شرح العقيدة الواسطية-10a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
العقيدة الواسطية
الجواب على منكري صفة المحبة.
الشيخ : الطريق الثاني، أما المعنويات فواضح كم من حكم واحد يكون دالا عليه عدة أدلة وجوب الطهارة للصلاة مثلا فيه دليل واحد ولا أدلة ؟ أدلة متعددة.
فإذا إذا قلتم إن العقل لا يدل على إثبات المحبة بين الخالق والمخلوق فإن السمع دل عليه بأجلى دليل وأوضح .
ثانيا : المنع ويش المنع ؟ أن نمنع دعواكم أن العقل لا يدل عليها ونقول بل العقل دل على إثبات المحبة بين الخالق والمخلوق كما أشرنا إليه آنفا .
وأما قولكم : إن المحبة لا تكون إلا بين متجانسين فيكفي أن نقول : لا قبول لا قبول لأن المنع كاف في رد الحجة إذ أن الأصل عدم الثبوت فنقول دعواكم أنها لا تكون إلا بين متجانسين ممنوع بل تكون بين غير المتجانسين فالإنسان عنده ساعة قديمة مضبوطة ما أتعبته بالصيانة ما هو كل يوم يروح للدكان للمصلح يقول صلح يقول والله هذه حبيبتي حليلها زينة ما عمرها فسدت هو يحبها ولا لا ؟ تجيه ساعة كل يوم تبيله ريال تصليح يبغضها ولا لا ؟ يبغضها وأحيانا يكسره ما يبيها .
أيضا نجد أن البهائم تحب وتحَب ولا لا ؟ هذا رجل عنده ناقة رموح ترمحه يعني تضربه برجلها حتى يسقط نعم وإذا قادها تعصت عليه وإذا ركبها أتعبته يحرفها يمين تروح يسار وعنده ناقة أخرى ذلول إذا راته حنت وطأطأت برأسها نعم وأرخت كل مفاصلها كأنها تقول اركب بس لا تتكلم وإذا ركب وصوت لها أن تقوم قامت بكل سهولة وراحت للي يبي أي أحب إليه ؟ الثانية ويحبه وتحبها تألفه وهذا شيء مجرب ومشاهد فتبين أن هذه الدعوى ممنوعة باطلة وبهذا نقول الحمد لله نحن نشهد الله أننا نثبت المحبة بين الله وبين عباده ونسأل الله أن يجعلنا من أحبابه نعم .
فإذا إذا قلتم إن العقل لا يدل على إثبات المحبة بين الخالق والمخلوق فإن السمع دل عليه بأجلى دليل وأوضح .
ثانيا : المنع ويش المنع ؟ أن نمنع دعواكم أن العقل لا يدل عليها ونقول بل العقل دل على إثبات المحبة بين الخالق والمخلوق كما أشرنا إليه آنفا .
وأما قولكم : إن المحبة لا تكون إلا بين متجانسين فيكفي أن نقول : لا قبول لا قبول لأن المنع كاف في رد الحجة إذ أن الأصل عدم الثبوت فنقول دعواكم أنها لا تكون إلا بين متجانسين ممنوع بل تكون بين غير المتجانسين فالإنسان عنده ساعة قديمة مضبوطة ما أتعبته بالصيانة ما هو كل يوم يروح للدكان للمصلح يقول صلح يقول والله هذه حبيبتي حليلها زينة ما عمرها فسدت هو يحبها ولا لا ؟ تجيه ساعة كل يوم تبيله ريال تصليح يبغضها ولا لا ؟ يبغضها وأحيانا يكسره ما يبيها .
أيضا نجد أن البهائم تحب وتحَب ولا لا ؟ هذا رجل عنده ناقة رموح ترمحه يعني تضربه برجلها حتى يسقط نعم وإذا قادها تعصت عليه وإذا ركبها أتعبته يحرفها يمين تروح يسار وعنده ناقة أخرى ذلول إذا راته حنت وطأطأت برأسها نعم وأرخت كل مفاصلها كأنها تقول اركب بس لا تتكلم وإذا ركب وصوت لها أن تقوم قامت بكل سهولة وراحت للي يبي أي أحب إليه ؟ الثانية ويحبه وتحبها تألفه وهذا شيء مجرب ومشاهد فتبين أن هذه الدعوى ممنوعة باطلة وبهذا نقول الحمد لله نحن نشهد الله أننا نثبت المحبة بين الله وبين عباده ونسأل الله أن يجعلنا من أحبابه نعم .
شرح قول المصنف :وقوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) - ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما )
الشيخ : طيب ننتقل الآن إلى صفة الرحمة يقول المؤلف : (( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم )) هذه آية أتى بها المؤلف ليثبت بها حكما ما هي مقدمة لما بعدها أو مقدمة لما بعدها ؟ آية مستقلة يستدل بها على إثبات الرحمة لله عز وجل وقد سبق لنا شرح هذه الآية مرارا وتكرارا فلا حاجة إلى إعادته .
يقول : (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) هذا يقوله الملائكة (( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ )) الله أكبر ما أعظم الإيمان الملائكة حول العرش يحملون العرش يدعون الله لك الملائكة تدعو الله لك يقولون هذا (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) الملائكة يدعون لك .
قال : (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً )) فكل شيء وصله علم الله وهو واصل لكل شيء فإن رحمته وصلت إليك لأن الله قرن بينهما في هذا الحكم (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) وهذه هي الرحمة العامة التي تشمل جميع المخلوقات حتى الكفار ؟ نعم لأن قلنا الرحمة هذه مع العلم فكل ما بلغه علم الله وعلم الله بالغ لكل شيء فقد بلغته رحمته فكما يعلم الكافر يرحم الكافر أيضا، لكن رحمته للكافر رحمة جسدية فقط بدنية دنيوية قاصرة غاية القصور بالنسبة لرحمة المؤمن فالذي يرزق الكافر هو الله الذي يرزقه بالطعام والشراب واللباس والمسكن والمنكح وغير ذلك هو الله هذه رحمة، أما المؤمنون فرحمتهم رحمة أخص من هذا وأعظم لأنها رحمة إيمانية قلبية، ولهذا تجد المؤمن أحسن حالا من الكافر حتى في أمور الدنيا لأن الله يقول : (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ )) إيش ؟ (( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )) الحياة الطيبة هذه مفقودة بالنسبة للكفار حياتهم كحياة البهائم إذا شبع روّث إذا لم يشبع انسفط بطنه وقام يولول هؤلاء كذلك الكفار إن شبعوا بطروا وإلا قاموا يولولون ولا يستفيدون من دنياهم لكن المؤمن إن أصابته ضراء صبر واحتسب الأجر على الله عز وجل وإن أصابته سراء شكر فهو في خير في هذا وفي هذا وقلبه منشرح مطمئن ماشي مع القضاء والقدر لا جزع عند البلاء ولا بطر عند النعماء بل هو متوازن مستقيم معتدل، فهذه فرق بين الرحمة هذه وهذه حتى في الدنيا يفرقون، لكن مع الأسف الشديد يا أخوة أن منا أناسا الأن يريدون أن يلحقوا بركب الكفار في الدنيا يريدون أن يلحقوا بهم حتى جعلوا الدنيا هي همهم إن أعطوا رضوا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون هؤلاء مهما بلغوا في الرفاهية الدنيوية فهم في جحيم ما ذاقوا لذة الدنيا أبدا إنما ذاقها من آمن بالله وعمل صالحا ولهذا قال بعض السلف : " والله لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف " أعطوني إياه يقتلوننا بالسيوف يأخذونه منا لأنه حال بينهم وبين هذا النعيم ما هم عليه من الفسوق والعصيان والركون إلى الدنيا وأنها أكبر همهم ومبلغ علمهم فتنة .
طيب الرحمن الرحيم قال : (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) ويش إعراب (( رَحْمَةً )) ؟ تمييز محول عن الفاعل وكذلك (( وَعِلْماً )) لأن الأصل ربنا وسعت رحمتك وعلمك كل شيء فهو محول عن الفاعل طيب .
يقول : (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) هذا يقوله الملائكة (( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ )) الله أكبر ما أعظم الإيمان الملائكة حول العرش يحملون العرش يدعون الله لك الملائكة تدعو الله لك يقولون هذا (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) الملائكة يدعون لك .
قال : (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً )) فكل شيء وصله علم الله وهو واصل لكل شيء فإن رحمته وصلت إليك لأن الله قرن بينهما في هذا الحكم (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) وهذه هي الرحمة العامة التي تشمل جميع المخلوقات حتى الكفار ؟ نعم لأن قلنا الرحمة هذه مع العلم فكل ما بلغه علم الله وعلم الله بالغ لكل شيء فقد بلغته رحمته فكما يعلم الكافر يرحم الكافر أيضا، لكن رحمته للكافر رحمة جسدية فقط بدنية دنيوية قاصرة غاية القصور بالنسبة لرحمة المؤمن فالذي يرزق الكافر هو الله الذي يرزقه بالطعام والشراب واللباس والمسكن والمنكح وغير ذلك هو الله هذه رحمة، أما المؤمنون فرحمتهم رحمة أخص من هذا وأعظم لأنها رحمة إيمانية قلبية، ولهذا تجد المؤمن أحسن حالا من الكافر حتى في أمور الدنيا لأن الله يقول : (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ )) إيش ؟ (( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )) الحياة الطيبة هذه مفقودة بالنسبة للكفار حياتهم كحياة البهائم إذا شبع روّث إذا لم يشبع انسفط بطنه وقام يولول هؤلاء كذلك الكفار إن شبعوا بطروا وإلا قاموا يولولون ولا يستفيدون من دنياهم لكن المؤمن إن أصابته ضراء صبر واحتسب الأجر على الله عز وجل وإن أصابته سراء شكر فهو في خير في هذا وفي هذا وقلبه منشرح مطمئن ماشي مع القضاء والقدر لا جزع عند البلاء ولا بطر عند النعماء بل هو متوازن مستقيم معتدل، فهذه فرق بين الرحمة هذه وهذه حتى في الدنيا يفرقون، لكن مع الأسف الشديد يا أخوة أن منا أناسا الأن يريدون أن يلحقوا بركب الكفار في الدنيا يريدون أن يلحقوا بهم حتى جعلوا الدنيا هي همهم إن أعطوا رضوا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون هؤلاء مهما بلغوا في الرفاهية الدنيوية فهم في جحيم ما ذاقوا لذة الدنيا أبدا إنما ذاقها من آمن بالله وعمل صالحا ولهذا قال بعض السلف : " والله لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف " أعطوني إياه يقتلوننا بالسيوف يأخذونه منا لأنه حال بينهم وبين هذا النعيم ما هم عليه من الفسوق والعصيان والركون إلى الدنيا وأنها أكبر همهم ومبلغ علمهم فتنة .
طيب الرحمن الرحيم قال : (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) ويش إعراب (( رَحْمَةً )) ؟ تمييز محول عن الفاعل وكذلك (( وَعِلْماً )) لأن الأصل ربنا وسعت رحمتك وعلمك كل شيء فهو محول عن الفاعل طيب .
شرح قول المصنف :وقوله ( وكان بالمؤمنين رحيما ) -
الشيخ : قال : (( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً )) .
(( كان بِالْمُؤْمِنِينَ )) وبالمؤمنين متعلق برحيم وتقديم المعمول يدل على الحصر إذا كان بالمؤمنين لا غيرهم رحيما، ولكن كيف نجمع بين هذه الآية والتي قبلها (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) وهنا يقول (( وكان بِالْمُؤْمِنِينَ )) كيف نجمع يا عبد الله بينهما ؟ لا عبد الله لأن الظاهر أنه سارح مصفر ... ولا إيش ولا صنعة ولا حديدة يلا أنت ... الله لا مو هذه الآية أنت مهوجس ولا لا صحيح أبد أجل سامحني جزاك الله خيرا نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : يعني نقول الرحمة التي هنا غير الرحمة التي هناك هذه رحمة خاصة متصلة برحمة الآخرة لا ينالها الكفار هذا هو الجمع بينهما وإلا فكل مرحوم لكن فرق بين الرحمة الخاصة والرحمة العامة طيب .
(( كان بِالْمُؤْمِنِينَ )) وبالمؤمنين متعلق برحيم وتقديم المعمول يدل على الحصر إذا كان بالمؤمنين لا غيرهم رحيما، ولكن كيف نجمع بين هذه الآية والتي قبلها (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) وهنا يقول (( وكان بِالْمُؤْمِنِينَ )) كيف نجمع يا عبد الله بينهما ؟ لا عبد الله لأن الظاهر أنه سارح مصفر ... ولا إيش ولا صنعة ولا حديدة يلا أنت ... الله لا مو هذه الآية أنت مهوجس ولا لا صحيح أبد أجل سامحني جزاك الله خيرا نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : يعني نقول الرحمة التي هنا غير الرحمة التي هناك هذه رحمة خاصة متصلة برحمة الآخرة لا ينالها الكفار هذا هو الجمع بينهما وإلا فكل مرحوم لكن فرق بين الرحمة الخاصة والرحمة العامة طيب .
شرح قول المصنف :وقوله(ورحمتي وسعت كل شيء ) - ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) - ( وهو الغفور الرحيم ) -
الشيخ : يقول عز وجل : (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )) هذا من الله اللي في الآية التي سبقت كلام من ؟ الملائكة أما هذا فهو كلام الله عز وجل يقول جل وعلا ممتدحا مثنيا على نفسه (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )) نعم فأثنى على نفسه عز وجل بأن رحمته وسعت يعني شملت كل شيء من أهل السماء ومن أهل الأرض ونقول فيها ما قلنا في الآية السابقة طيب .
وقال : (( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )) الله أكبر كتب بمعنى أوجب على نفسه الرحمة مو نحن اللي نوجب على الله، الله عز وجل لكرمه وفضله وجوده أوجب على نفسه الرحمة وجعل رحمته سبقت غضبه (( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ )) لكن حلمه ورحمته أوجبت أن يبقى الخلق إلى أجل مسمى يقول عز وجل (( كتب )) بمعنى أوجب على نفسه الرحمة اقرأ ما بعدها (( أنه )) هذه من رحمته (( أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) .
(( أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً )) سوءا نكرة في سياق الشرط فتعم كل سوء حتى الشرك (( بِجَهَالَةٍ )) يعني بسفه مو بجهل عدم علم بسفه عدم حكمة لأن كل من عصى الله فقد عصاه بجهالة وسفه وعدم حكمة (( ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) يغفر له ولا لا ؟ يغفر له ما ختم الآية بهذا إلا سينال المغفرة والرحمة هذا من رحمته عز وجل التي كتبها على نفسه وإلا لكان مقتضى العدل أن يؤاخذه على ذنبه ويجزيه على عمله الصالح انتبه يعني لو كانت المسألة بالعدل هذا رجل أذنب خمسين يوما ثم تاب وأصلح خمسين يوما العدل إيش ؟ نعذبه عن خمسين يوم ونجازيه بالثواب عن خمسين يوم لكن الله عز وجل كتب على نفسه الرحمة كل الخمسين يوم اللي راحت من السوء تمحى تزول لا زد على ذلك (( فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ )) السيئات الماضية تكون حسنات لأن كل حسنة عنها توبة وكل توبة فيها أجر .
إذا ظهر بهذا أثر قوله تعالى : (( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )) .
طيب وقوله : ((وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) : هو أي الله الغفور الرحيم جمع عز وجل بين هذين الاسمين لأن بالمغفرة سقوط الذنوب وبالرحمة حصول المطلوب والإنسان مفتقر إلى هذا وهذا مفتقر إلى نجاة ينجو بها من آثامه ومفتقر إلى سعادة يسعد بها برحمة الله عز وجل .
(( الْغَفُورُ )) صيغة مبالغة مأخوذ من الغَفر وهو الستر مع الوقاية أو الستر فقط ؟ الستر مع الوقاية أقول لكم لماذا ؟ لأنه مأخوذ يا عليان من المِغفر المِغفر شيء يوضع على الرأس في القتال يقي من السهام هذا المغفر حصل به فائدتان هما : ستر الرأس والوقاية.
إذا (( الْغَفُورُ )) يعني الذي يستر ذنوب عباده ويقيهم آثامها بالعفو عنها ويدل على هذا ما ثبت في الصحيح ( أن الله عز وجل يخلو يوم القيامة بعبده، ويقرره بذنوبه، يقول عملت كذا، وعملت كذا وعملت كذا حتى يقر فيقول الله عز وجل له قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم ) .
أما الرحيم ذو الرحمة الواسعة كما سبق .
وقال : (( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )) الله أكبر كتب بمعنى أوجب على نفسه الرحمة مو نحن اللي نوجب على الله، الله عز وجل لكرمه وفضله وجوده أوجب على نفسه الرحمة وجعل رحمته سبقت غضبه (( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ )) لكن حلمه ورحمته أوجبت أن يبقى الخلق إلى أجل مسمى يقول عز وجل (( كتب )) بمعنى أوجب على نفسه الرحمة اقرأ ما بعدها (( أنه )) هذه من رحمته (( أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) .
(( أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً )) سوءا نكرة في سياق الشرط فتعم كل سوء حتى الشرك (( بِجَهَالَةٍ )) يعني بسفه مو بجهل عدم علم بسفه عدم حكمة لأن كل من عصى الله فقد عصاه بجهالة وسفه وعدم حكمة (( ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) يغفر له ولا لا ؟ يغفر له ما ختم الآية بهذا إلا سينال المغفرة والرحمة هذا من رحمته عز وجل التي كتبها على نفسه وإلا لكان مقتضى العدل أن يؤاخذه على ذنبه ويجزيه على عمله الصالح انتبه يعني لو كانت المسألة بالعدل هذا رجل أذنب خمسين يوما ثم تاب وأصلح خمسين يوما العدل إيش ؟ نعذبه عن خمسين يوم ونجازيه بالثواب عن خمسين يوم لكن الله عز وجل كتب على نفسه الرحمة كل الخمسين يوم اللي راحت من السوء تمحى تزول لا زد على ذلك (( فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ )) السيئات الماضية تكون حسنات لأن كل حسنة عنها توبة وكل توبة فيها أجر .
إذا ظهر بهذا أثر قوله تعالى : (( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )) .
طيب وقوله : ((وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) : هو أي الله الغفور الرحيم جمع عز وجل بين هذين الاسمين لأن بالمغفرة سقوط الذنوب وبالرحمة حصول المطلوب والإنسان مفتقر إلى هذا وهذا مفتقر إلى نجاة ينجو بها من آثامه ومفتقر إلى سعادة يسعد بها برحمة الله عز وجل .
(( الْغَفُورُ )) صيغة مبالغة مأخوذ من الغَفر وهو الستر مع الوقاية أو الستر فقط ؟ الستر مع الوقاية أقول لكم لماذا ؟ لأنه مأخوذ يا عليان من المِغفر المِغفر شيء يوضع على الرأس في القتال يقي من السهام هذا المغفر حصل به فائدتان هما : ستر الرأس والوقاية.
إذا (( الْغَفُورُ )) يعني الذي يستر ذنوب عباده ويقيهم آثامها بالعفو عنها ويدل على هذا ما ثبت في الصحيح ( أن الله عز وجل يخلو يوم القيامة بعبده، ويقرره بذنوبه، يقول عملت كذا، وعملت كذا وعملت كذا حتى يقر فيقول الله عز وجل له قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم ) .
أما الرحيم ذو الرحمة الواسعة كما سبق .
4 - شرح قول المصنف :وقوله(ورحمتي وسعت كل شيء ) - ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) - ( وهو الغفور الرحيم ) - أستمع حفظ
شرح قول المصنف :وقوله ( فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين )
الشيخ : قال : (( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )) سبحانه وتعالى قالها من ؟ يعقوب حين أرسل مع أبنائه أخا يوسف الشقيق لأن يوسف عليه الصلاة والسلام قال ما يمكن أعطيكم كيل إذا رجعتم إلا إذا أتيتم بأخيكم فبلغوا والدهم هذه الرسالة ومن أجل الحاجة أرسله معهم وقال لهم عند وداعه (( هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاّ كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ )) ولكن ماذا أقول ؟ (( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )) يعني لن تحفظوه ولكن الله هو الذي يحفظه (( خَيْرٌ حَافِظاً )) (( حَافِظاً )) قال العلماء إنها تمييز كقول العرب: لله دره فارسا وقيل إنها حال من فاعل خير فـ(( اللَّهُ خَيْرٌ )) حال كونه حافظا .
(( وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )) الشاهد من الآية هنا قوله (( وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )) حيث أثبت الله عز وجل الرحمة بل بيّن أنه أرحم الراحمين لو جمعت رحمة الخلق كلهم بل رحمات الخلق كلهم لكانت رحمة الله أشد وأعظم، أرحم ما يكون من الخلق بالخلق رحمة الأم ولدها فإن رحمة الأم ولدها لا يساويها شيء أبدا حتى الأب لا يرحم أولاده مثل أمهم .
جاءت امرأة في السبي تطلب ولدها تبحث عنه فلما رأته أخذته بشفقة وضمته إلى صدرها أمام الناس وأمام الرسول عليه الصلاة والسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أتُرَون أن هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قالوا : لا والله يا رسول الله ما تلقي ولدها في النار قال : لله بعباده أرحم من هذه الوالدة بولدها ) الله أكبر إذا الله عز وجل هو أرحم الراحمين كل الراحمين إذا جمعت رحماتهم كلها فليست بشيء ويدلك على هذا أن الله عز وجل خلق مئة رحمة وضع منها رحمة واحدة يتراحم بها الخلائق في الدنيا رحمة واحدة كل الخلائق تتراحم البهائم والعقلاء كلها تتراحم ولهذا تجد البعير الجموح الرموح ترفع رجلها عن ولدها مخافة أن تصيبه يأتي إليها يرضع ترفع رجلها حتى يستأنس ويرضع بسهولة وبمهلة بل إني أحدثكم أنني رأيت أنا بعينبي الذر تعرفون الذر كان فيه نخلة سقيناها الماء وكان حولها بيوت للذر تسرب الماء للبيوت من أسفل فرأيت بعيني كل ذرة معها ولدها تحمله تذهب به بعيدا عن الرطوبة ماسكته أبيض ماسكتو بفمها كلها تركض عن هذا الماء بأولادها ما نسيت ولدها في هذه الحال أتشرد عمري وأخليه أبدا تحمله سبحان الله العظيم وهي ذرة ما تساوي شيئا فكيف عاد بما هو أعظم من ذلك تجد السباع الشرسة تجدها تحن على ولدها وإذا جاءها أحد في جحرها مع أولادها تبيع نفسها عليه لو معها البندق وهو صياد أبدا تفتن عليه حتى ترده عن أولادها الله عز وجل يقول (( وهو أرحم الراحمين )) وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان الأدلة العقلية على ثبوت الرحمة وآثارها .
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
في الدرس الماضي ساق المؤلف رحمه الله شيئا من الآيات الدالة على إثبات الرحمة لله عز وجل وشرحنا منها ما تيسر وهي أدلة سمعية على إثبات الرحمة لله عز وجل وعليه فيجب علينا أن نعتقد بأن لله رحمة يرحم بها من شاء من عباده وجوبا لأن الله أخبر بها عن نفسه فوجب علينا قبولها هل هناك أدلة عقلية أيضا ؟ نقول نعم فيه أدلة عقلية تثبت الرحمة لله عز وجل ما نرى من الخيرات الكثيرة التي تجري بأمر الله عز وجل، وما نرى من النقم الكثيرة التي تندفع كله دال على إثبات الرحمة عقلا، فالناس في جدب وفي قحط الأرض مجدبة والسماء قاحطة لا مطر ولا نبات فينزل الله المطر وتنبت الأرض وتشبع الأنعام ويسقي الناس هذا دليل على أي شيء ؟ على رحمة الله حتى العامي الذي ما درس لو سألته وقلت هذا من أي أثر أثر إيش ؟ قال هذا من آثار رحمة الله هذا من رحمة الله ولا يشك أحد في هذا فرحمة الله عز وجل ثابتة بالدليل السمعي والدليل العقلي .
طيب هذان بحثان إثباتها بالدليل السمعي أولا الإيمان بأن لله رحمة والثاني إثباتها بالدليل السمعي والعقلي .
المبحث الثالث : أنكر الأشاعرة وغيرهم من أهل التعطيل أن يكون الله تعالى متصفا بالرحمة أنكروا ذلك لماذ ؟ قالوا : لأن العقل لم يدل عليها .
ثانيا : لأن الرحمة رقة وضعف وتطامن للمرحوم وهذا لا يليق بالله عز وجل لأن الله أعظم من أن يرحم يعني أن يرحم بالمعنى الذي هو الرحمة ولا يمكن أن يكون لله رحمة إذا هذه الآيات التي يثبت الله له بها الرحمة ؟ قال نعم المراد بالرحمة إرادة الإحسان أو الإحسان نفسه يعني إما النعم أو إرادة النعم وليس هو رحمة أو من آثار رحمته الذي هو وصف الله فتأمل الآن كيف سلبوا هذه الصفة العظيمة التي كل مؤمن يرجوها ويؤملها كل إنسان لو سألته ماذا تريد ؟ قال أنا أريد رحمة الله (( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )) هم أنكروا هذا والعياذ بالله وقالوا ما يمكن أن يوصف الله بالرحمة ونحن نرد عليهم قولهم فنقول : بالمنع والتسليم كما قلنا من قبل بالمنع والتسليم :
التسليم أن نقول : هب أن العقل لا يدل عليها ولكن السمع دل عليها فثبتت بدليل آخر والقاعدة عند جميع العقلاء : " أن انتفاء الدليل المعين يعني الخاص لايمنع وجود المدلول أو لا يستلزم انتفاء المدلول " يعني هب أن هذا لم يثبت بالعقل لكن ثبت بالسمع وكم من أشياء مدلولات لا مو بالسمع ثبتت بأدلة كثيرة .
أما المنع فنقول : إن قولكم إن العقل لا يدل على الرحمة قول باطل بل العقل يدل على الرحمة هذه النعم المشهودة والمسموعة وهذه النقم المدفوعة ما سببها ؟ ها سببها الرحمة بلا شك لو كان الله لا يرحم العباد ما أعطاهم النعم ولا دفع عنهم النقم وهذا أمر مشهود يشهد به الخاص والعام والعامي في دكانه أو متجره أو سوقه يعرف أن هذه النعم من آثار الرحمة .
والعجيب أن هؤلاء القوم أثبتوا صفة الإرادة عن طريق التخصيص قالوا : الإرادة ثابتة لله تعالى بالسمع والعقل بالسمع : واضح (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) بالعقل قال : لأن التخصيص يدل على الإرادة ويش معنى التخصيص ؟ يعني تخصيص المخلوقات بما هي عليه يدل على الإرادة كون هذه السماء سماء وهذه الأرض أرض وهذه النجوم وهذه الشمس هذه مختلفة ولا متفقة ؟ مختلفة، بسبب إيش ؟ بسبب الإرادة أراد الله أن تكون السماء سماء فكانت وأن تكون الأرض أرضا فكانت والنجم نجما فكان وهكذا، قالوا فالتخصيص تخصيص المخلوقات يدل على الإرادة لأنه لولا الإرادة لكان الكل شيئا واحدا ما يخصص بعضهم عن بعض .
نقول لهم يا سبحان الله العظيم هذا الدليل بالنسبة لدلالة النعم على الرحمة أيهما أقوى وأظهر ؟ دلالة النعم على ثبوت الرحمة أقوى بكثير وأجلى وأظهر لأن دلالة النعم على الرحمة يستوي في علمها العام والخاص وهذه لا يعرفها إلا الخاص من طلبة العلم فكيف تنكرون ما هو أجلى وتثبتون ما هو أخفى ؟ وهل هذا إلا تناقض ؟
طيب بالنسبة للأمر المسلكي الذي يؤخذ من هذه الآيات هو أن الإنسان ما دام يعرف أن الله تعالى رحيم فسوف يتعلق برحمة الله ويكون منتظرا لها فيحمله هذا الإعتقاد على فعل كل سبب يوصل إلى الرحمة منها : الإحسان ولا لا ؟ ومنها التقوى فالإحسان قال الله فيه : (( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )) والتقوى قال : (( فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ )) إلى آخره ومنها الإيمان فإنه من أسباب رحمة الله كما قال تعالى : (( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً )) وكلما كان الإيمان أقوى كانت الرحمة إلى صاحبه أقرب .
(( وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )) الشاهد من الآية هنا قوله (( وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )) حيث أثبت الله عز وجل الرحمة بل بيّن أنه أرحم الراحمين لو جمعت رحمة الخلق كلهم بل رحمات الخلق كلهم لكانت رحمة الله أشد وأعظم، أرحم ما يكون من الخلق بالخلق رحمة الأم ولدها فإن رحمة الأم ولدها لا يساويها شيء أبدا حتى الأب لا يرحم أولاده مثل أمهم .
جاءت امرأة في السبي تطلب ولدها تبحث عنه فلما رأته أخذته بشفقة وضمته إلى صدرها أمام الناس وأمام الرسول عليه الصلاة والسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أتُرَون أن هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قالوا : لا والله يا رسول الله ما تلقي ولدها في النار قال : لله بعباده أرحم من هذه الوالدة بولدها ) الله أكبر إذا الله عز وجل هو أرحم الراحمين كل الراحمين إذا جمعت رحماتهم كلها فليست بشيء ويدلك على هذا أن الله عز وجل خلق مئة رحمة وضع منها رحمة واحدة يتراحم بها الخلائق في الدنيا رحمة واحدة كل الخلائق تتراحم البهائم والعقلاء كلها تتراحم ولهذا تجد البعير الجموح الرموح ترفع رجلها عن ولدها مخافة أن تصيبه يأتي إليها يرضع ترفع رجلها حتى يستأنس ويرضع بسهولة وبمهلة بل إني أحدثكم أنني رأيت أنا بعينبي الذر تعرفون الذر كان فيه نخلة سقيناها الماء وكان حولها بيوت للذر تسرب الماء للبيوت من أسفل فرأيت بعيني كل ذرة معها ولدها تحمله تذهب به بعيدا عن الرطوبة ماسكته أبيض ماسكتو بفمها كلها تركض عن هذا الماء بأولادها ما نسيت ولدها في هذه الحال أتشرد عمري وأخليه أبدا تحمله سبحان الله العظيم وهي ذرة ما تساوي شيئا فكيف عاد بما هو أعظم من ذلك تجد السباع الشرسة تجدها تحن على ولدها وإذا جاءها أحد في جحرها مع أولادها تبيع نفسها عليه لو معها البندق وهو صياد أبدا تفتن عليه حتى ترده عن أولادها الله عز وجل يقول (( وهو أرحم الراحمين )) وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان الأدلة العقلية على ثبوت الرحمة وآثارها .
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
في الدرس الماضي ساق المؤلف رحمه الله شيئا من الآيات الدالة على إثبات الرحمة لله عز وجل وشرحنا منها ما تيسر وهي أدلة سمعية على إثبات الرحمة لله عز وجل وعليه فيجب علينا أن نعتقد بأن لله رحمة يرحم بها من شاء من عباده وجوبا لأن الله أخبر بها عن نفسه فوجب علينا قبولها هل هناك أدلة عقلية أيضا ؟ نقول نعم فيه أدلة عقلية تثبت الرحمة لله عز وجل ما نرى من الخيرات الكثيرة التي تجري بأمر الله عز وجل، وما نرى من النقم الكثيرة التي تندفع كله دال على إثبات الرحمة عقلا، فالناس في جدب وفي قحط الأرض مجدبة والسماء قاحطة لا مطر ولا نبات فينزل الله المطر وتنبت الأرض وتشبع الأنعام ويسقي الناس هذا دليل على أي شيء ؟ على رحمة الله حتى العامي الذي ما درس لو سألته وقلت هذا من أي أثر أثر إيش ؟ قال هذا من آثار رحمة الله هذا من رحمة الله ولا يشك أحد في هذا فرحمة الله عز وجل ثابتة بالدليل السمعي والدليل العقلي .
طيب هذان بحثان إثباتها بالدليل السمعي أولا الإيمان بأن لله رحمة والثاني إثباتها بالدليل السمعي والعقلي .
المبحث الثالث : أنكر الأشاعرة وغيرهم من أهل التعطيل أن يكون الله تعالى متصفا بالرحمة أنكروا ذلك لماذ ؟ قالوا : لأن العقل لم يدل عليها .
ثانيا : لأن الرحمة رقة وضعف وتطامن للمرحوم وهذا لا يليق بالله عز وجل لأن الله أعظم من أن يرحم يعني أن يرحم بالمعنى الذي هو الرحمة ولا يمكن أن يكون لله رحمة إذا هذه الآيات التي يثبت الله له بها الرحمة ؟ قال نعم المراد بالرحمة إرادة الإحسان أو الإحسان نفسه يعني إما النعم أو إرادة النعم وليس هو رحمة أو من آثار رحمته الذي هو وصف الله فتأمل الآن كيف سلبوا هذه الصفة العظيمة التي كل مؤمن يرجوها ويؤملها كل إنسان لو سألته ماذا تريد ؟ قال أنا أريد رحمة الله (( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )) هم أنكروا هذا والعياذ بالله وقالوا ما يمكن أن يوصف الله بالرحمة ونحن نرد عليهم قولهم فنقول : بالمنع والتسليم كما قلنا من قبل بالمنع والتسليم :
التسليم أن نقول : هب أن العقل لا يدل عليها ولكن السمع دل عليها فثبتت بدليل آخر والقاعدة عند جميع العقلاء : " أن انتفاء الدليل المعين يعني الخاص لايمنع وجود المدلول أو لا يستلزم انتفاء المدلول " يعني هب أن هذا لم يثبت بالعقل لكن ثبت بالسمع وكم من أشياء مدلولات لا مو بالسمع ثبتت بأدلة كثيرة .
أما المنع فنقول : إن قولكم إن العقل لا يدل على الرحمة قول باطل بل العقل يدل على الرحمة هذه النعم المشهودة والمسموعة وهذه النقم المدفوعة ما سببها ؟ ها سببها الرحمة بلا شك لو كان الله لا يرحم العباد ما أعطاهم النعم ولا دفع عنهم النقم وهذا أمر مشهود يشهد به الخاص والعام والعامي في دكانه أو متجره أو سوقه يعرف أن هذه النعم من آثار الرحمة .
والعجيب أن هؤلاء القوم أثبتوا صفة الإرادة عن طريق التخصيص قالوا : الإرادة ثابتة لله تعالى بالسمع والعقل بالسمع : واضح (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) بالعقل قال : لأن التخصيص يدل على الإرادة ويش معنى التخصيص ؟ يعني تخصيص المخلوقات بما هي عليه يدل على الإرادة كون هذه السماء سماء وهذه الأرض أرض وهذه النجوم وهذه الشمس هذه مختلفة ولا متفقة ؟ مختلفة، بسبب إيش ؟ بسبب الإرادة أراد الله أن تكون السماء سماء فكانت وأن تكون الأرض أرضا فكانت والنجم نجما فكان وهكذا، قالوا فالتخصيص تخصيص المخلوقات يدل على الإرادة لأنه لولا الإرادة لكان الكل شيئا واحدا ما يخصص بعضهم عن بعض .
نقول لهم يا سبحان الله العظيم هذا الدليل بالنسبة لدلالة النعم على الرحمة أيهما أقوى وأظهر ؟ دلالة النعم على ثبوت الرحمة أقوى بكثير وأجلى وأظهر لأن دلالة النعم على الرحمة يستوي في علمها العام والخاص وهذه لا يعرفها إلا الخاص من طلبة العلم فكيف تنكرون ما هو أجلى وتثبتون ما هو أخفى ؟ وهل هذا إلا تناقض ؟
طيب بالنسبة للأمر المسلكي الذي يؤخذ من هذه الآيات هو أن الإنسان ما دام يعرف أن الله تعالى رحيم فسوف يتعلق برحمة الله ويكون منتظرا لها فيحمله هذا الإعتقاد على فعل كل سبب يوصل إلى الرحمة منها : الإحسان ولا لا ؟ ومنها التقوى فالإحسان قال الله فيه : (( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )) والتقوى قال : (( فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ )) إلى آخره ومنها الإيمان فإنه من أسباب رحمة الله كما قال تعالى : (( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً )) وكلما كان الإيمان أقوى كانت الرحمة إلى صاحبه أقرب .
شرح قول المصنف :وقوله : ( رضي الله عنهم ورضوا عنه )
الشيخ : ثم قال المؤلف رحمه الله قال : (( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) هذه آيات الرضى فالله سبحانه وتعالى موصوف بالرضى وهو يرضى عن العمل ويرضى عن العامل، يعني رضى الله عز وجل متعلق بالعمل وبالعامل : أما بالعمل فمثل قوله تعالى : (( وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ )) أي يرض الشكر لكم وكما في قوله تعالى : (( وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً ))، وكما في الحديث الصحيح : ( إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويكره لكم ثلاثاً ) هذا الرضى متعلق بماذا ؟ بالعمل، ويتعلق الرضى أيضا بالعامل مثل هذه الآية التي ساقها المؤلف (( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ))
طيب رضى الله عنهم صفة ثابتة لله عز وجل وهي في نفسه وليست شيئا منفصلا عنه كما يدعيه أهل التعطيل فهي شيء في نفسه تبارك وتعالى .
ولو قال لك قائل : فسر لي الرضى لم تتمكن من تفسيره لأن الرضى صفة في الإنسان غريزية والغرائز لا يمكن لاحد أن يفسرها بأجلى وأوضح من لفظها كما قلنا فسر المحبة ما تقدر، لا تقدر فنقول الرضى صفة في الله عز وجل صفة في الله تتعلق بالعمل وتتعلق بالعامل وهي صفة حقيقية متعلقة بمشيئته فهي من الصفات الفعلية يرضى عن المؤمنين وعن المتقين وعن المطيعين وعن الشاكرين، ولا يرضى عن القوم الكافرين ولا يرضى عن القوم الفاسقين ولا يرضى عن المنافقين فهو سبحانه وتعالى يرضى عن أناس ولا يرضى عن أناس، ويرضى أعمالا ويكره أعمالا.
طيب هل للرضى دليل سمعي ؟ نعم الدليل (( رضي الله عنهم )) وعن العمل (( وإن تشكروا يرضه لكم )) .
هل له دليل عقلي ؟ نعم له دليل عقلي كونه عز وجل يثيب الطائعين ويجزيهم على أعمالهم وطاعاتهم يدل على الرضى ولا على الكراهة ؟ يدل على الرضى وعلى هذا فيكون الدليلان السمعي والعقلي كلاهما دلا على ثبوت الرضى لله عز وجل فإن قلت استدلالك بالمثوبة على رضى الله عز وجل قد تنازع فيه لأن الله سبحانه وتعالى قد يعطي الفاسق من النعم أكثر مما يعطي الشاكر ولا لا ؟ طيب هذا إيراد قوي ولكن الجواب عنه أن يقال : إعطاؤه الفاسق المقيم على معصيته استدراج كما قال تعالى : (( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ )) وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه، لم يفلته وتلا قوله تعالى (( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )) )، وقال تعالى : (( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) .
أما إذا جاءت المثوبة والإنسان مقيم على طاعة الله فإننا نعرف أن ذلك صادر عن رضى الله عنه لقوله تعالى : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ )) فدل هذا على أنه إذا فتحت البركات من السماء والأرض مع استقامة العبد على طاعة الله كان ذلك دليلا على رضا الله عز وجل طيب (( ورضوا عنه )) رضوا عن الله بماذا رضوا عنه ؟ رضوا عنه بعدة أمور :
رضوا عنه بما شرع لهم من الأحكام التكليفية فلم يكرهوا شرائع الله ولم يستثقلوها ولم يتباطؤوا بها بل كانوا يسارعون إليها ويرون أنها من نعمة الله عليهم.
رضوا بأحكام الله القدرية فالإنسان ليس في سراء دائما بل يوم يسر ويوم يساء فهم راضون بالأحكام القدرية كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( عجبا لأمر المؤمن إن امره كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ) فهم راضون بأحكام الله الكونية كما هم راضون بأحكامه الشرعية .
ثالثا : راضون عن الله بأحكامه الجزائية لأن أحكام الله الجزائية بالنسبة لهؤلاء دائرة بين الفضل والعدل وأيها أغلب ؟ الفضل بالنسبة للمؤمن حتى إنه يقرر المؤمن يا فهد بذنوبه حتى إذا أقره بها قال : ( قد سترتها عليك في الدنيا وانا أغفرها لك اليوم ) فهم راضون عن الله سبحانه وتعالى بأحكامه الشرعية والثاني الكونية والثالث الجزائية ليس في قلوبهم أي كراهة لما وقع من الله عز وجل بل هم راضون به أتم الرضا .
طيب ماذا يقول أهل التعطيل في هذه الصفة ؟
يقولون : لا نثبت أن الله يرضى نعم يرضى عنه لكنه لا يرضى لماذا ؟ قال لأن الرضى من الصفات العارضة الحادثة ولا يمكن أن تقوم بالله لأن الحوادث لا تقوم إلا بحادث والله عز وجل أول ليس قبله شيء كيف تقوم بالله الحوادث شلون بالأول غير راضي ثم يصير راضي ما يصير هذا، هذه إنما تكون للحادث المخلوق وأيضا فإن الرضا عرض يعني صفة عرضية طارئة والعرض لا يقوم إلا بجسم والأجسام متماثلة ولا يمكن أن يتصف الله بالرضا طيب إذا ما معنى رضا الله الله أثبت لنفسه الرضا هل تنكرونه ؟ قال لا لكننا نؤوله فنقول (( رضي الله عنهم )) أي أثابهم شوف يفسرون الصفة بلازمها أو بأثرها أثباهم ويش المانع ؟ قال علّمناكم ويش المانع عقل لا يمكن فبماذا نجيبهم ؟ نجيبهم بما سبق المنع ويش بعد ؟ والتسليم نقول : هب أن العقل لا يدل على ذلك لكنه لا يمنعه وسنبين لكم أنه لا يمنعه فإذا كان العقل لم يدل عليه فالسمع قد دل عليه كذا .
ثم نقول : إن العقل قد دل عليه لأن إثابة الله للطائعين يدل على أنه راض عنهم ولهذا لو أن أحدا أعطى ابنه شيئا من الدراهم أو الكسوة لعده الناس علامة على إيش ؟ على الرضا ولو مسكت واحد من الناس وقمت تضربه بها العصا نعم يتلوى على ظهره عصا صوت تضربه ضرب عظيم ليش الله يهديك شلون تضربه قال لأني راض عنك يصلح هذا ولا لا ؟ ما يصح هذا أبدا لكن لو تعطيه أشياء هدايا وغيرها على فعل فعله لقيل إن هذا الرجل إيش ؟ راض عنهم فمثوبة الطائعين تدل بلا شك على رضا الله عنه (( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ )) (( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) فهذا يدل هذا الثواب دليل على ثبوت الرضا أما أن تفسروا الرضى بالثواب أي بأثره فهذا خطأ .
ثم نقول لهم : قولكم إن الرضى حادث بعد أن لم يكن ما الذي يمنع ان يكون الله عز وجل لكمال تصرفه في ملكه يرضى عن أقوام ويسخط أقواما ويرضى عن الشخص في حال ويسخط عليه في حال أخرى ما المانع وهل هذا إلا من كمال ربوبيته أن يكون فعالا لما يريد فهذا لا شك أنه من كمال ربوبيته وكماله عز وجل .
ثم قولكم : إن الحوادث لا تقوم إلا بحادث ليس بصواب لأننا نرى أن الحوادث لا يلزم منها مقارنة المحدث انتبه الحوادث لا يلزم منها مقارنة المحدث ويش معنى هذا ؟ يعني أنا مثلا الآن أنا حادث لا شك أفعالي حادثة هل يلزم من هذه الحادثة أن تقارنني إذا كان لا يلزم فإذا لا يلزم من قيام الحوادث بالله أن يكون هو محدثا أو حادثا لا يلزم لأن الحوادث لا يشترط فيها مقارنة إيش ؟ المحدث بل المحدث سابق على حوادثه يعني أن ما أحدثه أنا أنا سابق عليه لم تقارني أفعالي لم تقارني كذلك أفعال الله من الرضى والغضب والسخط وغيرها لا يلزم أن تكون مقارنة لله وعليه فيمكن أن تكون حادثة بعد أن لم تكن وقولكم أيضا إنها عرض والعرض لا يقوم إلا بجسم هذا غير صحيح فالأعراض تقوم بغير الأجسام يقال ليل طويل وشتاء بارد ومرض مزمن أو شديد فتوصف هذه الأشياء مع أنها ليست أجساما وبهذا تبين أن كل تعاليلهم عليلة بل ميتة ما لها وجه .
وأنا دائما والحمد لله كلما فكرت في هؤلاء أقول كيف يكون هذا العقل ؟ كيف يدعون أن هذا هو العقل بمثل هذه العلل الواهية وإذا شئتم ارجعوا إلى كتبهم وشوفوا عليها هي هذه العلل اللي هم يعللون بها في كتبهم ومع ذلك يدعون أنهم هم أصحاب العقول وأن السلف بمنزلة العجائز والشيوخ والأطفال ما عندهم معقول ثم أهل التفويض يقولون السلف ما عندهم لا معقول ولا منقول لأن النصوص عندهم غير معلومة فسلبوا عن السلف العلم بأسماء الله وصفاته والعقل نسأل الله العافية .
طيب قال : وقوله : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) .
الطالب : (( ومن يقتل مؤمنا ))
الشيخ : كيف نعم .
طيب رضى الله عنهم صفة ثابتة لله عز وجل وهي في نفسه وليست شيئا منفصلا عنه كما يدعيه أهل التعطيل فهي شيء في نفسه تبارك وتعالى .
ولو قال لك قائل : فسر لي الرضى لم تتمكن من تفسيره لأن الرضى صفة في الإنسان غريزية والغرائز لا يمكن لاحد أن يفسرها بأجلى وأوضح من لفظها كما قلنا فسر المحبة ما تقدر، لا تقدر فنقول الرضى صفة في الله عز وجل صفة في الله تتعلق بالعمل وتتعلق بالعامل وهي صفة حقيقية متعلقة بمشيئته فهي من الصفات الفعلية يرضى عن المؤمنين وعن المتقين وعن المطيعين وعن الشاكرين، ولا يرضى عن القوم الكافرين ولا يرضى عن القوم الفاسقين ولا يرضى عن المنافقين فهو سبحانه وتعالى يرضى عن أناس ولا يرضى عن أناس، ويرضى أعمالا ويكره أعمالا.
طيب هل للرضى دليل سمعي ؟ نعم الدليل (( رضي الله عنهم )) وعن العمل (( وإن تشكروا يرضه لكم )) .
هل له دليل عقلي ؟ نعم له دليل عقلي كونه عز وجل يثيب الطائعين ويجزيهم على أعمالهم وطاعاتهم يدل على الرضى ولا على الكراهة ؟ يدل على الرضى وعلى هذا فيكون الدليلان السمعي والعقلي كلاهما دلا على ثبوت الرضى لله عز وجل فإن قلت استدلالك بالمثوبة على رضى الله عز وجل قد تنازع فيه لأن الله سبحانه وتعالى قد يعطي الفاسق من النعم أكثر مما يعطي الشاكر ولا لا ؟ طيب هذا إيراد قوي ولكن الجواب عنه أن يقال : إعطاؤه الفاسق المقيم على معصيته استدراج كما قال تعالى : (( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ )) وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه، لم يفلته وتلا قوله تعالى (( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )) )، وقال تعالى : (( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) .
أما إذا جاءت المثوبة والإنسان مقيم على طاعة الله فإننا نعرف أن ذلك صادر عن رضى الله عنه لقوله تعالى : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ )) فدل هذا على أنه إذا فتحت البركات من السماء والأرض مع استقامة العبد على طاعة الله كان ذلك دليلا على رضا الله عز وجل طيب (( ورضوا عنه )) رضوا عن الله بماذا رضوا عنه ؟ رضوا عنه بعدة أمور :
رضوا عنه بما شرع لهم من الأحكام التكليفية فلم يكرهوا شرائع الله ولم يستثقلوها ولم يتباطؤوا بها بل كانوا يسارعون إليها ويرون أنها من نعمة الله عليهم.
رضوا بأحكام الله القدرية فالإنسان ليس في سراء دائما بل يوم يسر ويوم يساء فهم راضون بالأحكام القدرية كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( عجبا لأمر المؤمن إن امره كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ) فهم راضون بأحكام الله الكونية كما هم راضون بأحكامه الشرعية .
ثالثا : راضون عن الله بأحكامه الجزائية لأن أحكام الله الجزائية بالنسبة لهؤلاء دائرة بين الفضل والعدل وأيها أغلب ؟ الفضل بالنسبة للمؤمن حتى إنه يقرر المؤمن يا فهد بذنوبه حتى إذا أقره بها قال : ( قد سترتها عليك في الدنيا وانا أغفرها لك اليوم ) فهم راضون عن الله سبحانه وتعالى بأحكامه الشرعية والثاني الكونية والثالث الجزائية ليس في قلوبهم أي كراهة لما وقع من الله عز وجل بل هم راضون به أتم الرضا .
طيب ماذا يقول أهل التعطيل في هذه الصفة ؟
يقولون : لا نثبت أن الله يرضى نعم يرضى عنه لكنه لا يرضى لماذا ؟ قال لأن الرضى من الصفات العارضة الحادثة ولا يمكن أن تقوم بالله لأن الحوادث لا تقوم إلا بحادث والله عز وجل أول ليس قبله شيء كيف تقوم بالله الحوادث شلون بالأول غير راضي ثم يصير راضي ما يصير هذا، هذه إنما تكون للحادث المخلوق وأيضا فإن الرضا عرض يعني صفة عرضية طارئة والعرض لا يقوم إلا بجسم والأجسام متماثلة ولا يمكن أن يتصف الله بالرضا طيب إذا ما معنى رضا الله الله أثبت لنفسه الرضا هل تنكرونه ؟ قال لا لكننا نؤوله فنقول (( رضي الله عنهم )) أي أثابهم شوف يفسرون الصفة بلازمها أو بأثرها أثباهم ويش المانع ؟ قال علّمناكم ويش المانع عقل لا يمكن فبماذا نجيبهم ؟ نجيبهم بما سبق المنع ويش بعد ؟ والتسليم نقول : هب أن العقل لا يدل على ذلك لكنه لا يمنعه وسنبين لكم أنه لا يمنعه فإذا كان العقل لم يدل عليه فالسمع قد دل عليه كذا .
ثم نقول : إن العقل قد دل عليه لأن إثابة الله للطائعين يدل على أنه راض عنهم ولهذا لو أن أحدا أعطى ابنه شيئا من الدراهم أو الكسوة لعده الناس علامة على إيش ؟ على الرضا ولو مسكت واحد من الناس وقمت تضربه بها العصا نعم يتلوى على ظهره عصا صوت تضربه ضرب عظيم ليش الله يهديك شلون تضربه قال لأني راض عنك يصلح هذا ولا لا ؟ ما يصح هذا أبدا لكن لو تعطيه أشياء هدايا وغيرها على فعل فعله لقيل إن هذا الرجل إيش ؟ راض عنهم فمثوبة الطائعين تدل بلا شك على رضا الله عنه (( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ )) (( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) فهذا يدل هذا الثواب دليل على ثبوت الرضا أما أن تفسروا الرضى بالثواب أي بأثره فهذا خطأ .
ثم نقول لهم : قولكم إن الرضى حادث بعد أن لم يكن ما الذي يمنع ان يكون الله عز وجل لكمال تصرفه في ملكه يرضى عن أقوام ويسخط أقواما ويرضى عن الشخص في حال ويسخط عليه في حال أخرى ما المانع وهل هذا إلا من كمال ربوبيته أن يكون فعالا لما يريد فهذا لا شك أنه من كمال ربوبيته وكماله عز وجل .
ثم قولكم : إن الحوادث لا تقوم إلا بحادث ليس بصواب لأننا نرى أن الحوادث لا يلزم منها مقارنة المحدث انتبه الحوادث لا يلزم منها مقارنة المحدث ويش معنى هذا ؟ يعني أنا مثلا الآن أنا حادث لا شك أفعالي حادثة هل يلزم من هذه الحادثة أن تقارنني إذا كان لا يلزم فإذا لا يلزم من قيام الحوادث بالله أن يكون هو محدثا أو حادثا لا يلزم لأن الحوادث لا يشترط فيها مقارنة إيش ؟ المحدث بل المحدث سابق على حوادثه يعني أن ما أحدثه أنا أنا سابق عليه لم تقارني أفعالي لم تقارني كذلك أفعال الله من الرضى والغضب والسخط وغيرها لا يلزم أن تكون مقارنة لله وعليه فيمكن أن تكون حادثة بعد أن لم تكن وقولكم أيضا إنها عرض والعرض لا يقوم إلا بجسم هذا غير صحيح فالأعراض تقوم بغير الأجسام يقال ليل طويل وشتاء بارد ومرض مزمن أو شديد فتوصف هذه الأشياء مع أنها ليست أجساما وبهذا تبين أن كل تعاليلهم عليلة بل ميتة ما لها وجه .
وأنا دائما والحمد لله كلما فكرت في هؤلاء أقول كيف يكون هذا العقل ؟ كيف يدعون أن هذا هو العقل بمثل هذه العلل الواهية وإذا شئتم ارجعوا إلى كتبهم وشوفوا عليها هي هذه العلل اللي هم يعللون بها في كتبهم ومع ذلك يدعون أنهم هم أصحاب العقول وأن السلف بمنزلة العجائز والشيوخ والأطفال ما عندهم معقول ثم أهل التفويض يقولون السلف ما عندهم لا معقول ولا منقول لأن النصوص عندهم غير معلومة فسلبوا عن السلف العلم بأسماء الله وصفاته والعقل نسأل الله العافية .
طيب قال : وقوله : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) .
الطالب : (( ومن يقتل مؤمنا ))
الشيخ : كيف نعم .
شرح قول المصنف وقوله : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه )
الشيخ : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )) .
الطالب : ... .
الشيخ : نعم نخليها بعد ذلك لأن الكراهة والبغض والسخط متقاربة قوله تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً )) (( مَنْ )) شرطية (( فَجَزَاؤُهُ )) هذه الشرطية كما مر علينا تفيد العموم لكن لا شك أن المراد بها من كان بالغا عاقلا يعني المراد بالقاتل البالغ العاقل وعليه فهي عام أريد به الخصوص ما الذي أخرج غير المكلف أخرج غبر البالغ والعاقل ؟ النصوص الأخرى دالة ثم إن قوله : (( متعمدا )) يدل على إخراج الصغير والمجنون لأن هؤلاء ليس لهم قصد ولا عمد هذا الذي قتل مؤمنا شوف مؤمنا ولم يقل الله تعالى معصوما لأن هناك فرقا بين المعصوم والمؤمن إذ أن المعصوم أربعة أنواع من البشر : المسلم والذمي والمعاهد والمستأمن بالكسر يا ياسر مستأمن هؤلاء كلهم معصومون لكن المؤمن معصوم بدون سبب إسلامه عصم دمه وماله والذمي والمعاهد والمستأمن لا بد فيهم من عقود تجري بينهم وبين المسلمين وإلا فليسوا معصومين .
طيب الذي يقتل مؤمنا متعمدا جزاؤه هذا الجزاء العظيم (( جَهَنَّمُ )) وهي النار (( خَالِداً فِيهَا )) أي ماكثا فيها .
ثالثا : (( وغَضِبَ الله عَلَيْهِ )) .
رابعا : (( ولعنه )) .
خامسا : (( وأعد له عذابا عظيما )) أعوذ بالله خمس عقوبات واحدة منها كافية في الردع والزجر لمن كان له قلب .
وهذا الجزاء يجب أن نؤمن به وأنه حق وأن هذا القتل سبب لهذا الجزاء سبب ولكن هذا السبب كغيره من الأسباب إذا وجد مانع نعم فإنه يمنع منه ما هو المانع الذي يمنع من الخلد في النار الخلد المؤبد ؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم نخليها بعد ذلك لأن الكراهة والبغض والسخط متقاربة قوله تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً )) (( مَنْ )) شرطية (( فَجَزَاؤُهُ )) هذه الشرطية كما مر علينا تفيد العموم لكن لا شك أن المراد بها من كان بالغا عاقلا يعني المراد بالقاتل البالغ العاقل وعليه فهي عام أريد به الخصوص ما الذي أخرج غير المكلف أخرج غبر البالغ والعاقل ؟ النصوص الأخرى دالة ثم إن قوله : (( متعمدا )) يدل على إخراج الصغير والمجنون لأن هؤلاء ليس لهم قصد ولا عمد هذا الذي قتل مؤمنا شوف مؤمنا ولم يقل الله تعالى معصوما لأن هناك فرقا بين المعصوم والمؤمن إذ أن المعصوم أربعة أنواع من البشر : المسلم والذمي والمعاهد والمستأمن بالكسر يا ياسر مستأمن هؤلاء كلهم معصومون لكن المؤمن معصوم بدون سبب إسلامه عصم دمه وماله والذمي والمعاهد والمستأمن لا بد فيهم من عقود تجري بينهم وبين المسلمين وإلا فليسوا معصومين .
طيب الذي يقتل مؤمنا متعمدا جزاؤه هذا الجزاء العظيم (( جَهَنَّمُ )) وهي النار (( خَالِداً فِيهَا )) أي ماكثا فيها .
ثالثا : (( وغَضِبَ الله عَلَيْهِ )) .
رابعا : (( ولعنه )) .
خامسا : (( وأعد له عذابا عظيما )) أعوذ بالله خمس عقوبات واحدة منها كافية في الردع والزجر لمن كان له قلب .
وهذا الجزاء يجب أن نؤمن به وأنه حق وأن هذا القتل سبب لهذا الجزاء سبب ولكن هذا السبب كغيره من الأسباب إذا وجد مانع نعم فإنه يمنع منه ما هو المانع الذي يمنع من الخلد في النار الخلد المؤبد ؟
اضيفت في - 2007-02-04