التعليق على كتاب زاد المعاد-11
الشيخ عبدالعزيز ابن باز
زاد المعاد
الحجم ( 7.74 ميغابايت )
التنزيل ( 1007 )
الإستماع ( 133 )


9 - القراءة من قول المصنف: وتعبت قريشٌ للقتال وهم في ثلاثة آلافٍ وفيهم مائتا فارسٍ فجعلوا على ميمنتهم خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهلٍ ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه إلى أبي دجانة سماك بن خرشة وكان شجاعًا بطلًا يختال عند الحرب . وكان أول من بدر من المشركين أبو عامرٍ الفاسق واسمه عبد عمرو بن صيفي وكان يسمى : الراهب فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق وكان رأس الأوس في الجاهلية فلما جاء الإسلام شرق به وجاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة فخرج من المدينة وذهب إلى قريشٍ يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضهم على قتاله ووعدهم بأن قومه إذا رأوه أطاعوه ومالوا معه فكان أول من لقي المسلمين فنادى قومه وتعرف إليهم فقالوا له لا أنعم الله بك عينًا يا فاسق . فقال لقد أصاب قومي بعدي شر ثم قاتل المسلمين قتالًا شديدًا وكان شعار المسلمين يومئذٍ أمت وأبلى يومئذٍ أبو دجانة الأنصاري وطلحة بن عبيد الله وأسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالبٍ وأنس بن النضر وسعد بن الربيع . وكانت الدولة أول النهار للمسلمين على الكفار فانهزم عدو الله وولوا مدبرين حتى انتهوا إلى نسائهم فلما رأى الرماة هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه وقالوا : يا قوم الغنيمة فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسمعوا وظنوا أن ليس للمشركين رجعةٌ فذهبوا في طلب الغنيمة وأخلو الثغر وكر فرسان المشركين فوجدوا الثغر خاليًا قد خلا من الرماة فجازوا منه وتمكنوا حتى أقبل آخرهم فأحاطوا بالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة وهم سبعون وتولى الصحابة وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرحوا وجهه وكسروا رباعيته اليمنى وكادت السفلى وهشموا البيضة على رأسه ورموه بالحجارة حتى وقع لشقه وسقط في حفرةٍ من الحفر التي كان أبو عامرٍ الفاسق يكيد بها المسلمين فأخذ علي بيده واحتضنه طلحة بن عبيد الله وكان الذي تولى أذاه صلى الله عليه وسلم عمرو بن قمئة وعتبة بن أبي وقاصٍ وقيل إن عبد الله بن شهابٍ الزهري عم محمد بن مسلم بن شهابٍ الزهري هو الذي شجه أستمع حفظ

12 - القراءة من قول المصنف: وقتل مصعب بن عميرٍ بين يديه فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالبٍ ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شدة غوصهما في وجهه وامتص مالك بن سنانٍ والد أبي سعيدٍ الخدري الدم من وجنته وأدركه المشركون يريدون ما الله حائلٌ بينهم وبينه فحال دونه نفرٌ من المسلمين نحو عشرةٍ حتى قتلوا ثم جالدهم طلحة حتى أجهضهم عنه وترس أبو دجانة عليه بظهره والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك وأصيبت يومئذٍ عين قتادة بن النعمان فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها عليه بيده وكانت أصح عينيه وأحسنهما أستمع حفظ

14 - القراءة من قول المصنف: وصرخ الشيطان بأعلى صوته إن محمدًا قد قتل ووقع ذلك في قلوب كثيرٍ من المسلمين وفر أكثرهم وكان أمر الله قدرًا مقدورًا. ومر أنس بن النضر بقومٍ من المسلمين قد ألقوا بأيديهم فقال ما تنتظرون ؟ فقالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما تصنعون في الحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم استقبل الناس ولقي سعد بن معاذٍ فقال يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحدٍ فقاتل حتى قتل ووجد به سبعون ضربةً وجرح يومئذٍ عبد الرحمن بن عوفٍ نحوًا من عشرين جراحةً أستمع حفظ

16 - القراءة من قول المصنف: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين وكان أول من عرفه تحت المغفر كعب بن مالكٍ فصاح بأعلى صوته يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه أن اسكت واجتمع إليه المسلمون ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه وفيهم أبو بكرٍ وعمر وعلي والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم فلما استندوا إلى الجبل أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن خلفٍ على جوادٍ له يقال له العوذ زعم عدو الله أنه يقتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما اقترب منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة فطعنه بها فجاءت في ترقوته فكر عدو الله منهزمًا فقال له المشركون والله ما بك من بأسٍ فقال والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون وكان يعلف فرسه بمكة ويقول أقتل عليه محمدًا فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بل أنا أقتله إن شاء الله تعالى فلما طعنه تذكر عدو الله قوله أنا قاتله فأيقن بأنه مقتولٌ من ذلك الجرح فمات منه في طريقه بسرفٍ مرجعه إلى مكة . وجاء علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بماءٍ ليشرب منه فوجده آجنًا فرده وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه . فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلو صخرةً هنالك فلم يستطع لما به فجلس طلحة تحته حتى صعدها وحانت الصلاة فصلى بهم جالسًا وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم تحت لواء الأنصار . وشد حنظلة الغسيل وهو حنظلة بن أبي عامرٍ على أبي سفيان فلما تمكن منه حمل على حنظلة شداد بن الأسود فقتله وكان جنبًا فإنه سمع الصيحة وهو على امرأته فقام من فوره إلى الجهاد فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن الملائكة تغسله ثم قال سلوا أهله ؟ ما شأنه ؟ فسألوا امرأته فأخبرتهم الخبر. وجعل الفقهاء هذا حجةً أن الشهيد إذا قتل جنبًا يغسل اقتداءً بالملائكة أستمع حفظ

20 - القراءة من قول المصنف: وقتل المسلمون حامل لواء المشركين فرفعته لهم عمرة بنت علقمة الحارثيه حتى اجتمعوا إليه وقاتلت أم عمارة وهي نسيبة بنت كعبٍ المازنية قتالًا شديدًا وضربت عمرو بن قمئة بالسيف ضرباتٍ فوقته درعان كانتا عليه وضربها عمرو بالسيف فجرحها جرحًا شديدًا على عاتقها . وكان عمرو بن ثابتٍ المعروف بالأصيرم من بني عبد الأشهل يأبى الإسلام فلما كان يوم أحد قذف الله الإسلام في قلبه للحسنى التي سبقت له منه فأسلم وأخذ سيفه ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فقاتل فأثبت بالجراح ولم يعلم أحدٌ بأمره فلما انجلت الحرب طاف بنو عبد الأشهل في القتلى يلتمسون قتلاهم فوجدوا الأصيرم وبه رمقٌ يسير فقالوا : والله إن هذا الأصيرم ما جاء به لقد تركناه وإنه لمنكرٌ لهذا الأمر ثم سألوه ما الذي جاء بك ؟ أحدبٌ على قومك أم رغبةٌ في الإسلام ؟ فقال بل رغبةٌ في الإسلام آمنت بالله ورسوله ثم قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصابني ما ترون ومات من وقته فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو من أهل الجنة قال أبو هريرة : ولم يصل لله صلاةً قط أستمع حفظ

22 - القراءة من قول المصنف: ولما انقضت الحرب أشرف أبو سفيان على الجبل فنادى : أفيكم محمدٌ ؟ فلم يجيبوه فقال أفيكم ابن أبي قحافة ؟ فلم يجيبوه . فقال أفيكم عمر بن الخطاب ؟ فلم يجيبوه ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة لعلمه وعلم قومه أن قوام الإسلام بهم فقال أما هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه أن قال يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياءٌ وقد أبقى الله لك ما يسوءك فقال قد كان في القوم مثلةٌ لم آمر بها ولم تسؤني ثم قال اعل هبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا تجيبونه ؟ فقالوا : ما نقول ؟ قال قولوا : الله أعلى وأجل أستمع حفظ

24 - القراءة من قول المصنف: ثم قال لنا العزى ولا عزى لكم . قال ألا تجيبونه ؟ قالوا : ما نقول ؟ قال قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم فأمرهم بجوابه عند افتخاره بآلهته وبشركه تعظيمًا للتوحيد وإعلامًا بعزة من عبده المسلمون وقوة جانبه وأنه لا يغلب ونحن حزبه وجنده ولم يأمرهم بإجابته حين قال أفيكم محمدٌ ؟ أفيكم ابن أبي قحافة ؟ أفيكم عمر ؟ بل قد روي أنه نهاهم عن إجابته وقال لا تجيبوه لأن كلمهم لم يكن برد بعد في طلب القوم ونار غيظهم بعد متوقدةٌ فلما قال لأصحابه أما هؤلاء فقد كفيتموهم حمي عمر بن الخطاب واشتد غضبه وقال كذبت يا عدو الله فكان في هذا الإعلام من الإذلال والشجاعة وعدم الجبن والتعرف إلى العدو في تلك الحال ما يؤذنهم بقوة القوم وبسالتهم وأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا وأنه وقومه جديرون بعدم الخوف منهم وقد أبقى الله لهم ما يسوءهم منهم وكان في الإعلام ببقاء هؤلاء الثلاثة وهلةٌ بعد ظنه وظن قومه أنهم قد أصيبوا من المصلحة وغيظ العدو وحزبه والفت في عضده ما ليس في جوابه حين سأل عنهم واحدًا واحدًا فكان سؤاله عنهم ونعيهم لقومه آخر سهام العدو وكيده فصبر له النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوفى كيده ثم انتدب له عمر فرد سهام كيده عليه وكان ترك الجواب أولًا عليه أحسن وذكره ثانيًا أحسن وأيضًا فإن في ترك إجابته حين سأل عنهم إهانةً له وتصغيرًا لشأنه فلما منته نفسه موتهم وظن أنهم قد قتلوا وحصل له بذلك من الكبر والأشر ما حصل كان في جوابه إهانةٌ له وتحقيرٌ وإذلالٌ ولم يكن هذا مخالفًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه فإنه إنما نهى عن إجابته حين سأل أفيكم محمد ؟ أفيكم فلانٌ ؟ أفيكم فلانٌ ؟ ولم ينه عن إجابته حين قال أما هؤلاء فقد قتلوا وبكل حالٍ فلا أحسن من ترك إجابته أولًا ولا أحسن من إجابته ثانيًا . أستمع حفظ

26 - القراءة من قول المصنف: ثم قال أبو سفيان يومٌ بيوم بدرٍ والحرب سجالٌ فأجابه عمر فقال لا سواءٌ قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار وقال ابن عباسٍ : ما نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في موطنٍ نصره يوم أحدٍ فأنكر ذلك عليه فقال بيني وبين من ينكر كتاب الله إن الله يقول { ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه } قال ابن عباسٍ : والحس القتل ولقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب المشركين سبعةٌ أو تسعة وذكر الحديث . وأنزل الله عليهم النعاس أمنةً منه في غزاة بدرٍ وأحد ٍ والنعاس في الحرب وعند الخوف دليلٌ على الأمن وهو من الله وفي الصلاة ومجالس الذكر والعلم من الشيطان . وقاتلت الملائكة يوم أحدٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أستمع حفظ

29 - القراءة من قول المصنف: ففي " الصحيحين " : عن سعد بن أبي وقاصٍ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثيابٌ بيضٌ كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد وفي " صحيح مسلمٍ " : أنه صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحدٍ في سبعةٍ من الأنصار ورجلين من قريشٍ فلما رهقوه قال من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة فتقدم رجلٌ من الأنصار فقاتل حتى قتل ثم رهقوه فقال من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة فتقدم رجلٌ من الأنصار فقاتل حتى قتل فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنصفنا أصحابنا وهذا يروى على وجهين بسكون ووجه النصب أن الأنصار لما خرجوا للقتال واحدًا بعد واحدٍ حتى قتلوا ولم يخرج القرشيان قال ذلك أي ما أنصفت قريشٌ الأنصار . ووجه الرفع أن يكون المراد بالأصحاب الذين فروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفرد في النفر القليل فقتلوا واحدًا بعد واحدٍ فلم ينصفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ثبت معه . وفي " صحيح ابن حبان " عن عائشة قالت قال أبو بكرٍ الصديق : لما كان يوم أحدٍ انصرف الناس كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أول من فاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت بين يديه رجلًا يقاتل عنه ويحميه قلت كن طلحة فداك أبي وأمي كن طلحة فداك أبي وأمي . فلم أنشب أن أدركني أبو عبيدة بن الجراح وإذا هو يشتد كأنه طيرٌ حتى لحقني فدفعنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا طلحة بين يديه صريعًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم دونكم أخاكم فقد أوجب وقد رمي النبي صلى الله عليه وسلم في جبينه وروي في وجنته حتى غابت حلقةٌ من حلق المغفر في وجنته فذهبت لأنزعها عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبيدة نشدتك بالله يا أبا بكرٍ إلا تركتني ؟ قال فأخذ أبو عبيدة السهم بفيه فجعل ينضنضه كراهة أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استل السهم بفيه فندرت ثنية أبي عبيدة قال أبو بكرٍ ثم ذهبت لآخذ الآخر فقال أبو عبيدة نشدتك بالله يا أبا بكرٍ إلا تركتني ؟ قال فأخذه فجعل ينضنضه حتى استله فندرت ثنية أبي عبيدة الأخرى ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دونكم أخاكم فقد أوجب قال فأقبلنا على طلحة نعالجه وقد أصابته بضعة عشر ضربةً أستمع حفظ

32 - القراءة من قول المصنف: وفي " مغازي الأموي " : أن المشركين صعدوا على الجبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعدٍ " اجنبهم " يقول ارددهم . فقال كيف أجنبهم وحدي ؟ فقال ذلك ثلاثًا فأخذ سعدٌ سهمًا من كنانته فرمى به رجلًا فقتله قال ثم أخذت سهمي أعرفه فرميت به آخر فقتلته ثم أخذته أعرفه فرميت به آخر فقتلته فهبطوا من مكانهم فقلت هذا سهمٌ مباركٌ فجعلته في كنانتي فكان عند سعدٍ حتى مات ثم كان عند بنيه . صلى الله عليه وسلم وفي " الصحيحين " عن أبي حازمٍ أنه سئل عن جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان يسكب الماء وبما دووي كانت فاطمة ابنته تغسله وعلي بن أبي طالبٍ يسكب الماء بالمجن فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرةً أخذت قطعةً من حصيرٍ فأحرقتها فألصقتها فاستمسك الدم وفي " الصحيح " : أنه كسرت رباعيته وشج في رأسه فجعل يسلت الدم عنه ويقول كيف يفلح قومٌ شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم فأنزل الله عز وجل { ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون } ولما انهزم الناس لم ينهزم أنس بن النضر . وقال اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني المسلمين وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذٍ فقال أين يا أبا عمر ؟ فقال أنسٌ واها لريح الجنة يا سعد إني أجده دون أحدٍ ثم مضى فقاتل القوم حتى قتل فما عرف حتى عرفته أخته ببنانه وبه بضعٌ وثمانون ما بين طعنةٍ برمحٍ وضربةٍ بسيفٍ ورميةٍ بسهمٍ وانهزم المشركون أول النهار كما تقدم فصرخ فيهم إبليس أي عباد الله أخزاكم الله فارجعوا من الهزيمة فاجتلدوا . ونظر حذيفة إلى أبيه والمسلمون يريدون قتله وهم يظنونه من المشركين فقال أي عباد الله أبي فلم يفهموا قوله حتى قتلوه فقال يغفر الله لكم فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فقال قد تصدقت بديته على المسلمين فزاد ذلك حذيفة خيرًا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال زيد بن ثابتٍ : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ أطلب سعد بن الربيع فقال لي : إن رأيته فأقرئه مني السلام وقل له يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تجدك ؟ قال فجعلت أطوف بين القتلى فأتيته وهو بآخر رمقٍ وفيه سبعون ضربةً ما بين طعنةٍ برمحٍ وضربةٍ بسيفٍ ورميةٍ بسهمٍ فقلت : يا سعد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول لك : أخبرني كيف تجدك ؟ فقال وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام قل له يا رسول الله أجد ريح الجنة وقل لقومي الأنصار : لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم عينٌ تطرف وفاضت نفسه من وقته ومر رجلٌ من المهاجرين برجلٍ من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال يا فلان أشعرت أن محمدًا قد قتل ؟ فقال الأنصاري إن كان محمدٌ قد قتل فقد بلغ فقاتلوا عن دينكم فنزل { وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل } الآية وقال عبد الله بن عمرٍو بن حرامٍ : رأيت في النوم قبل أحدٍ مبشر بن عبد المنذر يقول لي : أنت قادمٌ علينا في أيامٍ فقلت وأين أنت ؟ فقال في الجنة نسرح فيها كيف نشاء . قلت له ألم تقتل يوم بدرٍ ؟ قال بلى ثم أحييت فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذه الشهادة يا أبا جابرٍ وقال خيثمة أبو سعدٍ وكان ابنه استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم بدرٍ : أستمع حفظ

34 - القراءة من قول المصنف: وقال خيثمة أبو سعدٍ وكان ابنه استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم بدرٍ : لقد أخطأتني وقعة بدرٍ وكنت والله عليها حريصًا حتى ساهمت ابني في الخروج فخرج سهمه فرزق الشهادة وقد رأيت البارحة ابني في النوم في أحسن صورةٍ يسرح في ثمار الجنة وأنهارها ويقول الحق بنا ترافقنا في الجنة فقد وجدت ما وعدني ربي حقا وقد والله يا رسول الله أصبحت مشتاقًا إلى مرافقته في الجنة وقد كبرت سني ورق عظمي وأحببت لقاء ربي فادع الله يا رسول الله أن يرزقني الشهادة ومرافقة سعدٍ في الجنة فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقتل بأحدٍ شهيدًا وقال عبد الله بن جحشٍ في ذلك اليوم اللهم إني أقسم عليك أن ألقى العدو غدًا فيقتلوني ثم يبقروا بطني ويجدعوا أنفي وأذني ثم تسألني : فيم ذلك فأقول فيك أستمع حفظ

37 - القراءة من قول المصنف: وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج وكان له أربعة بنين شبابٌ يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا فلما توجه إلى أحدٍ أراد أن يتوجه معه فقال له بنوه إن الله قد جعل لك رخصةً فلو قعدت ونحن نكفيك وقد وضع الله عنك الجهاد . فأتى عمرو بن الجموح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن بني هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك ووالله إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد وقال لبنيه وما ليكم أن تدعوه لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل يوم أحدٍ شهيدًا . وانتهى أنس بن النضر إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجالٍ من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال ما يجلسكم ؟ فقالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فما تصنعون بالحياة بعده ؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل وأقبل أبي بن خلفٍ عدو الله وهو مقنعٌ في الحديد يقول لا نجوت إن نجا محمدٌ وكان حلف بمكة أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبله مصعب بن عميرٍ أستمع حفظ

41 - القراءة من قول المصنف: قال ابن عمر : إني لأسير ببطن رابغٍ بعد هوي من الليل إذا نارٌ تأجج لي فيممتها وإذا رجلٌ يخرج منها في سلسلةٍ يجتذبها يصيح العطش وإذا رجلٌ يقول لا تسقه هذا قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أبي بن خلف وقال نافع بن جبيرٍ : سمعت رجلًا من المهاجرين يقول شهدت أحدًا فنظرت إلى النبل يأتي من كل ناحيةٍ ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطها كل ذلك يصرف عنه ولقد رأيت عبد الله بن شهابٍ الزهري يقول يومئذٍ دلوني على محمدٍ لا نجوت إن نجا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ما معه أحدٌ ثم جاوزه فعاتبه في ذلك صفوان فقال والله ما رأيته أحلف بالله إنه منا ممنوعٌ فخرجنا أربعةً فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله فلم نخلص إلى ذلك . أستمع حفظ

55 - القراءة من قول المصنف: ومنها : أنه لا يجب على المسلمين إذا طرقهم عدوهم في ديارهم الخروج إليه بل يجوز لهم أن يلزموا ديارهم ويقاتلوهم فيها إذا كان ذلك أنصر لهم على عدوهم كما أشار به رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم يوم أحد ٍ . ومنها : جواز سلوك الإمام بالعسكر في بعض أملاك رعيته إذا صادف ذلك طريقه وإن لم يرض المالك . ومنها : أنه لا يأذن لمن لا يطيق القتال من الصبيان غير البالغين بل يردهم إذا خرجوا كما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر ومن معه . ومنها : جواز الغزو بالنساء والاستعانة بهن في الجهاد . ومنها : جواز الانغماس في العدو كما انغمس أنس بن النضر وغيره . ومنها : أن الإمام إذا أصابته جراحةٌ صلى بهم قاعدًا وصلوا وراءه قعودًا صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة واستمرت على ذلك سنته إلى حين وفاته أستمع حفظ

64 - القراءة من قول المصنف: ومنها : أن السنة في الشهيد أنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يكفن في ومنها : أنه إذا كان جنبًا غسل كما غسلت الملائكة حنظلة بن أبي عامرٍ ومنها : أن السنة في الشهداء أن يدفنوا في مصارعهم ولا ينقلوا إلى مكانٍ آخر فإن قومًا من الصحابة نقلوا قتلاهم إلى المدينة فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر برد القتلى إلى مصارعهم قال جابرٌ بينا أنا في النظارة إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عادلتهما على ناضحٍ فدخلت بهما المدينة لندفنهما في مقابرنا وجاء رجلٌ ينادي : ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت قال فرجعنا بهما فدفناهما في القتلى حيث قتلا أستمع حفظ