معنى قول الناظم: بين لنا تلك المعاني والذي*** منها أريد بواضح التبيان
فاسمع فذاك معطل هذي الجعا***جع ما الذي فيها من الهذيان
قل للمجعجع ويحك اعقل ذا الذي*** قد قلته إن كنت ذا عرفان
الشيخ :" أيضا لدى *** عمرو " وهو سيبويه " فذاك إمام هذا الشان " على لها معاني استوى لها معاني العرش له معاني فاسألوه أي المعاني يُراد " بين لنا تلك المعانيَ والذي *** منها أريد بواضح التبيان " يقول : "بين لنا" هذا تحدي وليس استفهاما واستخباراً لكن يريدون أن يتحدوا هذا يقول ابن القيم : " فاسمع فذاك مُعطلٌ هذي الجعا *** جع ماالذي فيها من الهذيان " الجعاجع الأصوات الغير مَعلومة ما الذي فيها من الهذيان الهذيان كلام الرجل المخَرَّف الذي ليس له ضابط ولا معنى " قل للمجعجع ويحك اعقل ذا الذي *** قد قلتَه إن كنت ذا عِرفان " وهذا تهكم به يعني أنك إن كانك صادق وتعرف اعقل ما تقول نعم .
(الكلام على لفظ العرش وأن دلالته سمعية محضة بخلاف العلو فدلالته سمعية عقلية فطرية)
العرش عرش الرب جل جلاله*** واللام للمعهود في الأذهان ما فيه إجمال ولا هو موهم*** نقل المجاز ولا له وضعان
ومحمد والأنبياء جميعهم*** شهدوا به للخالق الرحمن
منهم عرفناه وهم عرفوه من*** رب عليه قد استوى ديان
الشيخ :" العرش عرش الرب جل جلالُه *** واللام للمعهود في الأذهان " استوى على العرش كلٌ يعرف أن المراد بالعرش عرش الله العرش المجيد هل فيه إجمال؟ أبدا ما فيه إجمال ولا إيهام ولا اشتراك ولا مجاز ولا شيء أبداً فاللام يقول : " للمعهود في الأذهان ما فيه إجمال ولا هو موهم *** نقل المجاز ولا له وضعان " ما فيه إجمال يعني إنه واضح المعنى ولا فيه مجاز لأنه حقيقة ولا له وضع ثان يعني مشترك الوضع الثاني معناه يريد بذلك المشترك يعني أنه بإضافته إلى الله ليس مشتَركا يصلح لهذا ولهذا " ومحمد والأنبياء جميعهم *** شهدوا به للخالق الرحمن " فكل الأنبياء جاؤوا به بأن الله استوى على العرش وقد مرَّ علينا أن عبد القادر الجيلاني رحمه الله قال : إنه مذكور في كل كتاب أنزله الله على كل نبي " منهم عرفناه وهم عرفوه مِن *** رب عليه قد استوى ديان " نحن عرفناه من الأنبياء والأنبياء عرفوه منين ؟ من الله وفي هذا إشارة إلى أن دَلالة الاستواء دلالة سمعية مَحضة بخلاف العلو فإن دلالته إيش ؟ سمعية عَقلية فِطرية أما الاستواء فدلالته سمعية ما عرفناه إلا عن الأنبياء والأنبياء عرفوه عن الله عز وجل .
(اطلاقات العرش)
لم تفهم الأذهان منه سرير بلـ***ـقيس ولا بيتا على الأركان كلا ولا عرشا على بحر ولا*** عرشا لجبريل بلا بنيان
كلا ولا العرش الذي إن ثل من*** عبد هوى تحت الحضيض الداني
كلا ولا عرش الكروم وهذه الـ***أعناب في حرث وفي بستان
الشيخ :" لم تفهم الأذهانُ منه سريرَ بلـ ***ـقيس " نعم المعطل يقول تعال (( الرحمن على العرش استوى )) على عرش بلقيس ولها عرش عظيم هل أحد يفهم هذا؟ أبدا ولهذا قال : " لم تفهم الأذهان منه سرير بلـ *** ـقيس ولا بيتاً على الأركان " العرش يُطلق على السقف على الأعمدة هل يفهم الناس من قوله تعالى : (( الرحمن على العرش استوى )) أنه استوى على سقف على أعمدة؟ أبدا لا يفهمون ذلك " كلا ولا عرشا على بحرٍ " العرش على البحر هذا عرش الشيطان الشيطان ينصب عرشه على البحر ويُرسل جنوده لإضلال الناس فهل أَحد يفهم أن المراد بالعرش الذي استوى عليه الرحمن هو عرش الشيطان اللي على البحر ؟ كلا " ولا *** عرشاً لجبريل بلا بنيان " أيضا لا يفهمون منه عرش جبريل وذلك أن جبريل عليه الصلاة والسلام لما تأخر الوحي عن النبي عليه الصلاة والسلام أول ما نزل عليه سمع صوتاً فرفع رأسه فإذا هو جبريل على كرسي بين السماء والأرض هذا عرش جبريل نعم " كلا ولا العرش الذي إن ثُلّ " عندكم إن تلّ بالتاء، بالثاء إن ثلّ يعني هُدم " من *** عبد هوى تحت الحضيض الداني " من هو عرشه هذا ؟ عرش السلطان الملِك له عرش لكن لو يجي واحد من تحته يجره سقط هل يفهم الناس (( الرحمن على العرش استوى )) أنه استوى على عرش السلطان " كلا ولا عرش الكُروم وهذه الـ *** أعناب في حرث وفي بستان " ما فهموا أنه استوى على عرش الكروم الأعناب أبداً هذه الأسماء للعرش كُلها لا يمكن أن تفهم من قوله تعالى : (( الرحمن على العرش استوى )) إذن ترديدهم لهذا الكلام وقولهم العرش يحتمل معاني كثيرة باطل ولا غير باطل ؟ باطل لأن كلّ هذه المعاني التي يذكرونها لا تُفهم من قوله تعالى : (( الرحمن على العرش استوى )) .
معنى قول الناظم: لكنها فهمت بحمد الله منه عر***ش الرب فوق جميع ذي الأكوان
وعليه رب العالمين قد استوى*** حقا كما قد جاء في القرآن
الشيخ :" لكنها فَهمت بحمد الله " نعم هذا معطوف معلى قوله : " لم تفهم الأذهان " " لكنها فهمت بحمد الله عر*** ش الرب فوق جميع ذي الأكوان " الطالب : بحمد الله منه الشيخ :" لكنها فَهِمت بحمد الله عرش " الطالب : بحمد الله منه الشيخ : لكنها فَهمت منه بحمد الله ؟ الطالب : بحمد الله منه الشيخ : لكنها فهمت بحمد الله منه إيش ؟ الطالب : عرش . الشيخ : لا فيه زيادة عندكم " لكنها فهمت بحمد الله عر*** ش الرب فوق جميع ذي الأكوان وعليه رب العالمين قد استوى *** حقاً كما قد جاء في القرآن " انتهينا الآن من العرش وتشكيكهم في معناه وتبين لنا أن ما ذكروا من المعاني لا يرد على قوله تعالى : (( الرحمن على العرش استوى )) وأشبابها لأن العرش هنا المراد به العرش المعهود وهو عرش الله عز وجل
(معنى لفظ الاستواء )
وكذا استوى الموصول بالحرف الذي*** ظهر المراد به ظهور بيان لا فيه إجمال ولا هو مفهم*** للاشتراك ولا مجاز ثان
الشيخ : بقينا استوى استوى لها عدة معاني أليس كذلك ؟ فإذن تبقى مجملة لا يعرف المقصود منها فيقول رحمه الله : " وكذا استوى الموصول بالحرف الذي *** ظهر المراد به ظهورَ بيان " استوى على العرش مقيّد بحرف يُعرف معناه به معنى استوى على الشيء يعني علا عليه واضح لا يحتمل سوى هذا ولهذا قال : " وكذا استوى الموصول بالحرف الذي *** ظهر المراد به ظهور بيان لا فيه إجمال ولا هو مُفهم *** للاشتراك ولا مجازٍ ثان " هذه الثلاثة نفاها بالأول بالنسبة للعرش ونفاها بالثاني بالنسبة لاستوى ليس فيه إجمال حتى يكون موهماً ولا فيه اشتراك يعني أنه موضوع لمعنيين على السواء ولا فيه مجاز بل هو حقيقة في سياقه .
(معنى استوى إذا قيدت بحرف على أو إلى والفرق بينهما)
تركيبه مع حرف الاستعلاء نص *** في العلو بوضع كل لسان
فإذا تركب مع إلى فالقصد مع*** معنى العلو لوضعه ببيان
و إلى السماء قد استوى فمقيد*** بتمام صنعتها مع الإتقان
لكن على العرش استوى هو مطلق*** من بعدها قد تم بالأركان
الشيخ :" تركيبُه مع حرف الاستعلاء نص *** في العلو بوضعِ كل لسان " تركيبه يعني إيش ؟ استوى مع حرف الاستعلاء وهو على نص في العلو بوضع كل لسان فإذا قيل استوى على كذا يعني علا عليه لا أحد يشكل عليه هذا الشيء، بقي علينا أنه قد يتركب مع غير على قال : " فإذا تركب مع إلى فالقَصد مع *** معنى العلو لوضعِه ببيان " إذا قيل استوى إلى كذا صار معناه قصد إلى كذا مثل قوله تعالى : (( ثم استوى إلى السماء وهي دُخان )) معناها قصد إلى السماء لكن قَصَدَ بإرادة كاملة مع علو ولا يمكن أن نقول استوى هنا بمعنى ارتفع لأن إلى للغاية فإذا قُلنا ارتفع إلى السماء لزم أن يكون في الأول سافلاً تحت السماء وهذا غيرُ مراد قطعا ولهذا فسرها ابن كثير بأن المراد بها قصد إلى السماء وليس المعنى علا إلى السماء لأن هناك فرقا بين استوى على السماء وبين استوى إلى طيب ولهذا قال : " فإذا تركّب مع إلى فالقصد مع *** معنى العلو لوضعه ببيان وإلى السماء قد استوى فمُقيد *** بتمام صُنعتها مع الإتقان " قال : (( ثم استوى إلى السماء فسواهن )) وهذا واضح أن المراد قصد إليها ليسويها ويحسنها (( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا )) من أجل إتمامها لكن ما قال استوى إلى العرش ليتمها العرش تام من قبل ثم استوى عليه بعد تمامه بخلاف استوائه إلى السماء فإنه من أجل إتمامها (( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فسواهن سبع سماوات )) ولهذا قال : " وإلى السماء قد استوى فمقيد *** بتمام صنعتها مع الإتقان لكن على العرش استوى هو مطلقٌ *** من بعدها قد تم بالأركان " واضح ففرق بين استوى إلى السماء واستوى على العرش طيب .
لكنما الجهمي يقصر فهمه*** عن ذا فتلك مواهب المنان
فإذا اقتضى واو المعية كان معـ***ـناه استوى متقدم والثاني (إذا اقترن الاستواء بواو المعية)
الشيخ :" لكنما الجهمي يقصر فهمه *** عن ذا فتلك مواهب المنان " الجهمي يقصر فهمه عن التفريق بين على وبين إلى ومواهب الرحمن عز وجل، المنان تختلف من شخص لآخر من الناس من يهبه الله عز وجل فهما وعلما ومن الناس من لا يهبه فهما ولا علما ومن الناس من يهبه علماً بلا فهم ومن الناس من يهبه فهما بلا علم " فإذا اقتضى واو المعية كان معـ *** ـناه استوى متقدم والثاني " إذا اقتضى واو المعية يعني معناه إذا اقترن بها كان معناه استوى متقدم والثاني كقولهم : استوى الماءُ والخشبةَ يعني إن الماء حاذى الخشبَة نعم المعنى للاستواء هُنا إيش ؟ التساوي المعنى التساوي ولهذا قال : " كان معناه استوى مُتقدمٌ والثاني " استوى الماءُ والخشبة وين المتقدم ؟ استوى الماء والخشبة أين المتقدم ؟ الماء معناه أنه تساوى ما قبل الواو وما بعدها واضح يا جماعة؟ طيب إذا أتت استوى مقرونة بعلى فمعناها العلو مقرونة بإلى القصد غير مقرونة بشيء المحاذاة مقرونة بواو المعية المحاذاة والمساواة الرابع .
فإذا أتى من غير حرف كان معـ***ـناه الكمال فليس ذا نقصان (معنى استوى إذا جردت)
لا تلبسوا بالباطل الحق الذي*** قد بين الرحمن في الفرقان
الشيخ : قال رحمه الله : " فإذا أتى من غير حرفٍ كان معـ *** ـناه الكمال فليس ذا نقصانِ " مثل قوله تعالى : (( ولما بلغ أشده واستوى )) هذا ما قُيد بشيء معناه إيش؟ كمُل فصارت استوى تُستعمل على أربعة وجوه في اللغة العربية مقرونة بعلى ويش بعد ؟ وإلى، مقرونة بواو المعية مجردة لم تقترن بشيء وكل واحدة يُعرف معناها بما اقترن بها " لا تلبسوا بالباطل الحق الذي *** قد بين الرحمن في الفرقان " انتهى الآن من الكلام على العرش وعلى استوى بقي عندنا علا .
معنى قول الناظم: (معنى لفظ علا)
وعلا للاستعلاء فهي حقيقة*** فيه لدى أرباب هذا الشان
الشيخ : قال : " وعلى للاستعلاء فهي حقيقةٌ *** فيه لدى أرباب هذا الشان " على الأصل فيها أنها للاستعلاء كما قال ابن مالك في * الألفية * : " على للاستعلاء " فهي دائماً للاستعلاء فإذا قيل استوى على كذا يعني علا عليه اطلع على كذا يعني علا عليه باطلاعه ركِب على كذا عَلا عليه فهي تدل على العلو هذا هو الأصل فيها يقول : " لدى أربابِ هذا الشان " والأول الجهمي ويش يقول ؟ عند عمروٍ عند سيبويه كأن ابن القيم يقول أنت إذا نقلت عن عالم من علماء النحو فأنا أنقل عن جميع علماء النحو ولهذا قال : " لدى أربابِ هذا الشان " يعني بالإجماع .
وكذلك الرحمن جل جلاله*** لم يحتمل معنى سوى الرحمن (معنى لفظ الرحمن وهو خاص بالله عز وجل )
الشيخ :" وكذلك الرحمن جلّ جلاله " وهو الرابع الرحمن هل يحتمل معنىً سوى الرب عز وجل ولهذا قال : " لم يحتمل معنى سوى الرحمن" فأين الإجمال وأين الاشتراك وأين الإيهام في قولِه : (( الرحمنُ على العرشِ استوى )) ما فيه شيء لا في استوى ولا في على ولا في العرش ولا في الرحمن . " يا ويحَه بعماه لو وجد اسمَه الر *** حمن محتملا لخمس معان " معلوم لو قال الرحمن والله يحتمل خمسة معاني ويش يصير ؟ يقول يا ويحه يصير مشرك ، يكون مشركا، الرحمن لا يحتمل إلا معنى واحدا وهو رب العزة جل وعلا ولذلك لا يُسمى به غيره أبداً لا يسمى به غيره ولا يوصف به غيره لا يجوز أن تقول عن أي شخص إنه رحمن حتى النبي عليه الصلاة والسلام لا يصح أن تقول إنه بالمؤمنين رحمان قل رحيم ولهذا نقول : الله والرحمن اسمان خاصان بالله لا يُسمى بهما غيرُه أبداً نعم.
معنى قول الناظم: يا ويحه بعماه لو وجد اسمه الر*** حمن محتملا لخمس معان
لقضى بأن اللفظ لا معنى له*** إلا التلاوة عندنا بلسان
فلذاك قال أئمة الإسلام في*** معناه ما قد ساءكم ببيان
ولقد أحلناكم على كتب لهم*** هي عندنا والله بالكيمان (معنى الكيمان هو الشيء الكثير)
الشيخ : يقول : " *** لم يحتمل معنى سوى الرحمن يا ويحه بعماه لو وجد اسمه الر *** حمن محتملا لخمس معان لقضى بأن اللفظ لا معنى له *** إلا التلاوةُ عندنا بلسان فلذاك قال أئمة الإسلام في *** معناهُ ما قد ساءكم ببيان " أي في معنى (( استوى على العرش )) ما قد ساءكم " ولقد أحلناكم على كتبٍ لهم *** هي عندنا والله بالكيمان " الكيمان جمع أكوام والأكوام جمع كومة وهي الشيء المجتمع ولهذا إذا أراد الناس أن يقولوا عن الشيء إنه كثير قالوا عندنا كومة نعم عندنا كومة من الإبل كومة من الغنم كومة من الطعام نعم فالكيمان هنا فعلان جمع إيش ؟ أكوام وأكوام جمع كومة نعم والله أعلم . لا ما وقف أخذها أظن ياسر ياسر خلاص إي لكن بس ما أشوف ... هو موجود الآن في البلد ولا مسافر ؟ ما هو بيجي يعني ما علم أن الدراسة بدأت المهم من يشوفه منكم يعلمه أن الدراسة بدأت نعم .
القراءة من قول الناظم: فصل في بيان سبب غلطهم في الألفاظ والحكم عليها باحتمال عدة معان حتى أسقطوا الاستدلال بها..إلى قوله نص لديه واضح التبيان
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم " فصل : في بيان سبب غلطهم في الألفاظ والحكم عليها باحتمال عدة معانٍ حتى أسقطوا الاستدلال بها واللفظ منه مفرد ومركب *** في الاعتبار فما هما سيان واللفظ في التركيب نص في الذي *** قصد المخاطِب منه في التبيان" الشيخ : المخاطِبُ القارئ : " واللفظ في التركيب نص في الذي *** قصد المخاطِبُ منه في التبيان أو ظاهر فيه وذا من حيث *** نسبته إلى الأفهام والأذهان فيكون نصاً عند طائفة وعند *** سواهمُ هو ظاهر التبيان ولدى سواهم مجمل لم يتضح *** لهم المراد به اتضاح بيان فالأولون لإلفِهم ذاك الخطا *** بَ وإلفهم معناه طول زمان طال المراس لهم لمعناه كما *** اشتدت عنايتهم بذاك الشان والعلم منهم بالمخاطِبِ إذ هم *** أولى به من سائر الإنسان ولهم أتم عناية بكلامه *** وقصوده مع صحة العرفان فخطابه نص لديهم قاطعٌ *** فيما أريد به من التبيان لكنّ من هو دونهم في ذاك لم *** يقطع بقطعهمُ على البرهان ويقول يظهر ذا وليس بقاطعٍ *** في ذهنه لا سائرِ الأذهان ولإلفه بكلام من هو مقتد *** بكلامه من عالم الأزمان هو قاطعٌ بمراده وكلامُه *** نصٌ لديه واضحُ التبيان " .
بيان القاعدة: عند الاحتمال يسقط الاستدلال وهل هذه القاعدة عامة أم لا ؟
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم يقول المؤلف رحمه الله في بيان سبب غلط هؤلاء الذين يدعون أن للفظ الواحد احتمالاتٍ كثيرة من أجل أن يبطلوا دلالَته على المراد لأن من القواعد المقررة أنه عند الاحتمال يسقُط الاستدلال فإذا قالوا هذا يحتمل كذا وهذا يحتمل كذا وكذا وكذا فأي الوجوه تريدون إذا قلت نريد كذا قال لك من أين الدليل أن المراد كذا دون الاحتمالات الأخرى وحينئذٍ يسقط الاستدلال فالمؤلف رحمه الله يريد أن يبين السبب وأنه ليس كل لفظ يحتمل معنى في سياق يكون محتملاً له في سياق آخر فاللفظ قد يحتمل معنى في سياق من السياقات ولكن لا يحتمل هذا المعنى في سياق آخر بل يكون من القرائن الحالية أو اللفظية ما يمنع إرادة هذا المعنى بحسب تركيب الكلام وبحسب القرينة الحالية وسياق الكلام وتركيبِه .
واللفظ منه مفرد ومركب*** في الاعتبار فما هما سيان (مثال لاحتمال اللفظ المفرد لمعنيين)
الشيخ : ولهذا قال : " واللفظ منه مفرد ومركبٌ *** في الاعتبار فما هما سيان " يعني قد يكون للفظ معنىً عند انفراده ومعنىً آخر عند اقترانه في سياقٍ آخر ومن أبرز الأمثلة على ذلك القرية أحياناً يكون المراد بها أهل القرية وأحيانا يكون المراد بها نفس القرية فإذا سمعت قول الله عز وجل : (( وكم من قريةٍ أهلكناها وهي ظالمة )) فما المراد ؟ أهل القرية وإذا سمعت الله يقول : (( إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ )) فالمراد القرية نفسها أهل هذه القرية، أنا أتكلم عن القرية لأن ليس المراد بالقرية هنا أهل القرية لأن أهل موجودة مذكورة فالمراد نفس القرية يعني إنا مهلكو ساكني هذه القرية فتجد أن كلمة الواحدة صار لها معنى قاطع في سياق ومعنى قاطع في سياق آخر طيب .
واللفظ في التركيب نص في الذي*** قصد المخاطب منه في التبيان (تعريف النص وهل في القرآن واللغة مجاز)
الشيخ :" واللفظ في التركيب نصٌ في الذي *** قصد المخاطِبُ منه في التبيان " "اللفظ في التركيب نص" النص عندهم ما لا يحتمل إلا معنى واحداً فهو بمعنى الصريح ومنه قولهم : مِنصة العروس وهو الكُرسي الذي تأتي وتجلس عليه فلو سألت الجمع من هذه ؟ لقالوا هي العروس المرأة ما يحتمل غيرها كذلك أيضاً النص في الكلام هو الذي لا يحتمل سوى معناه فهو صريح فيه يقول : " نص في الذي *** قصد المخاطِبُ منه في التبيان " فالتركيب يجعله نصاً ومن هنا قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " إنه لا مجاز في القرآن ولا في اللغة العربية " لماذا ؟ لأن السياق يجعل اللفظ صريحاً في المعنى ونصاً في المعنى ولا يحتمل المجاز (( اخفض لهما جناح الذل من الرحمة )) غير قول القائل : اكسر جناح الطير، واضح؟ لأن الكل يعرف اكسر جناح الطير المراد به الجناح الذي يطير به الطير جناح الذل معناه مرتفع الذل أنك لا ترتفع عليهما بل اخفض لهما ذُل لهم كالجناح إذا خُفِض فإن الطائر لا يطير إذن الكلام نص في سياقه وحينئذٍ نقول لا مجاز في اللغة العربية لأن السياق يُعين المعنى ويمنع المجاز ولا شك أن ما قاله رحمه الله هو الحق أنه لا مجاز في اللغة العربية لأن الكلمات في حد ذاتها لا يعين معناها تماماً إلا السياق فإذا تعين معنى الكلمة في سياقِها حينئذٍ يكون احتمال إرادة الحقيقة الأصلية في الوضع غير وارد فيبقى الكلام حقيقة في سياقه نصا في معناه يقول : " واللفظ في التركيب نصٌ في الذي *** قصد المخاطِبُ منه في التبيان " هذه واحدة.
(تعريف الظاهر والمجمل)
أو ظاهر فيه وذا من حيث نسـ***ـبته إلى الأفهام والأذهان
فيكون نصا عند طائفة وعنـ***ـد سواهم هو ظاهر التبيان
ولدى سواهم مجمل لم يتضح*** لهم المراد به اتضاح بيان
الشيخ :" أو ظاهر فيه " الظاهر هو الذي يحتمل معنيين هو في أحدهما أظهر فمرتبتُه دون النص يكون ظاهرا ولكنه ليس نصا فهو أقل دلالةً من النص هناك مجمل يكون فيه اللفظ مُحتمِلا لمعنيين على السواء هذا مجمل فالكلام ثلاثة أقسام : ما لا يحتمل إلا معنىً واحداً فهذا الطالب : نص الشيخ : طيب ما يحتمل معنيين هو في أحدهما أظهر هذا ظاهر الأظهر هو الظاهر ما يحتمل معنيين على السواء فهذا مُجمل يحتاج إلى بيان فالمؤلف بيّن هذا كله قال : " أو ظاهر فيه وذا من حيث نسـ *** ـبتُه إلى الأفهام والأذهان " يعني رحمه الله أن الظهور والنصية بحسب الأفهام والأذهان ثم بيَّن ذلك " فيكون نصا عند طائفة وعنـ *** ـد سواهمُ هو ظاهرُ التبيان " يعني يكون اللفظ الواحد نصاً عند طائفة لا يحتمل غير معنى واحدا ويكون ظاهرا عند طائفة أخرى يعني يحتمل معنيين هو في أحدهما أظهر وهناك طائفة ثالثة يكون عندها مُجملا وسيذكره ولهذا تجد الآن المفتين يفتيك رجل فيقول الظاهر والله أن هذا جائز ، الظاهر أنه جائز لقوله تعالى كذا وكذا فيكون هذا الرجل فاهماً للنص أو فاهما للدليل فهم نص أو فهم ظاهر ؟ الطالب : فهم ظاهر الشيخ : فهم ظاهر ويأتيك إنسان آخر مفتي فيقول هذا حرام لقوله تعالى كذا وكذا فيكون هذا الرجل فاهماً للدليل فهم نص والله يؤتي فضله من يشاء كثيرٌ من الناس تكون الأدلة عنده واضحة كأنها نصوص صريحة وبعض الناس تكون ظاهرة وبعض الناس تكون مُشتبِهة ما يستطيع يعطيك حكما من أي دليل لأنه مشتبهة عنده الأدلة يقول : " ***وعنـد سواهم هو ظاهر التبيان ولدى سواهم " يعني لدى سوى الطائفتين الأوليين " ولدى سواهم مُجمل لم يتضح *** لهم المراد به اتضاح بيان " فقسم رحمه الله الناس باعتبار الدليل إلى ثلاثة أقسام : قسم منهم يكون له الدليل نصا ظاهرا لا يحتمل معنى آخر قسم آخر يكون عندهم الدليل ظاهر مع احتمال معنىً مرجوح قسم ثالث يكون مجملاً لا يتضح فيه المراد .
(بيان القسم الأول من الناس وهم العلماء الربانيين الذين لهم عناية بالنصوص فهما ومرادا ومقصدا)
فالأولون لإلفهم ذاك الخطـا***ب وإلفهم معناه طول زمان طال المراس لهم لمعناه كما اشـ***ـتدت عنايتهم بذاك الشأن
والعلم منهم بالمخاطب اذ هم*** أولى به من سائر الإنسان
لهم أتم عناية بكلامه*** وقصوده مع صحة العرفان
فخطابه نص لديهم قاطع*** فيما أريد به من التبيان
الشيخ :" فالأولون" يعني بيّن هذا السبب لماذا كان هذا الدليل الواحد نصاً عند قوم وظاهراً عند قوم ومجملاً عند آخرين .قال : " فالأولون" صار نصاً عندهم " لإلفهم ذاك الخطـا *** بَ وإلفهم معناه طول زمان " اللهم اجعلنا منهم هؤلاء ألفوا خطاب الله ورسولِه وألِفوا معناه وصار المعنى الظاهر لغيرهم نصاً عندهم حتى إن بعضهم يُميِّز صحة الحديث من ضعفه بمجرد ما يسمعه وإن لم ير سنده لماذا ؟ لأنهم ألفوا كلام الرسول عليه الصلاة والسلام واختلط بدمائهم حتى كانوا يعرفون هذا كلام الرسول من كلام غيره كما أننا نحن الآن إذا طالعنا كُتب عالم من العلماء ثم مرت بنا عبارة من عباراته وإن لم تنسب إليه عرفنا أنها من كلامِه ،كثيراً ما يمر علينا شيء من كلام شيخ الإسلام نعرف أنه كلامه وإن لم يكن منسوباً لأننا طالعنا كلامَه كثيراً وألفناه وكذلك ابن القيم وغيره فالحاصل أن هؤلاء الذين ألِفوا كلام الرسول عليه الصلاة والسلام وفهموه يكون المعنى عندهم نصاً يقول : " طال المراس لهم لمعناه كما اشـ *** ـتدت عنايتهم بذاك الشانِ والعلم منهم بالمخاطِبِ إذ همُ *** أولى به من سائرِ الإنسان ولهم أتمُّ عنايةٍ بكلامِه *** وقصودِه مع صحة العرفان فخطابُه نصٌ لديهم قاطعٌ *** فيما أريد به من التبيان " ذكر رحمه الله أموراً متعددة : أولاً : أنهم ألفوا الخطاب خطاب الرسول عليه الصلاة والسلام وألفوا معناه من كثرة ممارستهم له هذه واحدة ثانياً : أن لهم عناية تامة في معرفة كلام النبي صلى الله عليه وسلم وتدبر معناه حتى يكون عندهم نصاً قاطعاً ثالثاً : أنهم يعلمون بحال الرسول عليه الصلاة والسلام ومُراده ومقصده لأنهم يعرفون الغايات الحميدة من الشريعة الإسلامية فتجدهم يعرفون مراد النبي صلى الله عليه وسلم بخطابِه نصاً قاطعا لأنهم يعرفون مقاصدَ الشريعة فلأجل هذه الأمور الثلاثة أو الأربعة كانوا يعلمون مراد النبي صلى الله عليه وسلم بكلامه عِلماً قاطعا نصا ولهذا قال : " فخطابه نص لديهم قاطع *** فيما أريد به من التبيان " .
(بيان القسم الثاني من الناس)
لكن من هو دونهم في ذاك لم*** يقطع بقطعهم على البرهان ويقول يظهر ذا وليس بقاطع*** في ذهنه ولا سائر الأذهان
ولإلفه بكلام من هو مقتد*** بكلامه من عالم الأزمان
هو قاطع بمراده وكلامه*** نص لديه واضح التبيان
الشيخ :" لكن من هو دونهم في ذاك لم *** يقطع بِقَطعِهم على البرهان " الذين دون هؤلاء إما في إلفهم لكلام الرسول وكونهم لا يمارسونَه دائماً وكون أكثر ما يقرؤون كتبَ العلماء دون الأدلة أو لأشياء أخرى تكون في نفوسهم تمنعهم من أن يكون الكلام نصاً لديهم بل هو " يقول يظهر ذا وليس بقاطعٍ *** في ذهنه " لو كان قاطعاً لكان نصا لكنه يقول : يظهر كذا " في ذهنه لا سائر الأذهان " لأن هناك من يقول إنه نص بل وهناك من هو دونَه يقول : إنه مجمل ولهذا قال : " لا سائر الأذهان ولإلفه بكلام من هو مقتدٍ *** بكلامه من عالِم الأزمان هو قاطع بمرادِه وكلامُه *** نصٌ لديه واضحُ التبيان " يقول : هذا الرجل الذي كان لا يفهم الأدلة لماذا ؟ لأنه مشتغلٌ بكلام مَن ؟ متبوعه ومقلَّده فتجدُه يفهم من خطابِ مقلَّده نصَّ المقلَّد فهماً قاطعاً نصاً لكن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لا يفهمُه هذا الفهم وهذا ما قاله ابن القيم رحمه الله واقع فإن كثيراً من الناس ولاسيما المُكِبون على الكتب المهتمون بالتقليد تجدهم إذا جاءتهم النصوص يقفون حيارى لكن في كتب مقلَّديهم عندهم علم كامل يفهمون النصوص منطوقاً ومفهوماً وإيماء وإشارة بخلاف النصوص الشرعية والذي ينبغي لطالب العلم أن يركِّز على فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قبل كل شيء أن يستعين على فهمها بكُتب أهل العلم يعني لا يطرح كتب أهل العلم جانباً ولا يعتمد عليها ويدع الكتاب والسنة بل يأخذ من هذا وهذا ويجعل العُمدة الكتاب والسنة نعم .
القراءة من قول الناظم: والفتنة العظمى من المتسلق...إلى قوله... طمعت بذا وخدعت الشيطان
القارئ : " والفتنةُ العظمى من المتسلق *** المخدوع ذي الدعوى أخي الهذيان لم يعرف العلمَ الذي فيه الكلا *** م ولا له إلفٌ بهذا الشان لكنه منه غريب ليس مِن *** سكانه كلا ولا الجيران فهو الزنيم دعي قومٍ لم يكن *** منهم ولم يصحبهم بمكان " الشيخ : يصحبهمُ بمكان القارئ : " فهو الزنيم دعي قومٍ لم يكن *** منهم ولم يصحبهمُ بمكان وكلامهم أبداً لديه مجملٌ *** وبمعزلٍ عن إمرة الإيقان نشد التجارة بالزيوف يخالُها *** نقداً صحيحا وهو ذو بطلان حتى إذا رُدت إليه ناله *** من ردِّها خزيٌ وسوءُ هوان فأراد تصحيحا لها إذ لم يكن *** نقدُ الزيوف يروج في الأثمان ورأى استحالة ذا بدون الطعن في *** باقي النقودِ فجاء بالعدوان واستعوض الثمنَ الصحيح بجهله *** وبِظلمه يبغيه بالبهتان عَوجا ليسلم نقده بين الورى *** ويروّجُ فيهم كامل الأوزان والناس ليسوا أهلَ نقدٍ للذي *** قد قيل إلا الفرد بالأزمان والزيفُ بينهم هو النقد الذي *** قد راج في الأسفارِ والبلدان إذ هم قد اصطلحوا عليه وارتضوا *** بجوازه جهراً بلا كِتمان فإذا أتاهم غيرُه ولو انه *** ذهب مصفىً خالصُ العِقيان ردوه واعتذروا بأن نقودهم *** من غيره بمراسمِ السلطان فإذا تعاملنا بنقدٍ غيره *** قُطعت جَوامِكُنا من الديوان واللهِ منهم قد سمعنا ذا ولم *** نكذب عليهم ويح ذي البهتان يا من يريد تجارةً تنجيه من *** غضبِ الإله وموقد النيران وتفيده الأرباح بالجنات *** والحور الحسان ورؤيةِ الرحمن في جنة طابت ودام نعيمها *** ما للفناء عليه من سلطان هيِّئ لها ثمنا يباع بمثلها *** لا تُشترى بالزيف من أثمان نقداً عليه سكةٌ نبويةٌ *** ضربُ المدينة أشرف البلدان أظننت يا مغرور بائعها الذي *** يرضى بنقدٍ ضربِ جنكيز خان مَنّتك واللهِ المحال النفسُ أن *** طمعت بذا وخُدعت بالشيطان " . فاسمع إذن الشيخ : حسبك
(بيان القسم الثالث من الناس من حيث الأدلة الشرعية)
والفتنة العظمى من المتسلق المـ***ـخدوع ذي الدعوى أخي الهذيان لم يعرف العلم الذي فيه الكلا***م ولا له ألف بهذا الشان
لكنه منه غريب ليس من*** سكانه كلا ولا الجيران
الشيخ : المؤلف رحمه الله تعالى يقول : إن الفتنة العُظمى من المتسلِّق المـخدوع ذي الدعوى أخي الهذيان وهذا هو القسم الثالث الذي تكون الأدلة عنده من باب المجمل لأنه لا يعرف فالفتنة العظمى من المتسلِّق المخدوع ذي الدعوى أخي الهذيان " لم يعرف العلمَ الذي فيه الكلا *** مُ ولا له ألفٌ بهذا الشان " وهذا هو الصحيح البلاء كل البلاء من لا يعرف الدليل ولا يهتم به وهو عنده غير قاطع الدلالة ولا ظاهر الدلالة أيضاً يقول : " لكنه منه " أي من الكلام الذي هو الكتاب والسنة وهو الدليل " منه غريب ليس من *** سكانه كلا ولا الجيران " فهو غريب ليس من سكان هذا المحل ولا من جيرانه حتى يفهم .
(تعريف الزنيم ومعنى قول أهل البدع الأدلة دلالتها ظنية والعقل دلالته قطعية والرد عليهم)
فهو الزنيم دعي قوم لم يكن*** منهم ولم يصحبهم بمكان
وكلامهم أبدا لديه مجمل*** وبمعزل عن إمرة الإيقان
الشيخ :" فهو الزنيم " والزنيم هو الذي ينتسِب إلى قوم وليس منهم كما قال تعالى : (( عتلٍ بعد ذلك زنيم )) فهو يدعي العلم ولكنه ليس من العلماء " فهو الزنيم دَعي قوم لم يكن *** منهم ولم يصحبهمُ بمكان وكلامهم أبدا لديه مجملُ *** وبمعزلٍ عن إمرة الإيقان " كلامهم الضمير يعود على كلام القوم الذي هو الكتاب والسنة لدى هذا الرجل مجمل لا يبين المراد به ولهذا يقول : " بمعزل عن إمرة الإيقان " ولهذا يقولون النصوص دلالَتها ظنية والعقل دلالته قطعية ولا معارضة بين الظني والقطعي لأننا نقدم القطعي على الظني ولهذا قدموا العقول وأنكروا المنقول نسأل الله العافية فبعضهم مثلاً يقول في القرآن يقول : القرآن دَلالته على المعنى ظنية لأنه لا يستطيع أن يطعن في سنده الأحاديث إن كانت من قسم المتواتر الذي لا يمكن ردُّه يقول دلالَتها ظنية كالقرآن وإن كان مما يمكن رده وهو عندهم خبر الآحاد ولو صح يقول : ثبوته ظني هو ظني الثبوت فلا يعارض القطعي ولهذا ضلوا والعياذ بالله ضلالا بعيدا فيقول : الأدلة الشرعية هذه القاعدة عندهم : الأدلة الشرعية لا تفيد اليقين لأنها إما ظنية الثبوت وإما ظنية الدلالة. ما الذي يفيد اليقين ؟ عندهم العقل هذا العقل الذي اضطربوا فيه أعظم اضطراب لم يختلفوا في شيء كما اختلفوا في مدلولات العقول حتى إن بعضهم يقول شيخ الإسلام : بعضُهم يقول هذا واجب عقلاً ويأتي آخر يقول هذا مستحيلٌ عقلا إيش هذا ؟ طرفا نقيض بل إن بعضهم في كتُبه مؤلفاته القديمة والحديثة يرى امتناع ما رأى وجوبَه من قبل فأين اليقين ؟ أين اليقين في دَلالة العقل بين قوم يرى بعضُهم أن هذا واجب عقلاً والثاني يرى أنه مستحيل عقلا أو أن الرجل نفسه واحدا يقول في موضع هذا مستحيل ويقول في موضع آخر هذا واجب، فأين الدلالة القطعية في الأمور العقلية؟ لكن كلام الله وكلام رسوله كما سمعتم في الأول حسب ما ألِف الإنسان من كتاب الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام يعرف أن هذا نصٌ قاطع في دلالته، والآخر اللي دونه يرى أنه ظاهر أما المتسلق الذي يدعي المعرفة وليس بعارف فهذا يرى أنه مُجمل وليس فيه شيء يقيني .
(مثال للمعطلة مع أهل السنة)
نشد التجارة بالزيوف يخالها*** نقدا صحيحا وهو ذو بطلان حتى إذا ردت إليه ناله*** من ردها خزي وسوء هوان
فأراد تصحيحا لها إذ لم يكن*** نقد الزيوف يروج في الأثمان
ورأى استحالة ذا بدون الطعن في*** باقي النقود فجاء بالعدوان
الشيخ : يقول : " نشد التجارةَ بالزيوف يخالها *** نقدا صحيحا وهو ذو بطلان " إنسان صلحوا له قطعة من الحديد مموهة بفضة مصورة صورة الدرهم وقالوا هذه دراهم وهو لا يعرف ماذا يكون قبولُه لها ؟ يقبلها على أنها نقد صحيح فهو يقول : " نشد التجارة بالزيوف يخالها *** نقداً صحيحا وهو ذو بطلان حتى إذا رُدت إليه ناله *** من ردها خزي وسوء هوان " إذا رُدت إليه هذه الزيوف، قيل أنت أعطيتنا دراهم مزيفة حينئذ يبوء بالخزي والهوان " فأراد تصحيحا لها إذ لم يكن *** نقدُ الزيوف يروج في الأثمان ورأى استحالة ذا بدون الطعن في *** باقي النقودِ فجاء بالعدوان " لما أراد يصحح نقوده الزائفة ويش قال ؟ قال : أنت ليش تقول زائفة قال النقود اللي بين يدي الناس تخالف نقوده طب كل النقود اللي في أيدي الناس كلها زيف ما هي صحيحة والصحيح عندي طبق هذا على مذهب أهل التعطيل مع أهل السنة يقول لأهل السنة كل ما قلتم هذا خطأ والصواب ما نحن عليه هذه تنطبق على هذا المثال الذي ذكره المؤلف " ورأى استحالة ذا بدون الطعن في *** باقي النقودِ فجاء بالعدوان واستعوض الثمن الصحيح بجهله *** وبظلمه يبغيه بالبهتان عِوجا " يعني أنه يبغي النقود الصحيحة السليمة "عوجا ليسلم نقده بين الورى *** ويروج فيهم كامل الأوزان " وهذا يروج على الناس أو لا ؟ نعم يروج ولهذا قال : " والناس ليسوا أهلَ نقدٍ للذي *** قد قيل إلا الفردُ في الأزمان " .