شرح العقيدة الواسطية-22b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
العقيدة الواسطية
تتمة الكلام عن عذاب القبر .
الشيخ : فتنة إما عذاب وإما ، إما نعيم وإما عذاب.
وسبق الكلام على هذه الجملة وبيان أن النعيم أو العذاب يكون على الروح لكن البدن يتأثر ويتبعها، كما أنه في الدنيا على العكس فالعذاب على البدن والروح تتألم بتألم البدن فهي تابعة وفي البرزخ تكون متبوعة.
وبيَّنا أن هذا النعيم أو العذاب ليس من جنس النعيم والعذاب الذي في الدنيا بحيث يُدرك بالحواس لأنها أمور غيبية لا يمكن أن تقاس بأحوال الدنيا حتى الملائكة ينفذون من باطن الأرض، ويقال : إن الجسم الغليظ الذي هو التراب وما أشبهه بالنسبة لهم كالهواء بالنسبة لبني آدم في الدنيا.
فكما أننا نمخر عباب الهواء ولا نتأثر ولا يهمنا ولا كأن شيئا أمامنا، هم كذلك بالنسبة لهذه الأجسام الغليظة لهم بمنزلة الهواء يدخلون في الأرض ويسبحون وكل شيء يعملون فيها كأنما يسبح الإنسان في الهواء هكذا قال بعضهم، وليس هذا بغريب، لأن الأجسام أجسام الملائكة هي أيضا لا تشبه أجسام الناس كما نعلم أن جبريل له ستمائة جناح قد سد الأفق وأحيانا يأتي بصورة بشر وإنسان.
على كل حال نحن علينا أن نؤمن أما كيف فإن اهتدينا إلى ذلك فزيادة علم وإن لم نهتدي فالمقصود المعنى.
وسبق الكلام على هذه الجملة وبيان أن النعيم أو العذاب يكون على الروح لكن البدن يتأثر ويتبعها، كما أنه في الدنيا على العكس فالعذاب على البدن والروح تتألم بتألم البدن فهي تابعة وفي البرزخ تكون متبوعة.
وبيَّنا أن هذا النعيم أو العذاب ليس من جنس النعيم والعذاب الذي في الدنيا بحيث يُدرك بالحواس لأنها أمور غيبية لا يمكن أن تقاس بأحوال الدنيا حتى الملائكة ينفذون من باطن الأرض، ويقال : إن الجسم الغليظ الذي هو التراب وما أشبهه بالنسبة لهم كالهواء بالنسبة لبني آدم في الدنيا.
فكما أننا نمخر عباب الهواء ولا نتأثر ولا يهمنا ولا كأن شيئا أمامنا، هم كذلك بالنسبة لهذه الأجسام الغليظة لهم بمنزلة الهواء يدخلون في الأرض ويسبحون وكل شيء يعملون فيها كأنما يسبح الإنسان في الهواء هكذا قال بعضهم، وليس هذا بغريب، لأن الأجسام أجسام الملائكة هي أيضا لا تشبه أجسام الناس كما نعلم أن جبريل له ستمائة جناح قد سد الأفق وأحيانا يأتي بصورة بشر وإنسان.
على كل حال نحن علينا أن نؤمن أما كيف فإن اهتدينا إلى ذلك فزيادة علم وإن لم نهتدي فالمقصود المعنى.
شرح قول المصنف : إلى أن تقوم القيامة الكبرى
الشيخ : قال المؤلف : " ثم بعد هذا إما نعيم وإما عذاب إلى أن تقوم القيامة الكبرى "
ظاهر كلامه رحمه االله أن العذاب يستمر إلى أن تقوم الساعة، وهذا بالنسبة للكافر ظاهر.
وأما بالنسبة للمؤمن فلا، إذ قد يعذب المؤمن في قبره على حسب العمل، ثم بعد ذلك يرفع عنه العذاب، كما أن المؤمن قد يعذب في الدنيا بالمصائب حتى إنه ربما يشدد عليه عند الموت ليخرج من الدنيا وقد كفر الله عنه سيئاته.
أما الكافر فنعم يستمر عذابه إلى يوم القيامة، لأنه ليس أهلا للرحمة ورفع العذاب عنه.
ذكر بعض العلماء أنه يخفف عن الكفار ما بين النفختين، نفختي الصور، وبينهما كما ثبت في الحديث الصحيح أربعون، لكن أبو هريرة رضي الله عنه لم يعلم ما هذه الأربعون.
قيل : إنه يخفف عنهم في هذه الساعة، واستدلوا بقوله تعالى : (( قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا )). ولكن هذا ليس بلازم بالنسبة للآية، فإن صح في حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام وإلا فلا، فليست الآية صريحة في ذلك.
يقول : " إلى أن تقوم القيامة الكبرى "، إلى أن تقوم القيامة الكبرى التي يحشر فيها الناس.
وأفادنا المؤلف بقوله : " الكبرى" إلى أنه هناك قيامة صغرى، وهي قيامة كل إنسان بحسبه، فإن كل إنسان له قيامة، فمن مات، قامت قيامته، لأنه في الواقع غادر الدنيا الآن وارتحل إلى عالم الآخرة، إلى عالم الجزاء، فتكون القيامة في حقه حصلت، ولذلك قال المؤلف هنا : " القيامة الكبرى ".
وطوى المؤلف رحمه الله أشراط الساعة، فلم يذكرها، لأن المؤلف إنما يريد أن يتكلم عن اليوم الآخر، أما أشراط الساعة وهي علامات قربها فإنه لا علاقة له في اليوم الآخر وما هو إلا مجرد علامات وإنذارات لقرب قيام الساعة، ليستعد لها من يستعد.
وبعض أهل العلم الذي صنفوا في العقائد ذكروا أشراط الساعة هنا.
والحقيقة أنه ليس لها دخل في الإيمان باليوم الآخر، وإن كانت هي من الأمور الغيبية التي أشار الله إليها في القرآن وفصلها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة.
يقول : " إلى أن تقوم القيامة الكبرى ".
ظاهر كلامه رحمه االله أن العذاب يستمر إلى أن تقوم الساعة، وهذا بالنسبة للكافر ظاهر.
وأما بالنسبة للمؤمن فلا، إذ قد يعذب المؤمن في قبره على حسب العمل، ثم بعد ذلك يرفع عنه العذاب، كما أن المؤمن قد يعذب في الدنيا بالمصائب حتى إنه ربما يشدد عليه عند الموت ليخرج من الدنيا وقد كفر الله عنه سيئاته.
أما الكافر فنعم يستمر عذابه إلى يوم القيامة، لأنه ليس أهلا للرحمة ورفع العذاب عنه.
ذكر بعض العلماء أنه يخفف عن الكفار ما بين النفختين، نفختي الصور، وبينهما كما ثبت في الحديث الصحيح أربعون، لكن أبو هريرة رضي الله عنه لم يعلم ما هذه الأربعون.
قيل : إنه يخفف عنهم في هذه الساعة، واستدلوا بقوله تعالى : (( قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا )). ولكن هذا ليس بلازم بالنسبة للآية، فإن صح في حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام وإلا فلا، فليست الآية صريحة في ذلك.
يقول : " إلى أن تقوم القيامة الكبرى "، إلى أن تقوم القيامة الكبرى التي يحشر فيها الناس.
وأفادنا المؤلف بقوله : " الكبرى" إلى أنه هناك قيامة صغرى، وهي قيامة كل إنسان بحسبه، فإن كل إنسان له قيامة، فمن مات، قامت قيامته، لأنه في الواقع غادر الدنيا الآن وارتحل إلى عالم الآخرة، إلى عالم الجزاء، فتكون القيامة في حقه حصلت، ولذلك قال المؤلف هنا : " القيامة الكبرى ".
وطوى المؤلف رحمه الله أشراط الساعة، فلم يذكرها، لأن المؤلف إنما يريد أن يتكلم عن اليوم الآخر، أما أشراط الساعة وهي علامات قربها فإنه لا علاقة له في اليوم الآخر وما هو إلا مجرد علامات وإنذارات لقرب قيام الساعة، ليستعد لها من يستعد.
وبعض أهل العلم الذي صنفوا في العقائد ذكروا أشراط الساعة هنا.
والحقيقة أنه ليس لها دخل في الإيمان باليوم الآخر، وإن كانت هي من الأمور الغيبية التي أشار الله إليها في القرآن وفصلها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة.
يقول : " إلى أن تقوم القيامة الكبرى ".
شرح قول المصنف : فتعاد الأرواح إلى الأجساد .
الشيخ : " فتعاد الأرواح إلى الأجساد " تعاد الأرواح إلى الأجساد بعد أن فارقتها بالموت، وذلك أن الله تعالى يأمر إسرافيل فينفخ في الصور، فيصعق من في السماوات ومن في الأرض، إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه مرة أخرى فتتطاير الأرواح من الصور إلى أجسادها وتحل فيها .
وفي قول المؤلف : " إلى الأجساد " : إشارة أن الأرواح لا تخرج من الصور، إلا بعد أن تتكامل الأجساد مخلوقة، فإذا كملت خِلقتها، نفخ في الصور، فدخلت الأرواح أو أعيدت الأرواح إلى أجسادها.
وفي قوله : " تعاد الأرواح إلى الأجساد" دليل على أن البعث إعادة وليس تجديداً، بل هو إعادة لما زال وتغير وتحول، فإن الجسد يتحول إلى تراب، والعظام تكون رميماً، ولكن مع ذلك يجمع الله تعالى هذا المتفرق، حتى يتكون الجسد، فتعاد الأرواح إلى أجسادها.
وأما من زعم بأن الأجساد تخلق من جديد فإن هذا زعم باطل، يرده الكتاب والسنة والعقل.
أما الكتاب، فإن الله عز وجل يقول : (( وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَن عليه )) (( يعيده )) ، أي : يعيد ذلك الخلق الذي ابتدأه (( وهو أهون عليه )).
وفي الحديث القدسي : يقول الله تعالى : ( ليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ) فالكل على الله هين.
وقال الله تعالى : (( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ))، وقال تعالى : (( ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ )).
وقال تعالى في سياق المجادل المخاصم : (( مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ))
أما السنة، فهي كثيرة جداً في هذا، بين النبي صلى الله علي وسلم ( أن الناس يحشرون فيها حفاة عراة غُرلا ) الناس يحشرون فهم هم الذين يحشرون، وليس سواهم.
وأما العقل فلأنه لو قلنا بأن البعث تجديد لخلق جديد، لكان ذلك ظلما لعقوبة هذا الذي أعيد إذا كان مستحقا للعقوبة، لماذا؟ لأن هذا شيء آخر غير الأول، فكيف يعذب وهو خلق فقط من جديد، لم يعمل ولم يأثم حتى يستحق العقوبة.
فالمهم، أن البعث إعادة للأجساد السابقة.
فإذا قلت : ربما يؤكل الإنسان، تأكله السباع، ويتحول جسمه الذي أكله السبع إلى تغذية لهذا الآكل، تختلط بدمه ولحمه وعظمه وتخرج في روثه وبوله، فما الجواب على ذلك؟
الجواب على ذلك : أن الأمر هين على الله، يقول: كن! فيكون، ويتخلص هذا الجسم الذي سيبعث من كل هذه الأشياء التي اختلط بها. وقدرة الله عز وجل فوق ما نتصوره، فالله على كل شيء قدير.
المهم أن قوله : " تعاد الأرواح إلى الأجساد " يفيد أن الجسم يتكون أولا، ثم تعاد الروح إليه، كما هو كذلك في بطن أمه فإنه لا تنفخ فيه الروح حتى يتكامل، فإذا تكامل بعث إليه الملك وأمر بما يأمر به ونفخ فيه الروح.
قال : " فتعاد الأرواح إلى الأجساد ".
وفي قول المؤلف : " إلى الأجساد " : إشارة أن الأرواح لا تخرج من الصور، إلا بعد أن تتكامل الأجساد مخلوقة، فإذا كملت خِلقتها، نفخ في الصور، فدخلت الأرواح أو أعيدت الأرواح إلى أجسادها.
وفي قوله : " تعاد الأرواح إلى الأجساد" دليل على أن البعث إعادة وليس تجديداً، بل هو إعادة لما زال وتغير وتحول، فإن الجسد يتحول إلى تراب، والعظام تكون رميماً، ولكن مع ذلك يجمع الله تعالى هذا المتفرق، حتى يتكون الجسد، فتعاد الأرواح إلى أجسادها.
وأما من زعم بأن الأجساد تخلق من جديد فإن هذا زعم باطل، يرده الكتاب والسنة والعقل.
أما الكتاب، فإن الله عز وجل يقول : (( وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَن عليه )) (( يعيده )) ، أي : يعيد ذلك الخلق الذي ابتدأه (( وهو أهون عليه )).
وفي الحديث القدسي : يقول الله تعالى : ( ليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ) فالكل على الله هين.
وقال الله تعالى : (( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ))، وقال تعالى : (( ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ )).
وقال تعالى في سياق المجادل المخاصم : (( مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ))
أما السنة، فهي كثيرة جداً في هذا، بين النبي صلى الله علي وسلم ( أن الناس يحشرون فيها حفاة عراة غُرلا ) الناس يحشرون فهم هم الذين يحشرون، وليس سواهم.
وأما العقل فلأنه لو قلنا بأن البعث تجديد لخلق جديد، لكان ذلك ظلما لعقوبة هذا الذي أعيد إذا كان مستحقا للعقوبة، لماذا؟ لأن هذا شيء آخر غير الأول، فكيف يعذب وهو خلق فقط من جديد، لم يعمل ولم يأثم حتى يستحق العقوبة.
فالمهم، أن البعث إعادة للأجساد السابقة.
فإذا قلت : ربما يؤكل الإنسان، تأكله السباع، ويتحول جسمه الذي أكله السبع إلى تغذية لهذا الآكل، تختلط بدمه ولحمه وعظمه وتخرج في روثه وبوله، فما الجواب على ذلك؟
الجواب على ذلك : أن الأمر هين على الله، يقول: كن! فيكون، ويتخلص هذا الجسم الذي سيبعث من كل هذه الأشياء التي اختلط بها. وقدرة الله عز وجل فوق ما نتصوره، فالله على كل شيء قدير.
المهم أن قوله : " تعاد الأرواح إلى الأجساد " يفيد أن الجسم يتكون أولا، ثم تعاد الروح إليه، كما هو كذلك في بطن أمه فإنه لا تنفخ فيه الروح حتى يتكامل، فإذا تكامل بعث إليه الملك وأمر بما يأمر به ونفخ فيه الروح.
قال : " فتعاد الأرواح إلى الأجساد ".
شرح قول المصنف : وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله وأجمع عليها المسلمون .
الشيخ : " وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه، وعلى لسانه رسوله وأجمع عليها المسلمون ".
" تقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه ". وهذه القيامة ذكرها الله عز وجل بأوصاف عظيمة توجب الخوف والاستعداد لها.
فقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ )).
وقال تعالى : (( الْحَاقَّة ُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ )).
وقال تعالى : (( الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ )).
والأوصاف لها في القرآن كثيرة، كلها أوصاف مروعة مخوفة، لأنها عظيمة، وإذا لم نؤمن بها، فلن نعمل لها، إذ لا يمكن للإنسان أن يعمل لهذا اليوم حتى يؤمن به، وحتى يذكر له أوصافه التي توجب العمل لهذا اليوم.
ولهذا يقول : " أخبر الله بها في كتابه " نقول : وذكرها بأوصاف عظيمة، تخلع القلوب، وتوجب الخوف والاستعداد.
كذلك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأحاديث في ذكر القيامة كثيرة، بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام ما يكون فيها، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في ذكر الحوض والصراط والكتاب وغير ذلك مما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، هذان دليلان.
الدليل الثالث : قال : " وأجمع عليها المسلمون " أجمع المسلمون على هذا اليوم، على وجود يوم القيامة، ولهذا كان من أنكره، فهو كافر، من أنكر يوم القيامة فهو كافر، إلا إذا كان غريباً عن الإسلام وجاهلاً، فإنه يعرف، فإن أصر على الإنكار بعد ذلك، فهو كافر.
أيضا نقول : أجمعت عليها الكتب السماوية، هذا دليل رابع أن الكتب السماوية اتفقت على إثبات اليوم الآخر، ولهذا كان اليهود والنصارى يؤمنون بذلك، يؤمنون باليوم الآخر، حتى الآن يؤمنون به، ولهذا تسمعونهم يقولون: فلان المرحوم، أو رحمه الله، أو ما أشبه ذلك، مما يدل على أنهم يؤمنون باليوم الآخر إلى يومنا هذا.
الدليل الرابع أو الخامس؟ الخامس : العقل، فإن العقل يدل على وجود اليوم الآخر.
وجه ذلك: أنه لو لم يكن هذا اليوم، لكان إيجاد الخلائق عبثاً، والله عز وجل منزه عن العبث.
ما الحكمة من قوم يخلقون ويؤمرون وينهون ويُلزمون بما يُلزمون به ويُندبون إلى ما يُندبون إليه، ثم يموتون ولا حساب ولا عقاب؟! نعم. هل هناك حكمة؟ لا، والله عز وجل منزه عن العبث.
ولهذا قال : (( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )).
ما خلقنا عبثا ولن نرجع إلى الله.
وقال تعالى : (( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ )).
كيف يُفرض القرآن ويُفرض العمل به، ثم لا يكون هناك معاد نحاسب على ما نفذنا من هذا القرآن الذي فرض علينا؟!
فصارت الأدلة على ثبوت اليوم الآخر - يا محمد نور - كم؟
الطالب : خمسة.
الشيخ : خمسة، عدها؟
الطالب : الكتاب والسنة والإجماع والعقل والكتب السماوية.
الشيخ : الكتب السماوية الأخرى. طيب.
إذن يوم القيامة ثابت ولا بد، ولا ينكره إلا رجل مكابر أو سفيه مجنون لا يعرف عن الحِكَم شيئا.
" تقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه ". وهذه القيامة ذكرها الله عز وجل بأوصاف عظيمة توجب الخوف والاستعداد لها.
فقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ )).
وقال تعالى : (( الْحَاقَّة ُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ )).
وقال تعالى : (( الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ )).
والأوصاف لها في القرآن كثيرة، كلها أوصاف مروعة مخوفة، لأنها عظيمة، وإذا لم نؤمن بها، فلن نعمل لها، إذ لا يمكن للإنسان أن يعمل لهذا اليوم حتى يؤمن به، وحتى يذكر له أوصافه التي توجب العمل لهذا اليوم.
ولهذا يقول : " أخبر الله بها في كتابه " نقول : وذكرها بأوصاف عظيمة، تخلع القلوب، وتوجب الخوف والاستعداد.
كذلك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأحاديث في ذكر القيامة كثيرة، بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام ما يكون فيها، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في ذكر الحوض والصراط والكتاب وغير ذلك مما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، هذان دليلان.
الدليل الثالث : قال : " وأجمع عليها المسلمون " أجمع المسلمون على هذا اليوم، على وجود يوم القيامة، ولهذا كان من أنكره، فهو كافر، من أنكر يوم القيامة فهو كافر، إلا إذا كان غريباً عن الإسلام وجاهلاً، فإنه يعرف، فإن أصر على الإنكار بعد ذلك، فهو كافر.
أيضا نقول : أجمعت عليها الكتب السماوية، هذا دليل رابع أن الكتب السماوية اتفقت على إثبات اليوم الآخر، ولهذا كان اليهود والنصارى يؤمنون بذلك، يؤمنون باليوم الآخر، حتى الآن يؤمنون به، ولهذا تسمعونهم يقولون: فلان المرحوم، أو رحمه الله، أو ما أشبه ذلك، مما يدل على أنهم يؤمنون باليوم الآخر إلى يومنا هذا.
الدليل الرابع أو الخامس؟ الخامس : العقل، فإن العقل يدل على وجود اليوم الآخر.
وجه ذلك: أنه لو لم يكن هذا اليوم، لكان إيجاد الخلائق عبثاً، والله عز وجل منزه عن العبث.
ما الحكمة من قوم يخلقون ويؤمرون وينهون ويُلزمون بما يُلزمون به ويُندبون إلى ما يُندبون إليه، ثم يموتون ولا حساب ولا عقاب؟! نعم. هل هناك حكمة؟ لا، والله عز وجل منزه عن العبث.
ولهذا قال : (( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )).
ما خلقنا عبثا ولن نرجع إلى الله.
وقال تعالى : (( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ )).
كيف يُفرض القرآن ويُفرض العمل به، ثم لا يكون هناك معاد نحاسب على ما نفذنا من هذا القرآن الذي فرض علينا؟!
فصارت الأدلة على ثبوت اليوم الآخر - يا محمد نور - كم؟
الطالب : خمسة.
الشيخ : خمسة، عدها؟
الطالب : الكتاب والسنة والإجماع والعقل والكتب السماوية.
الشيخ : الكتب السماوية الأخرى. طيب.
إذن يوم القيامة ثابت ولا بد، ولا ينكره إلا رجل مكابر أو سفيه مجنون لا يعرف عن الحِكَم شيئا.
4 - شرح قول المصنف : وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله وأجمع عليها المسلمون . أستمع حفظ
شرح قول المصنف : فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين .
الشيخ : يقول : " وأجمع عليها المسلمون، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين " " يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين ".
و قوله : " من قبورهم " : هذا بناء على الأغلب الأكثر، وإلا فقد يكون الإنسان غير مدفون. المهم أنه يقوم من البرزخ.
وقوله : " لرب العالمين " ، يعني : لأن الله عز وجل يناديهم.
قال الله تعالى : (( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ )) فيقومون له، لهذا النداء العظيم من قبورهم لربهم عز وجل الذي هو رب كل شيء، رب العالمين.
قال الله تبارك وتعالى : (( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )). هذا اليوم العظيم يقوم الناس فيه من قبورهم على هذا الوصف.
و قوله : " من قبورهم " : هذا بناء على الأغلب الأكثر، وإلا فقد يكون الإنسان غير مدفون. المهم أنه يقوم من البرزخ.
وقوله : " لرب العالمين " ، يعني : لأن الله عز وجل يناديهم.
قال الله تعالى : (( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ )) فيقومون له، لهذا النداء العظيم من قبورهم لربهم عز وجل الذي هو رب كل شيء، رب العالمين.
قال الله تبارك وتعالى : (( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )). هذا اليوم العظيم يقوم الناس فيه من قبورهم على هذا الوصف.
شرح قول المصنف : حفاة عراة غرلا .
الشيخ : " حُفاة عُراة غُرلاً "
" حُفاة " : ليس عليهم نعال ولا خفاف، يعني: أنه ليس عليهم لباس للرجل.
" عراة " : ليس عليهم لباس للجسد.
" غرلاً " : لم ينقص من خلقهم شيء.
والغرل : جمع أغرل، وهو الذي لم يختن، يعني أن القلفة التي قطعت منه في الدنيا تعود يوم القيامة، لأن الله يقول : (( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ )) ، فيعاد الإنسان كاملاً، لم ينقص منه شيء، حتى القلفة التي أخذت تعود.
يعودون على هذا الوصف مختلطين رجالاً ونساء.
ولما حدّث النبي عليه الصلاة والسلام بذلك، قالت عائشة : يا رسول الله الرجال والنساء - يعني: كيف يكون هذا؟ كلهم عراة - فقال : ( الأمر أعظم من أن يُهمهم ذلك ). المسألة ما فيها نظر ذلك الوقت.
كل إنسان له شأن يغنيه (( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )). ما أحد يلتفت لأحد، ولا رجل ينظر إلى امرأة، ولا امرأة تنظر إلى رجل، حتى إذا وجد ابنه يفر منه، خوفاً من أن يطالبه بحقوق له.
وإذا كان هذا الأمر واقعا أو هو الواقع فإنه لا يمكن أن تنظر المرأة إلى الرجل، ولا الرجل إلى المرأة، الأمر أعظم.
ولكن مع ذلك، يكسون بعد هذا، وأول من يكسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
" حُفاة " : ليس عليهم نعال ولا خفاف، يعني: أنه ليس عليهم لباس للرجل.
" عراة " : ليس عليهم لباس للجسد.
" غرلاً " : لم ينقص من خلقهم شيء.
والغرل : جمع أغرل، وهو الذي لم يختن، يعني أن القلفة التي قطعت منه في الدنيا تعود يوم القيامة، لأن الله يقول : (( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ )) ، فيعاد الإنسان كاملاً، لم ينقص منه شيء، حتى القلفة التي أخذت تعود.
يعودون على هذا الوصف مختلطين رجالاً ونساء.
ولما حدّث النبي عليه الصلاة والسلام بذلك، قالت عائشة : يا رسول الله الرجال والنساء - يعني: كيف يكون هذا؟ كلهم عراة - فقال : ( الأمر أعظم من أن يُهمهم ذلك ). المسألة ما فيها نظر ذلك الوقت.
كل إنسان له شأن يغنيه (( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )). ما أحد يلتفت لأحد، ولا رجل ينظر إلى امرأة، ولا امرأة تنظر إلى رجل، حتى إذا وجد ابنه يفر منه، خوفاً من أن يطالبه بحقوق له.
وإذا كان هذا الأمر واقعا أو هو الواقع فإنه لا يمكن أن تنظر المرأة إلى الرجل، ولا الرجل إلى المرأة، الأمر أعظم.
ولكن مع ذلك، يكسون بعد هذا، وأول من يكسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
شرح قول المصنف : وتدنو منهم الشمس .
الشيخ : يقول رحمه الله : " وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق ".
" تدنو " : أي تقرب منهم الشمس.
وفي ذلك اليوم شمس وتقرب منهم مقدار ميل. وهذا الميل هل هو المسافة أو ميل المكحلة؟ أيا كان، سواء كان ميل المكحلة وقريب يعني من الرأس جدا، أو كان ميل المسافة الذي هو ثلث فرسخ فإنها قريبة، وإذا كانت هذه حرارتها في الدنيا، وبيننا وبينها من البعد شيء عظيم، فكيف إذا كانت عن الرؤوس بمقدار ميل؟!
قد يقول قائل : المعروف الآن أن الشمس لو تدنو بمقدار شعرة عن مستوى خطها، لأحرقت الأرض، نعم، فكيف يمكن أن تكون في ذلك اليوم بهذا المقدار من البعد ثم لا تحرق الخلق؟
فالجواب على ذلك: أن الناس يحشرون يوم القيامة، ليسوا على القوة التي هم عليها الآن، بل هم أقوى وأعظم وأشد تحملاً.
لو أن الناس الآن وقفوا خمسين يوماً في شمس لا ظل ولا أكل ولا شرب، اليوم هل يمكنهم ذلك؟ أبدا يموتون! لكن يوم القيامة يبقون خمسين ألف سنة، لا أكل ولا شرب ولا ظل، إلا من أظله الله عز وجل، ومع ذلك يشاهدون أهوالاً عظيمة، ليسوا نائمين أو واقفين لا يشاهدون شيئا، يشاهدون أشياء عظيمة جدا، ومع ذلك يتحملون.
في عذاب جهنم كيف يتحملون هذا التحمل العظيم؟ كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جُلُوداً غَيْرَهَا.
في أهل الجنة، ينظر الإنسان إلى ملكه مسيرة ألف عام أو ألفي عام ينظر أقصاه كما ينظر أدناه، نحن الآن ما ننظر مسيرة نصف يوم ولا لا؟ ولا شيء أبدا، طرف السوق القريب ما ننظر طرف السوق كما ننظر لجنبنا.
إذن الأجسام يوم القيامة ليست كالأجسام في الدنيا من حيث التحمل، فالشمس تدنو منهم إلى هذه المسافة ومع ذلك لا يحترقون، لأن الله عز وجل يعطيهم قوة يستطيعون أن يتحملوا كل الصعاب التي يقدرها الله عز وجل في ذلك اليوم. قال المؤلف - زين - " تدنو منهم الشمس ". هل أحد منهم يسلم منها؟
الجواب : نعم، فيه أناس يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام: ( إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله ، - والسادس - ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه - والسابع - ورجل ذكر الله خالياً، ففاضت عيناه ).
وهناك أيضاً أصناف أخرى يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وقوله : " لا ظل إلا ظله "، يعني إلا الظل الذي يخلقه، وليس كما توهم بعض الناس أنه ظل ذات الرب عز وجل، لا.
لكن في الدنيا لنا ظل، نحن الذين نبني السقوف نستظل بها، أشجار نستظل بها كهوف نستظل بها، لكن يوم القيامة، لا بناء ولا أشجار ولا كهوف إنما ظل الله عز وجل الذي يخلقه سبحانه وتعالى يستظل به من شاء من عباده.
" تدنو " : أي تقرب منهم الشمس.
وفي ذلك اليوم شمس وتقرب منهم مقدار ميل. وهذا الميل هل هو المسافة أو ميل المكحلة؟ أيا كان، سواء كان ميل المكحلة وقريب يعني من الرأس جدا، أو كان ميل المسافة الذي هو ثلث فرسخ فإنها قريبة، وإذا كانت هذه حرارتها في الدنيا، وبيننا وبينها من البعد شيء عظيم، فكيف إذا كانت عن الرؤوس بمقدار ميل؟!
قد يقول قائل : المعروف الآن أن الشمس لو تدنو بمقدار شعرة عن مستوى خطها، لأحرقت الأرض، نعم، فكيف يمكن أن تكون في ذلك اليوم بهذا المقدار من البعد ثم لا تحرق الخلق؟
فالجواب على ذلك: أن الناس يحشرون يوم القيامة، ليسوا على القوة التي هم عليها الآن، بل هم أقوى وأعظم وأشد تحملاً.
لو أن الناس الآن وقفوا خمسين يوماً في شمس لا ظل ولا أكل ولا شرب، اليوم هل يمكنهم ذلك؟ أبدا يموتون! لكن يوم القيامة يبقون خمسين ألف سنة، لا أكل ولا شرب ولا ظل، إلا من أظله الله عز وجل، ومع ذلك يشاهدون أهوالاً عظيمة، ليسوا نائمين أو واقفين لا يشاهدون شيئا، يشاهدون أشياء عظيمة جدا، ومع ذلك يتحملون.
في عذاب جهنم كيف يتحملون هذا التحمل العظيم؟ كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جُلُوداً غَيْرَهَا.
في أهل الجنة، ينظر الإنسان إلى ملكه مسيرة ألف عام أو ألفي عام ينظر أقصاه كما ينظر أدناه، نحن الآن ما ننظر مسيرة نصف يوم ولا لا؟ ولا شيء أبدا، طرف السوق القريب ما ننظر طرف السوق كما ننظر لجنبنا.
إذن الأجسام يوم القيامة ليست كالأجسام في الدنيا من حيث التحمل، فالشمس تدنو منهم إلى هذه المسافة ومع ذلك لا يحترقون، لأن الله عز وجل يعطيهم قوة يستطيعون أن يتحملوا كل الصعاب التي يقدرها الله عز وجل في ذلك اليوم. قال المؤلف - زين - " تدنو منهم الشمس ". هل أحد منهم يسلم منها؟
الجواب : نعم، فيه أناس يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام: ( إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله ، - والسادس - ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه - والسابع - ورجل ذكر الله خالياً، ففاضت عيناه ).
وهناك أيضاً أصناف أخرى يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وقوله : " لا ظل إلا ظله "، يعني إلا الظل الذي يخلقه، وليس كما توهم بعض الناس أنه ظل ذات الرب عز وجل، لا.
لكن في الدنيا لنا ظل، نحن الذين نبني السقوف نستظل بها، أشجار نستظل بها كهوف نستظل بها، لكن يوم القيامة، لا بناء ولا أشجار ولا كهوف إنما ظل الله عز وجل الذي يخلقه سبحانه وتعالى يستظل به من شاء من عباده.
شرح قول المصنف : ويلجمهم العرق .
الشيخ : قال : " ويلجمهم العرق "
" يلجمهم العرق "، أي: يصل منهم إلى موضع اللجام من الفرس، وما موضع اللجام من الفرس؟ الفم، الفم، ولكن هذا غاية ما يصل إليه العرق وإلا، فبعضهم يصل العرق إلى كعبيه، وإلى ركبتيه، وإلى حِقويه، ومنهم من يلجمه، فهم يختلفون في هذا العرق، ويعرقون من شدة الحر، ويعرقون من شدة الحر، لأن المقام مقام زحام وشدة ودنو شمس، فيعرق الإنسان، يعرق الإنسان مما يحصل في ذلك اليوم، لكنهم على حسب أعمالهم، يكون العرق على حسب أعمالهم.
فإن قلت : كيف يكون ذلك وهم في مكان واحد؟ كيف يكون ذلك وهم في مكان واحد؟
فالجواب: أننا أصلنا قاعدة يجب الرجوع إليها، وهي: أن هذه الأمور الغيبية يجب علينا أن نؤمن ونصدق دون أن نقول : كيف؟! لأنها شيء وراء عقولنا، ولا يمكن أن ندركها أو نحيط بها.
هذان رجلان دُفنا في قبر واحد: أحدهما مؤمن، والثاني: كافر، ينال المؤمن من النعيم ما يستحق، وينال الكافر من العذاب ما يستحق، وهما في قبر واحد، أليس كذلك؟ نعم، ومع هذا نقول: العرق يوم القيامة يكون هكذا، هم في مكان واحد، في موقف واحد نعم، يلجم بعضهم العرق ويصل العرق إلى بعضهم في بعضهم إلى كعبيه وإلى ركبتيه وإلى حقويه، ولا مانع.
فإن قلت : هل تقول : إن الله سبحانه وتعالى يجمع من يلجمهم العرق في مكان ومن يصل العرق إلى كعبيه في مكان، وإلى ركبتيه في مكان، وإلى حقويه في مكان؟ فما الجواب؟
الجواب : لا ندري، لا نجزم بهذا، والله أعلم، بل نقول : من الجائز أن يكون الذي يصل العرق إلى كعبه إلى جانب الذي يلجمه العرق، والله على كل شيء قدير، وهذا نظير النور الذي يكون للمؤمنين، يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، والكفار في ظلمة.
فيوم القيامة كما قلت يجب علينا أن نؤمن به، أما كيف؟! فهذا لا يرد علينا.
كما أن صفات الله سبحانه وتعالى كذلك نؤمن بها ونصدق ولكن كيف لا ترد علينا إطلاقا. نعم.
يقول : " يلجمهم العرق ". إذن كلام المؤلف رحمه الله في قوله : " يلجمهم العرق " أراد أن يبين؟ ايه؟ المنتهى وغاية العرق، وإلا فقد ثبتت الأحاديث بأن من الناس من يكون عرقه دون ذلك.
" يلجمهم العرق "، أي: يصل منهم إلى موضع اللجام من الفرس، وما موضع اللجام من الفرس؟ الفم، الفم، ولكن هذا غاية ما يصل إليه العرق وإلا، فبعضهم يصل العرق إلى كعبيه، وإلى ركبتيه، وإلى حِقويه، ومنهم من يلجمه، فهم يختلفون في هذا العرق، ويعرقون من شدة الحر، ويعرقون من شدة الحر، لأن المقام مقام زحام وشدة ودنو شمس، فيعرق الإنسان، يعرق الإنسان مما يحصل في ذلك اليوم، لكنهم على حسب أعمالهم، يكون العرق على حسب أعمالهم.
فإن قلت : كيف يكون ذلك وهم في مكان واحد؟ كيف يكون ذلك وهم في مكان واحد؟
فالجواب: أننا أصلنا قاعدة يجب الرجوع إليها، وهي: أن هذه الأمور الغيبية يجب علينا أن نؤمن ونصدق دون أن نقول : كيف؟! لأنها شيء وراء عقولنا، ولا يمكن أن ندركها أو نحيط بها.
هذان رجلان دُفنا في قبر واحد: أحدهما مؤمن، والثاني: كافر، ينال المؤمن من النعيم ما يستحق، وينال الكافر من العذاب ما يستحق، وهما في قبر واحد، أليس كذلك؟ نعم، ومع هذا نقول: العرق يوم القيامة يكون هكذا، هم في مكان واحد، في موقف واحد نعم، يلجم بعضهم العرق ويصل العرق إلى بعضهم في بعضهم إلى كعبيه وإلى ركبتيه وإلى حقويه، ولا مانع.
فإن قلت : هل تقول : إن الله سبحانه وتعالى يجمع من يلجمهم العرق في مكان ومن يصل العرق إلى كعبيه في مكان، وإلى ركبتيه في مكان، وإلى حقويه في مكان؟ فما الجواب؟
الجواب : لا ندري، لا نجزم بهذا، والله أعلم، بل نقول : من الجائز أن يكون الذي يصل العرق إلى كعبه إلى جانب الذي يلجمه العرق، والله على كل شيء قدير، وهذا نظير النور الذي يكون للمؤمنين، يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، والكفار في ظلمة.
فيوم القيامة كما قلت يجب علينا أن نؤمن به، أما كيف؟! فهذا لا يرد علينا.
كما أن صفات الله سبحانه وتعالى كذلك نؤمن بها ونصدق ولكن كيف لا ترد علينا إطلاقا. نعم.
يقول : " يلجمهم العرق ". إذن كلام المؤلف رحمه الله في قوله : " يلجمهم العرق " أراد أن يبين؟ ايه؟ المنتهى وغاية العرق، وإلا فقد ثبتت الأحاديث بأن من الناس من يكون عرقه دون ذلك.
شرح قول المصنف : فتنصب الموازين .
الشيخ : قال : " وتنصب الموازين فتوزن بها أعمال العباد ".
" تنصب الموازين " والذي ينصبها هو الله عز وجل، ينصب هذه الموازين لتوزن بها أعمال العباد.
والمؤلف يقول :" تنصب الموازين" : بالجمع.
وقد وردت النصوص بالجمع وبالإفراد.
ففي الجمع يقول الله تعالى : (( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )). وقال : (( فمن ثقلت موازينه )) (( ومن خفت موازينه )). وقال تعالى : (( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ )).
ففي القرآن أتت الموازين بالجمع.
وفي السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ). فقال : ( في الميزان ) أفرد. طيب.
فكيف الجمع ؟ كيف نجمع بين الآيات القرآنية وبين هذا الحديث ؟! نعم؟
فالجواب أن نقول : إنها جمعت باعتبار الموزون، لأن الموزون ليس واحدا بل هو متعدد، أو أنها جمعت باعتبار أن لكل أمة ميزانا، وأفردت باعتبار ميزان كل أمة، الفرق بين القولين ظاهر؟
الأول : نقول : الميزان واحد لجميع الناس، لكن تعدد باعتبار ما يوزن به، باعتبار الموزون. وحينئذ لا يعارض قوله عليه الصلاة والسلام : ( ثقيلتان في الميزان ) أو باعتبار ايش؟ تعدد الأمم يعني أن لكل أمة ميزانا، لأن هذه الأمة مثلا تعطى أجرها مرتين، تعطى أجرها مرتين، وغيرها يعطى الأجر مرة واحدة.
من هذه الأمة من يضاعف له الأجر مرتين كنساء ايش؟ كنساء النبي صلى الله عليه وسلم. فيكون هذا الميزان يتعدد باعتبار الأمم.
طيب، وقيل : إن المراد الموازين متعددة والمراد بالميزان في قوله عليه الصلاة والسلام : ( ثقيلتان في الميزان ) أي: في الوزن، فالميزان هنا ليس المراد ما يوزن به، بل المراد الوزن الي هو الفعل. ثقيلتان في الوزن.
ولكن الذي يظهر - والله أعلم - أن الميزان واحد، وأنه جمع باعتبار ايش؟ الموزون، بدليل قوله : (( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ))، ويبعد أن يكون الواحد له موازين متعددة، بل له أعمال متعددة بعضها أرجح من بعض، فالفرائض مثلا أرجح من النوافل.
الظاهر والله أعلم أنه ميزان واحد، لكن يتوقف الإنسان : هل يكون ميزاناً واحداً لجميع الأمم أو هو ميزان واحد لكل أمة، لأن الأمم كما دلت عليه النصوص تختلف باعتبار أجرها.
طيب وقوله : " تنصب الموازين" : ظاهره إن لم يكن صريحا أنها موازين حسية، وأن الوزن يكون على حسب المعهود، يعني بالرجحان يكون راجح ومرجوح، وذلك لأن الأصل في الكلمات الواردة في الكتاب والسنة الأصل حملها على المعهود المعروف إلا إذا قام دليل على أنها على خلاف ذلك.
" تنصب الموازين " والذي ينصبها هو الله عز وجل، ينصب هذه الموازين لتوزن بها أعمال العباد.
والمؤلف يقول :" تنصب الموازين" : بالجمع.
وقد وردت النصوص بالجمع وبالإفراد.
ففي الجمع يقول الله تعالى : (( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )). وقال : (( فمن ثقلت موازينه )) (( ومن خفت موازينه )). وقال تعالى : (( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ )).
ففي القرآن أتت الموازين بالجمع.
وفي السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ). فقال : ( في الميزان ) أفرد. طيب.
فكيف الجمع ؟ كيف نجمع بين الآيات القرآنية وبين هذا الحديث ؟! نعم؟
فالجواب أن نقول : إنها جمعت باعتبار الموزون، لأن الموزون ليس واحدا بل هو متعدد، أو أنها جمعت باعتبار أن لكل أمة ميزانا، وأفردت باعتبار ميزان كل أمة، الفرق بين القولين ظاهر؟
الأول : نقول : الميزان واحد لجميع الناس، لكن تعدد باعتبار ما يوزن به، باعتبار الموزون. وحينئذ لا يعارض قوله عليه الصلاة والسلام : ( ثقيلتان في الميزان ) أو باعتبار ايش؟ تعدد الأمم يعني أن لكل أمة ميزانا، لأن هذه الأمة مثلا تعطى أجرها مرتين، تعطى أجرها مرتين، وغيرها يعطى الأجر مرة واحدة.
من هذه الأمة من يضاعف له الأجر مرتين كنساء ايش؟ كنساء النبي صلى الله عليه وسلم. فيكون هذا الميزان يتعدد باعتبار الأمم.
طيب، وقيل : إن المراد الموازين متعددة والمراد بالميزان في قوله عليه الصلاة والسلام : ( ثقيلتان في الميزان ) أي: في الوزن، فالميزان هنا ليس المراد ما يوزن به، بل المراد الوزن الي هو الفعل. ثقيلتان في الوزن.
ولكن الذي يظهر - والله أعلم - أن الميزان واحد، وأنه جمع باعتبار ايش؟ الموزون، بدليل قوله : (( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ))، ويبعد أن يكون الواحد له موازين متعددة، بل له أعمال متعددة بعضها أرجح من بعض، فالفرائض مثلا أرجح من النوافل.
الظاهر والله أعلم أنه ميزان واحد، لكن يتوقف الإنسان : هل يكون ميزاناً واحداً لجميع الأمم أو هو ميزان واحد لكل أمة، لأن الأمم كما دلت عليه النصوص تختلف باعتبار أجرها.
طيب وقوله : " تنصب الموازين" : ظاهره إن لم يكن صريحا أنها موازين حسية، وأن الوزن يكون على حسب المعهود، يعني بالرجحان يكون راجح ومرجوح، وذلك لأن الأصل في الكلمات الواردة في الكتاب والسنة الأصل حملها على المعهود المعروف إلا إذا قام دليل على أنها على خلاف ذلك.
الرد على المعتزله في قولهم أنه ليس هناك ميزان حسي .
الشيخ : والمعهود المعروف عندنا أو عند المخاطبين منذ نزول القرآن إلى اليوم أن الميزان حسي، وأن هناك راجح ومرجوح، وأن الراجح هو الأكثر والأثقل.
نعم، فمثلا إذا وضعت السيئات في كفة والحسنات في كفة، إذا كان الحسنات أكثر تنزل كفة الحسنات ولا لا؟ أو ترتفع؟ تنزل، هذا هو المعروف. طيب.
خالف في ذلك جماعة :
أولا : المعتزلة قالوا : إنه ليس هناك ميزان حسي، ولا حاجة إلى الميزان الحسي، لأن الله تعالى قد علم أعمال العباد وأحصاها.
ولكن المراد بالميزان الميزان المعنوي الذي هو العدل، فيظهر العدل هناك بدون أن يوضع لسان له كفتان، ها ميزان له كفتان، بل المراد العدل.
وهذا فرع من فروع ما سماه ابن القيم بالطاغوت، وهو المجاز، هذا فرع من فروع المجاز، أو القول بالمجاز، لأنهم يقولون في مثل هذا: إنه مجاز عن كذا، فالموازين مجاز عن العدل، طيب كيف نقول مجاز عن العدل وهي صريحة؟!
ولا شك أن قول المعتزلة باطل، لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف.
ولأننا إذا قلنا : إن المراد بالميزان العدل، فلا حاجة إلى أن نتكلم عن الميزان، بل نقول بالعدل، لأنه حتى العدل أحب إلى النفس من كلمة ميزان، إذ أن الميزان قد يوجد ولا يوجد العدل، أليس كذلك؟ ما أكثر الذين يبخسون المكاييل والموازين! لكن إذا قيل العدل صار أحب إلى النفوس وأظهر، ولهذا قال الله تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ )) فقولهم بلا شك باطل وخلاف الحق خلاف ظاهر النص وإجماع السلف على ذلك.
طيب، فيه من يرى بأن الرجحان هو للعالي، للعالي، يعني يقول : إذا وضعت الحسنات في كفة والسيئات في كفة فالذي يرتفع هو الراجح، وهذا هذا خلاف المعهود أيضا، هذا خلاف المعهود، وقوله لأنه يحصل فيه العلو، نقول: لكن يحصل فيه النقص، لأنه لا يرتفع إلا إذا كان ناقصا، وحينئذ يجب أن نجري الأمر على ظاهره. ونقول: إنه إن الراجح هو الذي ينزل.
ويدل لذلك حديث صاحب البطاقة، فإن فيه أن السجلات تطيش، ترتفع، وهذا واضح بأن الرجحان يكون بالنزول. نعم. ..
الطالب : في القرآن يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب : (( أما من ثقلت موازينه )).
الشيخ : أي ما يخالف يقول هي تثقل لكن ترتفع. أي نعم. طيب.
الطالب : ... .
الشيخ : اه.
الطالب : أقول فيه فاصل للأسئلة ولا لا؟
الشيخ : والله.
الطالب : (( يظلهم الله في ظل عرشه )) السبعة.
الشيخ : أي نعم.
الطالب : هذا صحيح ولا لا؟
الشيخ : إن جاء في الحديث ( ظل عرشه ) ما يمتنع، وهذا بعيد، لكن العرش يطلق في اللغة العربية على ما هو أعم من ذلك، ومنه عريش النخل، عريش العنب، وما أشبه ذلك، قد يكون عرش معناه ظل. أي نعم.
الطالب : شيخ. ورد أن يقتص حتى من الحيونات بعضها من بعض ... .
الشيخ : أي. أي نعم.
طيب، المؤلف رحمه الله يعني طوى ذكر الحيوانات، لأنه يريد أن يثبت ما ينتفع به الإنسان وإلا لا شك أن الوحوش تحشر بل كل دابة تحشر (( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون )). كل شيء يحشر، ويحشر مع الناس، ويحشر مع الناس.
طيب، إذن نستدل على، نستدل.
الطالب : ... قلتم أنها تحشر مع الناس.
الشيخ : نعم.
الطالب : يا شيخ بالنسبة للحساب ما تحاسب؟
الشيخ : لا، تحاسب يقتص يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، ثم بعد ذلك يأمرها الله فتكون ترابا.
الطالب : يا شيخ هل هي مكلفة في الدنيا ليقتص لها في الآخرة ؟
الشيخ : اه؟ فيما بينها يقام العدل فيما بينها لكن بالنسبة لنا نعاقب عليها، نعاقب عليها. ولا أدري هل تعاقب علينا أم لا؟ هذه الله أعلم.
الطالب : يا شيخ نحن نعرف التحليل والتحريم في الدنيا بدليل أن الإنسان ... أن يعرف أنه قد عمل محرما. أما.
الشيخ : هذا يقتص لإظهار العدل، لأن الشاة مثلا الي لها قرن إذا نطحت الشاة الي ما لها قرن هذيك تتـألم، ولهذا إذا رأتها بعد ذلك تهرب منها.
الطالب : لكن... .
الشيخ : فالله عز وجل لكمال عدله يقضي بينهما.
الطالب : هل تدركها يا شيخ ... ؟
الشيخ : تدركها وما تدركها، آمن بما جاء به النص واترك، أنا قلت لك مثل هذه المسائل لا يجوز أننا نلقيها، الرسول لما رآى شاتين تتناطحان قال لأحد الصحابة عنده : ( أتدري فيما ينتطحان؟ قال الله ورسوله أعلم قال : لكن الله يدري وسيقضي بينهما ). أي نعم. طيب. نقول : فتنصب الموازين انتهينا من كلمة الموازين الجمع بينها وبين الميزان بلفظ الإفراد.
نعم، فمثلا إذا وضعت السيئات في كفة والحسنات في كفة، إذا كان الحسنات أكثر تنزل كفة الحسنات ولا لا؟ أو ترتفع؟ تنزل، هذا هو المعروف. طيب.
خالف في ذلك جماعة :
أولا : المعتزلة قالوا : إنه ليس هناك ميزان حسي، ولا حاجة إلى الميزان الحسي، لأن الله تعالى قد علم أعمال العباد وأحصاها.
ولكن المراد بالميزان الميزان المعنوي الذي هو العدل، فيظهر العدل هناك بدون أن يوضع لسان له كفتان، ها ميزان له كفتان، بل المراد العدل.
وهذا فرع من فروع ما سماه ابن القيم بالطاغوت، وهو المجاز، هذا فرع من فروع المجاز، أو القول بالمجاز، لأنهم يقولون في مثل هذا: إنه مجاز عن كذا، فالموازين مجاز عن العدل، طيب كيف نقول مجاز عن العدل وهي صريحة؟!
ولا شك أن قول المعتزلة باطل، لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف.
ولأننا إذا قلنا : إن المراد بالميزان العدل، فلا حاجة إلى أن نتكلم عن الميزان، بل نقول بالعدل، لأنه حتى العدل أحب إلى النفس من كلمة ميزان، إذ أن الميزان قد يوجد ولا يوجد العدل، أليس كذلك؟ ما أكثر الذين يبخسون المكاييل والموازين! لكن إذا قيل العدل صار أحب إلى النفوس وأظهر، ولهذا قال الله تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ )) فقولهم بلا شك باطل وخلاف الحق خلاف ظاهر النص وإجماع السلف على ذلك.
طيب، فيه من يرى بأن الرجحان هو للعالي، للعالي، يعني يقول : إذا وضعت الحسنات في كفة والسيئات في كفة فالذي يرتفع هو الراجح، وهذا هذا خلاف المعهود أيضا، هذا خلاف المعهود، وقوله لأنه يحصل فيه العلو، نقول: لكن يحصل فيه النقص، لأنه لا يرتفع إلا إذا كان ناقصا، وحينئذ يجب أن نجري الأمر على ظاهره. ونقول: إنه إن الراجح هو الذي ينزل.
ويدل لذلك حديث صاحب البطاقة، فإن فيه أن السجلات تطيش، ترتفع، وهذا واضح بأن الرجحان يكون بالنزول. نعم. ..
الطالب : في القرآن يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب : (( أما من ثقلت موازينه )).
الشيخ : أي ما يخالف يقول هي تثقل لكن ترتفع. أي نعم. طيب.
الطالب : ... .
الشيخ : اه.
الطالب : أقول فيه فاصل للأسئلة ولا لا؟
الشيخ : والله.
الطالب : (( يظلهم الله في ظل عرشه )) السبعة.
الشيخ : أي نعم.
الطالب : هذا صحيح ولا لا؟
الشيخ : إن جاء في الحديث ( ظل عرشه ) ما يمتنع، وهذا بعيد، لكن العرش يطلق في اللغة العربية على ما هو أعم من ذلك، ومنه عريش النخل، عريش العنب، وما أشبه ذلك، قد يكون عرش معناه ظل. أي نعم.
الطالب : شيخ. ورد أن يقتص حتى من الحيونات بعضها من بعض ... .
الشيخ : أي. أي نعم.
طيب، المؤلف رحمه الله يعني طوى ذكر الحيوانات، لأنه يريد أن يثبت ما ينتفع به الإنسان وإلا لا شك أن الوحوش تحشر بل كل دابة تحشر (( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون )). كل شيء يحشر، ويحشر مع الناس، ويحشر مع الناس.
طيب، إذن نستدل على، نستدل.
الطالب : ... قلتم أنها تحشر مع الناس.
الشيخ : نعم.
الطالب : يا شيخ بالنسبة للحساب ما تحاسب؟
الشيخ : لا، تحاسب يقتص يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، ثم بعد ذلك يأمرها الله فتكون ترابا.
الطالب : يا شيخ هل هي مكلفة في الدنيا ليقتص لها في الآخرة ؟
الشيخ : اه؟ فيما بينها يقام العدل فيما بينها لكن بالنسبة لنا نعاقب عليها، نعاقب عليها. ولا أدري هل تعاقب علينا أم لا؟ هذه الله أعلم.
الطالب : يا شيخ نحن نعرف التحليل والتحريم في الدنيا بدليل أن الإنسان ... أن يعرف أنه قد عمل محرما. أما.
الشيخ : هذا يقتص لإظهار العدل، لأن الشاة مثلا الي لها قرن إذا نطحت الشاة الي ما لها قرن هذيك تتـألم، ولهذا إذا رأتها بعد ذلك تهرب منها.
الطالب : لكن... .
الشيخ : فالله عز وجل لكمال عدله يقضي بينهما.
الطالب : هل تدركها يا شيخ ... ؟
الشيخ : تدركها وما تدركها، آمن بما جاء به النص واترك، أنا قلت لك مثل هذه المسائل لا يجوز أننا نلقيها، الرسول لما رآى شاتين تتناطحان قال لأحد الصحابة عنده : ( أتدري فيما ينتطحان؟ قال الله ورسوله أعلم قال : لكن الله يدري وسيقضي بينهما ). أي نعم. طيب. نقول : فتنصب الموازين انتهينا من كلمة الموازين الجمع بينها وبين الميزان بلفظ الإفراد.
شرح قول المصنف : فتوزن بها أعمال العباد .
الشيخ : ثم قال : " فتوزن بها أعمال العباد " " توزن بها أعمال العباد ".
وكلامه رحمه الله صريح بأن الذي يوزن العمل، بأن الذي يوزن العمل.
وكلامه رحمه الله صريح بأن الذي يوزن العمل، بأن الذي يوزن العمل.
المبحث الأول : كيف يوزن العمل والعمل وصف قائم بالعامل وليس جسماً حتى يوزن .
الشيخ : وهنا مباحث :
المبحث الأول: كيف يوزن العمل، والعمل وصف قائم بالعامل، وليس جسماً حتى يوزن؟!
فالجواب على ذلك أن يقال : إن الله سبحانه وتعالى يجعل هذه الأعمال أجساماً، يجعلها أجساما، فيتجسم العمل بحسبه، وليس هذا بغريب على قدرة الله عز وجل.
وله نظير، وهو الموت، فإن الموت يجعل على صورة كبش، ويذبح بين الجنة والنار، يقال يا أهل الجنة ويا أهل النار فيطلعون ويشرئبون. فيقال : هل تعرفون هذا فيقال نعم هذا الموت. مع أن الموت معنى، وليس بجسم، وليس الذي يذبح ملك الموت، ولكنه نفس الموت حيث يجعله الله تعالى جسماً يشاهد ويرى. كذلك الأعمال يجعلها الله سبحانه وتعالى أجساماً توزن بهذا الميزان الحسي.
طيب. المبحث الثاني : صريح كلام المؤلف أن الذي يوزن العمل، سواء كان خيراً أم شراً.
وهذا هو ظاهر القرآن، كما قال الله تبارك تعالى : (( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ )). فهذا واضح أن الذي يوزن ايش؟ العمل، يعمل مثقال ذرة.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان )، وهذا صريح أيضا في أن الذي يوزن العمل.
والنصوص في هذا كثيرة أن الذي يوزن العمل. ولكن هناك نصوص قد يخالف ظاهرها هذا ...، منها : حديث صاحب البطاقة، ( رجل يؤتى به على رؤوس الخلائق، وتعرض عليه أعماله ويؤتى بسجلات عليه ... فإذا رأى أنه قد هلك قال الله له : إنك لا تظلم شيئا، إن لك عندنا حسنة، فيؤتى ببطاقة صغيرة، فيها : أشهد أن لا إله إلا الله ).
المبحث الأول: كيف يوزن العمل، والعمل وصف قائم بالعامل، وليس جسماً حتى يوزن؟!
فالجواب على ذلك أن يقال : إن الله سبحانه وتعالى يجعل هذه الأعمال أجساماً، يجعلها أجساما، فيتجسم العمل بحسبه، وليس هذا بغريب على قدرة الله عز وجل.
وله نظير، وهو الموت، فإن الموت يجعل على صورة كبش، ويذبح بين الجنة والنار، يقال يا أهل الجنة ويا أهل النار فيطلعون ويشرئبون. فيقال : هل تعرفون هذا فيقال نعم هذا الموت. مع أن الموت معنى، وليس بجسم، وليس الذي يذبح ملك الموت، ولكنه نفس الموت حيث يجعله الله تعالى جسماً يشاهد ويرى. كذلك الأعمال يجعلها الله سبحانه وتعالى أجساماً توزن بهذا الميزان الحسي.
طيب. المبحث الثاني : صريح كلام المؤلف أن الذي يوزن العمل، سواء كان خيراً أم شراً.
وهذا هو ظاهر القرآن، كما قال الله تبارك تعالى : (( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ )). فهذا واضح أن الذي يوزن ايش؟ العمل، يعمل مثقال ذرة.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان )، وهذا صريح أيضا في أن الذي يوزن العمل.
والنصوص في هذا كثيرة أن الذي يوزن العمل. ولكن هناك نصوص قد يخالف ظاهرها هذا ...، منها : حديث صاحب البطاقة، ( رجل يؤتى به على رؤوس الخلائق، وتعرض عليه أعماله ويؤتى بسجلات عليه ... فإذا رأى أنه قد هلك قال الله له : إنك لا تظلم شيئا، إن لك عندنا حسنة، فيؤتى ببطاقة صغيرة، فيها : أشهد أن لا إله إلا الله ).
اضيفت في - 2007-02-04