شرح قول المصنف :عن ابن عمر ، ومحمد بن كعب ، وزيد بن أسلم ، وقتادة - دخل حديث بعضهم في بعض - أنه قال رجل في غزوة تبوك : ( ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ، ولا أكذب ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه القراء . فقال له عوف بن مالك : كذبت ، ولكنك منافق ، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره ، فوجد القرآن قد سبقه . فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته . فقال يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق .
الطالب : ...
الشيخ : في حائل عند حائل ، ولما رجع النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة جاؤوا به جاءت به طيء إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وهذه من آيات الله وعلم بها الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن تكون وعلم مؤكد والا حالة الطقس ؟
الطالب : علم مؤكد
الشيخ : علم مؤكد ولهذا وقع وقع ، والذي خالف نقلته الريح إلى هذا المكان الله أكبر ، وهذا من آيات الله ، نعم ؟
السائل : ...
الشيخ : لعلهم ما علموا ... يلزم الأرض.
وهذا التأويل كما ترى له وجهة نظر لكن المعنى يبعده ، لأن هذا الإظهار كان سابقا على هذه الفعلة إذ كانوا يظهرون عند خواصهم أيش ؟ الكفر والاستهزاء ، هذا هو الذي يمنع من تأويل الآية على هذا المعنى على أن المعنى أظهرتم الكفر ، إذ يقال إن إظهارهم الكفر سابق فإنهم ما زالوا يظهرون الكفر في خواصهم (( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون )) ويمكن الجمع بين القولين بأن يقال الآية هذه نزلت في ضعفاء الإيمان الذين يخالطون المنافقين في جلوسهم معهم وسماعهم ما يقولون ، ويكون هذا الآية كفرتم بعد إيمانكم يكون معناها على ظاهرها وهذا هو الذي أيده شيخ الإسلام ابن تيمية بأن هؤلاء كفروا بعد أن استهزأوا وليس المعنى أظهروا نفاقهم وكفرهم لأنه كما سمعتم كان ذلك ظاهرا من قبل ، وحتى لو فرض أنها نزلت في منافقين خلص أظهروا نفاقهم فقيل لهم قد كفرتم بعد إيمانكم فإن هذا الكفر إنما رُتب على الاستهزاء لا على أصل النفاق ، سيكون ستكون سيكون في الآية دلالة على أن الاستهزاء كفر الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر ، سواء قلنا أن هؤلاء كانوا مؤمنين وكفروا بذلك أو كانوا منافقين وأظهروا ذلك فإن الله تعالى يقول (( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )) وقد سبق ذلك ، وفي الحديث في غزوة تبوك قلنا إن هذه الغزوة في سنة ؟ التاسعة من الهجرة وأن سببها أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له إن قوما من الروم ومن متنصرة العرب كانوا يجمعون له فأراد أن يغزوهم عليه الصلاة والسلام إظهارا للقوة وإيمانا بنصر الله عز وجل ، وقلنا إن في هذه الغزوة صار فيها آيات متعددة ما لها دخل في موضوع البحث ، طيب وفيه وقفنا على كما قلتم في غزوة تبوك نعم
الطالب : الدرس الماضي ما ذكرنا التفصيل في أحد القولين يعني
الشيخ : أي نعم ، وذكرناه الآن
الطالب : بس ما بدأنا ...
الشيخ : ما سجلت من أول الدرس ؟ ... نعم يقول : ( فقال عوف بن مالك كذبت ولكنك منافق ، ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ) ، ما رأينا هذه الرؤية يحتمل أنها بصرية أو أنها علمية قلبية ، وقوله ( مثل قرائنا ) هذا هو المفعول الأول ، وقوله ( أرغب بطونا ) هو المفعول الثاني ويجوز العكس أن يكون المعنى ما رأينا أرغب بطونا مثل قرائنا هؤلاء ، والمراد بالقراء الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه
وقوله ( أرغب بطونا ) أي أوسع وإنما كانت الرغبة هنا بمعنى السعة لأنه كلما اتسع البطن رغب الإنسان في الأكل
وقوله ( ولا أكذب ألسنا ) الكذب هو الإخبار بخلاف الواقع والألسن جمع لسان والمراد ولا أكذب قولا واللسان يطلق على القول كثيرا في اللغة العربية كما في قوله تعالى (( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه )) أي بلغتهم وقولهم ،
( ولا أجبن عند اللقاء ) ، الجبن هو خور في النفس يمنع المرء من الإقدام على ما يكره هذا الجبن ، فهو خلق نفسي ذميم وكان النبي عليه الصلاة والسلام يتعوذ منه لما يحصل فيه من الإحجام عما ينبغي الإقدام إليه ، فلهذا كانت صفة ذميمة ، ونحن إذا طبقنا هذه الأوصاف وجدنا أنها في المنافقين لا في المؤمنين ، فالمؤمن يأكل بمعىً واحد نعم ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ، والمؤمن أصدق الناس ولا سيما النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإن الله وصفهم بالصدق في قوله (( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون )) فلا أحد أصدق من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأما الجبن فإن هذا من صفات المنافقين ولهذا يحسبون كل صيحة عليهم لو يسمعون واحد ينشد ضالته في السوق قالوا يلا عدو عدو البيوت البيوت نعم اختبئوا ، وهم يحسبون كل صيحة عليهم وهم أكذب الناس أيضا ، ولذلك الكذب من آيات من ايات النفاق نعم، وأما حبهم للدنيا فلا شك أن أصل نفاقهم من أجل الدنيا من أجل أن تحمى دماؤهم وأموالهم ، إذا ... الكفر ستؤخذ ، فهذه الأوصاف القائلون بها هم أحق الناس بها ، أما النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه فهم أبعد الناس عنها ، يقول
السائل : معى واحد وش هو المعى يأكلون في معى واحد ؟
الشيخ : أي المعى مفرد أمعاء والأمعاء تعرفها ألمس بطنك وتجدها ، نعم ، يقول : ( قال عوف بن مالك كذبت ) ، أخبرت بخلاف الواقع وفي هذا دليل على وجوب تكذيب الكذب مهما كان الأمر وأن السكوت عليه لا يجوز ، كل من تكلم بكذب فيجب أن يكذب ، ( قال : ولكنك منافق لأخبرن عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم )، من أين علم أنه منافق ؟ لأنه لا يمكن أن يطلق مثل هذه الأوصاف رجل يتسمى بالإسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا وهو منافق ، وبهذا نعرف أن من يدّعي الإسلام وهو يسب النبي وهو يسب أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام فإنه كاذب وليس بمسلم ، إذ أن الطعن في صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام ليس طعنا في أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام فقط ، طعن فيهم وطعن في الرسول عليه الصلاة والسلام وطعن في الشريعة وطعن في الله نعم، أما كونه طعنا فيهم فلأنه سب لهم وعيب لهم ، كونه طعن في الرسول لأن أصحابه هؤلاء المطعون بهم عند هؤلاء الطاعنين والمرء على دين خليله والإنسان يستدل على صلاحه أو فساده وعلى سوء أخلاقه أو صلاحها بماذا ؟ بالقرين ، وأما كونه طعنا في الشريعة فلأن الواسطة بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في نقل الشريعة هم الصحابة ومعنى ذلك إذا كان هؤلاء الذين نقلوها بهذه المثابة فمن الذي يثق بهذه الشريعة ، وأما كونه طعن في الله فإنه طعن في حكمته حيث اختار لأفضل خلقه أسوأ خلقه أعوذ بالله هذا طعن ، أليس كذلك ؟ أن الله يختار للرسول عليه الصلاة والسلام هؤلاء الذين لهم من السب والشتم عند أولئك القوم ما هم أحق به منهم ، فعلى كل حال لا شك أن من سب الصحابة رضي الله عنهم فإنه ليس بمؤمن بل هو منافق إن أظهر الإسلام وكافر إن كان معلنا لكفره ، ولهذا ( قال كذبت ولكنك منافق لأخبرن عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره فوجد القرآن قد سبقه )، من أين جاء ؟ من الله عز وجل بالوحي ، والله تعالى عليم بما يفعلون وعليم بما يريدون وعليم بما يبيتون نعم، كما قال تعالى في أمثالهم (( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول )) يقول : ( فجاء ذلك الرجل الذي كان يقول ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته ) ، الظاهر أن هذا من باب عطف التفسير يعني ارتحل لأن الارتحال معناه الركوب على الرحل فيكون هذا من باب عطف التفسير ، ( وركب ناقته فقال يا رسول الله إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق )
الطالب : ... ارتحلنا ...
الشيخ : او غيرنا ...
الطالب : ...
الشيخ : لا لا ما هو بالانتقال إلا إذا قيد ارتحل من كذا إلى كذا
الطالب : عطف يعني قال ارتحل ...
الشيخ : لا لا ، هو في مكانه لكن قد ركب الناقة ، ( قال نخوض ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق )، لكن بئس ما صنعوا ما رأوا من أحاديث الركب إلا أن يسبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؟! نعم ولكنه والعياذ بالله النفاق وإلا فالدنيا مملوءة من الكلام الذي يقطع به المسافر الطريق ، لأن الحديث ولا سيما مع أصحابك وأحبابك لا شك أنه يقطع الوقت ويخفف عبء السفر ويسهل المسافة يعني يمضي الوقت سريعا ، فقالوا إن هذا ما نريده ولكن هل هم صادقون في ذلك ؟
الطالب : لا
الشيخ : لم يكونوا صادقين ، إذا كانوا يقولون نشهد إنك لرسول الله والله عز وجل يقول (( والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون )) هو ما يوجد أحد أكذب من المنافق ، فهم كاذبون إنما أرادوا بلا شك سب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
1 - شرح قول المصنف :عن ابن عمر ، ومحمد بن كعب ، وزيد بن أسلم ، وقتادة - دخل حديث بعضهم في بعض - أنه قال رجل في غزوة تبوك : ( ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ، ولا أكذب ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه القراء . فقال له عوف بن مالك : كذبت ، ولكنك منافق ، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره ، فوجد القرآن قد سبقه . فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته . فقال يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق . أستمع حفظ
شرح قول المصنف :قال ابن عمر : كأني أنظر إليه متعلقاً بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الحجارة تنكب رجليه ، وهو يقول : إنما كنا نخوض ونلعب : فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )) [ سورة التوبة : 65 - 66 ] ما يلتفت إليه ، وما يزيده عليه ) .
( متعلقا بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ما هي النِسعة ؟ النسعة الحزام الذي يربط به الرحل ويسمى البُطنة أو البِطان لأنه يحزم على البطن ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم
( ويقول أيضا : وإن الحجارة لتنكب رجليه ) لأنه يمشي والحجارة تضرب رجليه وكأنه ، كأنه والله أعلم المشي فيه نوع من السرعة ولكنه لا يحس في تلك الحال لأنه يريد أن يبدي اعتذاره وكأنه اعتذار بقوة ، أما النبي عليه الصلاة والسلام ( فيقول له : أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ، ما يلتفت إليه وما يزيده عليه )، لأن الله قال له : (( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون )) فلا يلتفت إلى هذا الرجل احتقارا له ولا يزيده عليه امتثالا لأمر الله عز وجل ، وكفى بالقول الذي أرشد الله إليه كفى به نكاية
السائل : تتمة الآية ...
الشيخ : لا ما كانوا يقرؤوه ، لأن لا تعتذروا هذه الظاهر من كلام الله ولهذا قال (( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة )) على قراءة إن نعف وفيها قراءة (( إن يُعف عن طائفة منكم تُعَذّب طائفة )) فيها قراءتان ، لكن على القراءة المشهورة إن نعف نُعذب يكون الكلام لله
السائل : شيخ عندنا ورسله هنا
الشيخ : وين ؟
السائل : ...
الشيخ : لا ورسوله
السائل : على نمط الكلام نفسه
الشيخ : أي على نمط الآية ، طيب تقدم الكلام على حكم الاستهزاء بالله ورسوله وآياته ، ويقول المؤلف فيه مسائل
السائل : قول عوف بن مالك قال كذبت ولكنك منافق قول ولكنك ؟
الشيخ : للاستدراك يعني كذبت ما أردت ذلك ولكنك
السائل : يعني كأنه اعتذر لعوف ؟
الشيخ : أي نعم ، نعم نعم.
2 - شرح قول المصنف :قال ابن عمر : كأني أنظر إليه متعلقاً بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الحجارة تنكب رجليه ، وهو يقول : إنما كنا نخوض ونلعب : فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )) [ سورة التوبة : 65 - 66 ] ما يلتفت إليه ، وما يزيده عليه ) . أستمع حفظ
هل التلفظ بالكفر من غير علم يعذر به تلفظ به أولا ؟
الشيخ : إذا استهزأ بالله ورسله فهو لا يعذر
السائل : يقول شيخ الإسلام : " من قال الكفر وهو لا يعلم أنه كفر فهو ... "
الشيخ : غير عالم أنها مكفرة فإنه يعذر فيها لكن المستهزئ عالم المستهزئ عالم
السائل : نعم لكن ... مطلق ... قول من قال وهو لا يعلم
الشيخ : لا ما هو قصده الإطلاق ، ما هو على الإطلاق
السائل : لكن ظاهر الحديث أنه ما اعتذر لعوف
الشيخ : لا هو عوف سمعه ، سمعه قال كذبت ولكنك منافق يعني هذا القول الذي قلت غير مطابق للواقع ولكنك منافق
السائل : شيخ قتل المرتد ...
الشيخ : إذا وصل إلى الحاكم ، والردة تسقط بالتوبة بل إنه يستتاب عند كثير من أهل العلم يستتاب ثلاثة أيام إن تاب وإلا قتل ، ولهذا بعض المعاصرين الذين يكتبون القصاص وقتل المرتد يكتبونه في الحدود وهذا خطأ هذا ليس كذلك ، ثم إن الحد كفارة وقتل المرتد ليس كفارة لأنه يقتل على ردته كافرا .
هل يقتل المنافق ؟
الشيخ : نعم نعم
السائل : هم سخروا بالله ...
الشيخ : نعم تقدم لنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما قيل له في المنافقين الذين يعلم نفاقهم قال ( لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) فتركهم لهذا لأن المقام مقام تأليف ، وغالبا النفاق غالبا لا يظهر ، ولهذا المنافقون كثيرون ولكن ما عُلم منهم أحد أظهر نفاقه إلا قليل نعم.
هل يكفر العوام المستهزئين بالله ورسوله ؟
الشيخ : كلاهما فليتب إلى الله عز وجل لأنك قد ارتددت
السائل : حتى وإن كان جاهل
الشيخ : حتى وإن كان جاهلا إلا إذا كان لا يدري ما معناه ، ما هو جاهل بالحكم لأن الجهل بالحكم لا يمنع من العقوبة أو من ترتب الأثر ، وهذه قاعدة سبقت لنا أن الجهل بالحكم لا يعذر فيه ، الجهل بالحكم يعني بالعقوبة المترتبة عليه أي نعم ما هو بالحكم هذا حلال والا حرام ، يعني مثلا واحد فعل شيء لكن ما يدري أنه يوصل إلى القتل مثلا ما يسقط عنه القتل ، ولهذا الرجل الذي جامع زوجته في نهار رمضان هل يدري أن عليه كفارة ؟ ما يدري ومع ذلك ألزمه النبي عليه الصلاة والسلام بها ، والرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يدري يهوي بها في النار كذا وكذا
السائل : ... أنه ما تقبل توبته ، بالنسبة للمنافق ؟
الشيخ : المنافق ؟ تقدم لنا أظن أنت ما حضرت
السائل : لا حضرت ...
الشيخ : لا تقدم لنا
السائل : ما التفت إليه ولا
الشيخ : أي نعم لأنه يعلم أنهم ليسوا صادقين
السائل : كقضية العين يعني لو علم أنهم صادقون ..
شرح قول المصنف :فيه مسائل: الأولى: وهي العظيمة: أن من هزل بهذا فهو كافر. الثانية: أن هذا هو تفسير الآية فيمن فعل ذلك كائناً من كان. الثالثة: الفرق بين النميمة والنصيحة لله ولرسوله. الرابعة: الفرق بين العفو الذي يحبه الله وبين الغلظة على أعداء الله. الخامسة: أن من الأعذار ما لا ينبغي أن يقبل.
الطالب : خبر
الشيخ : خبر أيش ؟
الطالب : ...
الشيخ : خبر كان المحذوفة والا الموجودة ؟
الطالب : ...
الشيخ : لا نبي كائنا
الطالب : ...
الشيخ : محذوف والا ...
الطالب : ...
الشيخ : أي ما تقدم عليها اسمه ؟ يتقدم ، نعم موجودة ؟ أي
السائل : ...
الشيخ : ...يكون جامدا
الطالب : كائنا خبر ...
الشيخ : .. المعنى واضح ، نعم ؟
الطالب : تأتي كثيرا
الشيخ : تأتي كثيرا ، نعم نعم كثيرا ، " الثالثة الفرق بين النميمة وبين النصيحة لله ورسوله " النميمة من نمّ الحديث إذا نقله ونسبه إلى غيره ، وهي القالة التي يقصد بها الإفساد بين الناس ، قال العلماء وهي نقل كلام الغير إلى الغير بقصد الإفساد ، هذه النميمة نقل كلام الغير إلى الغير بقصد الإفساد ، تجي لشخص تقول فلان يسبك ويقول فيك كذا ويقول فيك كذا ويقول فيك كذا ، هذه من أكبر الذنوب ، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام ( لا يدخل الجنة قتات - أو نمام - ) وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن رجلا يعذب في قبره لأنه يمشي بالنميمة ، أما النصيحة لله ورسوله فإنه لا يُقصد بها ذلك وإنما يقصد بها احترام شعائر الله عز وجل وإقامة حدوده وحفظ شريعته ، وعوف بن مالك نقل كلام هذا الرجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام أنه يسب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هل قصده أن يفسد بينهم أو أنه قصده أن يقام الحد أو ما يجب أن يقام على هذا الرجل ؟ الأخير فهذا هو النصيحة ، هذا من النصيحة لله ورسوله ، ومن ذلك لو رأيت شخصا يعتمد على إنسان ويثق به والرجل هذا يكشف سره ويهزء به في المجالس فإنه في هذه الحال لو ذهبت إليه وقلت فلان لا تأمنه تراه يكشف سرك ويستهزئ بك في المجالس هل هذه من النميمة ؟ لا ولكنها من النصيحة ، ففرق بين النصيحة التي يقصد بها دفع الشر والإصلاح وبين الإنسان اللي ما قصده إلا أن يفسد بين هذين الرجلين ما قصده إلا هذا
يقول : " الرابعة الفرق بين العفو الذي يحبه الله وبين الغلظة على أعداء الله " العفو الذي يحبه الله هو الذي يكون فيه إصلاح لأن الله اشترط في العفو قال (( فمن عفى وأصلح فأجره على الله )) وتفسير بعضهم لهذه الآية بأن المعنى وأصلح الود بينه وبين من أساء إليه هذا قاصر والصواب فمن عفى وأصلح في عفوه بأن كان عفوه مشتملا على الإصلاح فأجره على الله ، والندب إلى العفو في مثل هذا السياق واضح ، وأما من كان عفوه إفسادا لا إصلاحا فإنه آثم بهذا العفو ووجه ذلك من الآية ظاهر ، ما وجهه من الآية ؟ أن الله قال عفى وأصلح ووجهه من المعنى ظاهر أيضا لأن العفو إحسان والفساد إساءة ، وأيما أولى دفع الإساءة والا فعل الإحسان ؟ دفع الإساءة أولى ، فإذا علمنا أن في هذا العفو حصول مفسدة وإساءة كان العفو حينئذٍ غير مندوب إليه بل كان محرما ، النبي عليه الصلاة والسلام هنا ما عفى عن الرجل بل غلظ عليه ، وجه الغلظة أنه صلى الله عليه وسلم لا يلتفت إليه ولا يزيد على هذا الكلام الذي أمر الله به مع أن الحجارة تنكب هذا الرجل تنكب رجليه والرسول ما رحمه ولا رق له ، ولكل مقام مقال يعني ينبغي للإنسان أن يكون شديدا في موضع الشدة لينا في موضع اللين ، لكن أعداء الله عز وجل الأصل فيهم الشدة (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )) ذكر الله الآية هذه برمتها في سورتين من القرآن ما اختلفت بحروفها وألفاظها ، في سورة التوبة وفي سورة التحريم ، مما يدل على أنها من أهم ما يكون ، يعني يندر أن تجد آية مكررة في القرآن بلفظها وهي آية كاملة أما بعض آية يمكن كثيرا ، لكن آية كاملة مكررة في القرآن بلفظها قليل ، والحاصل أن الأصل في أعداء الله استعمال الشدة هذا الأصل ، ولكن قد يكون استعمال اللين في بعض الأحيان للدعوة إلى الله عز وجل والتأليف قد يكون مستحسنا
السائل : ...
الشيخ : ...
السائل : وبعدها قال ...
الشيخ : نعم ، فيما إذا كان هناك مصلحة يحمل عليه أنه فيه مصلحة أي نعم، ولهذا قيد قال (( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره )) نعم ؟
السائل : ...
الشيخ : في خلاف بين العلماء في مثل هذه الآيات هل هي منسوخة أو أنها منزلة على أحوال ، يقول الغلظة على أعداء الله
" الخامسة أن من الاعتذار ما لا ينبغي أن يقبل " صح ؟ مع ان الأفضل أن الاعتذار يقبل لكن إذا علم أنه اعتذار باطل وإنما المقصود به التخدير فقط فإنه لا يقبل لا يقبل حسب حال صاحبه ، وإلا فالأصل أنه إذا جاء إنسان معتذرا إليك فإنه ينبغي لك أن تقبل عذره لا سيما إذا علمت أن الرجل محسن لكن حصل منه هفوة فهنا الاعتذار إذا تقدم هو به ينبغي أن تعذره .
6 - شرح قول المصنف :فيه مسائل: الأولى: وهي العظيمة: أن من هزل بهذا فهو كافر. الثانية: أن هذا هو تفسير الآية فيمن فعل ذلك كائناً من كان. الثالثة: الفرق بين النميمة والنصيحة لله ولرسوله. الرابعة: الفرق بين العفو الذي يحبه الله وبين الغلظة على أعداء الله. الخامسة: أن من الأعذار ما لا ينبغي أن يقبل. أستمع حفظ
شرح قول المصنف :باب : قول الله تعالى : (( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي )) [ سورة فصلت ، الآية : 50 ] . قال مجاهد : ( هذا بعملي وأنا محقوق به ) . وقال ابن عباس : ( يريد من عندي ) . وقوله : (( قال إنما أوتيته على علم عندي )) قال قتادة : ( على علم مني بوجوه المكاسب ) . وقال آخرون : ( على علم من الله أني له أهل ) وهذا معنى قول مجاهد : ( أوتيته على شرف ) . وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن ثلاثة من بني إسرائيل : أبرص ، وأقرع ، وأعمى . فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً . فأتى الأبرص ، فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به . قال : فمسحه فذهب عنه قذره ، فأعطى لوناً حسناً وجلداً حسناً . قال : فأي المال أحب إليك
الطالب : ...
الشيخ : (( رُجعت إلى ربي ))، هذه في سورة فصلت في سورة فصلت، أما في سورة الكهف رَجعت ، لا صححوه إن كان عندكم غير ...
الطالب : لا صحيحة
الشيخ : ولئن رجعت إلى ربي ، يعني على فرض أن أرجع إلى الله على هذا الفرض والتقدير إن لي عنده للحسنى ، وحسنى هذه اسم تفضيل يعني للذي هو أحسن من هذا ، شوف المسكين غرته نفسه ، إذن الرجل ما صدق بالبعث ولكن يقول على تقدير أننا سلمنا جدلا أنه واقع فأنا سأنقلب إلى خير من ذلك ، إن لي عند للحسنى ، كيف ذلك ؟ قال لأن الذي أعطاني هذا يعطيني أحسن منه إذا رجعت إليه ، إذا أكرمني وأنا لست عنده بعيدا فإني إذا رجعت إليه يكون الإكرام أكبر وأشد ، نعم مع أن الرجل من الأصل منكر أن هذا من الله ، وش يقول ؟ هذا لي هذا لي ، قال الله تعالى (( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا )) أي فلننبئن هذا الإنسان لكنه أظهر في مقام الإضمار من أجل الحكم على هذا القائل بالكفر ، نعم ولأجل أن يشمله وعيده ، فكل كافر بهذا القول أو بغيره ... ومن قال هذا فإنه كافر يستحق أن ... من عذاب عظيم والله اعلم
، طيب قوله (( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ))، على من يعود الضمير ؟ على الإنسان من حيث هو إنسان ، أوتيته على علم ، أنا عندي فيها على علم عندي
الطالب : ...
الشيخ : لا ما في ...
الطالب : ...
الشيخ : أي ، طيب ، أوتيته على علم عندكم فيها عندي ؟
الطالب : نعم
الشيخ : الآية فيها آيتان ، آية (( قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون )) والثانية (( قال إنما أوتيته على علم عندي )) وهذا الأخير قول قارون ، قال إنما أوتيته على علم عندي والظاهر من تفسير المؤلف لها أنه يريد (( إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون )) كما سيتبين ، أوتيته على علم ما معنى قوله على علم ؟ فيه أقوال :
أولا قال قتادة " على علم مني بوجوه المكاسب " فيكون العلم عائدا إلى الإنسان يعني أنني عالم بوجوه المكاسب ولا فضل لأحد علي فيما أوتيته وإنما الفضل لي ، هذا قول
القول الثاني وقال آخرون على علم من الله أني له أهل ، فيكون بذلك مدلا على الله وأنه أهل ومستحق لأن ينعم الله عليه وعلى هذا فيكون العلم هنا عائدا إلى الإنسان أو إلى الله ؟ عائدا إلى الله يعني أوتيت هذا الشيء على علم أني مستحق له وأهل له أو على علم أي أنني عالم بوجوه المكاسب فأنا اكتسبته بيدي ولا فضل لأحد علي ، وهذا يمكن أن يقوله الإنسان قد يقول الإنسان هذا وقد يقول هذا ، وقال وهذا معنى قول مجاهد " أوتيته على شرف " يعني أوتيت هذا الشيء لأني شريف وأهل لأن أوتاه ، فصار معنى الآية يدور على وجهين :
الوجه الأول أن هذا أنكر أن يكون ما أصابه من النعمة من فضل الله بل زعم أنها من كسب يده وعلمه ومهارته - يرحمك الله - والثاني أنه أنكر أن يكون له فضل ان يكون لله فضل كأنه هو الذي له الفضل على الله لأن الله أعطاه ذلك لكونه أهلا لهذه النعمة ، فيكون على كلا الأمرين غير شاكر لله عز وجل ، والحقيقة أن ما نؤتاه من النعم فهو من الله هو الذي يسرها وسهلها حتى حصلنا عليها حتى لو فرض أن لنا سببا في تحصيل هذا الشيء من العلم والمعرفة فمن الذي علمنا ؟ الله عز وجل كما قال تعالى (( علم الإنسان ما لم يعلم )) والذي أقدرنا أيضا على حصول هذا الشيء لأنه قد نعلم ولا نقدر من هو ؟ الله عز وجل كما قال تعالى (( والله خلقكم وما تعملون )) فكل ما يحصل لنا من علم أو إرادة أو قدرة فمن الله ، وعلى هذا فإن الواجب علينا أن نضيف هذه النعم إلى الله سبحانه وتعالى ، (( وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون )) حتى لو كان بمهارتك أو بعلمك فانظر من الذي أعطاك هذه المهارة ومن الذي أعطاك هذا العلم ؟ نعم الله عز وجل ، ثم إن المهارة نفسها أو العلم قد لا يكون سببا لحصول الرزق ، فكم من إنسان عالم وماهر وجيد وحاذق ومع ذلك لا يوفق لا يأتيه الناس ينتفعون بما عنده وينفعونه بما عندهم ، فيبقى عاطلا لا يعمل ولا يستفد ، فالمهم أننا يجب علينا أن نؤمن بأن كل ما أصابنا من النعم سواء كان ذاتيا أو خارجيا فإنه من الله سبحانه وتعالى ، حتى نعرف للمنعم نعمته ونشكره على ذلك ، وقد سبق لنا أن أركان الشكر ثلاثة وهي : الاعتراف بالقلب والثناء باللسان والعمل بالأركان ، وعلى هذا قول الشاعر :
" أفادتكم النعماء مني ثلاثة *** يدي ولساني والضمير المحجبا "
" أفادتكم النعماء مني ثلاثة " يعني ملكتم هذه الثلاثة بنعمكم يدي وهذا عمل الجوارح ولساني الثناء باللسان والضمير المحجبا الاعتراف بالقلب والإقرار بها بأنها من عند هذا المنعم أما من تحدث بها بلسانه ولم يعمل بجوارحه فليس بشاكر نقص شكره ، وكذلك من صار يتحدث باللسان لكن عنده شعور في داخل نفسه أنه هو السبب أنه بمهارته وجودته وحذقه هو السبب فهذا أيضا ما شكر النعمة ، وكذلك من أثنى باللسان واعترف بالقلب لكن لم يقم بطاعة المنعم ولم يؤد ما أوجب الله عليه في هذه النعمة فإنه ليس بشاكر ، كما سيأتينا في الحديث الذي ذكره المؤلف عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ) هذه قصة عجيبة ليس المقصود منها مجرد الخبر ولكن المقصود منها العبرة والعظة (( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب )) مع ما تكسب النفس من الراحة والسرور لأن القصص فيها تسلية للإنسان فهي مع كونها تسلية فيها أيضا موعظة ، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام أحيانا يحدث أصحابه بمثل هذه المواعظ أو بمثل هذه القصص حتى ينتفعوا بها ويحصل لهم بذلك تسلي
( ثلاثة من بني إسرائيل )، بنو إسرائيل تقدم أنهم أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم
( أبرص وأقرع وأعمى )، الأبرص هو من في جلده وضح بياض ، والبرص داء معروف وهو من الأمراض المستعصية التي لا يمكن علاجها نعم، ربما توصلوا أخيرا إلى عدم انتشارها لكن قطعها بالكلية لا يمكن ، ولهذا جعلها الله آية لعيسى يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ، الثاني أقرع يعني ليس على رأسه شعر ، مسح شعر رأسه ، والثالث أعمى فقد البصر ، وكل هذه الثلاث من الأشياء التي إذا فقدها الإنسان أو إذا ابتلي بها الإنسان فإنه لا بد أن يتأثر نفسيا ولا بد أن يفوته من المصالح ما يفوته بقدر هذه النعم ، وأكثرها وأكثرها فواتا للمصلحة هذه الثلاثة ؟ الأعمى ، لكن التأثر النفسي قد يكون في غيره أكثر والسبب في ذلك كثرة وجود العمى في بني آدم وإلا لو كثرت الأمراض الأخرى ما صارت تُتعب نفسيا ، فإن كثرة العيوب تسلي الإنسان نعم، قالت الخنساء في أخيها صخر :
" ولولا كثرة الباكين حولي *** على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن *** أسلي النفس عنه بالتأسي "
نعم هؤلاء الثلاثة يقول : ( فأراد الله )، هنا عندي فاء مثبتة وفي بعض النسخ أراد الله ، فأما على إثبات الفاء ففيه إشكال وأما على حذفها فلا إشكال ، والإشكال في خبر إن إذا كانت الفاء موجودة إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ، لأن أبرص وأقرع وأعمى بدل من ثلاثة ، ما يمكن أن تكون هي الخبر وإذا كانت بدلا فإن إن تطلب الخبر ، فعلى حذف الفاء يكون الخبر جملة أراد الله أن يبتليهم ولا إشكال فيها ، ولكن على حذف الفاء على وجود الفاء يكون الخبر محذوفا دل عليه السياق والتقدير إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أقص عليكم نبأهم أقص عليكم نبأهم، خبر يكون محذوفا يقدر بما يتناسب والمقام ، فأراد الله أن يبتليهم إرادة كونية أو شرعية ؟ إرادة كونية ، يقول يبتليهم يختبرهم كما قال الله تعالى (( ونبلوكم بالشر والخير فتنة )) وقال سليمان عليه الصلاة والسلام (( هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ))
( أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا )، ملكا ولا ملِكا ؟
الطالب : مَلكا
الشيخ : والفرق بينهما ؟ أن الملك السلطان ، والمّلَك أحد الملائكة والملائكة عالم غيبي خلقهم الله عز وجل من نور ، وجعلهم قائمين بطاعة الله لا يأكلون ولا يشربون ، يسبحون الليل والنهار لا يسأمون ، ولهم أشكال ولهم أعمال ووظائف مذكورة في الكتاب والسنة وعلينا أن نؤمن بهم والإيمان بهم أحد أركان الإيمان الستة ، قال أهل اللغة وأصل الملك مأخوذ من الألوكة وهي الرسالة وعلى هذا فيكون أصله مألك فصار فيه إعلال قلبي فصار ملأك ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام الساكنة وحذفت الهمزة للتخفيف فصار ملك ، ولهذا في الجمع تأتي الهمزة فيقال ملائكة ، فبعث الله إليه ملكا ، وهذا الملك جعله الله عز وجل قادرا على أن يتجنس ويكون من جنس هؤلاء ، ( فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك ؟ قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني )
الطالب : الذي قذرني الناس
الشيخ : الذي قد قذرني الناس به ، نعم شوف هو طمّاع قال لون حسن ما اقتصر على مجرد زوال العيب بل طلب أكثر من ذلك ، والثاني جلد حسن مثله ، قال ويذهب هل نقول يذهبُ أو يذهبَ ؟
الطالب : يذهبُ
الشيخ : يذهبُ ؟
الطالب : يذهبَ
الشيخ : يذهبَ ؟ أي ، اختلف النحويون
الطالب : منصوب بأن مضمرة
الشيخ : ما ينصب بأن مضمرة ، " وشذ حذف أن ونصب فيما سوى ما مر " لأن ما قبلها شيء يوجب حذفها نعم، لأن لون ما هو مصدر ما هو اسم خالص ، وأيضا هو التقدير أحب شيء إلي لون حسن ويذهبُ وعلى هذا فالرفع أولى لكنه يقدر بمصدر كقولهم : " تسمع بالمعيدي خير من أن تراه " ، وهو مقدر بمصدر ... حرف أل وعلى هذا التقدير وذهاب الذي ، وقوله ( قد قذرني ) وش معنى قذرني ؟ أي استقذروني وكرهوني وكرهوا مخالطتي من أجله ، قذرني الناس به الباء للسببية أي بسببه ، قال فمسحه فذهب عنه قذره فأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ، الله أكبر هذا من قدرة الله عز وجل مسحه ليتبين أن كل شيء له سبب ، لما مسحه بإذن الله عز وجل برئ ذهب عنه القذر وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ، كما أراد أو لا ؟ نعم كما أراد ، لكنه بدأ بذهاب القذر قبل اللون الحسن والجلد الحسن لأنه يُبدأ بزوال المكروه قبل حصول المطلوب كما يقال : " التخلية قبل التحلية " ( قال فأي المال أحب إليك ؟ )
7 - شرح قول المصنف :باب : قول الله تعالى : (( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي )) [ سورة فصلت ، الآية : 50 ] . قال مجاهد : ( هذا بعملي وأنا محقوق به ) . وقال ابن عباس : ( يريد من عندي ) . وقوله : (( قال إنما أوتيته على علم عندي )) قال قتادة : ( على علم مني بوجوه المكاسب ) . وقال آخرون : ( على علم من الله أني له أهل ) وهذا معنى قول مجاهد : ( أوتيته على شرف ) . وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن ثلاثة من بني إسرائيل : أبرص ، وأقرع ، وأعمى . فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً . فأتى الأبرص ، فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به . قال : فمسحه فذهب عنه قذره ، فأعطى لوناً حسناً وجلداً حسناً . قال : فأي المال أحب إليك أستمع حفظ
شرح قو ل المصنف قال : الإبل أو البقر - شك إسحاق - فأعطى ناقة عشراء ، وقال : بارك الله لك فيها . قال : فأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : شعر حسن . ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به . فمسحه ، فذهب عنه ، وأعطى شعراً حسناً ، فقال : أي المال أحب إليك ؟ قال : البقر أو الإبل . فأعطى بقرة حاملاً ، قال : بارك الله لك فيها . فأتى الأعمى فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : أن يرد الله إلي بصري ، فأبصر به الناس . فمسحه فرد الله إليه بصره . قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : الغنم . فأعطى شاة والداً . فأنتج هذان ، وولد هذا . فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ، ولهذا واد من الغنم .
الطالب : نحن لغتنا غير
الشيخ : وش لغتنا ؟
الطالب : أقول عندنا العشراء اللي ...
الشيخ : اللي معها ولدها أي ، لا في اللغة ... في القاموس انها التي تم لحملها عشرة أشهر أو ثمانية
الطالب : ...
الشيخ : عشراء نعم إذن أنتم يا أهل اليمن أقرب إلى اللغة ... ، طيب ، أعطي ناقة عشراء نعم نعم
( فقال بارك الله لك فيها ) ( فقال بارك الله لك فيها )، أي أنزل لك البركة ، وهل هذا خبر أو دعاء ؟ يحتمل أنه لفظه لفظ الخبر ومعناه الدعاء ويحتمل أنه خبر مجرد خبر محض ، يعني كأنه قال هذا ناقة عشراء مبارك لك فيها ويكون على هذا المعنى على تقدير قد ، ( اعطي ناقة عشراء فقال له قد بارك الله لك فيها ) قد بارك الله لك فيها ، ولكن الأقرب أنه للدعاء فهو خبر لفظا دعاء معنى ، وإنما قلنا ذلك هو الأقرب لأنه يسلم من التقدير يسلم من التقدير
السائل : من الأحسن يا شيخ ...
الشيخ : لا هو دعاء ما في شك لكن كلمة بارك فعل ماضي ، هو دعاء نحن نقول دعاء لكن لفظ الخبر ، ( قال بارك الله لك فيها ، قال فأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال شعر حسن ) ، والا شعر يكفي ؟ لا هو يبي أزيد شعر حسن ، ( ويذهب عني الذي قذرني الناس به )، وش هو الذي قذره الناس به ؟ القرع لأن الإنسان إذا كان رأسه أقرع كرهه الناس واستقذروه ، وهذا يدل على أنه ليس من عادتهم أن يلبسوا الغترة والشماغ نعم لأنه لو كانوا يلبسون ذلك لكان يجعلها على رأسه وينتهي الموضوع ولا العمائم أيضا وإن كان قد يبدو بعض الرأس ويُكره مما بدا ، ولكن على كل حال هذا الرجل متأثر نفسيا من هذا القرع الذي فيه لأنه يقول إن الناس يستقذرونه ، قال : أي المال أحب إليك ؟ قال البقر أو الإبل
الطالب : ...
الشيخ : أي نعم ، ( فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي شعرا حسنا ) كما طلب ، وهذه نعمة من الله أن الإنسان إذا سأل الله عز وجل أن يعطيه ما سأل ،
( قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : البقر أو الإبل )، الشك من إسحاق ولكن كما قلنا إن سياق الحديث يدل على أنه أعطي البقر نعم ،
( ويقول فأعطي بقرة حاملا وقال بارك الله لك فيها ، فأتى الأعمى فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس )، ما شاء الله هذا زاهد ما طلب بصرا يخرق الجدار أو بصرا حسنا إنما طلب بصرا يبصر به الناس فقط ، أن يرد الله إليه بصره حتى يبصر به الناس ، شوف حال هذا الرجل مع السابقين بينهم فرق ، ( يقول : قال فمسحه فرد الله إليه بصره )، بصره الذي كان يبصر به من قبل ، والظاهر أن بصره الذي كان معه من قبل هو ما يبصر به الناس فقط ، ( يقول قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال الغنم )، وهذا أيضا يدل على زهده وتواضعه وأنه لا يريد من المال إلا ما تقوم به كفايته فقط ، كما أنه يدل على أنه صاحب سكينة وتواضع ، لأن السكينة في أصحاب الغنم ،
( قال : الغنم ، فأعطي شاة والدا )، سبحان الله قوله فأعطي شاة والدا قيل إن المعنى والدا قريبة الولادة ، ليوافق ما سبق وما سيأتي لأن صاحبيه أعطيا أنثى حاملا الأول ناقة عشراء والثاني بقرة حاملا وهذا أعطي شاة والدا أي قريبة الولادة ، والشيء قد يسمى بالاسم القريب يعني قد يعبر عن الشيء حاصلا وهو لم يحصل لكنه قريب الحصول ، ولعله مما يؤيد ذلك ( قال فأنتج هذان ) عندكم فأنتج ؟ ( فأُنتج هذان وولّد هذا )، كلمة ولّد هذا مع قوله فأنتج يشعر بأن معنى قوله والدا أي قريبة الولادة
الطالب : ...
الشيخ : أي نعم ، لا بأس به ، ... والدا مثل ما يقال حامل ومرضع لأن الوصف المختص بالأنثى يستغنى به أي بالمعنى عن التركيب اللفظي ، وقوله فأنتج هذان وفي رواية فأَنتج هذان ، وفي رواية ثالثة فنتج هذان ، والأصل أن هذه المادة نتج في اللغة العربية الأصل أنها مبنية للمفعول دائما ، تقول نُتجت الناقة أو أُنتجت ولا تقول نَتجت أو أَنتجت لكن الرواية المسموعة تكون على خلاف الأكثر ، أنتج هذان ومعنى أنتج هذان الإشارة لصاحب البقر والإبل وولد هذا
السائل : شلون أنتج
الشيخ : أنتج أي حصل لهما نتاج من الإبل والبقر ، وولّد هذا أي صار لشاته أولاد ، قالوا والمنتج من أنتج والناتج من نتج والمولد من ولّد مثل القابلة التي تولد النساء ، لكن من تولى توليد النساء يقال له قابلة ومن تولى توليد غير النساء يقال منتج أو ناتج أو مولد ، منتج إذا كانت من أنتج وناتج إذا كانت من نتج مولد إذا كانت من ولّد ، فكان لهذا واد من الإبل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم ، هنا استعمل اسم الإشارة للقريب في مكان البعيد وكان مقتضى السياق أن يقول فكان لذاك لأنه للأول والأول هو أبعد المذكورين ، لكنه يجوز أن يستعمل اسم الإشارة للقريب في مكان البعيد وبالعكس ، لهذا من هو ؟ قلنا إنه الأبرص ولهذا الأقرع ولهذا الأعمى ، ثم قال ان، إلى الآن ما بعد حصل الابتلاء ، الآن نحن في دور بيان النعم ، يأتي عاد دور الابتلاء.
8 - شرح قو ل المصنف قال : الإبل أو البقر - شك إسحاق - فأعطى ناقة عشراء ، وقال : بارك الله لك فيها . قال : فأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : شعر حسن . ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به . فمسحه ، فذهب عنه ، وأعطى شعراً حسناً ، فقال : أي المال أحب إليك ؟ قال : البقر أو الإبل . فأعطى بقرة حاملاً ، قال : بارك الله لك فيها . فأتى الأعمى فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : أن يرد الله إلي بصري ، فأبصر به الناس . فمسحه فرد الله إليه بصره . قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : الغنم . فأعطى شاة والداً . فأنتج هذان ، وولد هذا . فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ، ولهذا واد من الغنم . أستمع حفظ
شرح قو ل المصنف قال : ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته . فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال - بعيراً أتبلغ به في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة . فقال : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيراً ، فأعطاك الله عز وجل المال ؟ فقال : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر . فقال : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت
( أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال أسألك بعيرا )، السؤال هنا ما هو سؤال استخبار سؤال استجداء ، لأن سأل تأتي بمعنى استجدى وتأتي بمعنى استخبر ، سألته عن فلان استخبرته ، سألته مالا استجديته واستعطيته نعم، ( أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال )، من الذي فعل ذلك ؟ الله عز وجل ، فمسح الملك عليه فمسح الملك عليه نعم ما هو إلا مجرد سبب وإلا فالذي أزال عنه القذر وأعطاه اللون الحسن والجلد الحسن والمال هو الله سبحانه وتعالى ، وهنا قال أسألك بالذي أعطاك لم يقل أسألك بالله لأجل أن يذكره نعمة الله عليه نعم وإلا لو قال أسألك بالله أن تعطيني كذا وكذا صح لكنه قال اسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ليذكره بنعمة الله عليه ، حتى يكون في ذلك إغراء له على إعانة هذا المسكين لأن هذا المسكين يا إخواني جمع بين أمرين : بين كونه مسكينا وكونه ابن سبيل ، ابن سبيل ومسكين يعني فيه سببان يقتضيان الإعطاء ، نعم أسألك بعيرا أتبلغ شوف كلمة بعيرا تدل على أن الأبرص أعطي أيش ؟ الإبل ، تدل على أنه أعطي الإبل ، ويكون بالأول إسحاق حين عبر الإبل أو البقر هذا من باب ورعه من باب ورعه ، قال هذا أو هذا وإلا فلما ساق الحديث علمنا أن الأول أعطي الإبل ، ( اسألك بعيرا أتبلغ به في سفري ) ليس بعيرا أطيب الإبل بعيرا يتبلغ به في سفره يتوصل به إلى أهله فما قال هذا الرجل والعياذ بالله ؟ ( قال : الحقوق كثيرة ) نسأل الله العافية ، الحقوق كثيرة يعني معناه أن هذا المال اللي عندي ... حقوق كثيرة ما هو حقك أنت فقط ، وهذا اعتذار اعتذار منه ورد لطلب هذا المسكين الذي هو مسكين وابن سبيل ، نعم وتناسى والعياذ بالله أن الله هو الذي منّ عليه بالجلد الحسن واللون الحسن والمال تناساه ، فلما كان هذا تناسيا منه لما أنعم الله به عليه ذكّره الملك به فقال : كأني أعرفك ، كأني أعرفك ما تقولون في كأن هنا ؟
الطالب : تشبيه
الشيخ : تشبيه ؟ لكن هو يعرفه هو يعرفه ، هاه ؟ نحن قلنا أن كأن إذا دخلت على اسم جامد فهي للتشبيه مثل كأن فلانا بحر أو أسد وإذا دخلت على مشتق فهي للظن للظن والحسبان نعم، وكأني أعرفك معناه أنني كنت أعرفك يعني يعلم هذا فهو يقول إني أعرفك معرفة تامة
( ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله المال ؟ فأعطاك الله عز وجل المال ؟ ) ذكّره بالنعمة ألم تكن أبرص يقذرك الناس وفقيرا فأعطاك الله المال ، طيب بقي ألم تكن أبرص يقذرك الناس فأعطاك الله اللون الحسن أو لا ؟ أي نعم هكذا يكون لكن أراد أن يبينه بما فيه من العيب السابق حتى يعرف قدر النعمة ، وهو بنفسه يحمل أو يكمّل ما بقي لأنه ما يمكن ينكر أنه أبرص ، شوف المال أنكر فقال : إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر ، أعوذ بالله ، الآن أنكر أن يكون المال من الله وقال إنه ورثه كابرا عن كابرا لأنه يمكن أن يكابر ويقول إني ورثته كابرا عن كابر ، لكن البرص ما يستطيع أن ينكره لأن هذا الرجل يعني الملك ( قال : ألم تكن أبرص ) وهنا الاستفهام للتقرير لأن الاستفهام إذا دخل على لم يكون أيش ؟ للتقرير ، كقوله ألم نشرح لك يعني قد شرحنا لك ، إذن قد كنت أبرص وكنت فقيرا لكنه لم ينكر البرص وأنكر المال ، ( فقال ورثته كابرا عن كابر )، كابرا يقصد الكبر المعنوي أو الحسي ؟ الحسي يعني أبا عن جد وكابرا منصوبة بنزع الخافض والتقدير من كابرٍ يعني ممن يكبرني وهو الأب عن كابر له وهو الجد ، وقال بعضهم إن المراد الكبر المعنوي يعني أننا شرفاء ونحن في سيادة وفي نعمة من الأصل فليس هذا مما تجدد لنا بل نحن كبراء وشرفاء ، والحقيقة أن اللفظ يحتمل المعنيين جميعا ، يقول فقال له فقال : ( إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت )، قوله إن كنت كاذبا إن هذه شرطية ولها مقابل يعني وإن كنت صادقا فأبقى الله عليك النعمة ، إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت وإن كنت صادقا فأبقى الله عليك النعمة ، فإن قال قائل : كيف يأتي بإن الشرطية الدالة على الاحتمال مع أنه يعرف أنه كاذب أو لا ؟ ما هو يعرف ؟
الطالب : نعم
الشيخ : يعرف أنه كاذب وقرره في الأول بنعمة الله عليه ، فكيف يقول إن كنت كاذبا ؟ نقول هذا من باب التنزل مع الخصم من باب التنزل مع الخصم، كيف التنزل مع الخصم ؟ يقول إن كنت كما ذكرت عن نفسك ورثته كابرا عن كابر فأبقى الله عليك هذه النعمة وإن كنت كاذبا وأنك لم ترثه كابرا عن كابر فصيرك الله إلى ما كنت ، ولم يقل إلى ما أقول قال إلى ما كنت لأنه كان على ذلك بلا شك ، وهذا من باب التنزل مع الخصم وهو كثيرا ما يرد في الأمور المتيقنة ، قال الله عز وجل (( آلله خير أمّا يشركون )) ومعلوم أنه لا نسبة وأن الله عز وجل خير مما يشركون ولكن هذا من باب مقابلة الخصم بما يدّعيه لإدحاض حجته ، وفي قوله إن كنت كاذبا دليل على تعليق الدعاء بالشر ، أو لا ؟ وهو موجود والا غير موجود ؟ ... في القرآن ، أي نعم (( والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين )) وتقول هي (( الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ))، الله أكبر ، .. سبحانه وتعالى وأن الناس ينقسمون إلى قسمين : كافر بالنعمة وشاكر لها ، تقدم شرح الآيات وسيأتي إن شاء الله في ذكر المسائل ، قوله
( أي المال أحب إليك ) في قصة الأبرص قال الإبل أو البقر شك إسحاق وذكرنا أن في السياق ما يدل على أنه قال الإبل ، وتقدم أيضا أن الأبرص والأقرع لم يطلبا مقدار الكفاية بل طلبا أكثر من الكفاية ، ولم يطلبا أيضا من المال أقله بل طلبا ما هو أعلى من الإبل والبقر ، وسبق أن الله عز وجل أرسل إليه الملك بصورتيهما قبل النعمة ولكنهما جحدا وأنكرا وقالا كل منهما إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر ، وبقي الأعمى ، الأعمى يظهر عليه من الأصل أنه رجل زاهد لأنه ما طلب إلا أن يرد الله إليه بصره حتى يرى الهلال ضحى ، هاه ، لا ولكن أيش ؟ حتى يبصر الناس فقط ، فأبصر به الناس ، وأنه اختار من المال أدناه وهو الغنم وهذا مما يدل على زهادته وأنه لا يريد إلا الكفاية ولهذا كان شكورا للنعمة قانعا بما أعطاه الله ، يقول المؤلف رحمه الله في سياق الحديث قال .
9 - شرح قو ل المصنف قال : ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته . فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال - بعيراً أتبلغ به في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة . فقال : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيراً ، فأعطاك الله عز وجل المال ؟ فقال : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر . فقال : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت أستمع حفظ
قال ثم إنه أتى الأقرع في صورته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، ورد عليه مثل ما رد عليه هذا . فقال : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : ثم إنه أتى الأعمى في صورته ، فقال : رجل مسكين وابن سبيل . قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك وأعطاك المال شاة أتبلغ بها في سفري . فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ، ودع ما شئت ، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل . فقال : أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رضي الله عنك ، وسخط على صاحبيك ) أخرجاه .
وابن السبيل تقدم لنا أنه المسافر وسمي ابن سبيل لملازمته للطريق ومنه سمي ابن الماء بطير الماء فكل شيء يلازم شيئا فهو فإنه يضاف إليه بلفظ البنوة ، يقول : فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، ما معنى بلاغ ؟ وصول يعني فلا أصل إلى أهلي وإلى حاجتي وإلى بغيتي إلا بالله ثم بك ، ( أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري )، لم يقل اسألك بالله لماذا ؟ تذكيرا له بنعمة الله عليه ، بالذي رد عليك بصرك ، شاة أتبلغ بها في سفري ، فقال الرجل الأعمى : ( قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري )، اعترف بالنعمة والاعتراف بالنعمة أحد أركان الشكر ، والركن الثاني يا رشاد ؟
الطالب : الشكر ...
الشيخ : نعم ، العمل بالجوارح بطاعة منه ، والركن الثالث يا عبد الرحمن ؟ الاعتراف بالقلب بأنها من الله ، وعلى هذا قول الشاعر :
" أفادتكم النعماء مني ثلاثة *** يدي ولساني والضمير المحجبا "
هذا الرجل اعترف ، قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري وهذا من باب التحدث والاعتراف بنعمة الله سبحانه وتعالى ، ( فخذ ما شئت ودع ما شئت )، ما شاء الله الرجل يقول شاة واحدة المطلوب شاة ويتبلغ بها في سفره والرجل هذا قال خذ ما شئت ودع ما شئت ، شاة أو أكثر ؟ نعم إن شئت أن تأخذ أكثر فلا حرج ، فقال له ...، ( قال فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله )، فوالله لا أجهدك معنى لا أجهدك أي لا أبلغ الجهد منك أي المشقة ، الجهد بالفتح المشقة والمعنى لا أشق عليك بمنع ولا منة بمنع ولا منة ، لأن المسؤول إما أن يمنع والمنع شاق على السائل وإما أن يعطي ولكن مع المنة والمنة أيضا شاقة على السائل، على المعطى ولهذا جعلها الله تعالى مبطلة للصدقة (( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى )) إذن ما معنى لا أجهدك ؟ أي لا أبلغ الجهد منك بماذا ؟ بمنع ولا منة خذ ما شئت بدون منة خذ ما تريد فأنا لا أمنعك ولا أمن عليك بما تأخذ ، وهذا من هذا الرجل الأعمى ظاهر جدا في شكر نعمة الله ظهر عليه الاعتراف باللسان ( قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري )، وهذا الاعتراف باللسان مطابق لما في القلب فيكون دالا على الشكر بالقلب بالتضمن أو لا ؟ طيب وقوله ( خذ ما شئت ودع ما شئت ) هذا من باب الشكر بالجوارح من باب الشكر بالجوارح فيكون هذا الرجل الأعمى قد أتم أركان الشكر ، اعتراف بالقلب وباللسان وبالجوارح ، وقوله ( لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله )، لله اللام هنا للاختصاص المعنى لأجل الله عز وجل وهذا ظاهر في إخلاصه وأنه لم يمنعه إلا إخلاصا لله سبحانه وتعالى فكل ما تأخذه لله فأنا لا أمنعك منه ولا أردك ، نعم ؟
السائل : كيف صار بالجوارح ، باللسان والقلب ؟
الشيخ : باللسان والقلب ، الجوارح ( قال خذ ما شئت ودع ما شئت ) لأن هذا إعطاء والإعطاء من أعمال الجوارح ، ما هو ظاهر ؟ إذا أعطيتك شيئا فهذا شكر لله تعالى على هذه النعمة
السائل : قال خذ يعني ما أعطاه بيده ؟
الشيخ : أذن له ، هذا الإذن هو إعطاء لولا الإذن ما أخذ شيئا أي نعم ، نعم ؟
السائل : ...
الشيخ : الجوارح ... ؟ هي تبع القلب تبع القلب
السائل : ...
الشيخ : ما أراد ، أذن له بلسانه فهذا بدل ما ... شاة ويعطيها إياه قال خذها أنت على شان أحسن ، أحسن يأخذ ما يريد ، لأنه لو أن هذا الرجل الاعمى أخذ شاة وأعطاها إياه قد تكون غير التي في نفسه ويستحيي أن يقول أعطني غير هذه ، لكن خذ ما شئت أبلغ في الشكر
السائل : ...
الشيخ : نعم
السائل : ...
الشيخ : للاختصاص يعني معناه أنه أخذته لله يعني إخلاصا لله عز وجل ، كل ما أخذته لله عز وجل يعني معناه أنه يراد به وجه الله فخذ ما شئت ، يعني فيما لو قدر أنها ليست هذه ... وجاء إنسان يبي يستعير منك اويستعينك بشيء يأخذه للهو تمنعه لأنه ما أخذه لله أي نعم ، ( قال : أمسك عليك مالك )، أمسك مالك الذي قال له الملك أمسك مالك ( فإنما ابتليتم ) اختبرتم ، والذي ابتلاهم الله عز وجل ، وظاهر الحديث أن هذا الرجل مع صاحبيه كانت قصتهم مشهورة معلومة بين الناس ، لأن قوله فإنما ابتليتم يدل على أن عنده علما بما جرى لصاحبيه ، وغالبا ما تكون هذه الأشياء مشهورة رجل أبرص ثم يعافيه الله ويعطيه المال ورجل أقرع يعافيه الله ويعطيه المال هذا في الغالب يكون مشهورا قصته مشهورة ، ( فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك )، رضي الله عنك لأنك شكرت نعمة الله باللسان والقلب والجوارح وسخط على صاحبيك لأنهما كفرا نعمة الله سبحانه وتعالى فأنكرا أن يكون الله عز وجل منّ عليهما بالشفاء من المرض وأعطاهما المال
في هذا الحديث من العبر شيء كثير منها : أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقص علينا أنباء بني إسرائيل من أجل الاعتبار والاتعاظ بما جرى ، وهو أحد الأدلة التي استدل بها من قال إن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه ، وموضع بحث هذه القاعدة أصول الفقه لكنه لا شك أنها قاعدة صحيحة وأن ما ثبت في الأمم فهو ثابت لنا إلا إذا ورد الشرع بخلافها.
10 - قال ثم إنه أتى الأقرع في صورته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، ورد عليه مثل ما رد عليه هذا . فقال : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : ثم إنه أتى الأعمى في صورته ، فقال : رجل مسكين وابن سبيل . قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك وأعطاك المال شاة أتبلغ بها في سفري . فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ، ودع ما شئت ، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل . فقال : أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رضي الله عنك ، وسخط على صاحبيك ) أخرجاه . أستمع حفظ