ذكر الأدلة في مسألة إثبات الكلام لله وأنه يزال متكلما
الشيخ : أهل الحديث بأن الله لم يزل متكلما بمشيئة وبيان، ويا حبذا لو علمنا أدلة هذا بأن الله لم يزل متكلما ولا يزال متكلما، نعم. نقول: لم يزل ولا يزال متكلما دلالته عقلية، وذلك أن أفعال الله لم تزل، وكل فعل من أفعال الله فإنه مقرون بقول ما هو؟ كن (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) كذلك الكلام بمشيئة، وليس معنى قائما بنفسه لا يتعلق بمشيئته كما قالت الأشاعرة، بل هو بالمشيئة، وفيها أدلة: منها (( إنما أمره إذا أراد شيئا )) والمراد هل يكون بمشيئة ولا بغير مشيئة؟ بمشيئة، إذن الكلام المقترن بالمراد يكون كذلك بالمشيئة. وفيه أيضا أدلة واقعية (( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه )) متى كان الكلام؟ بعد مجيئه شف (( قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني )) متى كان القول الثاني بعد قول موسى (( رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني )).
الشيخ : ابن القيم يقول: " وبيان "، وهذا يقتضي أن يكون كلام الله بحرف وصوت، لأنه ما يكون بيان إلا إذا سمع الكلام، ولا يسمع إلا بصوت، ولا يفهم إلا بحروف، فكلام الله أيضا يكون بحرف وصوت. أما كونه بحرف فلأن كل الكلام الذي تكلم الله به كله حروف، القرآن حروف ولا لأ؟ ومن قرأه فله بكل حرف منه عشر حسنات. أيضا لما قال الله تعالى لموسى (( لن تراني )) اللام والنون والتاء والراء والنون والياء هذا أيش؟ حروف. طيب، بصوت ولا بغير صوت؟ بصوت، لأن موسى سمع كلام الله، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم سمع كلام الله في ليلة المعراج. إذن كلام الله بحرف وصوت متعلق بمشيئته سبحانه وتعالى، ولم يزل ولا يزال متكلما، طيب.
الشيخ : أما كونه مخلوقا فهذا باطل، لأن الله قال: (( ألا له الخلق والأمر )) وهذان قسيمان وليسا قسمين، (( ألا له الخلق والأمر )) والأمر غير الخلق، ولا لأ؟ لأن الأصل في العطف المغايرة. قال الله تعالى (( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا )) أي: من وحينا، فدل هذا على أن القول ليس مخلوقا. هذا ما أحببت أن أبينه علشان تعرفوا لأجل نعرف أن أهل السنة والجماعة بنوا اعتقادهم على دليل، نعم.
القراءة من قول الناظم: وكذا كلام من سوى متكلم*** أيضا محال ليس في إمكان
إلا لمن قام الكلام به فذا*** ك كلامه المعقول في الأذهان
أيكون حيا سامعا أو مبصرا*** من غير ما سمع وغير عيان
والسمع والإبصار قام بغيره*** هذا المحال وواضح البهتان
وكذا مريد والإرادة لم تكن*** وصفا له هذا من الهذيان
وكذا قدير ماله من قدرة *** قامت به من أوضح البطلان
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم. " وكذا كلام من سوى متكلم *** أيضا محال ليس في إمكان إلا لمن قام الكلام به فذاك *** كلامه المعقول في الأذهان أيكون حيا سامعا أو مبصرا *** من غير ما سمع وغير عيان والسمع والإبصار قام بغيره *** هذا الْمَحال وواضح " الشيخ : هذا الْمُحال القارئ : " والسمع والإبصار قام بغيره *** هذا الْمُحال وواضح البهتان وكذا مريد والإرادة لم تكن *** وصفا له هذا من الهذيان وكذا قدير ماله من قدرة *** قامت به من أوضح البطلان والله جل جلاله "
التعليق على الأبيات السابقة وتتمة الرد على من نفى الكلام عن الله
الشيخ : المؤلف رحمه الله لما رد على مذهب الاقترانية رد على مذهب المعتزلة، فقال: " وكذا كلام من سوى متكلم *** أيضا محال ليس في إمكان " والمعتزلة يقولون: إن الله له كلام، لكن ليس هو المتكلم، لأن كلامه مخلوق، مخلوق إما في الشجرة، وإما في الهواء، وإما في جبريل، وإما في محمد، فكيف يصح أن نقول هو متكلم والكلام ليس وصفا له بل هو بائن منه، ولهذا قال: " ليس بالإمكان إلا لمن قام الكلام به " فمن قام الكلام به هو الذي يكون متكلما. فإن قال قائل: ألستم تقولون إن السماوات والأرض والإنسان والشجر والحجر مخلوق، وهو بائن عن الله عز وجل، وليس من صفته؟ قلنا: نعم، نقول بذلك، لكن هذه أعيان قائمة بنفسها، والكلام هو عين قائم بنفسه؟ أبدا، الكلام صفة لا يمكن أن يكون قائما بنفسه، فإذا وصف الله نفسه بأنه متكلم علمنا أن الكلام وصفه، إذا وصفته بأنه خالق فقد يلبس هؤلاء ويقولون خالق يعني مخلوق، يعني به المخلوق، وليس الخلق صفة له، لكن نقول في الرد عليهم: إن المخلوقات أعيان قائمة بنفسها، بخلاف أيش؟ بخلاف الكلام، فلا يمكن أن يوصف الله بأنه متكلم ويعنى به أن هناك كلاما مخلوقا خلقه الله، وإلا للزم أن يكون كلامي وكلامك وكلام فلان وفلان أيش؟ كلاما لله، ولهذا صار قول الجهمية والمعتزلة بأن كلام الله مخلوق صار سلما سهل الصعود للقائلين بوحدة الوجود، قالوا: نحن نقول كل كلام في الوجود كلام الله، كما تقولوا أنتم أن الله يضيف الكلام إليه وليس صفة له.
الرد على المعتزلة الذين يثبتون الأسماء وينفون الصفات
الشيخ : ثم انتقل من الكلام إلى أصل المذهب، وذلك أن المعتزلة يثبتون لله الأسماء، ولا يثبتون ما دلت عليه من الصفات، يثبتون لله الأسماء، ولا يثبتون ما دلت عليه من الصفات، استمعوا يا جماعة للعجب العجاب، يقولون: إن الله سميع ولا سمع له، بصير ولا بصر له، قدير ولا قدرة له، مريد ولا إرادة، معقول هذا؟ وش تقول يا آدم؟ الطالب : هذا كلام مجانين. الشيخ : طيب، يقول: " أيكون حيا سامعا أو مبصرا *** من غير ما سمع وغير عيان " يكون هذا ولا لأ؟ لا يكون. " وكذا مريد والإرادة لم تكن *** وصفا له هذا من الهذيان " الآن ما شاء الله شهد لك ابن القيم، نعم، يقول: هذا من الهذيان، كيف نقول مريد والإرادة لم تكن وصفا له؟! " وكذا قدير ما له من قدرة *** قامت به من أوضح البطلان " كيف تقول قدير والقدرة ليست وصفا له؟! استمعوا يا جماعة، لو أنك وجدت إنسانا أشل، هل يصح أن تقول: إنه قدير؟ هاه؟ هم يقولون: إن الله قدير ولا قدرة له، سبحان الله، كيف قدير ولا قدرة له؟! يقول: نعم، قدير ولا قدرة له، لأنك لو أثبت له قدرة كانت القدرة قديمة، ولزم من ذلك تعدد القدماء، قدرة قديمة، وقادر قاديم، سمع قديم، وسميع قديم، بصر قديم، وبصير قديم، كم صاروا الآلهة؟ الطالب : ستة. الشيخ : ستة، وعلى هذا فقس، قالوا: أنتم كفرتم النصارى لما قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، وأنتم تقولون: ملايين الملايين، نعم، فأنتم أكفر من النصارى، إذا أثبتم إن الله صفة قديمة فهذا هو عين الكفر والعياذ بالله. يعني الحقيقة إنه كلامهم يخالف العقل، نقول له: تعال، أنت سميع؟ سيقول: نعم. لك سمع؟ نعم. بصير لك بصر، قدير لك قدرة، كم أنت؟ واحد، فتعدد الأوصاف لا يستلزم تعدد الموصوف، لكن اللهم لك الحمد، الحمد لله، الله يثبتنا وإياكم، نعم، قال: والله، نعم. القارئ : " والله جل جلاله متكلم *** بالنقل والمعقول " الشيخ : فيه البيت " والبيت والسمع والإبصار قام بغيره *** هذا المحال واضح بالبهتان " يقولون: سميع ليس معناه إن الله له سمع، السميع السمع ببعض المخلوقات، يعني: سميع خلق السمع في غيره، انتبه، قدير خلق القدرة في غيره، كيف هذا؟ سميع يعني خلق السمع في غيره، معناه السمع لمن؟ لغيره لا له، فكيف تكون صفة مضافة إلى موصوف، ثم تكون هذه الصفة في غيره؟! نعم.
القراءة من قول الناظم: والله جل جلاله متكلم*** بالنقل والمعقول والبرهان
قد أجمعت رسل الإله عليه لم*** ينكره من أتباعهم رجلان
فكلامه حقا يقوم به وإلا*** لم يكن متكلما بقرآن
والله قال وقائل وكذا يقول*** الحق ليس كلامه بالفاني
ويكلم الثقلين يوم معادهم*** حقا فيسمع قوله الثقلان
وكذا يكلم حزبه في جنة الـ***حـيوان بالتسليم والرضوان
وكذا يكلم رسله يوم اللقا*** حقا فيسألهم عن التبيان
ويراجع التكليم جل جلاله*** وقت الجدال له من الإنسان
ويكلم الكفار في العرصات تو***بيخا وتقريعا بلا غفران
ويكلم الكفار أيضا في الجحـ***ـيم أن اخسئوا فيها بكل هوان
والله قد نادى الكليم وقبله*** سمع الندا في الجنة الأبوان
وأتى النداء في تسع آيات له*** وصفا فراجعها من القرآن
وكذا يكلم جبرئيل بأمره*** حتى ينفذه بكل مكان
واذكر حديثا في صحيح محمد*** ذاك البخاري العظيم الشان
فيه نداء الله يوم معادنا*** بالصوت يبلغ قاصيا والداني
هب أن هذا اللفظ ليس بثابت*** بل ذكره مع حذفه سيان
ورواه عندكم البخاري المجسـ***ـم بل رواه مجسم فوقاني
أيصح في عقل وفي نقل ندا***ء ليس مسموعا لنا بأذان أم أجمع العلماء والعقلاء من*** أهل اللسان وأهل كل لسان
أن الندا الصوت الرفيع وضده*** فهو النجاء كلاهما صوتان
والله موصوف بذاك حقيقة*** هذا الحديث ومحكم القرآن
واذكر حديثا لابن مسعود صر***يحا أنه ذو أحرف ببيان
الحرف منه في الجزا عشر من الـ*** ـحسنات ما فيهن من نقصان
وانظر إلى السور التي افتتحت بأحـ***ـرفها ترى سرا عظيم الشان
لم يأت قط بسورة الا أتى*** في إثرها خبر عن القرآن
إذ كان إخبار به عنها وفي*** هذا الشفاء لطالب الإيمان
ويدل أن كلامه هو نفسها*** لا غيرها والحق ذو تبيان
فانظر إلى مبدأ الكتاب وبعدها الـ*** أعراف ثم كذا إلى لقمان
مع تلوها أيضا ومع حم مع*** يس وافهم مقتضى الفرقان
القارئ : " والله جل جلاله متكلم *** بالنقل والمعقول والبرهان قد أجمعت رسل الإله عليه لم *** ينكره من أتباعهم رجلان فكلامه حقا يقوم به وإلا *** لم يكن متكلما بقرآن والله قال وقائل وكذا يقول *** الحقُّ ليس كلامه بالفاني " الشيخ : الحقَّ القارئ : " والله قال وقائل وكذا يقول *** الحق ليس كلامه بالفاني ويكلم الثقلين يوم معادهم *** حقا فيسمع قوله الثقلان وكذا يكلم حزبه في جنة *** الحيوان " الشيخ : في جنة ال القارئ : " وكذا يكلم حزبه في جنة*** الحيوان " الشيخ : ... القارئ : " وكذا يكلم حزبه في جنة ال *** حيوان بالتسليم والرضوان وكذا يكلم رسله يوم اللقا *** حقا فيسألهم عن التبيان ويراجع التكليم جل جلاله *** وقت الجدال له من الإنسان ويكلم الكفار في العرصات *** توبيخا وتقريعا بلا غفران ويكلم الكفار أيضا في الجحيم *** أن اخسئوا فيها بكل هوان والله قد نادى الكليم وقبله *** سمع الندا في الجنة الأبوان وأتى النداء في تسع آيات له *** وصفا فراجعها من القرآن وكذا يكلم جبريل " الشيخ : وكذا. القارئ : وكذا يكلم؟ الشيخ : جبرائيل. القارئ : و" كذا يكلم جبرائيل " الشيخ : جبرئيل بدون ألف. القارئ : " وكذا يكلم جبرئيل بأمره *** حتى ينفذه بكل مكان واذكر حديثا في صحيح محمد *** ذاك البخاريِّ العظيمِ الشان " الشيخ : العظيمُ القارئ : " واذكر حديثا في صحيح محمد *** ذاك البخاريِّ العظيمُ الشان " الطالب : البخاريُّ خبر المبتدأ. القارئ : " واذكر حديثا في صحيح محمد *** ذاك البخاريُّ العظيمُ الشان فيه نداء الله يوم معادنا *** بالصوت يبلغ قاصيا والداني هب أن هذا اللفظ ليس بثابت *** بل ذكره مع حذفه سيان ورواه عندكم البخاري " الطالب : المجس؟ الشيخ : المجس. الطالب : المجسم؟ الشيخ : المجسم، أصلها المجسم، لكن قف على السين. القارئ : " ورواه عندكم البخاري الْمَجس " الشيخ : الْمُجس بضم الميم. القارئ : " ورواه عندكم البخاري المجس ***م بل رواه مجسم فَوَقاني " الشيخ : لا، فَوْقاني، بسكون الواو القارئ : " ورواه عندكم البخاري المجس ***م بل رواه مجسم فَوَقاني " الشيخ : فَوْقاني، من فَوْق القارئ : " ورواه عندكم البخاري المجسم *** بل رواه مجسم فوقاني أيصح في عقل وفي نقل نداء *** ليس مسموعا لنا بأذان أم أجمع العلماء والعقلاء من *** أهل اللسان وأهل كل لسان إن النداء " الشيخ : أن القارئ : " أن الندا الصوت الرفيع وضده *** فهو النجاء كلاهما صوتان والله موصوف بذاك حقيقة *** هذا الحديث ومحكم القرآن واذكر حديثا لابن مسعود صريحا *** أنه ذو أحرف ببيان الحرف منه في الجزا عشر من *** الحسنات ما فيهن من نقصان " الطالب : ... الشيخ : نعم؟ الطالب : ... الشيخ : لا، الحرف. القارئ : " وانظر إلى السور التي افتتحت *** بأحرفها ترى سرا عظيم الشان لم يأت قط بسورة الا أتى *** في إثرها خبر عن القرآن إذ كان إخبارا به عنها وفي *** هذا الشفاء لطالب الإيمان ويدل أن كلامه هو نفسها *** لا غيرها والحق ذو تبيان وانظر إلى مبدا الكتاب وبعدها *** الأعراف ثم كذا إلى لقمان مع تلوها أيضا ومع حم مع *** يس وافهم مقتضى القرآن " الطالب : ... الشيخ : هاه؟ الفرقان اصبر اصبر ... الطالب : فانظر الشيخ : نعم كيف؟ الطالب : فانظر ولا وانظر؟ الشيخ : فانظر إلى مبدأ الكتاب، فانظر الطالب : هو قال: وانظر الشيخ : أظنه قال وانظر، فانظر ولا انظر؟ القارئ : قلت فاء. الشيخ : قلت فاء، هذا هو الظاهر.
التعليق على الأبيات السابقة وبيان أن الله يتكلم بالنقل والعقل والبرهان
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. الحمدلله رب العالمين. المؤلف رحمه الله ذكر أن الله جل جلاله متكلم، وذكر أنه متكلم بالنقل والعقل والبرهان. النقل والعقل كلاهما دليل، والبرهان وصف للدليل، ويعنى بالبرهان ما برهن على الشيء وأثبته بدون احتمال، فكلما كان الدليل صريحا واضحا واضح الدلالة سمي برهانا. ثم ذكر أن الرسل أجمعوا على أن الله متكلم، وأنه لم ينكره من أتباعهم رجلان، والمراد بقوله: " لم ينكره " يعني: لم يختلف فيه رجلان، وإنما قلنا ذلك لئلا يقال وأنكره رجل، لأن نفي الاثنين لا يمنع إنكار الواحد، ولكن مراده لم ينكره من أتباعهم رجلان، أي: لم يختلف فيه، لم يختلف فيه رجلان، كل أتباع الرسل مجمعون على أن الله متكلم. ثم ذكر المؤلف رحمه الله قال: " فكلامه حقا يقوم به *** وإلا لم يكن متكلما بقرآن " يعني: لولا أن كلامه متعلق به عز وجل وقائم به، ما صح أن نقول: إن القرآن كلامه، ولا لأ؟ لو كان كلامه غير قائم به ما صح أن نقول إن القرآن كلامه، لأن الذين يقولون إن كلامه غير قائم به يجعلون كلامه إما لجبريل أو لمحمد أو الهواء، فلا يجعلون الكلام كلام الله، وعلى رأيهم نقول إن القرآن ليس كلام الله عز وجل. طيب، قال: " والله قال وقائل وكذا يقول *** " جاء المؤلف رحمه الله بالفعل والوصف، الفعل؟ قال ويقول، والوصف؟ قائل، فهو سبحانه وتعالى فاعل للقول موصوف به. " ويكلم الثقلين يوم معادهم *** حقا فيسمع قوله " نعم، يقول ليس كلامه بالفاني، نعم، والله لا يفنى كلام الله (( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ))(( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله )) لو جمع كل ما في الأرض من الأشجار، وجعل أقلاما، وجعل البحر ومن ورائه سبعة أبحر جعل مدادا، ما نفدت كلمات الله، تكسرت الأقلام، ونفد المداد، ولم تنفد كلمات الله عز وجل، لأنه لم يزل ولا يزال متكلما خالقا بما يشاء. قال: " ويكلم الثقلين " وهما الإنس والجن " يوم معادهم *** حقا فيسمع قوله الثقلان وكذا يكلم " كل هذه وردت في أحاديث " وكذا يكلم حزبه في جنة *** الحيوان بالتسليم والرضوان " فيسلم عليهم، ويقول: أحللت عليكم رضاي " وكذا يكلم رسله يوم اللقاء *** حقا فيسألهم عن التبيان " يعني يسأل الله الرسل هل بينتم؟ نعم، يوم القيامة، حتى يقيموا الحجة على الأمم، وكذلك " يراجع التكليم جل جلاله *** وقت الجدال له من الإنسان " فإن الله تعالى يخلو بعبده المؤمن ويقرره بذنوبه حتى يقر بها " ويكلم الكفار في العرصات *** توبيخا وتقريعا بلا غفران " يوم القيامة (( ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ))(( ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين )) " ويكلم الكفار أيضا في الجحيم *** أن اخسؤوا فيها بكل هوان "(( قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون )) " والله قد نادى الكليم وقبله *** قد سمع الندا في الجنة الأبوان " أظن هذا واضح، موجود في القرآن. " وأتى الندا في تسع آيات له *** وصفا فراجعها من القرآن " جيبها لنا الأخ غدا. الطالب : تسع آيات؟ الشيخ : أنت؟ اسمك ظافر؟ الطالب : ناظر. الشيخ : ناظر، طيب، تأتي بها، تسع آيات قد صرح الله فيها بالنداء في القرآن. " وكذا يكلم جبرئيل بأمره *** حتى ينفذه بكل مكان "
إثبات أن كلام الله بصوت والرد على الأشاعرة الذين ينكرون الصوت، وبيان إطلاق أهل البدع على أهل السنة بالحشوية والمجسمة والنوابت
الشيخ :" واذكر حديثا في صحيح محمد *** ذاك البخاري عظيم الشان فيه نداء الله يوم معادنا *** بالصوت يبلغ قاصيا والداني " يقول الله تعالى: ( يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك. فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار ) هذا أخرجه البخاري، ينادي بصوت، نعم، إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار. قال: " هب أن هذا اللفظ ليس بثابت " وش يعني؟ كلمة بصوت، لأن الذين يقولون إن الكلام هو المعنى القائم بالنفس ما يقولون إنه بصوت، والذين يقولون إنه خلقه ما يقولون بصوت، هم يدعون أن الله ما يصوت، ليس له صوت، يقول: " هب أن هذا اللفظ ليس بثابت *** " أي لفظ؟ بصوت، فنقول: هب أنه ليس بثابت " *** بل ذكره مع حذفه سيان " يعني: حتى وإن لم يثبت فالصوت معلوم من النداء. " ورواه عندكم البخاري المجسم *** بل رواه مجسم فوقاني " وهو أعلى طبقات السند وهو الصحابي، فالصحابي عندهم مجسم، بل النبي صلى الله عليه وسلم مجسم، نعم، النبي مجسم عندهم، البخاري مجسم، ولهذا يصفون أهل السنة بأنهم مجسمة حشوية نوابت، تعرفون النوابت؟ طيب، المجسم اللي يقول إن الله جسم، والحشوي اللي على الحواشي والأطراف، يعني ليسوا من صلب الأمة ذولي حواشي الأمة ما فيهم خير، نوابت النوابت هي ما ينبت في الزرع ما ينبت في الزرع من الشجيرات التي ترمى وليس فيها خير، أو غثاء يسمونهم الغثاء، لكن هل يمنع هذا؟ الذين كذبوا الرسل وش قالوا للرسل؟ ساحر ومجنون (( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون )) ولم يضر الرسل شيئا. قال: " أيصح في عقل وفي نقل نداء *** ليس مسموعا لنا بآذان " وش تقولون؟ ما يصح، فينادي، لو فرضنا حذفنا بصوت، فينادي: إن الله يأمرك، كفى في إثبات الصوت، وهو لازمه. " أم أجمع العلماء والعقلاء من *** أهل اللسان وأهل كل لسان " أهل اللسان العربي يعني اللغة العربية، وأهل كل لسان غير لغة العرب، حتى غير لغة العرب " أن الندا الصوت الرفيع وضده *** فهو النجاء كلاهما صوتان " وقد وصف الله نفسه بذلك في آية واحدة (( وناديناه من جانب الطور الأيمن )) هذا من البعد (( وقربناه نجيا )) هذا من الدنو. قال: " والله موصوف بذاك حقيقة *** هذا الحديث ومحكم القرآن " إذن ثبت أن الله يتكلم بماذا؟ بصوت.
إثبات أن كلام الله بحرف، وبيان معنى الحروف المفتتحة بها السور.
الشيخ : قال: " واذكر حديثا لابن مسعود *** صريحا أنه ذو أحرف ببيان " وهو أن ( من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات ) " الحرف منه في الجزاء عشر من *** الحسنات ما فيهن من نقصان وانظر إلى السور التي افتتحت بأحرفها *** ترى سرا عظيم الشان لم يأت قط بسورة إلا أتى *** في إثرها خبر عن القرآن " السور المفتتحة بالحروف الهجائية اختلف العلماء فيها، منهم من قال: علينا أن نفوض المعنى إلى الله، نقول: ما ندري، ومنهم من قال: إنها رموز لأسماء الله الحسنى، أو رموز لوقائع تحدث، أو رموز يفسرونها بما يفسرونها به، ولكن الصحيح أنه ليس لها معنى في حد ذاتها، لأن القرآن عربي، (( بلسان عربي مبين )) وهذه الحروف الهجائية في لغة العرب ليس لها معنى في ذاتها، لكن لها مغزى، المغزى أشار إليه المؤلف هنا، قال: " لم يأت قط بسورة إلا أتى *** في إثرها خبر عن القرآن إذ كان إخبارا به عنها وفي *** هذا الشفاء لطالب الإيمان " يعني: إشارة إلى أن هذا القرآن من هذه الحروف، يعني: ما أتى الله في القرآن بحروف جديدة حتى تقولوا أيها العرب إن هذا يعجزنا لأن الحروف ما هي حروفنا، إنما أتى بأيش؟ بحروف هي الحروف التي تركبون منها كلامكم، ومع ذلك أعجزكم، قال: ويدل على هذا أنه لم يأت سورة فيها مبتدأ بحرف من حروف الهجاء إلا وفيها ذكر عن القرآن، صح؟ الطالب : نعم الشيخ : نعم، لكن قد يقول قائل (( آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون )) نعم، وين؟ (( آلم غلبت الروم في أدنى الأرض )) الطالب : قصص القرآن. الشيخ : إيه نعم، نقول إن (( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون )) صحيح ليس فيها ذكر القرآن لكن فيها ذكر أهل القرآن أنهم يصبرون على الأذى، أما (( غلبت الروم )) ففيها خبر عن أمر غيبي، وهذا لا يكون إلا عن طريق الوحي. قال: " ويدل أن كلامه هو نفسها *** لا غيرها والحق ذو تبيان فانظر إلى مبدا الكتاب وبعدها *** الأعراف " صحيح؟ مبدأ الكتاب ما هو؟ البقرة، وبعدها الأعراف، لكن المؤلف ترك بعض؟ آل عمران، هاه؟ آل عمران، نعم، إلا أن يقال إن آل عمران هاه؟ مثل البقرة آلم. طيب، لكن الظاهر أنه ما أراد الاستقصاء رحمه الله. " ثم كذا إلى لقمان " لقمان مثل البقرة، " مع تلوها " تنزيل السجدة، " ومع حم " والمراد بحم الجنس فيشمل كل الحواميم " مع *** يس "، نعم، وفيه غيرها؟ هاه؟ قاف وصاد ونون، طيب. " وافهم مقتضى الفرقان "، إذن المؤلف ما أراد الحصر، إنما أتى بشيء للتمثيل فقط رحمه الله. الطالب : ... أحمد والبخاري وابن مسعود الشيخ : لا، طيب، أحمد والبخاري تقدموا، ابن مسعود فقط. الطالب : ابن مسعود ... الشيخ : هاه، يلا يا ابن داود خذ ابن مسعود. القارئ : " والأعراف ثم كذا إلى لقمان مع تلوها أيضا ومع حم *** مع يس وافهم مقتضى الفرقان "
القراءة من قول الناظم: فصل في إلزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام
والله عز وجل موص آمر*** ناه منب مرسل لبيان
ومخاطب ومحاسب ومنبىء *** ومحدث ومخبر بالشان
ومكلم متكلم بل قائل*** ومحذر ومبشر بأمان
هاد يقول الحق يرشد خلقه*** بكلامه للحق والإيمان
فإذا انتفت صفة الكلام فكل ه*** هذا منتف متحقق البطلان
وإذا انتفت صفة الكلام كذلك الـ***إرسال منفي بلا فرقان
فرسالة المبعوث تبليغ كلا***م المرسل الداعي بلا نقصان
وحقيقة الإرسال نفس خطابه*** للمرسلين وإنه نوعان
نوع بغير وساطة ككلامه*** موسى وجبريل القريب الداني
منه واليه من وراء حجابه*** إذ لا تراه ها هنا العينان
والآخر التكليم منه بالوسا**طة وهو أيضا عنده ضربان
وحي وإرسال إليه وذاك في الشـ***ـورى أتى في أحسن التبيان
القارئ : " فصل في إلزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام والله عز وجل موص آمر *** ناه منب مرسل لبيان ومخاطب ومحاسب ومنبىء *** ومحدث ومخبر بالشان ومكلم متكلم بل قائل *** ومحذر ومبشر بأمان هاد يقول الحق يرشد خلقه *** بكلامه للحق والإيمان فإذا انتفت صفة الكلام فكل *** هذا منتف متحقق البطلان وإذا انتفت صفة الكلام كذلك *** الإرسال منفي بلا فرقان فرسالة المبعوث تبليغ كلام *** المرسل الداعي بلا نقصان وحقيقة الإرسال نفس خطابه *** للمرسلين وأنه نوعان " الشيخ : وإنه. القارئ : " وحقيقة الإرسال نفس خطابه *** للمرسلين وإنه نوعان نوع بغير وساطة ككلامه *** موسى وجبريل القريب الداني منه إليه من وراء حجابه *** إذ لا تراه ها هنا العينان والآخر التكليم منه بالوساطة *** وهو أيضا عنده ضربان وحي وإرسال إليه وذاك في *** الشورى أتى في أحسن التبيان "
التعليق على الأبيات السابقة وذكر أنواع تكليم الله للرسل، وكيف كان يأتي الوحي لرسول الله
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا الفصل عقده المؤلف ليبين أنه إذا انتفت صفة الكلام عن الله عز وجل انتفت صفة الرسالة. ووجه ذلك: أن الله آمر ناه، مرسل مخاطب محاسب منبيء محدث مكلم قائل محذر مبشر، كل هذه من صفات الله عز وجل، وهل تمكن هذه الأشياء إلا بكلام؟ لا تمكن إلا بكلام، الرسالة لا تمكن إلا بكلام، لأن الرسالة تبليغ كلام المرسل، فالرسول يبلغ كلام المرسل، وإذا كان يبلغ كلام المرسل، ثم قلنا: لا كلام معناه لا رسالة، فصار انتفاء الكلام ليس بالأمر الهين، إذا نفينا الكلام عن الله انتفت الرسالة وانتفى الأمر والنهي والإخبار والإنذار والإنباء والتبشير والتنذير وغير ذلك، والإنذار وغير ذلك، طيب. ثم ذكر المؤلف رحمه الله أن إرسال الله الرسل ينقسم إلى قسمين أو تكليم الله للرسل ينقسم إلى قسمين: قسم بلا واسطة، وقسم بواسطة، والقسم الذي بواسطة ينقسم إلى قسمين أيضا: بواسطة الرسول، نعم، القسم الذي بواسطة بواسطة الرسول، والذي بغير الواسطة ينقسم إلى وحي وإلى مخاطبة، استمع إلى كلامه يقول: " نوع بغير وساطة ككلامه *** موسى وجبريل القريب الداني منه إليه من وراء حجابه *** إذ لا تراه ها هنا العينان والآخر التكليم منه *** بالوساطة وهو أيضا عنده ضربان وحي وإرسال إليه *** وذاك في الشورى بأحسن التبيان " (( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء )). الوحي أن يكلمه الله تعالى بلا واسطة مثل ما حصل لموسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، والواسطة أحيانا يأتيه الملك على صورة إنسان، أو على الصورة التي خلق عليها، فجبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم على الصورة التي خلق عليها مرتين: مرة وهو في غار حراء، ومرة وهو عند سدرة المنتهى، قال الله تعالى (( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ))، أو يكون يلقى في روع الرسول الوحي يعني يلقى في قلبه من غير أن يرى ملكا، من غير أن يرى ملكا. فهذه ثلاثة أنواع، النوع الأول أيش؟ بلا واسطة. الثاني بواسطة الملك على صورة البشر أو على الصورة التي خلق عليها، الثالث بواسطة الملك لكن يلقى في روعه يلقى في روعه الوحي فيعي ما يقول، فيعي ما يقول، وعلى كل فكلها من كلام الله سواء كان بلا واسطة أو كان بواسطة، إي نعم، مشِّ.
القراءة من قول الناظم: فصل في إلزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص إذا انتفت صفة الكلام
وإذا انتفت صفة الكلام فضدها*** خرس وذلك غاية النقصان
فلئن زعمتم أن ذلك في الذي*** هو قابل من أمة الحيوان
والرب ليس بقابل صفة الكلا***م فنفيها ما فيه من نقصان
فيقال سلب كلامه وقبوله*** صفة الكلام أتم للنقصان
إذ أخرس الإنسان أكمل حالة*** من ذا الجماد بأوضح البرهان
فجحدت أوصاف الكمال مخافة ال *** تشــبيه والتجسيم بالإنسان
ووقعت في تشبيهه بالجامدا *** ت الناقصات وذا من الخذلان
الله أكبر هتكت أستاركم*** حتى غدوتم ضحكة الصبيان
القارئ : " فصل في إلزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص إذا انتفت صفة الكلام وإذا انتفت صفة الكلام فضدها *** خرس وذاك غاية النقصان " الشيخ : وذلك القارئ : " وإذا انتفت صفة الكلام فضدها *** خرس وذلك غاية النقصان فلئن زعمتم أن ذلك في الذي *** هو قابل من أمة الحيوان والرب ليس بقابل صفة الكلام *** فنفيها ما فيه من نقصان فيقال سلب كلامه وقبوله *** صفة الكلام أتم للنقصان إذ أخرس " الشيخ : ... عندكم الرب؟ الطالب : لا. الشيخ : هاه؟ الطالب : لا. الشيخ : ... القارئ : " فيقال سلب كلامه وقبوله *** صفة الكلام أتم للنقصان إذ أخرس الإنسان أكمل حالة *** من ذا الجماد بأوضح البرهان فجحدت أوصاف الكلام مخافة *** التشبيه " الشيخ : مخافة الت الطالب : ... الكمال الشيخ : أوصاف الكمال، فجحدت القارئ : " فجحدت أوصاف الكمال مخافة *** التشبيه " الشيخ : منتهى الشطر التاء، مخافة الت*** تشبيه القارئ : " فجحدت أوصاف الكمال مخافة الت *** شبيه والتجسيم بالإنسان فوقعت في تشبيهه " الشيخ : ووقعت القارئ : " ووقعت في تشبيهه بالناقصات *** الجامدات وذا من الخذلان الله أكبر هتكت أستاركم *** حتى غدوتم ضحكة الصبيان "
بيان أن نفي الكلام عن الله يتضمن وصفه بالنقص وهو الخرس
الشيخ : هذا أيضا إلزام آخر بأنه إذا انتفت صفة الكلام انتفت صفة الكمال، وقد سبق أن الكلام هو الكمال، فإذا انتفت صفة الكلام انتفت صفة الكمال، وذلك أن الكلام إذا انتفى حل محله الخرس، والخرس كمال ولا نقص؟ الطالب : نقص. الشيخ : نقص، فإذن إذا قلتم إن الله لا يتكلم فقد وصفتموه بالنقص. فيجيبون عن هذا ويقولون: إن انتفاء صفة الكلام نقص إذا كان المحل قابلا له، أما إذا كان المحل غير قابل له فإن نفي الكلام عنه لا يعتبر نقصا، كما لو قلت: إن الجدار لا يتكلم، فإن ذلك لا يعتبر نقصا في الجدار، لماذا؟ لأنه غير قابل للكلام، فإذا كان غير قابل له لم يكن نفي الكلام عنه نقصا، بل لو قلت: إن الجدار لا يتكلم لضحك عليك الناس، وقالوا: كيف تقول إن الجدار لا يتكلم، هذا شيء معروف، قل إن الجدار ليس فيه تصدع يكون صحيح هذا ولا لأ؟ صحيح، أما تأتي إلينا تقول يا جماعة أنا أحدثكم بأمر، قلنا: تفضل، الجدار لا يتكلم، نقول: الله يفتح عليك، مين قال لك إن الجدار يتكلم، الجدار من الأصل لا يتكلم. هم يقولون: إنك إذا قلت إن الله لا يتكلم ما في هذا عيب ولا نقص على الله، لماذا؟ لأن الله لا يقبل الاتصاف بالكلام، فنفي صفة الكلام عنه كنفي صفة الكلام عن الجدار. سبحان الله، يعني: جعلوا قبول الجدار للكلام وقبول الله للكلام على حد سواء، شف نعوذ بالله، الشر ما يندفع بالشر، يقول رحمه الله: " فلئن زعمتم أن ذلك في الذي *** هو قابل من أمة الحيوان " يعني: أن الكلام يكون نفيه نقصا إذا نفي عمن يكون قابلا له من الحيوان، واضح ولا لأ؟ طيب " والرب ليس بقابل صفة الكلام *** فنفيها ما فيه من نقصان " هذا كلامهم وهذا تمويه لا شك، إذا قالوا نفي الكلام عن الشيء إذا كان قابلا له نقص، وإذا كان غير قابل له فليس بنقص والرب ليس بقابل للكلام فنفي الكلام عنه ليس بنقص، طيب اضربوا مثلا، يقول: مثل الجدار إذا قلت لا يتكلم لم يكن ذلك نقصا في الجدار، لأنه ما يتكلم من الأصل. يقول المؤلف رحمه الله إذا قلتم هذا " فيقال سلب كلامه وقبوله *** صفة الكلام أتم للنقصان " يعني: إذا قلتم إنه لا يقبل أن يتكلم صار أشد نقصا ممَّا إذا قلتم إنه يقبل الكلام ولكن لم يتكلم، صح ولا لأ؟ لأن من لا يقبل الكمال أصلا دون الذي يقبل الكلام ولكن لم يكن فيه الكمال، صح ولا لأ؟ ما فيه شك، يعني إذا قلت إنه لا يقبل الكمال صار ليس أهلا لأن يكون كاملا، بخلاف ما قلت إنه أهل للكمال ولكن سلب عنه لسبب من الأسباب، فمثلا الرجل الأعمى أكمل من الجدار، لأنه قابل للبصر، والجدار غير قابل للبصر، وما يقبل الكمال أكمل من الذي لا يقبل الكمال، لا شك، كل واحد يعرف هذا، واضح يا هداية الله؟ طيب " فيقال لهم سلب كلامه وقبوله *** صفة الكمال أتم للنقصان " ثم ضرب مثلا، قال: " إذ أخرس الإنسان أكمل حالة *** من ذا الجماد بأوضح البرهان " الإنسان الأخرس أكمل من الجدار، لأن الإنسان الأخرس قابل للكلام وهو صفة كمال، والجدار ليس بقابل أصلا مهما قلت ما يمكن يقبل، فهو لا يرد على هذا أن يوم القيامة