والوسط ذو ثبج فاعوج هكذا*** جاء الحديث وليس ذا نكران ( القراءة من الشرح حول معنى هذا البيت )
الشيخ :" والوسط ذو ثبج فأعوج هكذا *** جاء الحديث وليس ذا نكران " شف ابن عيسى؟ هاه؟ إيه، وش معناها، وش يقول؟ الطالب : ... الشيخ : إيه، ارفع صوتك، طيب عطه واحد يرفع صوته. الطالب : يقول: " هنا الثبج ... قال الله تعالى: (( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين )) والثلة الجماعة التي... عدد، قال الزجاج: معنى الثلة ". الشيخ : لا ما هو بهذا، ثبج ما هو معناه وسط؟ الطالب : إيه، يقول: " وسط الشيء... ". الشيخ : إيه طيب، ... هذه. يقول المؤلف: " ولقد أتى أثر بأن الفضل في *** الطرفين أعني أولا والثاني " وذكرنا وجه ذلك. " والوسط ذو ثبج فأعوج هكذا *** جاء الحديث وليس ذا نكران ".
( تفسير أول سورة الواقعة ) ولقد أتى في الوحي مصداق له*** في الثلتين وذاك في القرآن أهل اليمن فثلة مع مثلها*** والسابقون أقل في الحسبان
الشيخ : ثم قال المؤلف: " ولقد أتى في الوحي مصداق له *** في الثلتين وذاك في القرآن " يعني مشير إلى قوله تعالى: (( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود )) إلى أن قال (( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين )) " أهل اليمين فثلة مع مثلها *** والسابقون أقل في الحسبان " السابقون السابقون قال الله فيهم: (( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين )) وإذا جمعنا هاتين الآيتين بعضهما إلى بعض تبين أن أول الأمة أفضل من آخرها، وأن آخرها أفضل من وسطها، هكذا؟ لأن الله قال في أصحاب اليمين: (( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ))، وقال في السابقين: (( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ))، إذن ثلة الآخرين ... ثلة السابقين، لأن الله قال: (( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين )).
( بيان أن غربة الدين أشد من غربة الوطن ) ما ذاك إلا أن تابعهم هم الـ***ـغرباء ليست غربة الأوطان لكنها والله غربة قائم*** بالدين بين عساكر الشيطان
الشيخ : قال: " ما ذاك إلا أن تابعهم هم *** الغرباء ليست غربة الأوطان " .. غربة الوطن، ولكنها غربة الدين، وهذه أشد من غربة الوطن، إذ أن غريب الوطن ربما يعني تزول غربته بما يحصل له من الفرح والسرور وتجدد الإخوان والأصحاب، لكن غربة الدين هي البلاء، وهي التي تحتاج إلى صبر. " لكنها والله غربة قائم *** بالدين بين عساكر الشيطان "
التعليق على قول الناظم: فلذاك شبههم به متبوعهم*** في الغربتين وذاك ذو تبيان
الشيخ :" فلذاك شبههم به متبعوهم *** " بأيش؟ الطالب : في الغربتين الشيخ :" *** في الغربتين " عندي بالفاء. " فلذاك شبههم به متبعوهم *** " ويعني بمتبوعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. " *** في الغربتين وذاك ذو تبيان " يعني: أنهم غرباء بين عساكر الشيطان، كما شبههم النبي عليه الصلاة والسلام، قال: ( بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء ) إذن الغربة في أول الإسلام، والغربة في آخر الإسلام، فأهل الإسلام غرباء في الأول وغرباء في الثاني، ولهذا قال: " شبههم به متبعوهم *** في الغربتين وذاك ذو تبيان ".
( بيان تفاوت غربة أول الأمة وغربة آخر الأمة ) لم يشبهوهم في جميع أمورهم*** من كل وجه ليس يستويان فانظر إلى تفسيره الغرباء بالـ***ـمحيين سنته بكل زمان
الشيخ :" لم يشبهوهم في جميع أمورهم *** من كل وجه ليس يستويان " يعني: أن الغرباء في الثاني لا يشبهون الغرباء في الأول من كل وجه، بل ليس يستويان. " فانظر إلى تفسيره الغرباء *** بال " أيش؟ الطالب : ... الشيخ : بالوحيين؟ الطالب : ... الشيخ : إيه. " فانظر إلى تفسيره الغرباء *** بالمحيين سنته بكل زمان طوبى لهم " إلى آخره. يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم فسر الغرباء الذين يحييون سنته بين أهل البدع، أو يقومون بطاعته بين أهل الفسق، والغريب معروف مأخوذ من الغربة، وهو ألا يكون للإنسان من يشابهه في مجتمعه.
طوبى لهم والشوق يحدوهم إلى*** أخذ الحديث ومحكم القرآن ( معنى قوله تعالى :{ طوبى لهم وحسن مآب })
الشيخ : ثم قال رحمه الله: " طوبى لهم والشوق يحدوهم إلى *** أخذ الحديث ومحكم القرآن " طوبى لهم، اختلف المفسرون في قوله تعالى: (( طوبى لهم وحسن مآب ))، فقال بعضهم: إنها شجرة في الجنة، يسير الراكب في ظلها مئتي عام لا يقطعها، وقال بعضهم: بل إن طوبى فعلى، مأخوذة من الطيب، والمراد بها الجنة، فالجنة كلها تسمى طوبى، باعتبار أنها طيبة، وهذا الأخير أعم من الأول، ويكون إطلاق طوبى على الشجرة من باب إطلاق العام على الخاص.
التعليق على قول الناظم: طوبى لهم لم يعبأوا بنحاتة الأ*** فكار أو بزبالة الأذهان طوبى لهم ركبوا على متن العزا***ئم قاصدين لمطلع الإيمان
طوبى لهم لم يعبأوا شيئا بذي الـ***آراء إذ أغناهم الوحيان
الشيخ :" طوبى لهم لم يعبؤوا بنحاتة *** الأفكار أو بزبالة الأذهان " كما فعل مَن؟ مَن خالفوا الحديث والقرآن في أسماء الله وصفاته وغيرها. " طوبى لهم ركبوا على متن *** العزائم قاصدين لمطلع الإيمان " ولم يتوانوا، ولم يتأخروا، بل ركبوا مطايا العزائم. " طوبى لهم لم يعبؤوا شيئا بذي *** الآراء إذ أغناهم الوحيان طوبى لهم وأَمامَهم دون الورى *** " وإِمامُهم الصواب.
( بيان إمام الغرباء ) طوبى لهم وإمامهم دون الورى*** من جاء بالإيمان والفرقان والله ما ائتموا بشخص دونه*** إلا إذا ما دلهم ببيان
الشيخ :" طوبى لهم وإمامُهم دون الورى *** من جاء بالإيمان والفرقان والله ما ائتموا بشخص *** دونه إلا إذا ما دلهم ببيان " يعني: أن هؤلاء المتمسكين بالحديث ومحكم القرآن إمامهم دون الناس محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يأتموا بأحد سواه، بل كان هو الإمام المقتدى به في العقائد والأخلاق والأعمال فعلا وتركا.
في الباب آثار عظيم شأنها*** أعيت على العلماء في الأزمان ( طلاق الباب عند العلماء ومعنى أعيت أي أعجبت )
الشيخ :" في الباب آثار عظيم شأنها *** أعيت على العلماء في الأزمان " في الباب، أي: في هذا البحث، والباب يطلق عند العلماء إذا قالوا: لم يصح في هذا الباب شيء، يعني: في هذه المسألة، أو في هذا البحث، أو في هذا الموضوع، يقول: " فيه آثار عظيم شأنها *** أعيت على العلماء في الأزمان " أعيت يعني أعجزتهم، انتبهوا لها، وجه ذلك.
( إجماع العلماء على أن خير الناس الصحابة ) إذ أجمع العلماء أن صحابة الـ***ـمختار خير طوائف الإنسان ذا بالضرورة ليس فيه الخلف بيـ***ـن اثنين ما حكيت به قولان
الشيخ :" إذ أجمع العلماء أن صحابة *** المختار خير طوائف الإنسان " وهذا بالاتفاق، كما دل عليه النص الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم )، وهذا لا إشكال فيه. " إذ أجمع العلماء أن صحابة *** المختار خير طوائف الإنسان ذا بالضرورة ليس فيه الخلف *** بين اثنين ما حكيت به قولان "
التعليق على قول الناظم: فلذاك ذي الآثار أعضل أمرها*** وبغوا لها التفسير بالإحسان
فاسمع إذا تأويلها وافهمه لا*** تعجل برد منك أو نكران
الشيخ :" فلذاك ذي الآثار أعضل أمرها *** وبغوا لها التفسير بالإحسان فاسمع " نعم. " فلذاك ذي الآثار أعضل أمرها *** " يعني: امتنع أمرها وشق على الناس. " *** وبغوا لها التفسير الإحسان فاسمع إذن تأويلها وافهمه لا *** تعجل برد منك أو نكران إن البدار برد شيء لم تحط *** علما به سبب إلى الحرمان " رحمه الله، أراد المؤلف أن ينبهنا على تأويل هذه النصوص، والجمع بينها، وقال: لا تعجل بالرد.
إن البدار برد شيء لم تحط*** علما به سبب إلى الحرمان ( قاعدة جليلة لطالب العلم )
الشيخ : ثم ذكر بيتا ينبغي أن يكون نبراسا يسير عليه المرء "إن البدار برد شيء لم تحط *** علما به سبب إلى الحرمان " كل شيء لا تحيط به علما لا تبادر برده، وما أكثر ما نرد الشيء، ثم نندم إذا تعجلنا، أحيانا مثلا تجد حتى في كتب العلم، تجد أن المؤلف مثلا أطلق العبارة فتقول: لماذا أطلقها؟ ثم تحاول أن تحشي على الكتاب، وتقول: هذا الإطلاق فيه نظر، فإذا بالمؤلف يقيد في آخر الكلام. أيضا يتكلم معك أحد من الناس، فيبدر منه كلمة تظن أنها خطأ، فترد عليه، فيقول: اصبر، لم يتم الكلام. فكون الإنسان أن يتأنى ولا يرد الشيء إلا بعد أن يتبين فيه الخطأ، لاشك أن هذا من العقل ومن الشرع. " إن البدار برد شيء " البدار يعني المبادرة، من بادر يبادر، كقاتل يقاتل قتالا ومقاتلة. " إن البدار برد شيء لم تحط *** علما به سبب إلى الحرمان " إذن ماذا أعمل؟ أيش؟ أنتظر وأتأنى، حتى إذا استكملت الأمور وصار هناك مجال للرد رددت، والله أعلم. " العلماء في الأزمان " نعم طيب. " فاسمع إذن تأويلها وافهمه لا *** تعجل برد منك أو نكران إن البدار برد شيء لم تحط *** علما به سبب إلى الحرمان ".
الفضل منه مطلق ومقيد*** وهما لأهل الفضل مرتبتان ( بيان أقسام الفضل )
الشيخ :" الفضل منه مطلق ومقيد *** " يعني: الفضل الذي يوصف به الإنسان مطلق ومقيد، مطلق يعني على كل حال، ومقيد في حال معينة، انتبه لهذا، فمثلا نقول: هذا الرجل أفضل من هذا الرجل على سبيل الإطلاق، ثم نقول: والرجل المفضول أفضل منه في كذا، فمثلا لو وجدنا رجلا عالما كريما شجاعا كان فاضلا فضلا مطلقا على من ليس كذلك، لكن قد يفضله الثاني بحسن الخلق ودماثة الأخلاق، فيكون الفضل إذن ينقسم إلى قسمين: مطلق ومقيد، وسيذكر المؤلف مثال واضح.
( بيان الفضل المقيد لا يستلزم التفضيل المطلق وذكر المثال ) والفضل ذو التقييد ليس بموجب*** فضلا على الإطلاق من إنسان لا يوجب التقييد أن يقضي له*** بالاستواء فكيف بالرجحان
الشيخ : يقول: " والفضل ذو التقييد ليس بموجب *** فضلا على الإطلاق من إنسان " يعني: أن الفضل المقيد لا يوجب أن يكون الفاضل أفضل من ذي الفضل المطلق، واضح، ولا ما هو بواضح؟ الفضل نوعان: فضل مطلق يكون هذا الإنسان أفضل من غيره على الإطلاق،. فضل مقيد أن يفضل غيره في شيء معين، فهل إذا فضل الإنسان غيره في شيء معين يستلزم أن يكون أفضل منه على الإطلاق؟ لا، ولهذا قال: " والفضل ذو التقييد ليس بموجب *** فضلا على الإطلاق من إنسان " يعني: ليس بموجب فضلا على من فضله مطلق. " لا يوجب التقييد أن يقضى له *** بالاستواء فكيف بالرجحان " صحيح، يعني: أن الفضل المقيد لا يوجب أن يكون مساويا لذي الفضل المطلق، فضلا عن أن يكون أرجح منه وأعلى منه، ولقد صدق، الآن مثلا نحن نقول: التابعون أفضل من تابعي التابعين على الإطلاق، لكن قد يوجد في تابعي التابعين من هو أفضل من كثير من التابعين، لكنه فرد معين، كذلك الفضائل في شخص معين، قد يكون هذا رجل له فضائل عديدة فيكون أفضل من غيره على الإطلاق، ويكون غيره له خاصية أفضل من الأول، وهذا لا يوجب أن يكون الثاني أفضل على الإطلاق.
التعليق على قول الناظم: إذ كان ذو الإطلاق حاز من الفضا***ئل فوق ذي التقييد بالإحسان
فإذا فرضنا واحدا قد حاز نو***عا لم يحزه فاضل الإنسان
لم يوجب التخصيص من فضل عليـ***ـه ولا مساواة ولا نقصان
الشيخ : يقول: " إذ كان ذو الإطلاق حاز من *** الفضائل فوق ذي التقييد بالإحسان " هذا تعليل لقوله: " فكيف بالرجحان إذ كان " يعني: لأن ذا الإطلاق حاز من الفضائل فوق ذي التقييد بالإحسان، صح ولا لأ؟ فهذا مثلا له مئة فضيلة، وهذا له فضيلة واحدة لا توجد في ذي المئة، الأول نسميه فضلا مطلقا، والثاني مقيدا، هل هذا الذي اختص بفضيلة لا توجد عند صاحب الفضائل الكثيرة، هل يوجب أن يكون أفضل من الأول؟ لأ. " فإذا فرضنا واحدا قد حاز نوعا *** لم يحزه فاضل الإنسان لم يوجب التخصيص من فضل *** عليه ولا مساواة ولا نقصان " واضح.
( ذكر مثال بين التفاضل بين آدم وغيره من الأنبياء وما خصوا من فضائل وبين محمد صلى الله عليه وسلم ) ما خلق آدم باليدين بموجب*** فضلا على المبعوث بالقرآن وكذا خصائص من أتى من بعده*** من كل رسل الله بالبرهان
فمحمد أعلاهم فوقا وما*** حكمت لهم بمزية الرجحان
الشيخ : طيب. " ما خلق آدم باليدين بموجب *** فضلا على المبعوث بالقرآن " هذا من أوضح الأمثلة، آدم عليه الصلاة والسلام امتاز بفضيلة لم تكن لغيره، ما هي؟ أن الله خلقه بيده الكريمة، هل هذه الفضيلة توجب أن يكون أفضل من محمد؟ لا، لأن فضل محمد مطلق، وفضل آدم مقيد بشيء معين، فلا يوجب أن يكون هذا المقيد مساويا أو راجحا على ذي الفضل المطلق. "وكذا خصائص من أتى من بعده *** من كل رسل الله بالبرهان فمحمد أعلاهم فوقا وما *** حكمت له بمزية الرجحان " طيب، أيضا مَن بعد آدم لهم خصائص ليست لمحمد عليه الصلاة والسلام، موسى يلقي العصا فتكون حية، ومحمد لم يحصل له ذلك، إبراهيم ألقي في النار وخرج سالما، ومحمد لم يحصل له ذلك، عيسى يقف على القبر فيخرج صاحب القبر حيا، ومحمد لم يحصل له ذلك، أليس هكذا؟ طيب، هل هذا يوجب أن يكون هؤلاء الرسل الكرام الذين خصوا بهذه الفضائل أفضل من محمد؟ لا، لماذا؟ لأن الفضل هذا مقيد بفضيلة واحدة، ليس كمن كان فضله على الإطلاق. انتقل المؤلف بعد هذا التقرير إلى قوله.
( بيان أن أجر وفضل من كان في آخر الزمان ليس بأفضل من صحابي واحد وهذا جمع بين النصوص ) فالحائز الخمسين أجرا لم يجز***ها في جميع شرائع الإيمان هل حازها في بدر أو أحد أو الـ***ـفتح المبين وبيعة الرضوان
بل حازها إذ كان قد عدم المعـ***ـين وهم فقد كانوا أولي أعوان والرب ليس يضيع ما يتحمل*** المتحملون لأجله من شان
الشيخ :" فالحائز الخمسين أجرا لم يحزها *** في جميع شرائع الإيمان " الحائز مَن يعني الخمسين أجرا؟ الذي عمل في آخر الزمان في زمان الغربة، له أجر خمسين واحد من الصحابة، لم يحزها على الإطلاق، بل على التقييد في هذا الزمن زمن الغربة، ولكن هل هذا الفضل مقيد يستلزم أن يكون أفضل ممن حازوا الفضائل في بدر؟ لا، ولهذا قال: " هل حازها في بدر أو أحد أو *** الفتح المبين وبيعة الرضوان " هاه؟ لأ ولا نعم؟ الطالب : ... الشيخ : وراه، كيف كلمتكم لأ، يعني ضعيفة شوية. الطالب : لا. الشيخ : هاه؟ ما حازها قطعا، ما حازها قطعا " بل حازها " حاز الخمسين " إذ كان قد عدم المعين *** وهم فقد كانوا أولي الأعوان " هذا السبب، حازها لأنه ليس له معين يعينه على العبادة، وهؤلاء لهم أعوان يعينهم، فلا يحوزون فضل الغربة كما حازها هو، واضح الآن؟ فصار هذا له أجر خمسين في هذه العبادة فقط، وليس له الأجر الكامل المطلق، لأن لهم فضائل عديدة ما شاركهم فيها. " بل حازها إذ كان قد عدم " وفي نسخة: إذ كان قد فقد. " المعين *** وهم فقد كانوا أولي أعوان والرب ليس يضيع ما يتحمل *** المتحملون لأجله من شان " الحمد لله، لا يضيع الله عز وجل أجر المتحملين من أجله الذين صبروا وأوذوا وصاروا غرباء بين الناس وهم ثابتون على دينهم، هؤلاء لهم أجر عظيم لا يضيعه الله. الطالب : ... الشيخ : هاه؟ الطالب : ... الشيخ : أيش؟ الطالب : ما قرئ هذا. الشيخ : طيب، إلى وين قرأنا؟ القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم. الشيخ : إلى وين؟ الطالب : من شان. الشيخ : يعني من هذا؟ طيب.
القراءة من قول الناظم: فتحمل العبد الوحيد رضاه مع..إلى قوله..والشكر والتحكيم للقرآن
القارئ : " تحمل العبد الوحيد رضاه مع *** فيض العدو وقلة الأعوان مما يدل على يقين صادق *** ومحبة وحقيقة العرفان يكفيه ذلا واغترابا قلة الـ *** أنصار بين عساكر الشيطان في كل يوم فرقة تغزوه إن *** ترجع يوافيه الفريق الثاني فسل الغريب المستضام عن الذي *** يلقاه بين عدا بلا " الشيخ : عدًا عدًا القارئ : " فسل الغريب المستضام عن الذي *** يلقاه بين عدًا بلا حسبان هذا وقد بعد المدى وتطاول الـ *** ـعهد الذي هو موجب الإحسان ولذاك كان كقابض جمرا فسل *** أحشاءه عن حرّ ذي النيران والله أعلم بالذي في قلبه *** يكفيه علم الواحد المنان ". الشيخ : الله أكبر! القارئ : " في القلب أمر ليس يقدر قدره *** إلا الذي آتاه للإنسان بر وتوحيد وصبر مع رضا *** والشكر والتحكيم للقرآن ".
( بيان أن تحمل العبد الغريب رضى الله واتباع سنة رسوله دليل على يقين صادق ومحبة لله )
فتحمل العبد الوحيد رضاه مع*** فيض العدو وقلة الأعوان
مما يدل على يقين صادق*** ومحبة وحقيقة العرفان
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله مبينا فضيلة هؤلاء الغرباء حين عبدوا الله عز وجل على حين غربة، يقول: " فتحمل العبد الوحيد رضاه مع *** فيض العدو وقلة الأعوان مما يدل على يقين صادق *** ومحبة وحقيقة العرفان " يقول: تحمل العبد الوحيد الذي ليس معه أحد، بل هو غريب بين الناس، رضا الله مع فيض العدو، فيضه يعني كثرته، وقلة الأعوان، مما يدل على يقين صادق، ولا شك إذا التفت يمينا وشمالا وإذا كل الناس على خلافه، فإن ثبوته على ما هو عليه دليل على يقينه الصادق، ومحبة لمن؟ لله عز وجل، وحقيقة العرفان بالله، وأنه عارف بالله حقيقة.
( بيان شدة غربة الموحد المتبع للرسول أمام أهل البدع ) يكفيه ذلا واغترابا قلة الـ***أنصار بين عساكر الشيطان
في كل يوم فرقة تغزوه إن***ترجع يوافيه الفريق الثاني
الشيخ :" يكفيه ذلا واغترابا قلة *** الأنصار بين عساكر الشيطان " لكنه والله ذليل وهو عزيز، عزيز بماذا؟ بما أنعم الله به عليه من العبادة والتوكل على الله واحتساب الأجر من الله، وإن كان غريبا ذليلا باعتبار الظاهر للناس. " في كل يوم فرقة تغزوه إن *** ترجع يوافيه الفريق الثاني " الله أكبر! يعني: الناس يغزونه من كل وجه، تغزوه هذه الفرقة .. بالسنة ظاهره كظاهر السلف الصالح، اللحية موفرة، والثياب مرفوعة عن الكعب، والهيبة والوقار، تغزوه طائفة أخرى في العقيدة، هذا ممثل هذا مجسم هذا حشوي، وما أشبه ذلك، تغزوه فرقة من جهة الأخلاق وترك اللغو والبعد عن ضياع الوقت، فيقول: هذا منعزل منطوٍ على نفسه لا خير فيه. المهم أن الفرق فرق الشياطين شياطين الإنس تغزوه من كل جانب، وهو مستعين بالله ثابت.
التعليق على قول الناظم: فسل الغريب المستضام عن الذي*** يلقاه بين عدا بلا حسبان
هذا وقد بعد المدى وتطاول الـ***ـعهد الذي هو موجب الإحسان
الشيخ :" فسل الغريب المستضام " الغريب الذي ليس معه أحد، المستضام المضيق عليه. " عن الذي *** يلقاه بين عدًا بلا حسبان " عدا جمع عدو " بلا حسبان هذا وقد بعد المدى وتطاول *** العهد الذي هو موجب الإحسان " بعد المدى وتطاول العهد، أي: العهد بينه وبين عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنه كلما قرب العهد من زمن الرسالة فإنه يكون أقوى إيمانا وأصح إسلاما، وكلما بعد الناس عن عهد الرسالة فبالعكس، نعم.
التعليق على قول الناظم: ولذاك كان كقابض جمرا فسل*** أحشاءه عن حر ذي النيران والله أعلم بالذي في قلبه*** يكفيه علم الواحد المنان
في القلب أمر ليس يقدر قدره*** إلا الذي آتاه للإنسان
بر و توحيد وصبر مع رضا*** والشكر والتحكيم للقرآن
الشيخ :" ولذاك كان كقابض جمرا فسل *** أحشاءه عن حر ذي النيران " الرجل القابض على الجمر ماذا يجد من الحر؟ يجد حرا لا يعلمه إلا الله. " والله أعلم بالذي في قلبه *** يكفيه علم الواحد المنان في القلب أمر ليس يقدر قدره *** إلا الذي آتاه للإنسان " فما هذا الأمر؟ يقول: بر وتوحيد وصبر ورضا وشكر وتحكيم للقرآن، ستة أشياء، بر ليس بر الوالدين، بل البر من آمن بالله واليوم والآخر، كما ذكر الله عز وجل نعم، اقرأ. الطالب : ... الشيخ : ما يخالف ما بقي إلا. الطالب : ... الشيخ : لا الوحيين، نعم، إيه صح. الطالب : الغريم ولا الغريب الشيخ : أيش؟ الطالب : الغريب عندي. الشيخ : وينه؟ الطالب : الثاني الغريم الشيخ : إيه الغريم؟ لا، بالباء، نعم.
القراءة من قول الناظم: سبحان قاسم فضله بين العباد..إلى آخر الفصل
القارئ : " سبحان قاسم فضله بين العبا *** د فذاك مولي الفضل والإحسان فالفضل عند الله ليس بصورة الـ *** أعمال بل بحقائق الإيمان وتفاضل الأعمال يتبع ما يقو *** م بقلب صاحبها من البرهان حتى يكون العالمان كلاهما *** في رتبة تبدو لنا بعيان هذا وبينهما كما بين السما *** والأرض في فضل وفي رجحان ويكون بين ثواب ذا وثواب ذا *** رتب مضاعفة بلا حسبان ". الشيخ : الله أكبر! القارئ : " هذا عطاء الرب جل جلاله *** وبذاك تَعرِف حكمة الرحمن " الشيخ : تُعرَف تُعرَف تُعرَف. القارئ : " هذا عطاء الرب جل جلاله *** وبذاك تُعرَف حكمة الرحمن " الشيخ : الديان عندكم؟ الطالب : نعم. الشيخ : يمكن نسخة، لا بأس اجعلوها نسخة.
( بيان أن الفضل عند الله بحقيقة الإيمان لا بالصورة الظاهرة ) سبحان قاسم فضله بين العبا***د فذاك مولي الفضل والإحسان
فالفضل عند الله ليس بصورة الـ***أعمال بل بحقائق الإيمان
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله: " سبحان قاسم فضله بين العباد ** فذاك مولي الفضل والإحسان " سبحان، يعني: تنزيها له حيث قسم الفضل بين عباده، لم يقسمه عن عبث، ولكن عن حكمة (( والله أعلم حيث يجعل رسالته ))، يقول: " فالفضل عند الله ليس بصورة *** الأعمال بل بحقائق الإيمان " إي والله، الفضل بحقائق الإيمان، لا بصورة الأعمال، الصورة على اسمها صورة، ولهذا انظر إلى الخوارج كفرة وهم يصلون أحسن مما نصلي، ويصومون، ويتصدقون، ويذكرون الله كثيرا، وصورة أعمالهم أحسن من صورة أعمالنا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم ) ومع ذلك هم من أبعد الناس عن رب العالمين، نسأل الله العافية، المنافق (( وإن يقولوا تسمع لقولهم )) من حسنه، وهم أبعد الناس عن الإيمان. يقول: " تفاضل الأعمال يتبع ما *** يقوم " نعم. " فالفضل عند الله ليس بصورة *** الأعمال بل بحقائق الإيمان "
( بيان أن الأجر يتفاوت بين شخصين يعملان عملا واحد )
وتفاضل الأعمال يتبع ما يقو***م بقلب صاحبها من البرهان حتى يكون العاملان كلاهما*** في رتبة تبدو لنا بعيان
هذا وبينهما كما بين السما*** والأرض في فضل وفي رجحان
الشيخ :" وتفاضل الأعمال يتبع ما *** يقوم بقلب صاحبها من البرهان " اللهم حقق لنا هذا البرهان. " حتى يكون العاملان " يعني حتى تجد العاملين " كلاهما *** في رتبة تبدو لنا بعيان وهذا وبينهما كما بين السما *** والأرض في فضل وفي رجحان " تجد الاثنين يصليان جميعا، بين كل واحد والآخر في الفضل في هذه الصلاة كما بين السماء والأرض، وذلك لما يقوم بقلب صاحبها من الإنابة إلى الله، والإيمان به، والصدق، والطمأنينة، وغير ذلك.
التعليق على قول الناظم: ويكون بين ثواب ذا وثواب ذا*** رتب مضاعفة بلا حسبان
هذا عطاء الرب جل جلاله*** وبذاك تعرف حكمة الرحمن
الشيخ :" ويكون بين ثواب ذا وثواب ذا *** رتب مضاعفة بلا حسبان " نعم، يعمل العاملان العمل الواحد وبينهما في الفضل عند الله والثواب رتب عظيمة متباينة. " هذا عطاء الرب جل جلاله *** وبذاك تعرف حكمة الرحمن " نسأل الله أن يعطينا وإياكم من فضله، إنه جواد كريم. الطالب : ... ضعيف الشيخ : الضعيف؟ إيه نعم، لكن الغريب أنسب للمقام، لأنه يتكلم عن الغرباء. الطالب : حكم العاملين فيه ... الشيخ : الوحيد أحسن.
القراءة من قول الناظم: فصل فيما أعد الله تعالى في الجنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم. " فصل فيما أعد الله تعالى في الجنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة " الشيخ : اللهم اجعلنا منهم. القارئ : " يا خاطب الحور الحسان وطالبا *** لوصالهن بجنة الحيوان لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ *** ـت بذلت ما تحوي من الأثمان أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ *** ـت السعي منك لها على الأجفان ولقد وصفت طريق مسكنها فإن *** رمت الوصال فلا تكن بالواني أسرع وحث السير جهدك إنما *** مسراك هذا ساعة لزمان فاعشق وحدّث بالوصال النفس وابـ *** ـذل مهرها ما دمت ذا إمكان واجعل صيامك قبل لقياها ويو *** م الوصل يوم الفطر من رمضان واجعل نعوت جمالها حادي وسر *** تلق المخاوف وهي ذات أمان ". الشيخ : الله أكبر! القارئ : " لا يلهينك منزل لعبت به *** أيدي البلا من سالف الأزمان فلقد ترحل عنه كل مسرة *** وتبدلت بالهم والأحزان سجن يضيق بصاحب الإيمان لـ *** ـكن جنّة المأوى لذي الكفران سكانها أهل الجهالة والبطا *** لة والسفاهة أنجس السكان وألذهم عيشا فجاهلهم *** بحق " الشيخ : فأجهله فأجهله الطالب : ... الشيخ : نعم؟ الطالب : ... الشيخ : والله اللي عندنا أحسن أجهل القارئ : " وألذهم عيشا فأجاهلهم *** بحق الله ثم حقائق القرآن ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. يقول المؤلف رحمه الله: " فصل فيما أعد الله تعالى في الجنة للأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة " أفادنا بقوله: " فيما أعد " أن الجنة الآن موجودة، وهو كذلك، كما قال الله تعالى: (( أعدت للمتقين )). وأفادنا: " بقوله لأوليائه المتمسكين " أن الأولياء هم المتمسكون بالكتاب والسنة، وهؤلاء هم المؤمنون المتقون، كما قال الله تعالى: (( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون )).
يا خاطب الحور الحسان وطالبا*** لوصالهن بجنة الحيوان ( معنى الحور والحيوان )
الشيخ : ثم قال: " يا خاطب الحور الحسان " إلى آخره. ولا شك أن هذه الدعوة من المؤلف دعوة حميدة، كل يريدها، ويريد الوصول إليها، ولكن هناك ما هو ألذ وأنعم من الوصال إلى هؤلاء الحور، وهو الوصال إلى رضا الله ورؤية الله عز وجل، ولعل المؤلف سيذكره فيما بعد، لكن ذكر هذا، والله أعلم، من باب التشويق والمقدمة، يقول: " يا خاطب الحور الحسان وطالبا *** " الحور، يقولون: لا تكون المرأة حوراء إلا إذا ابيض وجهها واسودت عيناها، فهو سواد العينين في بياض الوجنتين، هذا هو الحور. " وطالبا *** لوصالهن بجنة الحيوان " أي: بجنة الحياة، فالحيوان هنا بمعنى الحياة، كما قال الله تعالى (( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان )).
لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ***ـت بذلت ما تحوي من الأثمان (صفات حور العين وتفسير آخر سورة الرحمن ومعنى قوله تعالى:{ فيهن خيرات حسان })
الشيخ :" لو كنت تدري من خطبت ومن *** طلبت بذلت ما تحوي من الأثمان " صدق، لو كنا ندري لبذلنا كل ما نحويه من الأثمان ومن الأعمال، ونحن في الحقيقة ندري، ولكننا لا ندري عن حقيقة هؤلاء النساء، ندري أنهن حور حسان خيرات الأخلاق، وأنهن مقصورات في الخيام، وأنهن قاصرات الطرف، ولهذا تأملوا الآيات التي في آخر الرحمن، لما ذكر الله المأكولات والمشروبات فرق بين الجنتين، فقال في الأولى: (( فيهما عينان تجريان فيهما من كل فاكهة زوجان ))، وفي الثانية: (( فيهما عينان نضاختان فيهما فاكهة ونخل ورمان )) فهي دون الأولى، لكن في النساء قال: (( فيهن )) كل الأربع (( فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ))، وقال في الثانية: (( فيهن خيرت حسان ))، والفرق بين الخيرات والحسان: أنهن خيرات في أخلاقهن، حسان في خلقتهن، فالخلقة حسنة، والطبع جميل خير، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهله.
أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ***ـت السعي منك لها على الأجفان ( مسكن حور العين والحث والسعي لطلبها )
الشيخ : يقول: " لو كنت تدري ما فعلت " نحن ندري، لكننا لا ندري عن الحقيقة، حقيقة ما في الجنة لا يعلمه أحد (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ))، ثم إن عملنا، نسأل الله أن يعاملنا بعفوه، عمل من كان جاهلا حتى في معناه، عملنا عمل جاهل، ولهذا قال: (( ثم إنكم بعد ذلك لميتون )) فأكد الموت بإن واللام مع أنه واضح، كل يقر به، لأن عمل الناس عمل من لا يؤمن بالموت ومَن يستبعد هذا، لذلك نحن نعلم ما في الجنة من النعيم، لكن كأننا جاهلون، لم نعمل له، نسأل الله أن يعاملنا بعفوه وإحسانه. يقول: " لو كنت تدري أين مسكنها جعلت *** السعي منك لها على الأجفان " الله أكبر! لا على الأقدام، السعي للمحبوب المطلوب على الأقدام، لكن لو كنت تدري أين مسكنها مسكنها في جنات عدن، وفوقه عرش الرحمن جل جلاله، أعظم مسكن وأعلى مسكن، وأطيب مسكن، لو كنت تعلم هذا المسكن لجعلت السعي منك لها على الأجفان، أجفان العين التي هي أرق شيء في الإنسان، ولكن تتحمل هذه المشقة للسعي على الأجفان، من أجل الوصول إلى هذا المسكن.
( المبادرة إلى الجنان وما فيها )
ولقد وصفت طريق مسكنها فإن*** رمت الوصال فلا تكن بالواني
أسرع وحث السير جهدك إنما*** مسراك هذا ساعة لزمان
الشيخ :" ولقد وصفت طريق مسكنها فإن *** رمت الوصال فلا تكن بالواني " لا تكن بالواني بالضعيف في الطلب، اسع على وجه القوة في الطلب، ولكن كما قال نبينا وإمامنا صلى الله عليه وسلم: ( استعن بالله )( احرص على ما ينفعك واستعن بالله )، لا تعتمد على نفسك فتخذل، استعن بالله عز وجل في كل مطلوبك. " أسرع وحث السير جهدك إنما *** مسراك هذا ساعة لزمان " الله أكبر! نعم، كل الدنيا ساعة من زمان، لو جعلت الليل والنهار كله عملا للوصول إلى هذا المكان لانقضى بسرعة، وكأنه لحظات، ساعة من نهار، كما قال ابن القيم: " إنما *** مسراك هذا ساعة لزمان "
فاعشق وحدث بالوصال النفس وابـ***ـذل مهرها ما دمت ذا إمكان ( بيان أنواع المحبة والعشق من أنواعها وأن مرتبة الخلة أعلاها، وبيان أن الإيمان والعمل الصالح مهر حور العين )
الشيخ :" فاعشق " أيش؟ " فاعشق وحدث بالوصال النفس *** وابذل مهرها ما دمت ذا إمكان " اعشق، يعني: معناه كن بالنسبة لهذه الحور محبا شديد المحبة، والعشق من أعلى أنواع المحبة، وأعلى أنواع المحبة الخلة، ولهذا لم نعلم أن الله اتخذ خليلا من خلقه إلا رجلين اثنين: إبراهيم ومحمدا، صلوات الله عليهما وسلامه. نعم، اعشق لأنه بلا عشق لا يتحرك الإنسان، الإنسان يبي يتحرك لامرأة يريد يتزوجها وهو لم يحبها ولم يعشقها هذا بعيد. أيضا حدث بالوصال، أما أن تعشق ولا تحدث نفسك بالوصال فاعلم أنك لم تسع للوصال، أليس كذلك؟ لو أن شخصا عشق امرأة، ولكن يعلم أنه لو خطبها من أهلها ما أجابوها ولا أجابت هي، هل يعمل لهذا ولا ما يعمل؟ الطالب : لا يعمل. الشيخ : لماذا؟ لأنه يعلم أن عمله ضائع، فإذا لم يكن هناك محبة وتحديث النفس بأن هذا المحبوب سيحصل، فإنك لن تسع ولن عمل، ولهذا: " *** وابذل مهرها ما دمت ذا إمكان " ما هو مهرها؟ هاه؟ الإيمان والعمل الصالح، أعاننا الله وإياكم عليه.
التعليق على قول الناظم: واجعل صيامك قبل لقياها ويو***م الوصل يوم الفطر من رمضان
واجعل نعوت جمالها الحادي وسر*** تلق المخاوف وهي ذات أمان
الشيخ :" واجعل صيامك قبل لقياها ويوم *** الوصل يوم الفطر من رمضان " الله أكبر! اجعل صيامك قبل أن تلقاها، لأنك إن مت قبل أن تصوم إلى المعاصي ما وصلت إليها، فصم عن المعاصي في هذه الدنيا قبل أن تلقاها، ويكون الفطر متى؟ يوم القيامة يوم الوصل. " واجعل نعوت جمالها الحادي وسر *** تلقى المخاوف وهي ذات أمان " اجعل نعوت جمالها، ولا يمكن أن نصل إلى نعوت الجمال إلا عن طريق الوحيين: الكتاب والسنة، وقد ذكر المؤلف رحمه الله في كتابه " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " من أوصاف الحور ما يكفي لمن له همة أن يعمل للوصال إليهن. " لا يلهينك منزل لعبت به أيدي *** البلا من سالف الأزمان " ويعني بهذا المنزل الدنيا، الدنيا لا تلهيك عن الآخرة، لعبت به أيدي البلا، البلا يعني الفنا والتلف، لعبت به من سالف الأزمان، أي: مما مضى، فأنت إنما ترك الناس لك الدنيا بعد أن غادروها، وبعد أن أفسدوها وأفسدتهم، ولم يبق إلا الحثالة. " فلقد ترحل عنه كل مسرة *** وتبدلت بالهم والأحزان " يعني: أن هذه الدنيا لا تدوم مسراتها، بل تتبدل بالأحزان، يقول الشاعر: " فيوم علينا ويوم لنا *** ويوم نساء ويوم نسر " ويقول الآخر: " لا طيب للعيش ما دامت منغصة *** لذاته بادكار الموت والهرم " وصدقا الأول والثاني، لا تكاد يمر بك يومان وأنت مسرور لم ينغصك شيء، إما من خاصة نفسك، أو من أهلك، أو من أصحابك، أو من المجتمع، لابد كل إنسان حي، قلبه حي لابد أن ينال هذا. أيضا لو فرض أن الإنسان في أطيب ما يكون من العيش، وأبعد ما يكون عن المشاكل فهو إذا فكر ساعة: ما المآل؟ المآل أحد أمرين: إما موت، أو هرم، إن مت فقد فت، وإن هرمت فقد تعبت أنت وأتعبت، ولهذا تجد أن الهرم الذي يصل إلى حد الهذيان يمل منه أهله، يضعونه في زاوية من البيت يتكلم ويصيح ما يأتيه أحد، أهله اللي هم أهله. " فلا طيب للعيش ما دامت منغصة *** لذاته بادكار الموت والهرم " الدنيا هذه مآلها. " فقلد ترحل عنه كل مسرة *** وتبدلت بالهم والأحزان سجن يضيق بصاحب الإيمان *** " سجن يضيق بصاحب الإيمان، صحيح، المؤمن سجنه الدنيا، لوجهين: الوجه الأول: أنه لا يرى فيها ما يسره من حيث الإيمان والعمل الصالح، إلا نادرا. الوجه الثاني: أنه يرتقب دارا أنعم وأكمل وأطيب من هذه الدنيا، أليس كذلك؟ نعم، يقول الله تعالى (( الذين توفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة )) في حال الموت يتوفون طيبين، اللهم اجعلنا منهم، وتقول لهم الملائكة: سلام عليكم ادخلوا الجنة الآن، ولهذا إذا وضع الإنسان في قبره وسئل انفتح له أبواب إلى الجنة، فالدنيا سجن المؤمن لا شك، وهي يقول: " *** لكن جنة المأوى لذي الكفران " يعني: الدنيا جنة للكافر، جنة لأنها بالنسبة لما يلقاه من العذاب نعم، جنة، ولأن الكافر لا يتقيد بشيء، كل شيء حلال، يزني ويسرق، ويشرب الخمر ويلبس الحرير، وكل شيء، منعم نفسه، فهي له جنة، ولكن للمؤمن سجن. يقال: إن قاضي القضاة كما يصفونه، ابن حجر رحمه الله كان قاضي القضاة في مصر، وكان إذا أتى من بيته إلى العمل، أو ذهب يمينا وشمالا يركب العربة، العربة في ذلك الوقت بمنزلة سيارة الكاديلاك عندنا، نعم، أعلى شيء.