تفسير سورة الإخلاص-35
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة الإخلاص: قال الله تعالى:" قل هو الله أحد " وإعرابها وسبب نزولها
وهو قوله تعالى: (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ )) ، وما تيسر من السورة التي بعدها. يقول الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( قل هو الله أحد ))، وهذا الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، وللأمة أيضاً و(( هو الله أحد )): (( هو )) ضمير، ضمير الشأن عند المعربين، ولفظ الجلالة (( الله )) هو خبر المبتدأ، و(( أحد )) خبر ثان، و(( الله الصمد )) جملة مستقلة. ذكروا في سبب نزول هذه السورة: أن المشركين أو اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: صف لنا ربك؟ فأنزل الله هذه السورة. (( قل هو الله أحد )) أي هو الله الذي تتحدثون عنه وتسألون عنه (( أحد )) أي: متوحد بجلاله وعظمته، ليس له مثيل، وليس له شريك، بل هو متفرد بالجلال والعظمة عز وجل.
تفسير قوله تعالى:" الله الصمد "
(( الله الصمد )): جملة مستقلة، بين الله تعالى أنه (( الصمد )) فما معنى الصمد؟ أجمع ما قيل في معناه: أنه الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته، فقد روي عن ابن عباس أن الصمد هو الكامل في علمه، الكامل في حلمه، الكامل في عزته، الكامل في قدرته، إلى آخر ما ذكر في الأثر، وهذا يعني أنه مستغنٍ عن جميع المخلوقات لأنه كامل. وورد أيضاً في تفسيرها أن الصمد هو الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، وهذا يعني أن جميع المخلوقات مفتقرة إليه، وعلى هذا فيكون المعنى الجامع للصمد هو: الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته.
تفسير قوله تعالى:" لم يلد ولم يولد " وفي هذه الآية الرد على المشركين والنصارى واليهود
((لم يلد ولم يولد )): (( لم يلد )) لأنه جل وعلا لا مثيل له، والولد مشتق من والده وجزء منه كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في فاطمة: ( إنها بَضْعَةٌ مني )، والله جل وعلا لا مثيل له، ثم إن الولد إنما يكون للحاجة إليه إما في المعونة على مكابدة الدنيا، وإما في الحاجة إلى بقاء النسل، والله عز وجل مستغنٍ عن ذلك، فلهذا لم يلد لأنه لا مثيل له، ولأنه مستغنٍ عن كل أحد عز وجل. وقد أشار الله عز وجل إلى امتناع ولادته أيضاً في قوله تعالى (( أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم )). فالولد يحتاج إلى صاحبة تلده، وكذلك هو خالق كل شيء، فإذا كان خالق كل شيء فكل شيء منفصل عنه بائن منه. (( ولم يولد )): لأنه عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء، فكيف يكون مولوداً؟! وفي هذه الجملة الأخيرة رد على ثلاث طوائف منحرفة من بني آدم، وهم: المشركون، واليهود، والنصارى، لأن المشركين جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، وقالوا: إن الملائكة بنات الله، واليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، فكذبهم الله بقوله: (( لم يلد )). نعم فقوله: (( لم يلد )). فيها رد على ثلاث طوائف والتي جعلتها أخيراً ولكن الصواب هو الأول. في يلد رد على ثلاث طوائف منحرفة من بني آدم، وهم: المشركون، واليهود، والنصارى ، لأن المشركين يقولون إن الملائكة بنات الله، واليهود يقولون: إن عزير ابن الله، والنصارى يقولون: إن المسيح ابن الله. (( ولم يولد )): لأنه الأول الذي ليس قبله شيء.
تفسير قوله تعالى:" ولم يكن له كفوا أحد " وبيان فضل هذه السورة، ومعنى حديث:" إنها تعدل ثلث القرآن "
(( ولم يكن له كفواً أحد )): أي لم يكن له أحد مساوياً في جميع صفاته، فنفى الله عنه سبحانه وتعالى، نفى عن نفسه أن يكون والداً، أو مولوداً، أو له مثيل. هذه السورة لها فضل عظيم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنها تعدل ثلث القرآن )، لكنها تعدله ولا تقوم مقامه، تعدل ثلث القرآن لكن لا تقوم مقام ثلث القرآن، بدليل أن الإنسان لو كررها في الصلاة الفريضة ثلاث مرات لم تكفه عن الفاتحة، مع أنه إذا قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله، لكنها لا تجزئ عنه، ولا تستغرب أن يكون الشيء معادلاً للشيء ولا يجزئ عنه، فها هو النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن من قال: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فكأنما أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل، أو من ولد إسماعيل ) ، ومع ذلك لو كان عليه رقبة كفارة، وقال هذا الذكر، لم يكفه عن الكفارة فلا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون قائماً مقامه في الإجزاء.
4 - تفسير قوله تعالى:" ولم يكن له كفوا أحد " وبيان فضل هذه السورة، ومعنى حديث:" إنها تعدل ثلث القرآن " أستمع حفظ
متى تقرأ سورة الإخلاص؟
هذه السورة كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بها في الركعة الثانية في سنة الفجر، وفي سنة المغرب، وفي ركعتي الطواف، وكذلك يقرأ بها في الثالثة الوتر، لأنها مبنية على الإخلاص، الإخلاص التام لله، ولهذا تسمى سورة الإخلاص.
اضيفت في - 2007-02-04