أهل التعطيل متفرقون لكن هذه الفرقة مجتمعة على الحق وإن كان يحصل أحيانا بينهم خلاف لكنه خلاف لا يضر وهو خلاف لا يضلل أحدهم الآخر به يعني : أن صدورهم تتسع له وإلاّ فقد اختلفوا في أشياء مما يتعلق بالعقيدة مثل : هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه بعينه أم لم يره ؟ ومثل : هل عذاب القبر على البدن والرواح أو الروح فقط ؟ ومثل بعض الأمور يختلفون فيها، لكنها مسائل تعتبر فرعية بالنسبة للأصول ما هي من الأصول الأصول.
ثم هم مع ذلك إذا اختلفوا لا يضلل بعضهم بعضا بخلاف أهل البدع. إذا فهم إيش ؟ مجتمعون على السنة فهم أهل السنة والجماعة.
وعلم من كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يدخل فيهم من خالفهم في طريقتهم فالأشاعرة مثلا والماتريدية لا يعتبرون من أهل السنة والجماعة في هذا الباب لأنهم مخالفون لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في إجراء صفات الله سبحانه وتعالى ولهذا يخطئ من يقول : إن أهل السنة والجماعة ثلاثة : سلفيون وأشعريون وماتريديون هذا خطأ نقول : كيف يكون الجميع أهل سنة وهم مختلفون ؟ ماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ وكيف يكونون أهل سنة وكل واحد يرد على الآخر ؟ هذا لا يمكن إلا إذا أمكن الجمع بين الضدين فنعم وإلاّ فلا شك أن أحدهم هو صاحب السنة فمن هو ؟ الأشعرية الماتريدية السلفية ؟ نشوف من وافق السنة فهو صاحب السنة ومن خالف السنة فليس صاحب سنة فنحن نقول : السلف هم أهل السنة والجماعة ولا يصدق الوصف على غيرهم أبدا والكلمات تعتبر بمعانيها فلننظر كيف نسمي من خالف السنة أهل سنة ؟ لا يمكن وكيف يمكن أن نقول هؤلاء ثلاث طوائف مختلفة ؟ نقول : هم مجتمعون أين الاجتماع ؟ فأهل السنة والجماعة إذا هم السلف السلف زمنا أو السلف معتقدا ؟ السلف معتقدا حتى المتأخر إلى يوم القيامة إذا كان على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنه سلفي إذا من أهل السنة والجماعة ؟ أنا بجيب وخطئوني أو صوبوني ؟ أهل السنة والجماعة السلفيون والأشعريون والمتريديون ؟ خطأ طيب أهل السنة والجماعة السلفيون ؟ صح السلفيون طيب إذا أهل السنة بعد أهل السنة والجماعة هم الذين على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقط ومن خالفهم فلا .
2 - شرح قول المصنف أما بعد " فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة أستمع حفظ
شرح قول المصنف "وهو الإيمان بالله
الشيخ : قال : " وهو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره ".
هذه العقيدة أصلها لنا النبي صلى الله عليه وسلم في جواب جبريل خير الملائكة وقال للناس هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم لأن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ما الإسلام ؟ ما الإيمان ؟ ما الإحسان ؟ متى الساعة ؟
في الإيمان قال له : ( أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره ) .
الإيمان بالله الإيمان في اللغة يقول كثير من الناس : إنه في اللغة التصديق فصدقت وآمنت معناهما لغة واحد وقد سبق لنا ونحن نتكلم على إيش ؟ التفسير أو النونية أنه لا يصح أن يقال إن الإيمان في اللغة التصديق بل الإيمان في اللغة إيش ؟ الإقرار بالشيء عن تصديق به بدليل أنك تقول : آمنت بكذا أقررت بكذا صدقت فلانا ولا تقول : آمنت فلانا ولا لأ .
إذا فالإيمان يتضمن معنى زائدا على مجرد التصديق وهو الإقرار والاعتراف المستلزم للقبول للأخبار والإذعان للأحكام هذا الإيمان مجرد أن تؤمن بأن الله موجود ما هو بإيمان حتى يكون هذا الإيمان مستلزما للقبول في الأخبار والإذعان في الأحكام وإلا فليس إيمانا .
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور :
الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى.
والإيمان بربوبيته، أي : الانفراد بالربوبية.
والإيمان بانفراده بالألوهية.
والإيمان بأسمائه وصفاته.
لا يمكن يتحقق الإيمان إلا بذلك فمن لم يؤمن بوجود الله فليس بمؤمن ومن آمن بوجود الله لا بانفراده بالربوبية فليس بمؤمن ومن آمن بالله وانفراده بالربوبية لا بالألوهية فليس بمؤمن ومن آمن بالله وانفراده بالربوبية والألوهية لكن لم يؤمن بأسمائه وصفاته فليس بمؤمن وإن كان الأخير فيه من يسلب عنه الإيمان بالكلية وفيه من يسلب عنه كمال الإيمان.
طيب الإيمان بوجوده إذا قال قائل : ما الدليل على وجود الله عز وجل ؟ ما الدليل على وجود الله ؟
قلنا : الدليل على وجود الله : العقل، والحس، والشرع ثلاثة كلها تدل على وجود الله وإن شئت زد الفطرة فتكون الدلائل على وجود الله أربعة : العقل والحس والفطرة والشرع أخرنا الشرع لا لأنه لا يستحق التقديم لكن لأننا نخاطب من لا يؤمن بالشرع لنفرض أننا نتكلم مع من لا يؤمن بالشرع فنبين له أولا بالعقل نقول له مثلا : وجود هذه الكائنات بنفسها، أو بموجد أو وجدت هكذا صدفة ؟ الآن ما تحتمل أمرا رابعا إما أنها وجدت بنفسها يعني هي التي أوجدت نفسها أو وجدت صدفة يعني بس يعني نبتت نبات أو بموجد أوجدت نفسها مستحيل عقلا أو غير مستحيل ؟ مستحيل كيف أوجدت نفسها مستحيل عقلا فكروا يا أخي افرضوا أنفسكم أمام ملحد مستحيل عقلا كيف ذلك يا عبد الرحمن ؟
الطالب : الذي غير موجود لا يمكن أن يوجد غيره .
الشيخ : صح ما يوجد غيره ولا نفسه ما دامت هي الآن معدومة كيف تكون موجودة وهي معدومة ؟! المعدوم ليس بشيء حتى يوجد إذا لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها طيب وجدت صدفة هكذا يستحيل ولا ما يستحيل ؟ يجيكم عفريت من الروس يقول لكم ما يستحيل ها نقول : يستحيل أنت أيها الروس هدى الله رأسك للإسلام أو قطعه نقول : أنت الآن هذه الطائرات والقذائف والقنابل التي عندكم وعند غيركم هكذا جاءت صدفة ولا لا ؟ يقول : لا ما يمكن إلا بصانع نقول : الشمس والقمر والنجوم والكواكب والجبال والأنهار والأشجار والبحار والحشرات والأوادم وغيرها ويش اللي أوجدها ؟ صدفة ؟ هذا ما هو ممكن ابدا وغير معقول .
ويقال إن طائفة من السُّمنية جاؤوا إلى أبي حنيفة رحمه الله من أهل الهند يناظرونه في إثبات الخالق عز وجل وكان أبو حنيفة من أذكياء العلماء ففكر مليا أو أظنه وعدهم أن يأتوا بعد يوم أو يومين فجاؤوا قالوا : ماذا قلت ؟ قال : والله أنا أفكر في سفينة مملوءة من البضائع والأرزاق جاءت تشق عباب الماء حتى أرست في الميناء ونزلت الحمولة وذهبت وهي ما فيها قائد ولا فيها حمالين .
قالوا : شلون تفكر بهذا ؟! قال : أفكر. قالوا : إذا مالك عقل معقول سفينة تجي بدون قائد وتنزل وتنصرف ؟! ما هو معقول هذا ! قال : طيب كيف لا تعقلون هذا وتعقلون أن هذه السماوات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والناس كلها بدون صانع ؟ كيف تعقلون هذا ؟ فعرفوا أن الرجل خاطبهم بعقولهم .
وقيل لأعرابي بدوي قيل له : بم عرفت ربك ؟ فقال : الأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير ؟ شوف سبحان الله العظيم أعرابي يتكلم بهذا الكلام لأنه عقل هذا كل يعرف ولهذا قال الله عز وجل : (( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ )) فإذا يمتنع أن تكون وجدت صدفة إذا لا بد لها من موجد فمن الموجد ؟ الله، لا واحد قال الموجد جدي جدي هو الذي أوجدها ههه نقول له من أوجد جدك نعم وليس بصحيح أيضا أن جدك أوجدها كذا إذا لا بد لها من موجد ولا أحد يدعي أنه أوجدها إلا أن يقول الذي أوجدها هو الله عز وجل فحينئذ يكون العقل دالاً دلالة قطعية على وجود الله.
طيب بقينا العقل الحس نعم الحس دال على وجود الله من دلالة الحس على وجود الله أن الإنسان يدعو الله عز وجل يقول : يا رب ويدعو بالشيء ثم يستجاب له هذه دلالة حسية هو نفسه لم يدع إلا الله واستجاب الله له يراها ذلك رأي العين وكذلك نحن نسمع عمّن سبق وعمّن في عصرنا أن الله استجاب .
فالأعرابي الذي دخل والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة قال : هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا قال أنس : ( والله، ما في السماء من سحاب ولا قزعة ) يعني ما في سحاب منتشر واسع ولا قزعة يعني قطعة سحاب ( وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ) سلع جبل في المدينة تأتي من جهته السحب بعد دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم فوراً خرجت سحابة مثل الترس وارتفعت في السماء وانتشرت ورعدت وبرقت ونزل المطر فما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم إلا والمطر يتحادر من لحيته عليه الصلاة والسلام شيء مشاهد إذا هذا يدل على وجود الخالق دلالة حسية.
وفي القرآن كثير من هذا : (( وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )) (( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )) وغير ذلك من الآيات.
وأما دلالة الفطرة فإن كثيرا من الناس الذين لم تنحرف فطرهم يؤمنون بوجود الله حتى البهائم العُجم تؤمن بوجود الله وقصة النملة التي رويت عن سليمان عليه الصلاة والسلام " خرج يستسقي فوجد نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها نحو السماء تقول : اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا سقياك فقال : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم ". فالفطر مجبولة على معرفة الله عز وجل وتوحيده، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله : (( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ )) فهذه الآية تدل على أن الإنسان مجبول بفطرته على شهادته بوجود الله وربوبيته سواء قلنا إن الله استخرجهم من ظهر آدم واستنطقهم أو قلنا إن هذا هو ما ركب الله تعالى في فطرهم من الإقرار به فإن الآية تدل على أن الإنسان يعرف ربه بفطرته.
هذه أدلة أربعة على وجود الله سبحانه وتعالى.
والذي له سؤال يسأل الآن .
هذه العقيدة أصلها لنا النبي صلى الله عليه وسلم في جواب جبريل خير الملائكة وقال للناس هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم لأن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ما الإسلام ؟ ما الإيمان ؟ ما الإحسان ؟ متى الساعة ؟
في الإيمان قال له : ( أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره ) .
الإيمان بالله الإيمان في اللغة يقول كثير من الناس : إنه في اللغة التصديق فصدقت وآمنت معناهما لغة واحد وقد سبق لنا ونحن نتكلم على إيش ؟ التفسير أو النونية أنه لا يصح أن يقال إن الإيمان في اللغة التصديق بل الإيمان في اللغة إيش ؟ الإقرار بالشيء عن تصديق به بدليل أنك تقول : آمنت بكذا أقررت بكذا صدقت فلانا ولا تقول : آمنت فلانا ولا لأ .
إذا فالإيمان يتضمن معنى زائدا على مجرد التصديق وهو الإقرار والاعتراف المستلزم للقبول للأخبار والإذعان للأحكام هذا الإيمان مجرد أن تؤمن بأن الله موجود ما هو بإيمان حتى يكون هذا الإيمان مستلزما للقبول في الأخبار والإذعان في الأحكام وإلا فليس إيمانا .
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور :
الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى.
والإيمان بربوبيته، أي : الانفراد بالربوبية.
والإيمان بانفراده بالألوهية.
والإيمان بأسمائه وصفاته.
لا يمكن يتحقق الإيمان إلا بذلك فمن لم يؤمن بوجود الله فليس بمؤمن ومن آمن بوجود الله لا بانفراده بالربوبية فليس بمؤمن ومن آمن بالله وانفراده بالربوبية لا بالألوهية فليس بمؤمن ومن آمن بالله وانفراده بالربوبية والألوهية لكن لم يؤمن بأسمائه وصفاته فليس بمؤمن وإن كان الأخير فيه من يسلب عنه الإيمان بالكلية وفيه من يسلب عنه كمال الإيمان.
طيب الإيمان بوجوده إذا قال قائل : ما الدليل على وجود الله عز وجل ؟ ما الدليل على وجود الله ؟
قلنا : الدليل على وجود الله : العقل، والحس، والشرع ثلاثة كلها تدل على وجود الله وإن شئت زد الفطرة فتكون الدلائل على وجود الله أربعة : العقل والحس والفطرة والشرع أخرنا الشرع لا لأنه لا يستحق التقديم لكن لأننا نخاطب من لا يؤمن بالشرع لنفرض أننا نتكلم مع من لا يؤمن بالشرع فنبين له أولا بالعقل نقول له مثلا : وجود هذه الكائنات بنفسها، أو بموجد أو وجدت هكذا صدفة ؟ الآن ما تحتمل أمرا رابعا إما أنها وجدت بنفسها يعني هي التي أوجدت نفسها أو وجدت صدفة يعني بس يعني نبتت نبات أو بموجد أوجدت نفسها مستحيل عقلا أو غير مستحيل ؟ مستحيل كيف أوجدت نفسها مستحيل عقلا فكروا يا أخي افرضوا أنفسكم أمام ملحد مستحيل عقلا كيف ذلك يا عبد الرحمن ؟
الطالب : الذي غير موجود لا يمكن أن يوجد غيره .
الشيخ : صح ما يوجد غيره ولا نفسه ما دامت هي الآن معدومة كيف تكون موجودة وهي معدومة ؟! المعدوم ليس بشيء حتى يوجد إذا لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها طيب وجدت صدفة هكذا يستحيل ولا ما يستحيل ؟ يجيكم عفريت من الروس يقول لكم ما يستحيل ها نقول : يستحيل أنت أيها الروس هدى الله رأسك للإسلام أو قطعه نقول : أنت الآن هذه الطائرات والقذائف والقنابل التي عندكم وعند غيركم هكذا جاءت صدفة ولا لا ؟ يقول : لا ما يمكن إلا بصانع نقول : الشمس والقمر والنجوم والكواكب والجبال والأنهار والأشجار والبحار والحشرات والأوادم وغيرها ويش اللي أوجدها ؟ صدفة ؟ هذا ما هو ممكن ابدا وغير معقول .
ويقال إن طائفة من السُّمنية جاؤوا إلى أبي حنيفة رحمه الله من أهل الهند يناظرونه في إثبات الخالق عز وجل وكان أبو حنيفة من أذكياء العلماء ففكر مليا أو أظنه وعدهم أن يأتوا بعد يوم أو يومين فجاؤوا قالوا : ماذا قلت ؟ قال : والله أنا أفكر في سفينة مملوءة من البضائع والأرزاق جاءت تشق عباب الماء حتى أرست في الميناء ونزلت الحمولة وذهبت وهي ما فيها قائد ولا فيها حمالين .
قالوا : شلون تفكر بهذا ؟! قال : أفكر. قالوا : إذا مالك عقل معقول سفينة تجي بدون قائد وتنزل وتنصرف ؟! ما هو معقول هذا ! قال : طيب كيف لا تعقلون هذا وتعقلون أن هذه السماوات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والناس كلها بدون صانع ؟ كيف تعقلون هذا ؟ فعرفوا أن الرجل خاطبهم بعقولهم .
وقيل لأعرابي بدوي قيل له : بم عرفت ربك ؟ فقال : الأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير ؟ شوف سبحان الله العظيم أعرابي يتكلم بهذا الكلام لأنه عقل هذا كل يعرف ولهذا قال الله عز وجل : (( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ )) فإذا يمتنع أن تكون وجدت صدفة إذا لا بد لها من موجد فمن الموجد ؟ الله، لا واحد قال الموجد جدي جدي هو الذي أوجدها ههه نقول له من أوجد جدك نعم وليس بصحيح أيضا أن جدك أوجدها كذا إذا لا بد لها من موجد ولا أحد يدعي أنه أوجدها إلا أن يقول الذي أوجدها هو الله عز وجل فحينئذ يكون العقل دالاً دلالة قطعية على وجود الله.
طيب بقينا العقل الحس نعم الحس دال على وجود الله من دلالة الحس على وجود الله أن الإنسان يدعو الله عز وجل يقول : يا رب ويدعو بالشيء ثم يستجاب له هذه دلالة حسية هو نفسه لم يدع إلا الله واستجاب الله له يراها ذلك رأي العين وكذلك نحن نسمع عمّن سبق وعمّن في عصرنا أن الله استجاب .
فالأعرابي الذي دخل والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة قال : هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا قال أنس : ( والله، ما في السماء من سحاب ولا قزعة ) يعني ما في سحاب منتشر واسع ولا قزعة يعني قطعة سحاب ( وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ) سلع جبل في المدينة تأتي من جهته السحب بعد دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم فوراً خرجت سحابة مثل الترس وارتفعت في السماء وانتشرت ورعدت وبرقت ونزل المطر فما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم إلا والمطر يتحادر من لحيته عليه الصلاة والسلام شيء مشاهد إذا هذا يدل على وجود الخالق دلالة حسية.
وفي القرآن كثير من هذا : (( وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )) (( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )) وغير ذلك من الآيات.
وأما دلالة الفطرة فإن كثيرا من الناس الذين لم تنحرف فطرهم يؤمنون بوجود الله حتى البهائم العُجم تؤمن بوجود الله وقصة النملة التي رويت عن سليمان عليه الصلاة والسلام " خرج يستسقي فوجد نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها نحو السماء تقول : اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا سقياك فقال : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم ". فالفطر مجبولة على معرفة الله عز وجل وتوحيده، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله : (( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ )) فهذه الآية تدل على أن الإنسان مجبول بفطرته على شهادته بوجود الله وربوبيته سواء قلنا إن الله استخرجهم من ظهر آدم واستنطقهم أو قلنا إن هذا هو ما ركب الله تعالى في فطرهم من الإقرار به فإن الآية تدل على أن الإنسان يعرف ربه بفطرته.
هذه أدلة أربعة على وجود الله سبحانه وتعالى.
والذي له سؤال يسأل الآن .
شرح قول المصنف "وملائكته وكتبه
الشيخ : نعم " الإيمان بالله وملائكته "
" ملائكته " : الملائكة جمع : ملأك وأصل ملأك مألك لأنه من الألوكة والألوكة في اللغة العربية الرسالة قال الله تعالى : ((جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً ))
فالملائكة نقول في تعريفهم شرعا : هم عالم غيبي خلقهم الله عز وجل من نور وجعلهم طائعين له متذللين له ولكل منهم وظائف خصه الله بها ونعلم من وظائفهم :
أولاً : جبريل موكل بالوحي ينزل به من الله تعالى إلى الرسل أو الأنبياء.
ثانيا : إسرافيل موكل بنفخ الصور وهو أيضا أحد حملة العرش.
ثالثا : ميكائيل موكل بالقطر والنبات.
وهؤلاء الثلاثة كلهم موكلون بما فيه حياة الإنسان ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل بربوبية الله لهم في دعاء الاستفتاح في صلاة الليل، فيقول : ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عباد فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) كان يستفتح بها صلوات الله وسلامه عليه في صلاة الليل .
كذلك نعلم أن منهم من وكل بقبض أرواح بني آدم، أو بقبض روح كل ذي روح وهم : ملك الموت وأعوانه ولا يسمى عزرائيل لأنه لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن اسمه هذا طيب ملك الموت وأعوانه موكلون بقبض الأرواح قال الله تعالى : (( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُون )) وقال تعالى : (( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ )) وقال تعالى : (( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا )) ولا منافاة بين هذه الآيات الثلاث فإن الملائكة تقبض الروح إذ أن ملك الموت إذا أخرجها من البدن وإذا عنده ملائكة نزلوا إن كان الرجل من أهل الجنة اللهم اجعلنا منهم فهو يكون معهم حنوط من الجنة وكفن من الجنة، يأخذون هذه الروح الطيبة ويجعلونها في هذا الكفن ويصعدون بها إلى الله عز وجل حتى تقف بين يدي الله ثم يقول : اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فترجع الروح إلى الجسد من أجل الاختبار من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ إن كان الميت غير مؤمن والعياذ بالله فإنه ينزل ملائكة معهم كفن من النار وحنوط من النار يأخذون الروح والعياذ بالله ويجعلونها في هذا الكفن ثم يصعدون بها إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم ترجع إلى الأرض وتلا قوله تعالى : (( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ )) ثم يقول الله : اكتبوا كتاب عبدي في سجين نسأل الله العافية .
هؤلاء موكلون بقبض الروح ممن ؟ من ملك الموت إذا قبضها وملك الموت هو الذي يباشر قبضها فلا منافاة إذن والذي يأمر بذلك هو الله، فيكون في الحقيقة هو المتوفّي.
طيب فيه أيضا ملائكة سياحون في الأرض يلتمسون حلق الذِكر إذا وجدوا حلقة الذكر والعلم جلسوا .
وكذلك فيه ملائكة يكتبون أعمال الإنسان : (( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ )) (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )) .
دخل أحد أصحاب الإمام أحمد عليه وهو مريض رحمه الله فوجده يئن من المرض فقال له : " يا أبا عبد الله تئن وقد قال طاووس طاووس من التابعين وقد قال طاووس : إن الملك يكتب حتى أنين المريض " لأن الله يقول : (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )) فجعل أبو عبد الله يتصبر الإمام أحمد وترك الأنين لأن كل شيء يكتب كل شيء تقوله يكتب (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ )) من : هذه زائدة لتوكيد العموم أي قول تقوله يكتب لكن عاد قد تجازى عليه بخير أو بشر هذا حسب القول الذي قيل.
فيه أيضا ملائكة يتعاقبون على بني آدم في الليل والنهار (( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ )) .
فيه ملائكة ركع وسجد لله في السماوات قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أطت السماء وحق لها أن تئط ) تعرفون الأطيط والأطيط : صرير الرحل اشتر البعير إذا كان على البعير حمل ثقيل تسمع له صرير من ثقل الحمل فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( أطت السماء وحق لها أن تَئِط ما من موضع أربع أصابع منها، إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد ) الله أكبر ويش سعة السماء وفيها الملائكة العظيمة .
ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام في البيت المعمور الذي مر به في ليلة المعراج قال : ( إن هذا البيت المعمور يطوف به أو قال : يدخله سبعون ألف ملك كل يوم، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم ) فاهمين المعنى كل يوم يجي سبعون ألف ملك غير الجوا بالأمس ولا يعودون له أبدا يأتي ملائكة آخرون غير من سبق وهذا يدل على كثرة الملائكة ولهذا قال الله تعالى : (( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ )) .
ومنهم ملائكة موكلون بالجنة وموكلون بالنار فخازن النار اسمه مالك يقول أهل النار : (( يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ )) ويش معنى ليقض علينا ربك ؟ يعني ليهلكنا ويمتنا يدعون الله أن الله يموتهم لأنهم في عذاب والعياذ بالله ما يصبر عليه يقولون : (( ليقض علينا ربك )) فيقول : (( إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ )) ثم يقال لهم : (( لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ))
المهم أنه يجب علينا أن نؤمن بالملائكة.
كيف نؤمن بالملائكة يا إخوان ؟ نؤمن بأنهم عالم غيبي يشاهدون ولا لا ؟ لا لكن قد يشاهدون إنما الأصل أنهم عالم غيبي مخلوقون من نور مكلفون بما كلفهم الله به من العبادات وهم خاضعون لله عز وجل أتم الخضوع (( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) .
كذلك نؤمن بأسماء من علمنا بأسمائهم ونؤمن بوظائف من علمنا بوظائفهم يجب علينا أن نؤمن بذلك .
فإن قال قائل : أنا لم أرهم فنقول : أخبرك عنهم من خلقهم وهو الله عز وجل أعرفتم طيب فإذا أخبرك عنهم من خلقهم وهو الله وجب عليك أن تؤمن بهم .
طيب هل هم أجساد أو أرواح ؟ هم أجساد بدليل : (( جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ )) ورأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح قد سد الأفق فإذا هم أجساد خلافاً لمن قال : إنهم أرواح.
طيب إذا قال قائل : هل لهم عقول ؟ نقول له هل لك عقل ولا لا ؟ نعم ما يسأل عن هذا إلا رجل مجنون ولهذا بعض الكتاب العصريين قال : إن الملائكة إنها أرواح بلا أجساد وأنه لا عقول لها أعوذ بالله (( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) ويقول بلا عقل ويثني عليهم هذا الثناء (( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ )) نقول : هؤلاء ليس لهم عقول ؟! يأتمرون بأمر الله ويفعلون ما أمر الله به ويبلغون الوحي ونقول : ما لهم عقول ؟! أحق من يوصف بعدم العقل من ؟ من قال : إنه لا عقل لهم أحق من يوصف بعدم العقل طيب هؤلاء الملائكة إذا قال قائل : كيف أومن بهم وأنا لم أرهم قلنا : أخبرك عنهم من خلقهم وأنت تؤمن به فيجب علينا أن ؤنمن بهم، كما أنه أحيانا يشاهدون فقد جاء جبريل مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم على صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر قال الصحابة : ( لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منه أحد فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وسأل الرسول عليه الصلاة والسلام ) ويش صاروا موجودين ولا لا ؟ موجودين هكذا ثبت وأحيانا بعض المحتضرين يشاهدون الملائكة اللي يأخذون الروح كما حدثنا بذلك كثير من الناس أنهم يشاهدون الملائكة التي حضرت لقبض أرواحهم نعم وهذا كثير وعلى هذا فنقول : إن وجود الملائكة أمر ... والميزان (( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ )) وهذا يدل على أن كل رسول معه كتاب وهذا يدل على أن كل رسول معه كتاب لكن نحن لا نعرف كل الكتب ماذا نعرف منها ؟ نشوف : صحف إبراهيم وموسى، التوراة، الإنجيل، الزبور، القرآن، ستة لأن صحف إبراهيم بعضهم يقول : هي التوراة وبعضهم يقول : غيرها، فإن كانت التوراة فهي خمسة وإن كانت غيرها فهي ستة مع ذلك نحن نؤمن بكل كتاب أنزله الله على الرسل وإن لم نعلم به نؤمن به إجمالا.
" ملائكته " : الملائكة جمع : ملأك وأصل ملأك مألك لأنه من الألوكة والألوكة في اللغة العربية الرسالة قال الله تعالى : ((جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً ))
فالملائكة نقول في تعريفهم شرعا : هم عالم غيبي خلقهم الله عز وجل من نور وجعلهم طائعين له متذللين له ولكل منهم وظائف خصه الله بها ونعلم من وظائفهم :
أولاً : جبريل موكل بالوحي ينزل به من الله تعالى إلى الرسل أو الأنبياء.
ثانيا : إسرافيل موكل بنفخ الصور وهو أيضا أحد حملة العرش.
ثالثا : ميكائيل موكل بالقطر والنبات.
وهؤلاء الثلاثة كلهم موكلون بما فيه حياة الإنسان ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل بربوبية الله لهم في دعاء الاستفتاح في صلاة الليل، فيقول : ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عباد فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) كان يستفتح بها صلوات الله وسلامه عليه في صلاة الليل .
كذلك نعلم أن منهم من وكل بقبض أرواح بني آدم، أو بقبض روح كل ذي روح وهم : ملك الموت وأعوانه ولا يسمى عزرائيل لأنه لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن اسمه هذا طيب ملك الموت وأعوانه موكلون بقبض الأرواح قال الله تعالى : (( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُون )) وقال تعالى : (( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ )) وقال تعالى : (( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا )) ولا منافاة بين هذه الآيات الثلاث فإن الملائكة تقبض الروح إذ أن ملك الموت إذا أخرجها من البدن وإذا عنده ملائكة نزلوا إن كان الرجل من أهل الجنة اللهم اجعلنا منهم فهو يكون معهم حنوط من الجنة وكفن من الجنة، يأخذون هذه الروح الطيبة ويجعلونها في هذا الكفن ويصعدون بها إلى الله عز وجل حتى تقف بين يدي الله ثم يقول : اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فترجع الروح إلى الجسد من أجل الاختبار من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ إن كان الميت غير مؤمن والعياذ بالله فإنه ينزل ملائكة معهم كفن من النار وحنوط من النار يأخذون الروح والعياذ بالله ويجعلونها في هذا الكفن ثم يصعدون بها إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم ترجع إلى الأرض وتلا قوله تعالى : (( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ )) ثم يقول الله : اكتبوا كتاب عبدي في سجين نسأل الله العافية .
هؤلاء موكلون بقبض الروح ممن ؟ من ملك الموت إذا قبضها وملك الموت هو الذي يباشر قبضها فلا منافاة إذن والذي يأمر بذلك هو الله، فيكون في الحقيقة هو المتوفّي.
طيب فيه أيضا ملائكة سياحون في الأرض يلتمسون حلق الذِكر إذا وجدوا حلقة الذكر والعلم جلسوا .
وكذلك فيه ملائكة يكتبون أعمال الإنسان : (( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ )) (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )) .
دخل أحد أصحاب الإمام أحمد عليه وهو مريض رحمه الله فوجده يئن من المرض فقال له : " يا أبا عبد الله تئن وقد قال طاووس طاووس من التابعين وقد قال طاووس : إن الملك يكتب حتى أنين المريض " لأن الله يقول : (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )) فجعل أبو عبد الله يتصبر الإمام أحمد وترك الأنين لأن كل شيء يكتب كل شيء تقوله يكتب (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ )) من : هذه زائدة لتوكيد العموم أي قول تقوله يكتب لكن عاد قد تجازى عليه بخير أو بشر هذا حسب القول الذي قيل.
فيه أيضا ملائكة يتعاقبون على بني آدم في الليل والنهار (( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ )) .
فيه ملائكة ركع وسجد لله في السماوات قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أطت السماء وحق لها أن تئط ) تعرفون الأطيط والأطيط : صرير الرحل اشتر البعير إذا كان على البعير حمل ثقيل تسمع له صرير من ثقل الحمل فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( أطت السماء وحق لها أن تَئِط ما من موضع أربع أصابع منها، إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد ) الله أكبر ويش سعة السماء وفيها الملائكة العظيمة .
ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام في البيت المعمور الذي مر به في ليلة المعراج قال : ( إن هذا البيت المعمور يطوف به أو قال : يدخله سبعون ألف ملك كل يوم، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم ) فاهمين المعنى كل يوم يجي سبعون ألف ملك غير الجوا بالأمس ولا يعودون له أبدا يأتي ملائكة آخرون غير من سبق وهذا يدل على كثرة الملائكة ولهذا قال الله تعالى : (( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ )) .
ومنهم ملائكة موكلون بالجنة وموكلون بالنار فخازن النار اسمه مالك يقول أهل النار : (( يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ )) ويش معنى ليقض علينا ربك ؟ يعني ليهلكنا ويمتنا يدعون الله أن الله يموتهم لأنهم في عذاب والعياذ بالله ما يصبر عليه يقولون : (( ليقض علينا ربك )) فيقول : (( إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ )) ثم يقال لهم : (( لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ))
المهم أنه يجب علينا أن نؤمن بالملائكة.
كيف نؤمن بالملائكة يا إخوان ؟ نؤمن بأنهم عالم غيبي يشاهدون ولا لا ؟ لا لكن قد يشاهدون إنما الأصل أنهم عالم غيبي مخلوقون من نور مكلفون بما كلفهم الله به من العبادات وهم خاضعون لله عز وجل أتم الخضوع (( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) .
كذلك نؤمن بأسماء من علمنا بأسمائهم ونؤمن بوظائف من علمنا بوظائفهم يجب علينا أن نؤمن بذلك .
فإن قال قائل : أنا لم أرهم فنقول : أخبرك عنهم من خلقهم وهو الله عز وجل أعرفتم طيب فإذا أخبرك عنهم من خلقهم وهو الله وجب عليك أن تؤمن بهم .
طيب هل هم أجساد أو أرواح ؟ هم أجساد بدليل : (( جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ )) ورأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح قد سد الأفق فإذا هم أجساد خلافاً لمن قال : إنهم أرواح.
طيب إذا قال قائل : هل لهم عقول ؟ نقول له هل لك عقل ولا لا ؟ نعم ما يسأل عن هذا إلا رجل مجنون ولهذا بعض الكتاب العصريين قال : إن الملائكة إنها أرواح بلا أجساد وأنه لا عقول لها أعوذ بالله (( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) ويقول بلا عقل ويثني عليهم هذا الثناء (( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ )) نقول : هؤلاء ليس لهم عقول ؟! يأتمرون بأمر الله ويفعلون ما أمر الله به ويبلغون الوحي ونقول : ما لهم عقول ؟! أحق من يوصف بعدم العقل من ؟ من قال : إنه لا عقل لهم أحق من يوصف بعدم العقل طيب هؤلاء الملائكة إذا قال قائل : كيف أومن بهم وأنا لم أرهم قلنا : أخبرك عنهم من خلقهم وأنت تؤمن به فيجب علينا أن ؤنمن بهم، كما أنه أحيانا يشاهدون فقد جاء جبريل مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم على صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر قال الصحابة : ( لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منه أحد فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وسأل الرسول عليه الصلاة والسلام ) ويش صاروا موجودين ولا لا ؟ موجودين هكذا ثبت وأحيانا بعض المحتضرين يشاهدون الملائكة اللي يأخذون الروح كما حدثنا بذلك كثير من الناس أنهم يشاهدون الملائكة التي حضرت لقبض أرواحهم نعم وهذا كثير وعلى هذا فنقول : إن وجود الملائكة أمر ... والميزان (( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ )) وهذا يدل على أن كل رسول معه كتاب وهذا يدل على أن كل رسول معه كتاب لكن نحن لا نعرف كل الكتب ماذا نعرف منها ؟ نشوف : صحف إبراهيم وموسى، التوراة، الإنجيل، الزبور، القرآن، ستة لأن صحف إبراهيم بعضهم يقول : هي التوراة وبعضهم يقول : غيرها، فإن كانت التوراة فهي خمسة وإن كانت غيرها فهي ستة مع ذلك نحن نؤمن بكل كتاب أنزله الله على الرسل وإن لم نعلم به نؤمن به إجمالا.
شرح قول المصنف "ورسله
الشيخ : " ورسله " وهم الذين أوحى الله إليهم بالشرائع وأمرهم بتبليغها وأولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم.
الدليل يا محمد على أن أولهم نوح من القرآن ومن السنة ؟ عبد الرحمن ؟
الطالب : (( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )) .
الشيخ : ويش وجه الدلالة من الآية ؟
الطالب : بدأ بشرع لكم بما وصى به نوحا أول واحد .
الشيخ : ما هو بظاهر .
الطالب : قوله تعالى : (( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ )) .
الشيخ : نعم (( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ )) يعني : وحيا كإيحائنا إلى نوح والنبيين من بعده وهو وحي الرسالة طيب فيه آية ثانية ؟
الطالب : قصص الأنبياء .
الدليل يا محمد على أن أولهم نوح من القرآن ومن السنة ؟ عبد الرحمن ؟
الطالب : (( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )) .
الشيخ : ويش وجه الدلالة من الآية ؟
الطالب : بدأ بشرع لكم بما وصى به نوحا أول واحد .
الشيخ : ما هو بظاهر .
الطالب : قوله تعالى : (( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ )) .
الشيخ : نعم (( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ )) يعني : وحيا كإيحائنا إلى نوح والنبيين من بعده وهو وحي الرسالة طيب فيه آية ثانية ؟
الطالب : قصص الأنبياء .
اضيفت في - 2007-02-04