شرح قول المصنف: " الباب العشرون في طريقة النفاة فيما يجب إثباته أو نفيه من صفات الله اتفق النفاة على أن يثبتوا لله من الصفات ما اقتضت عقولهم إثباته وأن ينفوا عنه ما اقتضت عقولهم نفيه، سواء وافق الكتاب والسنة، أم خالفهما فطريق إثبات الصفات لله أو نفيها عنه عندهم هو العقل "
وهذا شامل، كل شيء يتـأولونه على غير تأويله فإنه يلزمهم فيما أثبتوه نظير ما يلزمهم فيما نفوه، مع زيادة ايش؟ التحريف. طيب.
الثاني : بيان تناقض أقوالهم واضطرابها.
.. لكن الي عندنا ما يخل بالمقصود إن شاء الله.
" اتفق النفاة على أن يثبتوا لله تعالى من الصفات ما اقتضت عقولهم إثباته ".
يعني: يقولون كل ما يقتضي العقل إثباته من الصفات فهو ثابت لله نثبته ولا ننكره.
" وأن ينفوا عنه ما اقتضت عقولهم نفيه " أن ينفوا عنه، يعني عن الله، ما اقتضت عقولهم نفيه .. وجب نفيه عن الله، سواء وافق الكتاب والسنة أم خالفهما.
فجعلوا أنفسهم حاكمين على الله سبحانه وتعالى بما يجب له وما يمتنع عليه، فإذا قيل لهم عن صفة من الصفات هذه في الكتاب والسنة، قالوا: لكن العقل لا يثبتها، فيجب إنكارها، وإذا أثبتوا لله صفة وهي ما هي موجودة في الكتاب والسنة، قالوا العقل يثبتها فيجب إثباتها لله.
ولهذا سموا الله بأسماء ما هي موجودة في القرآن والسنة، فسموا الله بالقديم، وهو غير موجود في الكتاب والسنة، سموه بالعلة وهو غير موجود بالكتاب والسنة، سموه بالعقل الفعال وهو غير موجود في الكتاب والسنة، لأنهم يرون أن المدار على ايش؟ على العقل، ولا ريب أن هذه القاعدة متداعية وباطلة، إذ أن مقياس العقول لا يختلف، فقد يكون أنا أرى أن العقل يثبت هذا وأنت ترى أن العقل ينكر هذا، ولذلك تجدهم هم بأنفسهم مضطربين، تارة يقررون بأن هذه الصفة واجبة لله، وتارة يقررون بأن هذه الصفات ممتنعة عن الله.
ولهذا أنكر الإمام مالك ذلك، وقال : " ليت شعري بأي شيء يوزن الكتاب والسنة؟ أفكلما جاءنا رجل أجدل من رجل أخذنا بقوله وتركنا الكتاب والسنة؟! ".
وصدق، لأننا لو رجعنا إلى هذه العقول وهي عقول متداعية ليس لها أصل ولا أساس حصل التناقض فيما بيننا بل حصل التناقض في كلام الإنسان الواحد، إذ أن الإنسان لا شك أنه ليس على تفكير واحد دائما، يختلف التفكير بين حين وآخر، أحيانا يكون الإنسان صافيا الذهن ليس هناك مؤثرات خارجية تؤثر عليه فيفتح الله عليه من الحق ما لا يفتحه عليه إذا كان ايش؟ إذا كان مشغولا، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يقضي القاضي وهو غضبان ). فإذا كان كذلك فمعنى هذا أن ما يجب لله ويمتنع ويجوز راجع إلى عقول متداعية متناقضة متنافرة.
على كل حال سيأتي إن شاء الله بطلان قولهم وما يلزم عليه، لكن الآن نعرف القاعدة عندهم.
القاعدة: ما اقتضى العقل ثبوته ها؟ ايش؟ وجب إثباته لله، وجب إثباته لله، وما اقتضى العقل نفيه اه؟ وجب ايش؟ وجب نفيه عن الله، ولا ننظر للكتاب والسنة، حتى لو جاء في الكتاب والسنة ما يخالف ذلك فاسمع على طريقتهم فيه. نعم فطريقة.
1 - شرح قول المصنف: " الباب العشرون في طريقة النفاة فيما يجب إثباته أو نفيه من صفات الله اتفق النفاة على أن يثبتوا لله من الصفات ما اقتضت عقولهم إثباته وأن ينفوا عنه ما اقتضت عقولهم نفيه، سواء وافق الكتاب والسنة، أم خالفهما فطريق إثبات الصفات لله أو نفيها عنه عندهم هو العقل " أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " ثم اختلفوا فيما لا يقتضي العقل إثباته، أو نفيه، فأكثرهم نفوه وخرجوا ما جاء منه على المجاز، وبعضهم توقف فيه وفوض علمه إلى الله مع نفي دلالته على شيء من الصفات "
إذا جاءت صفة في القرآن أو في السنة والعقل ما يقتضي إثباتها ولا نفيها، فماذا نصنع؟ ها؟
اختلفوا، أكثرهم قال يجب يجب إنكارها، يجب إنكارها، لماذا؟ لأن العقل لا يثبتها، ما هو لأن العقل نفاها، لأن العقل لا يثبتها، وإذا لم يثبتها العقل فإنه يجب إنكارها.
وبعضهم قال: ما دام العقل لم يثبتها ولم ينفها، فالواجب ها؟ التوقف، الواجب التوقف، فنقول : لا نثبتها ولا ننفيها، هذه القاعدة، طيب ماذا نصنع ؟
يقول: " وأكثرهم نفوه، وخرّجوا ما جاء منه على المجاز، وبعضهم توقف فيه وفوض علمه إلى الله مع نفي دلالته على شيء من الصفات ".
صار انقسموا فيما لا يقتضي العقل إثباته ولا نفيه انقسموا إلى قسمين : قسم وهم الأكثر اه؟ نفوه، وتعليلهم : أن العقل لا يقتضي إثباته، وحينئذ يكون لا دليل عليه.
طيب ما جاء في الكتاب والسنة من إثباته يخرجونه على ايش؟ على المجاز، يقولون: هذا مجاز عن كذا، هذا مجاز عن كذا، مثلا استوى على العرش يقولون: هذا مجاز عن الاستيلاء، اليد مجاز عن القدرة أو النعمة، وعلى هذا فقس.
ومعلوم أن الأشاعرة يثبتون من الصفات سبعا، يقولون: إن العقل دل عليها، وينكرون الباقي، يقولون: لأن العقل لم يدل عليها أو لأن العقل ينفيها.
والصفات السبعة التي يثبتونها أنشدناكم بيتا فيما سبق في إثباتها، ما هو؟
الطالب : " له الحياة والكلام والبصر *** سمع إرادة وعلم واقتدر ".
الشيخ : " له الحياة والكلام والبصر *** سمع إرادة وعلم واقتدر ".
القدرة، يقولون: لأن العقل دل عليها، العقل دل عليها.
كيف دلالة العقل عليها؟
الحوادث دلت على القدرة أو لا أو على العلم؟ الحوادث دلت على العلم ولا على القدرة؟
يقولون: الحوادث دلت على القدرة، والإحكام يدل على العلم، والتخصيص دل على الإرادة، ولا لا؟ طيب.
وش معنى التخصيص دل على الإرادة؟ يعني كون هذه سماء وهذا أرض وهذا نجم وهذا شمس وهذا قمر وهذا إنسان وهذا جمل، ويش يدل عليه؟ على الإرادة.
عندنا علم وإرادة وقدرة، يقولون: هذه الثلاث لا تقوم إلا بحي، فتثبت الحياة، صفة الحياة.
والحي إما أن يكون سميعا بصيرا متكلما، أو أصم أعمى أخرس، ولا لا؟ والثاني ممتنع، فلزم أن يكون سميعا بصيرا متكلما.
أفهمتم الآن تقريرها بالعقل عندهم؟ من يستطيع أن يعيدها علينا؟ واحد اثنين، والله واحد يمد إيدو ويردها على طول، ها؟
الطالب : ... .
الشيخ : ...، طيب.
الطالب : ... .
الشيخ : لأنها ايش؟
الطالب : ... .
الشيخ : ... ويش الفائدة؟
الطالب : ... .
2 - شرح قول المصنف: " ثم اختلفوا فيما لا يقتضي العقل إثباته، أو نفيه، فأكثرهم نفوه وخرجوا ما جاء منه على المجاز، وبعضهم توقف فيه وفوض علمه إلى الله مع نفي دلالته على شيء من الصفات " أستمع حفظ
الرد على نفات الصفات ( الرد العقلي )
طيب، بماذا نرد عليهم بالطريق العقلي؟
نرد عليهم بالطريق العقلي من وجهين :
الوجه الأول : أن نقول : هب أن العقل لا يدل على ما نفيتم من الصفات، هب أن العقل لا يدل على ما نفيتم من الصفات فإن السمع دل عليه، فيجب إثباته، لأن انتفاء الدليل المعين لا يلزم منه انتفاء المدلول، لأن الشيء قد يكون له أدلة متعددة، فانتفاء دليل واحد عنه لا يعني أنه انتفى أو لا؟
الوجه الثاني : أن نقول : إنه يمكن إثبات ما نفيتم بطريقة العقل على الوجه الذي ذكرتم فيما أثبتموه.
فأنتم ذكرتم أن التخصيص يدل على الإرادة، ونحن نقول : إن إثابة الطائعين يدل على المحبة، والانتقام من المجرمين يدل على البغض والكراهة، والإنعام المتواتر على الأمم يدل على الرحمة ولا لا؟
وأيما أدل على الصفة: الإنعام المتواتر على العباد من نزول المطر ونبات الأرض وزوال النقم، أيما أبلغ دلالة هذه الأشياء على الرحمة أو دلالة التخصيص على الإرادة؟
الأول أبلغ وأبين وأظهر، لأن الأول حتى العامي في السوق لو تقول له: المطر هذا من آثار ايش؟ ويش يقولك؟ من آثار رحمة الله، ودليل على ايش؟ على رحمة الله بعباده، ولا لا؟
لكن لو تجي للعامي تقول تعال: السماء والأرض والنجم والشمس ويش يدل عليه؟ يقول : على القدرة، في الحقيقة يقلك على القدرة لأنو ما حد يقدر يصنع مثلها، لكن هل يدري أنها دليل على الإرادة، ولا ما يدري؟ أبدا ما يدري. فالحاصل أننا نرد على هؤلاء بمثل ذلك، والمقام ما هو مقام، لكن على سبيل التمثيل.
أما المعتزلة والجهمية، المقتصدون من الجهمية بعد، يقولون: إن الله تعالى لا يمكن أن يوصف بصفة ثبوتية أبدا، لأنك إذا أثبت له صفة ثبوتية شبهته بالموجودات.
فنقول لهم: وإذا وصفتموه بالصفات العدمية شبهتموه بماذا؟ بالمعدومات.
فتكايس بعضهم، وقال: أنا أنفي عنه الأمرين، لا أثبت ولا أنفي، لا أقول إن الله موجود ولا معدوم، ولا سميع ولا أصم ولا أبكم ولا متكلم، نعم، ولا أعمى ولا بصير، ويش يصير هذا؟ ها؟
نقول: الآن شبهته بالممتنعات، ها؟ يمتنع أن يكون الشيء لا موجودا ولا معدوما، فالشيء إما موجود ولا معدوم، يمتنع أن يكون لا سميعا ولا بصيرا.
قال: أما قولك لا سميعا ولا بصيرا، فليس بممتنع، يوجد شيء لا سميع ولا بصير، وهو ما لا يقبل السمع والبصر، مثل: الجدار، والله هذا عندي جدار ما هو بسميع ولا بصير، يصلح ولا لا؟ يصلح، لأن نفي النقيضين عما ليس بقابل لهما ممكن أو لا؟
طيب، نقول له: أولا إن قولك إن هذا لا يقبل أو يقبل هذا اصطلاح فقط عندك أنت، وإلا فإن الله تعالى قال في الأصنام : (( أموات غير أحياء )) ومعلوم أن الصنم جماد، الصنم جماد، عندك لا يقبل الحياة ولا الموت، ووصفه الله تعالى بأنهم أموات غير أحياء بعد.
فهذا قولك قابل وغير قابل هذا اصطلاح اصطلحته أنت وليس هو الواقع الموافق لما تقتضيه اللغة العربية.
وإذا سلمنا جدلا لك، وقلنا: إنه يمكن أن يكون الشيء لا سميعا ولا أصم، إذا كان غير قابل للاتصاف بهما، ولكن ما قولك في الوجود والعدم؟ أنت تقول : إني ما أصف الله بالوجود ولا بالعدم، والوجود والعدم متقابلان تقابل السلب والإيجاب، لا تقابل الملكة والعدم أو لا؟ ها؟ والمتقابلان تقابل السلب والإيجاب لا بد من وجود أحدهما عقلا، فلا يمكن أن تنفي عن الشيء أنه لا موجود، يعني لا يمكن أن تصف الشيء أنه لا موجود ولا معدوم أبدا، بل لا بد أن يكون إما موجودا وإما معدوما، كما لو قلت هذا الشيء ليس ساكنا ولا متحركا يمكن هذا ولا لا؟ ما يمكن.
فالمتقابلان تقابل السلب والإيجاب لا يمكن رفع أحدهما أبدا. صحيح المتقابلان تقابل العدم والملكة يمكن أن ينفيا جميعا، كما لو قلنا في الجدار إنه لا سميع ولا أصم.
الحاصل: إن النفاة في الحقيقة أمرهم عجيب، والغريب أنهم يسمون أنفسهم اه؟ بالفلاسفة والعقلاء والحكماء، يسمون أهل السنة والجماعة أو السلف يسمونهم الحشوية والنوابت والغثاء، نعم، والسطحيين وما أشبه ذلك، ما عندهم العمق الي عند هؤلاء.
ومعلوم أن الإنسان يبي يدعي لنفسه مرتقى صعبا، ويدعي لغيره نزولا، كل إنسان يفعل هذا، لكن الكلام على الحقائق.
شرح قول المصنف: " ثم اختلفوا فيما لا يقتضي العقل إثباته، أو نفيه، فأكثرهم نفوه وخرجوا ما جاء منه على المجاز، وبعضهم توقف فيه وفوض علمه إلى الله مع نفي دلالته على شيء من الصفات.
الآن هؤلاء الجماعة اتفقوا على مسألتين، كل النفاة: على أن ما أثبته العقل وجب إثباته، وما نفاه وجب نفيه.
ثم اختلفوا فيما لا يقتضي العقل إثباته، أو نفيه : فأكثرهم ايش؟ نفاه.
وماذا يخرج ماجاء في الكتاب والسنة؟ يخرجه على المجاز. وبعضهم توقف فيه وفوض علمه إلى الله، قال: الله أعلم، لكن شوف التناقض، مع نفي دلالته على شيء من الصفات، يقول : أنا أقول الله أعلم، لكن لا يدل على صفة من الصفات. ويش تقولون في هذا الكلام؟ هذا تناقض، كيف تفوض العلم إلى الله، ثم تقول لا يدل على شيء؟ إذن ما فوضت، بل حكمت بماذا؟ بأنه لا يدل بالنفي، وهذا أيضا من التناقض عند هؤلاء الطائفة الواقفة، عندها هذا التناقض الذي أشار إليه المؤلف. والله أعلم.
.. أن ما أثبته العقل أثبتوه بقطع النظر عن كونه موجودا في الكتاب والسنة وما نفاه ها؟ نفوه، سواء كان موجودا في الكتاب والسنة أم لا. وما لم يقتض العقل إثباته ولا نفيه فأكثرهم نفاه، وبعضهم توقف فيه، وقال: لا أثبته، لأن العقل لا يثبته، ولا أنفيه لأن العقل لا ينفيه.
وتقدم أن هذه الطريقة طريقة فاسدة، وأننا لو أخذنا بها لكانت صفات الله سبحانه وتعالى موكولة إلى من ؟ إلى عقول البشر، وعقول البشر لا شك أنها مختلفة اختلافا كثيرا، حتى إن الواحد من هؤلاء المتكلمين يثبت في بعض كتبه ما كان ينفيه في الكتب الأخرى، ويثبت لله ما كان يقول فيما سبق إنه مستحيل عليه، ويحيل على الله ما كان يقول من قبل إنه واجب له.
فهذه طريقة باطلة.
يقول شيخ الإسلام : " إن هؤلاء في طريقتهم ". يقول : " إنهم ".
4 - شرح قول المصنف: " ثم اختلفوا فيما لا يقتضي العقل إثباته، أو نفيه، فأكثرهم نفوه وخرجوا ما جاء منه على المجاز، وبعضهم توقف فيه وفوض علمه إلى الله مع نفي دلالته على شيء من الصفات. أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " وهم يزعمون أنهم وفقوا بهذه الطريقة بين الأدلة العقلية والنقلية، ولكنهم كذبوا في ذلك لأن الأدلة العقلية والنقلية متفقة على إثبات صفات الكمال لله، وكل ما جاء في الكتاب والسنة من صفات الله فإنه لا يخالف العقل، وإن كان العقل يعجز عن إدراك التفصيل في ذلك.
كل ما جاء في الكتاب والسنة من صفات الله فإنه لا يخالف العقل، لكن هل العقل يثبت ذلك؟ قد يعجز عن إدراكه، فإدراك التفصيل في صفات الله تعجز عنه العقول.
ولهذا لو سألك سائل : هل العقل يدرك أو يثبت استواء الله على العرش؟
فالجواب : لا، لولا السمع ما علمنا بذلك، لكن العقل يدرك أن الله تعالى عال على خلقه، لأن العلو من صفات الكمال والعقل يدرك أن الله تعالى متصف بصفات الكمال.
لو قال لك قائل : هل العقل يثبت أن لله قوة؟ تقول : نعم، لأن هذا من الكمال، فهو يدرك أن لله تعالى قوة لا تشبهها قوة.
هل يدرك أن لله وجها؟ اه؟ لا، لولا الشرع ما علمنا بذلك، ولهذا لا نثبت أن لله أذنا، وذلك لأن الشرع لم يرد به، والعقل لا يمكن أن يثبت لله عز وجل من الصفات ما لم يثبته الله لنفسه.
فالحاصل: أن العقل لا يخالف ما جاء به الشرع من صفات الله وإن كان بعض التفاصيل لا يدركها، لكن إذا جاء به الشرع قبلها العقل ولا لا؟ يقبلها.
5 - شرح قول المصنف: " وهم يزعمون أنهم وفقوا بهذه الطريقة بين الأدلة العقلية والنقلية، ولكنهم كذبوا في ذلك لأن الأدلة العقلية والنقلية متفقة على إثبات صفات الكمال لله، وكل ما جاء في الكتاب والسنة من صفات الله فإنه لا يخالف العقل، وإن كان العقل يعجز عن إدراك التفصيل في ذلك. أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " وقد شابه هؤلاء النفاة في طريقتهم طريقة من قال الله فيهم: ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً . وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً . فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً )
هؤلاء الذي يقولون نحن نؤمن بالله، ونؤمن بما أنزل الله من الكتب السابقة، لكنهم يقولون : نريد أن نتحاكم إلى غير شرع الله، والطاغوت هنا كل ما خالف شرع الله فهو طاغوت، لأنه من الطغيان وهو مجاوزة الحد. نعم.
ومجاوزة الحد أن تتحاكم إلى غير شريعة الله.
وموافقة الحد أن تتحاكم إلى شريعة الله.
فتعجب من هؤلاء الذين يزعمون، وكلمة يزعمون تدل على أنهم غير صادقين أو لا؟ لأن الزعم دعوى، يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، وهو كل ما خالف شريعة الله، ومع ذلك قد أمروا أن يكفروا به، ما سكت عن هذا، ما قيل آمنوا بالله ورسوله وسكت، بل قال : آمنوا بالله واكفروا بالطاغوت ولهذا قال الله تعالى : (( ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى )) ومع هذا يقولون : إننا نحن نؤمن. قال الله تعالى : (( ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً )) والشيطان قد نفذ إرادته فيهم، لأنه أمرهم فائتمروا.
قال الله تعالى : (( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً )) (( إذا قيل لهم )) يعني: قال لهم الناس (( تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول )) ودعوا الحكم بالطاغوت أو التحاكم إليه (( رأيت المنافقين )) وهنا: إظهار في موضع الإضمار، إذ مقتضى السياق أن يقول : وإذ قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيتهم يصدون، لكن قال: (( رأيت المنافقين يصدون )) ليحكم على هؤلاء بماذا؟ بالنفاق، وليتبين أن هذا وصف كل منافق، وإن لم يكن من هؤلاء المعينين، فكل منافق في قرارة نفسه لا يريد أن يتحاكم إلى الله ورسوله، وإن كان يقول إنه مؤمن بالله ورسوله، وإنما يريد أن يكون التحاكم إلى الطاغوت.
(( رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا )) يصدون هذه لازم ولا متعدي؟ اه؟ لازم، ما الدليل؟ اه؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا، يمكن يصدون عن سبيل الله، هذا متعد،
الطالب : ... .
الشيخ : لأن المصدر صدودا إنما هو للفعل اللازم، نعم. صدّ يصدّ صدودا كقعد يقعد قعودا، ولو كان المراد يصدون عنك يعني يصدون الناس عنك، لقال : يصدون عنك صدا، كيردون ردا.
فكلمة صدود تدل على أن المراد بقوله (( يصدون )) أي بأنفسهم، هم إذا قيل تعالوا أعرضوا وصدوا ولم يقبلوا، خلاف المؤمنين، المؤمنين إذا ذكروا بآيات ربهم (( لم يخروا عليها صما وعميانا )) بل يأتون إليها مقبلين بآذان سامعة وأعين باصرة نعم.
يقول : (( رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا )) أتى بصدود لفائدتين :
أولا : تأكيد الصدّ، يعني صدودا حقيقيا، مثل (( وكلم الله موسى تكليما )) فالمصدر مؤكد.
الفائدة الثانية : إفادة أن هذا الصدود صدود عظيم، لتنكيره، يعني: يصدون عنك صدودا بالغا لا يرجى فيه إقبال بعد. (( فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم )) وذلك بأن يعثر على نفاقهم، فإذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم وعثر على نفاقهم يقول الله عز وجل : (( ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً )).
إذا عثر عليهم جاؤوا يركضون، والله ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق، إحسان بايش؟ إحسان لأجل أن لا نقتل، وتوفيقا لأجل يمشون مع الكفار ويمشون مع المسلمين، نوفق بين الرأيين نجمع. وهذا والعياذ بالله من النفاق من أعظم المداهنة إنهم يقولون : نريد نفوق بين هؤلاء وهؤلاء (( إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم )).نشوف المطابقة في المشابهة بين هؤلاء النفاة وبين هؤلاء المنافقين.
6 - شرح قول المصنف: " وقد شابه هؤلاء النفاة في طريقتهم طريقة من قال الله فيهم: ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً . وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً . فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً ) أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " ووجه مشابهتهم لهم من وجوه: الأول: أن كل واحد من الفريقين يزعم أنه مؤمن بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم مع أنهم لا يقبلون كل ما جاء به ".
أولا : " أن كل واحد من الفريقين " والمراد بالفريقين من؟ النفاة والمنافقون، النفاة الذين نفوا ما أخبر الله به عن نفسه وما أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، والمنافقون في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، كل منهم يزعم أنه مؤمن بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم مع أنهم لا يقبلون كل ما جاء به. وهذا وجه واضح؟ وجه واضح، هؤلاء النفاة يقولون آمنا بالله وآمنا بكتاب الله وآمنا برسول الله وآمنا بسنة رسول الله، ومع ذلك إذا جاءهم شيء من آيات الصفات ها؟ يقبلونه ولا ما يقبلونه؟ ما يقبلون، قال: استوى على العرش، قال ما يستوي على العرش، كيف استوى على العرش، أجل الله جسم؟ مثل الإنسان يروح يجلس على الكرسي، هذا شيء حرام، حرام عليك، أنت مجسم أنت كافر نعم. هكذا يقولون. يقولون صراحة: أي إنسان يثبت أن الله استوى حقيقة على العرش، يقولون أنت مجسم وأنت كافر، لأنك اعتقدت أن الله جسم، هل هذا قبل ما جاء به القرآن؟ أبد، والله ما قبل.
الله عز وجل أضاف الاستواء إلى نفسه المقدسة (( الرحمن على العرش استوى )) كيف تقول أنت ما استوى؟
قال: (( لما خلقت بيدي )) قال: ما نقبل أن الله له يدان، أعوذ بالله، الله له يدان؟ هذا حرام تجسيم كفر وضلال.
قال وش تقول باليدين؟ قال: أقول باليدين القدرتين، نعم، لما خلقت بقدرتي، وايش قدرتي الله؟ قال لما خلقت، ما تقبل قدرتين؟ قلنا ما نقبل، قال: لما خلقت بنعمتي، واليد تطلق بمعنى النعمة، ويش النعمتين؟ اه؟ الله ما له إلا نعمتين؟ (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) نعم؟ كيف ما في إلا نعمتين؟ وما هو النعمتين الي خلق الله بهما آدم؟
وهكذا ما جاء في الصفات ( ينزل إلى السماء الدنيا ) ثم يلم رأسه أعوذ بالله ينزل الله إلى السماء الدنيا، هذا الكفر بعينه ويش الي ينزل؟ قال: الي ينزل أمره أمره، ينزل أمره إلى السماء الدنيا.
طيب، وبس والأمر ما يصل إلى الأرض والله يقول : (( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ))؟ قال : ما تقبل الأمر؟ ما نقبل الأمر.
ينزل الرحمة، تنزل رحمته إلى السماء الدنيا، طيب، ورحمة الأرض ما تنزل؟ (( فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها ))، وما فائدتنا في رحمة تنزل إلى السماء الدنيا ولا تصلنا؟ نعم؟ قال ما تقبل؟ قلنا : مانقبل.
قال: ينزل ملك من ملائكته نعم؟ طيب، والملائكة ما تصل إلى الأرض؟ والرسول يخبر بأنه يتعاقب فينا ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، قال: ما نقبل، ما نقبل إن الله ينزل بنفسه، وهل الملائكة يمكن تقول من يدعوني فأستجيب له؟ يمكن تقول هذا؟ لأن الذي ينزل، يقول ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا فيقول : من يدعوني ) هل يمكن أن تقول الملائكة من يدعوني؟ لو تقول الملائكة من يدعوني فأستجيب له كفرت ولا لا؟ لأنها ادعت لنفسها الربوبية.
الرحمة يمكن تقول: من يدعوني فأستجيب له؟ أجيبوا؟ ما يمكن. لكن مع ذلك يقول: نحن نؤمن بما جاء عن الله ورسوله، ثم يأتون بمثل هذه الأمور العظيمة التي تنبني العقيدة عليها ثم ينكرونها، إما متأولين إذا لم يستطيعوا رد النص وإما مكذبين للنص. أي نعم. فهم يشبهون هؤلاء المنافقين.
7 - شرح قول المصنف: " ووجه مشابهتهم لهم من وجوه: الأول: أن كل واحد من الفريقين يزعم أنه مؤمن بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم مع أنهم لا يقبلون كل ما جاء به ". أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " الثاني: أن هؤلاء النفاة إذا دعوا إلى ما جاء به الكتاب والسنة من إثبات صفات الكمال لله أعرضوا وامتنعوا، كما أن أولئك المنافقين إذا قيل لهم : تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدوا وأعرضوا "
تعال أثبت ما أثبته لنفسه أثبت اليد أثبت الوجه أثبت العين أثبت الساق أثبت القدم. نعم. قال : ما نثبت، يعرض وينسل، نعم، وينخنس، ويقول: دع الكلام في هذا (( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم )). لا تثير هذا الكلام بين الناس. نعم، هؤلاء راحوا، اسكت بس اجلس، نعم، اجعل التبن على النار، ما يدري أن النار إذا كان فوقه التبن ويش تعمل بالتبن؟ تأكله حتى تخرج تهلك الناس. هؤلاء يعرضون، إذا قيل: تعالوا تفضلوا أثبتوا لله ما أثبته لنفسه من صفات الكمال أعرضوا.
إذا كان الذي يريد أن يجادلهم يعرفون أن عنده من العلم ما يفحمهم، هاه؟ تسللوا لواذا وراحوا وصاروا يقاطعون الكلام ويأتون بغيره.
وإن علموا أن الذي يريد أن يجادلهم ليس عنده علم أو ما عنده شجاعة، إما أنه ما بيده السيف، أو أنه بيده السيف لكنه ما يستطيع يضرب به، قاموا يزعقون عليه ويصرخون، أعوذ بالله اسمعوا لهذا الرجل المجسم الممثل الفاعل، هذا المسكين يتبحرس، ما يستطيع يتكلم، أما أن يقبلوا الحق فهذا بعيد منهم.
طيب، أولئك المنافقين (( إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا )).
بل أعظم من ذلك والعياذ بالله في المنافقين، شوف نسأل الله العافية، عدم قبولهم للحق (( إذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله )) ها؟ (( لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون )) قالوا نحن في غنى عن استغفار هذا الرجل ولا حاجة بنا إليه، نسأل الله العافية.
8 - شرح قول المصنف: " الثاني: أن هؤلاء النفاة إذا دعوا إلى ما جاء به الكتاب والسنة من إثبات صفات الكمال لله أعرضوا وامتنعوا، كما أن أولئك المنافقين إذا قيل لهم : تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدوا وأعرضوا " أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " الثالث: أن هؤلاء النفاة لهم طواغيت يقلدونهم ويقدمونهم على ما جاءت به الرسل ويريدون أن يكون التحاكم عند النزاع إليهم لا إلى الكتاب والسنة، كما أن أولئك المنافقين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ".
يقول شيخ الإسلام رحمه الله وجزاه الله خيرا : " لهم طواغيت يقلدونهم ويقدمون "
الطالب : يقدمونهم.
الشيخ : أنا حاط يقدمون لحالها، وهم لحالها.
كذا عندكم؟
الطالب : في الطبعة القديمة.
الشيخ : ها؟ الطبعة القديمة؟
الطالب : يقدمونهم.
الشيخ : الجميع؟
الطالب : شيخ شيخ.
الشيخ : نعم.
" يقلدونهم ويقدمونهم على ما جاءت به الرسل ويريدون أن يكون التحاكم عند النزاع إليهم لا إلى الكتاب والسنة كما أن... " الخ.
تجد لهم تقول مثلا: تعال مثلا إلى ما قال الله وقال رسوله، يقولك: والله قال فلان وقال فلان من علمائهم الذين يتبعونهم، قال ابن عربي قال التلمساني قال ابن سينا قال فلان قال فلان من هؤلاء الطواغيت. ما يقبلون ما جاء به الرسول، لأنهم كيف يتوصلون إلى رد ما جاء به الرسول؟ ما يقولون: ما نقبل محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه منافق، يقول : هل أنت أعلم أم فلان؟ نعم؟ إن قلت: أنا أعلم، قال: كذبت، فلان أعلم منك، فلان البحر الذي لا ساحل له، وأنت ويش أنت حتى تعترض على فلان؟ ثم يقول : هذا القول هو الصواب، لأنك أنت ما عندك علم، وإن كان عندك علم ما عندك فهم، وهؤلاء هم العلماء الفطاحل، نعم، فالقول قولهم.
يقول هؤلاء المنافقون أيضا. كما أن أولئك المنافقين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به.
9 - شرح قول المصنف: " الثالث: أن هؤلاء النفاة لهم طواغيت يقلدونهم ويقدمونهم على ما جاءت به الرسل ويريدون أن يكون التحاكم عند النزاع إليهم لا إلى الكتاب والسنة، كما أن أولئك المنافقين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ". أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " الرابع: أن هؤلاء النفاة زعموا أنهم أرادوا بطريقتهم هذه عملاً حسناً وتوفيقاً بين العقل والسمع، كما أن أولئك المنافقين يحلفون أنهم ما أرادوا إلا إحساناً وتوفيقاً. وكل مبطل يتستر في باطله ويتظاهر بالحق فإنه يأتي بالدعاوى الباطلة التي يروج بها باطله، ولكن من وهبه الله علماً، وفهماً، وحكمة، وحسن قصد فإنه لا يلتبس عليه الباطل ولا تروج عليه الدعاوى الكاذبة. والله المستعان.
المتكلمون من المعتزلة والجهمية والأشاعرة ونحوهم، يقولون : نحن سلكنا هذه الطريقة للجمع بين العقل والسمع، فنحن نقول : في يدي الله، المراد بهما النعمة ليش؟ قال : لأن العقل ينكر أن تكون له يدان حسيتان حقيقيتان، ينكر هذا. والسمع قد جاء بهذا فيما ظاهره أنهما يدان حقيقيتان حسيتان، فيجب أن نوفق بين العقل وبين السمع، ونقول : المراد باليدين اه؟ ايش؟ النعمتان.
هؤلاء الذين قالوا المراد كذا، هل آمنوا بالسمع؟ أبدا كيف يقول نحن نوفق بين السمع والعقل؟
إذا أردتم أن توفقوا بين السمع والعقل فاقبلوا ما جاء به السمع حتى تكونوا عقلاء، لأن العاقل هو الذي يقول فيما لا يمكنه إدراكه بما جاء به الكتاب والسنة على ظاهره، ما في قياس، ولا فيه تأويل ولا شيء. أمور غيبية ما يمكن للعقل إدراكها يجب أن تقبلها على ما جاءت به.
هذه ما هي من الأمور الاجتهادية التي للرأي فيها مجال، هذه أمور غيبية يقتصر فيها على ما جاء به الشرع نعم.
يقول المؤلف هذا مني أنا : " وكل مبطل يتستر في باطله، ويتظاهر بالحق، فإنه يأتي بالدعاوى الباطلة التي يروج بها باطله ".
نعم، كل إنسان يتستر ويتظاهر بأنه محق فإنه يأتي بالدعاوي الباطلة، مثل أن يقول : هذا قول المحققين، هذا ما أجمع عليه الناس، هذا ما دل عليه العقل، هذا ما يقتضيه الكمال، وما أشبه ذلك.
ولهذا لما ذكر المبتدعة أن هذا هو إجماع أهل الحق نقل للإمام أحمد هذا قال : " وما يدريه، من ادعى الإجماع فهو كاذب، وما يدريه لعلهم اختلفوا "، وبين رحمه الله أن مثل هذه الدعاوي كلها يقولها من كان على باطل، يقول هذا قول المحققين هذا هو الصواب هذا هو الحق إلى آخره.
وكل يستطيع أن يدعي هذه الدعوى ولا لا ؟ كل يستطيع. ((وإذا قيل لهم )) المنافقون (( إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض )) ويش يقولون ؟ (( إنما نحن مصلحون )).
سبحان الله! كل إنسان يدعي أنه على إصلاح، حتى الشيوعية الملحدة الكافرة ويش تدعي أنها بسلوكها هذا المسلك؟ تدعي الإصلاح، وأن هذا هو الإصلاح في الأرض، وأن طريقة ماركس ولينين هي الإصلاح، أما ما جاءت به الرسل فهذا خرافة وليس فيه إصلاح وما هي إلا عقول بالية أكل عليها الدهر وشرب ونفذت.
فالحاصل أن هذه الوجوه الأربعة التي اشترك فيها أولئك القوم الذين حكى الله عنهم مع هؤلاء النفاة.
وأما طريقة أهل السنة والجماعة والحمد لله فإنها سليمة تتمشى على ما جاء به الكتاب والسنة، والله أعلم.
10 - شرح قول المصنف: " الرابع: أن هؤلاء النفاة زعموا أنهم أرادوا بطريقتهم هذه عملاً حسناً وتوفيقاً بين العقل والسمع، كما أن أولئك المنافقين يحلفون أنهم ما أرادوا إلا إحساناً وتوفيقاً. وكل مبطل يتستر في باطله ويتظاهر بالحق فإنه يأتي بالدعاوى الباطلة التي يروج بها باطله، ولكن من وهبه الله علماً، وفهماً، وحكمة، وحسن قصد فإنه لا يلتبس عليه الباطل ولا تروج عليه الدعاوى الكاذبة. والله المستعان. أستمع حفظ
شرح قول المصنف: " فصل فيما يلزم على طريقة النفاة من اللوازم الباطلة يلزم على طريقة النفاة لوازم باطلة ( تعريف اللازم وهل لازم القول قول )
معنى اللازم: الشيء الذي يترتب على الشيء لزوما لا محيد عنه، هذا اللازم.
الشيء الذي يترتب على الشيء لزوما لا محيد عنه.
يعني أحد يقول : يلزم من كذا كذا وكذا.
واللازم قد يلتزمه الملزم ويقول: نعم أنا أقول بذلك ويطلق قوله، وقد لا يلتزمه ويقول: إن هذا ليس بلازم، ثم يذكر العلة ويقول ليس بلازم لأنه كذا وكذا نعم.
وقد يكون اللازم لم يطرأ على بال الملزم إطلاقا، كأن يقول الإنسان قولا ولا يتصور ماذا يترتب على هذا القول من اللوازم، ولو أنه تصور ذلك أو نبه له لكان بين أمرين: إما أن يجيب، وإما أن يلتزم باللازم، وإما أن يرجع عن قوله، ثلاثة أمور : إما أن يجيب ويبقى على قوله، أو يلتزم باللازم ويبقى على قوله، أو يرجع عن قوله.
وهذا كثير، كثير من الأقوال يقولها أهل العلم، ثم إذا رأوا أنه يترتب على هذا القول لوازم باطلة، نعم، سلكوا أحد المسالك الثلاثة : إما أن يلتزموا بهذا اللازم ويقولون غير باطل، أو يجيبوا عنه، ويقولون : هذا غير لازم، أو يعترفوا بأنه لازم باطل فيرجعون ايش؟ عن قولهم، لأن القول إذا ترتب عليه أمر باطل كان دليلا على أنه باطل.
ولهذا نقول : هل لازم القول قول؟ أو ليس بقول؟
نقول: أما إذا كان القول من كلام الله وكلام رسوله فلازم قولهما قول، وذلك لأن قول الله ورسوله صادر عن علم وحق، أليس كذلك؟ فالله تعالى عندما يقول قولا يعلم ماذا يترتب عليه وماذا يلزم منه، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيكون لازم قولهما.