شرح العقيدة الواسطية-24b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
العقيدة الواسطية
تتمة شرح قول المصنف : وتؤمن الفرقة الناجية - أهل السنة والجماعة - بالقدر
الشيخ : ها؟ ذكري.
على أن في هذه مناقشة أيضا نحن لا نسلم للنحويين ما قالوه إذ من الجائز أن يقال إن السيادة تكون أولا لنفس الإنسان، ثم ينتفع بسيادة أبيه لأنه مباشر، ثم ينتفع بسيادة جده لأنه وراء ذلك، ثم بجد جده وهكذا، أو بأبي جده، وجد جده، لأن سيادة الإنسان بنفسه هي التي يثنى بها عليه، ثم سيادته بأبيه، ثم سيادته بجده.
طيب، إذن نقول هذا من باب ايش؟ الترتيب الذكري.
أو أن نقول : إن التقدير هنا بمعنى التسوية، يعني خلقه على قدر معين، كقوله تعالى : (( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ))، فيكون التقدير ليس هو التقدير الأزلي الذي قدره تعالى أن يكون ولكنه بمعنى التسوية، يعني أن يكون على قدر معين.
وهذا المعنى أقرب من الأول، لأنه يطابق تماماً لقوله تعالى : (( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ))، وحينئذ لا إشكال في الموضوع.
القدر الإيمان به واجب، الإيمان بالقدر واجب، ومرتبته في الدين أنه أحد أركان الإيمان الستة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لجبريل حين قال : ما الإيمان؟ قال : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ).
على أن في هذه مناقشة أيضا نحن لا نسلم للنحويين ما قالوه إذ من الجائز أن يقال إن السيادة تكون أولا لنفس الإنسان، ثم ينتفع بسيادة أبيه لأنه مباشر، ثم ينتفع بسيادة جده لأنه وراء ذلك، ثم بجد جده وهكذا، أو بأبي جده، وجد جده، لأن سيادة الإنسان بنفسه هي التي يثنى بها عليه، ثم سيادته بأبيه، ثم سيادته بجده.
طيب، إذن نقول هذا من باب ايش؟ الترتيب الذكري.
أو أن نقول : إن التقدير هنا بمعنى التسوية، يعني خلقه على قدر معين، كقوله تعالى : (( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ))، فيكون التقدير ليس هو التقدير الأزلي الذي قدره تعالى أن يكون ولكنه بمعنى التسوية، يعني أن يكون على قدر معين.
وهذا المعنى أقرب من الأول، لأنه يطابق تماماً لقوله تعالى : (( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ))، وحينئذ لا إشكال في الموضوع.
القدر الإيمان به واجب، الإيمان بالقدر واجب، ومرتبته في الدين أنه أحد أركان الإيمان الستة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لجبريل حين قال : ما الإيمان؟ قال : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ).
فوائد الإيمان بالقدر ؟
الشيخ : وللإيمان بالقدر فوائد، نحن نذكرها وإن كان المؤلف ما ذكرها.
الإيمان بالقدر له فوائد:
منها: أنه من تمام الإيمان، ولا يتم الإيمان إلا بذلك.
ومنها: أنه من تمام الإيمان بالربوبية، لأنّك إذا آمنت بقدر الله عز وجل فإن قدر الله من أفعاله وأحكامه فيكون هذا من باب تمام الإيمان بالربوبية.
ومن فوائده أيضا - من فوائد الإيمان بالقدر - : رجوع الإنسان إلى ربه، لأنه إذا علم أن كل شيء بقضائه وقدره، فإنه سيرجع إلى الله، إن أصابته ضراء رجع إلى الله تعالى في دفعها ورفعها، إن أصابته السراء أضافها الله وعرف أنها من فضل الله عليه.
من فوائد الإيمان بالقدر: أن الإنسان يعرف قدر نفسه، ولا يفخر إذا فعل الخير، أليس كذلك؟ لأنه إذا علم أن الله هو الذي قدرها قال إذن ليس مني هذا من الله هذا من فضله هذا من نعمته هذا من منته، لكن الذي لا يؤمن بالقدر ويش يقول؟ يقول: هذا مني أنا حصلته بإيدي، حصلته بكسبي، وما أشبه ذلك.
خامساً : من فوائد الإيمان بالقدر : هون المصائب على العبد، لأن الإنسان إذا علم أنها من عند الله، هانت عليه، هانت عليه المصيبة.كما قال تعالى : (( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )).
قال علقمة رحمه الله : " هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم ".
سادساً : إضافة النعم إلى مُسديها، لأنك إذا لم تؤمن بالقدر، أضفت النعم إلى من باشر الإنعام ونسيت الأول، مثال ذلك: رجل وهبك هبة أو أهدى إليك هدية، إذا آمنت بالقدر فستقول الذي ساقه أن يهدي إلي هو الله عز وجل، فتضيف النعمة إلى من ؟ إلى الله عز وجل إلى مسديها وتقول ما هذا الإنسان إلا طريق، لكن من لم يؤمن بالقدر يعتمد على الأسباب المادية ويرى الفضل كل الفضل لمن أسدى إليه هذا الخير أو هذه الهبة، وهذا يوجد كثيراً في الذين يتزلفون إلى الملوك والرؤساء والوزراء، تجده إذا أعطاه الملك أو الرئيس أو الوزير العطية ينسى أن الله هو الذي سخره حتى يعطيه ويجعل النعمة الكبرى والمنة لمن؟ لهذا المعطي، لهذا المعطي، لكن إذا آمن بالقدر فإنه يضيف النعمة إلى مسديها عز وجل لا إلى هذا.
صحيح أنه يجب على الإنسان أن يشكر الناس، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( من صنع إليكم معروفاً، فكافئوه ). ولكن يعلم أن الأصل كل الأصل هو الله عز وجل، أو هو فضل الله عز وجل، جعله على يد هذا الرجل. أي نعم.
كذلك أيضا من فوائد الإيمان بالقدر : أن الإنسان يعرف به حكمة الله عز وجل، لأنه إذا نظر في هذا الكون وما يحدث فيه من تغييرات باهرة، من سراء وضراء وجدب وخصب وغير ذلك عرف بهذا حكمة الله عز وجل، بخلاف من نسي القضاء والقدر، فإنه لا يستفيد هذه الفائدة.
فهذه الفوائد الستة وبالتأمل يمكن تزيد على هذا، كلها من فوائد الإيمان بالقدر.
الإيمان بالقدر له فوائد:
منها: أنه من تمام الإيمان، ولا يتم الإيمان إلا بذلك.
ومنها: أنه من تمام الإيمان بالربوبية، لأنّك إذا آمنت بقدر الله عز وجل فإن قدر الله من أفعاله وأحكامه فيكون هذا من باب تمام الإيمان بالربوبية.
ومن فوائده أيضا - من فوائد الإيمان بالقدر - : رجوع الإنسان إلى ربه، لأنه إذا علم أن كل شيء بقضائه وقدره، فإنه سيرجع إلى الله، إن أصابته ضراء رجع إلى الله تعالى في دفعها ورفعها، إن أصابته السراء أضافها الله وعرف أنها من فضل الله عليه.
من فوائد الإيمان بالقدر: أن الإنسان يعرف قدر نفسه، ولا يفخر إذا فعل الخير، أليس كذلك؟ لأنه إذا علم أن الله هو الذي قدرها قال إذن ليس مني هذا من الله هذا من فضله هذا من نعمته هذا من منته، لكن الذي لا يؤمن بالقدر ويش يقول؟ يقول: هذا مني أنا حصلته بإيدي، حصلته بكسبي، وما أشبه ذلك.
خامساً : من فوائد الإيمان بالقدر : هون المصائب على العبد، لأن الإنسان إذا علم أنها من عند الله، هانت عليه، هانت عليه المصيبة.كما قال تعالى : (( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )).
قال علقمة رحمه الله : " هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم ".
سادساً : إضافة النعم إلى مُسديها، لأنك إذا لم تؤمن بالقدر، أضفت النعم إلى من باشر الإنعام ونسيت الأول، مثال ذلك: رجل وهبك هبة أو أهدى إليك هدية، إذا آمنت بالقدر فستقول الذي ساقه أن يهدي إلي هو الله عز وجل، فتضيف النعمة إلى من ؟ إلى الله عز وجل إلى مسديها وتقول ما هذا الإنسان إلا طريق، لكن من لم يؤمن بالقدر يعتمد على الأسباب المادية ويرى الفضل كل الفضل لمن أسدى إليه هذا الخير أو هذه الهبة، وهذا يوجد كثيراً في الذين يتزلفون إلى الملوك والرؤساء والوزراء، تجده إذا أعطاه الملك أو الرئيس أو الوزير العطية ينسى أن الله هو الذي سخره حتى يعطيه ويجعل النعمة الكبرى والمنة لمن؟ لهذا المعطي، لهذا المعطي، لكن إذا آمن بالقدر فإنه يضيف النعمة إلى مسديها عز وجل لا إلى هذا.
صحيح أنه يجب على الإنسان أن يشكر الناس، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( من صنع إليكم معروفاً، فكافئوه ). ولكن يعلم أن الأصل كل الأصل هو الله عز وجل، أو هو فضل الله عز وجل، جعله على يد هذا الرجل. أي نعم.
كذلك أيضا من فوائد الإيمان بالقدر : أن الإنسان يعرف به حكمة الله عز وجل، لأنه إذا نظر في هذا الكون وما يحدث فيه من تغييرات باهرة، من سراء وضراء وجدب وخصب وغير ذلك عرف بهذا حكمة الله عز وجل، بخلاف من نسي القضاء والقدر، فإنه لا يستفيد هذه الفائدة.
فهذه الفوائد الستة وبالتأمل يمكن تزيد على هذا، كلها من فوائد الإيمان بالقدر.
شرح قول المصنف : خيره وشره
الشيخ : ثم قال : " خيره وشره ". القدر فيه خير وفيه شر. والقدر قدر من؟ قدر الله.
كيف يكون في قدر الله شر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الشر ليس إليك ) ( الشر ليس إليك )؟
الجواب على هذا أن نقول :
أولا : لنعرف ما هو الخير في القدر وما هو الشر؟
الشر ما لا يلائم طبيعة الإنسان، بحيث يحصل له به أذية أو ضرر، هذا الشر.
والخير : ما يلائم طبيعته، بحيث يحصل له به خير أو ارتياح وسرور وبهجة.
كل ذلك من الله عز وجل الخير والشر.
ولكن نعود الآن إلى إيراد الإشكال: كيف يقال إن القدر خير وشر، وأن القدر من الله والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( والشر ليس إليك )؟
فالجواب على ذلك أن يقال : الشر في القدر ليس باعتبار تقدير الله له، لكنه باعتبار المقدور، لأن لدينا قدراً ومقدورا، -انتبه- قدر ومقدور، كما أن هناك خلقاً ومخلوقاً، وإرادة ومرادا، واضح يا جماعة؟
طيب، فباعتبار تقدير الله له ليس بشر، بل هو خير، حتى وإن كان لا يلائم الإنسان، وإن كان يؤذيه، وإن كان يضره فهو خير باعتبار ايش؟ تقدير الله له.
لكن باعتبار المقدور، يأتي الانقسام، ونقول : المقدور إما خير وإما شر، فالقدر خيره وشره يراد به هنا ايش؟ المقدور خيره وشره.
ونضرب لهذا مثلاً يتبين به الأمر (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا )).
ففي هذه الآية الكريمة بين الله عز وجل ما حدث وسببه والحكمة منه أو الغاية.
الفساد شر ولا خير؟ اه؟ شر؟ الفساد شر؟ ما في شك. طيب، سببه الإنسان، الغاية منه (( لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )).
فالآن كون الله عز وجل يظهر الفساد أو كون الفساد يظهر وهو بتقدير الله عز وجل في البر والبحر، هل فيه حكمة ولا لا؟ فيه حكمة، هو نفسه شر، لكن لحكمة عظيمة بها يكون تقديره خيراً.
طيب، ونضرب مثلا آخر، رجل قيل له: إن المرض الذي في ولدك لا يبرأ إلا بالكي، الكي يا بخاري حار ولا غير حار؟
الطالب : الكي ؟
الشيخ : أي نعم، حار؟
الطالب : ... حار.
الشيخ : ويؤلم؟
الطالب : يؤلم.
الشيخ : هذا رجل قيل له إن ولدك لا يبرأ إلا بالكي، فأحمى الحديد على النار وكوى ابنه، الكي الي هو المفعول شر ولا لا؟ شر لكن الفعل خير ولا لا؟ خير لأن هذا الذي كوى ابنه ما أراد إيلامه ولا أراد ضرره إنما أراد الخير.
كذلك المقدور بالنسبة لما قدره الله عز وجل إنما أراد الله به الغاية الحميدة، فيكون خيرا باعتبار تقدير الله له وشرا باعتباره مقدورا له أو مقدرا له، فهناك فرق بين التقدير والمقدر، أظن واضح إن شاء الله ؟ طيب.
المعاصي خير ولا شر؟ شر، الكفر شر، وهو من تقدير الله، لكن لحكمة عظيمة، لولا ذلك لبطلت الشرائع، ولولا ذلك لكان خلق النار عبثاً مع أن الله خلق النار ووعدها ملئها وخلق الجنة ووعدها ملئها. طيب.
" بالقدر خيره وشره ".
الإيمان بالقدر خيره وشره هل يتضمن الإيمان بكل مقدور؟ مهو من حيث، ليس من حيث أن الله قدره ولكن من حيث الرضا به؟ لا، المقدور ينقسم إلى كوني وإلى شرعي:
فالمقدور الكوني : إذا قدر الله عليك مكروهاً، فإنك رضيت أو ما رضيت، لا بد أن يقع.
المقدور الشرعي قد يفعله الإنسان وقد لا يفعله.
لكن باعتبار الرضى به :
إن كان أمرا إن كان طاعة لله وجب الرضى به، إن كان معصية وجب سخطه وكراهته ومحاربته والقضاء عليه، كما قال الله عز وجل : (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )) أما القضاء الكوني فكل أحد رضي أو ما رضي لا بد أن يقع. طيب.
ثم قال : " الإيمان بالقدر على درجتين " والمؤلف رحمه الله سيتكلم عليه من ناحية اختلاف الأمة فيه، ولا هو أقسام. نعم؟
كيف يكون في قدر الله شر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الشر ليس إليك ) ( الشر ليس إليك )؟
الجواب على هذا أن نقول :
أولا : لنعرف ما هو الخير في القدر وما هو الشر؟
الشر ما لا يلائم طبيعة الإنسان، بحيث يحصل له به أذية أو ضرر، هذا الشر.
والخير : ما يلائم طبيعته، بحيث يحصل له به خير أو ارتياح وسرور وبهجة.
كل ذلك من الله عز وجل الخير والشر.
ولكن نعود الآن إلى إيراد الإشكال: كيف يقال إن القدر خير وشر، وأن القدر من الله والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( والشر ليس إليك )؟
فالجواب على ذلك أن يقال : الشر في القدر ليس باعتبار تقدير الله له، لكنه باعتبار المقدور، لأن لدينا قدراً ومقدورا، -انتبه- قدر ومقدور، كما أن هناك خلقاً ومخلوقاً، وإرادة ومرادا، واضح يا جماعة؟
طيب، فباعتبار تقدير الله له ليس بشر، بل هو خير، حتى وإن كان لا يلائم الإنسان، وإن كان يؤذيه، وإن كان يضره فهو خير باعتبار ايش؟ تقدير الله له.
لكن باعتبار المقدور، يأتي الانقسام، ونقول : المقدور إما خير وإما شر، فالقدر خيره وشره يراد به هنا ايش؟ المقدور خيره وشره.
ونضرب لهذا مثلاً يتبين به الأمر (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا )).
ففي هذه الآية الكريمة بين الله عز وجل ما حدث وسببه والحكمة منه أو الغاية.
الفساد شر ولا خير؟ اه؟ شر؟ الفساد شر؟ ما في شك. طيب، سببه الإنسان، الغاية منه (( لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )).
فالآن كون الله عز وجل يظهر الفساد أو كون الفساد يظهر وهو بتقدير الله عز وجل في البر والبحر، هل فيه حكمة ولا لا؟ فيه حكمة، هو نفسه شر، لكن لحكمة عظيمة بها يكون تقديره خيراً.
طيب، ونضرب مثلا آخر، رجل قيل له: إن المرض الذي في ولدك لا يبرأ إلا بالكي، الكي يا بخاري حار ولا غير حار؟
الطالب : الكي ؟
الشيخ : أي نعم، حار؟
الطالب : ... حار.
الشيخ : ويؤلم؟
الطالب : يؤلم.
الشيخ : هذا رجل قيل له إن ولدك لا يبرأ إلا بالكي، فأحمى الحديد على النار وكوى ابنه، الكي الي هو المفعول شر ولا لا؟ شر لكن الفعل خير ولا لا؟ خير لأن هذا الذي كوى ابنه ما أراد إيلامه ولا أراد ضرره إنما أراد الخير.
كذلك المقدور بالنسبة لما قدره الله عز وجل إنما أراد الله به الغاية الحميدة، فيكون خيرا باعتبار تقدير الله له وشرا باعتباره مقدورا له أو مقدرا له، فهناك فرق بين التقدير والمقدر، أظن واضح إن شاء الله ؟ طيب.
المعاصي خير ولا شر؟ شر، الكفر شر، وهو من تقدير الله، لكن لحكمة عظيمة، لولا ذلك لبطلت الشرائع، ولولا ذلك لكان خلق النار عبثاً مع أن الله خلق النار ووعدها ملئها وخلق الجنة ووعدها ملئها. طيب.
" بالقدر خيره وشره ".
الإيمان بالقدر خيره وشره هل يتضمن الإيمان بكل مقدور؟ مهو من حيث، ليس من حيث أن الله قدره ولكن من حيث الرضا به؟ لا، المقدور ينقسم إلى كوني وإلى شرعي:
فالمقدور الكوني : إذا قدر الله عليك مكروهاً، فإنك رضيت أو ما رضيت، لا بد أن يقع.
المقدور الشرعي قد يفعله الإنسان وقد لا يفعله.
لكن باعتبار الرضى به :
إن كان أمرا إن كان طاعة لله وجب الرضى به، إن كان معصية وجب سخطه وكراهته ومحاربته والقضاء عليه، كما قال الله عز وجل : (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )) أما القضاء الكوني فكل أحد رضي أو ما رضي لا بد أن يقع. طيب.
ثم قال : " الإيمان بالقدر على درجتين " والمؤلف رحمه الله سيتكلم عليه من ناحية اختلاف الأمة فيه، ولا هو أقسام. نعم؟
مراجعة .
الشيخ : والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق لنا أن أهل السنة والجماعة يؤمنون بالقدر خيره وشره. وسبق لنا أن مرتبة الإيمان بالقدر هو أحد أركان الإيمان الستة. وسبق لنا أن الإيمان به واجب.
وسبق لنا الفرق بين القضاء والقدر عند الاجتماع، وأنهما متباينان عند الاجتماع، مترادفان عند الافتراق.
فالفرق بينهما أن القضاء ما يقضيه الله في الخلق من إيجاد أو إعدام أو تغيير، وأما القدر فهو ما قدره الله بالأزل، أي قدّر أن يكون.
وعلى هذا التعريف يكون القدر ايش؟ سابقا للقضاء. طيب. وسبق لنا أن القدر عند الإطلاق يشمل القضاء أيضا، والقضاء عند الإطلاق يشمل القدر.
وسبق لنا الإشكال عند كلمة شر، خيره واضح، شر. كيف يكون في قدر الله تعالى شرا؟ وكيف نجمع بين هذا وبين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الشر ليس إليك )؟ فها هنا سؤالان : السؤال الأول : كيف يكون في قدر الله تعالى شرا؟ والسؤال الثاني : كيف نجمع بين هذا وبين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والشر ليس إليك )؟ وبينا أن الشر لا يضاف إلى الله أبدا، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( والشر ليس إليك ) والشر في قوله ( القدر خيره وشره ) بالنسبة للمفعول للمقدور لا للقدر، وعلى هذا فيضاف الشر إلى أي شيء؟ إلى المقدور لا إلى قدر الله الذي هو فعله، فإن الله ما قدر هذا الشيء وإن كان مكروها وشرا إلا لحكمة بالغة، فهو إذن بهذا الاعتبار ايش؟ خير.
وبعبارة أخرى توضح المقام، نقول : إن لقدر الله تعالى جهتان أو جهتين :
الجهة الأولى : بالنظر إلى كونه واقعا من الله.
والنظر الثاني: باعتبار كونه واقعا يعني أو مقدرا.
ففي الأول هو خير، وفي الثاني منه خير ومنه شر، واضح؟ طيب، وسبق لنا أن الإيمان بالقدر له ثمرات جليلة عظيمة ذكرنا منها أيضا ستا أو سبعا، الفائدة الأولى يا بدر؟ الثمرة الأولى؟
الطالب : ... .
الشيخ : اه؟
الطالب : ... .
الشيخ : الطمأنينة، طمأنينة الإنسان وراحته، فإنك لو ذهبت تبحث أين تكون الطمأنينة لقلنا لك بالإيمان بالقدر، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر ( يأن المؤمن إن أصابه خير شكر وإن أصابه ضراء صبر ) فالإنسان إذا كان يمشي مع القضاء والقدر ارتفاعا ونزولا ويمنة ويسرة وخلفا وتقدما فإنه يستريح ويطمئن، هذه ثمرة، ثمرة ثانية ؟
الطالب : هون المصائب على العبد.
الشيخ : نعم. هون المصائب على العبد فإنه إذا علم أنها من الله رضي وسلم، الفائدة الثالثة؟
الطالب : أنه من تمام الإيمان بربوبية الله.
الشيخ : أحسنت، أنه من تمام الإيمان بالربوبية، لأن إيمانك بأنه ربك عز وجل يقتضي تسليمك لقضائه وقدره، الرابع؟ الرابع ايش؟
الطالب : ... المقدور.
الشيخ : ... هذه.
الطالب : إكمال إيمان الإنسان.
الشيخ : اه؟
الطالب : إكمال إيمان الإنسان.
الشيخ : زيادة الإنسان، زيادة إيمان الإنسان، أو تمام إيمانه تمام إيمانه صح، لأنه أحد أركان الإيمان الستة، نعم؟
الطالب : عدم البطر عند النعم.
الشيخ : نعم. تقيد الإنسان بما يجب عليه من شكر النعم والصبر على النقم. طيب.
الطالب : تعلق الإنسان بالله.
الشيخ : صح، أن يكون الإنسان متعلقا بربه دائما، لأنه يعلم أن كل شيء بقضائه وقدره فيكون متعلقا بالله لا يسأل إلا الله ولا يسأل إلا به.
الطالب : عدم الاعتماد على الأسباب.
الشيخ : نعم، عدم الاعتماد على الأسباب اعتمادا مجردا، ولهذا نجد بعض الناس الذين عندهم نقص في الإيمان يعتمدون على الأسباب فتجده يشكر الرجل إذا أعطاه أو وهبه أو ما أشبه ذلك شكرا ينسى به شكر الله وهذا خطأ أي نعم.
الطالب : الجرأة والشجاعة.
الشيخ : أي نعم هذا أيضا من ثمراته الجرأة والشجاعة والإقدام لأنه يؤمن بأن كل شيء بقضاء الله تعالى وقدره هذه من ثمراته. وقلنا لكم في الدرس الماضي قد يكون له ثمرات أخرى إذا تأملها الإنسان وجد شيئا كثيرا، كلها من الإيمان بالقضاء والقدر. طيب.
فيه أيضا الإيمان بالقدر خيره وشره ينبغي أن ننظر هل يجب علينا الإيمان بالمقضي كله أو لا؟ ذكرنا أنه يجب علينا الإيمان بالمقضي من حيث كونه قضاءً لله عز وجل، أما من حيث نسبته إلى غير الله فقد نرضى به وقد لا نرضى.
لو وقع الكفر من شخص نرضى بالكفر من هذا الشخص؟ لا لكن نرضى بكون الله أوقعه إنما لا نرضى بكون هذا الرجل يفعل الكفر أو الفسق أو ما أشبه ذلك.
وهذه الأمور إذا تجلت للإنسان زال عنه إشكالات كثيرة.
ولهذا دخل أحد المعتزلة على أبي إسحاق الإٍسفرائيني وكان جالسا عند الصاحب بن عباد، والصاحب بن عباد معتزلي أيضا، دخل الرجل المعتزلي لما دخل جلس قال : سبحان من تنزه عن الفحشاء. كلام طيب. سبحان من تنزه عن الفحشاء. فعرف الإسفرائيني أبو إسحاق رحمه الله ما أراد أنه أراد مذهب المعتزلة الذين يقولون : إن الله ما له دخل في أفعال العبد، فقال : " سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء " اه؟ " سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء ". صح؟ من فحشاء وغير فحشاء ولا لا؟
فقال له المعتزلي : أيريد ربنا أن يعصى؟ أيريد ربنا أن يعصى؟ ويش الجواب؟ هو أجاب لكن الإنسان إذا سمع أول السؤال يقول يعني ما يمكن الله يريد أن يعصى، لكن بالإرادة الكونية يريد أي نعم.
فقال له أبو إسحاق : " أيعصى ربنا قهرا ؟ " ويش الجواب؟ لا ما يمكن يعصى قهرا، لا يعصى إلا بإرادته لكن الإرادة ايش؟ الكونية، فقال له: أرأيت إن قضى عليّ بالردى ويش بعد؟ إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أم أساء؟ فقال له : " إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو فضله، ففضل الله يؤتيه ما يشاء " فألجم الرجل وعجز أن يتكلم.
إذن فالشيء كله بإرادة الله عز وجل، لكن المراد قد يكون محبوبا لله وقد يكون مكروها لله أي نعم. " القدر خيره وشره "
سبق لنا أن أهل السنة والجماعة يؤمنون بالقدر خيره وشره. وسبق لنا أن مرتبة الإيمان بالقدر هو أحد أركان الإيمان الستة. وسبق لنا أن الإيمان به واجب.
وسبق لنا الفرق بين القضاء والقدر عند الاجتماع، وأنهما متباينان عند الاجتماع، مترادفان عند الافتراق.
فالفرق بينهما أن القضاء ما يقضيه الله في الخلق من إيجاد أو إعدام أو تغيير، وأما القدر فهو ما قدره الله بالأزل، أي قدّر أن يكون.
وعلى هذا التعريف يكون القدر ايش؟ سابقا للقضاء. طيب. وسبق لنا أن القدر عند الإطلاق يشمل القضاء أيضا، والقضاء عند الإطلاق يشمل القدر.
وسبق لنا الإشكال عند كلمة شر، خيره واضح، شر. كيف يكون في قدر الله تعالى شرا؟ وكيف نجمع بين هذا وبين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الشر ليس إليك )؟ فها هنا سؤالان : السؤال الأول : كيف يكون في قدر الله تعالى شرا؟ والسؤال الثاني : كيف نجمع بين هذا وبين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والشر ليس إليك )؟ وبينا أن الشر لا يضاف إلى الله أبدا، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( والشر ليس إليك ) والشر في قوله ( القدر خيره وشره ) بالنسبة للمفعول للمقدور لا للقدر، وعلى هذا فيضاف الشر إلى أي شيء؟ إلى المقدور لا إلى قدر الله الذي هو فعله، فإن الله ما قدر هذا الشيء وإن كان مكروها وشرا إلا لحكمة بالغة، فهو إذن بهذا الاعتبار ايش؟ خير.
وبعبارة أخرى توضح المقام، نقول : إن لقدر الله تعالى جهتان أو جهتين :
الجهة الأولى : بالنظر إلى كونه واقعا من الله.
والنظر الثاني: باعتبار كونه واقعا يعني أو مقدرا.
ففي الأول هو خير، وفي الثاني منه خير ومنه شر، واضح؟ طيب، وسبق لنا أن الإيمان بالقدر له ثمرات جليلة عظيمة ذكرنا منها أيضا ستا أو سبعا، الفائدة الأولى يا بدر؟ الثمرة الأولى؟
الطالب : ... .
الشيخ : اه؟
الطالب : ... .
الشيخ : الطمأنينة، طمأنينة الإنسان وراحته، فإنك لو ذهبت تبحث أين تكون الطمأنينة لقلنا لك بالإيمان بالقدر، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر ( يأن المؤمن إن أصابه خير شكر وإن أصابه ضراء صبر ) فالإنسان إذا كان يمشي مع القضاء والقدر ارتفاعا ونزولا ويمنة ويسرة وخلفا وتقدما فإنه يستريح ويطمئن، هذه ثمرة، ثمرة ثانية ؟
الطالب : هون المصائب على العبد.
الشيخ : نعم. هون المصائب على العبد فإنه إذا علم أنها من الله رضي وسلم، الفائدة الثالثة؟
الطالب : أنه من تمام الإيمان بربوبية الله.
الشيخ : أحسنت، أنه من تمام الإيمان بالربوبية، لأن إيمانك بأنه ربك عز وجل يقتضي تسليمك لقضائه وقدره، الرابع؟ الرابع ايش؟
الطالب : ... المقدور.
الشيخ : ... هذه.
الطالب : إكمال إيمان الإنسان.
الشيخ : اه؟
الطالب : إكمال إيمان الإنسان.
الشيخ : زيادة الإنسان، زيادة إيمان الإنسان، أو تمام إيمانه تمام إيمانه صح، لأنه أحد أركان الإيمان الستة، نعم؟
الطالب : عدم البطر عند النعم.
الشيخ : نعم. تقيد الإنسان بما يجب عليه من شكر النعم والصبر على النقم. طيب.
الطالب : تعلق الإنسان بالله.
الشيخ : صح، أن يكون الإنسان متعلقا بربه دائما، لأنه يعلم أن كل شيء بقضائه وقدره فيكون متعلقا بالله لا يسأل إلا الله ولا يسأل إلا به.
الطالب : عدم الاعتماد على الأسباب.
الشيخ : نعم، عدم الاعتماد على الأسباب اعتمادا مجردا، ولهذا نجد بعض الناس الذين عندهم نقص في الإيمان يعتمدون على الأسباب فتجده يشكر الرجل إذا أعطاه أو وهبه أو ما أشبه ذلك شكرا ينسى به شكر الله وهذا خطأ أي نعم.
الطالب : الجرأة والشجاعة.
الشيخ : أي نعم هذا أيضا من ثمراته الجرأة والشجاعة والإقدام لأنه يؤمن بأن كل شيء بقضاء الله تعالى وقدره هذه من ثمراته. وقلنا لكم في الدرس الماضي قد يكون له ثمرات أخرى إذا تأملها الإنسان وجد شيئا كثيرا، كلها من الإيمان بالقضاء والقدر. طيب.
فيه أيضا الإيمان بالقدر خيره وشره ينبغي أن ننظر هل يجب علينا الإيمان بالمقضي كله أو لا؟ ذكرنا أنه يجب علينا الإيمان بالمقضي من حيث كونه قضاءً لله عز وجل، أما من حيث نسبته إلى غير الله فقد نرضى به وقد لا نرضى.
لو وقع الكفر من شخص نرضى بالكفر من هذا الشخص؟ لا لكن نرضى بكون الله أوقعه إنما لا نرضى بكون هذا الرجل يفعل الكفر أو الفسق أو ما أشبه ذلك.
وهذه الأمور إذا تجلت للإنسان زال عنه إشكالات كثيرة.
ولهذا دخل أحد المعتزلة على أبي إسحاق الإٍسفرائيني وكان جالسا عند الصاحب بن عباد، والصاحب بن عباد معتزلي أيضا، دخل الرجل المعتزلي لما دخل جلس قال : سبحان من تنزه عن الفحشاء. كلام طيب. سبحان من تنزه عن الفحشاء. فعرف الإسفرائيني أبو إسحاق رحمه الله ما أراد أنه أراد مذهب المعتزلة الذين يقولون : إن الله ما له دخل في أفعال العبد، فقال : " سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء " اه؟ " سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء ". صح؟ من فحشاء وغير فحشاء ولا لا؟
فقال له المعتزلي : أيريد ربنا أن يعصى؟ أيريد ربنا أن يعصى؟ ويش الجواب؟ هو أجاب لكن الإنسان إذا سمع أول السؤال يقول يعني ما يمكن الله يريد أن يعصى، لكن بالإرادة الكونية يريد أي نعم.
فقال له أبو إسحاق : " أيعصى ربنا قهرا ؟ " ويش الجواب؟ لا ما يمكن يعصى قهرا، لا يعصى إلا بإرادته لكن الإرادة ايش؟ الكونية، فقال له: أرأيت إن قضى عليّ بالردى ويش بعد؟ إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أم أساء؟ فقال له : " إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو فضله، ففضل الله يؤتيه ما يشاء " فألجم الرجل وعجز أن يتكلم.
إذن فالشيء كله بإرادة الله عز وجل، لكن المراد قد يكون محبوبا لله وقد يكون مكروها لله أي نعم. " القدر خيره وشره "
شرح قول المصنف : والإيمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين : ( فالدرجة الأولى ) الإيمان بأن الله تعالى عليم بما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا وأبدا وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله : " والإيمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين ".
إنما قسم المؤلف هذا التقسيم من أجل الخلاف، لأن الخلاف في القدر ليس شاملاً لكل مراتبه. فقسمه المؤلف إلى هذه المراتب الذي جعلها درجات من أجل بيان الخلاف في هذا الباب العظيم، لأن باب القدر من أشكل الأبواب، أبواب العلم والدين على الإنسان، وقد كان النزاع فيه من عهد الصحابة رضي الله عنهم، لكنه ليس مشكلاً عند إرادة الحق .
" الدرجة الأولى : الإيمان بأن الله تعالى عليم بما الخلق عاملون ". أن تؤمن بأن الله تعالى عليم بما الخلق عاملون. ولم يذكر المؤلف أن الله عليم بما يفعله هو، لأن هذه المسألة ليس فيها خلاف لا بين الجبرية والقدرية وأهل السنة ولا غيرهم أن الله عليم بفعله، هذا ما فيه خلاف، و هذا لم يذكره المؤلف، إنما ذكر ما فيه الخلاف، وهو : هل، هل الله يعلم ما الخلق عاملون أو لا يعلمه إلا بعد وقوعه منهم؟
نقول : يجب علينا أن نؤمن بأن الله عالم به بعلمه القديم الذي هو موصوف بهم أزلا وأبدا.
القديم في اصطلاحهم : هو الذي لا نهاية لابتدائه، يعني أنه لم يزل فيما مضى من الأزمنة التي لا نهاية لها عالماً بما يعمله الخلق، بخلاف القديم في اللغة، فقد يراد بالقديم في اللغة ما كان قديماً نسبياً، كما في قوله تعالى : (( حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )) لأن عرجون النخلة ما هو بقديم، قديم بالنسبة لما بعده لا أزليا.
فالله تعالى موصوف بأنه عالم بما الخلق عاملون بعلمه القديم الأزلي الذي لا نهاية لأوله، عالم جل وعلا بأن هذا الإنسان سيعمل كذا في يوم كذا في مكان كذا بعلمه القديم الأولي، يجب أن نؤمن بذلك.
ودليل هذا من الكتاب والسنة والعقل.
أما الكتاب : فما أكثر الآيات التي فيها العموم عموم علم الله! مثل : (( والله بكل شيء عليم )) (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً )) (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) (( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وأن الله قد أحاط بكل شيء علما )) إلى غير ذلك من الآيات التي لا تحصى كثرة.
طيب. في غير السنة قصدي في السنة.
الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن ( ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الأقلام قد جفت وطويت الصحف ) وانتهى كل شيء.
وأما العقل : فنقول إن الله عز وجل أشار إلى ذلك في كتابه فقال: (( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )). (( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )).
فإذا قلت : إن الله خلق الإنسان وخلق أعماله، لأن الأعمال صفة الإنسان والصفة تابع للموصوف، تابعة للموصوف، فإذا كان العمل مخلوقا كان العامل مخلوقا ولا بد، هل يمكن أن يكون هذا الشيء مخلوقا لله وأن الله قد علم أنه سيخلقه في الوقت الفلاني في المكان الفلاني ويجهله؟ لا، ولهذا قال الله عز وجل : (( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )) كيف يكون الله خالق لهذا الشيء وهو ما علمه، هذا مستحيل.
فالكتاب والسنة والعقل وإجماع السلف كلها تدل على أن الله تعالى عالم ما الخلق عاملون بعلمه الأزلي.
قال المؤلف : " الذي هو موصوف به أزلا وأبدا ". ففي كونه موصوفاً به أزلاً نفي للجهل، وفي كونه موصوفاً به أبداً نفي للنسيان.
ولهذا كان علم الله عز وجل غير مسبوق بجهل ولا ملحوق بنسيان، كما قال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون : (( عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى )) بخلاف علم المخلوق فعلم المخلوق مسبوق بجهل وملحوق بنسيان. طيب، إذن يجب عليك أن تؤمن بأن الله عالم بما الخلق ايش؟ عاملون. أتقول بعلم متجدد أم بعلم سابق؟ اه؟ بعلم سابق موصوف به أزلاً وأبداً.
قال : " وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال ". نعم. الله عز وجل قد علم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، ولهذا يقول للملك عندما ينفخ في الروح في الجنين في بطن أمه يقول : ( اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ).
فالله عالم بذلك قبل أن يخلق الإنسان.
إذن طاعتنا معلومة لله، معاصينا معلومة لله، أرزاقنا معلومة له، آجالنا معلومة له.
إذا مات الإنسان بسبب معلوم أو بغير سبب معلوم، فإنه لله معلوم، ولا يخفى عليه، بخلاف علم الإنسان بأجله ليس بواقع. كل منا لا يعرف أجله، لا يعرف أين يموت، ولا متى يموت. الأول؟
الطالب : للمكان.
الشيخ : والثاني؟
الطالب : للزمان.
الشيخ : والثاني للزمان، ولا يعرف بأي سبب يموت، صح؟ ولا يعرف على أي حال يموت، قد يموت على الإيمان وقد يموت على الكفر، نسأل الله لي ولكم الثبات، فالإنسان جاهل جهلا مطلقا في هذه الحال، أما الله عز وجل فهو عالم به علما كاملا لا يخفى عليه.
إنما قسم المؤلف هذا التقسيم من أجل الخلاف، لأن الخلاف في القدر ليس شاملاً لكل مراتبه. فقسمه المؤلف إلى هذه المراتب الذي جعلها درجات من أجل بيان الخلاف في هذا الباب العظيم، لأن باب القدر من أشكل الأبواب، أبواب العلم والدين على الإنسان، وقد كان النزاع فيه من عهد الصحابة رضي الله عنهم، لكنه ليس مشكلاً عند إرادة الحق .
" الدرجة الأولى : الإيمان بأن الله تعالى عليم بما الخلق عاملون ". أن تؤمن بأن الله تعالى عليم بما الخلق عاملون. ولم يذكر المؤلف أن الله عليم بما يفعله هو، لأن هذه المسألة ليس فيها خلاف لا بين الجبرية والقدرية وأهل السنة ولا غيرهم أن الله عليم بفعله، هذا ما فيه خلاف، و هذا لم يذكره المؤلف، إنما ذكر ما فيه الخلاف، وهو : هل، هل الله يعلم ما الخلق عاملون أو لا يعلمه إلا بعد وقوعه منهم؟
نقول : يجب علينا أن نؤمن بأن الله عالم به بعلمه القديم الذي هو موصوف بهم أزلا وأبدا.
القديم في اصطلاحهم : هو الذي لا نهاية لابتدائه، يعني أنه لم يزل فيما مضى من الأزمنة التي لا نهاية لها عالماً بما يعمله الخلق، بخلاف القديم في اللغة، فقد يراد بالقديم في اللغة ما كان قديماً نسبياً، كما في قوله تعالى : (( حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )) لأن عرجون النخلة ما هو بقديم، قديم بالنسبة لما بعده لا أزليا.
فالله تعالى موصوف بأنه عالم بما الخلق عاملون بعلمه القديم الأزلي الذي لا نهاية لأوله، عالم جل وعلا بأن هذا الإنسان سيعمل كذا في يوم كذا في مكان كذا بعلمه القديم الأولي، يجب أن نؤمن بذلك.
ودليل هذا من الكتاب والسنة والعقل.
أما الكتاب : فما أكثر الآيات التي فيها العموم عموم علم الله! مثل : (( والله بكل شيء عليم )) (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً )) (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً )) (( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وأن الله قد أحاط بكل شيء علما )) إلى غير ذلك من الآيات التي لا تحصى كثرة.
طيب. في غير السنة قصدي في السنة.
الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن ( ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الأقلام قد جفت وطويت الصحف ) وانتهى كل شيء.
وأما العقل : فنقول إن الله عز وجل أشار إلى ذلك في كتابه فقال: (( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )). (( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )).
فإذا قلت : إن الله خلق الإنسان وخلق أعماله، لأن الأعمال صفة الإنسان والصفة تابع للموصوف، تابعة للموصوف، فإذا كان العمل مخلوقا كان العامل مخلوقا ولا بد، هل يمكن أن يكون هذا الشيء مخلوقا لله وأن الله قد علم أنه سيخلقه في الوقت الفلاني في المكان الفلاني ويجهله؟ لا، ولهذا قال الله عز وجل : (( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )) كيف يكون الله خالق لهذا الشيء وهو ما علمه، هذا مستحيل.
فالكتاب والسنة والعقل وإجماع السلف كلها تدل على أن الله تعالى عالم ما الخلق عاملون بعلمه الأزلي.
قال المؤلف : " الذي هو موصوف به أزلا وأبدا ". ففي كونه موصوفاً به أزلاً نفي للجهل، وفي كونه موصوفاً به أبداً نفي للنسيان.
ولهذا كان علم الله عز وجل غير مسبوق بجهل ولا ملحوق بنسيان، كما قال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون : (( عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى )) بخلاف علم المخلوق فعلم المخلوق مسبوق بجهل وملحوق بنسيان. طيب، إذن يجب عليك أن تؤمن بأن الله عالم بما الخلق ايش؟ عاملون. أتقول بعلم متجدد أم بعلم سابق؟ اه؟ بعلم سابق موصوف به أزلاً وأبداً.
قال : " وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال ". نعم. الله عز وجل قد علم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، ولهذا يقول للملك عندما ينفخ في الروح في الجنين في بطن أمه يقول : ( اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ).
فالله عالم بذلك قبل أن يخلق الإنسان.
إذن طاعتنا معلومة لله، معاصينا معلومة لله، أرزاقنا معلومة له، آجالنا معلومة له.
إذا مات الإنسان بسبب معلوم أو بغير سبب معلوم، فإنه لله معلوم، ولا يخفى عليه، بخلاف علم الإنسان بأجله ليس بواقع. كل منا لا يعرف أجله، لا يعرف أين يموت، ولا متى يموت. الأول؟
الطالب : للمكان.
الشيخ : والثاني؟
الطالب : للزمان.
الشيخ : والثاني للزمان، ولا يعرف بأي سبب يموت، صح؟ ولا يعرف على أي حال يموت، قد يموت على الإيمان وقد يموت على الكفر، نسأل الله لي ولكم الثبات، فالإنسان جاهل جهلا مطلقا في هذه الحال، أما الله عز وجل فهو عالم به علما كاملا لا يخفى عليه.
5 - شرح قول المصنف : والإيمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين : ( فالدرجة الأولى ) الإيمان بأن الله تعالى عليم بما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا وأبدا وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال أستمع حفظ
شرح قول المصنف : ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق فأول ما خلق الله القلم ( قال له : اكتب . قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة . فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف كما قال تعالى : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير )
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله : " ثم كتب "
هذه هي الدرجة الثانية.
إذن لا بد أن نؤمن بأن الله عالم بايش؟ بما نحن عاملون بعلم سابق أزلي أبدي لم يجهل ما علمنا ولن ينسى ما علمنا. ولهذا يذكر الله عبده يوم القيامة إذا خلا به، يقول : عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا حتى يؤمن الإنسان بذلك.
طيب. - اصبر - جاء وقت الأسئلة؟
الطالب : خمس دقايق.
الشيخ : اه؟ أي لا رايح ما نبهتونا ايش؟
الطالب : قلت الدرجة الثانية.
الشيخ : لا. هذا الشيء الثاني من الدرجة الأولى. إذن الدرجة الأولى تشمل شيئين : علما وكتابة. كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء.
واللوح المحفوظ لسنا مطالبين بأن نعرف ماهيته، من أي شيء هذا اللوح، من خشب، من حديد، من ذهب، من فضة، من زمرد، ما لنا شيء في هذا. إنما نؤمن بأن هناك لوحاً كتب الله فيه ايش؟ مقادير كل شيء، وليس لنا الحق في أن نبحث وراء ذلك. لكن لو جاء في الكتاب والسنة ما يدلنا على هذا، فالواجب علينا أن نعتقده. طيب اللوح المحفوظ وصف بذلك لأنه محفوظ من أيدي الخلق، لا تصل إليه الأيدي فلا يمكن أن يُلحق أحد به شيئاً أو يغير فيه شيئا.
ثانياً : محفوظ من التغيير، فالله عز وجل لا يغير فيه شيئاً، لأنه كُتب عن علم منه، كما سيذكره المؤلف، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله : " إن المكتوب في اللوح المحفوظ لا يتغير أبدا "، وإنما يحصل التغير في الكتب التي بأيدي الملائكة. هذه ربما يحصل فيها التغير. أما اللوح المحفوظ فهو محفوظ على اسمه. طيب.
" كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء " اه؟ اه؟ " مقادير الخلق " يعني مقادير المخلوقات كلها.
وظاهر النصوص أنه شمل ما يفعله الإنسان، وما يفعله البهائم، وأنه عام شامل.
ولكن هل هذه الكتابة إجمالية أو تفصيلية؟ هذه
قد نقول، قد يقول الإنسان : إننا لا نجزم بأنها تفصيلية أو إجمالية.
مثلاً : القرآن الكريم : هل هو مكتوب في اللوح المحفوظ ، مكتوب في اللوح المحفوظ بهذه الآيات والحروف أو أنّ المكتوب في اللوح ذِكره وأنه سيكون سينزل على محمد صلى الله عليه وسلم وسيكون نوراً وهدىً للناس وما أشبه ذلك؟ اه؟
فيه احتمال : إن نظرنا إلى ظاهر النصوص، نقول : إن ظاهرها أن كل شيء يكتب جملة وتفصيلاً، وإن نظرنا إلى أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بالقرآن حين نزوله. نقول : إن الذي كتب في اللوح المحفوظ ذكر القرآن، ولا يلزم من كونه في اللوح المحفوظ أن يكون قد كتب فيه، ولهذا قال الله تعالى عن القرآن : (( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ))، يعني : كتب الأولين.
فهل القرآن موجود بنصه في التوراة؟ اه؟ لا، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، لكن ذكره موجود، ممكن أن نقول مثلها قوله تعالى : (( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ))، أي : ذكره في هذا اللوح.
وعلى كل حال المهم أن نؤمن بأن مقادير الخلق مكتوبة في اللوح المحفوظ، وأن هذا اللوح لا يتغير ما كتب فيه، لأن الله أمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، والله أعلم.
إن الإيمان بالقدر على درجتين : كل درجة تتضمن شيئين، وأن الذي أوجب للمؤلف رحمه الله أن يقسمه هذا التقسيم هو الخلاف في هذه المراتب.
انتهينا من الشيء الأول من الدرجة الأولى.
أما الشيء الثاني فقال : " ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق " وسبق لنا الكلام على اللوح المحفوظ، وأننا لا نسأل عن ماهية هذا اللوح، ولا عن كيفيته وصفته، والذي يهمنا منه أنه لوح كتب الله فيه مقادير الخلق.
قال : " فأول ما خلق الله القلم قال له : اكتب " أمره أن يكتب، مع أن القلم جماد.
فكيف يوجه الخطاب إلى الجماد؟!
والجواب على ذلك بسيط : أن الجماد بالنسبة إلى الله عاقل، يصح أن يوجه إليه الخطاب، قال الله تعالى : (( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )). فوجه الخطاب إليهما. وذكر جوابهما.
وقال الله تعالى : (( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ )). فكانت كذلك.
وقال الله تعالى : (( يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ )) فكانت الجبال والطير تؤوب مع داوود عليه الصلاة والسلام.
على أن خطاب الجماد قد يقع حتى من المخلوق، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد قبل الحجر الأسود : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) لكن لا يلزم من خطاب عمر أن يعقله الحجر، لا يلزم أن يعقله الحجر.
طيب، ودخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وهو مغطى فكشف عن وجهه وقبله، وقال : ( بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا ) فخاطبه وهو ميت.
فهذا على سبيل التجوز أحيانا أو على سبيل كون هذا الشيء المخاطب كأنه عاقل يفهم، يعني أنه ينزل منزلة العاقل.
ومن ذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام ضرب الحجر حين هرب بثوبه، القصة أظنها معلومة. اه؟
كان بنو إسرائيل يقولون إن موسى آدر، آدر يعني كبير الخصيتين، وهو عيب، لأنه كان صلى الله عليه وسلم يغتسل مستترا وهم يغتسلون عراة، عراة، فقالوا هذا الكلام فيه فأراد الله عز وجل أن يريهم أن ما قالوه كذب وبهتان، فدخل يوما يغتسل ووضع ثوبه على حجر فهرب الحجر بالثوب وجعل موسى يتبعه ثوبي حجر ثوبي حجر، ولكنه قد هرب به حتى وصل إلى الملأ من بني إسرائيل فشاهدوا موسى عليه السلام أنه كان سليما، ثم وقف الحجر، فأخذ ثوبه، وجعل يضرب الحجر عليه الصلاة والسلام، نزله منزلة العاقل، لأنه فعل فعل العاقل. طيب، المهم أن الله أمر القلم أن يكتب، والخطاب للجماد من الله عز وجل خطاب صحيح صريح، لأن الجماد بالنسبة لله عاقل، القلم امتثل ولا لا؟ امتثل، لكنه أشكل عليه، لأن الكلام مجمل، اكتب، قال : ( ما أكتب؟ ) يعني : أي شيء أكتب؟ سمعا وطاعة لكن أي شيء أكتب؟
قال : ( اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة )، فكتب القلم بأمر الله ما هو كائن إلى يوم القيامة، شوف كيف سبحان الله العظيم! القلم كيف علم ماذا يكون إلى يوم القيامة، فكتبه، لأن أمر الله عز وجل لا يرد، لا مرد له. أمره أن يكتب فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.
قال المؤلف : " فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ".
إذا آمنت بهذه الجملة، اطمأننت، ما أصاب الإنسان، لم يكن ليخطئه أبداً.
ومعنى " ما أصاب ". هل المراد ما قدر أن يصيبه، أو أن ما أصابه بالفعل؟ نعم؟ فيه قولان، أو فيه احتمالان: يحتمل أن المعنى : ما قدر أن يصيبه، فإنه لن يخطئه، ويحتمل أنّ ما أصابه بالفعل لا يمكن أن يخطئه حتى لو تمنى الإنسان قال : لو أني فعلت ، لو أني فعلت فإنه لا يمكن أن يخطئه، وإذا آمنت بذلك وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك اطمأننت على المصائب، ولم تقل : لو أو ليت. طيب .
" وما أخطاه لم يكن ليصيبه " . طيب ما أخطأه أي ما قدر أن يخطئه فإنه لم يكن ليصيبه. وليس المعنى : ما أخطاه بالفعل، لأن ما أخطأه بالفعل معروف أنه غير صائب. لكن.
هذه هي الدرجة الثانية.
إذن لا بد أن نؤمن بأن الله عالم بايش؟ بما نحن عاملون بعلم سابق أزلي أبدي لم يجهل ما علمنا ولن ينسى ما علمنا. ولهذا يذكر الله عبده يوم القيامة إذا خلا به، يقول : عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا حتى يؤمن الإنسان بذلك.
طيب. - اصبر - جاء وقت الأسئلة؟
الطالب : خمس دقايق.
الشيخ : اه؟ أي لا رايح ما نبهتونا ايش؟
الطالب : قلت الدرجة الثانية.
الشيخ : لا. هذا الشيء الثاني من الدرجة الأولى. إذن الدرجة الأولى تشمل شيئين : علما وكتابة. كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء.
واللوح المحفوظ لسنا مطالبين بأن نعرف ماهيته، من أي شيء هذا اللوح، من خشب، من حديد، من ذهب، من فضة، من زمرد، ما لنا شيء في هذا. إنما نؤمن بأن هناك لوحاً كتب الله فيه ايش؟ مقادير كل شيء، وليس لنا الحق في أن نبحث وراء ذلك. لكن لو جاء في الكتاب والسنة ما يدلنا على هذا، فالواجب علينا أن نعتقده. طيب اللوح المحفوظ وصف بذلك لأنه محفوظ من أيدي الخلق، لا تصل إليه الأيدي فلا يمكن أن يُلحق أحد به شيئاً أو يغير فيه شيئا.
ثانياً : محفوظ من التغيير، فالله عز وجل لا يغير فيه شيئاً، لأنه كُتب عن علم منه، كما سيذكره المؤلف، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله : " إن المكتوب في اللوح المحفوظ لا يتغير أبدا "، وإنما يحصل التغير في الكتب التي بأيدي الملائكة. هذه ربما يحصل فيها التغير. أما اللوح المحفوظ فهو محفوظ على اسمه. طيب.
" كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء " اه؟ اه؟ " مقادير الخلق " يعني مقادير المخلوقات كلها.
وظاهر النصوص أنه شمل ما يفعله الإنسان، وما يفعله البهائم، وأنه عام شامل.
ولكن هل هذه الكتابة إجمالية أو تفصيلية؟ هذه
قد نقول، قد يقول الإنسان : إننا لا نجزم بأنها تفصيلية أو إجمالية.
مثلاً : القرآن الكريم : هل هو مكتوب في اللوح المحفوظ ، مكتوب في اللوح المحفوظ بهذه الآيات والحروف أو أنّ المكتوب في اللوح ذِكره وأنه سيكون سينزل على محمد صلى الله عليه وسلم وسيكون نوراً وهدىً للناس وما أشبه ذلك؟ اه؟
فيه احتمال : إن نظرنا إلى ظاهر النصوص، نقول : إن ظاهرها أن كل شيء يكتب جملة وتفصيلاً، وإن نظرنا إلى أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بالقرآن حين نزوله. نقول : إن الذي كتب في اللوح المحفوظ ذكر القرآن، ولا يلزم من كونه في اللوح المحفوظ أن يكون قد كتب فيه، ولهذا قال الله تعالى عن القرآن : (( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ))، يعني : كتب الأولين.
فهل القرآن موجود بنصه في التوراة؟ اه؟ لا، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، لكن ذكره موجود، ممكن أن نقول مثلها قوله تعالى : (( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ))، أي : ذكره في هذا اللوح.
وعلى كل حال المهم أن نؤمن بأن مقادير الخلق مكتوبة في اللوح المحفوظ، وأن هذا اللوح لا يتغير ما كتب فيه، لأن الله أمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، والله أعلم.
إن الإيمان بالقدر على درجتين : كل درجة تتضمن شيئين، وأن الذي أوجب للمؤلف رحمه الله أن يقسمه هذا التقسيم هو الخلاف في هذه المراتب.
انتهينا من الشيء الأول من الدرجة الأولى.
أما الشيء الثاني فقال : " ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق " وسبق لنا الكلام على اللوح المحفوظ، وأننا لا نسأل عن ماهية هذا اللوح، ولا عن كيفيته وصفته، والذي يهمنا منه أنه لوح كتب الله فيه مقادير الخلق.
قال : " فأول ما خلق الله القلم قال له : اكتب " أمره أن يكتب، مع أن القلم جماد.
فكيف يوجه الخطاب إلى الجماد؟!
والجواب على ذلك بسيط : أن الجماد بالنسبة إلى الله عاقل، يصح أن يوجه إليه الخطاب، قال الله تعالى : (( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )). فوجه الخطاب إليهما. وذكر جوابهما.
وقال الله تعالى : (( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ )). فكانت كذلك.
وقال الله تعالى : (( يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ )) فكانت الجبال والطير تؤوب مع داوود عليه الصلاة والسلام.
على أن خطاب الجماد قد يقع حتى من المخلوق، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد قبل الحجر الأسود : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) لكن لا يلزم من خطاب عمر أن يعقله الحجر، لا يلزم أن يعقله الحجر.
طيب، ودخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وهو مغطى فكشف عن وجهه وقبله، وقال : ( بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا ) فخاطبه وهو ميت.
فهذا على سبيل التجوز أحيانا أو على سبيل كون هذا الشيء المخاطب كأنه عاقل يفهم، يعني أنه ينزل منزلة العاقل.
ومن ذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام ضرب الحجر حين هرب بثوبه، القصة أظنها معلومة. اه؟
كان بنو إسرائيل يقولون إن موسى آدر، آدر يعني كبير الخصيتين، وهو عيب، لأنه كان صلى الله عليه وسلم يغتسل مستترا وهم يغتسلون عراة، عراة، فقالوا هذا الكلام فيه فأراد الله عز وجل أن يريهم أن ما قالوه كذب وبهتان، فدخل يوما يغتسل ووضع ثوبه على حجر فهرب الحجر بالثوب وجعل موسى يتبعه ثوبي حجر ثوبي حجر، ولكنه قد هرب به حتى وصل إلى الملأ من بني إسرائيل فشاهدوا موسى عليه السلام أنه كان سليما، ثم وقف الحجر، فأخذ ثوبه، وجعل يضرب الحجر عليه الصلاة والسلام، نزله منزلة العاقل، لأنه فعل فعل العاقل. طيب، المهم أن الله أمر القلم أن يكتب، والخطاب للجماد من الله عز وجل خطاب صحيح صريح، لأن الجماد بالنسبة لله عاقل، القلم امتثل ولا لا؟ امتثل، لكنه أشكل عليه، لأن الكلام مجمل، اكتب، قال : ( ما أكتب؟ ) يعني : أي شيء أكتب؟ سمعا وطاعة لكن أي شيء أكتب؟
قال : ( اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة )، فكتب القلم بأمر الله ما هو كائن إلى يوم القيامة، شوف كيف سبحان الله العظيم! القلم كيف علم ماذا يكون إلى يوم القيامة، فكتبه، لأن أمر الله عز وجل لا يرد، لا مرد له. أمره أن يكتب فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.
قال المؤلف : " فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ".
إذا آمنت بهذه الجملة، اطمأننت، ما أصاب الإنسان، لم يكن ليخطئه أبداً.
ومعنى " ما أصاب ". هل المراد ما قدر أن يصيبه، أو أن ما أصابه بالفعل؟ نعم؟ فيه قولان، أو فيه احتمالان: يحتمل أن المعنى : ما قدر أن يصيبه، فإنه لن يخطئه، ويحتمل أنّ ما أصابه بالفعل لا يمكن أن يخطئه حتى لو تمنى الإنسان قال : لو أني فعلت ، لو أني فعلت فإنه لا يمكن أن يخطئه، وإذا آمنت بذلك وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك اطمأننت على المصائب، ولم تقل : لو أو ليت. طيب .
" وما أخطاه لم يكن ليصيبه " . طيب ما أخطأه أي ما قدر أن يخطئه فإنه لم يكن ليصيبه. وليس المعنى : ما أخطاه بالفعل، لأن ما أخطأه بالفعل معروف أنه غير صائب. لكن.
6 - شرح قول المصنف : ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق فأول ما خلق الله القلم ( قال له : اكتب . قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة . فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف كما قال تعالى : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ) أستمع حفظ
اضيفت في - 2007-02-04