تفسير سورة المائدة-06a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة ؟
من فوائدها: أن الأعمال الصالحة منها من يبعد عن التقوى ومنها ما يقرب ، وينبني على ذلك تفاضل الأعمال ، وتفاضل الأعمال قد دل عليه الكتاب والسنة والعقل ، وأن الأعمال تتفاوت ، والعمال يتفاوتون أيضا (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى )) مع أنهم كلهم صحابة لكن لا يستوون حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام لخالد بن الوليد حين حصل بينه وبين عبد الرحمن بن عوف ما حصل قال: ( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) هذا يقول بين من ؟ صحابي وآخر ، كيف من بعدهم ؟ إذا هذا اختلاف العمال ، كذلك أيضا اختلاف الأعمال (( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم )) وهلم جرا ، فالأعمال تتفاضل ، وأقول يلزم من تفاضل العمل تفاضل العامل ، وهذا هو الذي عليه أهل السنة الجماعة على أن الأعمال تتفاضل وأن العمال يتفاضلون وأن الإيمان يزيد وكذلك ينقص . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: فضيلة التقوى ، انظر كيف يكرر الله عزوجل التقوى في آيات كثيرة ، لأنها في الحقيقة عليها مدار الإسلام ، إذا اتقى الإنسان ربه فسوف يقوم بدين الله تعالى على ما يرضي الله . ومن فوائد الآية الكريمة: تهديد من خالف تقوى الله ، لقوله: (( إن الله خبير بما تعملون )) . ومن فوائد الآية الكريمة: سعة علم الله، وأنه سبحانه وتعالى عالم ببواطن الأمور، وقد قال الله عن نفسه: (( هو الأول والآخر والظاهر والباطن )) وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الباطن بأنه الذي ليس دونه شيء ، مادون الله شيء ، كل شيء يراه، كل شيء يعلمه ، كل شيء يقدر عليه ، كل شيء في قبضته، ليس دونه شيء ، وهذا قريب من قوله: (( إن الله خبير بما تعملون )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أن خبرة الله شاملة للعمل ، واعلم بأنه إذا قيل عمل فإنه يشمل القول والفعل ، انتبهوا ! إذا قيل العمل فهو للقول والفعل ، القول عمل أيش؟ عمل لسان والفعل عمل الجوارح ، لكن الفعل يطلق غالبا على عمل الجوارح فقط ، أما العمل فيطلق على هذا وهذا حتى إن شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية تلك العقيدة المباركة قال: إن الدين والإيمان قول وعمل ، قول القلب و اللسان وعمل القلب واللسان والجوارح، فجعل للقلب عملا وله قولا ، وهو كذلك فقول القلب هو إقراره ، وتصديقه ، وإيمانه ، وفعله: رجاءه ، وخوفه ، وتوكله ، وما أشبه ذلك ، فهو فيه نوع حركة قلبية ، وأما القول فهو إقرار وتصديق .
تفسير قول الله تعالى : << وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة و أجر عظيم >> .
ثم قال الله تعالى: (( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم )) . (( وعد )) يقال: وعد ، ويقال: أوعد ، قالوا أوعد في الشر، ووعد في الخير ، وبنو عليه قول الشاعر: وإني
وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
الإيعاد بأيش؟ الشر ، والوعد بالخير . هنا يقول: (( وعد الله )) ولم يقل: أوعد ، لأنها في الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، لكن هذا الذي قاله بعض أهل العلم قد ينازع فيهم ، لأن الله تعالى ذكر الوعد في العقوبة فقال: (( وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها )) وهذا مما يدل على أن الوعد يأتي في الخير ويأتي في الشر .
وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
الإيعاد بأيش؟ الشر ، والوعد بالخير . هنا يقول: (( وعد الله )) ولم يقل: أوعد ، لأنها في الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، لكن هذا الذي قاله بعض أهل العلم قد ينازع فيهم ، لأن الله تعالى ذكر الوعد في العقوبة فقال: (( وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها )) وهذا مما يدل على أن الوعد يأتي في الخير ويأتي في الشر .
2 - تفسير قول الله تعالى : << وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة و أجر عظيم >> . أستمع حفظ
يقول بعض الشهود "أنا لاأريد أن أشهد مخافة أن يلحقني أذى " فهل له ذلك ؟
السائل : قال أحد الشهود أنا لا أريد أن أشهد مخافة أن يحلقني أذى ، فهل له ذلك ؟ الشيخ : يقول العلماء إذا خالف ضررا لا يحتمل فلا بأس ، لكن لابد أن يبين الشهادة في موطن آخر ، أما إذا كان الضرر محتملا مثل أن يعاديه ما شهد عليه أو ما أشبه ذلك فلا يجوز كتم الشهادة .
سؤال عن الوعد وأنه يأتي للخير ويأتي للشر ؟(غير واضح)
السائل : قلنا الوعد يكون في الخير والإيعاد يكون في الشر ، ألا يحمل إيعاد الله سبحانه وتعالى للكفار بجهنم مخوفا لهم مثل قوله: (( وبشر المنافين )) ... ؟
الشيخ : لا، هو لو جاء غير مطرد لكن مطرد ما في القرآن أوعدن وإلا كان يحمل على ما قلت .
الشيخ : لا، هو لو جاء غير مطرد لكن مطرد ما في القرآن أوعدن وإلا كان يحمل على ما قلت .
ما معنى قوله تعالى " كونوا قوامين بالقسط "؟(غير واضح)
السائل : ما معنى قوله: (( قوامين بالقسط )) ؟
الشيخ : ينبني على الخلاف وأننا إذا قلنا قوامين معناه لابد أن نحملها على المجهول ، لماذا ؟ لأننا إذا قلنا إن النهي عن المبالغة موجه إلى واحد صار الأمر إنما هو لكثرة القيام ، وأن القيام مرة واحدة لا يدخل في الأمر، لأن الله قال: (( كونوا قوامين )) وإذا قلنا إنها نسبة شمل القليل والكثير ،
الشيخ : ينبني على الخلاف وأننا إذا قلنا قوامين معناه لابد أن نحملها على المجهول ، لماذا ؟ لأننا إذا قلنا إن النهي عن المبالغة موجه إلى واحد صار الأمر إنما هو لكثرة القيام ، وأن القيام مرة واحدة لا يدخل في الأمر، لأن الله قال: (( كونوا قوامين )) وإذا قلنا إنها نسبة شمل القليل والكثير ،
ما معنى "قوامين" (غيرل واضح) ؟
السائل : الخلاف في صيغة " فعال " (( قوامين )) في حملها على النسبة أو المبالغة ينبني عليه الخلاف بين العلماء في زوارات القبور فما هو الضابط في تعيين أحد المعنيين ؟
الشيخ : لا، زوارات القبور ما تصح ، لأنه صح الحديث عن النبي عليه الصلاة السلام أنه لعن زائرات القبور ،
الشيخ : نعم نحمله مثلا قوله تعالى: (( وما ربك بظلام للعبيد )) لو قال قائل: إن هذه لكثرة ؟ ما استقام المعنى ، لأنه يكون المنفي هو كثرة الظلم فقط ، فإذا قلنا النسبة صح أن يقال إن الله نفى عن نفسه نسبة الظلم إليه ولو مرة واحدة ، على كل حال فيه قرينة لكن إذا قلنا مثلا: لا تكن أكالا ، هل المعنى لا تأكل أبدا ؟ لا تكثر الأكل .
الشيخ : لا، زوارات القبور ما تصح ، لأنه صح الحديث عن النبي عليه الصلاة السلام أنه لعن زائرات القبور ،
الشيخ : نعم نحمله مثلا قوله تعالى: (( وما ربك بظلام للعبيد )) لو قال قائل: إن هذه لكثرة ؟ ما استقام المعنى ، لأنه يكون المنفي هو كثرة الظلم فقط ، فإذا قلنا النسبة صح أن يقال إن الله نفى عن نفسه نسبة الظلم إليه ولو مرة واحدة ، على كل حال فيه قرينة لكن إذا قلنا مثلا: لا تكن أكالا ، هل المعنى لا تأكل أبدا ؟ لا تكثر الأكل .
الخلاف في صيغة " فعال " قوامين " في حملها على النسبة أو المبالغة فما هو الضابط في تعيين أحد المعنيين ؟
السائل : الخلاف في صيغة " فعال " (( قوامين )) في حملها على النسبة أو المبالغة ينبني عليه الخلاف بين العلماء في زوارات القبور فما هو الضابط في تعيين أحد المعنيين ؟
الشيخ : لا، زوارات القبور ما تصح ، لأنه صح الحديث عن النبي عليه الصلاة السلام أنه لعن زائرات القبور ،
الشيخ : نعم نحمله مثلا قوله تعالى: (( وما ربك بظلام للعبيد )) لو قال قائل: إن هذه لكثرة ؟ ما استقام المعنى ، لأنه يكون المنفي هو كثرة الظلم فقط ، فإذا قلنا النسبة صح أن يقال إن الله نفى عن نفسه نسبة الظلم إليه ولو مرة واحدة ، على كل حال فيه قرينة لكن إذا قلنا مثلا: لا تكن أكالا ، هل المعنى لا تأكل أبدا ؟ لا تكثر الأكل .
الشيخ : لا، زوارات القبور ما تصح ، لأنه صح الحديث عن النبي عليه الصلاة السلام أنه لعن زائرات القبور ،
الشيخ : نعم نحمله مثلا قوله تعالى: (( وما ربك بظلام للعبيد )) لو قال قائل: إن هذه لكثرة ؟ ما استقام المعنى ، لأنه يكون المنفي هو كثرة الظلم فقط ، فإذا قلنا النسبة صح أن يقال إن الله نفى عن نفسه نسبة الظلم إليه ولو مرة واحدة ، على كل حال فيه قرينة لكن إذا قلنا مثلا: لا تكن أكالا ، هل المعنى لا تأكل أبدا ؟ لا تكثر الأكل .
7 - الخلاف في صيغة " فعال " قوامين " في حملها على النسبة أو المبالغة فما هو الضابط في تعيين أحد المعنيين ؟ أستمع حفظ
ما معنى الوعيد في قوله تعالى " وعد الله المنافقين والمنافقات "؟
السائل : قلنا الوعيد ي كون في الخير والإيعاد يكون في الشر هل هذه قاعدة ؟
الشيخ : لا ، نحن قلنا إنها قالها بعض العلماء لكنها ليست مطردة ولقد نهى بقوله: (( وعد الله المنافقين والمنافقات )) .
السائل : شيخ ما اتضح لي الجواب عن الإشكال في الآية ، إزالة الإشكال في الآية ؟ أي آية ؟ (( وعد الله المنافقين والمنافقات )) ؟
الشيخ : طيب هذه وعيد أو لا ؟ نعم ، طيب معناه جاء بوعد ولم يقل: أوعد .
الشيخ : لا ، نحن قلنا إنها قالها بعض العلماء لكنها ليست مطردة ولقد نهى بقوله: (( وعد الله المنافقين والمنافقات )) .
السائل : شيخ ما اتضح لي الجواب عن الإشكال في الآية ، إزالة الإشكال في الآية ؟ أي آية ؟ (( وعد الله المنافقين والمنافقات )) ؟
الشيخ : طيب هذه وعيد أو لا ؟ نعم ، طيب معناه جاء بوعد ولم يقل: أوعد .
هل يمكن حمل لفظ وعد في قوله تعالى " وعد الله المنافقين والمنافقات " على أصله وهو أنها للخير ولكن هذا المقام كقوله تعالى " بشر المنافقين .."؟
السائل : هل يمكن حمل لفظ وعد في قوله تعالى: (( وعد الله المنافقين )) على أصله وهو أنها للخير ولكن هذا المقام كقوله تعالى: (( بشر المنافقين )) ؟
الشيخ : لا لا لا، هذه كلمة وعد تستعمل في الخير و الشر
السائل : عن القراءة في قوله تعالى: (( ولا يجرمنكم )) ؟
الشيخ : (( يجرمنكم )) في مصحفي ما وجدته، الذي عندنا قيد السبعيات ،
الشيخ : لا، حتى الصحابة رضي الله عنهم لما نزل قول الله تبارك وتعالى: (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) قالوا ما نطيق هذا ، فأمروا أن يقولوا سمعنا وأطعنا ، ثم خفف عنهم .
الشيخ : لا لا لا، هذه كلمة وعد تستعمل في الخير و الشر
السائل : عن القراءة في قوله تعالى: (( ولا يجرمنكم )) ؟
الشيخ : (( يجرمنكم )) في مصحفي ما وجدته، الذي عندنا قيد السبعيات ،
الشيخ : لا، حتى الصحابة رضي الله عنهم لما نزل قول الله تبارك وتعالى: (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) قالوا ما نطيق هذا ، فأمروا أن يقولوا سمعنا وأطعنا ، ثم خفف عنهم .
9 - هل يمكن حمل لفظ وعد في قوله تعالى " وعد الله المنافقين والمنافقات " على أصله وهو أنها للخير ولكن هذا المقام كقوله تعالى " بشر المنافقين .."؟ أستمع حفظ
سؤال عن حكم الكتابة في المصاحف ؟
السائل : عن حكم الكتابة في المصاحف مثل الحواشي وغيرها ؟
الشيخ : في الزمن السابق الكتابة غير معرفة لا في الأصل ولا ما يكتب على الحواشي فكره بعض السلف أن يكتب مع المصحف شيئا ، لأنه يختلط القرآن بالمكتوب أو بغيره ، أما الآن فلا يختلط ، وإذا كان هذا لا يؤثر على الحروف بمعنى أنك ما تكتب بين الأصل فتختلط فلا بأس .
الشيخ : في الزمن السابق الكتابة غير معرفة لا في الأصل ولا ما يكتب على الحواشي فكره بعض السلف أن يكتب مع المصحف شيئا ، لأنه يختلط القرآن بالمكتوب أو بغيره ، أما الآن فلا يختلط ، وإذا كان هذا لا يؤثر على الحروف بمعنى أنك ما تكتب بين الأصل فتختلط فلا بأس .
تتمة تفسير الآية السابقة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تعالى: (( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم )) . قال الله تعالى: (( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) (( آمنوا )) أي بما يجب الإيمان به ، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام إن الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر و القدر خيره وشره . أما (( عملوا الصالحات )) يعني عملوا أعمال الصالحات، فالصالحات إذا صفة لموصوف محذوف، والتقدير: الأعمال الصالحات . فمتى يكون العمل صالحا ؟ يكون العمل صالحا إذا تضمن أمرين ، الأول: الإخلاص لله ، والثاني: المتابعة لشريعة الله ، سواء كان لأمة محمد أو من الأمم السابقة ، لابد من أمرين ، الأول: الإخلاص لله عزوجل لأن العبادة حق الله وحده فلا يجوز أن تشرك بها معه غيره والأدلة كثيرة الدالة على وجوب الإخلاص لله تعالى (( فاعبدوا الله مخلصين له الدين )) (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ))، ( من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) والنصوص في هذا كثيرة . أما المتابعة فلأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي عمل ليس عليه أمر الله ورسوله من عبادات أو معاملات فإنه مردود على صاحبه ، إذا لابد أن يكون العمل عليه أمر الله ورسوله، ولا تتحقق المتابعة إلا إذا وافق العمل الشريعة في أمور ستة، الأول: السبب ، والثاني: الجنس ، والثالث: النوع ، والرابع: القدر ، و الخامس: المكان ، والسادس: الزمان ، فلابد أن تكون الموافقة بالشريعة في هذه الأمور الستة: السبب ، والجنس ، والنوع ، والقدر ، والزمان ، والمكان . فمن تعبد لله بعبادة علقها بسبب لم يجعل الله ورسوله سببا فالعبادة باطلة ، بدعة مردودة ، مثال ذلك أن يقول المرء كلما ليس ثوبا: اللهم صل على محمد ، فقيل له لماذا ؟ قال أتذكر لبس النبي عليه الصلاة والسلام للثوب فأصلي عليه ، فماذا نقول له ؟ نقول: هذه عبادة بدعة ، لأنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم كانوا يصلون على النبي إذا أرادوا اللباس . لابد أيضا أن يكون موافقا للشرع في جنس العبادة ، فإن تعبد لله بعبادة ما لم يشرع جنسها فالعبادة مردودة عليه ، ومثال ذلك أن يضحي بفرس بدلا عن البقرة مثلا ، نقول هذه أضحية غير مقبولة ، لأنها ليست من جنس ما شرع الله ورسوله فلا تقبل . النوع وهو أخص من الجنس ، في النوع تعبد لله سبحانه وتعالى بعبادة لم يشرع له فإنها لا تقبل ، كما لو أحدث أذكارا مشروعا من حيث الجنس لكنها على نوع آخر فإنها لا تقبل ، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) . كذلك أيضا القدر، لو تعبد لله تعالى بعبادة زائدة أو ناقصة لم تقبل منه فلو صلى الظهر ثلاثا لم تقبل ولو صلاها خمسا لم تقبل لمخالفة الشريعة في العدد . الكيفية أيضا ، لو أنها خالفت الشريعة في الكيفية فإنها لا تقبل كما لو سجد قبل الركوع فإنها لا تقبل لمخالفة الشريعة في كيفيتها ، صار سبعة ؟ لأيش يا أخي ؟ الكيفية ما ذكرت أولا ؟ هي في الواقع بدل النوع ، أحيانا يعبر بالنوع وأحيانا يعبر بالكيفية ، النوع هو الكيفية في الواقع . الخامس ؟ المكان ، لو اعتكف الإنسان في بيته بدلا عن المسجد وانقطع للعبادة في البيت فإنها لا تقبل فإنها غير موافقة للشرع في المكان . في الزمان، لو صام الإنسان في غير رمضان عن رمضان لم تقبل لأنه في غير الزمن المشروع ، وكذلك لو وقف بعرفة في غير يوم عرفة أو رمى الجمرات في غير موسم الحج أو ما أشبه ذلك ، إذا العمل الصالح هو ما وافق الشريعة في هذه الأمور الستة: السبب والجنس والكيفية والقدر و الزمان والمكان، ويجعل بدل النوع الكيفية لأنها أوضح . يقول الله عزوجل: (( الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة )) هذا في مقابل الذنوب ، (( وأجر عظيم )) في مقابل الحسنات ، فالسيئات تغفر والحسنات زائد عليها هذا الثواب العظيم .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تعالى: (( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم )) . قال الله تعالى: (( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) (( آمنوا )) أي بما يجب الإيمان به ، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام إن الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر و القدر خيره وشره . أما (( عملوا الصالحات )) يعني عملوا أعمال الصالحات، فالصالحات إذا صفة لموصوف محذوف، والتقدير: الأعمال الصالحات . فمتى يكون العمل صالحا ؟ يكون العمل صالحا إذا تضمن أمرين ، الأول: الإخلاص لله ، والثاني: المتابعة لشريعة الله ، سواء كان لأمة محمد أو من الأمم السابقة ، لابد من أمرين ، الأول: الإخلاص لله عزوجل لأن العبادة حق الله وحده فلا يجوز أن تشرك بها معه غيره والأدلة كثيرة الدالة على وجوب الإخلاص لله تعالى (( فاعبدوا الله مخلصين له الدين )) (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ))، ( من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) والنصوص في هذا كثيرة . أما المتابعة فلأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي عمل ليس عليه أمر الله ورسوله من عبادات أو معاملات فإنه مردود على صاحبه ، إذا لابد أن يكون العمل عليه أمر الله ورسوله، ولا تتحقق المتابعة إلا إذا وافق العمل الشريعة في أمور ستة، الأول: السبب ، والثاني: الجنس ، والثالث: النوع ، والرابع: القدر ، و الخامس: المكان ، والسادس: الزمان ، فلابد أن تكون الموافقة بالشريعة في هذه الأمور الستة: السبب ، والجنس ، والنوع ، والقدر ، والزمان ، والمكان . فمن تعبد لله بعبادة علقها بسبب لم يجعل الله ورسوله سببا فالعبادة باطلة ، بدعة مردودة ، مثال ذلك أن يقول المرء كلما ليس ثوبا: اللهم صل على محمد ، فقيل له لماذا ؟ قال أتذكر لبس النبي عليه الصلاة والسلام للثوب فأصلي عليه ، فماذا نقول له ؟ نقول: هذه عبادة بدعة ، لأنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم كانوا يصلون على النبي إذا أرادوا اللباس . لابد أيضا أن يكون موافقا للشرع في جنس العبادة ، فإن تعبد لله بعبادة ما لم يشرع جنسها فالعبادة مردودة عليه ، ومثال ذلك أن يضحي بفرس بدلا عن البقرة مثلا ، نقول هذه أضحية غير مقبولة ، لأنها ليست من جنس ما شرع الله ورسوله فلا تقبل . النوع وهو أخص من الجنس ، في النوع تعبد لله سبحانه وتعالى بعبادة لم يشرع له فإنها لا تقبل ، كما لو أحدث أذكارا مشروعا من حيث الجنس لكنها على نوع آخر فإنها لا تقبل ، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) . كذلك أيضا القدر، لو تعبد لله تعالى بعبادة زائدة أو ناقصة لم تقبل منه فلو صلى الظهر ثلاثا لم تقبل ولو صلاها خمسا لم تقبل لمخالفة الشريعة في العدد . الكيفية أيضا ، لو أنها خالفت الشريعة في الكيفية فإنها لا تقبل كما لو سجد قبل الركوع فإنها لا تقبل لمخالفة الشريعة في كيفيتها ، صار سبعة ؟ لأيش يا أخي ؟ الكيفية ما ذكرت أولا ؟ هي في الواقع بدل النوع ، أحيانا يعبر بالنوع وأحيانا يعبر بالكيفية ، النوع هو الكيفية في الواقع . الخامس ؟ المكان ، لو اعتكف الإنسان في بيته بدلا عن المسجد وانقطع للعبادة في البيت فإنها لا تقبل فإنها غير موافقة للشرع في المكان . في الزمان، لو صام الإنسان في غير رمضان عن رمضان لم تقبل لأنه في غير الزمن المشروع ، وكذلك لو وقف بعرفة في غير يوم عرفة أو رمى الجمرات في غير موسم الحج أو ما أشبه ذلك ، إذا العمل الصالح هو ما وافق الشريعة في هذه الأمور الستة: السبب والجنس والكيفية والقدر و الزمان والمكان، ويجعل بدل النوع الكيفية لأنها أوضح . يقول الله عزوجل: (( الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة )) هذا في مقابل الذنوب ، (( وأجر عظيم )) في مقابل الحسنات ، فالسيئات تغفر والحسنات زائد عليها هذا الثواب العظيم .
الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة .
من فوائد هذه الآية: فضيلة الإيمان والعمل الصالح ، وجه ذلك ؟ ما رتب عليه من الثواب، لأن كل عمل رتب عليه ثواب فإنه فاضل مأمور به . ومن فوائدها: أن الإيمان وحده لا يكفي بل لابد من عمل ، ولهذا نجد كثيرا من الناس يركزون على العقدة ، يقول عقيدتنا سليمة ـ الحمد لله ـ ولا يتعرض للعمل، وهذا قصور ، بل لابد مع العقيدة من عمل صالح . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات المغفرة لله عزوجل ، لقوله تعالى: (( لهم مغفرة )) وقد كررنا القول بمعنى المغفرة وأنها ستر الذنب والتجاوز عنه . فإن قال قائل: المغفرة هنا مطلقة لم يقل: من الله ؟ فالجواب: هي مطلقة لكن الله قال: (( ومن يغفر الذنوب إلا الله )) وهذا أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الذي بيده المغفرة والرحمة هو الله عزوجل . ومن فوائد الآية الكريمة: تفضل الله عزوجل على عباده ، حيث جعل الثواب بمنزلة الأجر ، كأن العامل أجير إذا وفى العمل أعطي أجره ، مع أن المنة لله عزوجل أولا وآخرا . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عظم ثواب المؤمنين العاملين الصالحات ، حيث عظمه الله عزوجل ، وتعظيم العظيم للشيء يدل على أنه عظيم عظمة لا يتخيله الإنسان ولا يتصوره وهو كذلك ، ولما كان هذا ... القرآن مثاني كما وصفه الله به (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني )) .
تفسير قول الله تعالى : << و الذين كفروا و كذبوا بئاياتنآ أولآئك أصحاب الجحيم >>
ثم ذكر الله عز وجل لما ذكر ثواب المؤمنين الذين عملوا الصالحات بذكر من يقابلهم ، فقال: (( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا )) (( كفروا )) في مقابل الأعمال الصالحات، (( كذبوا )) في مقابل الإيمان ، فكذبوا بما يجب التصديق به ، وكفروا بما يجب العمل به (( كفروا وكذبوا بآياتنا )) فهم لم يستقيموا على الأمر ولا على الخبر، قابل الخبر بالتكذيب وقابل العمل بالكفر، (( وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم )) المراد بالآية هنا هل هي الآيات الشرعية أو الكونية ؟ كلاهما ، فمن أنكر ربوبية الله وخلقه للمخلوقات وتصرفه في الكون فهذا مكذب بالآيات الكونية ، ومن أقر بذلك لكنه لم يقم بطاعة الله فقد كفر وكذب بالآيات الشرعية ، وآيات الله تعالى كونية وشرعية ، فالكونية هذا الكون بما فيه من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والبحار والأنهار وغير ذلك من المخلوقات العظيمة التي بعضها لا تحيط به كبرا وبعضها لا تحيط به صغرا، إنك أحيانا تفتش الكتاب فتجد ... حشرات صغيرة جدا جدا لا تكاد تراها بالعين ، وهذه مخلوقة لله يرزقها الله عزوجل ، يعلم مستقرها ومستودعها ولا يخفى عليه أمرها كما قال تعالى: (( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها )) . والآية الشرعية هي ما جابت به الرسل وكانت آيات دالة على الله عزوجل لأن البشر لا يمكن أن يأتوا بها ، من يأتي بشريعة تصلح للبشر في كل زمان ومكان بنسبة لشريعة المحمدية ؟ لا أحد ، وكذلك الشرائع بالنسبة للأمم السابقة هي ملائكة تماما بأحوالهم وزمانهم وأماكنهم فلا أحد يستطيع أن يأتي بمثل هذه الآيات الشرعية . قال الله تعالى: (( أولئك أصحاب الجحيم )) أولئك هذه مبتداء ثاني، و(( الذين كفروا )) هي المبتداء الأول، و(( أصحاب )) خبر مبتداء الثاني والمبتداء الثاني هو خبره في محل رفع خبر المبتداء الأول ، والرابط ؟ الإشارة ، الرابط الإشارة ، (( أولئك أصحاب الجحيم )) أي أهل الجحيم الملازمون لها والجحيم هي النار ـ أعاذنا الله وإياكم منها ـ وسميت بذلك لقعرها وسوادها .
الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة .
ففي الآية فوائد، منها: أن القرآن الكريم مثاني ، إذا ذكر أهل العمل الصالح ذكر أهل العمل السيئ ، وفائدة ذلك أيها الطلاب: ألا يغلب جانب الرجاء أو جانب الخوف ، وذلك لأن الإنسان إذا لم يكن أمامه إلا أوصاف مؤمنين وجزاء المؤمنين فإن ذلك قد يحمله على الرجاء وينسى الخوف ، وإذا لم يكن أمامه إلا أوصاف الكافرين وعقوبة الكافرين فقد يستولي عليه الخوف والقنوت من رحمة الله ، فلهذا كان الله تعالى يذكر هذا إلى جنب هذا حتى لا يستولي القنوت من رحمة الله عند ذكر ما يخوف ، أو الأمن من مكر الله عند ذكر ما يرجي . فإن قال قائل: أيهما أفضل للعامل أن يغلب جانب الخوف أو أن يغلب جانب الرجاء ؟ فالجواب: أن أحسن الأقوال في هذا أنه عند عمل الصالح يغلب جانب الرجاء وعند الهم بالسيئة يغلب جانب الخوف ، لأنه إذا عمل عمل الصالح وغلب جانب الرجاء أحسن الظن بالله وأن الله تعالى سيقبل عمله ويثيبه عليه فنشط على العمل واحتسب الأجر على الله ، وعند الهم بالمعصية لو غلب جانب الرجاء لقالت له نفسه إن الله غفور رحيم ، وهذه معصية سهلة ، وأنت إذا فعلتها فتب باب التوبة مفتوح ، وما أشبه ذلك ، لكن إذا غلب جانب الخوف وخاف ألا يوفق للتوبة وأن يزيغ قلبه حينئذ يكف عن المعصية ، فأحسن الأقوال في ذلك أن ينظر الإنسان إلى حاله، فعند ما يفعل الطاعات يغلب جانب الرجاء ، وعندما يهم بالمعصية يغلب جانب الخوف . فإن قال قائل: ألم يقل الله عزوجل: (( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون )) فبين الله تعالى من أوصاف هؤلاء السادة أنهم إذا آتوا ما يؤتون فقلوبهم وجلة يخافون ألا يقبل منهم كما جاء ذلك في تفسيره ؟ قلنا نعم هو كذلك، وهذا إذا خاف الإنسان أن يعجب بعمله فيجب أن يخاف ، وأما إذا كان بريئا من ذلك وهو يعلم أن ذلك العمل الصالح بمعونة الله فليحس الظن بالله عزوجل ، وقد قال الله عزوجل في الحديث القدسي: ( أنا عند ظن عبدي بي ) . من فوائد الآية الكريمة: أن الكفر قد يسحبه التكليف وقد لا يسحبه ، ولهذا أحيانا يذكر الله الكفر فقط مثل قوله تعالى: (( واتقوا النار التي أعدت للكافرين )) وأحيانا يذكر التكليف فقط (( ومن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه )) وأحيانا يقرن بينهما ، وذلك لأن كل واحد منهما قد يكون وحده موجبا للخلود في النار، فإذا اجتمعا جميعا صار ذلك أشد وأعظم ـ والعياذ بالله . ومن فوائد الآية الكريمة: أن على الإنسان أن يكون مستسلما استسلاما تاما لآية الله مصدقا لأخبارها منفذا لأحكامها ، لأن الله توعد المكذبين بالآيات والكافرين بها بأيش ؟ بأنهم أصحاب الجحيم ، وقد ذكر الله عزوجل في سورة النساء قسما مؤكدا أنهم لا يؤمنون إلا بشروط، فقال: (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم )) هذه واحدة ، (( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت )) هذا اثنين ، (( ويسلموا تسليما )) هذا ثلاثة، فمن حكم غير الله ورسوله فليس بمؤمن ، ومن حكم الله ورسوله ولكنه صار في قلبه ضيق لم ينشرح صدره بما حكم الله ورسوله فليس بمؤمن ، ولهذا قال: (( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت )) ، ومن لم يجد حرجا لكن صار يتكاسل ويتهاون في التسليم فإنه لم يؤمن، ثم قد يكون انتفاء الإيمان عنه انتفاء كاملا وقد يكون انتفاء جزئيا حسب ما قام في قلبه وعمله . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الكافرين المكذبين مخلدون في النار ، لقوله: (( أصحاب الجحيم )) وكلما جاءت أصحاب فالمراد بها الملازمة الدائمة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيدي لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن ما جئت به ـ أو قال لا يتبع ما جئت به ـ إلا كان من أصحاب النار ) .
قال الله تعالى :<< يآأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله و على الله فليتوكل المؤمنون >> .
ثم قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) . الكلام على قوله: (( يا أيها الذين آمنوا )) تقدم كثيرا وأظنه لا يحتاج . وقوله: (( اذكروا نعمة الله )) أمر الله تعالى أن يذكر نعمته لا من أجل مجرد الذكر والخبر ولكن للقيام لشكر هذه النعمة ، لأن مجرد أن نقول إن الله سلمني من العدو إن الله مكنني من العدو ، إن الله نصرني على العدو ، إن الله خذل عدوي لا يكفي ، لابد أن يكون ذلك شكرا لله عزوجل ، فإن كان شكرا بأن كان يتحدث الإنسان بنعمة الله ، نعم ثناء على الله فهذا من الشكر . وقوله: (( نعمة الله عليكم إذ هم )) هذه متعلق بقوله: (( نعمة الله عليكم )) فتكون في موضع نصب على الحال . (( هم قوم أن يبسطوا أيديهم إليكم )) من القوم ؟ المشركون ، هموا بقتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهموا أيضا بأن يقاتلوه في مكة ولكن الله قال: (( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظهركم عليه )) وقال في سورة النساء: (( ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم )) فعدة وقائع يهمك الكفار بأن يبسطوا أيديهم إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه ولكن الله تعالى يكف أيديهم ويسلم الرسول وأصحابه . (( فكف أيديهم عنكم )) ولم يستطيعوا أن ينالكم بالسوء، وهذه نعمة عظيمة أن يهم عدوك بشيء ثم يحجزه الله عنه ، لقد قال الله عزوجل في سورة الأحزاب: (( إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها )) وقال فيها: (( وكفى الله المؤمنين القتال )) . (( واتقوا الله )) أمر بذكر النعمة والتقوى ، والتقوى هي اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل الأوامر واجتناب النواهي . (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) يعني وليتوكل المؤمنون على الله ، ونعلم جميعا أن قوله: (( على الله )) متعلق بـ" اليتوكل " فهي مقدمة عليها لإفادة الحصر ، والفاء زيدت لتحسين اللفظ ، وإلا لو قيل: وعلى الله ليتوكل ، لصح الكلام . وقوله: (( فليتوكل )) اللام لام الأمر وأصلها مكسورة لكنها تسكن إذا سبقها ؟ من يعرف ؟ إذا سبقها قلة ؟ نعم ؟ إذا سبقها الفاء والواو وثم ، صح ، في الآية التي معنا ما الذي سبقها ؟ الفاء ، وفي قوله: (( ثم ليقطع فلينظر )) ثم ، (( وليطوفوا )) الواو، (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) فاللام للأمر ، والتوكل أحسن ما قيل فيه أنه: صدق الاعتماد على الله ، صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار ثقة به تبارك وتعالى وتفويضا إليه ، هذا التوكل على الله ، أن تعتمد على الله في جلب المنافع والإنسان محتاج إلى المنافع، ودفع المضار ثقة بالله عزوجل وتفوضا إليه ، وبهذا يظهر الفرق بين توكل الإنسان على العبد وتوكله على الرب، توكل الإنسان على الرب تفويض مطلق فيعتقد الإنسان أن الله هو الذي له الحكم وله السلطة عليه، توكله على شخص وكله أن يشتري له حاجة ليس كذلك ، ليس تفويضا إليه ولكنه وكله يعتقد أنه دونه في المرتبة ، أليس كذلك ؟ يعني عندما تعتمد على شخص وكلته ليشتري لك حاجة هل هو كتوكلك على الله ؟ لا ، توكلي على الله توكل عبادة وتفويض واستسلام ، وتوكلي على إنسان وكلته ليس إلا اعتمادا على شخص أنا الذي أدبره وأنا الذي أريد أن يتوكل وأنا الذي بيدي فسخ وكالتي ، فالفرق بين التوكل على الله والتوكل على العبد فرق عظيم ، لكن مع ذلك لا ينبغي للإنسان أن يقول توكلت على فلان في شراء كذا وكذا ، بل يقول وكلت فلان لئلا يستعمل اللفظ الذي لا يطلق إلا لله في حق العبد . وقوله: (( المؤمنون )) يعني الذين آمنوا بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
15 - قال الله تعالى :<< يآأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله و على الله فليتوكل المؤمنون >> . أستمع حفظ
الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة .
في هذه الآية الكريمة فوائد ، منها: أنه يجب على الإنسان أن يذكر نعمة الله عليه في جلب المنافع ودفع المضار ، من أين تؤخذ ؟ من أمر بذكر نعمه بكف أيدي الأعداء عنهم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن كف الأذى والضرر من النعم ، وهو كذلك، وكثير من الناس يظنون أن النعم هي الإيجاب ، ولكن هذا قصور ، النعمة إما إيجاد معدوم وإما كف لوجود ، ولهذا يشكر الله عزوجل على هذا وهذا . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب تقوى الله عزوجل عند ذكر النعم حتى لا يبقى الإنسان ويرتفع ويربى بنفسه ، لقوله: (( واتقوا الله )) . ومن فوائدها: وجوب التوكل على الله عزوجل ، لقوله: (( وعلى الله فليتوكل )) . ومن فوائدها: إخلاص التوكل لله سبحانه وتعالى ، وذلك من تقديم أيش ؟ من تقديم المعمول ، و القاعدة عند البلاغيين أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر . فإن قال قائل: هل التوكل يمنع فعل الأسباب ؟ الجواب: لا ، بل التوكل لا يتم إلا بفعل الأسباب، وأضرب لكم مثلا بسيد المتوكلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومع ذلك كان يتوقى الحرب ويتوقى البرد ويلبس الدروع بالحرب ولبس في أحد درعين ـ عليه الصلاة والسلام ـ كل ذلك توقيا للسهام، ففعل الأسباب النافعة الحقيقية لا ينافي التوكل بل هو من تمام التوكل، ولهذا لو قال قائل: أنا لم أسعى في طلب الرزق ، يرزقني الذي رزق الثعابيل في جحورها ، أنا متوكل على الله ، قلنا هذا عجز ، هذا عجز وكسل ، التوكل على الله التفويض إذا لم تستطع الأسباب ، نعم إذا عجز الإنسان عن الأسباب ليس عنده الآن إلا التوكيل، ولهذا تجد الكفار إذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين ، فوضوا الأمر إلى الله ، وكذلك الإنسان إذا أصابه شيء لا يستطيع دفعه تجده ليس له حول ولا قوة ، أما مع القدرة على فعل الأسباب فإنه لابد من فعله، لو أن إنسان قال أنا أريد أن أسافر إلى مكة للحج ، قلنا خذ معك نفقة ، قال ما أحتاج أنا متوكل على الله ، ماذا نقول في هذا؟ هذا عجز وتواني وكسل ، إذا كنت متوكلا على الله حقيقة تفعل السبب، خذ معك ما يكفيك للنفقة أو أجر نفسك على أحد تكون معهم ويكفونك المؤونة أو ما أشبه ذلك . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن التوكل من الإيمان ، لقوله: (( فليتوكل المؤمنون )) فوجه الأمر إلى المؤمنين لأنهم هم أهل التوكل . ومن فوائدها: أن ترك التوكل على الله نقص في الإيمان ، ولكن هل ينافي كمال الإيمان أو ينافي أصل الإيمان ؟ فيه تفصيل ، فمن توكل على نبي ميت ـ وكل الأنبياء أموات إلا عيسى فهو في السماء حيا ـ فهذا ينافي الإيمان ، من توكل على قبر فهذا ينافي أصل الإيمان، من اعتمد على سبب معلوم وهو سبب شرعي أو قدري فذلك لا ينافي الإيمان لكن لا .
اضيفت في - 2007-08-13