تتمة شرح قول المصنف : بعد أن يتراجع الأنبياء : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم من الشفاعة
يأتون إلى موسى لماذا؟ لأنه أفضل أنبياء بني إسرائيل، فيأتون إليه، ويعتذر، بماذا؟ بأنه قتل نفسا لم يؤمر بقتلها، وهي القبطي، لأنه خرج ذات يوم فوجد رجلين يقتتلان هذا من شيعته من بني إسرائيل وهذا من عدوه من الأقباط (( فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه )) نعم؟ (( فوكزه موسى فقضى عليه ))، وهو لم يؤمر بقتله فيعتذر بهذا العذر.
ثم يأتون إلى إلى عيسى عليه الصلاة والسلام آخر الأنبياء قبل النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يعتذر، لا يذكر ذنبا، لكنه يحول أو يحيل الناس إلى من هو أفضل، يقول : اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فإن قلت : لماذا لم يلق الله عز وجل في قلوب هؤلاء الناس أن يذهبوا إلى محمد من أول الأمر؟
فالجواب : من أجل أن يتبين فضل الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا من المقام المحمود الذي قال الله فيه : (( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )) هذا ما ظهر لنا، وقد يكون هناك حكم أعظم من هذا. يقول. طيب.
يقول : " حتى تنتهي إليه " إلى من ؟ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها ثم يقوم فيستأذن من الله عز وجل فيأذن له ويسجد تحت العرش، ويفتح الله عليه من المحامد والثناء على الله عز وجل ما لم يفتحه عليه من قبل، ثم يقول له : ( ارفع رأسك وقل تسمع واشفع تشفع ). فيشفع في أهل الموقف فينزل الله عز وجل للقضاء بين عباده.
هذه الشفاعة العظمى لا تكون لأحد أبداً إلا لمن؟ للرسول عليه الصلاة والسلام، وهي أعظم الشفاعات، لأن فيها إراحة الناس من هذا الموقف العظيم والكرب والغم. شوف الناس الآن يذهبون إلى كل هؤلاء الرسل الكرام، إلى آدم وهو نبي، إلى نوح وهو رسول، إلى إبراهيم وهو أفضل الرسل بعد محمد عليه الصلاة والسلام، إلى موسى، إلى عيسى.
هؤلاء الرسل الذي ذكروا في حديث الشفاعة كلهم من أولي العزم. اه.
الطالب : إلا آدم.
الشيخ : ما هو رسول آدم، آدم نبي. نعم كل الرسل الي ذكروا كلهم هم أولو العزم. وقد ذكرهم الله تعالى في موضعين من القرآن : في سورة الأحزاب، وفي سورة الشورى.
في سورة الأحزاب : (( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ )).
وفي الشورى : (( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى )). والله أعلم. نقف على هذا.
1 - تتمة شرح قول المصنف : بعد أن يتراجع الأنبياء : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم من الشفاعة أستمع حفظ
سؤال :كيف يجمع بين أن آدم أبو البشر وأن نوحا كذلك؟
الشيخ : نعم.
السائل : بين آدم ونوح عشرة قرون.
الشيخ : نعم.
السائل : كلها المعروف أنها كلها ... .
الشيخ : أي نعم.
السائل : أنه أبو البشر.
الشيخ : نعم.
السائل : لأن من بعد نوح ما بقيت إلا ذرية نوح لكن من قبله ... .
الشيخ : ايه، ويش الإشكال؟
السائل : قلت أبو البشر.
الشيخ : أيه، آدم أبو البشر.
السائل : ... .
الشيخ : آدم أبو البشر، أما نوح أبو البشر بعد، الأب الثاني، الأب الثاني للبشر.
السائل : لكن فيه بشر بين نوح وآدم.
الشيخ : أي أي، نعم، ولهذا آدم أبو البشر كلهم، وهذا أبو البشر الذين بعده، نوح. أي الي بعد نوح.
السائل : بعد نوح.
الشيخ : بعد نوح هو أبوهم، فهو الأب الثاني.
سؤال :هل عصاة الموحدين يشربون من الحوض ؟
الشيخ : أي نعم، يشربون، لكنهم لكن شربهم يختلف، فشرب العاصي ليس كشرب المطيع أي نعم.
سؤال ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام " من بدل دينه قاقتلوه".
الشيخ : إي بدل هنا التبديل تبديل الإسلام (( من بدل دينه فاقتلوه )) يعني بذلك أصحاب الردة الذين ارتدوا بعد الرسول عليه الصلاة والسلام هؤلاء ما يشربون.
السائل : هل المقصود به الابتداع في الدين ؟
الشيخ : لا مو هذا.
سؤال ما هي الكذبات التي لابراهيم عليه السلام ؟
الشيخ : نعم.
السائل : ما هي؟
الشيخ : قوله هذا ربي، وقوله فعله كبيرهم هذا، وقوله إني سقيم، وبعض الروايات قوله لملك مصر إن هذا أختي يعني زوجته.
السائل : ماريا يعني.
الشيخ : لا، زوجته سارة.
سؤال هل الجنة الآن مغلقة ؟
الشيخ : الآن ما ندري، لكن عندما يصلون إليها يجدونها مغلقة.
السائل : طيب شيخ كيف الحديث : ( إذا أتى رمضان تفتح أبواب الجنة )؟
الشيخ : أقول الآن ما ندري، وتفتيح الجنة في رمضان يقتضي أيضا إنها في غير رمضان مغلقة، ولكن حديث عمر في الوضوء يقتضي أنها تفتح للمتوضئ الذي تشهد.
السائل : طيب يا شيخ ما فائدة تفتح أبواب الجنة في رمضان ولا يدخلها أحد، ما الفائدة؟
الشيخ : الفائدة لأجل حث الناس على كثرة العمل، الفائدة حث الناس على كثرة العمل. نعم حمد.
سؤال :ما معنى قوله تعالى "وإن منكم إلا واردها"؟
الشيخ : أي، هذه فيه خلاف في قوله : (( وإن منكم إلا واردها )) هذا فيه خلاف هل إن المراد بالورود العبور على الصراط وهذا هو الأرجح، أو المراد بالورود دخولها لكنهم لا يعذبون بها.
السائل : شيخ في صحيح البخاري يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ... إلا حرم الله عليه النار إلا تحلة القسم ).
الشيخ : نعم.
السائل : ... .
الشيخ : نعم نعم.
السائل : ما هو صريح؟
الشيخ : لا ما هو صريح، فيه أحاديث أصرح منه بأن المراد المرور حديث أم سلمة أظن. نعم.
سؤال :هل المنافقون يمرون على الصراط ؟
الشيخ : ها؟
السائل : المنافقون.
الشيخ : أي.
السائل : هل يعبرون الصراط؟
الشيخ : لا لا، ما يعبرون الصراط المنافقون (( ضرب بينهم بسور له باب باطنه في الرحمة وظاهره من قبله العذاب )).
السائل : قبل الصراط؟
الشيخ : قبل الصراط.
سؤال :هل ماء الكوثر كماء الحوض ؟
الشيخ : هو الظاهر أن كل مياه الجنة بهذه المثابة، يعني الماء فيها أنهار من ماء وأنهار من لبن وأنهار من خمر وأنهار من عسل.
السائل : لا، يعني هل يقال إن ماء الكوثر هو أشد بياضا من ؟
الشيخ : الله أعلم، الله أعلم.
سؤال هل الحوض مربع؟
الشيخ : أي نعم.
السائل : ... .
الشيخ : نعم
السائل : ... .
الشيخ : أي، يقول العلماء إنه لو كان مربعا لكانت الزوايا أكثر من الشهر .
السائل : ... .
الشيخ : الآن هذا المربع، المسافة من هذه إلى هذه طويلة طويلة ما يكون طول شهر، وهو يقول طوله شهر وعرضه شهر.
السائل : ... .
الشيخ : ... .
السائل : الشرب سيكون على الجنبات.
الشيخ : ثم غالبا إن الحوض، حوض الإبل وشبهه الغالب إنه مدور، لكن هذا ما نعتبره، نعتبر إنه طوله وعرضه من جميع الجوانب، إذا كان طوله وعرضه من جميع الجوانب شهر لزم أن يكون مدورا.
السائل : شيخ المدور ما له طول وعرض.
الشيخ : كيف؟ كيف؟ له طول وعرض.
السائل : ... الطول هو العرض .
الشيخ : أي أي نعم.
السائل : إذا كان في دائرة يمكن يصل هذا إلى هنا أقل من شهر.
الشيخ : اه؟
السائل : إذا كان مدورا يمكن يصل من طرف لطرف في أقل من شهر.
الشيخ : شلون هذا؟
السائل : إذا كان مدورا هكذا.
الشيخ : ايه.
السائل : وكان مدورا هكذا.
الشيخ : ايه.
السائل : يصل من هنا إلى هنا في أقل من شهر.
الشيخ : كيف؟
السائل : ... .
الشيخ : هو أصلا لا بد أن يكون مستقيما مو تجي من الجانب.
السائل : ... .
الشيخ : ها.
السائل : ... .
الشيخ : كيف؟
السائل : ... .
الشيخ : لا هو قال : قال العلماء إنه مدور بهذا الحديث.
السائل : ممكن في زمنهم ما في شيء مربع ... .
الشيخ : لا لا، لا في.
كيف يجمع بين ما جاء أن من شرب من الحوض لايظمأ بعدها أبدا وما جاء أن أهل الجنة يشربون فيها ؟
الشيخ : نعم.
السائل : طيب في الجنة ما يشرب؟
الشيخ : لا، هو ما قال ما يشرب يقول ما يظمأ، يعني شربه في الجنة من باب التنعم و التلذذ، أي نعم، مهو من باب الحاجة مهو من الحاجة، تلذذا. نعم يا غانم.
السائل : طيب المنافقين ... ما يكون على الصراط؟
الشيخ : لالا في عرصات القيامة، يعني قبل الصراط، قبل الصراط، هم أصلا ما يعبر الصراط إلا من كان مؤمنا، لكن مسألة العصاة يحصل لهم ما يحصل.
السائل : ... في الدنيا، يمشون على الصراط ...
الشيخ : أي.
السائل : ويطفى النور.
الشيخ : أي.
السائل : ... .
الشيخ : لا مهو هذا.
السائل : شيخ شيخ.
الشيخ : نعم.
السائل : الشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم عذاب؟
الشيخ : ايش؟
السائل : الشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم عذاب أم رحمة؟
الشيخ : لا، رحمة. الشرب من حوض الرسول عذاب!
السائل : أنت تقول أنه قبل أن يعبر الصراط.
الشيخ : أي نعم. هو رحمة.
السائل : وقلت أيضا أنه يختلف شربهم.
الشيخ : يختلف نعم. يعني مثلا المؤمن الي تمسك بالشريعة بقدر ما يستطيع ما هو مثل العاصي. نعم
11 - كيف يجمع بين ما جاء أن من شرب من الحوض لايظمأ بعدها أبدا وما جاء أن أهل الجنة يشربون فيها ؟ أستمع حفظ
هل تكليف الجن كتكليف الإنس؟
الشيخ : ها.
السائل : تكليف الجن هل هو مماثل يعني لتكليف الإنسان ... .؟
الشيخ : ما مر علينا هذا؟ تكليف الجن هل هو مساوي لتكليف الإنس ولا لا؟ هل مر علينا ولا لا؟
السائل : ما أذكر أنه مر.
الشيخ : لا، مر علينا، ويش قلنا؟
الطالب : ... .
الشيخ : قلنا يحتمل أنهم سواء، لأن الأحاديث، لأن النصوص عامة، ويحتمل أنهم يختلفون وأن الجن مكلفون بما يليق بهم كما أن الإنس أيضا مكلفون بما يليق بهم، فصاحب المال عليه الزكاة والفقير لا زكاة عليه، والقادر على القيام على الصلاة يصلي قائما والعاجز يصلي قاعدا، فإذا كان التكليف بالنسبة للإنس يختلف بحسب حالهم، فكذلك بالنسبة للجن. هذا الجن لهم عبادات خاصة. ولهذا يجدون العظام التي ليس فيها لحم يجدونها أوفر ما يكون لحما.
أي، شيخ الإسلام يقول إن تكليفهم ليس مساويا لتكليف الإنس، لأنهم يختلفون عنهم في الحد والحقيقة.
السائل : ... لما قرأت لشيخ الإسلام، النصوص كما ذكرت عامة، وش اللي ... هذا الذي أريد ؟
الشيخ : هو يقول : لما افترق الجنس افترق الحكم.
السائل : ... .
الشيخ : ايه.
السائل : ... .
الشيخ : ما هم من جنس البشر، لا شك، ما هم من جنس البشر.
الطالب : في درس اليوم ؟
الشيخ : لا لا الأسبوع القادم.
مراجعة.
سبق لنا أن الشفاعة في اللغة العربية جعل الوتر شِفعا أو شَفعا كأن نجعل الواحد اثنين والثلاثة أربعة والخمسة ستة، وهكذا. وأنها في الاصطلاح التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة. وأن مقام الشافع أعلى من مقام المشفوع له، وأن الله تعالى يأذن فيها لفائدتين : فائدة المشفوع له، وفائدة الشافع، ليكرمه وينال المقام المحمود.
وأن للنبي عليه الصلاة والسلام في القيامة ثلاث شفاعات، شفاعاتان خاصتان، وشفاعة عامة له ولغيره.
الشفاعة الخاصة الأولى منهما، الشفاعة الخاصتان الأولى منهما : الشفاعة في أهل الموقف حتى يُقضى بينهم، وهذه الشفاعة يتراجع فيها الأنبياء أولوا العزم وآدم، يذهب الناس إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، حتى تنتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقوم ويشفع عند الله بإذن الله حتى يقضي الله تعالى بين العباد.
وهذه من المقام المحمود الذي وعده الله به في قوله : (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمود )).
.شرح قول المصنف : وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة وهاتان الشفاعتان خاصتان له
ولكنهم إذا أتوا إلى الجنة، لا يجدونها مفتوحة كما يجد ذلك أهل النار. أهل النار (( حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها )). هؤلاء إذا جاؤوها لم تفتح الأبواب حتى يشفع النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة في أن يدخلوها، فيشفع النبي عليه الصلاة والسلام فتفتح الأبواب فيدخل كل إنسان من باب العمل الذي يكون أكثر اجتهاداً فيه من غيره، وإلا، فإن المسلم قد يدعى من كل الأبواب.
طيب. هذه الشفاعة ثبتت بها الأحاديث عن النبي عليه الصلا والسلام ويشير إليها القرآن، لأن الله قال في أهل الجنة : (( حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها )). وهذا يدل على أن هناك شيئا بين وصولهم إليها وبين فتح الأبواب.
طيب هذه خاصة بالرسول عليه الصلاة والسلام.
فيه أيضاً شفاعة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ثالثة لا تكون لغيره، وهي الشفاعة في عمه أبي طالب، وأبو طالب كما ثبت في الصحيحين وغيرهما مات على الكفر، وفضل الله يؤتيه من يشاء، فأعمام الرسول عليه الصلاة والسلام أربعة المشهورون منهم، هذا أبو لهب وأساء إلى النبي عليه الصلاة والسلام إساءة عظيمة، وأبو طالب وأحسن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن حكمة الله عز وجل أن بقي على كفره، لأنه لولا كفره، ما حصل هذا الدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام، لكان يؤذى كما يؤذى الرسول عليه الصلاة والسلام. لكن بجاهه العظيم عند قريش وبقائه على دينهم صاروا يعظمونه، وصار للرسول عليه الصلاة والسلام شيء من الجانب. طيب.
العم الثالث العباس، والرابع حمزة. حمزة أفضل من العباس حتى سماه الرسول عليه الصلاة والسلام أسد الله وأسد رسوله، وقتل شهيداً في أحد رضي الله عنه وأرضاه.
طيب، المهم أن أبا طالب أذن الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يشفع فيه مع أنه كافر، فيكون هذا مخصوصاً من قوله تعالى : (( فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ))، ولكنها شفاعة لم تخرجه من النار، بل كان في ضحضاح من نار وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه أعوذ بالله، قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ولولا أنا، لكان في الدرك الأسفل من النار ) فهذه شفاعة لكنها خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم. وهل هذا من أجل شخصية أبي طالب؟ لا، لكن من أجل ما حصل من دفاعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه أذن الله لنبيه أن يشفع فيه هذه الشفاعة التي تعتبر شفاعة ليست كاملة. نعم.
قال المؤلف: " وهذه الشفاعة " وهذه نعم.
14 - .شرح قول المصنف : وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة وهاتان الشفاعتان خاصتان له أستمع حفظ
شرح قول المصنف : وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق النار وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها
وهذه لها صورتان : يشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها.
والمراد بذلك عصاة المؤمنين دون الكفار، الكفار ما فيهم شفاعة أبدا، لكن عصاة المؤمنين يأذن الله للرسول عليه الصلاة والسلام أن يشفع فيهم فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها.
أما من دخلها ليخرج منها، فالأحاديث في هذا كثيرة جداً، بل متواترة.
وأما من استحقها أن لا يدخلها، فهذه قد تستفاد من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالمغفرة والرحمة على جنائزهم، فإنه من لازم ذلك أن لا يدخل النار، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين ) إلى آخر الحديث.
طيب، يشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها.
هذه الشفاعة ينكرها من أهل البدع طائفتان، الطائفة الأولى المعتزلة، والطائفة الثانية الخوارج، لأن المعتزلة والخوارج مذهبهما في فاعل الكبيرة أنه مخلد في نار جهنم، فيرون من زنى كمن أشرك بالله وزنى وسرق وشرب الخمر وقتل النفس وفعل كل معصية، يرون أنهما سواء ولهذا لا يرون الشفاعة فيمن استحق النار لا فيمن استحقها أن لا يدخلها، ولا فيمن دخلها أن يخرج منها، لأن مذهبهم أن فاعل الكبيرة ها؟ مخلد في النار. وعلى هذا فلا تنفع فيهم الشفاعة كما لا تنفع في المشركين وغيرهم.
قال : " وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم " يعني أنها ليست خاصة به، تكون للنبيين يشفعون في عصاة قومهم، وللصديقين يشفعون أيضا في عصاة أقاربهم وغيرهم من المؤمنين، وكذلك لغيرهم من الصالحين، حتى يشفع الرجل في أهله وفي جيرانه وفيما أشبه ذلك، ولكن لا بد في هذه الشفاعة من ثلاثة شروط، لا بد فيها من ثلاثة شروط، الشرط الأول : إذن االله تعالى فيها.
والشرط الثاني : رضاه عن الشافع.
والشرط الثالث : رضاه عن المشفوع له.
وقد اجتمعت الشروط الثلاثة في قوله تعالى : (( وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى )). يرضى من؟ الشافع والمشفوع له. وفصلت في قوله تعالى : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) هذا الإذن، وفي قوله : (( يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمان ورضي له قولا ))، وفي قوله : (( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )). المهم أن هذا النوع من الشفاعة لا بد فيه من هذه الشروط الثلاثة.
أما الشفاعة العظمى الأولى فمن المعلوم أن المشفوع له ليس مرضيا عند الله كله، لأن الموقف يشمل المؤمنين والكافرين، نعم.
قال : " ويخرج الله تعالى من النار أقواماً بغير شفاعة " ، يعني من عصاة المؤمنين.
15 - شرح قول المصنف : وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق النار وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها أستمع حفظ
شرح قول المصنف : ويخرج الله من النار أقواما بغير شفاعة بل بفضله ورحمته
قال : " و يبقى في الجنة فضل ". نعم. انتهى.
شرح قول المصنف : ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا فينشيء الله لها أقواما فيدخلهم الجنة . وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار
الجنة عرضها السماوات والأرض، ولو أن السماوات والأرض مدت بعضها إلى جنب بعض ويش تكون ؟ ما لها نهاية، لأنه الأرض كما تشاهدون واسعة، والسماء البعيدة عنا واسعة سعة عظيمة، والسماء الي فوقها أوسع بكثير، وهكذا كل سماء أوسع من التي تحتها، الجنة التي عرضها السماوات والأرض، ولهذا لا غرابة أن يرى الإنسان ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه، ألف عام، ألف عام لواحد من الناس، نعم هذه الجنة التي عرضها السماوات والأرض يدخلها أهلها، ولكن لا تمتلئ.
وقد تكفل الله عز وجل للجنة وللنار لكل واحدة بملئها : الجنة يبقى بها فضل ماذا يكون العمل؟ كل أهل النار ما فيها إلا أهل النار الآن، ما فيها أحد يستحق أن يخرج من النار ويدخل الجنة، لكن ينشئ الله لها أقواما فيدخلهم الجنة، أقواما غير الملائكة، أقواما من جنس البشر ينشؤهم الله ويدخلهم الجنة حتى تمتلئ.
طيب، بغير عمل؟ نعم بغير عمل بفضل الله ورحمته عكس النار النار لا تزال يلقى فيها وهي تقول : هل من مزيد؟ لا تمتلئ، فيضع الله عز وجل عليها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض ينضم بعضها إلى بعض ، وتقول : قط قط بدل ما كانت تسأل بالأول تقول هل من مزيد تقول قط قط حسبي حسبي، النار الي هي مكان العذاب تملأ لكن بوضع الرب رجله عليها حتى ينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط.
الجنة تمتلئ بماذا؟ يعني يدنى بعضها من بعض ؟ لا لكن ينشئ لها أقوام، فيدخلون الجنة بفضل الله ورحمته وهذا دليل بل هذا مقتضى قوله تعالى : (( كتب ربكم على نفسه الرحمة )) وقوله : ( إن رحمتي سبقت غضبي ).
قال : " فيدخلهم الجنة ".
قال : " وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب "
أصناف بمعنى أنواع ما تضمنته من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار وتفاصيل ذلك مذكور في الكتب المنزلة من السماء مثل التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى والقرآن العظيم وغيرها من الكتب مذكور ومبين، لأن الناس بحاجة إلى بيانه فإن الناس لا يستقيمون كما أمروا إلا إذا عرفوا ما وراء ذلك التكليف الذين كلفنا ما وراءه. فإذا بين ما وراءه استقاموا على الأمر الذي يطلب منهم، لهذا جاءت الكتب مبينة ومفصلة على وجه التفصيل كل ما يكون في الدار الآخرة.
17 - شرح قول المصنف : ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا فينشيء الله لها أقواما فيدخلهم الجنة . وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار أستمع حفظ
شرح قول المصنف : وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء والآثار من العلم المأثور عن الأنبياء . وفي العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم من ذاك ما يشفي ويكفي فمن ابتغاه وجده
والعلم المأثور من الأنبياء ما طريق العلم به؟ لأنه لا بد من سند صحيح.
نقول : العلم المأثور عن الأنبياء قسمان :
قسم ثبت بالوحي، وهو ما ذكر في القرآن والسنة الصحيحة. وهذا لا شك في ثبوته.
قسم آخر ثبت بطريق النقل غير الوحي، هذا هو الذي دخل فيه، دخل فيه الكذب والتحريف والتبديل والتغيير.
ولهذا لا بد من أن يكون الإنسان حذراً مما ينقل عن الأنبياء السابقين، لأنه قد يكون محرفا مبدلا مغيرا حتى قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إذا حدثكم أهل الكتاب، فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ) قولوا : آمنا بما أنزل إلينا وما أنزل إليكم، ولكن لا تصدقه في القضية المعينة ولا تكذبه، لأنك إن صدقته، قد تصدق بباطل، وإن كذبته، قد تكذب بحق. فلا تصدق ولا تكذب، قل : إن كان هذا من الله، فقد آمنت به، وإن لم يكن منه فليس منه.
إذن المأثور عن الأنبياء ما طريق العلم به؟ له طريقان : الوحي من الكتاب والسنة، وهذا واضح أنه صحيح، ويجب قبوله. والثاني : النقل وهذا يجب التثبت فيه.
وقد قسم العلماء ما أثر عمن سبق بالنقل إلى ثلاثة أقسام :
الأول : ما شهد شرعنا بصدقه.
والثاني : ما شهد شرعنا بكذبه.
والحكم في هذين واضح.
الثالث : ما لم يحكم بصدقه ولا كذبه.
فهذا يجب فيه التوقف، لا نصدق ولا نكذب.
" وفي العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ما يشفي ويكفي " صدق رحمه الله.
العلم الموروث عن محمد صلوات الله وسلامه عليه سواء في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه من ذلك ما يشفي ويكفي.
ما حاجة نروح ندور مواعظ ترقق القلوب، نروح نجيب مثلا من المواعظ التي يزعم أنها مواعظ داوود، أو كلمات عيسى أو ما أشبه ذلك، نحن في غنى عن هذا كله، في العلم الموروث عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشفي ويكفي في كل أبواب العلم والإيمان، الذي في العلم الذي جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يشفي ويكفي.
ثم المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى ثلاثة أقسام : مقبول، وضعيف، وموضوع، ما هو كله صحيح أيضا، ليس كله صحيحاً مقبولا، بل فيه المقبول والضعيف والموضوع، ونحن في باب الوعظ في غنى عن الضعيف وعن الموضوع.
فالموضوع اتفق العلماء رحمهم الله على أنه لا يجوز ذكره ونشره بين الناس، لا في باب الفضائل والترغيب والترهيب، ولا في غيرها، إلا من ذكره ليبين أنه موضوع، ليبين حاله.
والضعيف اختلف فيه العلماء، والذين قالوا بجواز نشره ونقله اشترطوا فيه ثلاثة شروط :
الشرط الأول : أن لا يكون الضعف شديداً.
الشرط الثاني : أن يكون أصل العمل الذي رتب عليه الثواب أو العقاب ثابتاً بوجه صحيح.
الشرط الثالث : أن لا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، بل يكون متردداً غير جازم، واضح؟ طيب.
أما صيغة عرضه، فلا يقول : قال رسول الله بل يقول : روي عن رسول الله، ذكر عنه وما أشبه ذلك .
فالحديث الضعيف على قول من يجيز نشره وروايته لا بد فيه من شروط ثلاثة: أن يكون غير شديد الضعف، أن يكون له أصل ثابت، والثالث : أن لا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
أما صفة عرضه فيجب أن لا يكون بصيغة الجزم، ما تقول قال رسول الله، بل تقول روي عنه أو ذكر عنه، أو ما أشبه ذلك طيب.
فإن كنت في عامة لا يفرقون بين ذكر وقيل وقال، يقولون : " كل ما قيل في المحراب فهو صواب ". ويش تجيبه في ذُكر وقيل ولا ما تجيبه أبدا؟ نعم ما تأت به أبداً، لأن العامي إذا أتيت به يبي يعتقد على طول أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله، ولا لا؟ ولا يدري ويش أنت قلت ذكر أو قيل، لو تقول قال رسول الله أو قيل عن رسول الله، كله واحد ما يعرف الفرق، أليس كذلك؟ إذن لا بد أن نعرف إلى من نتحدث حتى لا نوهمه.
طيب في هذا الباب - أي: في باب اليوم الآخر وأشراط الساعة - ذكرت أحاديث كثيرة فيها ضعف وفيها أيضا وضع، موضوعات وأكثر ما تكون هذه في كتب الرقائق والمواعظ. ولذلك يجب التحرز منها ويجب أيضا أن نحذر العامة من أهلينا وغيرهم الذين يقع في أيديهم مثل هذه الكتب، لأنها كتب صحيح لو الواحد سمعها قام يبكي ورق قبله وصارت الدنيا عنده لا تساوي فلسا، لكنها مكذوبة على الرسول عليه الصلاة والسلام، ما هي صحيحة، وهؤلاء العامة سيعتقدون صحتها، ولهذا إذا جاء حديث موضوع وحديث صحيح، هذا رجل صلى في مسجد لا يقرأ فيه إمامه إلا أحاديث صحيحة، ثم صلى في مسجد آخر فجاء إمامه بأحاديث موضوعة مكذوبة لكن فيها ذكر النار والعقارب والحيات والأهوال العظيمة فتقطع قلبه من البكاء، فجاء إلينا، قلنا: وين صليت البارح؟ قال البارح : صليت مع فلان. شلون أحاديثه عسى زينة؟ قال والله أحاديث ما هي بشيء أبد، مع أنها في الصحيحين وأحاديث صحيحة ومفيدة، لكن ما بكى فيها. جاء يقول والله ما هي بشيء، الليلة وين صليت؟ قال: في المسجد الفلاني، ما شاء الله جزاه الله خيرا جاب أحاديث نفعتنا وذكرنا الآخرة ونسينا الدنيا، وهي كلها أحاديث موضوعة، فلذلك أنا أقول أنه يجب التحرز من نشر الأحاديث التي تكون غير صحيحة بين العامة، لأن العامي لا تفكر إنه يبي ينثني عما يعتقد أبدا إلا اللهم إلا عاد من ناس دون ناس، فالحذر الحذر مما يذكر، وهذا الباب ذكر فيه أحاديث عظيمة وكثيرة فيما ينسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام.
قال المؤلف رحمه الله : " وفي العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم من ذاك ما يشفي ويكفي " صدق يشفي من المرض، ويكفي من الحاجة، والله ما أحد يمكن أن يشفى بدون الوحيين الكتاب والسنة، ولا يمكن أحد أن تنتهي نهمته أو تكتفي حاجته بدونهما أبدا، كل إنسان مؤمن لا يجد ما يشفي قلبه إلا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه.
قال : " فمن ابتغاه وجده "
ابتغاه بمعنى طلبه، " وجده " صحيح يجده الحمد لله.
القرآن بين أيدينا، وكتب الأحاديث بين أيدينا، لكنها تحتاج إلى تمحيص وبيان الصحيح منها من الضعيف، حتى يبني الناس ما يعتقدونه في هذا الباب على أساس صحيح. أي نعم. أظن ما أعلنت. أعلنت الثانية. لا
18 - شرح قول المصنف : وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء والآثار من العلم المأثور عن الأنبياء . وفي العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم من ذاك ما يشفي ويكفي فمن ابتغاه وجده أستمع حفظ
شرح قول المصنف : وتؤمن الفرقة الناجية - أهل السنة والجماعة - بالقدر خيره وشره
الفرقة الناجية يعني الطائفة الناجية، ووصفت بهذا الوصف لأنها نجت في الدنيا من البدع وتنجو في الآخرة من النار.
وإن شئت فقل: لأنها نجت في الدنيا من المخالفة، وفي الآخرة من النار.
أما كونها نجت في الدنيا من المخالفة فلقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ).
وأما كونها نجت من النار فلأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( كلها في النار إلا واحدة ).
أهل السنة والجماعة، أهل السنة لأنهم متمسكون بها، والجماعة لأنهم مجتمعون عليها.
ولهذا لا تجد أهل البدع مجتمعين، تجد مثلا الجبرية مختلفين، وتجد المعتزلة مختلفين، وتجد الأشاعرة مختلفين، لكن أهل السنة والجماعة كلهم متفقون. وسيأتي إن شاء الله تعالى تفسير الجماعة في كلام المؤلف في آخر الرسالة.
قال : " بالقدر خيره وشره " نتكلم الآن على كلمة القدر، وهل هي مرادفة للقضاء أو مباينة؟
فالقدر بمعنى: التقدير، قال الله تعالى : (( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )) ، وقال تعالى : (( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ )). فهو في اللغة التقدير.
وأما القضاء، فهو في اللغة : الحكم.
ولهذا نقول : إن القضاء والقدر متباينان إن اجتمعا، ومترادفان إن تفرقا، على حد قول العلماء : هما كلمتان: إن اجتمعتا افترقتا، وإن افترقتا اجتمعتا.
فإذا قيل : القضاء هذا قضاء الله أو القدر فقط ، هذا قدر الله، فهو شامل للقضاء.
أما إذا ذكرا جميعاً، فلكل واحد منهما معنى.
فالتقدير : هو ما قدره الله تعالى في الأزل أن يكون في خلقه. هذا التقدير.
وأما القضاء، فهو ما قضى به الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير. هذا إذا ذكرا ايش؟ إذا ذكرا جميعا. وعلى هذا يكون التقدير سابقاً أو لاحقا؟ سابقا لأن التقدير ما قدره الله في الأزل في علمه عز وجل أن يكون في خلقه، والقضاء هو نفس إيقاع هذا المقدر من إيجاد أو إعدام أو تغيير لأن جميع القضاء يدور على هذه الثلاثة: إما إيجاد معدوم، أو إعدام موجود، أو تغيير نقله من صفة إلى صفة، واضح؟ طيب. فإذا قلت: أنت ذكرت أن القضاء هو ما يقضيه الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير وأن القدر سابق عليه إذا اجتمعا، فإن هذا يعارض قول الله تعالى : (( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً )) (( خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ )) فإن هذه الآية ظاهرها أن التقدير بعد الخلق، وعلى تفسيرنا يكون ها؟ التقدير قبل الخلق.
فالجواب على ذلك من أحد وجهين :
إما أن نقول : إن هذا من باب الترتيب الذكري لا المعنوي. وإنما قُدِّم الخلق على التقدير لتناسب رؤوس الآيات. (( خلق كل شيء فقدره تقديرا ))
ألم تر إلى أن موسى أفضل من هارون، لكن قدم هارون عليه في سورة طه لتناسب رؤوس الآيات.
طيب، وعلى هذا يكون ترتيبا ذكريا.