شرح القواعد المثلى-13a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القواعد المثلى
الحجم ( 3.97 ميغابايت )
التنزيل ( 676 )
الإستماع ( 91 )


1 - قال المؤلف : "مثال المخصوصة بشخص قوله تعالى لموسى وهارون: {إنني معكما أسمع وأرى}. وقوله عن النبي صلى الله عليه وسلم: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}. ومثال المخصوصة بوصف قوله تعالى: {واصبروا إن الله مع الصابرين}. وأمثاله في القرآن الكريم كثيرة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص103 من المجلد الخامس من مجموع الفتاوي لابن قاسم قال: ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد. فلما قال: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها}. إلى قوله: {وهو معكم أينما كنتم}. دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم، وهذا معنى قول السلف: إنه معهم بعلمه وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته. قال: ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار : لا تحزن إن الله معنا، كان هذا أيضاً حقاً على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع والنصر والتأييد، وكذلك قوله: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}. وكذلك قوله لموسى وهارون: {إنني معكما أسمع وأرى}. هنا المعية على ظاهرها وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد. إلى أن قال: ففرق بين معنى المعية ومقتضاها وربما صار مقتضاها من معناها فيختلف باختلاف المواضع. أ.هـ." أستمع حفظ

2 - قال المؤلف : "وقال محمد بن الموصلي في كتاب (استعجال الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة) لابن القيم في المثال التاسع ص409ط الإمام: وغاية ما تدل عليه ـ مع ـ المصاحبة والموافقة والمقارنة في أمر من الأمور وهذا الاقتران في كل موضع بحسبه ويلزمه لوازم بحسب متعلقه فإذا قيل: الله مع خلقه بطريق العموم كان من لوازم ذلك علمه بهم وتدبيره لهم وقدرته عليهم وإذا كان ذلك خاصاً كقوله: ]إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون[(1). كان من لوازم ذلك معيته لهم بالنصرة والتأييد والمعونة. فمعية الله تعالى مع عبده نوعان عامة وخاصة وقد اشتمل القرآن الكريم على النوعين، وليس ذلك بطريق الاشتراك اللفظي بل حقيقتها ما تقدم من الصحبة اللائقة. ا.هـ. وذكر ابن رجب في شرح الحديث التاسع والعشرين من الأربعين النووية: أن المعية الخاصة تقتضي النصر والتأييد والحفظ والإعانة وأن العامة تقتضي علمه واطلاعه ومراقبته لأعمالهم. وقال ابن كثير في تفسير آية المعية في سورة المجادلة: "ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه المعية معية علمه قال : ولا شك في إرادة ذلك ولكن سمعه أيضاً مع علمه بهم وبصره نافذ فيهم فهو سبحانه مطلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء." ا.هـ." أستمع حفظ

3 - قال المؤلف : "رابعاً: هذه المعية لا تقتضي أن يكون الله تعالى مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم ولا تدل على ذلك بوجه من الوجوه لأن هذا معنى باطل مستحيل على الله عز وجل ولا يمكن أن يكون معنى كلام الله ورسوله شيئاً مستحيلاً باطلاً. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص 115 ط ثالثة من شرح محمد خليل الهراس: وليس معنى قوله: {وهو معكم} أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجبه اللغة، بل القمر آية من آيات الله تعالى من أصغر مخلوقاته، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان. أ.هـ. ولم يذهب إلى هذا المعنى الباطل إلا الحلولية من قدماء الجهمية وغيرهم الذين قالوا: إن الله بذاته في كل مكان. تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً. و{كبرت كلمة تخرج من أفواهم، إن يقولون إلا كذباً}. وقد أنكر قولهم هذا من أدركه من السلف والأئمة، لما يلزم عليه من اللوازم الباطلة المتضمنة لوصفه تعالى بالنقائص وإنكار علوه على خلقه. وكيف يمكن أن يقول قائل : إن الله تعالى بذاته في كل مكان أو إنه مختلط بالخلق وهو سبحانه قد {وسع كرسيه السموات والأرض},{ والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه}"؟" أستمع حفظ

4 - قال المؤلف : "خامساً: هذه المعية لا تناقض ما ثبت لله تعالى من علوه على خلقه، واستوائه على عرشه، فإن الله تعالى قد ثبت له العلو المطلق علو الذات وعلو الصفة قال الله تعالى: {وهو العلي العظيم}. وقال تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى}. وقال تعالى: {ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم}. وقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة، والإجماع والعقل، والفطرة على علو الله تعالى.أما أدلة الكتاب والسنة فلا تكاد تحصر.مثل قوله تعالى:{فالحكم لله العلي الكبير}. وقوله تعالى:{وهو القاهر فوق عباده }وقوله:{أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً}.وقوله:{تعرج الملائكة والروح إليه }وقوله:{قل نزله روح القدس من ربك}. إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء". وقوله: "والعرش فوق الماء والله فوق العرش". وقوله: "ولا يصعد إلى الله إلا الطيب". ومثل إشارته إلى السماء يوم عرفة. يقول: "اللهم اشهد"، يعني على الصحابة حين أقروا أنه بلغ. ومثل إقراره الجارية حين سألها أين الله ؟ قالت في السماء قال: أعتقها فإنها مؤمنة. إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة. وأما الإجماع فقد نقل إجماع السلف على علو الله تعالى غير واحد من أهل العلم. وأما دلالة العقل على علو الله تعالى فلأن العلو صفة كمال والسفول صفة نقص والله تعالى موصوف بالكمال منزه عن النقص. وأما دلالة الفطرة على علو الله تعالى فإنه ما من داع يدعو ربه إلا وجد من قلبه ضرورة بالاتجاه إلى العلو من غير دراسة كتاب ولا تعليم معلم. وهذا العلو الثابت لله تعالى بهذه الأدلة القطعية لا يناقض حقيقة المعية وذلك من وجوه: الأول: أن الله تعالى جمع بينهما لنفسه في كتابه المبين المنزه عن التناقض، ولو كانا متناقضين لم يجمع القرآن الكريم بينهما. وكل شيء في كتاب الله تعالى تظن فيه التعارض فيما يبدو لك فأعد النظر فيه مرة بعد أخرى حتى يتبين لك. قال الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}." أستمع حفظ

5 - قال المؤلف : "الثاني: أن اجتماع المعية والعلو ممكن في حق المخلوق. فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا، ولا يعد ذلك تناقضاً ومن المعلوم أن السائرين في الأرض والقمر في السماء، فإذا كان هذا ممكناً في حق المخلوق فما بالك بالخالق المحيط بكل شيء. قال الشيخ محمد خليل الهراس ص115 في شرحه العقيدة الواسطية عند قول المؤلف: بل القمر آية من آيات الله تعالى، من أصغر مخلوقاته وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان قال: وضرب لذلك مثلاً بالقمر الذي هو موضوع في السماء، وهو مع المسافر وغيره أينما كان قال: فإذا جاز هذا في القمر وهو من أصغر مخلوقات الله تعالى، أفلا يجوز بالنسبة إلى اللطيف الخبير الذي أحاط بعباده علماً وقدرة والذي هو شهيد مطلع عليهم يسمعهم ويراهم ويعلم سرهم ونجواهم بل العالم كله سمواته وأرضه من العرش إلى الفرش بين يديه كأنه بندقة في يد أحدنا أفلا يجوز لمن هذا شأنه، أن يقال :إنه مع خلقه مع كونه عالياً عليهم بائناً منهم فوق عرشه؟‍. أ.هـ. الوجه الثالث: أن اجتماع العلو والمعية لو فرض أنه ممتنع في حق المخلوق لم يلزم أن يكون ممتنعاً في حق الخالق فإن الله لا يماثله شيء من خلقه: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص116ط ثالثة من شرح الهراس: وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو علي في دنوه قريب في علوه. أهـ. وخلاصة القول في هذا الموضوع كما يلي:- 1.أن معية الله تعالى لخلقه ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف. 2.أنها حق على حقيقتها على ما يليق بالله تعالى من غير أن تشبه معية المخلوق للمخلوق. 3.أنها تقتضي إحاطة الله تعالى بالخلق علماً وقدرة، وسمعاً وبصراً وسلطاناً وتدبيراً، وغير ذلك من معاني ربوبيته، إن كانت المعية عامة وتقتضي مع ذلك نصراً وتأييداً وتوفيقاً وتسديداً إن كانت خاصة. 4.أنها لا تقتضي أن يكون الله تعالى مختلطاً بالخلق، أو حالاً في أمكنتهم، ولا تدل على ذلك بوجه من الوجوه. 5.إذا تدبرنا ما سبق علمنا أنه لا منافاة بين كون الله تعالى مع خلقه حقيقة، وكونه في السماء على عرشه حقيقة. سبحانه وبحمده لا نحصى ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حرره الفقير إلى الله تعالى: محمد الصالح العثيمين في 27/11/1403هـ" أستمع حفظ

6 - قال شيخ الإسلام في المجلد23ص345:"وأما الصلاة خلف من يكفر ببدعته من أهل الأهواء فهناك قد تنازعوا فى نفس صلاة الجمعة خلفه ومن قال انه يكفر أمر بالاعادة لأنها صلاة خلف كافر لكن هذه المسألة متعلقة بتكفير أهل الأهواء والناس مضطربون فى هذه المسألة وقد حكى عن مالك فيها روايتان وعن الشافعى فيها قولان وعن الامام أحمد أيضا فيها روايتان وكذلك أهل الكلام فذكروا للأشعرى فيها قولان وغالب مذاهب الأئمة فيها تفصيل.وحقيقة الأمر فى ذلك ان القول قد يكون كفرا فيطلق القول بتكفير صاحبه ويقال من قال كذا فهو كافر لكن الشخص المعين الذى قاله لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التى يكفر تاركها." أستمع حفظ

7 - قال شيخ الإسلام:"وهذا كما فى نصوص الوعيد فان الله سبحانه وتعالى يقول: {ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما انما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق لكن الشخص المعين لا يشهد عليه بالوعيد فلا يشهد لمعين من أهل القبلة بالنار لجواز أن لا يلحقه الوعيد لفوات شرط أو ثبوت مانع فقد لا يكون التحريم بلغه وقد يتوب من فعل المحرم وقد تكون له حسنات عظيمة تمحو عقوبة ذلك المحرم وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه وقد يشفع فيه شفيع مطاع". أستمع حفظ

8 - قال شيخ الإسلام:"وهكذا الأقوال التى يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق وقد تكون عنده ولم تثبت عنده أو لم يتمكن من فهمها وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها فمن كان من المؤمنين مجتهدا فى طلب الحق وأخطأ فان الله يغفر له خطأه كائنا ما كان سواء كان فى المسائل النظرية أو العملية هذا الذى عليه أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الاسلام. وما قسموا المسائل الى مسائل أصول يكفر بانكارها ومسائل فروع لا يكفر بانكارها ". أستمع حفظ

11 - قال شيخ الإسلام:"فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع فهذا الفرق ليس له اصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم باحسان ولا أئمة الاسلام وانما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء فى كتبهم وهو تفريق متناقض فانه يقال لمن فرق بين النوعين ما حد مسائل الأصول التى يكفر المخطىء فيها وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع فان قال مسائل الأصول هى مسائل الاعتقاد ومسائل الفروع هى مسائل العمل قيل له فتنازع الناس فى محمد صلى الله عليه وسلم هل رأى ربه أم لا وفى أن عثمان افضل من على أم على افضل وفى كثير من معانى القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هى من المسائل الاعتقادية العلمية ولا كفر فيها بالاتفاق ووجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وتحريم الفواحش والخمر هى مسائل عملية والمنكر لها يكفر بالاتفاق". أستمع حفظ