شرح العقيدة الواسطية-10b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
العقيدة الواسطية
تتمة شرح قول المصنف :وقوله (.....وأعد له عذابا عظيما).
الشيخ : ومات بدون توبة ولكنه مؤمن هو القاتل فإنه لن يخلد في النار أبدا بل يعذب بقدر ذنوبه ثم يخرج مع أن الآية ظاهرها التخليد .
طيب فإذا قال قائل : إذا قلتم هذا فأي فائدة لهذا الوعيد ؟ إذا قلتم إن هذا سبب ولكن لا بد من انتفاء المانع وأنه إذا كان مؤمنا فإنه لن يخلد ؟
قيل الجواب على ذلك : إن بعض الناس يقول إن هذه في الكافر إذا قتل المؤمن لكن هذا القول ليس بشيء لأن الكافر جزاؤه جهنم خالدا فيها وإن لم يقتل المؤمن (( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً )) .
قال بعضهم : إن هذا فيمن استحل القتل وحينئذ من استحل القتل فلم يوجد مانع يمنعه من الخلود لأن الذي يستحل قتل المؤمن كافر وعجب الإمام أحمد من هذا الجواب قال : " كيف هذا إذا استحل قتله فهو كافر وإن لم يقتله وهو مخلد في النار وإن لم يقتله " صح ولا لا ؟ إذا لا يستقيم هذا الجواب .
طيب قال بعضهم : إن هذه الجملة على تقدير شرط فجزاؤه جهنم خالدا فيها إن جازاه جزاؤه إن جازاه يعني ويمكن أن لا يجازيه، قلنا إذا أي فائدة في قوله (( فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ )) ما دام إن جازاه فنحن الآن نسأل إذا جازاه فهل هذا جزاؤه ؟ إذا قلتم هكذا معناه أنه صار خالدا في النار فتعود المشكلة ولم نتخلص .
ويش بقي عندنا ؟ بقي عندنا القول الأول الذي أشرنا إليه أن هذا سبب ولكن إذا وجد مانع لم ينفذ السبب كما نقول : القرابة سبب للإرث وإذا كان القريب رقيقا يرث ولا ما يرث ؟ ما يرث، نقول هذا الفعل سبب للخلود وإذا كان الفاعل مؤمنا فإنه لا يرث ولكن يرد علينا الإشكال ها إيه وإذا كان إيش ؟ مؤمنا لا يخلد نقول لكن يرد علينا إشكال إذا ما الفائدة ؟
نقول : الفائدة أن الإنسان الذي يقتل مؤمنا متعمدا فقد فعل السبب الذي يخلد به في النار وحينئذ يكون وجود المانع محتملا ولا لا ؟ قد يوجد وقد لا يوجد فهو على خطر ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) فإن أصاب دما حراما والعياذ بالله فإنه قد يضيق بدينه بعد أن كان في فسحه منشرح صدره به قد يضيق بدينه حتى يخرج منه، وعلى هذا فيكون الوعيد هنا باعتبار المآل لأنه يخشى أن إيش ؟ أن يكون هذا القتل سببا لكفره وحينئذ يموت على الكفر فيخلد فيكون إذا هذه الآية على هذا التقدير فيها ذكر سبب السبب أو لا ؟ ذكر سبب السبب كيف سبب السبب ؟ القتل عمدا سبب لأن يزيغ الإنسان ويكفر والكفر سبب للتخليد في النار نعم وأظن هذا إذا تأمله الإنسان يجد أنه ليس فيه إشكال وإلى هنا ننتهي من البحث .
الطالب : ... ؟
الشيخ : الثالث : أنه من آيات الوعيد هذا قيل بذلك إي لكن إذا قلنا إنه من باب الوعيد فإنه مشكل جدا لأن نقول هل الله تعالى صادق فيما قال أو لا ؟
الطالب : ... ؟
الشيخ : ما يصح .
الطالب : ... ؟
الشيخ : حتى هذا الموضع نحمله على هذا لا من باب التخليد يكون قضية الخبر غير صادقة وهذه مشكلة .
طيب فإذا قال قائل : إذا قلتم هذا فأي فائدة لهذا الوعيد ؟ إذا قلتم إن هذا سبب ولكن لا بد من انتفاء المانع وأنه إذا كان مؤمنا فإنه لن يخلد ؟
قيل الجواب على ذلك : إن بعض الناس يقول إن هذه في الكافر إذا قتل المؤمن لكن هذا القول ليس بشيء لأن الكافر جزاؤه جهنم خالدا فيها وإن لم يقتل المؤمن (( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً )) .
قال بعضهم : إن هذا فيمن استحل القتل وحينئذ من استحل القتل فلم يوجد مانع يمنعه من الخلود لأن الذي يستحل قتل المؤمن كافر وعجب الإمام أحمد من هذا الجواب قال : " كيف هذا إذا استحل قتله فهو كافر وإن لم يقتله وهو مخلد في النار وإن لم يقتله " صح ولا لا ؟ إذا لا يستقيم هذا الجواب .
طيب قال بعضهم : إن هذه الجملة على تقدير شرط فجزاؤه جهنم خالدا فيها إن جازاه جزاؤه إن جازاه يعني ويمكن أن لا يجازيه، قلنا إذا أي فائدة في قوله (( فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ )) ما دام إن جازاه فنحن الآن نسأل إذا جازاه فهل هذا جزاؤه ؟ إذا قلتم هكذا معناه أنه صار خالدا في النار فتعود المشكلة ولم نتخلص .
ويش بقي عندنا ؟ بقي عندنا القول الأول الذي أشرنا إليه أن هذا سبب ولكن إذا وجد مانع لم ينفذ السبب كما نقول : القرابة سبب للإرث وإذا كان القريب رقيقا يرث ولا ما يرث ؟ ما يرث، نقول هذا الفعل سبب للخلود وإذا كان الفاعل مؤمنا فإنه لا يرث ولكن يرد علينا الإشكال ها إيه وإذا كان إيش ؟ مؤمنا لا يخلد نقول لكن يرد علينا إشكال إذا ما الفائدة ؟
نقول : الفائدة أن الإنسان الذي يقتل مؤمنا متعمدا فقد فعل السبب الذي يخلد به في النار وحينئذ يكون وجود المانع محتملا ولا لا ؟ قد يوجد وقد لا يوجد فهو على خطر ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) فإن أصاب دما حراما والعياذ بالله فإنه قد يضيق بدينه بعد أن كان في فسحه منشرح صدره به قد يضيق بدينه حتى يخرج منه، وعلى هذا فيكون الوعيد هنا باعتبار المآل لأنه يخشى أن إيش ؟ أن يكون هذا القتل سببا لكفره وحينئذ يموت على الكفر فيخلد فيكون إذا هذه الآية على هذا التقدير فيها ذكر سبب السبب أو لا ؟ ذكر سبب السبب كيف سبب السبب ؟ القتل عمدا سبب لأن يزيغ الإنسان ويكفر والكفر سبب للتخليد في النار نعم وأظن هذا إذا تأمله الإنسان يجد أنه ليس فيه إشكال وإلى هنا ننتهي من البحث .
الطالب : ... ؟
الشيخ : الثالث : أنه من آيات الوعيد هذا قيل بذلك إي لكن إذا قلنا إنه من باب الوعيد فإنه مشكل جدا لأن نقول هل الله تعالى صادق فيما قال أو لا ؟
الطالب : ... ؟
الشيخ : ما يصح .
الطالب : ... ؟
الشيخ : حتى هذا الموضع نحمله على هذا لا من باب التخليد يكون قضية الخبر غير صادقة وهذه مشكلة .
شرح قول المصنف وقوله : ( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه )) وقوله : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) وقوله : ( ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم )
الشيخ : نعم (( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) (( ذَلِكَ )) المشار إليه يعود على ما سبق ما الذي سبق من الآيات ؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا لا، هذه في سورة القتال (( أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) يعني فكيف تكون حالهم في تلك اللحظات إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت أو عند الوفاة ؟
(( ذَلِكَ )) إيش الوفاة ولا ضرب الوجوه والأدبار ؟ ضرب الوجوه والدبار لأن الوفاة لكل أحد .
(( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ )) أي بسبب لأن الباء للسببية (( اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ )) أي الذي أسخط الله فصاروا يفعلون كل ما به سخط الله عز وجل من عقيدة أو قول أو فعل أما ما فيه رضي الله (( فكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) فصار والعياذ بالله عاقبتهم تلك العاقبة الوخيمة أنهم عند الوفاة تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم .
في هذه الآية من صفات الله : إثبات السخط والرضى (( ما أسخط الله )) فيها دليل على أن هناك أشياء تسخط الله (( كرهوا رضوانه )) فيه دليل على أن هناك أشياء ترضي الله ففيه إثبات السخط وإثبات الرضى .
وكذلك في قوله : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) (( آسَفُونَا )) يعني أغضبونا وأسخطونا (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ونحن نعلم أن لما هنا شرطية فعل الشرط فيها (( آسَفُونَا )) وجوابه (( انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ونعلم أيضا أن الشرط غير المشروط بل هو بائن منه لأنك لو قلت إن قام زيد قام زيد لم يكن له فائدة لو كان آسفونا هنا معناها انتقمنا منهم لما انتقمنا منهم انتقمنا لم يكن له فائدة فتغاير الشرط والمشروط أمر معلوم في العقول واللغات كلها .
نأخذ من الآيات الثانية أيضا إثبات إيش ؟ إثبات الغضب ونأخذ منها الرد على من فسروا السخط والغضب بالانتقام لأن أهل التعطيل من الأشعرية وغيرهم يقولون إن المراد بالسخط والغضب الانتقام أو إرادة الانتقام ولا يفسرون السخط والغضب بصفة من صفات الله عز وجل يتصف بها هو نفسه لا يقول : غضبه أي انتقامه غضبه إرادة انتقامه أتدرون لماذا يفسرونها بالإرادة ؟ لأنهم يثبتون الإرادة فهم إما أن يفسروا هذا الشيء بالمفعول المنفصل عن الله وهو الانتقام أو بالإرادة لأنهم يقرون بها ولا يفسرونه بأنه صفة ثابتة لله على وجه الحقيقة تليق به .
ونحن نقول لهم : بل السخط والغضب غير الانتقام والانتقام نتيجة الغضب والسخط كما نقول إن الثواب نتيجة إيش ؟ الرضى فالله تعالى يسخط على هؤلاء القوم ويغضب عليهم ثم ينتقم منهم .
طيب إذا قالوا : إن العقل يمنع ثبوت السخط والغضب لله عز وجل فإننا نجيبهم بما سبق في صفة الرضى لأن الباب واحد ونقول : بل العقل يدل على السخط والغضب فإن الانتقام من المجرمين وتعذيب الكافرين دليل على إيش ؟ على السخط والغضب وليس دليلا على الرضى ولا على انتفاء الغضب والسخط ونقول هذه الآية : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ترد عليكم لأنه جعل الانتقام إيش ؟ غير الغضب لأن الشرط غير المشروط بقي أن يقال : (( فَلَمَّا آسَفُونَا )) نحن نعرف أن الأسف والحزن والندم على شيء مضى على النادم لا يستطيع رفعه فهل يوصف الله بالحزن والندم ؟ لا إذا كيف نجيب عن الآية ؟ نقول : إن الأسف في اللغة له معنيان :
المعنى الأول : الأسف بمعنى الحزن مثل قول يعقوب : (( يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ )) .
ويطلق الأسف على الغضب فيقال: أسف عليه يأسف بمعنى غضب عليه، والمعنى الأول منتف بالنسبة لله عز وجل والثاني مثبت لله لأن الله تعالى وصف به نفسه (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) .
طيب الغضب والسخط والرضى من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئته .
وقوله : (( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )) يعني بذلك المنافقين الذين لم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات لأن الله تعالى كره انبعاثهم لأن عملهم غير خالص له والله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك ولأنهم إذا خرجوا كما قال الله تعالى : (( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ )) وإذا كانوا غير مخلصين وكانوا مفسدين فإن الله سبحانه وتعالى يكره الفساد ويكره الشرك فـ (( كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ )) يعني جعل هممهم تنتقض عن الخروج في الجهاد (( وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )) قيل يحتمل أن الله قال ذلك كونا اقعدوا مع القاعدين فقعدوا، ويحتمل أن بعضهم يقول لبعض اقعد مع القاعدين ففلان لم يخرج فلان لم يخرج فلان لم يخرج ممن عذرهم الله عز وجل،كالمريض والأعمى والأعرج ويقولون : إذا قدم النبي عليه الصلاة والسلام اعتذرنا إليه واستغفر لنا وكفانا فالقيل هنا مبهم الفعال فيحتمل أنه الله فحينئذ يحمل على القول الكوني ولا الشرعي ؟ الكوني لأن الله لا يقول شرعا اقعدوا عن الجهاد، ويحتمل أنه قول بعضهم لبعض ويمكن أن نقول نجمع بين القولين لأنه إذا قيل لهم ذلك وقعدوا فهم ما قعدوا إلا بقول الله عز وجل .
طيب هنا في الآية من صفات الله (( كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ )) ففيها إثبات الكره لله فإن الله يكره عز وجل وهذا أيضاً ثابت في الكتاب والسنة : قال الله تعالى (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيَّاهُ )) إلى قوله (( كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً )) وكما في هذه الآية التي معنا وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله كره لكم قيل وقال ) فالكراهة ثابتة بالكتاب والسنة أن الله تعالى يكره، وكراهة الله سبحانه وتعالى للشيء قد تكون للعمل كما في الآية : (( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ )) كما في قوله : ((كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً )) نعم وتثبت أيضا للعامل كما جاء في الحديث : ( إن الله تعالى إذا أبغض عبداً نادى جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه ) فالله تعالى يبغض من يستحق وما يستحق البغض .
الطالب : ... .
الشيخ : لا لا، هذه في سورة القتال (( أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) يعني فكيف تكون حالهم في تلك اللحظات إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت أو عند الوفاة ؟
(( ذَلِكَ )) إيش الوفاة ولا ضرب الوجوه والأدبار ؟ ضرب الوجوه والدبار لأن الوفاة لكل أحد .
(( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ )) أي بسبب لأن الباء للسببية (( اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ )) أي الذي أسخط الله فصاروا يفعلون كل ما به سخط الله عز وجل من عقيدة أو قول أو فعل أما ما فيه رضي الله (( فكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) فصار والعياذ بالله عاقبتهم تلك العاقبة الوخيمة أنهم عند الوفاة تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم .
في هذه الآية من صفات الله : إثبات السخط والرضى (( ما أسخط الله )) فيها دليل على أن هناك أشياء تسخط الله (( كرهوا رضوانه )) فيه دليل على أن هناك أشياء ترضي الله ففيه إثبات السخط وإثبات الرضى .
وكذلك في قوله : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) (( آسَفُونَا )) يعني أغضبونا وأسخطونا (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ونحن نعلم أن لما هنا شرطية فعل الشرط فيها (( آسَفُونَا )) وجوابه (( انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ونعلم أيضا أن الشرط غير المشروط بل هو بائن منه لأنك لو قلت إن قام زيد قام زيد لم يكن له فائدة لو كان آسفونا هنا معناها انتقمنا منهم لما انتقمنا منهم انتقمنا لم يكن له فائدة فتغاير الشرط والمشروط أمر معلوم في العقول واللغات كلها .
نأخذ من الآيات الثانية أيضا إثبات إيش ؟ إثبات الغضب ونأخذ منها الرد على من فسروا السخط والغضب بالانتقام لأن أهل التعطيل من الأشعرية وغيرهم يقولون إن المراد بالسخط والغضب الانتقام أو إرادة الانتقام ولا يفسرون السخط والغضب بصفة من صفات الله عز وجل يتصف بها هو نفسه لا يقول : غضبه أي انتقامه غضبه إرادة انتقامه أتدرون لماذا يفسرونها بالإرادة ؟ لأنهم يثبتون الإرادة فهم إما أن يفسروا هذا الشيء بالمفعول المنفصل عن الله وهو الانتقام أو بالإرادة لأنهم يقرون بها ولا يفسرونه بأنه صفة ثابتة لله على وجه الحقيقة تليق به .
ونحن نقول لهم : بل السخط والغضب غير الانتقام والانتقام نتيجة الغضب والسخط كما نقول إن الثواب نتيجة إيش ؟ الرضى فالله تعالى يسخط على هؤلاء القوم ويغضب عليهم ثم ينتقم منهم .
طيب إذا قالوا : إن العقل يمنع ثبوت السخط والغضب لله عز وجل فإننا نجيبهم بما سبق في صفة الرضى لأن الباب واحد ونقول : بل العقل يدل على السخط والغضب فإن الانتقام من المجرمين وتعذيب الكافرين دليل على إيش ؟ على السخط والغضب وليس دليلا على الرضى ولا على انتفاء الغضب والسخط ونقول هذه الآية : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ترد عليكم لأنه جعل الانتقام إيش ؟ غير الغضب لأن الشرط غير المشروط بقي أن يقال : (( فَلَمَّا آسَفُونَا )) نحن نعرف أن الأسف والحزن والندم على شيء مضى على النادم لا يستطيع رفعه فهل يوصف الله بالحزن والندم ؟ لا إذا كيف نجيب عن الآية ؟ نقول : إن الأسف في اللغة له معنيان :
المعنى الأول : الأسف بمعنى الحزن مثل قول يعقوب : (( يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ )) .
ويطلق الأسف على الغضب فيقال: أسف عليه يأسف بمعنى غضب عليه، والمعنى الأول منتف بالنسبة لله عز وجل والثاني مثبت لله لأن الله تعالى وصف به نفسه (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) .
طيب الغضب والسخط والرضى من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئته .
وقوله : (( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )) يعني بذلك المنافقين الذين لم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات لأن الله تعالى كره انبعاثهم لأن عملهم غير خالص له والله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك ولأنهم إذا خرجوا كما قال الله تعالى : (( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ )) وإذا كانوا غير مخلصين وكانوا مفسدين فإن الله سبحانه وتعالى يكره الفساد ويكره الشرك فـ (( كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ )) يعني جعل هممهم تنتقض عن الخروج في الجهاد (( وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )) قيل يحتمل أن الله قال ذلك كونا اقعدوا مع القاعدين فقعدوا، ويحتمل أن بعضهم يقول لبعض اقعد مع القاعدين ففلان لم يخرج فلان لم يخرج فلان لم يخرج ممن عذرهم الله عز وجل،كالمريض والأعمى والأعرج ويقولون : إذا قدم النبي عليه الصلاة والسلام اعتذرنا إليه واستغفر لنا وكفانا فالقيل هنا مبهم الفعال فيحتمل أنه الله فحينئذ يحمل على القول الكوني ولا الشرعي ؟ الكوني لأن الله لا يقول شرعا اقعدوا عن الجهاد، ويحتمل أنه قول بعضهم لبعض ويمكن أن نقول نجمع بين القولين لأنه إذا قيل لهم ذلك وقعدوا فهم ما قعدوا إلا بقول الله عز وجل .
طيب هنا في الآية من صفات الله (( كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ )) ففيها إثبات الكره لله فإن الله يكره عز وجل وهذا أيضاً ثابت في الكتاب والسنة : قال الله تعالى (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيَّاهُ )) إلى قوله (( كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً )) وكما في هذه الآية التي معنا وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله كره لكم قيل وقال ) فالكراهة ثابتة بالكتاب والسنة أن الله تعالى يكره، وكراهة الله سبحانه وتعالى للشيء قد تكون للعمل كما في الآية : (( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ )) كما في قوله : ((كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً )) نعم وتثبت أيضا للعامل كما جاء في الحديث : ( إن الله تعالى إذا أبغض عبداً نادى جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه ) فالله تعالى يبغض من يستحق وما يستحق البغض .
2 - شرح قول المصنف وقوله : ( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه )) وقوله : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) وقوله : ( ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم ) أستمع حفظ
شرح قول المصنف : وقوله : ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )
الشيخ : طيب وقوله : (( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ )) كبر بمعنى عظم، ومقتا تمييز محول عن الفاعل والمقت أشد البغض وفاعل كبر بعد أن حول الفاعل إلى تمييز أن وما دخلت عليه في قوله : (( أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ )) أي قولكم وهذه الآية تعليل للآية التي قبلها (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ )) فإن هذا من أكبر الأمور أن يقول الإنسان ما لا يفعل ووجه ذلك أن يقال : إذا كنت تقول الشيء ولا تفعله فأنت بين أمرين : إما كاذب فيما تقول ولكنك تخون الناس فتقول لهم الشيء وليس كما قلت وإما أنك مستكبر عما تقول تأمر الناس به ولا تفعله وتنهى الناس عنه وتفعله وينطبق هذا تماما على أولئك الذين يقولون إن العبادات لا يؤمر بها إلا العامة كمشايخ الصوفية وغيرهم يقولون الإنسان إذا وصل إلى درجة ما فإنه يسقط عنه التكليف ويكون الأمر لغيره بأن هذه التكاليف من صلاة وزكاة وصيام وحج يؤمر بها العامة دون الخاصة فجعلوا دين الأنبياء دين العوام الذين لا يعرفون شيئا .
طيب هذه الآيات الآن التي فيها إثبات الصفات المتعددة الرضى ويش بعد ؟ والسخط والغضب والكره والمقت كلها معانيها متقاربة لكن تختلف أحيانا بالنوع لا بالحقيقة وإلا فإن السخط والغضب والمقت والكراهة والبغض كلها متقاربة في المعنى كلها متقاربة لكن تختلف في أنواعها شدة وخفة في هذا المعنى العام الذي يشمل جميعها .
أما الرضى فظاهر أنه رضا الله عن الشيء عن العامل أو عن العمل يجب أن نثبت لله تعالى هذه الصفة التي أثبتها لنفسه وقد ذكرنا لكم بارك الله فيكم الأدلة السمعية إيش ؟ والعقلية على ثبوت هذا الشيء .
المبحث الثالث : في هذه الآيات ما نستفيده من الناحية المسلكية نستفيد من هذه الآيات أن كل شيء علق الله الكراهة به فإنه يجب علينا أن نبتعد عنه لئلا تصيبنا كراهة الله عز وجل كل شيء يكرهه الله فإننا نبتعد عنه وهذا هو مقتضى الطبيعة والفطرة أن الإنسان يبتعد عن كل ما يكرهه حبيبه أنت لو صادقت شخصا مصادقة صادقة هل تفعل ما يكرهه ؟ لا بل تنفر منه هكذا أيضا إذا علمت أيها المؤمن بأن ربك يكره هذا الشيء فسوف تبتعد عنه ابتعادا شاسعا طيب الذي يرضى بالعكس إذا علمت أن هذا الشيء مما يرضاه الله عز وجل فسوف تحرص عليه غاية الحرص وتقوم بكل وسيلة توصلك إلى رضا الله عز وجل فهذ من الفوائد التي يستفيدها الإنسان من الناحية المسلكية .
طيب هذه الآيات الآن التي فيها إثبات الصفات المتعددة الرضى ويش بعد ؟ والسخط والغضب والكره والمقت كلها معانيها متقاربة لكن تختلف أحيانا بالنوع لا بالحقيقة وإلا فإن السخط والغضب والمقت والكراهة والبغض كلها متقاربة في المعنى كلها متقاربة لكن تختلف في أنواعها شدة وخفة في هذا المعنى العام الذي يشمل جميعها .
أما الرضى فظاهر أنه رضا الله عن الشيء عن العامل أو عن العمل يجب أن نثبت لله تعالى هذه الصفة التي أثبتها لنفسه وقد ذكرنا لكم بارك الله فيكم الأدلة السمعية إيش ؟ والعقلية على ثبوت هذا الشيء .
المبحث الثالث : في هذه الآيات ما نستفيده من الناحية المسلكية نستفيد من هذه الآيات أن كل شيء علق الله الكراهة به فإنه يجب علينا أن نبتعد عنه لئلا تصيبنا كراهة الله عز وجل كل شيء يكرهه الله فإننا نبتعد عنه وهذا هو مقتضى الطبيعة والفطرة أن الإنسان يبتعد عن كل ما يكرهه حبيبه أنت لو صادقت شخصا مصادقة صادقة هل تفعل ما يكرهه ؟ لا بل تنفر منه هكذا أيضا إذا علمت أيها المؤمن بأن ربك يكره هذا الشيء فسوف تبتعد عنه ابتعادا شاسعا طيب الذي يرضى بالعكس إذا علمت أن هذا الشيء مما يرضاه الله عز وجل فسوف تحرص عليه غاية الحرص وتقوم بكل وسيلة توصلك إلى رضا الله عز وجل فهذ من الفوائد التي يستفيدها الإنسان من الناحية المسلكية .
مذاهب الناس في قوله تعالى "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما" وتحقيق القول الصواب فيها .
الشيخ : والآن قرب انتهاء الدرس لكن نتكلم عن آية القتل التي سبق الكلام عليها وهي قوله تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )) هذه الآية فيها إشكال على مذهب أهل السنة والجماعة والناس انقسموا فيها أولا إلى قسمين :
القسم الأول : من أخذ بظاهرها وهجر ما سواها مما يرفع هذا الظاهر مثل الخوارج والمعتزلة لأن الخوارج والمعتزلة يقولون : إن فاعل الكبيرة مخلد في النار لكن الخوارج يقولن كافر والمعتزلة يقولون في منزلة بين المنزلتين على رأي هؤلاء وهو رأي فاسد يبقى في الآية إشكال ولا لا ؟ ما يبقى إشكال لأنهم يقولون نحن نقول بموجبه وأن القاتل قد فعل كبيرة من كبائر الذنوب وهو مخلد في النار .
القسم الثاني : أهل السنة والجماعة ومن وافقهم من أهل الإرجاء وغيرهم الذين قالوا : إن القاتل لا يخلد في النار، اختلفت أجوبتهم في هذه الآية على عدة أقوال ذكرناها بالأمس :
القول الأول : أن هذا فيمن استحل قتل المؤمن فإنه هو الذي يخلد في النار وذكرنا أن الإمام أحمد أنكر هذا القول وقال : " إنه إذا استحل قتله فهو كافر قتله أم لم يقتله " صح طيب وبهذا الجواب أو بمثل هذا الجواب نجيب من حمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جاحدا لوجوبها حيث قال من تركها جاحدا لوجوبها نقول له ويلك إذا جحد وجوبها فهو كافر وإن صلى كيف الرسول يقول من تركها وأنت تقول من جحدها هذا تحريف للنص طيب .
القول الثاني : يقول هذا جزاؤه إن جازاه فيكون على تقدير الشرط لكن هذا الجواب هل يرتفع به الإشكال ؟ لا يرتفع لأنه إذا كان إذا جازاه فهذا جزاؤه بقيت المشكلة أنه كيف يجازيه بهذا الجزاء مع أنه ليس بكافر واضح لكن فيه تخلص ظاهري فقط أما حقيقة وعند التعمق ما يكون جوابا صحيحا .
الوجه الثالث : قالوا إن هذه في الكافر (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا )) يعني من الكفار (( فجزاؤه جهنم خالدا فيها )) إلى آخره ونقول هذا جواب أيضا فيه نظر لأن الكافر يخلد في النار على كفره حتى وإن لم يقتل وإذا قتل مؤمنا وهو كافر ثم من الله عليه بالإسلام فالإسلام يهدم ما قبله فلا يستقيم كم هذه ؟ ثلاثة .
الرابع : أن المراد بالخلود المكث الطويل وليس المراد به المكث الدائم لأن اللغة العربية يطلق فيها الخلود على المكث الطويل كما يقال : فلان خالد في الحبس والحبس دائم ؟ ليس بدائم ويقول فلان خالد خلود الجبال ومعلوم أن الجبال سوف (( يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا )) لكن هذا المراد المكث الطويل واضح، وهذا أيضا أظنه جوابا سهلا ما يبي تعب فنقول الله عز وجل لم يذكر التأبيد ما قال خالدا فيها أبدا قال (( خَالِداً فِيهَا )) والمعنى أنه ماكث مكثا طويلا نعم .
الوجه الخامس : أن يقال إن هذا من باب الوعيد والوعيد يجوز إخلافه لأنه انتقال من العدل إلى الكرم والانتقال من العدل إلى الكرم كرم وثناء نعم وأنشدوا عليه قول الشاعر :
" وإني وإن أوعدته أو وعدته *** لمخلف إيعادي ومنجز موعدي "
وإني إن أوعدته شو ؟ بالعقوبة مثلا أو وعدته بالثواب لمخلف إيعادي ومنجز موعدي .
قالوا وأنت إذا قلت لابنك : والله إن ذهبت إلى السوق لأضربنك بهذا العصا وراح إلى السوق فلما رجع ضربته بيدك ويش يرى هذا ؟ كرم ولا لا ؟ لأنه أهون المرة الثانية قلت والله لئن ذهبت إلى السوق لأضربنك بهذا العصا شوف العصا هذا العصا المتين فذهب إلى السوق ورجع قلت له ليش تروح للسوق ؟ اصحى لا عاد تروح للسوق يلا ادخل تغدى ويش يعد هذا ؟ هذا كرم أكرم من الأول .
فقالوا : إذا توعد الله عز وجل القاتل بهذا الوعيد ثم أخلف فهذا كرم، ولكن هذا في الحقيقة فيه شيء من النظر لأننا نقول إن نفذ هذا الوعيد فالإشكال باقي وإن لم ينفذ فلا فائدة منه .
القول السادس : أن يكون هذا هو التهديد والوعيد واحد أن يكون هذا من باب ذكر السبب أي أن قتل النفس عمدا سبب للخلود في النار سواء قلنا إنه يكون سببا لأنه إذا قتل نفسا والعياذ بالله ربما يزيغ قلبه كما جاء في الحديث : ( لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ) فإذا زاغ قلبه وكفر استحق الخلود عرفت أو لا ؟ فيكون هذا مآل سبب ها ناتج عن سبب يعني سبب السبب يكون هذا موجب الخلود لأنه سبب السبب فهو لقتله المؤمن عمدا يزيغ قلبه فيكفر فيخلد في النار وإذا كان كذلك فهذا يكون الله تعالى ذكر هذا السبب تحذيرا وتخويفا من السبب الآخر الذي يلزم منه .
والسابع : يقول هذا سبب مباشر ليس سبب لكن هذا السبب له مانع فليس كل سبب يكون مؤثرا لكن الأصل تأثيره إلا إذا وجد المانع ووجود المانع أمر ليس متيقنا قالوا ونظير ذلك أن تقول القرابة سبب للميراث سبب فالإنسان والد يرث ولد يرث لكن قد يقوم به مانع كالرق والقتل فلا يرث فيكون ما ذكر في الآية سببا لكن إذا وجد مانع وهو الإيمان فإنه يمنع من الخلود في النار .
هذه سبعة أوجه في الجواب عن الآية وأقربها كما قلنا الأخير والذي قبله اللي هو سبب السبب والمكث الطويل هو الرابع أظن الرابع هو أسهلها أيضا وما دامت اللغة العربية تأتي بهذا المعنى وهو أسهل تصورا وأقل تكلفا .
بقي علينا أن نقول إذا تاب القاتل هل يستحق الوعيد إذا تاب ؟ لا يستحق الوعيد بنص القرآن لقوله تعالى : (( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ )) وهذا واضح أن من تاب حتى من القتل فإن الله تعالى يبدل سيئاته حسنات والحديث الصحيح ( في قصة الرجل من بني إسرائيل الذي قتل تسعا وتسعين نفر فألقى الله في نفسه التوبة فجاء إلى عابد قال له : إنه قتل تسع وتسعين نفس فهل له من توبة العابد استعظم الأمر قال لا ما لك توبة تسعة وتسعين نفس تقتلها وتجي تقول هل لي من توبة ما لك من توبة قال نكمل بك المائة فقتله أتم به المائة فدل على عالم شوف فضل العلم دل على عالم قال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة قال نعم من يحول بينك وبين التوبة الله أكبر ولكن هذه القرية ظالم أهلها فاذهب إلى القرية الفلانية فيها أهل خير وصلاح فسافر الرجل هاجر من بلده إلى بلد الخير والصلاح فوافته المنية في أثناء الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى أنزل الله بينهم حكما وقال قيسوا ما بين القريتين فإلى أيتهما كان أقرب، فهو من أهلها فكان أقرب إلى أهل القرية الصالحة فقبضته ملائكة الرحمة ) الله أكبر .
شوف الآن من بني إسرائيل مع أن الله قد جعل عليهم آصارا وأغلالا وهذه الأمة رفع عنها الآصار والأغلال فالتوبة في حقها أسهل فإذا كان هذا في بني إسرائيل فكيف بهذه الأمة .
فإن قلت : ماذا تقول فيما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن القاتل ليس له توبة " ؟
فالجواب : من أحد الوجهين :
إما أن ابن عباس رضي الله عنهما استبعد أن يكون للقاتل عمدا توبة ورأى أنه لا يوفق للتوبة وإذا لم يوفق للتوبة فإنه لا يسقط عنه الإثم ويؤاخذ به .
وإما أن يقال : إن قصد ابن عباس رضي الله عنهما أنه لا توبة له فيما يتعلق بحق المقتول لأن القاتل عمدا يتعلق به ثلاثة حقوق نعدها أنا وإياكم :
الحق الأول : لله .
والثاني : للمقتول .
والثالث : لأولياء المقتول .
أما حق الله فلا شك أن التوبة تجدي فيه (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً )) ولا إشكال فيه وبالإجماع الظاهر .
حق أولياء المقتول يسقط إذا سلم الإنسان نفسه لهم جاء لهم وقال : أنا قتلت صاحبكم واصنعوا ما شئتم تبون الدية تبون القصاص تسمحون فهم إما أن يقتصوا أو يأخذوا الدية أو يعفوا الحق لهم هذا الرجل أيضا تخلص من أولياء المقتول .
بقي القاتل كيف يتخلص منه ما فيه المقتول قصدي المقتول كيف يتخلص منه ؟ لا سبيل إلى التخلص منه في الدنيا فما بقي إلا هو، هذا معنى قول ابن عباس إنه لا توبة له أي بالنسبة لمن ؟ لحق المقتول أما حق الله وحق أولياء المقتول فقد تخلص منها على أن الذي يظهر لي أنه إذا تاب توبة نصوحا فإنه حتى حق المقتول يسقط لا إهدارا لحقه ولكن الله عز وجل بفضله يتحمل عن القاتل ويعطي المقتول رفعة درجات في الجنة أو عفو عن السيئات لأن التوبة الخالصة لا تبقي شيئا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( التوبة تجب ما قبلها ) فإذا صدق الإنسان في توبته فإن الله سبحانه وتعالى يتحمل إرضاء المقتول إما بزيادة الثواب والدرجات في الجنة وإما بالعفو عن السيئات والله أعلم نعم .
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
سبق لنا من الصفات التي جمعها المؤلف رحمه الله الرضى والغضب والسخط والمقت والكراهة نعم خمس صفات وقلنا إن بعضها قريب من البعض الآخر فالكره والبغض متقاربان وإن كان كل واحد منهما قد يكون فيه زيادة على الآخر وكذلك السخط والغضب والمقت إلا أن المقت قال العلماء هو أشد البغض فيكون من القسم الأول اللي هو الكراهة والبغض .
وذكرنا أيضا أن هذه تتعلق بالعامل والعمل وذكرنا أيضا أنه قد دل عليها السمع والعقل وذكرنا أن فائدتها المسلكية هي أن الإنسان يحرص على تجنب ما فيه الكراهة والغضب والسخط ويفعل ما فيه الرضى والمحبة والقبول .
القسم الأول : من أخذ بظاهرها وهجر ما سواها مما يرفع هذا الظاهر مثل الخوارج والمعتزلة لأن الخوارج والمعتزلة يقولون : إن فاعل الكبيرة مخلد في النار لكن الخوارج يقولن كافر والمعتزلة يقولون في منزلة بين المنزلتين على رأي هؤلاء وهو رأي فاسد يبقى في الآية إشكال ولا لا ؟ ما يبقى إشكال لأنهم يقولون نحن نقول بموجبه وأن القاتل قد فعل كبيرة من كبائر الذنوب وهو مخلد في النار .
القسم الثاني : أهل السنة والجماعة ومن وافقهم من أهل الإرجاء وغيرهم الذين قالوا : إن القاتل لا يخلد في النار، اختلفت أجوبتهم في هذه الآية على عدة أقوال ذكرناها بالأمس :
القول الأول : أن هذا فيمن استحل قتل المؤمن فإنه هو الذي يخلد في النار وذكرنا أن الإمام أحمد أنكر هذا القول وقال : " إنه إذا استحل قتله فهو كافر قتله أم لم يقتله " صح طيب وبهذا الجواب أو بمثل هذا الجواب نجيب من حمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جاحدا لوجوبها حيث قال من تركها جاحدا لوجوبها نقول له ويلك إذا جحد وجوبها فهو كافر وإن صلى كيف الرسول يقول من تركها وأنت تقول من جحدها هذا تحريف للنص طيب .
القول الثاني : يقول هذا جزاؤه إن جازاه فيكون على تقدير الشرط لكن هذا الجواب هل يرتفع به الإشكال ؟ لا يرتفع لأنه إذا كان إذا جازاه فهذا جزاؤه بقيت المشكلة أنه كيف يجازيه بهذا الجزاء مع أنه ليس بكافر واضح لكن فيه تخلص ظاهري فقط أما حقيقة وعند التعمق ما يكون جوابا صحيحا .
الوجه الثالث : قالوا إن هذه في الكافر (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا )) يعني من الكفار (( فجزاؤه جهنم خالدا فيها )) إلى آخره ونقول هذا جواب أيضا فيه نظر لأن الكافر يخلد في النار على كفره حتى وإن لم يقتل وإذا قتل مؤمنا وهو كافر ثم من الله عليه بالإسلام فالإسلام يهدم ما قبله فلا يستقيم كم هذه ؟ ثلاثة .
الرابع : أن المراد بالخلود المكث الطويل وليس المراد به المكث الدائم لأن اللغة العربية يطلق فيها الخلود على المكث الطويل كما يقال : فلان خالد في الحبس والحبس دائم ؟ ليس بدائم ويقول فلان خالد خلود الجبال ومعلوم أن الجبال سوف (( يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا )) لكن هذا المراد المكث الطويل واضح، وهذا أيضا أظنه جوابا سهلا ما يبي تعب فنقول الله عز وجل لم يذكر التأبيد ما قال خالدا فيها أبدا قال (( خَالِداً فِيهَا )) والمعنى أنه ماكث مكثا طويلا نعم .
الوجه الخامس : أن يقال إن هذا من باب الوعيد والوعيد يجوز إخلافه لأنه انتقال من العدل إلى الكرم والانتقال من العدل إلى الكرم كرم وثناء نعم وأنشدوا عليه قول الشاعر :
" وإني وإن أوعدته أو وعدته *** لمخلف إيعادي ومنجز موعدي "
وإني إن أوعدته شو ؟ بالعقوبة مثلا أو وعدته بالثواب لمخلف إيعادي ومنجز موعدي .
قالوا وأنت إذا قلت لابنك : والله إن ذهبت إلى السوق لأضربنك بهذا العصا وراح إلى السوق فلما رجع ضربته بيدك ويش يرى هذا ؟ كرم ولا لا ؟ لأنه أهون المرة الثانية قلت والله لئن ذهبت إلى السوق لأضربنك بهذا العصا شوف العصا هذا العصا المتين فذهب إلى السوق ورجع قلت له ليش تروح للسوق ؟ اصحى لا عاد تروح للسوق يلا ادخل تغدى ويش يعد هذا ؟ هذا كرم أكرم من الأول .
فقالوا : إذا توعد الله عز وجل القاتل بهذا الوعيد ثم أخلف فهذا كرم، ولكن هذا في الحقيقة فيه شيء من النظر لأننا نقول إن نفذ هذا الوعيد فالإشكال باقي وإن لم ينفذ فلا فائدة منه .
القول السادس : أن يكون هذا هو التهديد والوعيد واحد أن يكون هذا من باب ذكر السبب أي أن قتل النفس عمدا سبب للخلود في النار سواء قلنا إنه يكون سببا لأنه إذا قتل نفسا والعياذ بالله ربما يزيغ قلبه كما جاء في الحديث : ( لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ) فإذا زاغ قلبه وكفر استحق الخلود عرفت أو لا ؟ فيكون هذا مآل سبب ها ناتج عن سبب يعني سبب السبب يكون هذا موجب الخلود لأنه سبب السبب فهو لقتله المؤمن عمدا يزيغ قلبه فيكفر فيخلد في النار وإذا كان كذلك فهذا يكون الله تعالى ذكر هذا السبب تحذيرا وتخويفا من السبب الآخر الذي يلزم منه .
والسابع : يقول هذا سبب مباشر ليس سبب لكن هذا السبب له مانع فليس كل سبب يكون مؤثرا لكن الأصل تأثيره إلا إذا وجد المانع ووجود المانع أمر ليس متيقنا قالوا ونظير ذلك أن تقول القرابة سبب للميراث سبب فالإنسان والد يرث ولد يرث لكن قد يقوم به مانع كالرق والقتل فلا يرث فيكون ما ذكر في الآية سببا لكن إذا وجد مانع وهو الإيمان فإنه يمنع من الخلود في النار .
هذه سبعة أوجه في الجواب عن الآية وأقربها كما قلنا الأخير والذي قبله اللي هو سبب السبب والمكث الطويل هو الرابع أظن الرابع هو أسهلها أيضا وما دامت اللغة العربية تأتي بهذا المعنى وهو أسهل تصورا وأقل تكلفا .
بقي علينا أن نقول إذا تاب القاتل هل يستحق الوعيد إذا تاب ؟ لا يستحق الوعيد بنص القرآن لقوله تعالى : (( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ )) وهذا واضح أن من تاب حتى من القتل فإن الله تعالى يبدل سيئاته حسنات والحديث الصحيح ( في قصة الرجل من بني إسرائيل الذي قتل تسعا وتسعين نفر فألقى الله في نفسه التوبة فجاء إلى عابد قال له : إنه قتل تسع وتسعين نفس فهل له من توبة العابد استعظم الأمر قال لا ما لك توبة تسعة وتسعين نفس تقتلها وتجي تقول هل لي من توبة ما لك من توبة قال نكمل بك المائة فقتله أتم به المائة فدل على عالم شوف فضل العلم دل على عالم قال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة قال نعم من يحول بينك وبين التوبة الله أكبر ولكن هذه القرية ظالم أهلها فاذهب إلى القرية الفلانية فيها أهل خير وصلاح فسافر الرجل هاجر من بلده إلى بلد الخير والصلاح فوافته المنية في أثناء الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى أنزل الله بينهم حكما وقال قيسوا ما بين القريتين فإلى أيتهما كان أقرب، فهو من أهلها فكان أقرب إلى أهل القرية الصالحة فقبضته ملائكة الرحمة ) الله أكبر .
شوف الآن من بني إسرائيل مع أن الله قد جعل عليهم آصارا وأغلالا وهذه الأمة رفع عنها الآصار والأغلال فالتوبة في حقها أسهل فإذا كان هذا في بني إسرائيل فكيف بهذه الأمة .
فإن قلت : ماذا تقول فيما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن القاتل ليس له توبة " ؟
فالجواب : من أحد الوجهين :
إما أن ابن عباس رضي الله عنهما استبعد أن يكون للقاتل عمدا توبة ورأى أنه لا يوفق للتوبة وإذا لم يوفق للتوبة فإنه لا يسقط عنه الإثم ويؤاخذ به .
وإما أن يقال : إن قصد ابن عباس رضي الله عنهما أنه لا توبة له فيما يتعلق بحق المقتول لأن القاتل عمدا يتعلق به ثلاثة حقوق نعدها أنا وإياكم :
الحق الأول : لله .
والثاني : للمقتول .
والثالث : لأولياء المقتول .
أما حق الله فلا شك أن التوبة تجدي فيه (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً )) ولا إشكال فيه وبالإجماع الظاهر .
حق أولياء المقتول يسقط إذا سلم الإنسان نفسه لهم جاء لهم وقال : أنا قتلت صاحبكم واصنعوا ما شئتم تبون الدية تبون القصاص تسمحون فهم إما أن يقتصوا أو يأخذوا الدية أو يعفوا الحق لهم هذا الرجل أيضا تخلص من أولياء المقتول .
بقي القاتل كيف يتخلص منه ما فيه المقتول قصدي المقتول كيف يتخلص منه ؟ لا سبيل إلى التخلص منه في الدنيا فما بقي إلا هو، هذا معنى قول ابن عباس إنه لا توبة له أي بالنسبة لمن ؟ لحق المقتول أما حق الله وحق أولياء المقتول فقد تخلص منها على أن الذي يظهر لي أنه إذا تاب توبة نصوحا فإنه حتى حق المقتول يسقط لا إهدارا لحقه ولكن الله عز وجل بفضله يتحمل عن القاتل ويعطي المقتول رفعة درجات في الجنة أو عفو عن السيئات لأن التوبة الخالصة لا تبقي شيئا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( التوبة تجب ما قبلها ) فإذا صدق الإنسان في توبته فإن الله سبحانه وتعالى يتحمل إرضاء المقتول إما بزيادة الثواب والدرجات في الجنة وإما بالعفو عن السيئات والله أعلم نعم .
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
سبق لنا من الصفات التي جمعها المؤلف رحمه الله الرضى والغضب والسخط والمقت والكراهة نعم خمس صفات وقلنا إن بعضها قريب من البعض الآخر فالكره والبغض متقاربان وإن كان كل واحد منهما قد يكون فيه زيادة على الآخر وكذلك السخط والغضب والمقت إلا أن المقت قال العلماء هو أشد البغض فيكون من القسم الأول اللي هو الكراهة والبغض .
وذكرنا أيضا أن هذه تتعلق بالعامل والعمل وذكرنا أيضا أنه قد دل عليها السمع والعقل وذكرنا أن فائدتها المسلكية هي أن الإنسان يحرص على تجنب ما فيه الكراهة والغضب والسخط ويفعل ما فيه الرضى والمحبة والقبول .
4 - مذاهب الناس في قوله تعالى "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما" وتحقيق القول الصواب فيها . أستمع حفظ
شرح قول المصنف :وقوله : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر )
الشيخ : ثم قال : (( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ )) .
قوله : (( هَلْ يَنْظُرُونَ )) (( هَلْ )) هنا استفهام بمعنى النفي يعني ما ينظرون وكلما وجدت إلا بعد الاستفهام فالاستفهام يكون للنفي هذه قاعدة : " كلما جاءت إلا بعد الاستفهام فهو للنفي " قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( هل أنت إلا أصبع دميت ) أي : ما أنت .
(( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً )) أي ما ينظرون ومعنى (( يَنْظُرُونَ )) هنا ينتظرون لأنها لم تتعد بإلى لو تعدت بإلى لكان معناها النظر بالعين غالبا أما إذا تعدت بنفسها فهي بمعنى ينتظرون أي ما ينتظر هؤلاء المكذبون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام وذلك يوم القيامة (( يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ )) وفِي هنا بمعنى مع فهي للمصاحبة وليست للظرفية قطعا لأنها لو كانت للظرفية لكانت أوسع من الله عز وجل ومعلوم أن الله تعالى واسع عليم فالمعنى في ظلل أي مصحوبا فيه كما يقال فلان في القوم ما هو بوسطهم حتى لو كان في أطرافهم أي مع القوم نعم ففي ظلل أي : مع الظلل فإن الله عند نزوله جل وعلا للفصل بين عباده (( تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ )) غمام أبيض ظلل عظيمة لمجيء الله تبارك وتعالى .
وقوله : (( فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ )) الغمام قال العلماء : إنه هو السحاب الأبيض كما قال تعالى ممتنا على بني إسرائيل (( وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ )) لأن السحاب الأبيض غالبا يكون باردا أبرد من غيره والسحاب الأبيض يُبقي الجو مستنيرا بخلاف الأسود والأحمر فإنه تحصل به الظلمة .
وقوله : (( وَالْمَلائِكَةِ )) الملائكة بالرفع ولا بالجر ؟ (( فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ )) ها بالرفع ؟ معطوف على لفظ الجلالة الله يعني أو تأتيهم الملائكة والملائكة تقدم أنهم جمع مألك نعم ومألك مأخوذة من الألوكة وهي الرسالة ثم نقلت الهمزة من مكانها إلى ما بعد اللام فصارت ملأك ثم حذفت الهمزة فصار ملك هكذا يقول النحويون والله أعلم نعم نقول الملائكة جمع ملك وهكذا هذا بسيط جدا لكن إذا أردنا أن نعلل ونأتي بالأصل نقول ما ذكرنا أولا .
قوله : الملائكة تأتي متى ؟ تأتي يوم القيامة لأنها تنزل في الأرض ينزل أهل السماء الدنيا ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة وهكذا إلى السابعة يحيطون بالناس .
وهذا تحذير من هذا اليوم الذي يأتي على هذا الوجه فهو مشهد عظيم من مشاهد يوم القيامة يحذر الله به هؤلاء المكذبين .
قوله : (( هَلْ يَنْظُرُونَ )) (( هَلْ )) هنا استفهام بمعنى النفي يعني ما ينظرون وكلما وجدت إلا بعد الاستفهام فالاستفهام يكون للنفي هذه قاعدة : " كلما جاءت إلا بعد الاستفهام فهو للنفي " قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( هل أنت إلا أصبع دميت ) أي : ما أنت .
(( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً )) أي ما ينظرون ومعنى (( يَنْظُرُونَ )) هنا ينتظرون لأنها لم تتعد بإلى لو تعدت بإلى لكان معناها النظر بالعين غالبا أما إذا تعدت بنفسها فهي بمعنى ينتظرون أي ما ينتظر هؤلاء المكذبون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام وذلك يوم القيامة (( يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ )) وفِي هنا بمعنى مع فهي للمصاحبة وليست للظرفية قطعا لأنها لو كانت للظرفية لكانت أوسع من الله عز وجل ومعلوم أن الله تعالى واسع عليم فالمعنى في ظلل أي مصحوبا فيه كما يقال فلان في القوم ما هو بوسطهم حتى لو كان في أطرافهم أي مع القوم نعم ففي ظلل أي : مع الظلل فإن الله عند نزوله جل وعلا للفصل بين عباده (( تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ )) غمام أبيض ظلل عظيمة لمجيء الله تبارك وتعالى .
وقوله : (( فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ )) الغمام قال العلماء : إنه هو السحاب الأبيض كما قال تعالى ممتنا على بني إسرائيل (( وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ )) لأن السحاب الأبيض غالبا يكون باردا أبرد من غيره والسحاب الأبيض يُبقي الجو مستنيرا بخلاف الأسود والأحمر فإنه تحصل به الظلمة .
وقوله : (( وَالْمَلائِكَةِ )) الملائكة بالرفع ولا بالجر ؟ (( فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ )) ها بالرفع ؟ معطوف على لفظ الجلالة الله يعني أو تأتيهم الملائكة والملائكة تقدم أنهم جمع مألك نعم ومألك مأخوذة من الألوكة وهي الرسالة ثم نقلت الهمزة من مكانها إلى ما بعد اللام فصارت ملأك ثم حذفت الهمزة فصار ملك هكذا يقول النحويون والله أعلم نعم نقول الملائكة جمع ملك وهكذا هذا بسيط جدا لكن إذا أردنا أن نعلل ونأتي بالأصل نقول ما ذكرنا أولا .
قوله : الملائكة تأتي متى ؟ تأتي يوم القيامة لأنها تنزل في الأرض ينزل أهل السماء الدنيا ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة وهكذا إلى السابعة يحيطون بالناس .
وهذا تحذير من هذا اليوم الذي يأتي على هذا الوجه فهو مشهد عظيم من مشاهد يوم القيامة يحذر الله به هؤلاء المكذبين .
5 - شرح قول المصنف :وقوله : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر ) أستمع حفظ
شرح قول المصنف :وقوله : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك )( كلا إذا دكت الأرض دكا دكا
الشيخ : وقوله : (( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ )) نقول في (( هَلْ يَنْظُرُونَ إلا )) ما قلناه في الآية السابقة أي ما ينتظر هؤلاء إلا واحدة من هذه الأحوال :
أولا : (( إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ )) أي : لقبض أرواحهم (( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ )) هذا واحد (( أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ )) متى ؟ يوم القيامة للقضاء بينهم .
(( أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ )) وهذه طلوع الشمس من مغربها فسرها بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما ذكر الله هذه الأحوال الثلاث : لأن الملائكة إذا نزلت لقبض أرواحهم لا تقبل منهم التوبة لقوله تعالى : (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ )) وكذلك أيضا إذا طلعت الشمس من مغربها فإن التوبة لا تقبل وحينئذ لا يستطيعون خلاصا مما هم عليه، وذكر الحالة الثالثة بين الحالين لأنه وقت الجزاء وثمرة العمل فلا يستطيعون التخلص مما عملوه في تلك اللحظة .
والغرض من هذه الآيات والتي قبلها تحذير هؤلاء المكذبين من أن يفوتهم الأوان ثم لا يستطيعون الخلاص من أعمالهم .
أولا : (( إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ )) أي : لقبض أرواحهم (( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ )) هذا واحد (( أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ )) متى ؟ يوم القيامة للقضاء بينهم .
(( أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ )) وهذه طلوع الشمس من مغربها فسرها بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما ذكر الله هذه الأحوال الثلاث : لأن الملائكة إذا نزلت لقبض أرواحهم لا تقبل منهم التوبة لقوله تعالى : (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ )) وكذلك أيضا إذا طلعت الشمس من مغربها فإن التوبة لا تقبل وحينئذ لا يستطيعون خلاصا مما هم عليه، وذكر الحالة الثالثة بين الحالين لأنه وقت الجزاء وثمرة العمل فلا يستطيعون التخلص مما عملوه في تلك اللحظة .
والغرض من هذه الآيات والتي قبلها تحذير هؤلاء المكذبين من أن يفوتهم الأوان ثم لا يستطيعون الخلاص من أعمالهم .
6 - شرح قول المصنف :وقوله : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك )( كلا إذا دكت الأرض دكا دكا أستمع حفظ
شرح قول المصنف :وقوله :(وجاء ربك والملك صفا صفا) ( ويوم تشقق السماء بالغمام)
الشيخ : وقال تعالى : (( كَلاّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً ))
(( كَلاّ )) هنا للتنبيه مثل ألا .
وقوله : (( إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً )) هذا يوم القيامة وأكد هذا الدك لعظمته لأنها تدك الجبال والشعاب وكل شيء يدك حتى تكون كالأديم الأديم هو الجلد (( فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً )) قال (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً )) (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) يعني يوم القيامة بعد أن تدك الأرض وتسوى ويحشر الناس يأتي الله تعالى للقضاء بين عباده ولكن يسبق هذا المجيء يسبقه شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام .
وقوله : (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ )) أل هنا للجنس ولا للعموم ؟ للعموم يعني وكل ملك فهي بمعنى كل يعني الملائكة ينزلون في الأرض .
(( صَفّاً صَفّاً )) أي صفا من وراء صف كما جاء في الحديث ( تنزل ملائكة السماء الدنيا فيصفون ومن ورائهم ملائكة السماء الثانية ومن ورائهم ملائكة السماء الثالثة ) وهكذا .
وقال تعالى : (( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ )) يعني اذكر يوم تشقق السماء بالغمام، و(( تَشَقَّقُ )) أبلغ من تنشق لأن ظاهرها تشقق يعني شيئا فشيئا ويخرج هذا الغمام يثور ثوران الدخان ينبعث شيئا فشيئا .
تشقق بالغمام مثل ما يقال : تنبت الأرض بالزرع .
(( كَلاّ )) هنا للتنبيه مثل ألا .
وقوله : (( إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً )) هذا يوم القيامة وأكد هذا الدك لعظمته لأنها تدك الجبال والشعاب وكل شيء يدك حتى تكون كالأديم الأديم هو الجلد (( فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً )) قال (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً )) (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) يعني يوم القيامة بعد أن تدك الأرض وتسوى ويحشر الناس يأتي الله تعالى للقضاء بين عباده ولكن يسبق هذا المجيء يسبقه شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام .
وقوله : (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ )) أل هنا للجنس ولا للعموم ؟ للعموم يعني وكل ملك فهي بمعنى كل يعني الملائكة ينزلون في الأرض .
(( صَفّاً صَفّاً )) أي صفا من وراء صف كما جاء في الحديث ( تنزل ملائكة السماء الدنيا فيصفون ومن ورائهم ملائكة السماء الثانية ومن ورائهم ملائكة السماء الثالثة ) وهكذا .
وقال تعالى : (( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ )) يعني اذكر يوم تشقق السماء بالغمام، و(( تَشَقَّقُ )) أبلغ من تنشق لأن ظاهرها تشقق يعني شيئا فشيئا ويخرج هذا الغمام يثور ثوران الدخان ينبعث شيئا فشيئا .
تشقق بالغمام مثل ما يقال : تنبت الأرض بالزرع .
اضيفت في - 2007-02-04