تفسير سورة المائدة-04b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة تفسير الآية السابقة.<<......و ليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون >>
(( لعلكم )) لعل هنا لأيش ؟ للتعليل وليس للترجي ، لأن الرجاء طلب ما فيه عسر ، والله عزوجل لا يتأتى بحقه ذلك لأن كل شيء سهل عليه ، فتكون هنا للتعليل وهي كثيرا في القرآن بهذا . (( لعلكم تشكرون )) أي تشكرون الله عزوجل على نعمه ، والشكر يكون في القلب، ويكون في اللسان، ويكون في الجوارح ، وعلى هذا قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا
ما معنى البيت ؟ معنى البيت أن نعمائكم علي ملكتم بها يدي ولساني والضمير المحجبا، فنعمائكم أفادتكم هذه الثلاثة ملكتموها . الشكر بالقلب أن يعترف الإنسان بقلبه بأن هذه النعمة من الله عزوجل، ويحب الله عزوجل لذلك أي لكونه أنعم، ولهذا جاء في الحديث: ( أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم ) . الشكر باللسان: الثناء على الله بها كما قال الله تعالى: (( وأما بنعمة ربك فحدث )) ومن ذلك أي من الشكر باللسان القيام بكل قول يقرب إلى الله عزوجل، أما الثالث فهو الجوارح: أن يقوم الإنسان بما يلزمه نحو هذه النعمة فمثلا إذا كان مالا فقيامه بشكره أن يؤدي الزكاة إلى أهلها ، وكذلك إذا كانت عملا آخر يحتاج إلى حركة بالجوارح فلابد من أن يقوم بهذه الحركة ، فالشكر إذا محله القلب واللسان والجوارح . فإذا قال قائل: أيهما أعم الحمد أو الشكر ؟ قلنا بينهما عموم وخصوص وجهي، ومعنى وجهي أي أن أحدهما أعم من الآخر من وجه وأخص من الآخر ، فباعتبار السبب الأخص الشكر لأن سببه النعمة ، وأما الحمد فسببه النعمة وكماله المحمود حتى وإن لم ينه ، وعلى هذا نحن إذا نحمد الله عزوجل فإننا نحمده على كمال صفاته وعلى كماله إنعامه وإحسانه ، وأما المتعلق فالشكر أعم ، لأنه يكون بالقلب واللسان والجوارح ، والحمد إنما يكون باللسان فقط . انتهت الآية الكريمة وانتهينا من الكلام عليها فلنرجع الآن إلى فوائدها .
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا
ما معنى البيت ؟ معنى البيت أن نعمائكم علي ملكتم بها يدي ولساني والضمير المحجبا، فنعمائكم أفادتكم هذه الثلاثة ملكتموها . الشكر بالقلب أن يعترف الإنسان بقلبه بأن هذه النعمة من الله عزوجل، ويحب الله عزوجل لذلك أي لكونه أنعم، ولهذا جاء في الحديث: ( أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم ) . الشكر باللسان: الثناء على الله بها كما قال الله تعالى: (( وأما بنعمة ربك فحدث )) ومن ذلك أي من الشكر باللسان القيام بكل قول يقرب إلى الله عزوجل، أما الثالث فهو الجوارح: أن يقوم الإنسان بما يلزمه نحو هذه النعمة فمثلا إذا كان مالا فقيامه بشكره أن يؤدي الزكاة إلى أهلها ، وكذلك إذا كانت عملا آخر يحتاج إلى حركة بالجوارح فلابد من أن يقوم بهذه الحركة ، فالشكر إذا محله القلب واللسان والجوارح . فإذا قال قائل: أيهما أعم الحمد أو الشكر ؟ قلنا بينهما عموم وخصوص وجهي، ومعنى وجهي أي أن أحدهما أعم من الآخر من وجه وأخص من الآخر ، فباعتبار السبب الأخص الشكر لأن سببه النعمة ، وأما الحمد فسببه النعمة وكماله المحمود حتى وإن لم ينه ، وعلى هذا نحن إذا نحمد الله عزوجل فإننا نحمده على كمال صفاته وعلى كماله إنعامه وإحسانه ، وأما المتعلق فالشكر أعم ، لأنه يكون بالقلب واللسان والجوارح ، والحمد إنما يكون باللسان فقط . انتهت الآية الكريمة وانتهينا من الكلام عليها فلنرجع الآن إلى فوائدها .
الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة .
فمن فوائد هذه الآية الكريمة: أهمية الوضوء للصلاة وإن شئت فقل أهمية الطهارة للصلاة بوضوء أو غسل أو تيمم ، وجه الأهمية: أن الله صدر الخطاب بالنداء ، لأن تصدير الخطاب بالنداء يدل على أهميته ، فإنك تجد الفرق بين أن تتحدث حديثا مرسلا هكذا وبين أن توجه الخطاب إلى المخاطب فتقول: يا فلان افعل كذا ، اترك كذا ، وما أشبه ذلك . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن هذه الطهارة من مقتضيات الإيمان ، كأنه قال: يا أيها الذين آمنوا لإيمانكم افعلوا كذا وكذا . ومن فوائدها: أن الإيمان يزيد بها ، يزيد بالطهارة وضوء كانت أو غسلا أو تيمما ، لأنها إذا كانت من مقتضياته لزم أن يزيد بزيادتها وينقص بنقصانها . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإخلال بها مناف لكمال الإيمان يعني لو صليت بدون وضوء ، بدون غسل ، بدون تيمم فإن ذلك ينقص من إيمانك ، لأنك خوطبت بصفة الإيمان على أن تقوم بهذا ، لكن هل ينافي أصل الإيمان ؟ جمهور العلماء: لا ، لا ينافي أصل الإيمان وأن من صلى محدثا لم يكفر ، وقال أبو حنيفة رحمه الله: إن من صلى محدثا كفر ، لأنه مستهزئ بآيات الله عزوجل ، وعلى هذا فيكون عدم القيام بها منافيا لأصل الإيمان . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: مشروعية الوضوء أو الغسل أو التيمم عند كل صلاة حتى وإن كنت على طهارة ، فمثلا لو توضأت لصلاة الظهر وجاء وقت العصر وأنت على طهارتك نقول الأفضل أن تتوضأ ، لقوله: (( وإذا قمتم إلى الصلاة )) وأل هذه للعموم ، ولم أعلم أحد من الناس قال إنه يشرع إذا قام لكل صلاة موالية للأخرى كما لو كان يصلي الليل ركعتين ركعتين ، ما علمت أن أحدا قال كلما فرغ من ركعتين ذهب وتوضأ ، ولكن فيما بين الأوقات نعم ذهب كثير من العلماء إلى أنه يشرع للإنسان إذا دخل وقت صلاة الأخرى أن يجدد الوضوء ولو كان على طهارة ، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الوضوء لكل صلاة ، ولكن هذا ضعيف لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الصلوات الخمس بطهور واحد ولأنه أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة فدل على أن هذا الحكم خاص بالمستحاضة أعني وجوب الوضوء لكل صلاة .
ومن فوائد هذه الآية: أن الطهارة لا تجب إلا للصلاة ، لا تجب إلا للصلاة ، وعلى هذا فلا تجب لقراءة القرآن ولا تجب لمس المصحف ولا تجب للطواف ولا تجب للسعي ولا لغيرها من الأعمال الصالحة، وإلى هذا ذهب قوم من أهل العلم أنه لا وضوء إلا لصلاة ، ولهذا لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أتتوضأ من عمل عمله ؟ قال إني لم أرد أن أصلي ، أو كما قال عليه الصلاة مما يدل على أنه من المعلوم أنه لا وضوء إلا للصلاة ، ولاشك أن هذا هو الأصل وأن من ادعى أن غير الصلاة يجب الوضوء له فإن عليه الدليل وإلا فالأصل أنه لا يجب إلا للصلاة . فلننظر نقول: مس المصحف، مس المصحف اختلف فيه العلماء هل تجب له الطهارة أو لا ؟ فمنهم من قال إن الطهارة واجب لمس المصحف واستدل بعضهم بقوله تعالى: (( لا يمسه إلا المطهرون )) واستدل آخرون بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي كتبه لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر ، فأما استدلال الأولين بقوله تعالى: (( لا يمسه إلا المطهرون )) فإنه لا يستقيم ، لأن الضمير في قوله: (( لا يمسه )) ضمير المفعول به يعود إلى الكتاب المكنون ، واقرأ: (( إنه لكتاب مبين في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون )) الضمير يعود إلى أقرب مذكور وأقرب مذكور هو الكتاب المكنون ، وأيضا يقول: (( المطهرون )) ولم يقل: إلا المطهرون ، وفرق بين المطهر والمتطهر، فمنهم المطهرون ؟ هم الملائكة ، وأما حديث عمرو بن حزم فإن من لا يستدل بالمرسل لا يراه حجة والحديث مرسل مشهور ، يقول مادام مرسلا فالمرسل من قسم الضعيف فلا نثبت به حكما نلزم به عباد الله ، فلا يستقيم الدليل أو لا يستقيم الاستدلال ؟ الدليل ، الآية نقول لا يستقيم الاستدلال ، وهذا نقول لا يستقيم الدليل ، ومن رأى أن هذا الحديث المرسل بعينه حجة لتقي الأمة له بقبول في الزكاة والديات وغيرها قال إنه يكون حجة ، إذا كان حجة فقال بعض العلماء حتى لو ثبت واحتججنا به فيما جاء به من الأحكام فإن قوله: إلا طاهر يحتمل أن يراد بالطاهر المؤمن ، ويحتمل أن يراد به المتوضئ ، ومع الاحتمال يبطل الاستدلال ، وعلى هذا فلا تجب الطهارة لمس المصحف ، فنقول في رد هذا نعم إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال هذا إذا تساوى الاحتمالان فليس أحدهما بأولى من الآخر ، وأما مع رجحان أحد الاحتمالين فالواجب الأخذ بالراجح ، فلو جعلنا لكل نص يحتمل وجهين جعلنا دلالته ساقطة لضاعت علينا أحكام كثيرة وأدلة كثيرة ، فنقول أيهما أرجح ، أن يراد بالطاهر المؤمن أو المراد بالطاهر المتوضئ ؟ الثاني أرجح لأننا لم نعهد أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعبر عن المؤمن بالطاهر ، لأن وصف المؤمن أحب إلى النفوس وأقوى في الثناء من وصف الطاهر . قد يقول قائل: هذا الظاهر الذي قلتم يعارض أن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر ذلك في الكتاب الذي كتبه لعمرو بن حزم وقد بعثه إلى اليمن فيكون هذه قرينة على أن المراد بالطاهر المؤمن لأنه متوجه إلى قوم كفار يدعوهم إلى الإسلام ؟ وهذا لاشك أنه مؤثر في الاستدلال لكن كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستعمل قط كلمة طاهر تعبيرا عن المؤمن يضعف هذا الوجه ، فالذي يظهر أن مس المصحف لا يجوز إلا بوضوء ، هذا هو الظاهر . بقي علينا الطواف ، الطواف إذا قال قائل: أين الدليل على أن الطواف تشترط له الطهارة ؟ نقول: الدليل قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ( الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام ) وهذا الكلام روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا وروي موقوفا على ابن عباس ، فرواية المرفوع ضعيفة يعني لا نقول إنه تعارض رفع ووقف فيجب الأخذ بالرفع لأن الرافع معه زيادة العلم ولأنه كثيرا ما يعبر عما رواه مرفوعا بقول من عنده فيظن سامعه أنه موقوف عليه ، لأننا نقول كلام الرسول عليه الصلاة والسلام لا يتناقض ولا يخالف الواقع وهذا متناقض لا يصح طردا ولا عكسا، فلننظر إذا قلنا إنه صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام نقول يجب التكبير عند الدخول فيه والتسليم عند الانتهاء منه وقول سبحان ربي الأعلى فيه وسبحان ربي العظيم والاتجاه إلى القبلة ، الكعبة وألا يأكل فيه ولا يشرب وهلم جرا، فنجد أنه يخالف الصلاة في أكثر مما يوافقها، وهل يمكن أن يرد عن المعصوم كلام تكون المخالفة فيه أكثر من الموافقة ؟ لا يمكن أن يرد ، ولهذا ليس في هذا دليل على أن الطواف تشترط له الطهارة، وهنا النظرة في الاستدلال أو في الدليل أو فيهما ؟ فيهما جميعا، النظر فيهما جميعا ، لأننا لا نقبل مثل هذا الحكم العام الذي ... على نقله ويحتاج الناس إليه في كل وقت وحين لا يمكن أن نقبله وهو بهذا الثبوت الهش ، لابد أن تكون قد تواتر أو اشتهر على الأقل ، وثانيا: أنه لا يمكن أن يكون مرفوعا لكونه متناقضا ، إذا لا تشترط له الطهارة . فلو قال قائل: دعونا من هذا الحديث أليس الطائف إذا طاف لابد أن يصلي ؟ فهل تقولون إن الطائف يصلي بلا وضوء ؟ الجواب لا، لا نقول بذلك ، نقول يطوف ولا يصلي ، وليست الصلاة بعد الطواف شرطا في صحته ، فنقول إن كان الأمر قريبا ذهب وتوضأ وصلى وإن كان لا يجد ماء إلا بعيدا فإن الصلاة تسقط عنه . فإذا قال قائل: إن النبي عليه الصلاة والسلام بلاشك طاف متطهرا وصلى ركعتين خلف المقام وقال: ( خذوا عني مناسككم ) ؟ قلنا: هذا الحديث ( خذوا عني مناسككم ) ليس على العموم بالإجماع وما أكثر المسائل التي فعلتها الرسول وكانت على سبيل الاستحباب ، فنحن نقول: المستحب بلاشك أن يطوف على طهارة ولا إشكال في هذا ، أما أن نقول إن الطهارة شرط في الطواف وأن من طاف محدثا فطوافه غير صحيح حتى ولو لزم من ذلك مشقة عظيمة كما لو كان الطواف بغير طهارة طواف الإفاضة ثم قدم إلى بلده وقلنا إن حجك لم يتم قد يكون فيه مشقة شديدة ، ويقع ذلك كثيرا أعني عدم الطهارة في هذه العصار ، لأن الزحام يكون شديدا ومدة الطواف تكون طويلة وربما يحدث الإنسان في أثناء ذلك فهل نقول اخرج وتوضأ ؟ وإذا قلنا اخرج وتوضأ خرج وتوضأ ثم رجع أحدث حصل مثل الأول هذا فيه مشقة شديدة ، على كل حال الذي نرى في هذه المسألة أنه لا يشترط للطواف وضوء ، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ويكفينا أن نستدل بهذه الآية ونقول أي عمل تشترط له الطهارة فعليك الدليل . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب الغسل في الوجه ، لقوله: (( فاغسلوا )) . ويتفرع على ذلك أنه لو مسح وجهه مسحا لم يصح وضوئه ، لقوله: (( فاغسلوا )) . ومن فوائد هذه الآية: وجوب استيعاب الوجه بالغسل ، وجوب استيعاب الوجه بالوجه ، لابد يغسل كل الوجه ، لقوله: (( وجوهكم )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا يجب غسل شيء من الرأس خلافا لما ذهب إليه بعض الأصوليين وقال يجب أن يغسل جزءا من الرأس لأنه لا يتحقق أنه غسل جميع الوجه إلا بغسل جزء من الرأس ، ويجب أن يمسح بعض الوجه ، لأنه لا يتحقق أنه مسح الرأس كله إلا بمسح بعض الوجه ، فيكون عندنا جزء من البدن تجب فيها طهارتان: مسح ، وغسل ، وهذا خلاف ظاهر القرآن وهو في الحقيقة نوع من التنطع ، فيقال: حد الوجه معروف وما زاد عن الوجه فليس بواجب أن يغسل . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب غسل الأيدي من أطراف الأصابع إلى المرافق ، لقوله: (( وأيديكم إلى المرافق )) . ومن فوائد الآية: أنه إذا أراد غسل اليد بدأ من أطراف الأصابع ، لأن إذا تفيد الغاية ، فإذا كانت المرفق هو الغاية لزم أن يكون أطراف الأصابع هو البداية ، لكن هذا شيء فيه من النظر ، لأن الذي يقال فيه البداية والنهاية إذا جاءت من وإلى ، وأما إذا حددت النهاية فقط وسكت عن البداية فإنه لا يدل على أن الأفضل البداية من الجانب الآخر ، بل نقول هذا تحديد للنهاية فقط لأنه لابد أن نحدد النهاية مهما كان، بدأنا من الأطراف أو من الوسط ، وعليه فلا يظهر أنه من المشروع أن تبدأ بغسل أطراف الأصابع ثم تأتي إلى المرفق ، بل يقال: الغسل ينتهي بهذا والبدء من حيث شئت .
ومن فوائد الآية الكريمة: أن اليد عند الإطلاق هي الكف فقط ، وجه الدلالة أن الله قال: (( إلى المرافق )) ولو كانت اليد عند الإطلاق إلى المرافق لكان هذا القيد لا فائدة فيه ، والأمر كذلك أعني أن اليد عند الإطلاق إنما هي الكف ، ولنا دليل في هذا: يد السارق تقطع من مفصل الكف ، لقوله تعالى: (( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما )) ولا يجوز أن يتجاوز مفصل الكف ، في التيمم إنما يطهر الكف فقط ولا يتجاوز إلى المرفق، وهذا أمر واضح ، إذا نستفيد من هذا أن اليد إذا أطلقت فهي الكف فقط وإن قيدت فهي بما قيدت به . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب مسح الرأس ، وجوب مسحه ، لقوله: (( وامسحوا برؤوسكم )) ووجوب استيعاب الرأس بالمسح، لأن الباء للاستيعاب ولم تأتي في اللغة العربية إطلاقا أبدا ، قال ابن البرهان: من ادعى أن الباء للتبعيض فقد قال عن أهل اللغة بما لا يعرفون . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لو غسل الرأس بدلا عن المسح فإنه لا يجزئ ، لأن الله أمر بالمسح ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من عمل عملا ليس عليه عملنا فهو رد ) وعلى هذا فلو أدلى برأسه حتى صب الماء من الماسورة وعم جميع الرأس فإنه لا يجزئه ، وقال بعض العلماء إنه يجزئ مع الكراهة مستدلا بنظر لا بأثر ، النظر يقول إنما وجب مسح الرأس تخفيفا على العباد ، فإذا أراد الإنسان أن يأخذ بما هو أكمل فلا حرج عليه كما شرع للصائم أن يفطر عند غروب الشمس ولو أراد الوصال فله أن يواصل إلى السحر وبعض العلماء يقول له أن يواصل يومين أو ثلاثة ، لكن هذا القول فيه نظر أعني القول بإجزاء الغسل بدل المسح الرأس فيه نظر ، لأن حديث عائشة: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) يقتضي رده أي رد الغسل بدل المسح ، ولأن هذا من باب التنطع في الدين وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( هلك المتنطعون ) . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب غسل الرجل ، لقوله: (( وأرجلكم )) وهي معطوفة على قوله: (( وجوهكم )) أي واغسلوا أرجلكم ، هذا على قراءة النصب ، أما على قراءة الجر فقد قال بعض العلماء إنه يجزئ المسح أي مسح القدم ، استدل بهذه الآية على جواز الاقتصار على مسح الرجل أخذا بقراءة الثانية: (( وأرجلكم )) وقال إن الإنسان يغسل رجله مرة ويمسحها مرة أخرى، يغسلها على قراءة النصب ويمسحها على قراءة الجر ، وهذا لو لا السنة لكان له نوعا من الوجاهة يعني لكان وجهة نظر جيدة لكن السنة تأبى ذلك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل قدميه ولم يرد حرف عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسحهما ، بل إنه لما رأى بعض أصحابه قد غسل رجليه بما ليس بغسل نادى بأعلى صوته: ( ويل للأعقاب من النار ) فدل ذلك على وجوب غسل القدم ، إذا كيف ننزل الآية ؟ ننزل الآية إما من جهة الإعراب ننزلها على ما سبق إن بعض أهل العربية قال إنها مجرورة بالمجاورة وأن محلها حقيقة النصب ، أو ننزلها على أن الرجل لها حالان: حال تكون مستورة وحال تكون مكشوفة ، فإذا كانت مكشوفة فالفرض الغسل وإذا كانت المستورة فالفرض المسح ، ولهذا لم يأت مثله في اليدين ، لأن اليدين ما فيهما مسح حتى أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما كانت عليه جبة شامية وصعب عليه أن يخرج يده من الكم أخرج الكم من اليد وأخرج يده من أسفل الجبة وغسله عليه الصلاة والسلام كما هو ثابت في الصحيح ، إذا نأخذ من القراءتين وجوب غسل الرجل متى ؟ إذا كانت مكشوفة ومسحها إذا كانت مستورة ، فتكون فيها إشارة إلى مسح على الخفين . وبناء على ذلك للابس الخفين أن يخلعهما ويغسل القدمين أو يمسحهما ؟ الثاني هو الأفضل ، ويدل له أن مغيرة بن شعبة لما أراد أن يخلع خفي النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) فمسح عليهما . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب غسل الرجل إلى الكعب ، لقوله: (( إلى الكعبين )) . فهل نقول إن الرجل أو القدم إذا أطلق يكون لما دون الكعبين كما قلنا في اليدين ؟ الجواب: نعم ، وذلك أن الرجل عند الإطلاق حدها مفصل العقب كما تعلمون أن قطاع الطريق الذين تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف يقطعون من أي مكان في الرجل ؟ من مفصل العقب ويبقى العقب غير مقطوع ، وهنا إذا قلنا الرجل إلى الكعبين دخل العقب ، لأن الكعبين هما العظمان اللتان في أسفل الساق ، وذهبت الرافضة إلى أن كعبين هما العظمان الناتئان على ظهر القدم ، قال ابن كثير رحمه الله: وقد خالفوا أهل السنة في تطهير الرجل من وجوه ثلاثة ، الوجه الأول: أنهم جعلوا حد التطهير إلى العظم الناتئ على ظهر القدم، الوجه الثاني: أنهم قالوا إن الواجب في الرجل هو المسح دون الغسل ، الوجه الثالث: أنهم أنكروا المسح على الخفين ، قالوا لا يجوز المسح على الخفين ، والعجب أنهم أنكروا ذلك مع أن من جملة رواة المسح الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه إمام الأئمة عندهم ومع ذلك خالفوه ، على كل حال لسنا الآن في موضع نقاش مع هذا الرأي ولكن نقول إن الكعبين هما العظمان الناتئان في أسفل الساق .
ومن فوائد هذه الآية: أن الطهارة لا تجب إلا للصلاة ، لا تجب إلا للصلاة ، وعلى هذا فلا تجب لقراءة القرآن ولا تجب لمس المصحف ولا تجب للطواف ولا تجب للسعي ولا لغيرها من الأعمال الصالحة، وإلى هذا ذهب قوم من أهل العلم أنه لا وضوء إلا لصلاة ، ولهذا لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أتتوضأ من عمل عمله ؟ قال إني لم أرد أن أصلي ، أو كما قال عليه الصلاة مما يدل على أنه من المعلوم أنه لا وضوء إلا للصلاة ، ولاشك أن هذا هو الأصل وأن من ادعى أن غير الصلاة يجب الوضوء له فإن عليه الدليل وإلا فالأصل أنه لا يجب إلا للصلاة . فلننظر نقول: مس المصحف، مس المصحف اختلف فيه العلماء هل تجب له الطهارة أو لا ؟ فمنهم من قال إن الطهارة واجب لمس المصحف واستدل بعضهم بقوله تعالى: (( لا يمسه إلا المطهرون )) واستدل آخرون بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي كتبه لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر ، فأما استدلال الأولين بقوله تعالى: (( لا يمسه إلا المطهرون )) فإنه لا يستقيم ، لأن الضمير في قوله: (( لا يمسه )) ضمير المفعول به يعود إلى الكتاب المكنون ، واقرأ: (( إنه لكتاب مبين في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون )) الضمير يعود إلى أقرب مذكور وأقرب مذكور هو الكتاب المكنون ، وأيضا يقول: (( المطهرون )) ولم يقل: إلا المطهرون ، وفرق بين المطهر والمتطهر، فمنهم المطهرون ؟ هم الملائكة ، وأما حديث عمرو بن حزم فإن من لا يستدل بالمرسل لا يراه حجة والحديث مرسل مشهور ، يقول مادام مرسلا فالمرسل من قسم الضعيف فلا نثبت به حكما نلزم به عباد الله ، فلا يستقيم الدليل أو لا يستقيم الاستدلال ؟ الدليل ، الآية نقول لا يستقيم الاستدلال ، وهذا نقول لا يستقيم الدليل ، ومن رأى أن هذا الحديث المرسل بعينه حجة لتقي الأمة له بقبول في الزكاة والديات وغيرها قال إنه يكون حجة ، إذا كان حجة فقال بعض العلماء حتى لو ثبت واحتججنا به فيما جاء به من الأحكام فإن قوله: إلا طاهر يحتمل أن يراد بالطاهر المؤمن ، ويحتمل أن يراد به المتوضئ ، ومع الاحتمال يبطل الاستدلال ، وعلى هذا فلا تجب الطهارة لمس المصحف ، فنقول في رد هذا نعم إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال هذا إذا تساوى الاحتمالان فليس أحدهما بأولى من الآخر ، وأما مع رجحان أحد الاحتمالين فالواجب الأخذ بالراجح ، فلو جعلنا لكل نص يحتمل وجهين جعلنا دلالته ساقطة لضاعت علينا أحكام كثيرة وأدلة كثيرة ، فنقول أيهما أرجح ، أن يراد بالطاهر المؤمن أو المراد بالطاهر المتوضئ ؟ الثاني أرجح لأننا لم نعهد أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعبر عن المؤمن بالطاهر ، لأن وصف المؤمن أحب إلى النفوس وأقوى في الثناء من وصف الطاهر . قد يقول قائل: هذا الظاهر الذي قلتم يعارض أن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر ذلك في الكتاب الذي كتبه لعمرو بن حزم وقد بعثه إلى اليمن فيكون هذه قرينة على أن المراد بالطاهر المؤمن لأنه متوجه إلى قوم كفار يدعوهم إلى الإسلام ؟ وهذا لاشك أنه مؤثر في الاستدلال لكن كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستعمل قط كلمة طاهر تعبيرا عن المؤمن يضعف هذا الوجه ، فالذي يظهر أن مس المصحف لا يجوز إلا بوضوء ، هذا هو الظاهر . بقي علينا الطواف ، الطواف إذا قال قائل: أين الدليل على أن الطواف تشترط له الطهارة ؟ نقول: الدليل قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ( الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام ) وهذا الكلام روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا وروي موقوفا على ابن عباس ، فرواية المرفوع ضعيفة يعني لا نقول إنه تعارض رفع ووقف فيجب الأخذ بالرفع لأن الرافع معه زيادة العلم ولأنه كثيرا ما يعبر عما رواه مرفوعا بقول من عنده فيظن سامعه أنه موقوف عليه ، لأننا نقول كلام الرسول عليه الصلاة والسلام لا يتناقض ولا يخالف الواقع وهذا متناقض لا يصح طردا ولا عكسا، فلننظر إذا قلنا إنه صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام نقول يجب التكبير عند الدخول فيه والتسليم عند الانتهاء منه وقول سبحان ربي الأعلى فيه وسبحان ربي العظيم والاتجاه إلى القبلة ، الكعبة وألا يأكل فيه ولا يشرب وهلم جرا، فنجد أنه يخالف الصلاة في أكثر مما يوافقها، وهل يمكن أن يرد عن المعصوم كلام تكون المخالفة فيه أكثر من الموافقة ؟ لا يمكن أن يرد ، ولهذا ليس في هذا دليل على أن الطواف تشترط له الطهارة، وهنا النظرة في الاستدلال أو في الدليل أو فيهما ؟ فيهما جميعا، النظر فيهما جميعا ، لأننا لا نقبل مثل هذا الحكم العام الذي ... على نقله ويحتاج الناس إليه في كل وقت وحين لا يمكن أن نقبله وهو بهذا الثبوت الهش ، لابد أن تكون قد تواتر أو اشتهر على الأقل ، وثانيا: أنه لا يمكن أن يكون مرفوعا لكونه متناقضا ، إذا لا تشترط له الطهارة . فلو قال قائل: دعونا من هذا الحديث أليس الطائف إذا طاف لابد أن يصلي ؟ فهل تقولون إن الطائف يصلي بلا وضوء ؟ الجواب لا، لا نقول بذلك ، نقول يطوف ولا يصلي ، وليست الصلاة بعد الطواف شرطا في صحته ، فنقول إن كان الأمر قريبا ذهب وتوضأ وصلى وإن كان لا يجد ماء إلا بعيدا فإن الصلاة تسقط عنه . فإذا قال قائل: إن النبي عليه الصلاة والسلام بلاشك طاف متطهرا وصلى ركعتين خلف المقام وقال: ( خذوا عني مناسككم ) ؟ قلنا: هذا الحديث ( خذوا عني مناسككم ) ليس على العموم بالإجماع وما أكثر المسائل التي فعلتها الرسول وكانت على سبيل الاستحباب ، فنحن نقول: المستحب بلاشك أن يطوف على طهارة ولا إشكال في هذا ، أما أن نقول إن الطهارة شرط في الطواف وأن من طاف محدثا فطوافه غير صحيح حتى ولو لزم من ذلك مشقة عظيمة كما لو كان الطواف بغير طهارة طواف الإفاضة ثم قدم إلى بلده وقلنا إن حجك لم يتم قد يكون فيه مشقة شديدة ، ويقع ذلك كثيرا أعني عدم الطهارة في هذه العصار ، لأن الزحام يكون شديدا ومدة الطواف تكون طويلة وربما يحدث الإنسان في أثناء ذلك فهل نقول اخرج وتوضأ ؟ وإذا قلنا اخرج وتوضأ خرج وتوضأ ثم رجع أحدث حصل مثل الأول هذا فيه مشقة شديدة ، على كل حال الذي نرى في هذه المسألة أنه لا يشترط للطواف وضوء ، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ويكفينا أن نستدل بهذه الآية ونقول أي عمل تشترط له الطهارة فعليك الدليل . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب الغسل في الوجه ، لقوله: (( فاغسلوا )) . ويتفرع على ذلك أنه لو مسح وجهه مسحا لم يصح وضوئه ، لقوله: (( فاغسلوا )) . ومن فوائد هذه الآية: وجوب استيعاب الوجه بالغسل ، وجوب استيعاب الوجه بالوجه ، لابد يغسل كل الوجه ، لقوله: (( وجوهكم )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا يجب غسل شيء من الرأس خلافا لما ذهب إليه بعض الأصوليين وقال يجب أن يغسل جزءا من الرأس لأنه لا يتحقق أنه غسل جميع الوجه إلا بغسل جزء من الرأس ، ويجب أن يمسح بعض الوجه ، لأنه لا يتحقق أنه مسح الرأس كله إلا بمسح بعض الوجه ، فيكون عندنا جزء من البدن تجب فيها طهارتان: مسح ، وغسل ، وهذا خلاف ظاهر القرآن وهو في الحقيقة نوع من التنطع ، فيقال: حد الوجه معروف وما زاد عن الوجه فليس بواجب أن يغسل . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب غسل الأيدي من أطراف الأصابع إلى المرافق ، لقوله: (( وأيديكم إلى المرافق )) . ومن فوائد الآية: أنه إذا أراد غسل اليد بدأ من أطراف الأصابع ، لأن إذا تفيد الغاية ، فإذا كانت المرفق هو الغاية لزم أن يكون أطراف الأصابع هو البداية ، لكن هذا شيء فيه من النظر ، لأن الذي يقال فيه البداية والنهاية إذا جاءت من وإلى ، وأما إذا حددت النهاية فقط وسكت عن البداية فإنه لا يدل على أن الأفضل البداية من الجانب الآخر ، بل نقول هذا تحديد للنهاية فقط لأنه لابد أن نحدد النهاية مهما كان، بدأنا من الأطراف أو من الوسط ، وعليه فلا يظهر أنه من المشروع أن تبدأ بغسل أطراف الأصابع ثم تأتي إلى المرفق ، بل يقال: الغسل ينتهي بهذا والبدء من حيث شئت .
ومن فوائد الآية الكريمة: أن اليد عند الإطلاق هي الكف فقط ، وجه الدلالة أن الله قال: (( إلى المرافق )) ولو كانت اليد عند الإطلاق إلى المرافق لكان هذا القيد لا فائدة فيه ، والأمر كذلك أعني أن اليد عند الإطلاق إنما هي الكف ، ولنا دليل في هذا: يد السارق تقطع من مفصل الكف ، لقوله تعالى: (( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما )) ولا يجوز أن يتجاوز مفصل الكف ، في التيمم إنما يطهر الكف فقط ولا يتجاوز إلى المرفق، وهذا أمر واضح ، إذا نستفيد من هذا أن اليد إذا أطلقت فهي الكف فقط وإن قيدت فهي بما قيدت به . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب مسح الرأس ، وجوب مسحه ، لقوله: (( وامسحوا برؤوسكم )) ووجوب استيعاب الرأس بالمسح، لأن الباء للاستيعاب ولم تأتي في اللغة العربية إطلاقا أبدا ، قال ابن البرهان: من ادعى أن الباء للتبعيض فقد قال عن أهل اللغة بما لا يعرفون . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لو غسل الرأس بدلا عن المسح فإنه لا يجزئ ، لأن الله أمر بالمسح ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من عمل عملا ليس عليه عملنا فهو رد ) وعلى هذا فلو أدلى برأسه حتى صب الماء من الماسورة وعم جميع الرأس فإنه لا يجزئه ، وقال بعض العلماء إنه يجزئ مع الكراهة مستدلا بنظر لا بأثر ، النظر يقول إنما وجب مسح الرأس تخفيفا على العباد ، فإذا أراد الإنسان أن يأخذ بما هو أكمل فلا حرج عليه كما شرع للصائم أن يفطر عند غروب الشمس ولو أراد الوصال فله أن يواصل إلى السحر وبعض العلماء يقول له أن يواصل يومين أو ثلاثة ، لكن هذا القول فيه نظر أعني القول بإجزاء الغسل بدل المسح الرأس فيه نظر ، لأن حديث عائشة: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) يقتضي رده أي رد الغسل بدل المسح ، ولأن هذا من باب التنطع في الدين وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( هلك المتنطعون ) . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب غسل الرجل ، لقوله: (( وأرجلكم )) وهي معطوفة على قوله: (( وجوهكم )) أي واغسلوا أرجلكم ، هذا على قراءة النصب ، أما على قراءة الجر فقد قال بعض العلماء إنه يجزئ المسح أي مسح القدم ، استدل بهذه الآية على جواز الاقتصار على مسح الرجل أخذا بقراءة الثانية: (( وأرجلكم )) وقال إن الإنسان يغسل رجله مرة ويمسحها مرة أخرى، يغسلها على قراءة النصب ويمسحها على قراءة الجر ، وهذا لو لا السنة لكان له نوعا من الوجاهة يعني لكان وجهة نظر جيدة لكن السنة تأبى ذلك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل قدميه ولم يرد حرف عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسحهما ، بل إنه لما رأى بعض أصحابه قد غسل رجليه بما ليس بغسل نادى بأعلى صوته: ( ويل للأعقاب من النار ) فدل ذلك على وجوب غسل القدم ، إذا كيف ننزل الآية ؟ ننزل الآية إما من جهة الإعراب ننزلها على ما سبق إن بعض أهل العربية قال إنها مجرورة بالمجاورة وأن محلها حقيقة النصب ، أو ننزلها على أن الرجل لها حالان: حال تكون مستورة وحال تكون مكشوفة ، فإذا كانت مكشوفة فالفرض الغسل وإذا كانت المستورة فالفرض المسح ، ولهذا لم يأت مثله في اليدين ، لأن اليدين ما فيهما مسح حتى أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما كانت عليه جبة شامية وصعب عليه أن يخرج يده من الكم أخرج الكم من اليد وأخرج يده من أسفل الجبة وغسله عليه الصلاة والسلام كما هو ثابت في الصحيح ، إذا نأخذ من القراءتين وجوب غسل الرجل متى ؟ إذا كانت مكشوفة ومسحها إذا كانت مستورة ، فتكون فيها إشارة إلى مسح على الخفين . وبناء على ذلك للابس الخفين أن يخلعهما ويغسل القدمين أو يمسحهما ؟ الثاني هو الأفضل ، ويدل له أن مغيرة بن شعبة لما أراد أن يخلع خفي النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) فمسح عليهما . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب غسل الرجل إلى الكعب ، لقوله: (( إلى الكعبين )) . فهل نقول إن الرجل أو القدم إذا أطلق يكون لما دون الكعبين كما قلنا في اليدين ؟ الجواب: نعم ، وذلك أن الرجل عند الإطلاق حدها مفصل العقب كما تعلمون أن قطاع الطريق الذين تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف يقطعون من أي مكان في الرجل ؟ من مفصل العقب ويبقى العقب غير مقطوع ، وهنا إذا قلنا الرجل إلى الكعبين دخل العقب ، لأن الكعبين هما العظمان اللتان في أسفل الساق ، وذهبت الرافضة إلى أن كعبين هما العظمان الناتئان على ظهر القدم ، قال ابن كثير رحمه الله: وقد خالفوا أهل السنة في تطهير الرجل من وجوه ثلاثة ، الوجه الأول: أنهم جعلوا حد التطهير إلى العظم الناتئ على ظهر القدم، الوجه الثاني: أنهم قالوا إن الواجب في الرجل هو المسح دون الغسل ، الوجه الثالث: أنهم أنكروا المسح على الخفين ، قالوا لا يجوز المسح على الخفين ، والعجب أنهم أنكروا ذلك مع أن من جملة رواة المسح الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه إمام الأئمة عندهم ومع ذلك خالفوه ، على كل حال لسنا الآن في موضع نقاش مع هذا الرأي ولكن نقول إن الكعبين هما العظمان الناتئان في أسفل الساق .
سؤال عن طواف عائشة وصفية رضي الله عنهما بالبيت في حجة الوداع ؟(غير واضح)
السائل : عن طواف عائشة وصفية رضي الله عنهما بالبيت في حجة الوداع ؟
الشيخ : الرسول عليه الصلاة والسلام منع عائشة من الطواف وكذلك أيضا الصفية ، لكن هل هي عائشة وصفية هل عليهما الوضوء ؟ أو عليهما الحيض ؟ والحائض لا يرخص لها في البقاء في المسجد ، ولهذا لو اضطرت الحائض إلى أن تطوف قلنا لها طوفي ولكن تلجمي حتى لا يتلوث المسجد بالدم وطوفي للضرورة .
الشيخ : الرسول عليه الصلاة والسلام منع عائشة من الطواف وكذلك أيضا الصفية ، لكن هل هي عائشة وصفية هل عليهما الوضوء ؟ أو عليهما الحيض ؟ والحائض لا يرخص لها في البقاء في المسجد ، ولهذا لو اضطرت الحائض إلى أن تطوف قلنا لها طوفي ولكن تلجمي حتى لا يتلوث المسجد بالدم وطوفي للضرورة .
من كان عليه غسل الجنابة فعمم جسمه بالماء من غير الإتيان بالسنة في غسله فهل يجزئه ذلك عن الوضوء ؟
السائل : من كان عليه غسل الجنابة فعمم الجنابة جسمه بالماء من غير الإتيان بالسنة في غسله فهل يجزئه ذلك عن الوضوء ؟
الشيخ : هو مما كان عليه جنابة دخل الوضوء في الغسل وصار الحكم للغسل فلابد في هذه الحال إذا كان لا يريد الوضوء لابد أن يغسل رأسه ، لقوله تعالى: (( وإن كنتم جنبا فاطهروا )) وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله .
الشيخ : هو مما كان عليه جنابة دخل الوضوء في الغسل وصار الحكم للغسل فلابد في هذه الحال إذا كان لا يريد الوضوء لابد أن يغسل رأسه ، لقوله تعالى: (( وإن كنتم جنبا فاطهروا )) وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله .
4 - من كان عليه غسل الجنابة فعمم جسمه بالماء من غير الإتيان بالسنة في غسله فهل يجزئه ذلك عن الوضوء ؟ أستمع حفظ
من غسل رأسه في الوضوء بدل المسح فهل يجزئه ذلك ؟
السائل : من غسل رأسه في الوضوء بدل المسح فهل يجزئه ذلك ؟
الشيخ : هو إذا مر يده عليه صار مسحا، لكنه مكروه لمخالفته الصفة المطلوبة في الوضوء لأنه مسح.
الشيخ : هو إذا مر يده عليه صار مسحا، لكنه مكروه لمخالفته الصفة المطلوبة في الوضوء لأنه مسح.
كان النبي صلى الله عليه وسلام يذكر الله على كل أحيانه فكيف يقال أن لمس المصحف للمحدث لا يجوز ؟
السائل : كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه فكيف يقال إن لمس المصحف للمحدث لا يجوز ؟
الشيخ : وهل ذكر الله عز وجل عام أو خاص ؟ عام ، يذكر الله يعني عام الذكر أو غير عام ؟
السائل : عام ،
الشيخ : هل يجوز أن يخصص العام أو لا ؟
السائل : يجوز ،
الشيخ : نقول هذا العموم إن سلمنا أن القرآن يدخل في مطلق الذكر ، قلنا هذا العموم دل الدليل على أن القرآن لابد أن يمسه الإنسان وهو طاهر ، ثم إننا نقول ما هي المسألة قراءة القرآن ، المسألة مس المصحف ، فهو غير داخل في هذا إطلاقا والرسول يقرأ القرآن بلا مصحف ، يظن بعض الناس إن هذا الحديث يعارض القول بوجوب الوضوء لمس المصحف وهما مسألتان كل واحد مستقلة عن الأخرى ، ولهذا نقول لمن ليس على وضوء إذا أردت أن تقرأ من المصحف فاجعل بينك وبينه حائل واقرأ ، طيب واضح ؟ نعم .
الشيخ : وهل ذكر الله عز وجل عام أو خاص ؟ عام ، يذكر الله يعني عام الذكر أو غير عام ؟
السائل : عام ،
الشيخ : هل يجوز أن يخصص العام أو لا ؟
السائل : يجوز ،
الشيخ : نقول هذا العموم إن سلمنا أن القرآن يدخل في مطلق الذكر ، قلنا هذا العموم دل الدليل على أن القرآن لابد أن يمسه الإنسان وهو طاهر ، ثم إننا نقول ما هي المسألة قراءة القرآن ، المسألة مس المصحف ، فهو غير داخل في هذا إطلاقا والرسول يقرأ القرآن بلا مصحف ، يظن بعض الناس إن هذا الحديث يعارض القول بوجوب الوضوء لمس المصحف وهما مسألتان كل واحد مستقلة عن الأخرى ، ولهذا نقول لمن ليس على وضوء إذا أردت أن تقرأ من المصحف فاجعل بينك وبينه حائل واقرأ ، طيب واضح ؟ نعم .
6 - كان النبي صلى الله عليه وسلام يذكر الله على كل أحيانه فكيف يقال أن لمس المصحف للمحدث لا يجوز ؟ أستمع حفظ
هل الحديث المرسل الذي عمل به أهل العلم يدل على أن له أصل في الدين ؟
السائل : هل الحديث المرسل الذي عمل به أهل العلم يدل على أن له أصل في الدين ؟
الشيخ : أي نعم ، قلنا إنه مرسل لكن العلماء تلقوه بالقبول والمرسل إذا تلقته الأمة بالقبول وعملت به دل ذلك على أن له أصلا ، وهذه من الفائدة الحديثية التي تفوت على كثير من الناس ، وهذا مشهور عند العلماء ، وما أحسن البحث الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمة التفسير حول هذا الموضوع .
الشيخ : صححه غيره ، العلماء الذين أخذوا به في الديات وأخذوا به في الزكاة وأسنان الإبل قد اعتبروه دليل.
السائل : ما معنى تلقته الأمة بالقبول ؟
الشيخ : يعني عملوا به ، عملوا به وأخذوا به إن كان خبرا فبالتصديق وإن كان عملا فباعتباره حكما ، يكفي الأئمة إذا أخذ به الأئمة يكفي .
الشيخ : أي نعم ، قلنا إنه مرسل لكن العلماء تلقوه بالقبول والمرسل إذا تلقته الأمة بالقبول وعملت به دل ذلك على أن له أصلا ، وهذه من الفائدة الحديثية التي تفوت على كثير من الناس ، وهذا مشهور عند العلماء ، وما أحسن البحث الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمة التفسير حول هذا الموضوع .
الشيخ : صححه غيره ، العلماء الذين أخذوا به في الديات وأخذوا به في الزكاة وأسنان الإبل قد اعتبروه دليل.
السائل : ما معنى تلقته الأمة بالقبول ؟
الشيخ : يعني عملوا به ، عملوا به وأخذوا به إن كان خبرا فبالتصديق وإن كان عملا فباعتباره حكما ، يكفي الأئمة إذا أخذ به الأئمة يكفي .
هل مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على صفة الوضوء يدل على أن التريب في الوضوء واجب ؟
السائل : هل مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على صفة الوضوء يدل على أن الترتيب في الوضوء واجب ؟
الشيخ : لو قيل بهذا رديناه بقوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ) فأوجب الغسل فيما إذا كان قد قام من نومه.
الشيخ : ما يدل على هذا مادام عندنا نص من القرآن والسنة يكفي ،
السائل : دل على الوجوب في بعض الأحكام
الشيخ : صحيح في بعض الأحكام لكن ما فيه معارض التي استدلنا منه بالمداومة على الوجوب بعض الأحيان ليس لها معارض .
الشيخ : لو قيل بهذا رديناه بقوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ) فأوجب الغسل فيما إذا كان قد قام من نومه.
الشيخ : ما يدل على هذا مادام عندنا نص من القرآن والسنة يكفي ،
السائل : دل على الوجوب في بعض الأحكام
الشيخ : صحيح في بعض الأحكام لكن ما فيه معارض التي استدلنا منه بالمداومة على الوجوب بعض الأحيان ليس لها معارض .
سؤال على أن الإنسان طاهر حتى وإن كان على جنابة ؟
الشيخ : على أن الإنسان طاهر حتى وإن كان على جنابة .
الشيخ : أي نعم هذا يدل على أن الإنسان طاهر حتى لو كان عليه جنابة فهو طاهر.
الشيخ : لا ما يصح هذا لأن عندنا دليل .
الشيخ : أي نعم هذا يدل على أن الإنسان طاهر حتى لو كان عليه جنابة فهو طاهر.
الشيخ : لا ما يصح هذا لأن عندنا دليل .
تتمة الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( بسم الله الرحمن الرحيم )) قال الله تبارك وتعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ... )) ذكرنا فوائدها ؟ طيب ، وصلنا إلى ؟ نعم . من فوائد الآية: وجوب غسل الرجلين إلى الكعبين ، والكعبان داخلان في الغسل كما هو معروف . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الترتيب بين الأعضاء في الوضوء ، ولذلك وجهان ، الوجه الأول: أن قوله: (( فاغسلوا )) جواب للشرط ، والجواب للشرط يكون مرتبا في ذاته كما هو مرتب على فعل الشرط ، إذا قمتم فاغسلوا ، فقوله: اغسلوا ... مرتب على (( إذا قمتم )) فإذا كان كذلك لزم أن يكون هذا الفعل المرتب على شيء هو بنفسه مرتبا ، هذا وجه ، الوجه الآخر: أن الله أدخل الممسوح بين المغسولات ولا نعلم لهذا فائدة إلا الترتيب وهو أن يكون تطهير الرأس في محله أي بين غسل اليدين وغسل الرجلين ، هذا مأخوذ من الآية نفسها ، أما من السنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حين أقبل على الصفا بعد الطواف وأراد السعي قال: ( أبدأ بما بدأ الله به ) وفي لفظ في غير الصحيح قال: ( ابدءوا ) بلفظ الأمر ، وهذا يدل على أن ما بدأ الله به فهو أحق بالتقديم ، وعلى هذا يكون دليل الترتيب من وجهين من آية ومن دليل منفصل من السنة . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الموالاة ، وجهه أن غسل هذه الأعضاء جاء مرتبا على الشرط، فلابد أن يكون أجزاء هذا الفعل المرتب على الشرط لابد أن تكون متوالية لأن الشرط يعقبه المشروط، هذا وجه الدلالة من الآية ، أما من حيث النظر فيقال: إن الوضوء عبادة واحدة فإذا جزأه لم يظهر كونه عبادة واحدة يعني لو غسل وجهه الساعة واحدة وغسل يديه في الساعة الثانية ومسح رأسه في الساعة الثالثة وغسل رجليه في الساعة الرابعة فإنه لا يتبين أن هذا عبادة واحدة ، إذا لابد من الموالاة . ولكن كيف نحد الموالاة ؟ من العلماء من قال إننا لا نحدها بحد ونقول ما جرى العرف فيه أنه منفصل فقد فات فيه الموالاة ، وما لم يجري العرف أنه منفصل فهو متصل ، وحده بعض العلماء تحدى آخر قد يكون أكثر انضباطا وقال: حد الموالاة أن لا ينشف العضو قبل غسل الذي بعده بزمن معتدل، وهذا هو المشهور من المذهب ، وبناء على ذلك لو أنه يبس العضو قبل أن يغسل الثاني في زمن معتدل انقطعت الموالاة وإذا انقطعت الموالاة وجب إعادة الوضوء من الأول.
يتفرع عن هذا ، عن هذا أو والذي قبله ـ لو أنه توضأ منعكسا فبدأ بالرجلين ثم الرأس ثم الوجه هل يصح وضوئه أم لا ؟ فالجواب إن كان عبثا فغير صحيح ، لا يصح أن عضو من الأعضاء إن كان عبثا ، بل قد يكون خطرا على دين المرء أن يعبث بشريعة الله ، وإن كان نسيانا أو جهلا صح غسل الوجه فقط ثم يطهر ما بعده، هذا بالترتيب ، لأنه إذا كان عابثا فقد عمل عملا ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردودا كله ، وإن كان ناسيا أو جاهلا فإنه معفو عنه وحينئذ نقول كأنك ابتدأت من الآن فغسلت الوجه فأكمل الباقي . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب غسل البدن كاملا من الجنابة ، لقول الله تعالى: (( وإن كنتم جنبا فاطهروا )) . ومن فوائدها: أنه لا يشترط في الغسل الترتيب ، وأن الغسل لو بدأ من أسفل بدنه أو من وسط بدنه أو من أعلى بدنه وعمه بالماء كان ذلك مجزئا ، لأن الله تعالى قال: (( فاطهروا )) ولم يفسر ، وقال بعض الناس: بل يجب الغسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وقال إن هذه الآية مجملة بينتها السنة النبوية ، وعلى هذا فلابد أن يكون الاغتسال كاغتسال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال وهذا كقوله: (( أقيموا الصلاة )) فبين الرسول عليه الصلاة والسلام كيف إقامتها وقال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ، ولكن هذا ضعيف والصواب أنه لا يشترط فيه الترتيب ويدل لذلك أنه ثبت في صحيح البخاري في قصة الرجل الذي لم يره النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد أن انتهى من صلاته فسأله لماذا لم تصل ؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء يعني ليس عندي ماء أغتسل به ، فقال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك، وبعد ذلك جيء بالماء وانتهى الناس من الشرب وسقي إبلهم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم حين بقي البقية قال لهذا الرجل خذ هذا فأفرغه على نفسك ، فأخذه الرجل واغتسل ، ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر له كيف يغتسل، قال أفرغه على نفسك ، وعلى هذا فيكون هذا الحديث موافقا لظاهر القرآن وهو أن الواجب في الغسل أن أيش ؟ أن يعم البدن على أي كيفية كانت ، لكن لاشك أن اتباع السنة أولى . فإن قال قائل: إذا انغمس الرجل في بركة أو في بحر ناويا بطء الحدث من الجنابة ثم خرج يكفي ؟ نقول نعم يكفي لكن لابد من المضمضة والاستنشاق .
يتفرع عن هذا ، عن هذا أو والذي قبله ـ لو أنه توضأ منعكسا فبدأ بالرجلين ثم الرأس ثم الوجه هل يصح وضوئه أم لا ؟ فالجواب إن كان عبثا فغير صحيح ، لا يصح أن عضو من الأعضاء إن كان عبثا ، بل قد يكون خطرا على دين المرء أن يعبث بشريعة الله ، وإن كان نسيانا أو جهلا صح غسل الوجه فقط ثم يطهر ما بعده، هذا بالترتيب ، لأنه إذا كان عابثا فقد عمل عملا ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردودا كله ، وإن كان ناسيا أو جاهلا فإنه معفو عنه وحينئذ نقول كأنك ابتدأت من الآن فغسلت الوجه فأكمل الباقي . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب غسل البدن كاملا من الجنابة ، لقول الله تعالى: (( وإن كنتم جنبا فاطهروا )) . ومن فوائدها: أنه لا يشترط في الغسل الترتيب ، وأن الغسل لو بدأ من أسفل بدنه أو من وسط بدنه أو من أعلى بدنه وعمه بالماء كان ذلك مجزئا ، لأن الله تعالى قال: (( فاطهروا )) ولم يفسر ، وقال بعض الناس: بل يجب الغسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وقال إن هذه الآية مجملة بينتها السنة النبوية ، وعلى هذا فلابد أن يكون الاغتسال كاغتسال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال وهذا كقوله: (( أقيموا الصلاة )) فبين الرسول عليه الصلاة والسلام كيف إقامتها وقال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ، ولكن هذا ضعيف والصواب أنه لا يشترط فيه الترتيب ويدل لذلك أنه ثبت في صحيح البخاري في قصة الرجل الذي لم يره النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد أن انتهى من صلاته فسأله لماذا لم تصل ؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء يعني ليس عندي ماء أغتسل به ، فقال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك، وبعد ذلك جيء بالماء وانتهى الناس من الشرب وسقي إبلهم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم حين بقي البقية قال لهذا الرجل خذ هذا فأفرغه على نفسك ، فأخذه الرجل واغتسل ، ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر له كيف يغتسل، قال أفرغه على نفسك ، وعلى هذا فيكون هذا الحديث موافقا لظاهر القرآن وهو أن الواجب في الغسل أن أيش ؟ أن يعم البدن على أي كيفية كانت ، لكن لاشك أن اتباع السنة أولى . فإن قال قائل: إذا انغمس الرجل في بركة أو في بحر ناويا بطء الحدث من الجنابة ثم خرج يكفي ؟ نقول نعم يكفي لكن لابد من المضمضة والاستنشاق .
اضيفت في - 2007-08-13