والفرق بين الدعوتين فظاهر*** جدا لمن كانت له أذنان ( لماذا قال أذنان ولم يقل عينان )
فرق مبين ظاهر لا يختفي*** إيضاحه إلا على العميان
الشيخ : فالفرق بيِّن مبين بين دعوة الرسول ودعوة المعطلين، ولهذا قال: " والفرق بين الدعوتين فظاهر جدا *** " جدا مصدر عامله محذوف، أي: أجد الأمر جدا، والجد ضد الهزل. " *** لمن كانت له أذنان " قال لمن كانت له أذنان لأنه رحمه الله سيلقي الفرق، وكان المتوقع أن يقول لمن كانت له عينان، لكن لما كان هو سيلقي الفرق طلب منا أن نستمع، فقال: " *** لمن كانت له أذنان فرق مبين ظاهر لا يختفي *** إيضاحه إلا على العميان " ثم بيّن وجه الفرق.
فالرسل جاؤونا بإثبات العلو*** لربنا من فوق كل مكان ( بيان الفرق الأول وهو إثبات العلو لله بخلاف المعطلين فقد انقسموا إلى قسمين قسم قالوا هو في مكان وقسم قالوا لا في مكان )
الشيخ : فقال: " فالرسل جاؤونا بإثبات العلو *** لربنا من فوق كل مكان " قال تعالى: (( يخافون ربهم من فوقهم ))، الرسل كلهم مجمعون على أن الله فوق كل شيء، والمعطلون يقولون: لا، وانقسموا في ذلك في ضد ما جاءت به الرسل، انقسموا إلى قسمين: قسم قالوا إنه بذاته في كل مكان، في المساجد، في البيوت، في الحشوش، في كل مكان والعياذ بالله. وقسم قالوا: إنه ليس له مكان، ما هو في شيء، لا فوق العالم ولا تحته، ولا يمينه ولا شماله، ولا أمامه ولا خلفه، ولا فوقه ولا تحته، نعم، ولا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل ولا منفصل، ولا مباين ولا محاثث، وأتوا من هذا بالعجب العجاب، أعرفتم؟ الرسل قالوا إنه فوق كل شيء، ولهذا قال: " من فوق كل مكان ".
وكذا أتونا بالصفات لربنا*** الرحمن تفصيلا بكل بيان ( الفرق الثاني وهو إتيان بالصفات وإثباتها إجمالا وتفصيلا )
الشيخ :" وكذا أتونا بالصفات لربنا *** الرحمن تفصيلا بكل بيان " نعم، أتو بالصفات المفصلة، وأحيانا مجملة، ففي قوله تعالى: (( ولله المثل الأعلى )) هذا مجمل، وفي قوله: (( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة )) إلى آخره، مفصل.
وكذاك قالوا أنه متكلم*** وكلامه المسموع بالآذان ( إثبات جميع الرسل لصفة الكلام لله عز وجل )
الشيخ :" وكذاك قالوا إنه متكلم *** وكلامه المسموع بالأذان " كلهم يقولون إنه متكلم، وكلموا ربهم عز وجل، منهم من كلم الله، كلمه موسى، كلمه آدم، كلمه محمد عليهم الصلاة والسلام.
وكذاك قالوا أنه سبحانه*** المرئي يوم لقائه بعيان (إثبات جميع الرسل لصفة رؤية الله في الآخرة )
الشيخ :" وكذاك قالوا إنه سبحانه *** المرئي يوم لقائه بعيان " يعني: أنه يرى بالعين يوم نلقاه عز وجل، نسأل الله أن نلقاه وهو راضٍ عنا، يرى بعيان، يراه الناس بأعينهم، وقد بيّن أفصح الخلق وأنصح الخلق وأهدى الخلق وأفصحهم بيّن أنه يرى كما يرى القمر، ويرى كما ترى الشمس صحوا ليس دونها سحاب، والتشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي، وهل أبين من قول الرسول: ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا ).
وكذاك قالوا إنه الفعال حقـ***ـا كل يوم ربنا في شان ( إثبات جميع الرسل لصفة الفعل لله وأنه فعال لما يريد )
الشيخ :" وكذاك قالوا إنه الفعال حقا *** كل يوم ربنا في شان " الله أكبر! (( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن )) يغني ويفقر، ويحي ويميت، وينشئ ويعدم، كل يوم هو في شأن، وما أكثر الأيام، من يحصيها؟ الله عز وجل، وما أكثر الحوادث في الأيام، كل هذه الحوادث بأمر ربنا عز وجل، يحدثها كما يشاء حيث تقتضيه حكمته، نعم.
القراءة من قول الناظم: وأتيتمونا أنتم بالنفي..إلى قوله.. وأتم نصحا في كمال بيان
القارئ : " وأتيتمونا أنتم بالنفي والتـ *** ـعطيل بل بشهادة الكفران للمثبتين صفاته وعلوه *** ونداءه في عرف كل لسان شهدوا بإيمان المقر بأنه *** فوق السماء مباين الأكوان وشهدتم أنتم بتكفير الذي *** قد قال ذلك يا أولي العدوان وأتى " الشيخ : بأين الله. القارئ : " وأتى بأين الله إقرارا ونطـ *** ـقا قلتم هذا من البهتان فسلوا لنا بالأين مثل سؤالنا *** ما الكون عندكم هما شيئان وكذا أتونا بالبيان فقلتم *** باللغز أين اللغزَ من تبيان " الشيخ : أين اللغزُ القارئ : " وكذا أتونا بالبيان فقلتم *** باللغز أين اللغزُ من تبيان إذ كان مدلول الكلام ووضعه *** لم يقصدوه بنطقهم بلسان والقصد منه غير مفهوم به *** ما اللغز عند الناس إلا ذان يا قوم رسل الله أعرف منكم *** وأتم نصحا في كمال بيان "
( بيان أهل التعطيل جمعوا بين نفي الصفات وتعطيلها وبين الجناية على المثبتين )
وأتيتمونا أنتم بالنفي والتـ***ـعطيل بل بشهادة الكفران
للمثبتين صفاته وعلوه*** ونداءه في عرف كل لسان
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله: إن نفي ما أتت به الرسل من إثبات الصفات والعلو للرب عز وجل والكلام، قال: " وأتيتمونا أنتم بالنفي " فقلتم لا يتكلم، وليس فوق العرش، وليس له صفة، ففرق بين هذا وهذا. " وأتيتمونا أنتم بالنفي والتعطيل *** بل بشهادة الكفران للمثبتين صفاته وعلوه *** " فهم والعياذ بالله جنوا في حق الله، وحق كلامه، وحق رسوله، وحق أتباعه، ليتهم عطلوا وسكتوا، بل قالوا: من أثبت فهو كافر، ولهذا قال رحمه الله: " *** بل بشهادة الكفران للمثبتين صفاته وعلوه *** ونداءه في عرف كل لسان " واضح؟ فصار منهم عدوان عظيم، ويلزم من قولهم أن الرسل أيش؟ كفار، لأنهم مثبتون، وهم يقولون: من أثبت فقد جسم، ومن قد جسم فقد كفر، واضح؟ هذا اللازم قد ينكرونه مكابرة، ويقولون نحن لا نكفر الرسل، معاذ الله، مكابرة. نقول: طيب، إذا كنتم تقولون من قال إن لله وجه فهو كافر، وش معنى هذا؟ هل هذا إلا تكفير الرسل؟!
( بيان أن من أثبت الصفات لله فقد شهد له جميع الرسل بالإيمان وشهد له المعطلة بالكفر ) شهدوا بإيمان المقر بأنه*** فوق السماء مباين الأكوان
وشهدتم أنتم بتكفير الذي*** قد قال ذلك يا أولي العدوان
الشيخ : يقول: " شهدوا بإيمان المقر بأنه *** فوق السماء مباين الأكوان " يعني: أن الرسل شهدوا بإيمان المقر بأنه فوق السماء مباين الأكوان " وشهدتم أنتم بتكفير الذي *** قد قال ذلك يا أولي العدوان " وهذا فرق ولا غير فرق؟ الطالب : فرق. الشيخ : فرق يا عبد المنان؟ وش الفرق؟ الطالب : أن ما شهدت به الرسل ليس كما شهد به أهل التعطيل. الشيخ : الرسل يشهدون بأن من أقر بعلو الله فهو مؤمن، وأنتم تشهدون بأن من أقر بعلو الله فهو كافر، إذن ناقضتم الرسل تماما. " وشهدتم أنتم بتفكير الذي *** قد قال ذلك يا أولي العدوان "
( السؤال بالأين أثبته الرسل ونفاه المعطلة وذكر حديث الجارية )
وأتى بأين الله إقرارا ونطـ***ـقا قلتم هذا من البهتان
فسلوا لنا بالأين مثل سؤالنا*** ما الكون عندكم هما شيئان
الشيخ :" وأتى بأين الله إقرارا ونطقا *** قلتم هذا من البهتان " مَن الذي قال أين الله؟ الرسول عليه الصلاة والسلام، قال للجارية التي أعتقها معاوية بن الحكم، قال لها: ( أين الله؟ قالت: في السماء. قال: مَن أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها فإنها مؤمنة ) فشهد لها بالإيمان حين أقرت بأن ربها هو الذي في السماء، ويذكر أنه قال لحصين أبي عمران بن حصين: ( كم إلها تعبد؟ قال: سبعة، ستة في الأرض، وواحد في السماء. قال: مَن تعد لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء. فأقره النبي عليه الصلاة والسلام ). وش عندكم أنتم؟ فسلوا لنا؟ الطالب : فسؤالنا. الشيخ : إيه إيه، الظاهر أن فسؤالنا أحسن. " فسؤالنا بالأين مثل سؤالنا *** ما الكون عندكم هما شيئان " يعني: أن السؤال بالأين إنما يكون عن الكون، يعني: أين هو كائن؟ أين هو موجود؟ فهو سؤال عن المكان. فإذا قيل: أين فلان، فما الجواب؟ الطالب : في بيته مثلا. الشيخ : في بيته، في المسجد، في السوق، لكن لو قيل: أين فلان؟ قال: غدا. هاه؟ يصح ولا ما يصح؟ لا يصح. أين فلان؟ لحم وعصب. هاه؟ الطالب : ما يصح الشيخ : لو تجيب السائل أين فلان؟ قال: والله فلان لحم وعصب وعظام. قال: أنت مجنون، ولا أنا مجنون؟ أسألك أين هو تجيبني عن حقيقته وماهيته. فالأين إنما يسأل بها عن أيش؟ عن المكان لا شك، والنبي عليه الصلاة والسلام أفصح الخلق وأعلمهم بمدلولات اللغة العربية، لما قال: أين؟ ما هو يسأل ما الله، ولا يسأل ما سلطانه أين هو، يسأل عن الله نفسه أين هو؟ والمرأة أجابت في السماء، وهذا واضح جدا.
وكذا أتونا بالبيان فقلتم*** باللغز أين اللغز من تبيان ( دعوة جميع الرسل جاؤوا بالبيان. ودعوة المعطلين جاؤوا باللغز والكتمان ومعنى اللغز وذكر الشيخ للغز والجواب عليه )
الشيخ : يقول: " وكذا أتونا بالبيان فقلتم *** باللغز أين اللغز من تبيان " اللغز يعني التعمية والإخفاء، الرسل أتوا بالتبيان ولا باللغز؟ بالتبيان البيّن الواضح، أما اللغز فلم يأتوا به، ولهذا لو قال لكم قائل: رجل صلى صلاة فريضة ووجب عليه أن يتشهد فيها ست مرات وجوبا، وهي صلاة فريضة، يجب أن يتشهد فيها ست مرات، لقلتم: وش هذا؟ صلاة واحدة فيها ست تشهدات، هذا أيش؟ هذا لغز، لأنه يعمي علينا، نعم، وأظن سليمان يعرفها؟ تعرفها؟ الطالب : لا لا. الشيخ : الصلاة اللي فيها ست تشهدات، طيب هذا فهد؟ الطالب : هذه الصلاة صلاة المغرب. الشيخ : صلاة المغرب، أو الظهر لأنها أربع؟ الطالب : لا، المغرب بس ما أدركها كاملة مع الإمام، إنما أدرك الركعة الأخيرة، أو الركعة الثانية بعد الرفع فأدرك الشيخ : بعد الرفع من أين؟ الطالب : بعد الرفع من الركوع. الشيخ : طيب. الطالب : فأدرك التشهد الآن ... الركعة. الشيخ : هاه؟ هذا واحدة. الطالب : ثم تشهد مع الإمام فسها الإمام سهوا يكون السجود قبل السلام. الشيخ : قبل السلام؟ هاه. الطالب : فسجد مع الإمام وجلس للتشهد. الشيخ : ما تشهد قبل السلام ما في تشهد الطالب : طيب، اثنين. الشيخ : اثنين. الطالب : ثم قام وأتمها فأصبح عنده تشهدين الشيخ : هاه. الطالب : ... وكان له، وسها أيضا هو وتشهد قبل أن يسلم، يعني: سجد سجود السهو ثم جلس. الشيخ : يعني سجد سجود السهو قبل السلام؟ الطالب : بعد السلام. الشيخ : بعد السلام. الطالب : هذا على قول بعض العلماء اللي يقولون. الشيخ : ما بعد جات فيها قولان الطالب : هذا كم تشهد؟ الشيخ : أربع، تشهدان مع الإمام، ثلاثة بعد. الطالب: خمسة. الشيخ : خمسة خمسة، هذه خمسة. الطالب : بقي سجود السهو عندما يسهو. الشيخ : ما يخالف، هو لما سها وأتى بالسجود والتشهد حصل التشهد الخامس. الطالب : ثلاثة يا شيخ. الشيخ : نأجلها إلى بكرة؟ هاه؟ أو أقولها أنا أسرع. الطالب : قولها. الشيخ : طيب، دخل مع الإمام في الركعة الثانية في المغرب، فجلس تشهد التشهد الأول للإمام، ولا يحسب له، وتشهد مع الإمام التشهد الثاني، وكان الإمام ساهيا سهوا يكون سجوده بعد السلام، والمشهور من المذهب أن المأموم يتابع الإمام في السجود بعد السلام، وأن السجود بعد السلام يجب فيه التشهد، فهذا تابع الإمام وتشهد، كم هذه؟ الطالب : ثلاثة. الشيخ : ثلاثة، ثم قام إلى الركعة الثانية فجلس للتشهد الأول في حقه، ولكنه سلم، فسلم قبل تمام الصلاة، ثم ذكر فقام، فأتى بالركعة، أي الركعات؟ الثالثة، وتشهد، وكان محل السجود عنده بعد السلام، لأنه سلم قبل إتمامها، فسجد بعد السلام وتشهد، كم هذه؟ ست تشهدات، إيه نعم. المهم أن اللغز معناه التعمية، أن يأتي الإنسان بشيء يعمي على غيره، نعم، ولهذا يقولون: إنه لا يجوز أن تؤكل الأترجة بعد العصر في رمضان، لا يجوز أن تؤكل الأترجة بعد العصر في رمضان. الطالب : وفي غير رمضان. الشيخ : لا. الطالب : ما تؤكل بعد العصر ... الشيخ : طيب، يقول: " ما اللغز عند الناس إلا ذان " لا قبله قبلها. " أين اللغز من تيبان "
( بيان أن اللفظ والمعنى غير مفصود عند المعطلة بل أولوه ومثاله قوله تعالى:{ وجاء ربك } ) إذ كان مدلول الكلام ووضعه*** لم يقصدوه بنطقهم بلسان والقصد منه غير مفهوم به*** ما اللغز عند الناس إلا ذان
الشيخ :" إذ كان مدلول الكلام ووضعه *** لم يقصدوه بنطقهم بلسان " يعني: العلة بأن الرسل أتوا باللغز لأن مدلول الكلام ووضع الكلام، وضع الكلام يعني الألفاظ لم تقصد، والمدلول لم يقصد، إذا قيل: (( وجاء ربك )) فقيل المراد جاء أمر ربك، صار اللفظ لم يقصد، صح؟ لأن اللفظ اللي أمامنا (( جاء ربك )) هم يقولون: هذا غير مقصود، وش المقصود؟ جاء أمر ربك، المعنى الذي يظهر من قوله (( جاء ربك )) مقصود عندهم ولا غير مقصود؟ غير مقصود. إذن فاللفظ بحسب وضعه غير مقصود، ومدلول اللفظ أيضا عندهم غير مقصود، مقصود اللفظ في قوله: (( وجاء ربك )) أن الجائي من؟ الرب عز وجل، وهذا أيضا مدلول الخطاب وضعا، أي لغة، هم نفوا هذا وهذا. ويقول المؤلف رحمه الله: " ووضعه *** لم يقصدوه بنطقهم بلسان والقصد منه " ماذا قصدوا في (( جاء ربك )) على زعم هؤلاء المؤولة؟ جاء أمر ربك. " والقصد منه غير مفهوم به *** " القصد الذي هو جاء أمر ربك على زعمهم غير مفهوم من قوله هاه؟ (( وجاء ربك ))، ما يفهم منه هذا، اللي يفهم من جاء ربك أنه جاء هو بنفسه. " والقصد منه غير مفهوم به *** ما اللغز عند الناس إلا ذان " إلا ذان، المشار إليه مخالفة الوضع باللسان العربي، وقصد غير المفهوم منه، هذا هو اللغز، نعم. الطالب : ... الشيخ : هاه؟ الطالب : باقي بيت. طالب آخر : لا لا الشيخ : قرأنا هذا؟
يا قوم رسل الله أعرف منكم*** وأتم نصحا في كمال بيان ( بيان أن جميع الرسل قد توفرت فيهم أربع صفات أنهم أعلم بالألفاظ وأنصح وأبين للمعنى وأصدق خبرا)
الشيخ :" يا قوم رسل الله أعرف منكم *** وأتم نصحا في كمال بيان " ذكر ثلاثة أشياء من مقومات اللفظ: " يا قوم رسل الله أعرف منكم *** " أعرف بمعنى أعلم، وأعرف بمدلول الخطاب. " *** وأتم نصحا في كمال بيان " بيان يعني فصاحة، فهذه يا إخواني ثلاثة أشياء من مقومات الكلام: العلم، والنصح، والبيان، كلها اجتمعت في كلام الرسل، في أمر رابع أيضا وهو الصدق، فهم أصدق الناس خبرا، فإذا اجتمعت هذه المقومات صار الكلام على أتم وجه.
التعليق على قول الناظم: أترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ*** بينتموه يا أولي العرفان
الشيخ :" أترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ *** بينتموه يا أولي العرفان " سخرية عظيمة بهؤلاء، يعني: أتظنون أنهم ألغزوا في التوحيد، وأنتم بينتموه؟! " يا أولي العرفان " يعني: يا أصحاب المعرفة، وهذا تهكم بهم واستهزاء، نعم.
القراءة من قول الناظم: أترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ..إلى آخر الفصل
القارئ : " أترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ *** بينتموه يا أولي العرفان أترونهم قد أظهروا التشبيه وهـ *** ـو لديكم كعبادة الأوثان ولأي شيء لم يقولوا مثل ما *** قد قلتم في ربنا الرحمن ولأي شيء صرحوا بخلافه *** تصريح تفصيل بلا كتمان ولأي شيء بالغوا في الوصف با *** لإثبات دون النفي كل زمان ولأي شيء أنتم بالغتم *** في النفي والتعطيل بالقفزان فجعلتم نفي الصفات مفصلا *** تفصيل نفي العيب والنقصان وجعلتم الإثبات أمرا مجملا *** عكس الذي قالوه بالبرهان أتراهم عجزوا عن التبيان واسـ *** توليتم أنتم على التبيان أترون أفراخ اليهود وأمـةِ الت *** تعطيل والعبّاد للنيران " الشيخ :" أترون أفراخ اليهود وأمةَ الـ *** تعطيل " عندكم بالكسر؟ القارئ : إيه نعم. " أترون أفراخ اليهود وأمةَ الـ *** ـتعطيل والعبّاد للنيران ووقاح أرباب الكلام الباطل ال *** مـذموم عند أئمة الإيمان من كل جهمي ومعتزل ومِن *** " الشيخ : مَن القارئ : " من كل جهمي ومعتزل ومَن *** والاهما من حزب جنكسخان بالله أعلم من جميع الرسل والتـ *** ـوراة والإنجيل والقرآن فسلوهم بسؤال كتبهم التي *** جاؤوا بها عن علم هذا الشان وسلوهم هل ربكم في أرضه *** أو في السماء وفوق كل مكان أم ليس من ذا كله شيء فلا *** هو داخل أو خارج الأكوان فالعلم والتبيان والنصح الذي *** فيهم يبين الحق كل بيان لكنما الإلغاز والتلبيس والـ *** ـكتمان فعل معلم الشيطان ".
التعليق على قول الناظم: أترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ*** بينتموه يا أولي العرفان
أترونهم قد أظهروا التشبيه وهـ***ـو لديكم كعبادة الأوثان
الشيخ : يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: " أترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ *** بينتمهو يا أولي العرفان " أترونهم يعني الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم قد ألغزوا في التوحيد، وأنتم بينتموه؟! " أترونهم قد أظهروا التشبيه وهو *** لديكم كعبادة الأوثان " أظهروا التشبيه بماذا؟ بإثبات الصفات، لأن هؤلاء المعطلة يا إخواننا يقولون: كل من أثبت صفة لله فهو مشبه، وهو عابد وثن، لأنه يلزم من إثباته أن يكون الله جسما كالأوثان، ولهذا قال المؤلف: " وهو *** لديكم كعبادة الأوثان " يعني: والإثبات لديكم كعبادة الأوثان، لأنكم تقولون: من أثبت صفة فهو مجسم، أي: جاعل لله جسما كالوثن الذي يعبد.
التعليق على قول الناظم: ولأي شيء لم يقولوا مثل ما***قد قلتم في ربنا الرحمن
ولأي شيء صرحوا بخلافه*** تصريح تفصيل بلا كتمان
الشيخ :" ولأي شيء لم يقولوا مثل ما *** قد قلتم في ربنا الرحمن " يعني: ما الذي منعهم أن يقولوا كما تقولون، مع أنهم ملزمون بالبلاغ، ولو كان الحق كما قلتم لكانوا هم الذين يبينونه لا أنتم. " ولأي شيء صرحوا بخلافه *** تصريح تفصيل بلا كتمان " بأي شيء؟ ما الذي حملهم على أن يصرحوا بخلاف ما تزعمون أنه الحق؟!
( دعوة الرسل التفصيل في الإثبات والإجمال في النفي عكس المعطلين وسبب إتيان أحيانا التفصيل في النفي في دعوة الرسل ) ولأي شيء بالغوا في الوصف بالـ***إثبات دون النفي كل زمان ولأي شيء أنتم بالغتم*** في النفي والتعطيل بالقفزان
الشيخ :" ولأي شيء بالغوا في الوصف *** بالإثبات دون النفي كل زمان " بالغوا في الوصف بالإثبات، يعني: أتوا بالإثبات إثبات الصفات لله عز وجل على وجه الأكثرية، ولهذا لو تأمت النصوص لوجدت أكثر ما فيها في الإثبات التفصيل، وفي النفي الإجمال، عكس طريق هؤلاء. " ولأي شيء أنتم بالغتم *** في النفي والتعطيل بالقفزان " عكس ما جاءت به الرسل، الرسل أتوا بإثبات مفصل غالبا، ونفي مجمل، وهؤلاء بالعكس، ولهذا لا تكاد تجد نفيا مفصلا في صفات الله إلا لسبب، إما أن تكون صفة عيب ادعاها المفتري، مثل دعوى اليهود والنصارى والمشركين بأن له ولدا، فقال: (( لم يلد ولم يولد ))، أو نفي صفة يتوهمها واهم من فعل شيء كبير عظيم مثل خلق السماوات (( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب )) لأنه ربما يقول قائل: طيب، السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام تلحق الفاعل تعبا، فقال: (( وما مسنا من لغوب ))، وفي نفس الوقت قوله: (( وما مسنا من لغوب )) رد لما قاله المفترون وهم اليهود، حيث قالوا لعنة الله عليهم: إن الله عز وجل لما خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وكان آخرها يوم الجمعة تعب، فاستراح يوم السبت، ولم يكن خلق في يوم السبت، هذا على زعم اليهود، نعم. " ولأي شيء أنتم بالغتم *** في النفي والتعطيل بالقفزان " الظاهر القفزان جمع قفيز، والقفيز أكبر من الصاع بكثير، يعني أنتم كأنكم كلتم بالنكال الأوفى بالنسبة للإثبات ولا للنفي؟ بالنسبة للنفي.
التعليق على قول الناظم: فجعلتم نفي الصفات مفصلا*** تفصيل نفي العيب والنقصان
وجعلتم الإثبات أمرا مجملا*** عكس الذي قالوه بالبرهان
الشيخ :" فجعلتم نفي الصفات مفصلا *** تفصيل نفي العيب والنقصان " ولهذا تجد في كتبهم: إن الله ليس بجوهر، ولا عرض، ولا كذا، ولا كذا، ولا كذا، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، نعم، ولا أصم، ولا أعمى، ولا أخرص، وما أشبه ذلك، لا تكاد تجد فيهم صفة ثبوتية، إذا انتهى الوقت علمني؟ الطالب : انتهى. الشيخ : انتهى؟ هاه؟ الطالب : " وجعلتم الإثبات أمرا مجملا *** " الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. قال المؤلف في بيان طريق أهل التعطيل، قال: " فجعلتم نفي الصفات مفصلا *** تفصيل نفي العيب والنقصان " يعني: أن أهل التعطيل، تقدموا ما في أحد، يعني: أن أهل التعطيل سلكوا طريقا مخالفا لطريق القرآن والسنة، ففصلوا في النفي وأجملوا في الإثبات، وأما طريق الكتاب والسنة فهو التفصيل في الإثبات والإجمال في النفي. " وجعلتم الإثبات أمرا مجملا *** عكس الذي قالوه بالبرهان "
أتراهم عجزوا عن التبيان واسـ***ـتوليتم أنتم على التبيان
أترون أفراخ اليهود وأمـ***ـة التعطيل والعباد للنيران ( بيان أن الجعد بن درهم أخذ مقالته من لبيد بن أعصم اليهودي وكذا أخذ من المجوس )
ووقاح أرباب الكلام الباطل المـ***ـذموم عند أئمة الإيمان
من كل جهمي ومعتزل ومن*** والاهما من حزب جنكسخان
الشيخ :" أتراهم عجزوا عن التبيان *** واستوليتم أنتم على التبيان " هذا الاستفهام للنفي والإنكار، يعني: لا تظنهم أنهم عجزوا عن التبيان، وأنكم أنتم استوليتم عليهم. " أترون أفراخ اليهود وأمة *** التعطيل والعباد للنيران ووقاح أرباب الكلام الباطل *** المذموم عند أئمة الإيمان من كل جهمي ومعتزل ومَن *** والاهما من حزب جنكسخان بالله أعلم "، هذا متعلق بقوله: " أترون ". قال: " أترون أفراخ اليهود " الفرخ صغار الطير، ومعلوم لنا جميعا أن الفرخ مهين ضعيف، لا يقوى أن يخلص نفسه، فيقول أفراخ اليهود، يعني بذلك أهل التعطيل، لأن الجعد بن درهم يقال إنه أخذ مقالته عن لبيد بن الأعصم الذي ثبت في صحيح البخاري أنه سحر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هنا أخذت مقالة التعطيل من أيش؟ من اليهود، ولا شك أن اليهود معروفون بسب الله عز وجل، فقالوا: إن الله فقير، وقالوا: يد الله مغلولة، فوصفوه بالفقر والإعدام وبالبخل، وقالوا: إنه عجز واستراح يوم السبت، فوصفوه بالعجز، يعني: كيف كان أهل التعطيل أفراخا لليهود؟ لأن الجعد بن درهم على ما يقال أخذ مقالته من لبيد بن الأعصم، كذلك أفراخ اليهود " وأمة *** التعطيل والعباد للنيران " المجوس، والظاهر أن أفراخ اليهود والعبادِ، يعني: وأفراخ العباد للنيران يعني المجوس. كيف كان أخذ هذه المقالة من المجوس؟ يقال: إن الجعد بن درهم أنه كان في حران، وكان فيه كثير من الصابئة والمجوس، فأخذ منهم. وكذلك: " ووقاح أرباب الكلام الباطل *** المذموم " يعني الوقحاء من أرباب، أي: أصحاب الكلام المذموم " عند أئمة الإيمان "، ثم بين هؤلاء، فقال: " من كل جهمي ومعتزل ومن *** والاهما من حزب جنكسخان " يعني: التتار وغيرهم ممن عطلوا الله عز وجل عن صفاته.
بيان أقوال السلف في ذم الكلام والكلام على واصل بن عطاء مؤسس المعتزلة
الشيخ : طيب، قال: أهل الكلام المذموم عند أئمة الإيمان، فعلم الكلام عند الأئمة مذموم، حتى إن بعضهم قال: " من تعلم الكلام فقد تزندق "، وقال الشافعي رحمه الله: " حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في العشائر، ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على علم الكلام ". قال: " من كل جهمي " نسبة إلى من؟ الجهم بن صفوان. " ومعتزل " نسبة إلى عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء، فإن واصل بن عطاء اعتزل مجلس الحسن البصري، وجعل يقرر مذهب المعتزلة، ويقول: إن فاعل الكبيرة في منزلة بين منزلتين، لا مؤمن ولا كافر.
التعليق على قول الناظم: بالله أعلم من جميع الرسل والتـ***ـوراة والإنجيل والقرآن
فسلوهم بسؤال كتبهم التي*** جاءوا بها عن علم هذا الشان
الشيخ :" بالله أعلم "يعني: أترون هؤلاء " بالله أعلم من جميع الرسل *** والتوراة والإنجيل والقرآن " وهذا الاستفهام لأيش؟ للإنكار، يعني لا تظنوهم أعلم بهؤلاء. " فسلوهم بسؤال كتبهم التي *** جاؤوا بها عن علم هذا الشان " سلوهم، كيف نسألهم وقد ماتوا؟ يقول: بسؤال كتبهم، لأن الكتاب يعبر عما في نفس الكاتب، يقول: " سلوهم ".
( عقيدة المعطلة في مسألة أين الله والرد عليهم )
وسلوهم هل ربكم في أرضه*** أو في السماء وفوق كل مكان أم ليس من ذا كله شيء فلا*** هو داخل أو خارج الأكوان
الشيخ :" وسلوهم هل ربكم في أرضه *** أو في السماء وفي كل مكان أم ليس من ذا كله شيء فلا *** هو داخل أو خارج الأكوان " ينقسمون في هذا إلى قسمين: منهم من يجيب بالأول، ومنهم من يجيب بالثاني. الأول ما هو؟ أن الله في أرضه، نعم، كما هو في السماء، وهؤلاء هم الحلولية الذين قالوا: إن الله في كل مكان. " أم ليس من ذا كله شيء فلا *** داخل أو خارج الأكوان " هؤلاء المعطلة النفاة الذين قالوا: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل ولا منفصل، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا مباين ولا محاثث. ونحن نقول: إن الله لا يخلو إما أن يكون في الأرض كما هو في السماء، أو في السماء وحده، أو في الأرض وحدها، أو ليس في الأرض ولا في السماء، فالأقسام كم؟ أربعة، إما في السماء وحدها، أو في الأرض وحدها، أو فيهما جميعا، أو ليس في واحدة منهما. في الأرض وحدها ما علمنا أحدا قال به. في السماء وحدها من قال به؟ أهل السنة. في السماء والأرض الحلولية. لا في السماء ولا في الأرض المعطلة النفاة، إيه نعم. قال، نعم؟ الطالب : ... الشيخ : لا، أقبح، الاتحادية يقولون: الرب والخلق شيء واحد. " أم ليس من ذا كله شيء فلا *** هو داخل أو خارج الأكوان "
التعليق على قول الناظم: فالعلم والتبيان والنصح الذي*** فيهم يبين الحق كل بيان
لكنما الألغاز والتلبيس والـ***ـكتمان فعل معلم شيطان
الشيخ :" فالعلم والتبيان والنصح الذي *** فيهم يبين الحق كل بيان لكنما الألغاز والتلبيس *** والكتمان فعل معلم الشيطان " العلم والتبيان والنصح هذا كله للرسل وأتباعهم، أما هؤلاء فعندهم الإلغاز والتلبيس والكتمان، لأنهم يتلقون علومهم من الشياطين فيأتون بها كالألغاز، لا تفهم، نعم.
سؤال حكم الشافعي في أهل الكلام هل يطبق على جميع أهل البدع
السائل : شيخ، كلام الإمام الشافعي رحمه الله في قوله: " حكمي في أهل الكلام " هل يطبق على الصوفية، لأن الصوفية ما آمنوا بالكتاب والسنة؟ الشيخ : قد يطبق عليهم وقد لا يطبق، وقد يعاقبون بأكثر من هذا، لأن الإنسان يعاقب على حسب بدعته، وعلى حسب دعوته لهذه البدعة، قد تكون البدعة خفيفة فتكون الدعوة لها خفيفة، وقد تكون عظيمة فتكون الدعوة لها عظيمة، ولهذا فرق العلماء بين الداعية وبين المقلد، فالداعية يقتل على كل حال لأنه يفسد، بخلاف المقلد، نعم.
السائل : قوله: بالله أعلم من جميع الرسل والتـ *** ـوراة والإنجيل والقرآن. الشيخ : نعم. السائل : كيف يعني ... ؟ الشيخ : المراد بالرسل اعتبار الجنس، من جميع الرسل الذين من جملتهم موسى الذي نزلت عليه التوراة، وعيسى الذي نزل عليه الإنجيل، ومحمد الذي نزل عليه القرآن، نعم.
السائل : بعض الكتب تطلق على التوحيدِ علمَ الكلام. الشيخ : نعم. السائل : هل هذا صحيح؟ الشيخ : ما ندري، المؤلف من هو؟ السائل : ... الشيخ : إذا كان المؤلف دخّل علم الكلام في التوحيد، وإذا كان ما دخّل فالأصل أن التوحيد مجرد عن علم الكلام، نعم.
القراءة من قول الناظم: فصل في شكوى أهل السنة والقرآن أهل التعطيل والآراء المخالفين للرحمن
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم. " فصل في شكوى أهل السنة والقرآن أهل التعطيل والآراء المخالفين للرحمن يا رب هم يشكوننا أبدا ببغـ *** ـيهم وظلمهم إلى السلطان ويلبسون عليه حتى إنه *** ليظنهم هم ناصرو الإيمان فيَرونه البدع " الشيخ : فيُرونه القارئ : " فيُرونه البدع المضلة في قوا *** لب سنة نبوية وقران ويُرونه الإثبات للأوصاف في *** أمر شنيع ظاهر النكران فيلبسون عليه تلبيسين لو *** كشفا له باداهم بطعان يا فرقة التلبيس لو حييتم *** " الشيخ : لا حييتم القارئ : " يا فرقة التلبيس لا حييتم *** أبدا وحييتم بكل هوان لكننا نشكوهم وصنيعهم *** أبدا إليك فأنت ذو السلطان فاسمع شكايتنا واشك محقنا *** " الشيخ : وأشك. القارئ : وأشك؟ الشيخ : نعم. القارئ : " فاسمع شكايتنا وأشك محقنا *** والمبطل اردده عن البطلان راجع به سبل الهدى والطف به *** حتى تريه الحق ذا تبيان وارحمه وارحم سعيه المسكين قد *** ضل الطريق وتاه في القيعان "
التعليق على قول الناظم: يا رب هم يشكوننا أبدا** ببغيهم وظلمهم إلى السلطان
ويلبسون عليه حتى أنه*** ليظنهم هم ناصرو الإيمان
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. يقول المؤلف رحمه الله في بيان الشكاية شكوى أهل السنة والقرآن أهل التعطيل والآراء المخالفين للرحمن. بيّن المؤلف في هذا الفصل أن الشكاية تقع من أهل السنة ومن أهل التعطيل، لكن من المشتكى إليه؟ هنا يختلف، يقول: " يا رب هم يشكوننا أبدا *** ببغيهم وظلمهم إليى السلطان " يعني: إذا رأوا منا أحدا شكوه إلى السلطان، فحبسه وضربه، كما جرى ذلك للأئمة وأتباعهم. " ويلبسون عليه حتى إنه *** ليظنهم هم ناصرو الإيمان " هم ناصري أو ناصرو؟ الطالب : ناصرو. الشيخ : بالياء ولا بالواو. الطالب : بالواو. الشيخ : بالواو. " *** ليظنهم هم ناصرو الأيمان فيُرونه البدع المضلة في قوالب *** سنة نبوية وقرآن ويُرونه الإثبات للأوصاف في *** أمر شنيع ظاهر النكران فيلبسون عليه تلبيسين " هؤلاء يشكون أهل السنة والجماعة إلى السلطان، مثل ما صنع ابن أبي دؤاد في شكاية الإمام أحمد إلى مَن؟ إلى المأمون ومن بعده.
التعليق على قول الناظم: فيرونه البدع المضلة في قوا***لب سنة نبوية وقرآن
ويرونه الإثبات للأوصاف في*** أمر شنيع ظاهر النكران
فيلبسون عليه تلبيسين لو*** كشفا له باداهم بطعان
الشيخ : يرونه البدع في قوالب سنة، هذا تلبيس، الذي يظهر لك البدعة في قالب السنة ملبس. ويرونه الإثبات أمرا عظيما منكرا، وهذا تلبيس آخر. فصاروا يلبسون من وجهين، الوجه الأول: تحسين البدع حيث يجعلونها في قوالب سنن. والوجه الثاني: تشويه السنن والإثبات حتى يجعلونه في قالب الكفران، نعم. " *** أمر شنيع ظاهر النكران فيلبسون عليه تلبيسين لو *** كشفا لهم بداهم بطعان " لو كشف للسلطان وبيّن له لباداهم بالطعان، أي: بالقتل، لأنه يعلم أنهم لبسوا عليه.
التعليق على قول الناظم: يا فرقة التلبيس لا حييتم*** أبدا وحييتم بكل هوان
لكننا نشكوهم وصنيعهم*** أبدا إليك فأنت ذو السلطان
فاسمع شكايتنا وأشك محقنا*** والمبطل اردده عن البطلان
الشيخ :" يا فرقة التلبيس لا حييتم *** أبدا وحييتم بكل هوان " كيف يقول: لا حييتم، ويقول وحييتم؟ يعني: لا حييتم تحية إكرام، وحييتم تحية هوان، وهو كقوله تعالى: (( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )) " لكننا نشكوهم وصنيعهم *** أبدا إليك فأنت ذي السلطان " صدق، ذو السلطان الأعظم القديم هو الله، فنحن نشكوهم إليه، ولكن انظر للفرق بين شكايتنا وشكايتهم: " فاسمع شكايتنا وأشك محقنا *** والمبطل اردده عن البطلان " الله أكبر! نحن نشكوهم إلى الله، نسأله أن يهديهم ويردهم عن الباطل، هم يشكوننا إلى السلطان لأيش؟ للانتقام، لينتقم منا، ونحن ما قلنا: اللهم عذبهم، اللهم انتقم منهم، نقول: اللهم اهدهم، وكان الإمام أحمد يعذبه المأمون تعذيبا بليغا وهو يدعوه، ويقول: " لو أعلم أني لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان " خلافا لما يفعله بعض الناس اليوم الذين يدعون أنهم أهل غيرة، يدعون على ولي الأمر وهو ما أساء إليهم، لم يسئ إليهم، وتجدهم يدعون عليه، وهم مخطئون على أنفسهم، وعلى ولي الأمر، وعلى المسلمين عموما، إذا كانوا صادقين في نصحهم لله ورسوله فليدعوا له، لأنه إذا صلح صلحت الرعية، لأن الأمر مشكل، هذا بيده القوة وبيده السلطة، فإذا دعوت عليه زاد في شره، وإذا دعوت له فالله على كل شيء قدير، قد يفتح الله عليه، نحن ندعو لأهل البدع ولا عليهم؟ الطالب : لهم. الشيخ : وهم؟ الطالب : يدعون علينا. الشيخ : يشكون إلى السلطان ليكون علينا، ولهذا يقول: " *** والمبطل اردده عن البطلان راجع " نقول: المبطلَ ولا المبطلُ؟ الطالب : مفعول مقدم. الشيخ : الأفضل، لا ما هو مفعول مقدم، هذا فيه اشتغال، اردده جاء بالضمير، هذا فيه اشتغال، والقاعدة أنه إذا كان الاسم مقدم متلوا بأمر فالأرجح النصب، تقول: زيدا اضربه، وتقول زيد اضربه، والأحسن زيدا، لقوة طلب العامل، لأنه فعل طلب. يقول: " *** والمبطل اردده عن البطلان "
التعليق على قول الناظم: راجع به سبل الهدى والطف به*** حتى تريه الحق ذا تبيان
وارحمه وارحم سعيه المسكين قد*** ضل الطريق وتاه في القيعان
الشيخ :" راجع به سبل الهدى والطف به *** حتى تريه الحق ذا تبيان وارحمه وارحم سعيه المسكين قد *** ضل الطريق وتاه في القيعان " أعوذ بالله، إذا تاه الإنسان في القيعان، نعم، متى يهتدي؟! القيعان ما فيها جوانب ولا فيها خطوط، يرجع إلى أقصى الطريق، ثم يرجع إلى أوله، كأنه يتيه، فهؤلاء مثل الذين تاهوا في القيعان. " يا رب قد عم ". نعم. القارئ : " يا رب قد عم المصاب بهذه ال *** "