تفسير سورة المائدة-08b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة تفسير الآية السابقة
ثم قال: (( ولله ملك السموات والأرض )) كل ما في السموات ، كل ما نشاهده فهو مملوك لله، وإذا كان مملوكا لله تعذر أن يكون هو الله، واضح ؟ فاستدل الله عزوجل على أنه ليس الله بأمرين ، الأول أن المسيح لا يملك أن يدفع شيئا عن نفسه لو أراد الله أن يهلكه ، والثاني أن كل شيء في السموات والأرض فهو ملك لله فكيف يكون هو الله ؟ فيكف يكون المملوك مالكا ؟ هذا مناقض للعلق والفطرة . (( ولله ملك السموات والأرض وما بينهما )) ملك السموات وهي سبع، والأرض وهي سبع، السموات بنص القرآن إنها سبع (( قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم )) لكن الأرض ؟ الأرض ليس في القرآن تصريح بأنها سبع لكن في القرآن ما يدل على أنها سبع كقوله تعالى: (( الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن )) لو أردنا أن نقول المماثلة في الوصف، المماثلة في الكبر ، المماثلة في العظم لكذبنا الواقع إذ لا مقارنة بين السماء والأرض ، إذا يتعين إذا جمعت الكيفية تعينت الكمية، فيكون المراد بقوله: (( مثلهن )) أي في العدل، وجاءت السنة صريحة بأنها سبع أراضين كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ( من اقتطع من الأرض شبرا بغير حق أو قال ظلما طوقه يوم القيمة من سبع أراضين ) . (( ولله ملك السموات والأرض وما بينهما )) ما بين السماء والأرض . قد يقول قائل: لماذا جعل الله تعالى ما بين السماء والأرض عجيلا في السماء والأرض ؟ قلنا: لأن بين السماء والأرض من الآيات العظيمة ما جاز أن يكون قسيما للسموات والأرض وعديلا لها، إذا نقول ما بينهما فيه آيات عظيمة ، وتجول الناس الآن في الكون في الآفاق يدل على أن هناك من الأشياء من أعجب ما يكون من مخلوقات الله عزوجل ، ولهذا جاء في القرآن الكريم كثيرا ما يقرن ما بينهما في السماء والأرض . ثم قال عز وجل: (( يخلق ما يشاء )) هذا دليل الثالث ، لأن النصارى البلهاء الضلال قالوا إن الله المسيح ابن مريم لأنه خلق بدون أب وفدى نفسه نعم افتدى بنفسه جميع الخلق ـ على زعمهم ـ أن الخلق كانوا مستحقين للعذاب و العقوبة وأن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام افتدى الخلق بنفسه وصبر على الصلب فاستحق أن يكون إلها له، يقول الله عزوجل: (( يخلق ما يشاء)) وإذا كان يخلق ما يشاء فمن الذي يأجر عليه أن يخلق شخصا من أم بلا أب، يخلق ما يشاء ، خلق الله آدم بلا أم ولا أب ، وخلق الله هواء من أب بلا أم ، وخلق عيسى من أم بلا أب ، وخلق بقية البشر من أم وأب ، فالله على كل شيء قدير . ثم قال: (( والله على كل شيء قدير )) وهذا دليل الرابع، (( والله على كل شيء قدير )) فبقدرته خلق عيسى من أم بلا أب . في هذه الآية الكريمة التصريح والتأكيد بكفر من قال إن الله هو المسيح ابن مريم وهم النصارى ، فما بقي شك في أن النصارى كفار ، ومن قال إنهم غير كفار وأنهم مؤمنون فإنه كافر ، إن علم ما جاء في القرآن والسنة من كفرهم ، لأن لازم قولهم هذا تكذيب الله ورسوله ، وما أدري ـ سبحان الله ـ أيداهنون النصارى من أجل أنهم أقوياء ماديا وينسون من الذي أقدرهم على هذه المادة، من الذي أقدرهم على هذه المادة إلا الله ؟ فكيف يخشونهم ولا يخشون الله ؟ كيف يداهنونهم ويبسطون لهم الأرض ويفرشون لهم ورودا ويقول أنتم مؤمنون بالله واليوم الآخر وأنتم على دين ونحن على دين واليهود على دين وكأن الخلاف الذي بيننا وبين اليهود والنصارى كالخلاف الذي بين أحمد بن حنبل ومحمد بن إدريس ـ سبحان الله ـ وهذه راج على بعض الناس حتى إنه راج بأنه لا يجوز قتل المرتد ، لا يجوز قتل المرتد لأن الناس يختار، يختار الإنسان من دينه ما شاء (( ولا إكراه في الدين )) سبحان الله ! يعني انقلاب ـ نسأل الله العافية ـ هذا أشد من التفسق الخلق لأن هذا يعود على العقيدة وألا نتبرأ منهم ، والله عزوجل يقول: (( قد كانت لكم أسوة حسنة في ابراهيم والذين معه إذا قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده )) لماذا نداهن هذا إذ لنكفرهم ونقول ما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ونقول إن آمنوا بمثل ما آمنا به فقد اهتدوا وإلا فهم على ضلال، لكننا حقيقة لا نستطيع الآن أن نقاتلهم ولا أن نج ... هم لأسباب كثيرة منها أنه ليس عندنا حصيلة إيمانية توجب أن نقاتلهم ، الإيمان ضعيف في عامة المسلمين ، لا أقول في واحد ، لا ، في عامة المسلمين ، ثانيا ليس عندنا حصيلة استقامة على دين الله، على العبادات ، أين من يصمون النهار ويقومون الليل ؟ كثير من المسلمين لا يصلون الصلاة في وقتها وكثير من المسلمين لا يصلونها أبدا ولا يعرفون يتوضؤن ، أين الحصيلة ؟ الثالث أنه ليس عندنا غيرة لديننا بمعنى أن نقاتلهم من أجل الدين ، كثير من الذين يقاتلون الكفار يقاتلونهم للأرض ، أو لآثار حسية كآثار جاهلية ، ما هم يقاتلونهم من أجل أن يقيموا دين الله على أرض الله ، لا ، وتأملوا هذا تجدونه واضحا ، وهناك أسباب أخرى لا يطيب لي أن أقول الآن لكن تظهر للمتأمل، فنحن الآن حقيقة عاجزون عن مقاومتهم ، لكن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نداهنهم في ديننا لأنهم هم يودون كما قال الله عزوجل: (( ودوا لو تدهن فيدهنون )) يودون هذا ، لكن يأبى الله عزوجل ـ إن شاء الله تعالى ـ أن نداهنهم في دين الله أبدا ، نسالهم ما دمنا ضعفاء وإلى أن يأذن الله لنا بالقوة ويأذن لهم بالضعف ، وأما مسألة الدين لا يمكن إطلاقا أن نبيع الدين لهم ولا لغيرهم ولا يحل لنا هذا ، لكن مع الأسف أنه يوجد الآن من يحطمون الدين باسم الدين، الدين الإسلامي دين التسامح ، دين التساهل ، دين المحبة ، هو صحيح، التسامح مع من ؟ مع إخوانهم المسلمين ، أما غيرهم فقد قال الله تعالى: (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )) (( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين )) لكن من مد إلينا يد المسالمة مددنا إليه يد المسالمة إذا كنا عاجزين عن المقاومة ، لقوله تعالى: (( فاتقوا الله ما استطعتم )) أما الدين فلا نرضى أن نصاب بشيء أبدا ، بل نقول دين الإسلام دين خاص يمتاز عن غيره لأنه يؤمن بجميع الأديان أنها حق من عند الله لكنها منسوخة بالإسلام . بعض الناس الجهال يقول اليهود يؤمنون بموسى والنصارى بعيسى، والنصارى يؤمنون بموسى أيضا ثم يقول كل يؤمن بنبي أيش المانع ؟ نقول اقرأ قول الله تعالى: (( إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا )) بعدها ؟ (( أولئك هم الكافرون حقا )) أكد الله كفرهم (( أولئك هم الكافرون حقا )) هؤلاء اليهود والنصارى يقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ، اليهود يدعون أنهم يؤمنون بموسى والنصارى يدعون أنهم يؤمنون بعيسى ويكفرون بمن ؟ بمحمد ، محمد الذي قال الله تعالى: (( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم )) من يخاطب ؟ الأنبياء (( أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري )) عهدي الثقيل ؟ (( قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين )) إذا كان أنبيائهم قد أخذوا العهد أن يؤمنوا بمحمد فهم من باب أولى ، ومع ذلك يكفرون بمحمد عليه الصلاة والسلام ويقولون نحن مؤمنون ، ثم نقول لهم أنتم في الحقيقة ما آمنتم برسلكم ، لأن محمدا صلى الله عليه وسلم موجود في التوراة والإنجيل مكتوبا عندهم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ، موجود هذا بل قال الله تعالى: (( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم )) مثل ما يعرف الرجل ابنه يعرف أن محمدا رسول الله ومع ذلك كفروا، كيف نقول هؤلاء مؤمنون ؟ ثم نقول إن الله تعالى حكم على كل إنسان كفر برسول أنه كافر بجميع الرسل حتى بمن لم يأت من الرسل فهو كافر به ، قال الله تعالى في قوم نوح: (( كذبت قوم نوح المرسلين )) قوم نوح من بعث رسولا قبل نوح ؟ لا أحد ومع ذلك قال الله إنهم كذبوا المرسلين ، فهؤلاء الذين يدعون أنهم مؤمنون بموسى وعيسى نقول أنتم الآن كافرون بموسى وعيسى ، كافرون كفر العام وكفر الخاص ، أما العام فكل من كذب رسولا فقد كذب جميع الرسل ، أما الخاص فإن رسلكم جاءت كتبهم صريحة بأن محمدا رسول الله حقا وعرفتموه كما تعرفون أبنائكم، نحن أطلنا في هذا وإن خرجنا عن موضوع التفسير لأني يعني الدنيا أمامي م ... في مثل هذه الأفكار الخبيثة الرديئة التي يريد بعضنا ليس عندهم إيمان إلا أن يشاء الله، ويجب علينا أن نقاوم هذا الفكر مقاومة تامة بقدر ما نستطيع ، هذا جهاد ما هو بالسيف لكن جهاد بالرأي والفكر لا يجوز السكوت على هذا إطلاقا ، فالحاصل أن هذه الآية الكريمة كفر الله تعالى كفرا مؤكدا من قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم .
الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة .
من فوائد الآية الكريمة: الثناء على عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، بكون الله وصفه بأنه المسيح ، والمسيح علم لقب، أما اسمه علم بلا لقب اسمه عيسى . ومن فوائد الآية الكريمة: جواز انتساب الإنسان إلى أمه إذا لم يكن له أب ، لقوله: (( المسيح ابن مريم )) وأخذ المحققون من أهل العلم أن من ليس له أب فإن عصبته أمه إذا لم يكن له عصبة، إذا لم يكن له عصبته فعصبته أمه لأنه نسب إليها وجعلت بمنزلة الأب ، أما إن كان له عصبة فالأم تأخذ فرضها والباقي لعصبته ، فإذا كان هناك ابن بامرأة ليس له أب إما أنه ولد الزنا أو أن أباه نفاه وادعا لنفيه أو لم ... المهم أنه ليس له أب ثم تزوج وجاءه أبناء ، أمه هنا ليس لها إلا فرضه وهو السدس ، والعاصب هنا أبناءه ، أما لو مات هذا الابن عن أمه وإخوانه ـ إخوانه من أم ليس لأب ـ فإخوانه من أمه يأخذون فرضهم إن كان واحدا فالسدس وإن كانوا أكثر فالثلث ، وأمه تأخذ الفرض والباقي تعصيب ، لماذا ؟ لأنها بمنزلة الأب ، وهذا القول هو الراجح، أن من ليس له أب فعصبته أمه . فإن قال قائل: إذا كان للإنسان أب فهل يجوز أن ينسب إلى أمه ؟ نقول: إن كان المراد الانتساب المطلق فهذا لا يجوز وإن كان الانتساب لأنه اشتهر بها لكنه معروف إنه ولد فلان فهذا لا بأس به ، فمثلا عبد الله بن بحينة ، بحينة اسم أمه ، واسم أبيه مالك ومع ذلك يطلق عليه هذا الاسم، كما نقول أيضا في الانتساب إلى الجد إذا كان للجد شهرة والانتساب إليه يعد شرفا دون أن ينقطع الانتساب إلى الأب فلا بأس به ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عام حنين: ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) صلوات الله عليه وسلامه عليه ، لأن عبد المطلب أشهر من عبد الله في قومه وهو سيد معروف فلا بأس لكن بشرط أن لا ينسى الأب ، أما إن ننسي فلا يجوز لأنه يترتب على هذا مسائل حكمية .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: شدة الرد على النصارى، حيث قال الله عزوجل: " المسيح وأمه " المسيح وأمه ، المسيح الذي يرونه إلها يقول الله عزوجل لو أراد الله أن يهلكه ما استطاع أحد أن يمنعه ، وهذا لاشك فيه صدمة قوية على النصارى، أن يقال في معبودهم وإلههم إن الله تعالى قادر على أن يهلكه وإذا أراد أن يهلكه فلا أحد يملك منعه . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه إذا أراد الله شيئا فإن الشرف والجاه والرئاسة ولو في الدين لا تمنع مما أراد الله ، لأن المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام من أولي العزم من الرسل ومع ذلك يقول الله عزوجل: (( فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا )) .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: شدة الرد على النصارى، حيث قال الله عزوجل: " المسيح وأمه " المسيح وأمه ، المسيح الذي يرونه إلها يقول الله عزوجل لو أراد الله أن يهلكه ما استطاع أحد أن يمنعه ، وهذا لاشك فيه صدمة قوية على النصارى، أن يقال في معبودهم وإلههم إن الله تعالى قادر على أن يهلكه وإذا أراد أن يهلكه فلا أحد يملك منعه . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه إذا أراد الله شيئا فإن الشرف والجاه والرئاسة ولو في الدين لا تمنع مما أراد الله ، لأن المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام من أولي العزم من الرسل ومع ذلك يقول الله عزوجل: (( فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا )) .
قال الله تعالى : << وقالت اليهود والنصارى نحن أبنآؤا الله وأحبآؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و لله ملك السماوات والأرض وما بينهما و إليه المصير >>
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى: (( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم )) قلنا إنهم نصارى وهذه الآية صريحة في أنهم كفار ، وتكلمنا على ذلك كلام طويل ليس له مساس في التفسير لكن له مساس في الواقع . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن نساء أهل الكتاب ولو كانوا كفارا لكنهم منتسبون لأهل الكتاب حلال خلافا لمن قال من العلماء إنهم بعد أن بدلوا وغيروا وأشركوا فنسائهم حرام ، فالصواب أن نسائهم حلال ولو كانوا قد بدلوا وغيروا وكفروا وأشركوا، كطعامهم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الرد على أهل الباطل بالأدلة السمعية والعقلية ، لأن الله رد عليهم بأدلة سمعية عقلية . ومن فوائد الآية الكريمة: بيان كمال سلطان الله عزوجل وأنه لا أحد يمنعه مما أراد، لقوله: (( قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا )) . ومن فوائدها: أنه عند المناظرة ينبغي أن تبدأ بأول من يحتج به المناظر وأنه على خلاف ما ناظر عليه ، وجهه أن الله بدأ بذكر إهلاك المسيح وأمه الذي يعتقد هؤلاء أنه إله . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عموم ملك الله عزوجل ، لقوله: (( ولله ملك السموات والأرض )) . ومن فوائدها أيضا: اختصاص هذا الملك بالله ، لقوله: (( ولله )) وجه الدلالة أنه قدم الخبر ، ومن القواعد المقررة عند أهل البلاغة وأهل الأصول أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر . فإن قال قائل: إن الله أضاف الملك إلى غيره في غير ما آية من كتاب الله فما الجمع ؟ قلنا ما أضاف الله إليه الملك فإنه ملك قاصر من جميع الوجوه ، مثل قوله تعالى: (( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم )) ومثل قوله تعالى: (( أو ما ملكتم مفاتحه )) ومثل قوله تعالى: (( والذين يبتغون الكتاب ما ملكت أيمانهم )) والآيات في هذا متعددة، فيقال الملك المضاف إلى المخلوق ليس كملك الله عزوجل ، هو ملك قاصر لا يشمل كل مملوك وهو أيضا قاصر في التصرف فيه إذ أن الإنسان لا يملك التصرف كما شاء في ما هو ملكه ، لو أراد إنسان أن يتلف ماله وقال هذا ملكي أنا لي أن أتلفه ، قلنا حرام عليك ليس لك أن تتلفه لأن الشرع نهى عن إضاعة المال ، ولو أراد أن يعتدي على ملك غيره قلنا لا يمكن ، لأن ملكك مقصور ، وبهذا نعرف أن ملك التام هو ملك الله عز وجل . ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى أن ما بين السماء والأرض فهو خلق عظيم حتى جعله الله تعالى عديلا أو إن شئت فقل قسيما للسموات والأرض ، دليله: (( ولله ما في السموات والأرض وما بينهما )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله تعالى له المشيئة المطلقة ، لقوله: (( يخلق ما يشاء )) وقد فسر الله تعالى هذا في بعض المواقع مثل قوله تعالى: (( لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما )) وهذا من جملة كمال ملكه وتمام خلقه . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أفعال العباد مخلوقة ، لأنه إذا كان الله مالك السموات والأرض وما بينهما وهو خالق من يشاء فالإنسان مما في السموات والأرض فتكون أفعاله مخلوقة لله .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير يا أهل الكتاب قد جاءكم رسول يبين لكم على فطرة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير )) .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أخذنا إلى قوله: (( والله على كل شيء قدير )) وأخذنا فوائده .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير يا أهل الكتاب قد جاءكم رسول يبين لكم على فطرة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير )) .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أخذنا إلى قوله: (( والله على كل شيء قدير )) وأخذنا فوائده .
3 - قال الله تعالى : << وقالت اليهود والنصارى نحن أبنآؤا الله وأحبآؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و لله ملك السماوات والأرض وما بينهما و إليه المصير >> أستمع حفظ
الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة .
في هذه الآية الكريمة فوائد منها: كذب اليهود والنصارى في دعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه . ومنها: أن اليهود والنصارى يقرون بثبوت المحبة لله فيقولون نحن أبناء الله وأحباؤه ، وقد أنكر من هذه الأمة صفة المحبة لله وقالوا إن الله لا يحب ولا يحب ، وفسروا المحبة التي أثبتها الله لنفسه بما لا يدل عليه ظاهر اللفظ، قالوا المحبة هي الثواب أو إرادة الثواب وفسروها بأحد المعنيين بأن مذهبهم أن الإرادة ثابتة لله وأن الثواب شيء منفصل عن الله فهو من جملة المباينة وليس من جملة الصفات ، وهؤلاء من ؟ الأشاعرة ، يقولون ما فيه محبة بين الله وبين العبد وإنما المحبة هي الثواب أو إرادة الثواب، اليهود والنصارى قالوا هذا قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه فأثبتوا أن الله تعالى يحب ونحن أحبابه . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن اليهود يدعون ما يقتضي أن يكون خيرا من هذه الأمة، وجهه ؟ أنهم قالوا ذلك في معرض الرد على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم قالوا نحن أحق بالرسالة منكم أيها العرب (( نحن أبناء الله وأحباؤه )) . ومن فوائدها: الإشارة إلى ما اشتهر عند بني إسرائيل أنهم شعب الله المختار ويرون أنهم أفضل من العالمين وأفضل من العرب الذين منهم ظهر الإسلام . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إنكار الله تعالى عليهم هذه الدعوة من وجهين ، الوجه الأول: رد ما ادعوه، الثاني إثبات ما لا يمكن معه هذه الدعوى . ومن فوائدها: أنه ينبغي في المناظرة أن تبطل حجة خصمك أولا ثم تأتي ما يثبت قولك، ولهذا تجد العلماء الذين يذكرون أقوال العلماء ـ أي اختلافهم ـ تجدهم يذكرون أولا الرد على القول المقابل لأقوالهم ثم يثبت أقوالهم، وهذا كله مبني على القاعدة المعروفة وهي: التخلية قبل التحلية . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن عذاب الله لليهود والنصارى لم ينقطع ولن ينقطع ، لقوله: (( فلم يعذبكم )) لم يقل: فلم عذبكم ليستفاد بذلك أن تعذيب الله تعالى لهم مستمر، لأن الفعل المضارع يفيد الاستمرار ، واليهود معذبون مشردون خاصة لأن دعواهم المحبة والبنوة أعظم من دعوى النصارى ، وهم إن شاء الله سيعذبون العذاب الأخير على يد المسلمين وذلك حينما يقتتلون مع المسلمين فيقتلهم فيقتلهم المسلمون حتى إن اليهودية يختفي بالشجرة فتنادي المسلم هذا يهودي فاقتله.
ألا يقال أن اليهود والنصارى لم يريدوا بقولهم "نحن أبناء الله " حقيقة الابن ؟
السائل : ألا يقال في قوله تعالى: (( نحن أبناء الله )) بأن اليهود أرادوا بذلك حقيقة الابن كما يقول مثلا كما قال الحسن البصري: خطبنا علي ، ويقصد أهل الكوفة وإلا فهو لم يكن موجودا ، وكما نقول نحن: انتصرنا على الكفار يوم بدر ونحن لم نكن أصلا موجودين ؟
الشيخ : أما لو كانوا كلهم من ذرية عيسى لا بأس ، كلهم من ذرية عزير لا بأس ، لكن ليسوا كذلك ، ما رأيت أحدا قال بهذا يعني أنت تريد المعنى: قالت اليهود منها أبناء الله ؟ وقالت النصارى منا؟ لا ما أرادوا .
الشيخ : أما لو كانوا كلهم من ذرية عيسى لا بأس ، كلهم من ذرية عزير لا بأس ، لكن ليسوا كذلك ، ما رأيت أحدا قال بهذا يعني أنت تريد المعنى: قالت اليهود منها أبناء الله ؟ وقالت النصارى منا؟ لا ما أرادوا .
أليس في قوله تعالى " نحن أبناء الله وأحباه " رد على الأشاعرة فإن الله لم ينكر عليهم لفظة " الأحباء" ؟
السائل : ألا يمكن الأخذ من الآية هذه : (( قالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه )) الرد على الأشاعرة فإن الله لم ينكر المحبة ؟
الشيخ : سبحان الله ! أما قلنا هذا ؟ قلنا نحن قلنا هم يعرفون من صفات الله ما لا يعرف هؤلاء المنكرون ، إذا قلنا هذا يكون أبلغ من يكون دليلا هذا .
الشيخ : سبحان الله ! أما قلنا هذا ؟ قلنا نحن قلنا هم يعرفون من صفات الله ما لا يعرف هؤلاء المنكرون ، إذا قلنا هذا يكون أبلغ من يكون دليلا هذا .
6 - أليس في قوله تعالى " نحن أبناء الله وأحباه " رد على الأشاعرة فإن الله لم ينكر عليهم لفظة " الأحباء" ؟ أستمع حفظ
ما قول الأشاعرة في صفة المحبة لله تعالى ؟غير واضح
السائل : ما قول الأشاعرة في صفة المحبة لله عزوجل ؟
الشيخ : بعضهم هذا وبعضهم هذا ، بعضهم قال المحبة هي الثواب ، وبعضهم قال هي إرادة الثواب .
السائل : التعليل يعني ؟
الشيخ : التعليل أنهم فسروا بهذا وبهذا ؟ لأنهم قالوا الإرادة يثبتونها ، يثبتون أنه مريد وله إرادة ويثبتون أن الله خالق وله مخلوق ، فالثواب يكون شيء مخلوق بائن عن الله مفعول من مفعولاته ليست صفة من صفاته ، والإرادة صفة من صفاته وهم يثبتونها .
الشيخ : نحن ما كملنا الفوائد جزاك الله خيرا . كيف ذلك ؟ أصلا ما هي محل جدل حتى نقول ما أنكر ، محل جدل هو أنهم ادعوا هذه الدعوى ، ولاشك إن الحق يؤخذ ممن جاء به وقد مر علينا هذا كثيرا وبيننا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الحق من الشيطان والله قبل الحق من المشركين والرسول قبل الحق من اليهود أيضا
الشيخ : بعضهم هذا وبعضهم هذا ، بعضهم قال المحبة هي الثواب ، وبعضهم قال هي إرادة الثواب .
السائل : التعليل يعني ؟
الشيخ : التعليل أنهم فسروا بهذا وبهذا ؟ لأنهم قالوا الإرادة يثبتونها ، يثبتون أنه مريد وله إرادة ويثبتون أن الله خالق وله مخلوق ، فالثواب يكون شيء مخلوق بائن عن الله مفعول من مفعولاته ليست صفة من صفاته ، والإرادة صفة من صفاته وهم يثبتونها .
الشيخ : نحن ما كملنا الفوائد جزاك الله خيرا . كيف ذلك ؟ أصلا ما هي محل جدل حتى نقول ما أنكر ، محل جدل هو أنهم ادعوا هذه الدعوى ، ولاشك إن الحق يؤخذ ممن جاء به وقد مر علينا هذا كثيرا وبيننا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الحق من الشيطان والله قبل الحق من المشركين والرسول قبل الحق من اليهود أيضا
اضيفت في - 2007-08-13