فوائد ذكر الله تعالى-05
الشيخ عبدالعزيز ابن باز
الوابل الصيب
الحجم ( 4.70 ميغابايت )
التنزيل ( 1370 )
الإستماع ( 186 )


1 - وذكر الحافظ ابو موسى من حديث ابي بكر الصديق قال قال رسول الله استكثروا من قول لا اله الا الله والاستغفار قان الشيطان قال قد اهلكتهم بالذنوب واهلكوني بقول لا اله الا الله والاستغفار فلما رايت ذلك منهم اهلكتهم بالاهواء حتى يحسبون مهتدون فلا يستغفرون # وذكر ايضا عن ابراهيم بن الحكم عن ابيه عن عكرمه قال بينا رجل مسافر اذ مر برجل نائم وراى عنده شيطانين فسمع المسافر احد الشياطين يقول لصاحبه اذهب فافسد على هذا النائم قلبه فلما دنا منه رجع الى صاحبه فقال لقد نام على اية مالنا اليه سبيل فذهب الى النائم فلما دنا منه رجع قال صدقت فذهب ثم ان المسافر ايقظه واخبره بما راى من الشيطانين فقال اخبرني على أي اية نمت قال على هذه الاية {ان ربكم الذي خلق السموات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره الا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين} وقال ابو النضر هاشم بن القاسم كنت ارى في داري فقيل ياابا النضر تحول عن جوارنا قال فاشتد ذلك علي فكتبت الى الكوفة الى ابن ادريس والمحاربي وابي اسامة فكتب الي المحاربي ان بئرا بالمدينة كان يقطع رشاؤها فنزل بهم ركب فشكوا ذلك اليهم فدعوا بدلو من ماء ثم تكلموا بهذا الكلام فصبوه في البئر فخرجت نار من البئر فطفئت على راس البئر قال ابو النضر فاخذت تورا من ماء ثم تكلمت فيه بهذا الكلام ثم تتبعت به زوايا الدار فرششته فصاحوا بي احرقتنا نحن نتحول عنك وهو بسم الله امسينا بالله الذي ليس منه شئ ممتنع وبعزة الله التي لا ترام ولا تضام وبسلطان الله المنيع نحتجب وباسمائه الحسنى كلها عائذ من الابالسة ومن شر شياطين الانس والجن ومن شر معلن او مسر ومن شر مايخرج بالليل ويكمن بالنهار ويكمن بالليل ويخرج بالنهار ومن شر ماخلق وذرأ وبرأ ومن شر ابليس وجنوده ومن شر كل دابة انت اخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم اعوذ بالله بما استعاذ به موسى وعيسى وابراهيم الذي وفى من شر ماخلق وذرأ وبرأ ومن شر ابليس وجنوده ومن شر ما يبغي اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم{ والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا ان الهكم لواحد رب السموات والارض وما بينهما ورب المشارق انا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون الى الملأ الاعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واضب الا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب }# فهذا بعض ما يتعلق بقوله لذلك العبد يحرز نفسه من الشيطان بذكر الله تعالى . أستمع حفظ

5 - ولنذكر فصولا نافعة تتعلق بالذكر تكميلا للفائدة الفصل الاول الذكر نوعان احدهما ذكر اسماء الرب تبارك وتعالى وصفاته والثناء عليه بهما وتنزيهه وتقديسه عما لا يليق به تبارك وتعالى # وهذا ايضا نوعان # احدهما انشاء الثناء عليه بها من الذاكر وهذا النوع هو المذكور في الاحاديث نحو سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله وبحمده ولا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ونحو ذلك فافضل هذا النوع اجمعه للثناء واعمه نحو سبحان الله عدد خلقه فهذا افضل من مجرد سبحان الله وقولك الحمد لله عدد ما خلق في السماء وعدد ما خلق في الارض وعدد ما بينهما وعدد ما هو خالق افضل من مجرد قولك الحمد لله وهذا في حديث جويرية ان النبي قال لها لقد قلت بعدك اربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه سبحان الله رضاء نفسه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله مداد كلماته رواه مسلم # وفي الترمذي وسنن ابي داود عن سعد بن ابي وقاص انه دخل مع رسول الله على امراة بين يديها نوى او حصى تسبح بها فقال أخبرك بما هو أيسرعليك من هذا فقال سبحان الله عدد ما خلق في السماء وسبحان الله عدد ماخلق في الارض وسبحان الله عدد ما بين ذلك وسبحان الله عدد ماهو خالق والله اكبر مثل ذلك والحمد لله مثل ذلك ولا اله الا الله مثل ذلك ولا حول ولا قوة الا بالله مثل ذلك # الثاني الخبر عن الرب تعالى باحكام اسمائه وصفاته نحو قولك الله عز وجل يسمع اصوات عباده ويرى حركاتهم ولا تخفي عليه خافية من اعمالهم وهو ارحم بهم من ابائهم وامهاتهم وهو على كل شئ قدير وهو افرح بتوبة عبده من الفاقد راحلته ونحو ذلك وافضل هذا النوع الثناء عليه بما اثنى به على نفسه وبما اثنى به عليه رسول الله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تشبيه ولا تمثيل وهذا النوع ايضا ثلاثة انواع حمد وثناء ومجد فالحمدلله الاخبار عنه بصفات كماله سبحانه وتعالى مع محبته والرضاء به فلا يكون المحب الساكت حامدا ولا المثني بلا محبة حامدا حتى تجتمع له المحبة والثناء فان كرر المحامد شيئا بعد الشئ كانت ثناء فان كان المدح بصفات الجلال والعظمة والكبرياء والملك كان مجدا وقد جمع الله تعالى لعبده الانواع الثلاثة في اول الفاتحة فإذا قال العبد ^ الحمد لله رب العالمين ^ قال الله حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال اثنى علي عبدي واذا قال ^ مالك يوم الدين ^ قال مجدني عبدي # النوع الثاني من الذكر ذكر امره ونهيه واحكامه وهذا ايضا نوعان احدهما ذكره بذلك اخبارا عنه امر بكذا ونهى عنه كذا واحب كذا وسخط كذا ورضى كذا # والثاني ذكره عند امره فيبادر اليه وعند نهيه فيهرب منه فذكر امره ونهيه شئ وذكره عند امره ونهيه شئ اخر فاذا اجتمعت هذه الانواع للذاكر فذكره افضل الذكر واجله واعظمه # فائدة فهذا الذكر من الفقه الاكبر وما دونه أفضل الذكر اذا صحت فيه النية # ومن ذكره سبحانه وتعالى ذكر الائه وانعامه واحسانه واياديه ومواقع فضله على عبيده وهذا ايضا من اجل انواع الذكر # فهذه خمسة انواع وهي تكون بالقلب واللسان تارة وذلك افضل الذكر وبالقلب وحده تارة وهي الدرجة الثانية وباللسان وحده تارة وهي الدرجة الثالثة فافضل الذكر ما تواطا عليه القلب واللسان وانما كان ذكر القلب وحده افضل من ذكر اللسان وحده لان ذكر القلب يثمر المعرفة ويهيج المحبة ويثير الحياء ويبعث على المخافة ويدعو الى المراقبة ويزع عن التقصير في الطاعات والتهاون في المعاصي والسيئات وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئا من هذه الأثار وإن أثمر شيئ منها فثمرة ضعيفة . أستمع حفظ

11 - الفصل الثاني الذكر افضل من الدعاء الذكر ثناء على الله عز وجل بجميل اوصافه والائه واسمائه والدعاء سؤال العبد حاجته فاين هذا من هذا # ولهذا جاء في الحديث من شغله ذكري عن مسالتي اعطيته افضل ما اعطي السائلين ولهذا كان المستحب في الدعاء ان يبدا الداعي بحمد الله تعالى والثناء عليه بين يدي حاجته ثم يسال حاجته كما في حديث فضالة بن عبيد ان رسول الله سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله تعالى ولم يصلي على النبي فقال رسول الله عجل هذا ثم دعاه فقال له او لغيره اذا صلى احدكم فليبدا بتمجيد ربه عز وجل والثناء عليه ثم يصلي على النبي ثم يدعو بعد بما شاء رواه الامام احمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في صحيحه وهكذا دعاء ذي النون عليه السلام قال فيه النبي دعوة اخي ذي النون ما دعا بها مكروب الا فرج الله كربته لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين وفي الترمذي دعوة اخي ذي النون اذ دعا وهو في بطن الحوت ^ لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ^ فانه لم يدع بها مسلم قط الا استجاب له # وهكذا عامة الادعية النبوية على قائلها افضل الصلاة والسلام ومنه قوله في دعاء الكرب لا اله الا الله العظيم الحليم لا اله الا الله رب العرش العظيم لااله الا الله رب السموات ورب الارض ورب العرش الكريم ومنه حديث بريدة الاسلمي الذي رواه اهل السنن وابن حبان في صحيحه ان رسول الله سمع رجلا يدعو وهو يقول اللهم اني اسالك باني اشهد انك انت الله لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد فقال والذي نفسي بيده لقد سال الله باسمه الاعظم الذي إذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى وروى ابو داود والنسائي من حديث انس انه كان مع النبي جالسا ورجل يصلي ثم دعا اللهم اني اسالك بان لك الحمد لا اله الا انت المنان بديع السموات والارض ياذا الجلال والاكرام يا حي ياقيوم فقال النبي لقد دعا الله باسمه الاعظم الذي دعي به اجاب وإذا سئل به اعطى فاخبر النبي ان الدعاء يستجاب اذا تقدمه هذا الثناء والذكر وانه اسم الله الاعظم فكان ذكر الله عز وجل والثناء عليه انجح ما طلب به العبد حوائجه # وهذه فائدة اخرى من فوائد الذكر والثناء انه يجعل الدعاء مستجابا فالدعاء الذي تقدمه الذكر والثناء افضل واقرب الى الاجابة من الدعاء المجرد فان انضاف الى ذلك اخبار العبد بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان ابلغ في الاجابة وافضل فانه يكون قد توسل المدعو بصفات كماله واحسانه وفضله وعرض بل صرح بشدة حاجته وضرورته وفقره ومسكنته فهذا المقتضى منه واوصاف المسؤول مقتضى من الله فاجتمع المقتضي من السائل والمقتضي من المسؤول في الدعاء وكان ابلغ وألطف موقعا واتم معرفة وعبودية # وانت ترى في المشاهد ولله المثل الاعلى ان الرجل اذا توسل الى ما يريد معروفة بكرمة وجوده وبره وذكر حاجته هو وفقره ومسكنته كان اعطف لقلب المسؤول واقرب لقضاء حاجته فاذا قال له انت جودك قد سارت به الركبان وفضلك كالشمس لاتنكر ونحو ذلك وقد بلغت بي الحاجة والضرورة مبلغا لا صبر معه ونحو ذلك كان ابلغ في قضاء حاجته من ان يقول ابتداء اعطني كذا وكذا فاذا عرفت هذا فتامل قول موسى في دعائه ^ رب اني لما انزلت الي من خير فقير ^ وقول ذي النون في دعائه لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين وقول ابينا ادم ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين وفي الصحيحين ان ابا بكر الصديق قال يارسول الله علمني دعاء ادعو به في صلاتي فقال قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وانه لا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك انت الغفور الرحيم فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحالة والتوسل الى ربه عز وجل بفضله وجوده وانه المنفرد بغفران الذنوب ثم سال حاجته بعد التوسل بالامرين معا فهكذا ادب الدعاء واداب العبودية . أستمع حفظ

19 - الفصل الثالث قراءة القرءان افضل من الذكر والذكر افضل من الدعاء هذا من حيث النظر لكل منهما مجردا وقد يعرض للمفضول ما يجعله اولى من الفاضل بل يعينه فلا يجوز ان يعدل عنه الى الفاضل وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود فانه افضل من قراءة القران فيهما بل القراءة فيهما منهي عنها تحريم او كراهة وكذلك التسميع والتحميد في محلهما افضل من القراءة وكذلك التشهد وكذلك رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني بين السجدتين افضل من القراءة وكذلك الذكر عقيب السلام من الصلاة ذكر التهليل والتسبيح والتكبير والتحميد افضل من الاشتغال عنه بالقراءة وكذلك اجابة المؤذن والقول كما يقول افضل من القراءة # وان كان فضل القران على كل كلام كفضل الله تعالى على خلقه لكن لكل مقام مقال متى فات مقاله فيه وعدل عنه الى غيره اختلت الحكمة وفقدت المصلحة المطلوبة منه # وهكذا الاذكار المقيدة بمحال مخصوصة افضل من القراءة المطلقة والقراءة المطلقة افضل من الاذكار المطلقة اللهم الا ان يعرض للعبد مايجعل الذكر او الدعاء انفع له من قراءة القران مثاله ان يتفكر في ذنوبه فيحدث ذلك له توبة و استغفار او يعرض له ما يخاف اذاه من شياطين الانس والجن فيعدل الى الاذكار والدعوات التي تحصنه وتحطه وكذلك ايضا قد يعرض للعبد حاجة ضرورية اذا اشتغل عن سؤالها او ذكر لم يحضر قلبه فيهما واذا اقبل على سؤالها والدعاء لها اجتمع قلبه كله على الله تعالى واحدث له تضرعا وخشوعا وابتهالا فهذا يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه انفع وان كان كل من القراءة والذكر افضل واعظم اجرا # وهذا باب نافع يحتاج الى فقه نفس وفرقان بين فضيلة الشئ في نفسه وبين فضيلته العارضة فيعطي كل ذي حق حقه ويوضع كل شيئ موضعه فللعين موضع وللرجل موضع وللماء موضع وللحم موضع وحفظ المراتب هو من تمام الحكمة التي هي نظام الامر والنهي والله تعالى الموفق# وهكذا الصابون والاشنان انفع للثوب في وقت والتجمير وماء الورد وكيه انفع له في وقت وقلت لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يوما سئل بعض اهل العلم ايما انفع للعبد التسبيح او الاستغفار فقال اذا كان الثوب نقيا فالبخور وماء الورد انفع له وان كان دنسا فالصابون والماء الحار انفع له فقال لي رحمه الله تعالى فكيف والثياب لا تزال دنسة ومن هذا الباب ان سورة ^ قل هو الله احد ^ تعدل ثلث القران ومع هذا فلا تقوم مقام ايات المواريث والطلاق والخلع والعدد ونحوها بل هذه الايات في وقتها وعند الحاجة اليها انفع من تلاوة سورة الاخلاص # ولما كانت الصلاة مشتملة على القراءة والذكر والدعاء وهي جامعة لاجزاء العبودية على اتم الوجوه كانت افضل من كل من القراءة والذكر والدعاء بمفرده لجمعها ذلك كله مع عبودية سائر الاعضاء فهذا اصل نافع جدا يفتح للعبد باب معرفة مراتب الاعمال وتنزيلها منازلها لئلا يشتغل بمفضولها عن فاضلها فيربح ابليس الفضل الذي بينهما او ينظر الى فاضلها فيشتغل به عن مفضولها و ان كان ذلك وقته فتفوته مصلحته بالكلية لظنه ان اشتغاله بالفاضل اكثر ثوابا واعظم اجرا وهذا يحتاج الى معرفة بمراتب الاعمال وتفاوتها ومقاصدها وفقه في اعطاء كل عمل منها حقه وتنزله في مرتبته وتفويته لما هو اهم منه او تفويت ما هو اولى منه وافضل لامكان تداركه والعود اليه وهذا المفضول ان فات لا يمكن تداركه فالاشتغال به اولى وهذا كترك القراءة لرد السلام وتشميت العاطس وان كان القران افضل لانه يمكنه الاشتغال بهذا المفضول والعود الى الفاضل بخلاف ما اذا اشتغل بالقراءة فاتته مصلحة رد السلام وتشميت العاطس وهكذا سائر الاعمال اذا تزاحمت والله تعالى الموفق . أستمع حفظ