شرح قول المصنف: " الباب الحادي والعشرون في أن كل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل قد جمع بين التعطيل والتمثيل المعطل: هو من نفى شيئاً من أسماء الله، أو صفاته، كالجهمية والمعتزلة والأشعرية ونحوهم " ( الكلام على أبي الحسن الأشعري وعقيدته )
الشيخ : إلا إذا وجد ما يوجب النصب فينصب لأنه منقوص تقول: قرأت الباب الحادي والعشرين، وأما إذا كان مرفوعا أو مجرورا فإنه بالسكون، لأنه غير مبني. " في أن كل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل قد جمع بين التعطيل والتمثيل ". يعني مثلا المعطل هو الذي نفى شيئا من أسماء الله وصفاته سواء كليا أو جزئيا، نسمي هذا معطلا. وقد مر علينا أن من المعطلة من ينكر الأسماء والصفات، ومنهم من ينكر الصفات دون الأسماء، ومنهم من ينكر بعض الصفات ويقر بالأسماء وبعض الصفات. ثلاثة أقسام، وفيه أيضا معطلة أبلغ من هذا غلاة، ينكرون الأسماء والصفات، الأسماء والصفات جميعا. طيب، وفيهم غلاة أشد، يقولون: إن الله لا يوصف بثبوت ولا نفي، لا بإثبات ولا نفي، فينكرون الإثبات والنفي، عرفتم؟ لكن المشهور من ينكر الأسماء والصفات، ومن ينكر الصفات دون الأسماء، ومن ينكر بعض الصفات. " المعطل من نفى شيئا من أسماء الله أو صفاته كالجهمية والمعتزلة والأشعرية ونحوهم ". الجهمية أتباع من؟ الجهم بن صفوان، والمعتزلة أتباع واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد، والأشعرية الذين ينتسبون، ما نقول أتباع أبي الحسن، الذين ينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري، وليسوا من أتباعه في الواقع، لأن أبي الحسن الأشعري رحمه الله صرح في آخر كتبه أنه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وأنه مثبت لصفات الله عز وجل، وأنكر على المعتزلة والمعطلة، وهذا رجوع منه عن مذهبه الذي كان عليه، عرفتم؟ لأنه كان أربعين سنة على مذهب المعتزلة، أربعين سنة من عمره وهو على مذهب المعتزلة يناضل عنه ويدافع ويقررره ويثبته، ثم كان له حالة انتقال، فترة انتقال من هذا المذهب إلى مذهب وسط بين مذهب أهل السنة والجماعة وبين مذهب المعطلة، ثم استقر أمره على مذهب أهل السنة والجماعة، فله رحمه الله ثلاث مراحل. أتباعه الذين يدعون أنهم أتباعه كانوا على مذهبه الوسط، أخذوا بالمذهب المتوسط وصاروا يقولون هذا مذهب الأشعري ونحن عليه، ولكنهم في الواقع منتسبون لا متبعون. طيب، ونحوهم مثل الماتريدية وغيرهم، يعني العلماء كثيرون في هذا الباب أو كثير في هذا الباب اختلافهم حتى الذين ينتسبون إلى الإمام أحمد رحمه الله منهم أشاعرة ومنهم أناس متذبذون بين الأشاعرة وبين مذهب السلف، لكن الحمد لله مذهب السلف بين واضح، أقول هذا المعطل.
شرح قول المصنف: " والممثل: هو من أثبت الصفات لله ممثلاً له بخلقه. كمتقدمي الرافضة ونحوهم "
الشيخ :" الممثل: هو من أثبت الصفات لله ممثلاً له بخلقه كمتقدمي الرافضة ". الرافضة الذين يدعون أنهم شيعة علي بن أبي طالب وآل البيت، هؤلاء مذهبهم معروف، وهم أقسام وفرق، منهم من بلغ الكفر ومنهم دون ذلك. فهؤلاء الرافضة كان متقدموهم يقولون بالتمثيل، ويقولون: إن الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا، إن الله تعالى على صورة شاب أمرد، وأنه ينزل إلى الأرض ويفعل ويفعل نعم. لكن بعد ذلك رأوا أن هذا كلام لا يعقل، فصاروا على مذهب أهل التعطيل، على مذهب المعتزلة. أما متقدموهم فكانوا يمثلون. لكن في مَن يمثل الله بخلقه لأنهم غلوا في الإثبات، وقالوا: لله يد ونحن لا نعقل يدا إلا ما نشاهد، لله وجه ونحن لا نعقل وجها إلا ما نشاهد، وهكذا. وسيأتي الرد عليهم إن شاء الله فيما بعد.
شرح قول المصنف: " وحقيقة الأمر أن كل معطل ممثل، وكل ممثل معطل "
الشيخ : نقول : " حقيقة الأمر أن كل معطل ممثل، وكل ممثل معطل ". سبحان الله! كل معطل ممثل، المعطل لماذا عطل؟ فرارا من التمثيل، كيف تقول إنك أنت معطل ممثل؟ نعم، ما يمكن أن يكون معطل ممثل وهو ما عطل إلا فرارا من التمثيل. طيب، الممثل نقول إنه معطل، كيف تقول معطل وهو يثبت الصفات الآن؟ يقول: أشهد بالله أن لله وجها ويدا وعينا وقدما، نعم، أشهد بذلك، لكنها مثل ما للمخلوقين، كيف تقول إنك معطل؟ ها ؟ نشوف الآن، المهم أن هذا في أول وهلة تقول هذا تناقض، كيف يكون المعطل ممثلا؟ وكيف يكون الممثل معطلا؟ استمع إلى التقرير.
شرح قول المصنف: " أما المعطل فتعطيله ظاهر . وأما تمثيله فوجهه: أنه إنما عطل لأنه اعتقد أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه فأخذ ينفي الصفات فراراً من ذلك فمثل أولاً، وعطل ثانياً "
الشيخ :" أما المعطل فتعطيله ظاهر " أو لا؟ المعطل تعطيله ظاهر، لأنه ينكر يقول : ما لله وجه ولا يد ولا سمع ولا بصر ولا علم ولا شيء من الصفات. لكن تمثيله، " وأما تمثيله فوجهه : أنه إنما عطل لأنه اعتقد أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه، فأخذ ينفي الصفات فرارا من ذلك، فمثل أولا وعطل ثانيا ". صح ولا لا؟ قلنا للمعطل: لماذا أنكرت أن يكون لله يدا، أن يكون لله يد؟ قال: لأنني لو أثبت لله يدا لمثلته بخلقه، فهمت؟ الآن بنى تعطيله على ايش؟ على التمثيل.بنى تعطيله على تمثيل، فمثل أولا وعطل ثانيا. هذا من وجه. من وجه آخر ما ذكرناه ولكنه واضح إذا عطل الله من صفاته فقد مثله بماذا؟ بما هو ناقص، مثله بما هو ناقص. إذا قال ليس لله يد، مثله بمن لا يد له، إذا قال ما لله وجه مثله بمن لا وجه له، وهكذا. فهو لو قال أنا أقف موقفا سلبيا لا أثبت ولا أنفي لكان الأمر أهون لكنه هو ينفي، فإذن يكون قد مثل الله عز وجل بمن لا يتصف بهذه الصفات. فيكون تمثيله في الواقع من وجهين، من فهمه أن الإثبات يستلزم التمثيل فنفى، ومن كونه إذا نفى هذه الصفات فقد مثل الله بماذا؟ بمن لا يتصف بهذه الصفات، فصح أن نقول للمعطل إنك ممثل.
شرح قول المصنف: " وأما الممثل فتمثيله ظاهر وأما تعطيله فمن وجوه ثلاثة: أحدها: أنه عطل نفس النص الذي أثبت به الصفة حيث صرفه عن مقتضى ما يدل عليه، فإن النص دال على إثبات صفة تليق بالله، لا على مشابهة الله لخلقه "
الشيخ :" وأما الممثل فتمثيله ظاهر. وأما تعطيله فمن وجوه ثلاثة : أحدها : أنه عطل نفس النص الذي أثبت به الصفة حيث صرفه عن مقتضى ما يدل عليه، فإن النص دال على إثبات صفة تليق بالله لا على مشابهة الله لخلقه ". وهذا تعطيل، نقول للممثل: أنت إذا قلت إن قوله تعالى : (( لما خلقت بيدي )) يدل على أن لله تعالى يدين مثل أيدي المخلوق، هل عطل النص أو قال بمدلول النص؟ ها؟ الطالب : عطل النص. الشيخ : عطل النصّ، لماذا؟ لأننا نعلم علم اليقين أن النصوص الواردة في إثبات الصفات لله عز وجل إنما تدل على صفات ايش؟ تليق به، ولا تماثل صفات المخلوقين، فإذا جعلها دالة على صفات تماثل صفات المخلوقين فقد عطلها عن مدلولها. ومن قال إن النصوص الواردة في الصفات تدل على التمثيل فقد كفر، لأنه كذب قول الله تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )). فحينئذ نقول: أنت عطلت النص عن مدلوله لأننا نعلم علم اليقين أن النص لا يدل على إثبات ايش؟ المثيل لله عز وجل، طيب هذا واحد.
شرح قول المصنف: " الثاني: أنه إذا مثل الله بخلقه فقد عطل كل نص يدل على نفي مشابهته لخلقه. مثل قوله تعالى: " ليس كمثله شيء " " ولم يكن له كفواً أحد ".
الشيخ :" ثانيا : أنه إذا مثل الله بخلقه فقد عطل كل نص يدل على نفي مشابهته لخلقه، مثل قوله : (( ليس كمثله شيء ))(( ولم يكن له كفواً أحد )) ". وهذا واضح أيضا إذا مثل الله بخلقه فقد عطل جميع النصوص الدالة على نفي المماثلة، كيف ذلك؟ لأن إقرار النصوص الدالة على نفي المماثلة أن تقرها على أنها نافية لماذا؟ للمماثلة، فإذا قلت إن الله مماثل لخلقه عطلت هذا النص عطلته (( ليس كمثله شيء )) وأنت تقول: بل مثله شيء. وحينئذ تكون معطلا لكل نص دلّ على نفي المماثلة لله. مثاله : (( ليس كمثله شيء ))(( لم يكن له كفوا أحدا ))(( هل تعلم سميا ))(( فلا تجعلوا لله أندادا )) وما أشبه ذلك، فأنت الآن عطلت كل نص يدل على نفي المماثلة لله عز وجل.
شرح قول المصنف: " الثالث: أنه إذا مثل الله بخلقه فقد عطله عن كماله الواجب، حيث شبه الرب الكامل من جميع الوجوه بالمخلوق الناقص "
الشيخ :" ثالثا : أنه إذا مثل الله بخلقه فقد عطله عن كماله الواجب، حيث شبه الرب الكامل من جميع الوجوه بالمخلوق الناقص " من جميع الوجوه. ها؟ لا، قلتها أنا تكميل من عندي. الطالب : ... . الشيخ : لا ما هو لازم. أقول : إذا مثل الله بخلقه فقد عطله عن ماذا؟ عن كماله الواجب، لأنه مثل الكامل بالناقص فيكون في ذلك تعطيل، تعطيل لكمال الكامل. ومعلوم أن تشبيه أو أن تمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصا، بل المقارنة بين الكامل والناقص لغير الإلزام يجعله ناقصا. قال الشاعر : " ألم تر أن السيف ينقص قدره *** إذا قيل إن السيف أمضى من العصا ". لو أنك جئت تفتخر بسيفك، تقول : والله عندي سيف، سيف حادّ عظيم بتار أمضى من عصا فلان الي أجبر من الذراع، ويش يصير هذا؟ هذا عيب بالسيف ولا لا؟ ما في شك، لأنك إذا قلت هالكلام هذا تصورت إن هذا السيف ما يقطع الحبل، لأنه أمضى من العصا، العصا اضرب بها الحبل ما يقطع. فإذن تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصا، فكيف إذا، نعم، أقول: مدلول البيت أن المقارنة بين الكامل والناقص يجعل الكامل ناقصا فكيف إذا سوى بينهما؟ وقولنا : المقارنة بين الكامل والناقص تجعل الكامل ناقصا إذا لم يكن على سبيل الالزام، فإن كان على سبيل الإلزام فإنه لا يجعله ناقصا. قال الله تعالى : (( قل آالله خير أما يشركون )) هل نقول : إن الله لما قال : (( آالله خير أما يشركون )) يدل على أن الله مماثل لهذه الأصنام؟ لا، لكن هذا من باب الإلزام إلزام الخصم، يقال : أنت الآن تقول بأن الله خير فكيف تجلعها شريكة مع الله عز وجل؟! طيب لو قال الممثل : إن الله سبحانه وتعالى خاطبنا بأن له يدا ووجها ونحن لا نعقل يدا ووجها إلا مثل أيدينا ووجهنا؟ قلنا : ألست تقرأ قول الله تعالى : (( والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع )) تقرأ هذا ولا لا؟ يقول : نعم أقرأ هذا. طيب، (( ومنهم من يمشي على رجلين )) أنت تمشي على رجلين، ويش الي غيرك يمشي على رجلين بعد؟ الدجاجة تمشي على رجلين، هل رجلك أنت كرجل الدجاجة؟ لا، فهذان رجلان مختلفان في القرآن، فكذلك أيضا إذا قال الله : (( لما خلقت بيدي )) لا يمكن أن نقول إن يد الله كمثل يديك. فيد الدجاحة تليق بها، ويد الإنسان تليق به، ويد الخالق تليق به، ويد المخلوق تليق به، فلا يلزم من التشابه في الاسم أن تتشابه الحقائق نعم. طيب، الباب، أظنه واضح الآن، هذا الباب مهم جدا، أن نقول للممثلين: أنتم معطلون، وأن نقول للمعطلين: أنتم ممثلون. أي نعم.
شرح قول المصنف: " الباب الثاني والعشرون في تحذير السلف عن علم الكلام. علم الكلام هو ما أحدثه المتكلمون في أصول الدين من إثبات العقائد بالطرق التي ابتكروها، وأعرضوا بها عما جاء الكتاب والسنة به "
الشيخ :" الباب الثاني والعشرون: في تحذير السلف عن علم الكلام. علم الكلام هو ما أحدثه المتكلمون في أصول الدين من إثبات العقائد بالطرق التي ابتكروها وأعرضوا بها عما جاء الكتاب والسنة ". طيب، هذا تعريفه. فعلم الكلام هو عبارة عن إثبات العقائد بالطرق الكلامية المبينة على الجدل الذي يسمونه عقلا. انتبه عبارة عن إثبات العقائد بالطرق الكلامية، ولذلك سميناه علم الكلام لكثرة كلامهم، لكثرة الكلام يعني معناه علماء الكلام تجد الواحد يكتب له صفحتين ثلاث صفحات علشان مسألة واحدة فكلهم هذر وهذيان، ولهذا نسميه بعلم الكلام، فهو إثبات العقائد بالطرق الكلامية المبنية على الجدل الذي يسمونه عقلا، هذا علم الكلام. ولم يحدث علم الكلام إلا بعد انقراض الصحابة، لما دخل هؤلاء الذين أرغم بعضهم على الدخول في الإسلام حاولوا أن يفسدوا العقائد، وأتوا بهذه الطرق المبنية على الجدل والخصومة والنزاع والتشويش، حتى إن بعضهم يقول: لا تصح عقيدة الإنسان حتى يتقدمها شك، فيشك أولا، ثم يحاول أن يزيل ذلك الشك. ولكن أعوذ بالله من يأمن نفسه إذا شك أن يرجع إلى اليقين. أخشى أنه إذا شك رجع إلى الكفر، نعم، وعلى كل حال فكلامهم باطل من أصله، وقد حذر السلف رحمهم الله، نعم.
شرح قول المصنف: " وقد تنوعت عبارات السلف في التحذير عن الكلام وأهله لما يفضي إليه من الشبهات والشكوك حتى قال الإمام أحمد: " لا يفلح صاحب كلام أبداً ". وقال الشافعي: " حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد، والنعال، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على علم الكلام " أهـ.
الشيخ :" وقد تنوعت عبارات السلف في التحذير عن الكلام وأهله لما يفضي إليه من الشبهات والشكوك، حتى قال الإمام أحمد رحمه الله : لا يفلح صاحب كلام أبداً ". أعوذ بالله، صاحب الكلام ما يفلح، لأننا إذا رجعنا إلى أحوال المتكلمين وجدنا أنهم في حيرة وشك وقلق، وأن الإنسان منهم يموت وهو شاك في دينه، قال بعض السلف : " أكثر الناس شكا عند الموت أهل الكلام "، وكان بعضهم يقول عند موته: " أنا أموت على دين العجائز " دين العِجْز ليش؟ لأن دين العجائز مبني على الفطرة والتسليم للنصوص، العجوز ما تعرف تجادل ولا تعرف تذهب تبني عقيدتها على الجدل تقرأ الكتاب والسنة وتأخذ بهما، فهم يتمنون أن يعودوا إلى دين العجائز. ولكنه لا يحصل لهم لما في قلوبهم من الفتنة. و قال بعضهم أيضا : " من طلب علم الكلام تزندق " أي: صار زنديقا. ويكفي مثل هذه العبارات تحذيرا عنه. وقال الشافعي : " حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال : هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على علم الكلام " رحمه الله. وهذا مستحقون لهذا الأمر، لأنهم أفسدوا العقائد بهذا الكلام الذي أتوا به، وهم يزعمون أنهم حققوا العقائد، لكنهم خرقوا العقائد في الواقع. يضربوا بالجريد والنعال كما ضرب شارب الخمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، زيادة على ذلك يطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على علم الكلام، لماذا؟ تعزيرا وتحذيرا، تعزيرا لهم، وتحذيرا لغيرهم، لأنهم ارتكبوا أمرا محرما، ليش ما أخذوا عقيدتهم من الكتاب والسنة.
شرح قول المصنف: " وهم مستحقون لما قاله الإمام الشافعي من وجه ليتوبوا إلى الله ويرتدع غيرهم عن اتباع مذهبهم، وإذا نظرنا إليهم من وجه آخر وقد استولت عليهم الحيرة واستحوذ عليهم الشيطان فإننا نرحمهم ونرق لهم ونحمد الله الذي عافانا مما ابتلاهم به فلنا فيهم نظران، نظر من جهة الشرع: نؤدبهم ونمنعهم به من نشر مذهبهم، ونظر من جهة القدر نرحمهم ونسأل الله لهم العافية، ونحمد الله الذي عافانا من حالهم "
الشيخ : قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وهم مستحقون لما قاله الإمام الشافعي من وجه ليتوبوا إلى الله ويرتدع غيرهم عن اتباع مذهبهم. ولكن إذا نظرنا إليهم من وجه آخر وقد استولت عليهم الحيرة واستحوذ عليهم الشيطان فإننا نرحمهم ونرق لهم ". لكن كلام الشيخ أطول من هذا يقول : " فإن هؤلاء أوتوا فهوما وما أوتوا علوما، وأوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء، وأوتوا سمعا وأبصارا وأفئدة، فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون ". هذا كلام الشيخ في الفتوى الحموية في الأصل. وليتني نقلته، لكنه فاتنا، لأن فيه فائدة عظيمة أن هؤلاء الجماعة عندهم ذكاء، ولكن ما عندهم زكاء، ما زكيت نفوسهم والعياذ بالله، عندهم فهم، ولكن ما عندهم علم، لأنهم هم أقل الناس معرفة بالكتاب والسنة، حتى هم بأنفسهم مقرون على أنهم لا يعرفون شيئا من ذلك، نعم طيب. " أوتوا سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون ". فنحن إذا نظرنا من جهة الشرع ماذا نصنع بهم؟ نؤدبهم كما قال الشافعي، وإذا نظرنا إليهم بعين القدر رحمناهم ورققنا عليهم. ولكن، ولكن إذا اجتمع عندنا نظران نظر الشرع ونظر القدر نغلب جانب الشرع، ولهذا لو جيء إلينا بشيخ كبير، شيخ كبير مريض، ما يشتغل إلا بيده اليمنى وهو سارق. الطالب : وهو ؟ الشيخ : سارق سارق، إن نظرنا إليه بعين الشرع قلنا اقطعوا يده، وإن نظرنا إليه بعين القدر إذ هو شيخ كبير وعاجز ولا يعمل إلا بيده اليمنى وليس لأهله كافل يكفلهم فإننا ها؟ نتركه نرق له نقول : هذا مسكين لو قطعنا يده ما يبقى له كافل لا له ولا لأهله، لكن الله عز وجل يقول : (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله )) فالدين مقدم على القدر، نعم. يقول : " فلنا فيهم نظران، نظر من جهة الشرع نؤدبهم ونمنعهم به من نشر مذهبهم، ونظر من جهة القدر: نرحمهم ونسأل الله لهم العافية، ونحمد الله الذي عافانا من حالهم ".
شرح قول المصنف: " وأكثر من يخاف عليهم الضلال هم الذين دخلوا في علم الكلام ولم يصلوا إلى غايته. ووجه ذلك أن من لم يدخل فيه فهو في عافية، ومن وصل إلى غايته فقد تبين له فساده ورجع إلى الكتاب والسنة كما جرى لبعض كبارهم . فيبقى الخطر على من خرج عن الصراط المستقيم ولم يتبين له حقيقة الأمر "
الشيخ :" وأكثر من يخاف عليهم الضلال هم الذين دخلوا في علم الكلام ولم يصلوا إلى غايته ". هكذا قال شيخ الإسلام، أكثر من يخاف عليهم الضلال هم الذين دخلوا في علم الكلام ولم يصلوا إلى غايته يا طلال؟ لماذا؟ استمع، يقول : " ووجه ذلك أن من لم يدخل فيه فهو في عافية منه ". منه، نعم، أحسن نكتب "من" لأنها ما هي موجودة عندك. " فهو في عافية منه، ومن وصل إلى غايته فقد تبين له فساده ورجع إلى الكتاب والسنة كما جرى لبعض كبارهم، فيبقى الخطر على من خرج عن الصراط المستقيم ولم يتبين له حقيقة الأمر ". طيب، هل عندنا شاهد يدل على أن من بلغ الغاية منه فقد رجع إلى الحق؟ نعم عندنا من كلام رؤساهم مثل الرازي والغزالي وغيرهم كثير، أقروا على أنفسهم بالجهل والضلال والحيرة. ومن أحسن ما رأيت كلام الرازي في ذلك حيث قال. الطالب : ... . الشيخ : لا قبلها : " لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات قوله تعالى : (( الرحمن على العرش استوى ))(( إليه يصعد الكلم الطيب )) وأقرأ في النفي (( ليس كمثله شيء ))(( ولا يحيطون به علما )) ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ". فإن هذا واضح جدا بـأن هذه الطرق التي سلكوها والمناهج لا تغني شيئا. وقال آخر : " لعمري لقد طفت المعاهد كلها*** وصرفت طرفي بين تلك العوالم. فلم أر إلا واضعا كف حائر*** على ذقن أوقارعا سن نادم ". علماؤهم كلهم حيارى مضطربين نسأل الله العافية.
شرح قول المصنف: " وقد نقل المؤلف رحمه الله في هذه الفتوى كثيراً من كلام من تكلم في هذا الباب من المتكلمين قال: " وإن كنا مستغنين بالكتاب والسنة وآثار السلف عن كل كلام، ولكن كثيراً من الناس قد صار منتسباً إلى بعض طوائف المتكلمين ومحسناً للظن بهم دون غيرهم، ومتوهماً أنهم حققوا في هذا الباب ما لم يحققه غيرهم، فلو أتي بكل آية ما تبعها حتى يؤتى بشيء من كلامهم".
الشيخ :" وقد نقل المؤلف رحمه الله في هذه الفتوى كثيراً من كلام من تكلم في هذا الباب من المتكلمين، وقال : وإن كنا مستغنين بالكتاب والسنة وآثار السلف عن كل كلام ". هذا صحيح ولا لا؟ يعني الإنسان يستغني بالكتاب والسنة وكلام السلف الصالح عن كل كلام من المتأخرين، لكن المؤلف بين وجه نقله. " ولكن كثيراً من الناس قد صار منتسباً إلى بعض طوائف المتكلمين ومحسناً للظن بهم دون غيرهم، ومتوهماً أنهم حققوا في هذا الباب ما لم يحققه غيرهم، فلو أتي بكل آية ما تبعها حتى يؤتى بشيء من كلامهم ". شف الآن هذا واقع، بعض الناس ينتسب إلى طائفة معينة نعم؟ و يحسن الظن بها ويرى أنها حققت في هذا الباب ما لم يحققه غيرها، حتى إن بعض الناس تقول قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، وهو يقول لك: ويش يقول فلان الشيخ الفلاني؟ نعم، هذا خطـأ، نعم. ولما سئل الإمام الشافعي رحمه الله عن مسألة فقال : " قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا " قال له السائل : ما تقول أنت؟ ماتقول أنت؟ فقال له، غضب، قال : " أتراني في كنيسة أتراني في بيعة؟ أتراني كذا وكذا؟ أقول لك قال رسول الله ثم تقول : ما تقول أنت؟ " فوبخه على ذلك، لأن هذا هو المؤمن، المؤمن هو الذي لا يقول ماذا قال فلان، يقول: ماذا قال الله ورسوله، هذا المؤمن (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا )). نعم، الإنسان القاصر صحيح أنه إذا رأى عالما من أهل العلم الموثوق بعلمهم وأمانتهم يحترم هذا القول ولا يجزم بمخالفته حتى يتبين له أنه على خطأ. ولهذا كثيرا ما نطالع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وكلام ابن القيم وغيرهم من المحققين ونستضيء بآرائهم ونهتدي بها، لكن إذا علمنا أنها مخالفة للكتاب والسنة فإننا لا نقدمها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. طيب يقول.
شرح قول المصنف: " ثم قال: " وليس كل من ذكرنا قوله من المتكلمين وغيرهم نقول بجميع ما يقوله في هذا وغيره، ولكن الحق يقبل من كل من تكلم به" أهـ.
الشيخ : ثم قال : " وليس كل من ذكرنا قوله من المتكلمين وغيرهم نقول بجميع ما يقوله في هذا وغيره، ولكن الحق يقبل من كل من تكلم به ". المؤلف رحمه الله نقل عن المتكلمين عن أكابرهم وعن من هم محترمون عند أتباعهم في كتاب الفتوى الحموية، نقل شيئا كثيرا، يعني بعضهم ينقل عنه الصفحات ما هي صفحة واحدة وبعضهم ينقل عنه كلاما قليلا. المهم إن في أثناء الكلام الذي ينقله ما نعلم علم اليقين أن شيخ الإسلام لا يراه، ولهذا هو قال عن نفسه: " ليس كل من ذكرنا قوله من المتكلمين وغيرهم نقول بجميع ما يقوله في هذا وغيره ". ولكن الحق يقبل ممن؟ من كل من تكلم به وحتى ولو كان كافرا، ها؟ لو كان كافرا، أي نعم إذا جاء الإنسان بالحق فاقبله لا لأنه جاء به فلان ولكن لأنه الحقّ، كما أن من جاء بالباطل نرده ولو كان من قاله من أهل الحق، لأن الواجب أن نتبع الحق حيث ما كان، ويعرف الحق بالرجال أو الرجال بالحق؟ نعم، يعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال، لكن لا شك أن من كان مأمونا فإن قوله له.