تفسير سورة المائدة-09b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة الأسئلة
السائل : عن أسباب محق بركة العلم ؟
الشيخ : نعم، أن يكون في قلبه إرادة سيئة مثل أن يريد بعلمه غير الله عز وجل ، فهذا ربما يحرم بركة العلم وهذا من الشر ما يكون ، والشيء الثاني معاصي ، المعاصي يجر بعضها بعضا ، فإذا عصى الإنسان الذي أعطاه الله علما فهذا يحرم .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )) .
الشيخ : نعم، أن يكون في قلبه إرادة سيئة مثل أن يريد بعلمه غير الله عز وجل ، فهذا ربما يحرم بركة العلم وهذا من الشر ما يكون ، والشيء الثاني معاصي ، المعاصي يجر بعضها بعضا ، فإذا عصى الإنسان الذي أعطاه الله علما فهذا يحرم .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )) .
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << يآأهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم .............>>
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى: (( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل )) فوائدها لم نذكر ؟ في هذه الآية فوائد، منها: أنه ينبغي أن ينادى الإنسان أي أن ينادى المخاطب بالوصف الذي يقتضي أن يقوم بما وجه إليه ، لقوله: (( يا أهل الكتاب )) وهذا موجود في اللغة العربية ، كنت تخاطب مؤمنا تقول: يا أيها المؤمن ، تخاطب رجلا تقول: يا أيها الرجل ، كأنك تذكر له ما كان ينبغي من أجله أن يستمع إليك ويمتثل ما توجهه إليه . في ذلك فوائد يعني فو كننا نوجه الخطاب بالنداء بالوصف الذي يقتضي أن يمتثل فيه فوائد ، أولا: أن توبيخ هذا الرجل إذا خالف ، لأنه لا ينبغي أن يخالف وهو متصف بهذه الصفة . الثاني: حثه على الموافقة باعتبار هذا الوصف الذي اتصف به ، ولهذا نجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول دائما: ( لا يحل لامرئ مؤمن بالله واليوم الآخر ) ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ) . ومن الفوائد أيضا: إقامة اللوم عليهم من الآخرين . من فوائد هذه الآية الكريمة: أن محمدا رسول الله مرسل إلى أهل الكتاب ، اليهود والنصارى ، لقوله: (( قد جاءكم رسولنا )) يعني إليهم . ومن فوائدها: أن الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من هؤلاء أي من اليهود والنصارى كفار ، لأنهم كفروا بالرسول الذي أرسل إليهم ، أما قولهم إنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر ، نقول هذا لا يكفي لابد أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله و اليوم الآخر . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الثناء على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكونه مرسلا من عند الله ، لقوله: (( رسولنا )) . ومن فوائدها: إقامة الحجة على الأمة ، حيث إن هذا رسول الله فهو حجة عليه الصلاة والسلام ، بمجرد أن شهد الله أنه رسوله كان ذلك حجة ، وقد قال الله تعالى: (( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا حظ للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شيء من الربوبية ، وجه ذلك ؟ أنه رسول والرسول لا يمكن أن يكون شريكا للمرسل فيما يختص به . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبين للخلق وأنه ليس فيه بما جاء به شيء من الغموض والإلغاز ، لقوله: (( يبين لكم )) . ومن فوائدها: الرد على أولئك المفوضة في أسماء الله وصفاته الذين يقولون إننا لا نعلم شيئا من معاني أسماء الله وصفاته وأن وظيفتنا أن نقرأ ولا نفسر ، وهذا القول من أعظم الأقوال وأشدها فسادا حتى أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد ، ومن المؤسف أن كثيرا من الناس بل حتى من العلماء من يظن أن هذا هو مذهب السلف ويقولون إن مذهب السلف التفويض وهم في الحقيقة لم يعرفوا مذهب السلف، مذهب السلف التفويض في الكيفية لأن العقل يعجز عن إدراكها والشرع لم يرد بها ، وأما المعنى فإنه يؤمنون به ويثبتونه ويقررونه ويفسرون فيه ما يحتاج إلى تفسير ، وهذا أمر معلوم من كتبهم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الرسول عليه الصلاة والسلام كما أنه مبين للعرب فهو مبين لبني إسرائيل ، لأهل الكتاب . فإن قال قائل: كيف يبين لهم ولغته تخالف لغتهم ؟ فإن لغة اليهود حتى الذين في المدينة في عهد الرسول مخالفة للغة العربية ؟ نقول عن طريق الترجمة ، ولهذا لم ينتشر الإسلام في البلاد الأعجمية إلا بوصف الترجمة . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه إذا احتجنا إلى معرفة اللغات الأجنبية لبيان الشريعة كان ذلك من صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يبين للناس بأي وسيلة ، أفهمتم ؟ وعلى هذا فمن تعلم اللغة غير العربية من أجل الدعوة إلى الله كان مثابا على ذلك ، لأنها وسيلة لأي شيء ؟ لتبليغ الشريعة ونشرها . ومن فوائد الآية الكريمة: أن رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت على فترة من الرسل ليس بينه وبين عيسى رسول ، لقوله: (( على فترة من الرسل )) . ومن فوائدها: أنه كلما طال زمن الرسالة صار الناس أشد حاجة إلى الرسول ، ولهذا جعل الله ذلك منة عظمى على أهل الكتاب ، حيث جاءهم على فترة ، وتعرفون أن هذا يكون أيضا في الواقع المحسوس ، فالإنسان الذي يشرب الماء على عطش أشد شوقا إلى الماء وحاجة من إنسان يشربه على ري . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات رسالات السابقة للرسول عليه الصلاة والسلام لقوله: (( على فترة من الرسل )) والظاهر لي أن هذا يشر إلى أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو آخر الأنبياء ، لقوله: (( من الرسل )) يعني وليس بعده رسول ، وهذا هو الذي صرح الله تعالى في كتابه في قوله: (( ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) وتأمل قوله: (( وخاتم النبيين )) ولم يقل: خاتم المرسلين مع أنه قال: ((رسول الله )) لأنه قد يكون الإنسان نبيا ولا يكون رسولا ، ومحمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: رحمة الله تعالى بالخلق ، حيث أرسل الرسل لئلا تقوم الحجة على الله ، تؤخذ من قوله: (( أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير )) . وفي هذا دليل على أن من لم تبلغه الرسالة فإنه معذور وهو ظاهر من قوله: (( أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا حجة للإنسان بالقدر على مخالفة الرسل ، تؤخذ من أين ؟ لأنهم لو كانوا على حق لم ينتفع بإرسال الرسل، واضح ؟ وهو كذلك . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الرسالات منحصرة في شيئين لا ثالث لهما ، وهي البشارة والإنذار ، لأن الناس ينقسمون بالنسبة للرسالات إلى قسمين: مطيع فله البشارة ، عاصي فله الإنذار . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: قوة حجة هؤلاء لو لم يبعث الله إليهم رسول ، لقوله: (( من بشير )) يعني من بشير هذه للتوكيد يعني كأنهم مؤكدون أنهم لم يأتهم بشير ولا نذير . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تأكيد كلام التأكيد المعنوي ولست أقصد توكيد النحويين ، النحويون يقولون إن التوكيد نوعان ، توكيد معنوي وتوكيد لفظي ، فما كان بتكرار اللفظ فهو لفظي وما كان بالأدوات المعروفة فهو معنوي ، لكن لا أريد هذا ، أريد أن المعنى قد يؤكد بجملة كاملة وهو قوله: (( فقد جاءكم بشير ونذير )) . ومن فوائدها أيضا: أنه متى احتيج إلى التوكيد فلا عيب في التكرار ، ولهذا كان من آداب الخطبة أن الإنسان يكرر في المواضع الهامة وأنه لا يعد هذا عيا ولا يعد زيادة . ومن فوائد الآية الكريمة: أن رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مشتملة على هذين الأصلين في الرسالات وهما: البشارة والإنذار ، لقوله: (( فقد جاءكم بشير ونذير )) يعني به محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ومن فوائدها: إثبات قدرة الله عزوجل ، لقوله: (( والله على كل شيء قدير )) . ومنها: أنه لا يستثنى من قدرة الله تعالى شيء ، كل شيء فالله قدير عليه ولا يستثنى أي شيء ، وأما قول بعضهم كصاحب الجلالين: خص العقل ذاته فليس عليه بقادر ، فهذا خطأ إلا أنه على قاعدة منكري الأفعال الاختيارية يرون أنه صواب يعني في ناس من هذه الأمة يقولون إن الله عزوجل لا تقوم به الأفعال الاختيارية ما يقدر ، يعني مثلا النزول إلى السماء ممنوع عندهم ، الاستواء على العرش ممنوع ، الضحك ممنوع ، الإتيان يوم القيمة ممنوع ، كل الأفعال الاختيارية التي يفعلها بمشيئته فإنه ممنوع ، كل الأفعال التي يفعلها باختياره ومشيئته يرون أنه ممنوع ، لماذا ممنوع ؟ قالوا لأنه مستحيل ، والمستحيل على اسمه لا تتعلق به القدرة كالجمع بين نقيضين ، فيقال لهم هذا غلظ ، بل من الأشياء ما لا يمكن أن يتصف الله بها كالنوم مثلا ، هذا مستحيل الله ينام ، واضح ؟ مستحيل أن ينام، مستحيل أن يأكل ويشرب . فلو قال قائل: هل الله يقدر أن يأكل ويشرب أو ينام ؟ قلنا هذا كلام لا يرد إطلاقا ، لأنه مستحيل ، لكن هل يستطيع أن ينزل إلى السماء الدنيا ويأتي للفصل بين العباد ، ويستوي على العرش ، ويضحك ويعجب ممكن ، لأن هذا لا ينافي الكمال بخلاف الأكل والشرب والنوم ، هذا ينافي الكمال . ومن فوائد هذه الآية: أنه ينبغي أن يختم الكلام بما يناسب المقام ، أن يختم الكلام ما يناسب المقام ، وجهه: أن مخالفة أهل الكتاب للرسول عليه الصلاة والسلام تعني أنهم معرضون للعقوبة ، والله غير عاجز عن عقوبتهم لكمال قدرته .
2 - الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << يآأهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم .............>> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا و ءاتاكم مالم يأت أحدا من العالمين >>
ثم قال الله تبارك وتعالى: (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم )) (( وإذ قال موسى )) إذ هذه ظرف ، ومن القواعد المقررة عند النحويين أن كل ظرف أو جار ومجرور فلابد أن يكون له متعلق ، لأنه لا يقع إلا مأمورا أو مأمورا فيه ، إن كان ظرفا فمأمور فيه وإن كان جار و مجرور فهو في محل المفعول به فيكون معمولا فيه ، إذا لابد لكل ظرف أو جار ومجرور لابد له من متعلق ، هذا المتعلق هو الآن في الواقع ، ولهذا قال الإمام مالك:
لابد للجار من التعلق بفعل أو معناه نحو مرتق
وجه ذلك أن نقول إنه لابد منه لأن الظرف مفعول فيه فلابد من فعل يقع فيه ، والجار والمجرور في محل المفعول به ، فيكون: (( وإذ قال موسى )) إذ هذه ظرف تحتاج إلى عامل أرى أن جميع المعربين إلا من لا نقدر على إعرابهم في القرآن الكريم كلما جاءت إذ غالبا يقدرون لها: اذكر إذ قال ، وهنا هل نقول إن متعلق إذ اذكر فيكون هنا الخطاب موجها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أن المراد اذكروا أي يا أهل الكتاب ، نقول يحتمل هذا وهذا ، فإن كان الثاني فمعناه أن الله سبحانه وتعالى بنفسه يذكره وإن كان الأول فمعناه أنه أمر رسوله أن يذكرهم ومؤدى المعنيين واحد ، اذكروا إذ قال موسى لقومه وهم بنو إسرائيل . (( يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم )) (( يا قوم )) ناداهم مناداة البعيد ، قال أهل البلاغة: وهذا يدل على إعراضهم و صدودهم وعلى بلاهتهم ، ولاشك أن بني إسرائيل من أشد الناس عتوا حتى على نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام ، ولذلك قال: (( يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم )) والنعمة هي الإفضال والإحسان ، والمراد اذكروا هذه النعمة لتقوموا بشكرها . ثم بين هذه النعمة فقال: (( إذ جعل فيكم أنبياء )) هذه إذ متعلق بأنبياء ، لأنها بمعنى إنعام أي اذكروا إنعام الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء . وقوله: (( إذ جعل فيكم )) في هذه للظرفية ، وينبغي أن نجعلها على معناها وألا نجعلها بمعنى من منكم أنبياء ، بل نقول فيكم ، لأن النبي يكون من ثقة قومه ومن أشراف قومه وهي كقوله تعالى: (( وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم )) إذ جعل فيكم أنبياء )) و(( أنبياء )) فيها قراءتان: (( أنبياء )) و(( أنبئاء )) وكلاهما قراءة صحيحة لأنهما سبعيتان . وهل المراد هنا بالأنبياء الرسل أو الأنبياء الذين دون الرسل ؟ يحتمل هذا وهذا ، لأن فيهم رسلا وفيهم أنبياء بلا رسالة . (( وجعلكم ملوكا )) إذ سيره ملوكا ، وتأمل الفرق بين الأنبياء والملوك ، الأنبياء قال: (( فيكم أنبياء )) ، والملوك قال: (( جعلكم ملوكا )) فهل معنى العبارة الثانية كالأولى ولكنه جعل الملك عاما ، لأن أي واحد منهم يمكن أن يكون ملكا بخلاف النبوة فإنها من عند الله، ولهذا قال: (( فيكم أنبياء )) ولم يقل: جعلكم ملوكا، أو يقال (( جعلكم ملوكا )) والملوكية هنا اعتبارية أي باعتبار كونكم خدما أذلاء لآل فرعون أصبحتم الآن أحرارا تملكون أنفسكم ولا أحد يقيدكم بما يريده ؟ الجواب يحتمل هذا وهذا ، يحتمل بمعنى (( جعلكم ملوكا )) أي جعل فيكم ملوك، ولكنه في النبوة قال: (( فيكم أنبياء )) لأنه ليس كل أحد يستطيع أن يكون نبيا بخلاف الملك فإنه ربما يكون أي واحد ملكا ، أو أن المراد بالملكية هنا الملكية النسبية يعني باعتبار أنكم كنتم أذلاء وخدما لآل فرعون أصبحتم الآن مالكين لأنفسكم ، ولاشك أن هذا وهذا حصل . (( وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين )) (( آتاكم )) بمعنى أعطاكم ، والفرق بين (( أتاكم )) و (( آتاكم )) أن (( أتاكم )) بمعنى جاءكم، و(( آتاكم )) بمعنى أعطاكم ، ولهذا (( آتاكم )) تنصب مفعولين ، لكن ليس أصلهما المبتداء والخبر ، المفعول الأول في هذه الآية الكاف والثاني من ، يعني الذي لم يؤت أحدا من العالمين . وقوله: (( لم يؤت )) أصلها لم يؤته لكن حذف العائد الذي يعود على اسم الموصول، والأصل ما لم يؤته أحدا من العالمين ، وعلى هذا فتكون أحدا مفعولا ثانيا أو أولا ؟ ثانيا نعم . (( أحدا من العالمين )) أي من العالمين الذين سبقوكم ، بل والذين في وقتكم، وهنا تأمل أنه لم يقل عليه الصلاة والسلام: ما لم يؤتي، ما لم، بل قال: (( ما لم يؤت )) وبينهما فرق ، لو قال: ما لم يؤتي صار بنو إسرائيل أو صار قوم موسى أكبر الناس إلى يوم القيمة ولم يعط أحد مثلهم ، لكن إذا قال ما لم يؤت يعني في الماضي وهو كذلك لأن الله تعالى آتى هذه الأمة ـ والحمد لله ـ ما لم يؤت بني إسرائيل ولا غيره . ثم قال: (( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم )) نستمر أو في أسئلة ؟ نستمر طيب . (( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة )) الظاهر نأخذ الفوائد ؟ طيب الفوائد .
لابد للجار من التعلق بفعل أو معناه نحو مرتق
وجه ذلك أن نقول إنه لابد منه لأن الظرف مفعول فيه فلابد من فعل يقع فيه ، والجار والمجرور في محل المفعول به ، فيكون: (( وإذ قال موسى )) إذ هذه ظرف تحتاج إلى عامل أرى أن جميع المعربين إلا من لا نقدر على إعرابهم في القرآن الكريم كلما جاءت إذ غالبا يقدرون لها: اذكر إذ قال ، وهنا هل نقول إن متعلق إذ اذكر فيكون هنا الخطاب موجها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أن المراد اذكروا أي يا أهل الكتاب ، نقول يحتمل هذا وهذا ، فإن كان الثاني فمعناه أن الله سبحانه وتعالى بنفسه يذكره وإن كان الأول فمعناه أنه أمر رسوله أن يذكرهم ومؤدى المعنيين واحد ، اذكروا إذ قال موسى لقومه وهم بنو إسرائيل . (( يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم )) (( يا قوم )) ناداهم مناداة البعيد ، قال أهل البلاغة: وهذا يدل على إعراضهم و صدودهم وعلى بلاهتهم ، ولاشك أن بني إسرائيل من أشد الناس عتوا حتى على نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام ، ولذلك قال: (( يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم )) والنعمة هي الإفضال والإحسان ، والمراد اذكروا هذه النعمة لتقوموا بشكرها . ثم بين هذه النعمة فقال: (( إذ جعل فيكم أنبياء )) هذه إذ متعلق بأنبياء ، لأنها بمعنى إنعام أي اذكروا إنعام الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء . وقوله: (( إذ جعل فيكم )) في هذه للظرفية ، وينبغي أن نجعلها على معناها وألا نجعلها بمعنى من منكم أنبياء ، بل نقول فيكم ، لأن النبي يكون من ثقة قومه ومن أشراف قومه وهي كقوله تعالى: (( وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم )) إذ جعل فيكم أنبياء )) و(( أنبياء )) فيها قراءتان: (( أنبياء )) و(( أنبئاء )) وكلاهما قراءة صحيحة لأنهما سبعيتان . وهل المراد هنا بالأنبياء الرسل أو الأنبياء الذين دون الرسل ؟ يحتمل هذا وهذا ، لأن فيهم رسلا وفيهم أنبياء بلا رسالة . (( وجعلكم ملوكا )) إذ سيره ملوكا ، وتأمل الفرق بين الأنبياء والملوك ، الأنبياء قال: (( فيكم أنبياء )) ، والملوك قال: (( جعلكم ملوكا )) فهل معنى العبارة الثانية كالأولى ولكنه جعل الملك عاما ، لأن أي واحد منهم يمكن أن يكون ملكا بخلاف النبوة فإنها من عند الله، ولهذا قال: (( فيكم أنبياء )) ولم يقل: جعلكم ملوكا، أو يقال (( جعلكم ملوكا )) والملوكية هنا اعتبارية أي باعتبار كونكم خدما أذلاء لآل فرعون أصبحتم الآن أحرارا تملكون أنفسكم ولا أحد يقيدكم بما يريده ؟ الجواب يحتمل هذا وهذا ، يحتمل بمعنى (( جعلكم ملوكا )) أي جعل فيكم ملوك، ولكنه في النبوة قال: (( فيكم أنبياء )) لأنه ليس كل أحد يستطيع أن يكون نبيا بخلاف الملك فإنه ربما يكون أي واحد ملكا ، أو أن المراد بالملكية هنا الملكية النسبية يعني باعتبار أنكم كنتم أذلاء وخدما لآل فرعون أصبحتم الآن مالكين لأنفسكم ، ولاشك أن هذا وهذا حصل . (( وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين )) (( آتاكم )) بمعنى أعطاكم ، والفرق بين (( أتاكم )) و (( آتاكم )) أن (( أتاكم )) بمعنى جاءكم، و(( آتاكم )) بمعنى أعطاكم ، ولهذا (( آتاكم )) تنصب مفعولين ، لكن ليس أصلهما المبتداء والخبر ، المفعول الأول في هذه الآية الكاف والثاني من ، يعني الذي لم يؤت أحدا من العالمين . وقوله: (( لم يؤت )) أصلها لم يؤته لكن حذف العائد الذي يعود على اسم الموصول، والأصل ما لم يؤته أحدا من العالمين ، وعلى هذا فتكون أحدا مفعولا ثانيا أو أولا ؟ ثانيا نعم . (( أحدا من العالمين )) أي من العالمين الذين سبقوكم ، بل والذين في وقتكم، وهنا تأمل أنه لم يقل عليه الصلاة والسلام: ما لم يؤتي، ما لم، بل قال: (( ما لم يؤت )) وبينهما فرق ، لو قال: ما لم يؤتي صار بنو إسرائيل أو صار قوم موسى أكبر الناس إلى يوم القيمة ولم يعط أحد مثلهم ، لكن إذا قال ما لم يؤت يعني في الماضي وهو كذلك لأن الله تعالى آتى هذه الأمة ـ والحمد لله ـ ما لم يؤت بني إسرائيل ولا غيره . ثم قال: (( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم )) نستمر أو في أسئلة ؟ نستمر طيب . (( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة )) الظاهر نأخذ الفوائد ؟ طيب الفوائد .
3 - قال الله تعالى : << وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا و ءاتاكم مالم يأت أحدا من العالمين >> أستمع حفظ
الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة .
في هذه الآية الكريمة: أنه ينبغي للداعية أن يذكر من يوجه إليهم الخطاب بنعم الله عليهم ، لأن تذكيرهم النعم يوجب لهم محبة الله ، ولهذا جاءت الأثر: ( أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم ) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه كلما أنعم الله على عبده نعمة وجب عليه من السمع والطاعة ما لم يجب على غيره . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الإشارة إلى أن الأنبياء أو إلى أن وجود الأنبياء بين الناس من أكبر النعم ، لأن الله قدم ذلك على الملك فقال: (( جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا )) ولاشك أن حاجة الناس إلى ذلك أعظم من حاجتهم إلى الملك وإن كانوا يحتاجون إلى هذا وإلى هذا .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تقديم مقام العلماء على الأمراء ، وجهه ؟ (( إذ جعل فيكم أنبياء )) والعلماء ورثة الأنبياء (( وجعلكم ملوكا )) والأمراء من هذا القسم ، إما من الملوك أو من وراثتهم أو نوابهم أو ما أشبه ذلك . ومن فوائد الآية الكريمة: أن من رزقه الله علما فقد أنعم الله عليه نعمة عظيمة تحتاج إلى التدبر وهو كذلك ، لأن نبي الله موسى صلوات الله وسلامه عليه ذكرهم بهذه النعمة ، وأنت بنفسك الآن تعرفها بنفسك ، لو قدرت نفسك جاهلا لا تدري كيف تتوضأ ولا كيف تصلي ولا ما الواجب في الوضوء ولا ما الواجب في الصلاة ولا ما مبطلات الوضوء ولا ما مبطلات الصلاة لكنت أعمى ، فإذا من الله عليك من الأشياء فهي نعمة عظيمة لا يقابلها نعمة لاسيما وأن هذه الأمة ـ والحمد لله ـ تشعر بأنها وارثة لأفضل الأنبياء محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، العلماء من هذه الأمة يشعرون بهذا أنهم وارثون لمحمد صلوات الله وسلامه عليه . ومن فوائد هذه الآية الكريمة نذكرها هل توافقون أم لا: أن فك الحجر عن المحجور عليه من نعمة الله ، ممكن ؟ على المعنى الثاني ، أن فك الحجر عن الإنسان من نعم الله عليه لأنه يأخذ شيء من الحرية وأنتم تعرفون الحجر فيما سبق في الفقه . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه ينبغي للإنسان أن يذكر تذكيرا خاصا بما أنعم الله به على الشخص نعمة خاصة ، وذلك لقوله: (( آتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين )). لو قال قائل: هذا يؤدي إلى أن يعجب المخاطب بنفسه ويقول أنا من أنا ؟ قلنا إذا خيف هذا الشيء منع ، ولكل مقام مقال ، أما إذا كان ذكرها للشيء يستلزم أن يقوم بأمر الله فليذكر ولا يكتم ، ولذلك كان الناس يتوسلون إلى آدم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى بأيش؟ بما خصهم الله به من المناقب والكرامات .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تقديم مقام العلماء على الأمراء ، وجهه ؟ (( إذ جعل فيكم أنبياء )) والعلماء ورثة الأنبياء (( وجعلكم ملوكا )) والأمراء من هذا القسم ، إما من الملوك أو من وراثتهم أو نوابهم أو ما أشبه ذلك . ومن فوائد الآية الكريمة: أن من رزقه الله علما فقد أنعم الله عليه نعمة عظيمة تحتاج إلى التدبر وهو كذلك ، لأن نبي الله موسى صلوات الله وسلامه عليه ذكرهم بهذه النعمة ، وأنت بنفسك الآن تعرفها بنفسك ، لو قدرت نفسك جاهلا لا تدري كيف تتوضأ ولا كيف تصلي ولا ما الواجب في الوضوء ولا ما الواجب في الصلاة ولا ما مبطلات الوضوء ولا ما مبطلات الصلاة لكنت أعمى ، فإذا من الله عليك من الأشياء فهي نعمة عظيمة لا يقابلها نعمة لاسيما وأن هذه الأمة ـ والحمد لله ـ تشعر بأنها وارثة لأفضل الأنبياء محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، العلماء من هذه الأمة يشعرون بهذا أنهم وارثون لمحمد صلوات الله وسلامه عليه . ومن فوائد هذه الآية الكريمة نذكرها هل توافقون أم لا: أن فك الحجر عن المحجور عليه من نعمة الله ، ممكن ؟ على المعنى الثاني ، أن فك الحجر عن الإنسان من نعم الله عليه لأنه يأخذ شيء من الحرية وأنتم تعرفون الحجر فيما سبق في الفقه . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه ينبغي للإنسان أن يذكر تذكيرا خاصا بما أنعم الله به على الشخص نعمة خاصة ، وذلك لقوله: (( آتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين )). لو قال قائل: هذا يؤدي إلى أن يعجب المخاطب بنفسه ويقول أنا من أنا ؟ قلنا إذا خيف هذا الشيء منع ، ولكل مقام مقال ، أما إذا كان ذكرها للشيء يستلزم أن يقوم بأمر الله فليذكر ولا يكتم ، ولذلك كان الناس يتوسلون إلى آدم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى بأيش؟ بما خصهم الله به من المناقب والكرامات .
هل الترغيب في الوعظ مقدم على الترهيب ؟غير واضح
السائل : هل الترغيب في الوعظ مقدم على الترهيب ؟
الشيخ : لكل مقام مقال ، قد يكون الحكمة أن لا تنفر الناس بذكر التخويف والوعيد وقد يكون بالعكس ، فمثلا إذا كنت تخاطب شخصا معين منغمسا في الآثام ، فهنا ربما يكون جانب التخويف أفضل ، لكن مع التخويف تقول يا أخي باب التوبة مفتوح ، واذكر قول الله: (( والذين يدعون مع الله إلها آخر )) حيث ذكر أمهات العظائم ومع ذلك قال: (( إلا من تاب )) لكل مقام مقال ما يمكن أن تذكر شيء معين .
الشيخ : لكل مقام مقال ، قد يكون الحكمة أن لا تنفر الناس بذكر التخويف والوعيد وقد يكون بالعكس ، فمثلا إذا كنت تخاطب شخصا معين منغمسا في الآثام ، فهنا ربما يكون جانب التخويف أفضل ، لكن مع التخويف تقول يا أخي باب التوبة مفتوح ، واذكر قول الله: (( والذين يدعون مع الله إلها آخر )) حيث ذكر أمهات العظائم ومع ذلك قال: (( إلا من تاب )) لكل مقام مقال ما يمكن أن تذكر شيء معين .
ما هي مقاصد الناس في رد الحق ؟غير واضح
السائل : ما هي مقاصد الناس في رد الحق ؟
الشيخ : أي نعم ، رد الحق قد يكون استكبار وقد يكون من شبهة ، بالإنسان، ونحن نعلم أن علماء بني إسرائيل ردوا الحق استكبارا لأن الله يقول: (( أولم يكن لهم آية أن يعلمهم علماء بني إسرائيل )) لكن عوام بني إسرائيل لهم شبهة ، منها أن علماءهم يقولون إن محمدا عربي والله يقول: (( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم )) ثم لا يذكرون لهم قوله: (( وآخرين منهم لم يلحقوا بهم )) يشككون .
الشيخ : أي نعم ، رد الحق قد يكون استكبار وقد يكون من شبهة ، بالإنسان، ونحن نعلم أن علماء بني إسرائيل ردوا الحق استكبارا لأن الله يقول: (( أولم يكن لهم آية أن يعلمهم علماء بني إسرائيل )) لكن عوام بني إسرائيل لهم شبهة ، منها أن علماءهم يقولون إن محمدا عربي والله يقول: (( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم )) ثم لا يذكرون لهم قوله: (( وآخرين منهم لم يلحقوا بهم )) يشككون .
قراءة الطالب .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين )) .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى: (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين )) لم نذكر فوائد هذه الآية ؟ فسرناها إذا ما تم تفسيرها ؟ كيف يا أخي ؟ فوائد ؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى: (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين )) لم نذكر فوائد هذه الآية ؟ فسرناها إذا ما تم تفسيرها ؟ كيف يا أخي ؟ فوائد ؟
تفسير قول الله تعالى : << ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا تردوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين >>
قال الله تعالى: (( يا قوم )) عن موسى عليه الصلاة والسلام ، (( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة )) والنداء هنا يا قوم يتضمن شيئين ، شيء الأول أنه أن فيه شيئا من استدلالهم وأنهم لن يتفطنوا ولم يستمعوا إلى الخطاب إلا إذا ورد بالنداء وبلفظ القومية ، والثاني أيضا أنه قال يا قوم استعطافا لهم لأنه فرق بين أن يكون المخاطب من قوم أو من غير قوم . (( ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم )) كلمة (( ادخلوا الأرض )) لم يقل: قالوا حتى تدخلوا ، قال: (( ادخلوا الأرض )) ثم قوله: (( التي كتب الله لكم )) أيضا فيها بشارة بأنهم سوف يغلبون ، ففي هاتين الجملتين بشارتان ، الأولى: ادخلوا الأرض ، والثانية: التي كتب الله لكم ، والكتابة هنا هي الكتابة القدرية ، لأن الكتابة تتنوع إلى نوعين: كتابة شرعية مثل قوله تعالى: (( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) والكتابة قدرية مثل قوله تعالى: (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحين )) . وقوله: (( كتب الله لكم )) قلت إن الكتابة هنا كتابة قدرية لا شرعية، لو كانت شرعية لتعدت إعادة كتب عليهم ولا يستقيم المعنى . (( ولا ترتدوا على أدباركم )) أي لا ترجعوا بعد أن كنتم مدبرين على القتال على أدبارهم، لأن النقوص على الدبر والرجوع هزيمة وذل ولهذا نهي نهيا شديدا عن التولي يوم الزحف . (( فتنقلبوا خاسرين )) لا ترتدوا فتنقلبوا ، والانقلاب يشعر بخيبة الأمل ، ولهذا قال: (( فتنقلبوا خاسرين )) وخاسرين حال من واو في قوله: تنقلبوا ، فماذا كان الجواب ؟ كان الجواب كما تسمعون الآن .
8 - تفسير قول الله تعالى : << ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا تردوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين >> أستمع حفظ
تفسيرقول الله تعالى : << قالوا يا موسى إن فيها قوم جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرج منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون >>
(( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين )) انظر الخطاب يا موسى ولم يقولوا يا نبي الله ولا يا رسول الله، قالوا يا موسى ، وهذا لاشك أنه جفاء في مخاطبة أن يخاطبوا نبيهم باسمه ، ولهذا نهى الله هذه الأمة أن يخاطبوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم باسمه في قوله: (( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا )) على أحد التفسيرين لقوله: (( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا )) لأن بعض العلماء يقول المعنى لا تدعوه باسمه كما يدعوا بعضكم بعضا ، وإن كانت الآية تشمل هذا المعنى وتشمل المعنى الثاني وهو أنه إذا دعاكم لا تجعلوا دعاءه كدعاء بعضكم بعضا إن شئتم أجبتم وإن شئتم لم تجيبوا بل يجب عليكم أن تجيبوا، قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )) ، هنا قالوا: (( يا موسى إن فيها قوما جبارين )) فذكروا العلة تدل على جبنهم وخورهم وضعف عزيمتهم بل عدم عزيمتهم . (( إن فيها قوما جبارين )) والجبار هو العاتي الكبير الجسم الطويل مأخوذ في اللغة العربية نخلة جبارة والنخلة الجبارة هي النخلة القوية العالية ، وإلى الآن هذا المعنى موجود يقال فلان عنده بستان جبار نخله يعني قويا عاليا لا يتناول الإنسان ثمره بيده ، إذا (( جبارين )) عتاة الأخلاق أقوياء الأجساد، هذا المعنى يعني يدور على هذا المعنى: عتاة الأخلاق ، والثاني ؟ أقوياء الأجساد ، لا نستطيع أن نقاتلهم . (( وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها )) سبحان الله هذا قول الصبيان ، لن ندخلها حتى يخرجوا منها من يقاتلون إذا لم يكن فيها أحد ؟ لا شيء ، وهذا مما يدل على سفاهة بني إسرائيل ، لن يدخلها حتى يخرجوا منها وأيضا أكدوا هذا المعنى بقولهم: (( فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) وتأمل قولهم هذا: (( إن يخرجوا )) لم يقولوا: فإذا خرجوا ، كأنهم يستب ... خروجهم لأن إن الشرطية تتميز عن إذا بأن إن يكون فعل الشرط فيها حاصلا وغير حاصل بل قد يكون من الأشياء المستحيلة ، لكن إذا تدل على وقوع الشرط لكن الموقت الشرط ، انتبه ! أنت إذا قلت: إن قام زيد قمت ، تجد الفرق بينها وبين قولك: إذا قام زيد قمت، أليس كذلك ؟ إذا قام يعني معناها لا أقوم إلا إذا قام ، فهو شرط للتوقيت توقيت القيام ، لكن إن قام زيد قمت شرط لحصول القيام وقد يحصل وقد لا يحصل وقد يكون من المستحيل أن يحصل كما في قول الله تعالى: (( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين )) هذا في حق الله ، في حق الرسول: (( لئن أشركت ليحبطن عملك )) وكلا الأمرين ممتنعان غاية الامتناع ، لا الأول وهو أن يكون للرحمن ولد ، ولا الثاني وهو أن يشرك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الداعي إلى الإخلاص والتوحيد . إذا هم يقولون: (( فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) يعني كأنهم مستبعدين غاية الاستبعاد أن يخرجوا منها ، ولذلك ابتلوا بالتيه كما سيأتي إن شاء الله وهو الضياع وعدم الاهتداء إلى هذا المكان . وتأمل أيضا قولهم: (( فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) يعني يؤكد دخولهم إذا خرج هؤلاء، وإذا خرج هؤلاء هل يحتاج إلى أن يؤكدوا الدخول ؟ ما يحتاج ، لكن ـ سبحان الله ـ إذا تأمل حال هذه الأمة الغضبية وجد أنهم في غاية السفاهة في العقول كما أنهم في غاية الضلال في الدين ، ومن رأى مزيد بيان في هذا الأمر فليرجع إلى كتاب ابن القيم رحمه الله في " إغاثة اللهفان " فإنه تكلم رحمه الله عن خصائص الملل لما لا مزيد عليه .
9 - تفسيرقول الله تعالى : << قالوا يا موسى إن فيها قوم جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرج منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون >> أستمع حفظ
تفسيرقول الله تعالى : << قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون و على الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين >>
(( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب )) ، أولا نسأل عن تركيب هذه الآية الكريمة ، (( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهم ))
الشيخ : رجلان معروف أنها نكرة ، أو معرفة ؟
الطالب : نكرة
الشيخ : تأمل ؟ (( قال رجلان )) ؟
الطالب : نكرة ،
الشيخ : بالإجماع ؟ ما فيه مخالفة ؟ نعم رجلان نكرة . (( من الذين يخافون )) يجب أن تكون ما صفة لرجلان ، يجب أن تكون صفة لرجلان .
الشيخ : رجلان معروف أنها نكرة ، أو معرفة ؟
الطالب : نكرة
الشيخ : تأمل ؟ (( قال رجلان )) ؟
الطالب : نكرة ،
الشيخ : بالإجماع ؟ ما فيه مخالفة ؟ نعم رجلان نكرة . (( من الذين يخافون )) يجب أن تكون ما صفة لرجلان ، يجب أن تكون صفة لرجلان .
اضيفت في - 2007-08-13