تتمة ما سبق الكلام عليه من أن الصحابة رضي الله عنهم لايمكن أن يسكتوا عن الحق .
ولهذا نقول إنه لا يمكن كتمانهم إضافة إلى ذلك أنه قد جاء عنهم من قول الحق في هذا الباب شيء كثير يعرفه من تطلبه من طلبه وتتبعه ، ولكن مع هذا لم يأت عنهم في باب الصفات مثل ما أتى عن التابعين ومن بعدهم ، لأن الناس لم يتكلموا في عهد الصحابة في الصفات كما تكلموا فيما بعد ، فإن بدعة الجهمية أول ما ظهرت على يد الجهم بن صفوان ... على يد الجعد بن درهم ثم الجهم بن صفوان ، وذلك بعد انقراض عصر الصحابة رضي الله عنهم ، فدل هذا على أن الصحابة لهم كلام كثير في باب الأسماء والصفات لكنه بالنسبة إلى كلام من بعدهم قليل .
الخلاصة يا إخوانا نقول الصحابة لا بد أن يكونوا قائلين بالحق في هذا الباب ، ويش الدليل على هذه القاعدة ؟ لأن ضد قول الحق إما السكوت أو القول بالباطل ، اللي ما قال بالحق معناه إما ساكت والا قائل بالباطل ، السكوت ممتنع على الصحابة يعني يمتنع أن يسكتوا في هذا الباب لأن الباب من أهم الأمور فيمتنع أن يسكتوا ، لماذا يمتنع ؟ لأنا نقول السكوت ويش المانع ويش الذي يوجبه ؟ السكوت لا يوجبه إلا ، السكوت عن الحق لا يوجبه إلا واحد من أمرين ما هما ؟ إما الجهل به أو الكتمان ، إنسان عالم لكن يكتم وهذان أيضا ممتنعان على الصحابة رضي الله عنهم كما تقدم تقريره ، ثم إننا نقول ضد هذا الأمر ضد السكوت أنه وجد عنهم من الكلام في هذا الباب شيء كثير.
شرح قول المصنف ".. وأما امتناع القول بالباطل عليهم فمن وجهين أحدهما : أن القول بالباطل لا يمكن أن يقوم عليه دليل صحيح ، ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم أبعد الناس عن القول فيما لم يقم عليه دليل صحيح ، خصوصاً في أمر الإيمان بالله تعالى: ، وأمور الغيب فهم أولى الناس بامتثال قوله تعالى: ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) .وقوله : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) .
" ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم أبعد الناس عن القول فيما لم يقم عليه دليل صحيح خصوصا في أمر الإيمان بالله تعالى وأمور الغيب فهم أولى الناس بامتثال قوله تعالى " إلى آخره ، الصحابة أبعد الناس عن القول بما لم يقم عليه دليل صحيح ، لا سيما في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر لأن هذا من أمور الغيب التي ما يمكن يتكلم فيها الإنسان إلا بحق ، لقوله تعالى (( ولا تقف ما ليس لك به علم )) أيش معنى لا تقفه ؟ لا تتبعه وتقول به ، وقوله (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) الشاهد في الجملة الأخير وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
2 - شرح قول المصنف ".. وأما امتناع القول بالباطل عليهم فمن وجهين أحدهما : أن القول بالباطل لا يمكن أن يقوم عليه دليل صحيح ، ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم أبعد الناس عن القول فيما لم يقم عليه دليل صحيح ، خصوصاً في أمر الإيمان بالله تعالى: ، وأمور الغيب فهم أولى الناس بامتثال قوله تعالى: ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) .وقوله : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) . أستمع حفظ
شرح قول المصنف: ( ثانيهما: أن القول الباطل إما أن يكون مصدره الجهل بالحق، وإما أن يكون مصدره إرادة ضلال الخلق وكلاهما ممتنع في حق الصحابة رضي الله عنهم. أما امتناع الجهل فقد تقدم بيانه. وأما امتناع إرادة ضلال الخلق: فلأن إرادة ضلال الخلق قصد سيئ لا يمكن أن يصدر من الصحابة الذين عرفوا بتمام النصح للأمة ومحبة الخير لها ثم لو جاز عليهم سوء القصد فيما قالوه في هذا الباب لجاز عليهم سوء القصد فيما يقولون في سائر أبواب العلم والدين، فتعدم الثقة بأقوالهم وأخبارهم في هذا الباب وغيره، وهذا من أبطل الأقوال، لأنه يستلزم القدح في الشريعة كلها. النبي صلى الله عليه وسلم فيلزم على هذا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد بين الحق في أسماء الله وصفاته وهذا هو المطلوب.)
ما يمكن الصحابة يقولون بالباطل لأجل أن يضلوا الناس لأنه معروف من حالهم أنهم يحبون الخير وأنهم أنصح الخلق للأمة ، أنصح الخلق يعني بعد الرسل للأمة فلا يمكن مع هذا أن يريدوا ضلال الخلق .
قال : " ثم لو جاز عليهم سوء القصد فيما قالوه في هذا الباب لجاز عليهم سوء القصد فيما يقولونه في سائر أبواب العلم والدين " ، يعني لو قلنا أن الصحابة يمكن أن يقولوا في هذا الباب بالباطل ليضلوا الخلق أفلا يمكن أن نقول وإذًا ربما يقولون في غير هذا الباب ، في باب العبادات مثلا بالباطل ليضلوا الناس عن سبيل الله ، فإذا جوزنا هذا وهذا أنه يجوز أن يقولوا بالباطل في باب العقائد وفي باب العبادات الظاهرة حينئذٍ نعدم الثقة بأي شيء ؟ بكل ما يقولونه في الشريعة ، وهذا يؤدي بلا ريب إلى بطلان الشريعة رأسا ، ولهذا قال انعدام الثقة في أخبارهم وأقوالهم في هذا الباب وغيره " وهذا من أبطل الأقوال لأنه يستلزم القدح في الشريعة كلها. "
3 - شرح قول المصنف: ( ثانيهما: أن القول الباطل إما أن يكون مصدره الجهل بالحق، وإما أن يكون مصدره إرادة ضلال الخلق وكلاهما ممتنع في حق الصحابة رضي الله عنهم. أما امتناع الجهل فقد تقدم بيانه. وأما امتناع إرادة ضلال الخلق: فلأن إرادة ضلال الخلق قصد سيئ لا يمكن أن يصدر من الصحابة الذين عرفوا بتمام النصح للأمة ومحبة الخير لها ثم لو جاز عليهم سوء القصد فيما قالوه في هذا الباب لجاز عليهم سوء القصد فيما يقولون في سائر أبواب العلم والدين، فتعدم الثقة بأقوالهم وأخبارهم في هذا الباب وغيره، وهذا من أبطل الأقوال، لأنه يستلزم القدح في الشريعة كلها. النبي صلى الله عليه وسلم فيلزم على هذا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد بين الحق في أسماء الله وصفاته وهذا هو المطلوب.) أستمع حفظ
شرح قول المصنف: ( وإذا تبين أن الصحابة رضي الله عنهم لابد أن يكونوا قائلين بالحق في هذا الباب فإنهم إما أن يكونوا قائلين ذلك بعقولهم، أو من طريق الوحي. والأول ممتنع، لأن العقل لا يدرك تفاصيل ما يجب لله تعالى: من صفات الكمال، فتعين الثاني وهو أن يكونوا تلقوا هذه العلوم من طريق رسالة )
" لأن العقل لا يدرك تفاصيل ما يجب لله تعالى من صفات الكمال فتعين الثاني وهو أن يكونوا تلقوا هذه العلوم عن طريق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم " ، فيلزم على هذا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد بين الحق في أسماء الله وصفاته وهذا هو المطلوب ، هذا وإن كان طويل حوالي سطر ونصف تقريبا لكنه مفيد جدا لطالب العلم لأنه كله حجج عقلية منطقية، تعلم بالتتبع والاستقراء ، بأن الحال ما تخرج عن كذا أو كذا فإذا بطل واحد تعين الثاني ، كل هذا الكلام مؤداه وفائدته ومحط الفائدة منه أن الذي بين الحق في أسماء الله وصفاته من ؟ النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي بين الحق وتكلم الصحابة به من بعده وهذا هو المطلوب.
4 - شرح قول المصنف: ( وإذا تبين أن الصحابة رضي الله عنهم لابد أن يكونوا قائلين بالحق في هذا الباب فإنهم إما أن يكونوا قائلين ذلك بعقولهم، أو من طريق الوحي. والأول ممتنع، لأن العقل لا يدرك تفاصيل ما يجب لله تعالى: من صفات الكمال، فتعين الثاني وهو أن يكونوا تلقوا هذه العلوم من طريق رسالة ) أستمع حفظ
شرح قول المصنف ".. الباب الثالث في طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته، أهل السنة والجماعة: هم الذين اجتمعوا على الأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بها ظاهراً، وباطناً في القول، والعمل، والاعتقاد "
أولا أهل السنة والجماعة من هم ؟ قال : " هم الذين اجتمعوا على الأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم " ، اجتمعوا ولهذا سموا جماعة ، وعلى سنة ولهذا سموا أهل السنة ، " والعمل بها ظاهرا وباطنا في القول والعمل والاعتقاد " ، هؤلاء هم أهل السنة الذين اجتمعوا على الأخذ بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وعلى العمل بها ظاهرا وباطنا في العقيدة والقول والعمل .
5 - شرح قول المصنف ".. الباب الثالث في طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته، أهل السنة والجماعة: هم الذين اجتمعوا على الأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بها ظاهراً، وباطناً في القول، والعمل، والاعتقاد " أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " وطريقتهم في أسماء الله وصفاته كما يأتي: أولاً: في الإثبات: فهي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل. " تعريف التحريف والتعطيل وأنواعهما
من غير تحريف التحريف هو أن يحرف اللفظ إما عن النطق وإما عن المعنى ، يحرف إما بالنطق أو بالمعنى ، فالتحريف بالنطق مثل ما ذكروا عن بعض المبتدعة والعياذ بالله أنه قرأ قوله تعالى (( وكلم الله موسى تكليما )) فقال وكلم اللهَ موسى تكليما ، وكلم اللهَ ويش غرضه بهذا ؟
الطالب : ...
الشيخ : أن يكون الكلام من موسى لا من الله
، وكذلك " من غير تعطيل " ، التعطيل معناه منع النص من دلالته منع النص من دلالته، ويشمل هذا من منعه من دلالته وصرفه إلى غيره ومن منعه من دلالته ولم يصرفه إلى غيره ، لأن الناس بالنسبة للنصوص في الصفات
منهم من منع دلالته على مراد الله ولكن ما أثبت له معنى ، وهؤلاء هم الذين يسمون المفوضة ، يقول ما أراد الله بهذا كذا ، طيب ويش أراد ؟ ما نقول شيء ، لا نقول شيئا .
ومنهم من قال " إن الله ما أراد كذا وإنما أراد كذا " ، وهؤلاء هم أهل التأويل لكننا نقول لهم بالحق أهل التحريف لأنهم حرفوا الكلام عن معناه .
ومنهم من قال " إن الله تعالى أراد به كذا وكذا مما يوافق ظاهر الكلام " وهؤلاء أهل السنة والجماعة .
" ومن غير تكييف ولا تمثيل " طيب " من غير تكييف ولا تمثيل " معنى تكييف ذكر الكيفية وسيأتي تعريفها في باب مستقل ، والتمثيل اثبات مماثل
فإذا قال قائل هذه الأمور الأربعة التي نزه أهل السنة والجماعة عقيدتهم عنها فيها شيء موجود في القرآن وفيها شيء غير موجود ، من غير تحريف موجود في القرآن يعني موجود ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ؟ موجود ، فقولنا تحريف مطابق لما جاء به القرآن ، ولا تعطيل في القرآن تعطيل ذكر تعطيل بهذا اللفظ أو هذه المادة ؟ لا ، لكن فيه ما يشير إليه (( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )) والذي يقول إن الله ما أراد كذا أو إنما أراد كذا ما عقل الكلام على معناه ، طيب من غير تكييف موجود ؟ لا
الطالب : ...
الشيخ : لا التكييف ما هو موجود ، لكنه موجود عن السلف كما قالوا في العبارة المشهورة " أمروها كما جاءت بلا كيف " ... جاء عن السلف .
ولا تمثيل موجود في القرآن ؟ نعم موجود في القرآن (( فلا تضربوا لله الأمثال )) و (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ))
6 - شرح قول المصنف: " وطريقتهم في أسماء الله وصفاته كما يأتي: أولاً: في الإثبات: فهي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل. " تعريف التحريف والتعطيل وأنواعهما أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " ثانياً: في النفي: فطريقتهم نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أوعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مع اعتقادهم ثبوت كمال ضده لله تعالي "
7 - شرح قول المصنف: " ثانياً: في النفي: فطريقتهم نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أوعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مع اعتقادهم ثبوت كمال ضده لله تعالي " أستمع حفظ
شرح قول المصنف: ".. ثالثاً: فيما لم يرد نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه كالجسم، والحيز والجهة ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه فلا يثبتونه ولا ينفونه لعدم ورود ذلك، وأما معناه فيستفصلون عنه، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه.
كذلك الجهة إذا قال إن الله في جهة والا في غير جهة ؟ أي نعم نستفصل لا يجوز نقول في جهة ولا في غير جهة لأننا إن أطلقنا ربما يتوهم الإحاطة يعني إحاطة الأشياء بالله وإن نفينا ربما يفهم منه مذهب النفاة القائلين بأن الله تعالى ليس في داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا متصل إلى آخره .
فنقول أما لفظ الجهة فلا نثبته ولا ننفيه ولكن معناه؟ نستفصل عنه إن أردت بالجهة جهة سفل فهو منزه عن ذلك ولا يجوز ، إن أردت جهة علو تحيط به فهو أيضا منزه عنه ، إن أردت جهة علو لا تحيط بالله فإن هذا حق فإن الله تعالى في العلو بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يرفع يديه إلى السماء وكان سأل الجارية ( أين الله ؟ فقالت في السماء فقال اعتقها فإنها مؤمنة ) ، والله أعلم.
8 - شرح قول المصنف: ".. ثالثاً: فيما لم يرد نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه كالجسم، والحيز والجهة ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه فلا يثبتونه ولا ينفونه لعدم ورود ذلك، وأما معناه فيستفصلون عنه، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه. أستمع حفظ
مراجعة ما قد سبق من الكلام على الباب الثالث في طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته .
طيب "في القول والعمل " اعلم أن العمل إذا أفرد عن القول شمل القول ، إذا أفرد شمل القول وأما إذا قرن معه فإنه يختص بالفعل الذي هو قسيم القول ، ولهذا نقول في الصلاة هي أقوال وأفعال فأنت إذا أردت التقسيم تقول أقوال وأفعال والكل تشمل يشملها أنها أعمال ، فالعمل إذن يشمل القول والفعل ، أما عن التقسيم فنقول إن الفعل قسيم القول .
وأما الاعتقاد فهو عقد القلب على الشيء وتصديقه به وإقراره به فهؤلاء هم أهل السنة والجماعة ، طريقتهم في أسماء الله وصفاته كما يأتي ، والأسماء والصفات فيها إثبات وفيها نفي وفيها ما سكت عنه ، فما ورد إثباته فطريقتهم فيه أنهم يثبتونه ، يثبتون ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه إما في القرآن وإما في السنة ، فمثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ) هذه الصفة غير موجودة في القرآن ، أو لا ؟ وقوله ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخلان الجنة ) الضحك ليس موجودا في القرآن ، لكن يجب أن يؤمَن به كما يؤمن بما في القرآن ، ولهذا لما ( جاءت امرأة إلى ابن مسعود رضي الله عنه وقالت إني فتشت المصحف من فاتحته إلى خاتمته فما وجدت أن المرأة المستوشمة والنامصة والمستوشرة أنها ملعونة في القرآن ، والرسول عليه ... يقول لعن الله الواشمة والمستوشمة ، أين ذلك في القرآن ؟ فقال هو في القرآن (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) ) فالذي ثبت في السنة يجب الإيمان به كما يجب الإيمان بما في القرآن ، ولا يمكن لإنسان أنكر شيئا من السنة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعي أنه مؤمن بالقرآن أبدا ، لأنه يكون كافرا به ، إذ أن الله يقول (( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله )) وهل المنكر لشيء مما ثبت عن الرسول مؤمن بالرسول ؟ لا ، إذن لم يكن مؤمنا بالقرآن ، لم يكن مؤمنا بالقرآن ، فما ثبت في القرآن والسنة من أسماء الله وصفاته وجب علينا أن نثبته من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ، هذه العبارة هي التي عبر بها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتبه ، وقد يكون غيره ممن سبق عبر بها ولكنه رحمه الله لما ناظروه لما كتب " العقيدة الواسطية " عقدوا له مجالس مع ولاة الأمور يناقشونه فيها ، قالوا " ليش أنك تقول من غير تحريف ؟ " وهم يعرفون أن قوله من غير تحريف لإبطال قول أهل التأويل الذين يؤلون الصفات ، قال " إنني اخترت التحريف لأنه هو الموجود في القرآن (( يحرفون الكلم عن مواضعه )) أما التأويل فإن التأويل الموجود في القرآن حق "، لأن التأويل الموجود في القرآن والسنة دائر بين معنيين لا ثالث لهما وهما: التفسير أو الحقيقة التي يؤول إليها الشيء ، وهذا لا يمكن أن أنفيه لا يمكن أن أقول من غير تأويل ، إذا قلت من غير تأويل معناه لا يفسر أو معناه لا حقيقة له ، فأنا قلت من غير تحريف لأن هذا أي صرف اللفظ عن ظاهره بدون دليل يعتبر تحريفا من تحريف الكلم عن مواضعه ، ولا شك أن كلمة تحريف أشد وقعا على أهل التأويل من كلمة تأويل ، أليس كذلك ؟ لأنه قد يقبل أن تقول أنت مؤول لكن لا يقبل أن تقول أنت محرف نعم ، " ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل " وهذه المعاني لا نشرحها لأن لها شرح في الكتاب نفسه ، أما في النفي فطريقتهم نفي ما نفى الله عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم نعم، مع اعتقادهم ثبوت كمال ضده ، أهل السنة والجماعة يؤمنون بما نفى الله عن نفسه فينفونه عنه ، لكن هل هم يقتصرون على مجرد النفي ؟ لا ، بل هم ينفونه لكمال ضده عندهم ، فقوله تعالى (( ولا يظلم ربك أحدا )) ليس معناه أنه لا يظلم فقط ، لكن لا يظلم لماذا ؟ لكمال عدله ، (( وما مسنا من لغوب )) هاه ؟ ما مسه من تعب وإعياء لكمال قوته ، (( وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض )) لكمال
الطالب : قدرته
الشيخ : نعم ، ونزيد أيضا علمه وقدرته ، لأن الله قال (( وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا )) لأن العاجز تفوته القدرة لأحد سببين : إما لعدم علمه وإما لعدم قدرته ، فلو جاءنا رجل عامي من السوق وقلنا له يلا أصنع لنا سيارة ... اصنع لنا سيارة ، قال والله ما أقدر ، لماذا ؟ لأنه جاهل ، لا يقول أنا أقدر جيبوا لي بس مسامير ... ، هو يقدر يركب لكن ما يدري شلون يركب نعم، يمكن يحط الدركسون عجلة كفر تمشي عليه السيارة مثلا ، فهذا الرجل لا يقدر لماذا ؟ لعدم علمه نعم، لكن جئنا لواحد مهندس جيد جدا في صناعة السيارات لكن وجدناه مريض قلنا له يلا قم اصنع السيارة يقول ما أقدر عاجز لعدم قدرته ، ولهذا قال الله عز وجل (( إنه كان عليما قديرا )) طيب (( وما الله بغافل عما تعملون )) بغافل هذه نفي لماذا ؟ لكمال علمه ومراقبته نعم، فعلى كل حال كل ما نفى الله عن نفسه من الصفات أو نفاه عنه الرسول عليه الصلاة والسلام فإنما ذلك لكمال الضد لا لمجرد النفي نعم، قال النبي عليه الصلاة والسلام ( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ) لماذا ؟ لكمال حياته وكمال قيوميته ولهذا قال عز وجل (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم )) لأن اللي تأخذه السنة ناقص الحياة وناقص القيومية ، إذا نام من الذي يقوم على عباده ؟! نعم ولهذا لكمال حياته وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم.
سؤال: لماذا ورد النفي في قوله تعالى " لاتأخذه سنة ونوم " بعد قوله " الحي القيوم " ؟
الشيخ : نعم
السائل : الحكمة ... الحي القيوم؟
الشيخ : لا ، لأن هذا لبيان لبيان كمال هاتين الصفتين ، يعني صفتان كاملتان لا يمكن أن يلحقهما نقص
السائل : توكيد
الشيخ : أي نعم توكيد ، توكيد أو تحقيق الكمال ، نعم.
تتمة شرح قول المصنف: ".. ثالثاً: فيما لم يرد نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه كالجسم، والحيز والجهة ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه فلا يثبتونه ولا ينفونه لعدم ورود ذلك، وأما معناه فيستفصلون عنه، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه " ( معنى قوله: " ونحو ذلك " كلفظ الجوهر والعرض )
كذلك الحيز هل الله في حيز مثلا ؟ هل الله متحيز ؟ هذه الكلمات الثلاث أكثر ما يدندن أهل التعطيل عليها ، يقول لك مثلا إذا أثبت أن الله مستوٍ على العرش استواء حقيقيا بمعنى العلو عليه لزم من ذلك التمثيل ، كيف ؟ قال لأنه يلزم من إثبات الاستواء الحقيقي إثبات أن يكون جسما والأجسام متماثلة ، وأحيانا يقولون لا يوصف لا يتصف الشيء بالصفات إلا إذا كان جسما والأجسام متماثلة ، شوف هالقضية الكاذبة هذه ! نعم هذه القضية كاذبة في مقدمتيها جميعا ، فمثلا يقولون لا يوصف بالصفة إلا ما هو جسم حق والا لا ؟ ليس بحق ، بل توصف الأعراض كما توصف الأجسام - صل ركعتين كان إنك على وضوء ، صل ركعتين - تقول مثلا هذا يوم طويل وهذا حر شديد وهذا مرض مزمن وما أشبه ذلك وهي أعراض والا أجسام ؟
الطالب : أعراض
الشيخ : أعراض أعراض، ووصفت بالصفة ، وكذلك أيضا قولهم إن الأجسام متماثلة هذا صحيح ؟ هذا أيضا كذب فهي مختلفة في أحجامها وأشكالها وفي ذواتها أيضا ، إذا قبضت على الحديد انضغط ، لا ؟
الطالب : ...
الشيخ : أي نعم ، وإذا قبضت على العجين ؟ انضغط ، هل تساوت الأجسام ؟ ما تتساوى ، فهم يلبسون على العامة ، على عامة الناس ، عامة الناس ما يعرفون ، يلبسون عليهم بمثل هذه العبارات ، يقول الله جسم إذا قلت أن الله جسم لازم تماثل الأجسام فتكون ممثلا ، كذلك الله في حيز كيف الله في حيز؟ معناه أن الأشياء تحيط به وهذا غير صحيح .
فمثل هذه العبارات نقول فيها ما موقفنا نحن منها ؟ نقول لو سكت الناس عنها لكان الأوفق بنا أيش ؟ أن نسكت ، لكن إذا خاض فيها الناس فلا بد لنا من دخول الميدان ، فلا نترك المجال لهؤلاء يلعبون كما يشاءون ، نقول والله هذه ألفاظ ما جاء بها النص ما نحن قائلين فيها شيء ، هذا خطأ ، بل إننا إذا اضطررنا إلى الكلام تكلمنا .
شوف الآن في أشياء أدخلها الناس بعد الصحابة كله من أجل دفع الباطل ، لو لم يتكلم فيها الناس ما تكلمنا فيها ، القرآن كلام الله صح ؟ وورد في القرآن أنه كلام الله ، منزل ؟
الطالب : نعم
الشيخ : صحيح وورد في القرآن أنه منزل ، غير مخلوق ؟ ما ورد لا في القرآن ولا في السنة ولا عن الصحابة ، وقيل " للإمام أحمد يا أبا عبد الله غير مخلوق كيف ؟ قال انهم إذا قالوا مخلوق لا بد أن نقول نحن غير مخلوق " ، لا بد أن نقول ، فإذا أوجدوا مثل هذه الأشياء فلا بد أن ندخل المعترك معهم لنبين الحق ، ما ندع المجال ساكتين لأننا لو سكتنا لانتصروا علينا ، ولهذا الذين يقولون أن مذهب أهل السنة والجماعة هو التفويض المحض وعدم الخوض في المعنى استطال عليهم الملاحدة ، ويش قالوا ؟ قالوا إذا كان أنكم لا تفهمون المعنى فأنتم من العوام ، اجلسوا في ... حنا اللي نفهم المعنى ، المراد كذا وكذا وراحوا يفصلون ، لأن الذي يعلم المعنى خير من الذي يجهل عامي ، فالحاصل اقول الذي لم يرد إثباته أو نفيه ماذا نقول فيه ؟ نقول كالجسم والحيز والجهة ونحو ذلك ، نحو ذلك مثل كلمة عرض هل الله جوهر والا عرض؟ ، هل هو جسم وهل هو كذا ، كل هذه ما وردت ، ليس لنا حق أن نثبتها لماذا ؟ لأنها لم ترد وهي أمور غيبية ما يوجد لها نظير ، ولا يحل لنا أن نتكلم فيها لأننا لو تكلمنا لكنا قلنا ما لا نعلم ، فنسكت ، ولهذا عابوا على السفاريني رحمه الله قوله : " وليس ربنا بجوهر ولا عرض ولا جسم تعالى ذو العزة " نعم، إذن ماذا نقول فيها ؟ نقول التوقف في لفظها ما نثبته ولا ننفيه.
، فإذا قال لنا قائل هل تقولون إن الله جسم ويش نقول ؟
الطالب : ...
الشيخ : نقول ما اقول شيء ، هل إن الله ليس بجسم ؟ ... اتوقف ، ما تلزمني أن أقول جسم أو أنه غير جسم لأنه ما ورد ، لكن المعنى لا بد أن نستفصل ، فلا يثبتونه لعدم وروده وأما معناه فيستفصلون عنه فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه ، إن أريد به باطل ينزه الله عنه ، ترى كلمة ينزه هذه صفة كاشفة وليست صفة مانعة ، ما أدري هذا البحث جديد والا قديم ؟
الطالب : ...
الشيخ : صفة كاشفة ، الصفة الكاشفة تكون كالعلة لما سبقها تكون كالعلة لما سبقها، ولا يقصد أن تكون مخرجة ومقيدة ، مثال ذلك ... (( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم )) طيب ربنا الذي لم يخلقنا ما نعبده ؟
الطالب : ...
الشيخ : ما لنا رب لم يخلقنا ، إذن الذي خلقكم يسميها العلماء صفة كاشفة أي موضحة للمعنى فهي موضحة لمعنى الرب ، (( ربكم الذي خلقكم ))، إن معنى الرب الذي خلقنا فتكون كالتعليل لما سبق .
طيب اللي معنا الآن إن أريد به باطل ينزه الله عنه ، هل هناك باطل لا ينزه الله عنه ؟ لا ، كل باطل فإن الله ينزه عنه ، إذن فهذا التعبير باطل ينزه الله عنه نقول كلمة ينزه الله عنه صفة كاشفة أي مبينة لأن كل باطل فإن الله منزه عنه
السائل : هل يقال بالأغلبية ...
الشيخ : ... لكن الأغلب هي غيرها ، قال " ينزه الله عنه ردوه " ، هاه ؟
السائل : ...
الشيخ : الصفة المانعة ، نعم إذا قلت مثلا أكرم الطلبة المجتهدين كلمة المجتهدين صفة مانعة تمنع غير المجتهد من دخولها ، أي نعم ، طيب إن أريد به حق قبلوه وإن أريد به باطل ردوه.
11 - تتمة شرح قول المصنف: ".. ثالثاً: فيما لم يرد نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه كالجسم، والحيز والجهة ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه فلا يثبتونه ولا ينفونه لعدم ورود ذلك، وأما معناه فيستفصلون عنه، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه " ( معنى قوله: " ونحو ذلك " كلفظ الجوهر والعرض ) أستمع حفظ
هل يطلق لفظ الجسم على الله ؟
هل يطلق لفظ الحيز على الله ؟
هل يطلق لفظ الجهة على الله ؟
الطالب : معدوم
الشيخ : أي نعم معدوم ، يعني الأول مذهب الحلولية من الجهمية ، والثاني مذهب المعطلة النفاة
السائل : الأول ...
الشيخ : الحلولية من الجهمية وغيرهم والثاني مذهب المعطلة النفاة يقول ما تقول إن الله في جهة أبدا إما قل في كل مكان أو قل ليس في مكان ، طيب هذا ماذا نقول له ؟ نقول كلمة جهة لم ترد في القرآن ولا في السنة لا نفيا ولا إثباتا ، لكن لماذا ؟ لأنها تحتمل حقا وباطلا ، وجاء بدلها مما لا يحتمل إلا الحق أيش ؟ العلو ، جاء العلو ، فنقول بناء على أنك ألجأتنا وتقول إنه يلزم من كذا أن يكون الله في جهة ننازلك ، نقول إن أردت بالجهة ما فوق العالم فالله تعالى فوق العالم بلا شك ، ولا يحيط به شيء من مخلوقاته ، وإن اريد وان أردت بالجهة ما تحيط بالشيء إحاطة الظرف بمظروفه فهذا باطل ، فإذا أردت أن الله في جهة يعني في مكان يحيط بالله عز وجل كإحاطة الظرف بالمظروف فهذا باطل ولا يمكن أن يتصف الله به لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته ( السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن كخردلة في كف أحدنا ) وقد وسع كرسيه السماوات والأرض وكرسيه موضع قدميه ومن كان هذا عظمته فإنه لا يمكن أن يكون في جهة تحيط به ، واضح الآن ؟ فإذن نستفصل في المعنى ونقول إن أردت كذا فهو حق إن أردت كذا فهو باطل ، أما بالنسبة للفظ فإننا لا نتكلم فيه إثباتا ولا نفيا ، لأن ذلك لم يرد في القرآن لا إثباتا ولا نفيا ، وهذه الأشياء التي مثلنا بها يمثل بها شيخ الإسلام ابن تيمية لأنها هي ديدن أهل التعطيل ، كل ما أرادوا ..