4 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( وأما قوله أول من قال فى القدر فمعناه أول من قال بنفى القدر فابتدع وخالف الصواب الذى عليه أهل الحق ويقال القدر والقدر بفتح الدال واسكانها لغتان مشهورتان وحكاهما بن قتيبة عن الكسائى وقالهما غيره واعلم أن مذهب أهل الحق اثبات القدر ومعناه أن الله تبارك وتعالى قدر الاشياء فى القدم وعلم سبحانه أنها ستقع فى أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى وعلى صفات مخصوصة فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وتعالى وأنكرت القدرية هذا وزعمت أنه سبحانه وتعالى لم يقدرها ولم يتقدم علمه سبحانه وتعالى بها وأنها مستأنفة العلم أى انما يعلمها سبحانه بعد وقوعها وكذبوا على الله سبحانه وتعالى وجل عن أقوالهم الباطلة علوا كبيرا أستمع حفظ
5 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( وسميت هذه الفرقة قدرية لانكارهم القدر قال أصحاب المقالات من المتكلمين وقد انقرضت القدرية القائلون بهذا القول الشنيع الباطل ولم يبق أحد من أهل القبلة عليه وصارت القدرية فى الأزمان المتأخرة تعتقد اثبات القدر ولكن يقولون الخير من الله والشر من غيره تعالى الله عن قولهم وقد حكى أبو محمد بن قتيبة فى كتابه غريب الحديث وأبو المعالى امام الحرمين فى كتابه الارشاد فى أصول الدين أن بعض القدرية قال لسنا بقدرية بل أنتم القدرية لاعتقادكم اثبات القدر قال بن قتيبة والامام هذا تمويه من هؤلاء الجهلة ومباهتة وتواقح فان أهل الحق يفوضون أمورهم إلى الله سبحانه وتعالى ويضيفون القدر والافعال إلى الله سبحانه وتعالى وهؤلاء الجهلة يضيفونه إلى أنفسهم ومدعى الشيء لنفسه ومضيفه اليها أولى بأن ينسب إليه ممن يعتقده لغيره وينفيه عن نفسه أستمع حفظ
6 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قال الامام وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القدرية مجوس هذه الامة شبههم بهم لتقسيمهم الخير والشر فى حكم الارادة كما قسمت المجوس فصرفت الخير إلى يزدان والشر إلى أهرمن ولا خفاء باختصاص هذا الحديث بالقدرية هذا كلام الامام وبن قتيبة وحديث القدرية مجوس هذه الامة رواه أبو حازم عن بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه أبو داود فى سننه والحاكم أبو عبد الله فى المستدرك على الصحيحين وقال صحيح على شرط الشيخين ان صح سماع أبى حازم من بن عمر أستمع حفظ
9 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قال الخطابى انما جعلهم صلى الله عليه وسلم مجوسا لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس فى قولهم بالاصلين النور والظلمة يزعمون أن الخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة فصاروا ثنوية وكذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله تعالى والشر إلى غيره والله سبحانه وتعالى خالق الخير والشر جميعا لا يكون شيء منهما الا بمشيئته فهما مضافان إليه سبحانه وتعالى خلقا وايجادا والى الفاعلين لهما من عبادة فعلا واكتسابا والله أعلم أستمع حفظ
10 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قال الخطابى وقد يحسب كثير من الناس أن معنى القضاء والقدر اجبار الله سبحانه وتعالى العبد وقهره على ما قدره وقضاه وليس الامر كما يتوهمونه وانما معناه الاخبار عن تقدم علم الله سبحانه وتعالى بما يكون من اكتساب العبد وصدورها عن تقدير منه وخلق لها خيرها وشرها أستمع حفظ
11 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قال والقدر اسم لما صدر مقدرا عن فعل القادر يقال قدرت الشيء وقدرته بالتخفيف والتثقيل بمعنى واحد والقضاء فى هذا معناه الخلق كقوله تعالى فقضاهن سبع سماوات فى يومين أى خلقهن قلت وقد تظاهرت الأدلة القطعيات من الكتاب والسنة واجماع الصحابة وأهل الحل والعقد من السلف والخلف على اثبات قدر الله سبحانه وتعالى وقد أكثر العلماء من التصنيف فيه ومن أحسن المصنفات فيه وأكثرها فوائد كتاب الحافظ الفقيه أبى بكر البيهقى رضى الله عنه وقد قرر أئمتنا من المتكلمين ذلك أحسن تقرير بدلائلهم القطعية السمعية والعقلية والله أعلم أستمع حفظ
12 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قوله ( فوفق لنا عبد الله بن عمر ) هو بضم الواو وكسر الفاء المشددة قال صاحب التحرير معناه جعل وفقا لنا وهو من الموافقة التى هي كالالتحام يقال أتانا لتيفاق الهلال وميفاقه أى حين أهل لا قبله ولا بعده وهى لفظة تدل على صدق الاجتماع والالتئام وفى مسند أبى يعلى الموصلى فوافق لنا بزيادة ألف والموافقة المصادفة أستمع حفظ
13 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قوله ( فاكتنفته أنا وصاحبى ) يعنى صرنا فى ناحيتيه ثم فسره فقال أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله وكنفا الطائر جناحاه وفى هذا تنبيه على أدب الجماعة فى مشيهم مع فاضلهم وهو أنهم يكتنفونه ويحفون به. أستمع حفظ
14 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قوله ( فظننت أن صاحبى سيكل الكلام إلى ) معناه يسكت ويفوضه إلى لاقدامى وجرأتى وبسطة لسانى فقد جاء عنه فى رواية لأنى كنت أبسط لسانا قوله ( ظهر قبلنا ناس يقرؤن القرآن ويتقفرون العلم ) هو بتقديم القاف على الفاء ومعناه يطلبونه ويتتبعونه هذا هو المشهور وقيل معناه يجمعونه ورواه بعض شيوخ المغاربة من طريق بن ماهان يتفقرون بتقديم الفاء وهو صحيح أيضا معناه يبحثون عن غامضه ويستخرجون خفيه أستمع حفظ
15 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( وروى فى غير مسلم يتفقون بتقديم القاف وحذف الراء وهو صحيح أيضا ومعناه أيضا يتتبعون قال القاضي عياض ورأيت بعضهم قال فيه يتقعرون بالعين وفسره بأنهم يطلبون قعره أى غامضه وخفيه ومنه تقعر فى كلامه اذا جاء بالغريب منه وفى رواية أبى يعلى الموصلى يتفقهون بزيادة الهاء وهو ظاهر أستمع حفظ
16 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قوله ( وذكر من شأنهم ) هذا الكلام من كلام بعض الرواة الذين دون يحيى بن يعمر والظاهر أنه من بن بريدة الراوى عن يحيى بن يعمر يعنى وذكر بن يعمر من حال هؤلاء ووصفهم بالفضيلة فى العلم والاجتهاد فى تحصيله والاعتناء به أستمع حفظ
17 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قوله ( يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف ) هو بضم الهمزة والنون أى مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من الله تعالى وانما يعلمه بعد وقوعه كما قدمنا حكايته عن مذهبهم الباطل أستمع حفظ
18 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( وهذا القول قول غلاتهم وليس قول جميع القدرية وكذب قائله وضل وافترى عافانا الله وسائر المسلمين قوله ( قال يعنى بن عمر رضى الله عنهما فاذا لقيت أولئك فأخبرهم أنى بريء منهم وأنهم برآء منى والذى يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ) هذا الذى قاله بن عمر رضى الله عنهما ظاهر فى تكفيره القدرية قال القاضي عياض رحمه الله هذا فى القدرية الاول الذين نفوا تقدم علم الله تعالى بالكائنات قال والقائل بهذا كافر بلا خلاف أستمع حفظ
19 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( هذا الذى قاله بن عمر رضى الله عنهما ظاهر فى تكفيره القدرية قال القاضي عياض رحمه الله هذا فى القدرية الاول الذين نفوا تقدم علم الله تعالى بالكائنات قال والقائل بهذا كافر بلا خلاف وهؤلاء الذين ينكرون القدر هم الفلاسفة فى الحقيقة قال غيره ويجوز أنه لم يرد بهذا الكلام التكفير المخرج من الملة فيكون من قبيل كفران النعم أستمع حفظ
21 - شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( وهؤلاء الذين ينكرون القدر هم الفلاسفة فى الحقيقة قال غيره ويجوز أنه لم يرد بهذا الكلام التكفير المخرج من الملة فيكون من قبيل كفران النعم قوله ما قبله الله منه ظاهر فى التكفير فان احباط الاعمال انما يكون بالكفر الا أنه يجوز أن يقال فى المسلم لا يقبل عمله لمعصيته وان كان صحيحا كما أن الصلاة فى الدار المغصوبة صحيحة غير محوجة إلى القضاء عند جماهير العلماء بل باجماع السلف وهى غير مقبولة فلا ثواب فيها على المختار عند أصحابنا والله أعلم أستمع حفظ