شرح قول المصنف: " ونقول: كيف يصح لعاقل أن يحكم بتساوي رجلين في الإيمان أحدهما مثابر على طاعة الله تعالى: فرضها ونفلها، متباعد عن محارم الله وإذا بدرت منه المعصية بادر إلى الإقلاع عنها والتوبة منها، والثاني مضيع لما أوجب الله عليه ومنهمك فيما حرم الله عليه غير أنه لم يأت ما يكفره، كيف يتساوى هذا وهذا؟ !
الشيخ : تستولي علينا الغفلة ونغفل عن هذه الحالة الراقية. طيب، يقول : " بل الإنسان الواحد يجد من نفسه أنه يكون في أوقات وحالات أقوى منه يقينا في أوقات وحالات أخرى. ونقول أيضا : كيف يصح لعاقل أن يحكم بتساوي رجلين في الإيمان أحدهما: مثابر على طاعة الله تعالى: فرضها ونفلها، متباعد عن محارم الله، وإذا بدرت منه معصية بادر إلى الإقلاع منها والتوبة منها، والثاني مضيع لما أوجب الله عليه ومنهمك فيما حرم الله عليه غير أنه لم يأت ما يكفره، كيف يتساوى هذا وهذا؟ ". يمكن هذا؟ شوف السؤال: رجل مثابر على طاعة الله كل ما ذكرت الطاعة بادر إليها، متباعد عن معصية الله، فهو يفر من المعصية فراره من الأسد، ورجل آخر بالعكس يتهاون بالواجبات ويفعل المحرمات إلا أنه لم يفعل ما يقتضي الكفر هذان الرجلان عند المرجئة على حد سواء. نقول: هل يمكن لعاقل أن يقول إنهما على حد سواء؟ ما يمكن. كل يعرف أن من يحافظ على الشرع بفعل المأمور وترك المحظور أنه لا يمكن أن يساويه المضيع المهمل الفاسق.
شرح قول المصنف: " وأما الوعيدية فنقول لهم: قولكم : إن فاعل الكبيرة خارج من الإيمان مخالف لما دل عليه الكتاب والسنة، فإذا تبين ذلك فكيف نحكم بتساوي رجلين في الإيمان أحدهما مقتصد فاعل للواجبات تارك للمحرمات، والثاني ظالم لنفسه يفعل ما حرم الله عليه، ويترك ما أوجب الله عليه من غير أن يفعل ما يكفر به؟ ! ونقول ثانياً: هب أننا أخرجنا فاعل الكبيرة من الإيمان، فكيف يمكن أن نحكم على رجلين بتساويهما في الإيمان وأحدهما مقتصد، والآخر سابق بالخيرات بإذن الله ؟ !
الشيخ :" وأما الوعيدية ". من هم؟ الخوارج والمعتزلة. " فنقول: قولكم إن فاعل الكبيرة خارج من الإيمان مخالف لما دل عليه الكتاب والسنة ". هل دل الكتاب والسنة على أن فاعل الكبيرة لا يخرج من الإيمان؟ طيب، أين الدليل؟ الدليل نستمع إليه، قال الله تعالى في آية القصاص : (( فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف )) جعل الله تعالى القاتل أخا للمقتول، مع أن قتل النفس محرم بالنص والإجماع. ومن الكبائر ولا من الصغائر؟ من الكبائر. وقال تعالى في اقتتال المؤمنين بعضهم مع بعض، قال : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهم بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين * إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )) فجعل الله الطائفتين المقتتلتين إخوة للطائفة المصلحة. ومعلوم أن قتال المسلم ايش؟ كفر، يعني نوع من الكفر. ومع ذلك فسمى الله سبحانه وتعالى هاتين الطائفتين المقتتلتين سماهما إخوة للطائفة المصلحة. طيب، إذا كان كذلك فنقول : " مخالف لما دل عليه الكتاب والسنة. فإذا تبين ذلك فكيف نحكم بتساوي رجلين في الإيمان أحدهما مقتصد والمقتصد هو الفاعل للواجبات التارك للمحرمات، والثاني ظالم لنفسه بفعل ما حرم الله عليه وبترك " الطالب : ... . الشيخ : لا، وبترك، وبترك، " وبترك ما أوجب الله عليه من غير أن يفعل ما يكفر به؟ " هل يمكن هذا؟ انتبهوا. رجلان أحدهما مقتصد فاعل للواجبات تارك للمحرمات، لكنه لا يفعل السنن، إنما يقوم بالواجب فقط، هذا مؤمن حتى عند الخوارج والمعتزلة، كيف يتساوى مع رجل ظالم لنفسه، يفعل ما حرم االله عليه ويترك ما أوجب الله عليه من غير أن يفعل ما يكفر به؟ لا يمكن أن يتساوى، أيهما أكمل؟ الأول. " ونقول ثانياً : هب أننا أخرجنا فاعل الكبيرة من الإيمان، فكيف يمكن أن نحكم على رجلين بتساويهما في الإيمان وأحدهما مقتصد والآخر سابق بالخيرات بإذن الله ؟ " أحدهما مقتصد يعني يقتصر على الواجبات ويترك المحرمات، والثاني سابق بالخيرات بإذن الله، يعني يفعل الواجبات والمندوبات ويترك المحرمات والمحظورات، فلا يمكن أن نقول إنهما سواء. يمدينا؟ كم باقي ؟ الطالب : ... . الشيخ : طيب، باقي عشر.
شرح قول المصنف: " فصل ولزيادة الإيمان أسباب منها: 1- معرفة أسماء الله وصفاته فإن العبد كلما ازداد معرفة بها وبمقتضياتها، وآثارها ازداد إيماناً بربه وحباً له وتعظيماً. .
الشيخ :" فصل ولزيادة الإيمان أسباب : أولا : معرفة أسماء الله وصفاته، فإن العبد كلما ازداد معرفة بها وبمقتضياتها وآثارها ازداد إيماناً بربه وحباً له ". فمثلا إذا عرفت اسم الغفور وأنه ذو المغفرة كما قال تعالى : (( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )) أوجب لك أن تحب الله عز وجل لكونه غفورا، وكذلك نقول في الرحيم، وكذلك نقول في الحكيم، وفي العزيز، وفي غيرها، كلما آمنت باسم من أسماء الله ازددت إيمانا بالله ومحبة له وتعظيما له.
شرح قول المصنف: " 2- النظر في آيات الله الكونية والشرعية، فإن العبد كلما نظر فيها وتأمل ما اشتملت عليه من القدرة الباهرة، والحكمة البالغة ازداد إيماناً ويقيناً بلا ريب "
الشيخ :" ثانيا : النظر في آيات الله الكونية والشرعية، فإن العبد كلما نظر فيها وتأمل ما اشتملت عليه من القدرة الباهرة والحكمة البالغة ازداد إيمانه ويقينه بلا ريب ". ها؟ الطالب : ... . الشيخ : لا، إيمانه، ازداد إيمانه ويقينه بلا ريب. هذا أيضا من أسباب الزيادة إنك تتفكر في الآيات الشرعية وهي القرآن والسنة وما دلا عليه من الأحكام. تتفكر في الآيات الكونية وهي؟ السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم وغير ذلك، كلما تفكرت فيها فإنك سوف تزداد إيمانا. ولهذا يأمر الله عز وجل بالتفكر في خلق السماوات والأرض حتى يصل الإنسان إلى اليقين.
شرح قول المصنف: " 3- فعل الطاعة، فإن الإيمان يزداد به بحسب حسن العمل وجنسه وكثرته، فكلما كان العمل أحسن كانت زيادة الإيمان به أعظم وحسن العمل يكون بحسب الإخلاص والمتابعة.
وأما جنس العمل فإن الواجب أفضل من المسنون، وبعض الطاعات أوكد وأفضل من البعض الآخر، وكلما كانت الطاعة أفضل كانت زيادة الإيمان بها أعظم، وأما كثرة العمل فإن الإيمان يزداد بها لأن العمل من الإيمان فلا جرم أن يزيد بزيادته "
الشيخ : قال : " ثالثا : فعل الطاعة، فإن الإيمان يزداد به - أي بفعل الطاعة - بحسب حسن العمل وجنسه وكثرته. فكلما كان العمل أحسن كانت زيادة الإيمان به أعظم، وحسن العمل يكون بحسب الإخلاص والمتابعة ". نعم، فعل الطاعة لا شك أنه يزيد في الإيمان لأن الإنسان عندما يعبد الله ويطيعه فإنما يفعل ذلك امتثالا لأمره، وهذا يؤدي إلى أن يكون متيقنا بوجوده وبفضله وسعة كرمه. طيب، يتفاوت الإيمان بحسب حسن العمل. ومتى يكون العمل حسنا؟ بالإخلاص والمتابعة. باعتبار جنسه، مثل : الصلاة أفضل الأعمال البدنية، ثم الصدقة، ثم الصيام، ثم الحج، ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال : ( الصلاة على وقتها، ثم قلت أي؟ - يقول ابن مسعود وهو السائل - قال : بر الوالدين قلت : ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال : ولو استزدته لزادني ). فكلما كان العمل من حيث الجنس أفضل كان زيادة الإيمان به أكمل. من حيث الكثرة أيضا، كثرة الأعمال الصالحة سبب لزيادة الإيمان، لأنك كلما أكثرت العمل الصالح ازددت صلة بالله سبحانه وتعالى فازداد بذلك إيمانك. وأما نعم. " وأما جنس العمل فإن الواجب أفضل من المسنون، وبعض الطاعات أوكد وأفضل من البعض الآخر. وكلما كانت الطاعة أفضل كانت زيادة الإيمان بها أعظم ". الواجب أفضل من المسنون ما الدليل؟ قوله صلى الله عليه وسلم عن الله : ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ) وهذا نص صريح وصحيح بأن العمل الواجب أحب إلى الله من العمل المستحب. طيب، هل العمل الواجب أوكد من العمل المستحب؟ طبعا نعم، لأن الله ما أوجبه إلا لمحبته له وتأكده. " وأما كثرة العمل فإن الإيمان يزداد بها لأن العمل من الإيمان فلا جرم أن يزيد بزيادته ".
شرح قول المصنف: " 4- ترك المعصية خوفاً من الله عز وجل وكلما قوي الداعي إلى فعل المعصية كانت زيادة الإيمان بتركها أعظم، لأن تركها مع قوة الداعي إليها دليل على قوة إيمان العبد وتقديمه ما يحبه الله ورسوله على ما تهواه نفسه "
الشيخ : رابعا : يعني من أسباب زيادة الإيمان " ترك المعصية خوفاً من الله عز وجل، وكلما قوي الداعي إلى فعل المعصية كان زيادة الإيمان بتركها أعظم، لأن تركها مع قوة الداعي إليها دليل على قوة إيمان العبد وتقديمه ما يحبه الله ورسوله على ما تهواه نفسه ". هذا أيضا من أسباب زيادة الإيمان ترك المعصية، ولكن بشرط أن يكون خوفا من الله، لأن تارك المعصية له ثلاث حالات : إما أن يدعها لأن نفسه لم تطلبها، فهذا ليس له أجر وليس عليه وزر. وإما أن يدع المعصية خوفا من الله، فهذا له أجر، ولهذا ثبت في الحديث الصحيح : ( أن من همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى حسنة كاملة، قال: لأنه إنما تركها من جرائي ) أي: من أجلي. الثالث أو الحالة الثالثة : أن يدع المعصية عجزا عنها، هو حريص، لكن عجز. هو الآن مثلا يراقب شخصا ليسرق منه، كلما همّ أن يسرق التفت ذلك إليه فترك السرقة ايش؟ عجزا عنها، فهذا له حكم الفاعل، لا سيما إن سعى بالأسباب الموصلة إليها، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قالوا يا رسول هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : لأنه كان حريصا على قتل صاحبه ). وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ( أن الرجل الفقير إذا تمنى مثل ما لفلان الذي يعمل بماله في المعصية قال النبي عليه الصلاة والسلام: فهو بنيته فهما في الوزر سواء ). إذن تارك المعصية ينقسم أو له ثلاث حالات : أن يتركها خوفا من الله، أن يتركها عجزا عنها، أن يتركها لأنها لم تطرأ على باله. إذا تركها خوفا من الله أثيب على ذلك. إذا تركها عجزا، نعم، يعاقب على ذلك. إذا تركها لأنها لم تطرأ على باله فلا له ولا عليه. ولهذا قيدناه هنا، قال: " ترك المعصية خوفا من الله، وكلما كان داعي المعصية أقوى في الإنسان كان ترك المعصية في حقه أفضل ". انظر إلى قصة يوسف عليه الصلاة والسلام، كان داعي المعصية في حقه قويا، لماذا؟ لأنها امرأة العزيز فهي سيدته وقد راودته عن نفسه، وكان مقتضى ذلك أن يطيعها حتى تنفعه. ثانيا : المرأة على جانب جميل من الجمال، والجمال يدعو للاتصال بها ولا لا؟ نعم. ثالثا : أنها أغلقت الأبواب فانتفى المانع. ومع ذلك فقد ترك هذه المعصية خوفا من الله، لقوله : (( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه )). ثم انظر إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظلهم، قال في أحدهم : ( رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ). إذن ترك المعصية خوفا من الله يثاب عليه الإنسان ويزداد به إيمانه، وكلما كان داعي المعصية أقوى كان زيادة الإيمان بتركها أقوى أيضا.
شرح قول المصنف: " وأما نقص الإيمان فله أسباب: 1 -الجهل بالله تعالى وأسمائه وصفاته "
الشيخ :" وأما نقص الإيمان فله أسباب : أولا : الجهل بالله تعالى وأسمائه وصفاته " لأنه لما كان العلم بأسماء الله وصفاته سببا في الزيادة كان الجهل سببا في النقص.
شرح قول المصنف: " 2- الغفلة والإعراض عن النظر في آيات الله وأحكامه الكونية والشرعية، فإن ذلك يوجب مرض القلب أو موته باستيلاء الشهوات والشبهات عليه "
الشيخ :" ثانيا : الغفلة والإعراض عن النظر في آيات الله وأحكامه الكونية والشرعية، فإن ذلك يوجب مرض القلب أو موته باستيلاء الشهوات والشبهات عليه ". وأظن هذا ظاهر. ولهذا ينبغي للإنسان أن يكون دائما متفكرا في آيات الله، فإن أعرض فاته خير كثير.
شرح قول المصنف: " 3- فعل المعصية فينقص الإيمان بحسب جنسها، وقدرها، والتهاون بها وقوة الداعي إليها أو ضعفه.
فأما جنسها وقدرها فإن نقص الإيمان بالكبائر أعظم من نقصه بالصغائر، ونقص الإيمان بقتل النفس المحرمة أعظم من نقصه بأخذ مال محترم، ونقصه بمعصيتين أكثر من نقصه بمعصية واحدة وهكذا.
وأما التهاون بها فإن المعصية إذا صدرت من قلب متهاون بمن عصاه ضعيف الخوف منه كان نقص الإيمان بها أعظم من نقصه إذا صدرت من قلب معظم لله تعالى: شديد الخوف منه لكن فرطت منه المعصية.
وأما قوة الداعي إليها فإن المعصية إذا صدرت ممن ضعفت منه دواعيها كان نقص الإيمان بها أعظم من نقصه إذا صدرت ممن قويت منه دواعيها، ولذلك كان استكبار الفقير، وزنى الشيخ أعظم إثماً من استكبار الغني، وزنى الشاب كما في الحديث: " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم": وذكر منهم الأشمط ؟ الزاني والعائل المستكبر لقلة داعي تلك المعصية فيهما "
الشيخ :" ثالثا : فعل المعصية فينقص الإيمان بحسب جنسها، وقدرها، والتهاون بها وقوة الداعي إليها أو ضعفه. فأما جنسها وقدرها فإن نقص الإيمان بالكبائر أعظم من نقصه بالصغائر، ونقص الإيمان بقتل النفس المحرمة أعظم من نقصه بأخذ مال محترم ". لماذا؟ لأن حرمة النفس أعظم من حرمة المال. " ونقصه بمعصيتين أكثر من نقصه بمعصية واحدة " لأجل أن هذا أكثر. " وأما التهاون بها فإن المعصية إذا صدرت من قلب متهاون بمن عصاه ضعيف الخوف منه كان نقص الإيمان بها أعظم من نقصه إذا صدرت من قلب معظم لله تعالى شديد الخوف منه، لكن فَرَطَت منه المعصية ". وهذا صحيح، قد يكون رجلان فعلا معصية من المعاصي متفقتا الجنس والكم والكيف. لكنّ أحدهما فعل هذه المعصية متهاونا بها غير مبال بها، والثاني فعلها مع تعظيمها والخوف من عاقبتها، فإن نقص الإيمان مع الأول ايش؟ أشد وأعظم. والفرق بينهما واضح. قال : " وأما قوة الداعي فإن المعصية إذا صدرت ممن ضعفت منه دواعيها كان نقص الإيمان بها أعظم من نقصه إذا صدرت ممن قويت منه دواعيها، ولذلك كان استكبار الفقير وزنى الشيخ أعظم إثماً من استكبار الغني وزنى الشاب كما في الحديث : ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) وذكر منهم ( الأشيمط الزاني والعائل المستكبر ) لقلة داعي تلك المعصية فيهما ".
شرح قول المصنف: " 4- ترك الطاعة فإن الإيمان ينقص به والنقص به على حسب تأكد الطاعة فكلما كانت الطاعة أوكد كان نقص الإيمان بتركها أعظم، وربما فقد الإيمان كله كترك الصلاة.
ثم إن نقص الإيمان بترك الطاعة على نوعين نوع يعاقب عليه وهو ترك الواجب بلا عذر. ونوع لا يعاقب عليه وهو ترك الواجب لعذر شرعي، أو حسي، وترك المستحب، فالأول كترك المرأة الصلاة أيام الحيض، والثاني كترك صلاة الضحى. والله أعلم "
الشيخ :" رابعا : ترك الطاعة فإن الإيمان ينقص به، والنقص به على حسب تأكد الطاعة، فكلما كانت الطاعة أوكد كان نقص الإيمان بتركها أعظم، وربما فُقد الإيمان كله كترك الصلاة ". نعم. " وربما فقد الإيمان كله كترك الصلاة. كذا عندكم؟ لا كترك الصلاة ". كذا عندكم؟ الطالب : ... . الشيخ : لا، كترك الصلاة. " ثم إن نقص الإيمان بترك الطاعة على نوعين : نوع يعاقب عليه وهو ترك الواجب بلا عذر. ونوع لا يعاقب وهو ترك الواجب لعذر شرعي أو حسي وترك المستحب ". نقص الإيمان بترك الطاعة يقول : إنه يتنوع. نوع يعاقب عليه وهو ترك الواجب بلا عذر، ويش مثاله؟ مثل: لو ترك الصلاة مع الجماعة بلا عذر، يعاقب عليه ولا لا؟ يعاقب. طيب، ونوع لا يعاقب وهو ترك الواجب لعذر شرعي أو حسي. ترك الواجب لعذر شرعي كترك المرأة الصلاة في زمن الحيض، هذا العذر شرعي. وترك حسي الواجب الحسي كأن يصلي المريض العاجز عن القيام قاعدا. فهذا عجز حسي. طيب. يقول : وترك المستحب أيضا، كيف؟ قال : " ونوع لا يعاقب عليه وهو ترك الواجب لعذر شرعي أو ترك المستحب. فالأول كترك المرأة الصلاة بأيام الحيض، والثاني كترك صلاة الضحى ". والله أعلم. الطالب : في درس ثاني يا شيخ؟ الشيخ : لا.
إعادة ما مر في الباب الخامس والعشرون "في ألقاب السوء التي وضعها المبتدعة على أهل السنة .
الشيخ : وينكرون التوحيد، فإذا وجد هؤلاء المقاومون تبين أن التوحيد خير من الشرك، لأن مقاومة هؤلاء إذا عرضت على العاقل تبين ايش؟ فسادها. كذلك من أجل أن يعلو الحق على الباطل، لأنه إذا كان هناك خصمان وتبين الحق مع أحدهما صار العلو لمن ؟ لمن كان معه الحق، فيعلو على الباطل. كذلك أيضا فيه فائدة أخرى: وهي امتحان المعتنقين للشريعة هل يصبرون على هذه الألقاب والأذية ويبقون على ما هم عليه من الحق أو يرجعون وينكصون على أعقابهم؟ كما وجد لبعض الناس الذين ذموا وعيبوا بعد إسلامهم رجعوا عن الإسلام والعياذ بالله، وهذا أبو طالب يقول : " لولا الملامة أو حِذار مسبة *** لوجدتني سمحا بذاك مبينا ". فهذا أيضا من الحكمة في أن الله تعالى جعل للأنبياء وأتباعهم أعداء يقدحون فيهم وفيما هم عليه. يقول الله تعالى. قال المؤلف : " وقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم من هذا شيئاً كثيراً ". وهو واضح للجميع. " كما قال تعالى : (( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً )). فقد وضع أولئك الظالمون المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ألقاب التشنيع والسخرية، مثل : ساحر ومجنون وكاهن وكذاب " مثل هذا مو للحصر، لكن وضعوا ألقابا كثيرة تدل على استهجان الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى القدح فيه. بينما كانوا قبل النبوة يسمونه الصادق الأمين، لكن لما جاء بما يضاد ما هم عليه وضعوا له ألقاب السوء. قال : " ولما كان أهل العلم والإيمان هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم لقوا من أهل الكلام والبدع مثل ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أولئك المشركين. فكانت كل طائفة من هذه الطوائف تلقب أهل السنة بما برأهم الله منه من ألقاب التشنيع والسخرية، إما لجهلهم بالحق حيث ظنوا صحة ما هم عليه وبطلان ما عليه أهل السنة، وإما لسوء القصد، حيث أرادوا بذلك التنفير عن أهل السنة والتعصب لآرائهم مع علمهم بفسادها ". انتبه. أهل البدع لقبوا أهل السنة والجماعة بألقاب السوء،كل طائفة تلقبهم بما يناسب ضد ما هم عليه أي ما هذه الطائفة عليه. الحامل على ذلك ما هو؟ إما الجهل بالحق وظنهم أن ما هم عليه هو الحق وأن ما سواه باطل فيقدحون فيه. وهذا موجود مع الأسف في عصرنا الآن، تجد بعض الناس يعمل عملا حتى وإن كان من غير العقيدة، يرى أنه الحق فإذا خالفه شخص فيه ذهب يقدح فيه ويسخر به، ويقول : فلان يقول كذا فلان يقول كذا. وإما أن يكون الحامل لهم على هذه الألقاب يقول: سوء القصد، حيث أرادوا بذلك إبطال الحق وإثبات الباطل. فزعماء المبتدعة الغالب عليهم أنهم أن الذي حملهم على ذلك سوء القصد، لأن الجهل بالحق وهم أئمة كبار دعاة بعيد من هؤلاء. لكن عوامهم العوام نعم هم الذين قد يجهلون. فالحاصل أن الذين اتبعوا الرسول عليه الصلاة والسلام لم يسلموا من أهل الشر وأهل البدع، بل جعل أهل البدع يلقبونهم بألقاب السوء تنفيرا للناس عما هم عليهم إما لجهلهم بالحق وظنهم أن ما هم عليه هو الحق وأن هؤلاء مخالفون له وإما لسوء القصد وإرادة العدوان، والله أعلم.
شرح قول المصنف: " فصل في الاستثناء في الإيمان: الاستثناء في الإيمان: أن يقول : أنا مؤمن إن شاء الله "
الشيخ : والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. قال المؤلف رحمه الله تعالى : " فصل في الاستثناء في الإيمان " الاستثناء في الإيمان مما حدث القول به بعد الصحابة ولم يكن شائعا بينهم، وهو أن يقول الإنسان: أنا مؤمن إن شاء الله. واعلم أن الأشياء إما أن تكون أفعالا محققة، وإما أن تكون أشياء غير محققة. فإن كانت أفعال محققة، وإما أن تكون أشياء غير محققة. فإن كانت أشياء محققة فلا ينبغي الاستثناء فيها، لأن الاستثناء فيها لغو، مثل أن تقول: أنا لابس ثوبي إن شاء الله، لا حاجة لغو، لأن مجرد كون الثوب عليك دليل على أن الله قد شاءه، فلا وجه للتعليق. طيب، إذا صليت فقيل لك هل صليت ؟ قلت: صليت إن شاء الله. فإن أردت أن المشيئة تعود على فعلك فهي لغو، لماذا؟ ها؟ لأنك قد فعلت وصليت، وإن أردت أن المشيئة تعود إلى صلاة كاملة مقبولة، فهذه فالاستنثاء هنا له وجه وليس بلغو، لأنه ما كل مصل يكون مصليا، قال النبي عليه الصلاة للرجل الذي أساء في صلاته قال : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) وقال : ( لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان ). لو قيل لك مثلا : هذه حقيبة من جلد فقلت : إن شاء الله، ويش يكون هذا؟ ها؟ هذا لغو ما له داعي، لأن الحقيبة حقيبة من جلد، الحقببة هذه من جلد واضح أنها من جلد. ولو قال لك قائل وأنت تغسل بعد الغداء: تغديت؟ فقلت : إن شاء الله، ويش يكون؟ لغو، ليش؟ لأنه قد شاء الله، أنت الآن تغديت. ولهذا لو أنك عبرت بهذا التعبير عند الناس لاستغربوا منك هذا الشيء، كيف تقول تغديت إن شاء الله وأنت الآن تغديت. لكن لو جاء رجل جدلي، وقال : أردت بقولي إن شاء الله الغداء النافع، لأن الغداء أملأ بطني من الغداء، ولكن لا أنتفع به، يكون له وجه ولا لا؟ الطالب : ما يكون. الشيخ : يكون له وجه، يكون له وجه، قال الله تعالى : (( لا يسمن ولا يغني من جوع )) ما فيه نفع للبدن ولا دفع للضرورة. طيب، إذن نقول : الأشياء المعلومة المحققة يكون الاستثناء فيها عبثا ولغوا، والأشياء غير المحققة يكون الاستثناء فيها له محل.
شرح قول المصنف: " وقد اختلف الناس فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: تحريم الاستثناء، وهو قول المرجئة، والجهمية ونحوهم.
ومأخذ هذا القول: أن الإيمان شيء واحد يعلمه الإنسان من نفسه وهو التصديق الذي في القلب، فإذا استثنى فيه كان دليلاً على شكه، ولذلك كانوا يسمون الذين يستثنون في الإيمان "شكاكاً ".
الشيخ : بقينا في الإيمان : هل تستثني في الإيمان بحيث تقول : أنا مؤمن إن شاء الله أو لا تستثني؟ فيه خلاف بين العلماء طويل عريض، فمنهم من قال: إن الاسثتناء في الإيمان لا يجوز، لأن الإيمان معلوم محقق، وهو إقرار القلب، والأعمال ما تدخل فيه، وأنت إذا استثنيت في أمر محقق فهو دليل على شكك فيه، فالاستثناء في الإيمان إذن شك في الإيمان، لأنه أمر معلوم، والشك في الإيمان كفر. وعلى هذا فلا يجوز أن تقول: أنا مؤمن إن شاء الله، حرام استمع لهذا. " أحدها : - أحد الأقوال - : تحريم الاستثناء، وهو قول المرجئة، والجهمية ونحوهم. ومأخذ هذا القول : أن الإيمان شيء واحد يعلمه الإنسان من نفسه وهو التصديق الذي في القلب، فإذا استثنى فيه كان دليلاً على شكه، ولذلك كانوا يسمون الذين يستثنون في الإيمان شكاكا ". قال لك : أنت مؤمن؟ قلت : إن شاء الله.