شرح قول المصنف: " وقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من هذا شيئاً كثيراً كما قال تعالى : ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً ). فقد وضع أولئك الظالمون المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ألقاب التشنيع والسخرية: مثل ساحر، مجنون، كاهن، كذاب، ونحو ذلك.
ولما كان أهل العلم والإيمان هو ورثة النبي صلى الله عليه وسلم لقوا من أهل الكلام والبدع مثل ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أولئك المشركين، فكانت كل طائفة من هذه الطوائف تلقب أهل السنة بما برأهم الله منه من ألقاب التشنيع والسخرية إما لجهلهم بالحق حيث ظنوا صحة ما هم عليه وبطلان ما عليه أهل السنة، وإما لسوء القصد حيث أرادوا بذلك التنفير عن أهل السنة، والتعصب لآرائهم مع علمهم بفسادها.
الشيخ : للأنبياء وأتباعهم أعداء يقدحون فيهم وفيما هم عليه. يقول الله تعالى. قال المؤلف : " وقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم من هذا شيئاً كثيراً ". وهو واضح للجميع. " كما قال تعالى : (( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً )). فقد وضع أولئك الظالمون المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ألقاب التشنيع والسخرية، مثل : ساحر ومجنون وكاهن وكذاب " مثل هذا مو للحصر، لكن وضعوا ألقابا كثيرة تدل على استهجان الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى القدح فيه. بينما كانوا قبل النبوة يسمونه الصادق الأمين، لكن لما جاء بما يضاد ما هم عليه وضعوا له ألقاب السوء. قال : " ولما كان أهل العلم والإيمان هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم لقوا من أهل الكلام والبدع مثل ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أولئك المشركين. فكانت كل طائفة من هذه الطوائف تلقب أهل السنة بما برأهم الله منه من ألقاب التشنيع والسخرية، إما لجهلهم بالحق حيث ظنوا صحة ما هم عليه وبطلان ما عليه أهل السنة، وإما لسوء القصد، حيث أرادوا بذلك التنفير عن أهل السنة والتعصب لآرائهم مع علمهم بفسادها ". انتبه. أهل البدع لقبوا أهل السنة والجماعة بألقاب السوء،كل طائفة تلقبهم بما يناسب ضد ما هم عليه أي ما هذه الطائفة عليه. الحامل على ذلك ما هو؟ إما الجهل بالحق وظنهم أن ما هم عليه هو الحق وأن ما سواه باطل فيقدحون فيه. وهذا موجود مع الأسف في عصرنا الآن، تجد بعض الناس يعمل عملا حتى وإن كان من غير العقيدة، يرى أنه الحق فإذا خالفه شخص فيه ذهب يقدح فيه ويسخر به، ويقول : فلان يقول كذا فلان يقول كذا. وإما أن يكون الحامل لهم على هذه الألقاب يقول: سوء القصد، حيث أرادوا بذلك إبطال الحق وإثبات الباطل. فزعماء المبتدعة الغالب عليهم أنهم أن الذي حملهم على ذلك سوء القصد، لأن الجهل بالحق وهم أئمة كبار دعاة بعيد من هؤلاء. لكن عوامهم العوام نعم هم الذين قد يجهلون. فالحاصل أن الذين اتبعوا الرسول عليه الصلاة والسلام لم يسلموا من أهل الشر وأهل البدع، بل جعل أهل البدع يلقبونهم بألقاب السوء تنفيرا للناس عما هم عليهم إما لجهلهم بالحق وظنهم أن ما هم عليه هو الحق وأن هؤلاء مخالفون له وإما لسوء القصد وإرادة العدوان. .. في ألقاب السوء التي يلقبها أهل البدع يلقب بها أهل البدع أهل السنة، وقد سبق أن هذه سنة الله عز وجل في خلقه، وأنه كما أن للرسل قوما مجرمين يصفونهم بألقاب العيب فلأتباع الرسل قوم مجرمون يلقبونهم بأوصاف العيب.
شرح قول المصنف: " فالجهمية ومن تبعهم من المعطلة سموا أهل السنة " مشبهة " زعماً منهم أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه "
الشيخ : من ذلك الجهمية ومن تبعهم من المعطلة يسمون أهل السنة مشبهة. كل المعطلة سواء من الجهمية أو المعتزلة أو الأشعرية أو غيرهم كل معطل، يقول لأهل السنة: إنهم مشبهة ليش؟ زعماً منهم أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه. ويسمونهم أيضا مجسمة، كذلك زعما منهم أن إثبات الصفات يستلزم التجسيم. هذا لقب سوء ولا لا؟ لا شك إنه لقب سوء. إذا قلت لعامي تعال لا تأخذ من هذا الرجل تراه مشبه لله، لا تأخذ منه فإنه مجسم، العامي سوف ها؟ ينفر ويقاطعه ولا يذهب إليه، وهذا أمر موجود، لأن كل صاحب بدعة يريد أن تنتصر بدعته، والعياذ بالله.
شرح قول المصنف: " والروافض سموا أهل السنة " نواصب " لأنهم يوالون أبا بكر وعمر كما كانوا يوالون آل النبي صلى الله عليه وسلم والروافض تزعم أن من والى أبا بكر وعمر فقد نصب العداوة لآل البيت، ولذلك كانوا يقولون: " لا ولاء إلا ببراء" أي لا ولاية لآل البيت إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر "
الشيخ :" والروافض سموا أهل السنة نواصب ". والناصبي هو الذي يبغض أهل البيت وينصب العداوة لهم الرافضة تقول لأهل السنة أنتم نواصب، ويقول الشاعر : " إن كان نصبا حب صحب محمد *** فليشهد الثقلان أني ناصبي ". " إن كان نصبا حب صحب محمد *** فليشهد الثقلان أني ناصبي " يعني أني أحب أصحاب الرسول ولا لا؟ نعم. هم يقولون : إن أهل السنة، الروافض يقولون: إن أهل السنة نواصب؟ لماذا؟ لأنهم يوالون أبا بكر وعمر، ويحبون أبا بكر وعمر وعند هؤلاء " كما كانوا يوالون آل النبي صلى الله عليه وسلم ". فأهل السنة والجماعة يقولون نحن نوالي أبا بكر وعمر وعثمان وعليا، ونرى أن لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين حقين : حق القرابة وحق الإيمان. أما حق القرابة فإنه لا يشاركهم فيه ما ليس بقريب. وأما حق الإيمان فيشاركهم فيه كل من كان مؤمنا، ومن كان منهم أقوى إيمانا وأكثر عملا فهو أحق بالولاء منهم من هذه الناحية. يعني مثلا هم يقولون أبو بكر وعمر عندنا أعلى من علي بن أبي طالب وغيره من آل النبي عليه الصلاة والسلام من حيث الإيمان والعمل الصالح. أما من حيث القرابة فإنه لا، ليس لأبي بكر وعمر من القرابة مثل ما لعلي بن أبي طالب وآل النبي. فهم يقولون : نحن نزن بالقسطاس المستقيم، ونعطي _يا فهد_ كل ذي حق حقه، نعم، فآل الرسول المؤمنين والله لهم علينا حق القرابة وحق الإيمان. نعم. ونرى أن قرابتهم لها من المزية والفضل ما لا يشاركهم فيها من ليس بقريب. لكن مع ذلك ما نتبرأ من غيرهم من الصحابة. هم يقولون أبدا إن لم تتبرأ من أبي بكر وعمر وبقية الصحابة فأنت ناصب العداوة لآل البيت. ولهذا عندهم هذه القاعدة المنكرة الكاذبة يقولون : لا ولاء إلا ببراء، يعني لا ولاية لآل البيت إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر. أعوذ بالله، صحيح هذا؟ والله هذه أكذب قاعدة على وجه الأرض. نحن نتولى أبا بكر وعمر نعم؟ ونتولى عليا وحمزة والعباس وغيرهم من آل الرسول عليه للصلاة والسلام ولا لا؟ لو قالوا : لا ولاء لله ورسوله إلا بالبراءة من عدو الله ورسوله لكان ذلك صوابا، كذا صحيح يا طلال ؟ الطالب : ... . الشيخ : لا ما هو أصح،ـ لأن ذاك نافي الصحة أبدا، لكان ذلك صحيحا، كما قال تعالى : (( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله )) مع أصنامكم، ها؟ (( حتى تؤمنوا بالله وحده )) هذا صحيح لا يمكن الولاء لله ورسوله إلا بالبراءة من أعداء الله ورسوله. أما ما تمكن الولاية لآل البيت إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر فكذبوا والله أعظم كذبة. علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يتولى أبا بكر وعمر؟ نعم وهما أحب إليه من جميع الصحابة بلا شك عندنا. حتى كان رضي الله عنه يعلن على منبر الكوفة، يقول : ( خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ) هو نفسه يقول هذا. وكذب من ادعى ولاية علي أبي طالب وهو لا يقر بفضل أبي بكر وعمر. بل إن من يدعي ولاية أبي طالب وهو لا يقر بفضل أبي بكر وعمر قد رمى علي بن أبي طالب بالمجاهرة بالمنكر، لأنه يخطب على منبر الكوفة يقول هذا الكلام الذي يقول هؤلاء إنه كلام كذب وساقط. إذن ما هو اللقب السيء الذي لقبه الرافضة لأهل السنة؟ نواصب، كذا؟ وهم أيضا يسمونهم مجسمة ومشبهة، لأنهم أي المعتزلة ينكرون الصفات، نعم، الروافض ينكرون الصفات.
شرح قول المصنف: " والقدرية النفاة قالوا: أهل السنة " مجبرة " لأن إثبات القدر جبر عند هؤلاء النفاة "
الشيخ : قال : " والقدرية النفاة قالوا : أهل السنة مجبرة ". القدرية النفاة احترازا منين؟ من القدرية المثبتة، لأن في قدرية مثبتة وقدرية نافية. القدرية المثبتة الذي يغلون في إثبات القدر. والقدرية النفاة الذين يقولون: إن أفعال العبد لا علاقة لله تعالى بها، نحن نتكلم عمن؟ القدرية المجبرة. الطالب : النفاة. الشيخ : النفاة صح. القدرية النفاة للقدر قالوا : أهل السنة مجبرة، يعني يقولون بالجبر، لأن إثبات القدر جبر عند هؤلاء النفاة. طيب، ويش يقولون للمجبرة؟ لا، يقولون مجبرة المجبرة، أهل السنة مجبرة، والمجبرة الحقيقيون مجبرة المجبرة. طيب.
شرح قول المصنف: " والمرجئة المانعون من الاستثناء في الإيمان يسمون أهل السنة " شكاكاً " لأن الإيمان عندهم هو إقرار القلب، والاستثناء شك فيه عند هؤلاء المرجئة "
الشيخ :" والمرجئة المانعون من الاستثناء في الإيمان يسمون أهل السنة شكاكاً ". في مرجئة يقولون: لا تستثني في الإيمان، لا تقول: أنا مؤمن إن شاء الله، سيأتي الكلام على هذه المسألة. هؤلاء مرجئة، يقولون : إذا قلت أنا مؤمن إن شاء الله فأنت شاك. وأهل السنة والجماعة يجوزون الاستثناء في الإيمان، كما قال السفاريني : " ونحن في إيماننا نستثني *** من غير شك فاستمع واستبن ". نعم، يقولون : أنتم ما دمتم تجوزون الاستثناء في الإيمان يا عبد الله فأنتم شكاك، أنا مؤمن إن شاء الله، طيب ... إذا قلت إن شاء الله يعني أنك شاك في إيمانك، فأنتم شكاك، ليش؟ قال: لأن الاستثناء في الإيمان، " لأن الإيمان عندهم هو إقرار القلب، والاستثناء شك فيه عند هؤلاء المرجئة ".
شرح قول المصنف: " وأهل الكلام والمنطق يسمون أهل السنة " حشوية " من الحشو وهو ما لا خير فيه ويسمونهم "نوابت ". وهي بذور الزرع التي تنبت معه ولا خير فيها. ويسمونهم " غثاء " وهو ما تحمله الأودية من الأوساخ، لأن هؤلاء المناطقة زعموا أن من لم يحط علماً بالمنطق فليس على يقين من أمره، بل هو من الرعاع الذين لا خير فيهم.
والحق أن هذا العلم الذي فخروا به لا يغني من الحق شيئاً كما قال الشيخ رحمه الله في كتابه " الرد على المنطقيين ": " إني كنت دائماً أعلم أن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد ". أ هـ
الشيخ : اسمع عاد لأهل الكلام والمنطق، يسمون أهل السنة حشوية ونوابت وغثاء. ثلاثة أوصاف يا عبد الرحمن. حشوية: من الحشو وهو ما لا خير فيه، أو من الحشو وهم أطراف الناس نعم. إذا سمعت في كلام أهل المنطق وكاللام هذا حشوي أو هذا رأي الحشوية يعنون بذلك من؟ أهل السنة والجماعة. مساكين أهل السنة والجماعة هدف لكل واحد. نعم. طيب يقول : " يسمونهم نوابت " نوابت؟ يعني ايش؟ ها؟ النوابت هي بذور الزرع التي تنبت معه ولا خير فيها. منكم أحد فلاح؟ ها؟ معروفة؟ أي: معروفة، ها؟ نوابت ما فيها خير وتضر بالزرع، ولذلك الآن الزراع إذا حصدوا الزرع أوقدوا في الأرض، أوقدوا فيها النيران عشان تقتل هذه النوابت، هم يقولون أنتم أهل السنة والجماعة أنتم نوابت، ما فيكم خير، ما تعرفون المنطق، ولا تعرفون الطرق الكلامية، والمناظرات والمجادلات. فنقول الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم به، هذه الجدليات والمناظرات ما زادتكم إلا شكا. نعم. واسمعوا إلى قول رؤسائكم، وقد سبق لنا كلام الرازي وغيره ممن هم من فطاحلة أهل الكلام وكيف وصلوا إلى الشك . طيب. ويسمونهم أيضا " غثاء " وهو ما تحمله الأودية من الأوساخ. تعرفون الغثاء؟ غثاء كغثاء السيل، طيب، " لأن هؤلاء المناطقة زعموا أن من لم يحط علماً بالمنطق فليس على يقين من أمره ". ولهذا يسمون المنطق عندهم الميزان التي توزن به الأشياء، ويقولون لا يمكن أن تصل إلى اليقين في المطالب الإلهية حتى تقرأ علم المنطق. هذه فرية ولا فقه ؟ فرية فارية والعياذ بالله، لأنا نقول: على كلامكم الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن لم يدرس المنطق كلهم لم يصلوا إلى اليقين في المطالب الإلهية، وهل هذا معقول؟ هم والله أعظم منكم يقينا وأشد وأقوى إيمانا، لكن مع ذلك يقول : لا يمكن أن تصل إلى اليقين إلا إذا درست علم المنطق وبدأت تأخذ بالجدل والمناظرات التي ليس فيها إلا تطويل الوقت، ثم الشك والحيرة في الأخير. يقول : " فليس على يقين من أمره، بل هو من الرعاع الذين لا خير فيهم ". قال : " والحق أن هذا العلم الذي فخروا به لا يغني من الحق شيئا ". وهذا حقيقة، بل أنا أقول لا يزيد اليقين إلا شكا، تجد الإنسان الذي على فطرته وعلى سلامة معتقده الأمر عنده واضح بدون تردد. لكن هؤلاء المناطقة والمتكلمين عندهم من الشك والحيرة والترديد ما يوجب أن ينتهي أمرهم إلى لا شيء، ومع ذلك يقول نحن أصحاب الميزان، ونحن أصحاب العقول، ونحن الذين لا يمكن أن نزل، بل كل ما عندنا فهو يقين، ولكن ليس الأمر كذلك كما قال الشيخ رحمه الله في كتابه " الرد على المنطقيين " شيخ الإسلام رأيت له كتابين، أحدهما: " الرد على المنطقيين "، وهو كتاب واسع، والثاني " نقض المنطق "، كتاب صغير أصغر منه، لكنه مركز وأفيد لطالب العلم من كتاب الرد على المنطقيين، لأن كتاب " الرد على المنطقيين " واسع بعض السعة، لكن هذا " نقض المنطق " هذا مختصر مرتب مذكور فيه الأدلة التي تبطل علم .. ويش فائدة هذا؟ ها؟ أبدا، فائدته ضياع الوقت، ما دام الذكي لا يحتاج إليه، والبليد لا ينتفع به، إن اشتغل به ذكي ضاع وقته، لأنه ما هو محتاج له، وإن اشتغل به بليد ضاع وقته لأنه لن ينتفع به، إذن فهو ضياع وقت. والعلماء رحمهم الله اختلفوا في جواز تعلم المنطق، فمنهم: من حرمه، ومنهم من قال: إنه مستحب، بل ومنهم من أوجبه. " فالنووي وابن الصلاح حرما *** وقال قوم ينبغي أن يعلما " وأنه لا ينبغي للإنسان أن يدعه. ولكن القول الصحيح عند بعض العلماء أنه جائز للإنسان الصافي القريحة السالم المعتقد. وعندي أنه لا يجوز، ليش؟ لأنه ما دام ضياع وقت ولا ينتفع به فإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ). نعم، إن احتاج الإنسان إليه، شف إن احتاج الإنسان إليه بأن كان يريد أن يرد على قوم لا يعرفون الرد إلا عن طريق المنطق فحينئذ ايش؟ يتعين عليه أن يتعلمه. فيكون تعلمه ابتداء لا يجوز، تعلمه عند الضرورة للرد على أهله وغيرهم يكون جائزا ولا بأس به، بل قد يكون واجبا. ولهذا نجد شيخ الإسلام رحمه الله مع أنه يتكلم عن المنطق هذا الكلام نجد أنه يحاج أهل المنطق بمنطقهم وبلسانهم حتى يبين لهم الحق.
شرح قول المصنف: " الباب السادس والعشرون في الإسلام والإيمان: الإسلام لغة: الانقياد. وشرعاً: استسلام العبد لله ظاهراً وباطناً بفعل أوامره واجتناب نواهيه فيشمل الدين كله قال الله تعالى: ( ورضيت لكم الإسلام ديناً ).( إن الدين عند الله الإسلام ) ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه )
الشيخ : ثم قال المؤلف : " الباب السادس والعشرون: في الإسلام والإيمان ". وهذا الباب من أكثر ما خاض الناس فيه، وهل الإسلام الإيمان، والإيمان الإسلام أو أن بينهما فرق؟ وهذا الباب ليبين فيه هذا الحكم. قال : " الإسلام لغة : الانقياد. وشرعا : استسلام العبد لله تعالى ظاهراً وباطناً بفعل أوامره واجتناب نواهيه فيشمل الدين كله ". الإسلام في اللغة : الانقياد، يعني، نعم، مثل قوله تعالى : (( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن )) ومثل قوله : (( فلما أسلما وتله للجبين )) أسلما يعني: انقادا واستسلما. لكنه في الشرع: استسلام العبد لله ظاهرا وباطنا بفعل أوامره واجتناب نواهيه. ظاهرا مثل: الأقوال وأفعال الجوارح، باطنا: كأقوال القلوب وأعمال القلوب. فالاستسلام لله ظاهرا وباطنا هذا هو الإسلام، وعلى هذا فيشمل الدين كله، قال الله تعالى : (( ورضيت لكم الإسلام ديناً ))، وقال تعالى : (( إن الدين عند الله الإسلام )) وقال تعالى : (( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه )). ما المراد بالإسلام في هذه الآيات ؟ كل الدين، وهو الاستسلام لله ظاهرا وباطنا بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
شرح قول المصنف: " وأما الإيمان فهو لغة: التصديق قال الله تعالى:"وما أنت بمؤمن لنا ". وفي الشرع: إقرار القلب المستلزم للقول والعمل، فهو اعتقاد وقول وعمل، اعتقاد القلب، وقول اللسان، وعمل القلب والجوارح "
الشيخ :" الإيمان لغة: التصديق، قال الله تعالى: (( وما أنت بمؤمن لنا )) " أي: بمصدق. " وفي الشرع : إقرار القلب المستلزم للقول والعمل ". إقرار القلب هذا باطني ولا ظاهري؟ باطني، يستلزم للقول والعمل الظاهر والباطن. أما إيمان لا يستلزمه فليس بإيمان شرعا، فالذي يؤمن بالله وأنه خالق السماوات والأرض ورازق ومحيي ومميت لكنه أي إيمانه لم يستلزم القول والعمل فهذا ليس بمؤمن شرعا، ليس بمؤمن. وما أكثر ما نسمع من العامة وأشباههم يتكلمون عن ملحد طاغية يقول: والله رجل مؤمن، مؤمن، يقر بالله، يقر بأن السموات والأرض مخلوقة لخالق عظيم، فيصفونه بأنه مؤمن وهل هذا صحيح ولا غير صحيح؟ غير صحيح، شرعا ليس بصحيح. طيب. قال : " فهو اعتقاد وقول وعمل، اعتقاد القلب، وقول اللسان، وعمل القلب والجوارح ". اعتقاد القلب مبني على ستة أشياء بينها الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله : ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ). هذا إقرار القلب. قول القلب يعني: حركة القلب، حركة القلب. فالإيمان تعرفون أنه إقرار وطمـأنينة بالشيء، لكن عمل القلب هو أن يتحرك القلب بشيء ما مثل : المحبة والكراهة والخوف والرجاء والتوكل والمراقبة وما أشبه ذلك، هذا نسميه ايش؟ نسميه عمل القلب، لأن المحبة مثلا إذا أحببت شيئا ملت إليه، الكراهة إذا كرهت شيئا نفرت عنه، وهكذا، فأعمال القلوب غير أقوال القلوب. فالفرق بينهما أن القول إقرار وركون إلى الشيء، وهو الاعتقاد. والعمل لا بد فيه من حركة واتجاه وفعل ما، لكن فعل قلبي لا يبين. وأما عمل الجوارج فهو إما قول وإما فعل. فعمل الجوارج إما قول وإما فعل. القول مثل ايش؟ كالذكر وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودراسة العلم، وما أشبهه. والفعل؟ ما يكون بالجوارح الأربعة الأعضاء، مثل؟ الطالب : الصلاة. الشيخ : ما هي الصلاة، الصلاة فيها قول. مثل: الركوع والسجود والقيام والقعود والصدقة والصيام، نعم. طيب. والطواف والسعي والوقوف بعرفة، وما أشبهه. هذا نسميه ايش؟ عمل الجوارح، كل هذا داخل في الإيمان، لكن نقول: هذا بالمعنى العام، طيب.
شرح قول المصنف: " والدليل على دخول هذه الأشياء كلها في الإيمان قوله صلى الله عليه وسلم: " الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره". وقوله: "الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول : لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ".
فالإيمان بالله وملائكته إلخ اعتقاد القلب.
وقول : لا إله إلا الله قول اللسان.
وإماطة الأذى عن الطريق عمل الجوارح. والحياء عمل القلب.
الشيخ :" والدليل على دخول هذه الأشياء كلها في الإيمان قوله صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ). وقوله : ( الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول : لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ). فالإيمان بالله وملائكته إلى آخره اعتقاد القلب. وقول لا إله إلا الله قول اللسان. وإماطة الأذى عن الطريق عمل الجوارح. والحياء عمل القلب ". طيب الصلاة إيمان؟ ها؟ نعم، بالمعنى العام إيمان لا شك، قال الله تعالى : (( وما كان الله ليضيع إيمانكم )) قال العلماء : صلاتكم إلى بيت المقدس.
شرح قول المصنف: " وبذلك عرف أن الإيمان يشمل الدين كله، وحينئذ لا فرق بينه وبين الإسلام وهذا حينما ينفرد أحدهما عن الآخر، أما إذا اقترن أحدهما بالآخر فإن الإسلام يفسر بالاستسلام الظاهر الذي هو قول اللسان، وعمل الجوارح، ويصدر من المؤمن الكامل الإيمان، والضعيف الإيمان قال الله تعالى: ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) ومن المنافق لكن يسمى مسلماً ظاهراً ولكنه كافر باطناً "
الشيخ :" ويفسر الإيمان بالإسلام الباطن الذي هو إقرار القلب وعمله " إذا اقترنا افترقا، إذا اقترنا صار الإسلام هو الأعمال الظاهرة والإيمان الأعمال الباطنة. الدليل؟ استمع إلى حديث عمر في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم، في سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان، ماذا قال له في الإسلام؟ ( أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ) وهذا عمل، عمل ظاهر، عمل جوارح. وقال له في الإيمان : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) وهذا ايش؟ إيمان باطن، هذا من إقرار القلب. فإذا اجتمعا افترقا، وإن افترقا اجتمعا. طيب. الإسلام بهذا المعنى يصدر من المؤمن حقا ومن ضعيف الإيمان، بل ومن المنافق. استمع إلى قول الله تعالى : (( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا )) الأعراب سكان البادية قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام آمنا، فقال الله لنبيه : (( قل لم تؤمنوا )) يعني: ما آمنتم (( ولكن قولوا أسلمنا )) فإذا قلتم أسلمنا صدقتم، وإذا قلتم آمنا كذبتم، كيف؟ قال (( ولما يدخل الإيمان في قلوبكم )) لما هنا ايش؟ نافية، يعني لم يدخل الإيمان في قلوبكم لكن لاحظوا أن لما النافية تفيد قرب ثبوت منفيها، تفيد قرب ثبوت المنفي، فهنا لما يدخل لكنه قريبا ما يدخل، قال تعالى : (( بل لما يذوقوا عذاب )) يعني لم يذوقوه ولكن سيذوقونه قريبا. طيب، أظن أن الآية واضحة للتفريق بين الإيمان والإسلام، لأن الله قال : (( لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا )) ثم نفى أن يكون الإيمان دخل قلوبهم. فإن قلت : هذا ينتقض عليك بقوله تعالى : (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين )) فهنا قال: (( من المؤمنين )) ثم قال: (( من المسلمين )). وهذا يدل على أن الإيمان والإسلام شيء واحد؟ فالجواب : أن هذا لا ينقض علينا.