تفسير سورة المائدة-10a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تفسيرقول الله تعالى : << قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون و على الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين >>
تجد الفرق بينها وبين قولك: إذا قام زيد قمت ، أليس كذلك ؟ إذا قام يعني معناها لا أقوم إلا إذا قام ، فهو شرط للتوقيت توقيت القيام ، لكن إن قام زيد قمت شرط لحصول القيام وقد يحصل وقد لا يحصل وقد يكون من المستحيل أن يحصل كما في قول الله تعالى: (( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين )) هذا في حق الله ، في حق الرسول: (( لئن أشركت ليحبطن عملك )) وكلا الأمرين ممتنعان غاية الامتناع، لا الأول وهو أن يكون للرحمن ولد ، ولا الثاني وهو أن يشرك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الداعي إلى الإخلاص والتوحيد . إذا هم يقولون: (( فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) يعني كأنهم مستبعدين غاية الاستبعاد أن يخرجوا منها ، ولذلك ابتلوا بالتيه كما سيأتي إن شاء الله وهو الضياع وعدم الاهتداء إلى هذا المكان . وتأمل أيضا قولهم: (( فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) يعني يؤكدون دخولهم إذا خرج هؤلاء ، وإذا خرج هؤلاء هل يحتاج إلى أن يؤكدوا الدخول ؟ ما يحتاج ، لكن ـ سبحان الله ـ إذا تأمل حال هذه الأمة الغضبية وجد أنهم في غاية السفاهة في العقول كما أنهم في غاية الضلال في الدين ، ومن رأى مزيد بيان في هذا الأمر فليرجع إلى كتاب ابن القيم رحمه الله " إغاثة اللهفان " فإنه تكلم رحمه الله عن خصائص الملل لما لا مزيد عليه .
(( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب )) ، أولا نسأل عن تركيب هذه الآية الكريمة . (( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهم ))
الشيخ : رجلان معروف أنها نكرة ، أو معرفة ؟
الطالب : نكرة ،
الشيخ : تأمل (( قال رجلان )) ؟
الطالب : نكرة ،
الشيخ : بالإجماع ؟ ما فيه مخالف ؟ نعم رجلان نكرة . (( من الذين يخافون )) يجب أن تكون ما صفة لرجلان ، يجب أن تكون صفة لرجلان ، لأن النكرة ما يأتي بعدها من جملة و شبهها يكون صفة لها ، و(( يخافون )) هذه صلة الموصول ، (( من الذين يخافون )) صلة الموصول .
الشيخ : (( أنعم الله عليهما )) هل (( أنعم )) هنا مفعول (( يخافون )) ؟ أو منصوبة بفعل محذوف ؟ أو ماذا ؟ أنا أسأل عن (( أنعم )) ما أسأل عن إعرابها ، أقول هل هي مفعول (( يخافون )) أم لا ؟
الطالب : فعل ،
الشيخ : نعم (( أنعم )) هذه فعل ليست مفعولا ، مفعول (( يخافون )) محذوف نقدر ـ إن شاء الله ـ بعد ، (( أنعم )) هذه فعل ، (( من الذين يخافون أنعم الله عليهما )) (( أنعم )) فعل جملة الفعلية محلها من الإعراب صفة لرجلان ، ويجوز أن تكون حالا منها ، لأنها نكرة خصصت والنكرة إذا خصصت جاز وقوع الحال منها ، عرفتم ؟ لكن قد يقول قائل: أليس الأنسب تركيبا أن يقال: قال رجلان أنعم الله عليهما من الذين يخافون ؟ الجواب: لا ، لأن (( أنعم الله عليهما )) إن قدر أنها حال فالوصف التابع أولى بالموالاة ، إن قدر أنها حال فالوصف التابع لموصوفه إعرابا أولى بالموالاة ، لأن الحال تابعة لموصوفها معنى مفارقة له إعرابا بخلاف الصفة التي هي النعت ، فنقول: هذه إن جعلناها حالا فإنها تكون متأخرة عن الوصف المباشر ، ثانيا: أن (( من الذين يخافون )) شبه جملة فهي في حكم المفرد ، (( أنعم )) جملة ، والنعت بالمفرد أولى بالموالاة من نعت للجملة ، لأنه إما النعت أن يكون مفرد أو شبه جملة أو جملة ، فلهذا كانت الفصاحة تقتضي تقديم (( من الذين يخافون )) . (( قال رجلان )) إن الله سبحانه وتعالى لم يبين من هذان الرجلان ، وليس لنا في معرفة عينهما ضرورة ، ليس لنا ضرورة ، المهم ماذا قالا ، أما أن نعرف من هما فلو كان هذا من الأمر الذي تنبني عليه العقيدة لكان الله بينه إما في القرآن أو على لسان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . وقوله: (( إن الذين يخافون )) يخافون من ؟ يخافون الله ، ولهذا نقول إن مفعول (( يخافون )) محذوف تقديره: الله . وقوله: (( أنعم الله عليهما )) بماذا أنعم ؟ أنعم الله عليهما بأمور ، أول: خوف الله عزوجل فإن خوف الله من أكبر النعم ، لأن خوف الله يستلزم اجتناب محارم الله والقيام بطاعته . ثانيا: أنعم الله عليهما بالقوة ، بقوة النفس لأنهما الآن يقابلان من ؟ يقابلان أمة ، قوم موسى كلهم قالوا له: لن ندخلها ، هذان الرجلان قابل الأمة كلها مما يدل على الشجاعة والعزيمة الصادقة ، وهذه لاشك أنها نعمة إذا وفق الله العبد قوة وشجاعة وعدم مبالاة بالكثرة ، لأن الكثرة ليس شيء مع الحق . أنعم الله عليهما أيضا بحصافة الرأي ، حصافة الرأي ، لأن كل من قرأ البشائر التي ذكر موسى عليه الصلاة والسلام لاشك أنه سوف يقدم ادخلوا الأرض المقدسة، والثاني: التي كتب الله لكم ، نعم إذا أنعم الله عليهما من هذه الوجوه الثلاثة وقد يكون أكثر من هذا . يقول: (( ادخلوا عليهم الباب )) أولا (( ادخلوا الأرض المقدسة )) ما معنى المقدسة ؟ قال العلماء معناها المطهرة ، المطهرة من الشرك ، لأن هذه الأرض كانت أرض الأنبياء ، ثم ما هي الأرض ما المراد بها ؟ قال العلماء هي أرض الشام ، أرض الشام التي تشمل ما يسمى في العصر الحاضر سوريا وفلسطين وجميع المنطقة الأردن وغيرها ، أرض الشام كلها ، هذه الأرض المقدسة لأنها كانت أرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
(( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب )) ، أولا نسأل عن تركيب هذه الآية الكريمة . (( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهم ))
الشيخ : رجلان معروف أنها نكرة ، أو معرفة ؟
الطالب : نكرة ،
الشيخ : تأمل (( قال رجلان )) ؟
الطالب : نكرة ،
الشيخ : بالإجماع ؟ ما فيه مخالف ؟ نعم رجلان نكرة . (( من الذين يخافون )) يجب أن تكون ما صفة لرجلان ، يجب أن تكون صفة لرجلان ، لأن النكرة ما يأتي بعدها من جملة و شبهها يكون صفة لها ، و(( يخافون )) هذه صلة الموصول ، (( من الذين يخافون )) صلة الموصول .
الشيخ : (( أنعم الله عليهما )) هل (( أنعم )) هنا مفعول (( يخافون )) ؟ أو منصوبة بفعل محذوف ؟ أو ماذا ؟ أنا أسأل عن (( أنعم )) ما أسأل عن إعرابها ، أقول هل هي مفعول (( يخافون )) أم لا ؟
الطالب : فعل ،
الشيخ : نعم (( أنعم )) هذه فعل ليست مفعولا ، مفعول (( يخافون )) محذوف نقدر ـ إن شاء الله ـ بعد ، (( أنعم )) هذه فعل ، (( من الذين يخافون أنعم الله عليهما )) (( أنعم )) فعل جملة الفعلية محلها من الإعراب صفة لرجلان ، ويجوز أن تكون حالا منها ، لأنها نكرة خصصت والنكرة إذا خصصت جاز وقوع الحال منها ، عرفتم ؟ لكن قد يقول قائل: أليس الأنسب تركيبا أن يقال: قال رجلان أنعم الله عليهما من الذين يخافون ؟ الجواب: لا ، لأن (( أنعم الله عليهما )) إن قدر أنها حال فالوصف التابع أولى بالموالاة ، إن قدر أنها حال فالوصف التابع لموصوفه إعرابا أولى بالموالاة ، لأن الحال تابعة لموصوفها معنى مفارقة له إعرابا بخلاف الصفة التي هي النعت ، فنقول: هذه إن جعلناها حالا فإنها تكون متأخرة عن الوصف المباشر ، ثانيا: أن (( من الذين يخافون )) شبه جملة فهي في حكم المفرد ، (( أنعم )) جملة ، والنعت بالمفرد أولى بالموالاة من نعت للجملة ، لأنه إما النعت أن يكون مفرد أو شبه جملة أو جملة ، فلهذا كانت الفصاحة تقتضي تقديم (( من الذين يخافون )) . (( قال رجلان )) إن الله سبحانه وتعالى لم يبين من هذان الرجلان ، وليس لنا في معرفة عينهما ضرورة ، ليس لنا ضرورة ، المهم ماذا قالا ، أما أن نعرف من هما فلو كان هذا من الأمر الذي تنبني عليه العقيدة لكان الله بينه إما في القرآن أو على لسان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . وقوله: (( إن الذين يخافون )) يخافون من ؟ يخافون الله ، ولهذا نقول إن مفعول (( يخافون )) محذوف تقديره: الله . وقوله: (( أنعم الله عليهما )) بماذا أنعم ؟ أنعم الله عليهما بأمور ، أول: خوف الله عزوجل فإن خوف الله من أكبر النعم ، لأن خوف الله يستلزم اجتناب محارم الله والقيام بطاعته . ثانيا: أنعم الله عليهما بالقوة ، بقوة النفس لأنهما الآن يقابلان من ؟ يقابلان أمة ، قوم موسى كلهم قالوا له: لن ندخلها ، هذان الرجلان قابل الأمة كلها مما يدل على الشجاعة والعزيمة الصادقة ، وهذه لاشك أنها نعمة إذا وفق الله العبد قوة وشجاعة وعدم مبالاة بالكثرة ، لأن الكثرة ليس شيء مع الحق . أنعم الله عليهما أيضا بحصافة الرأي ، حصافة الرأي ، لأن كل من قرأ البشائر التي ذكر موسى عليه الصلاة والسلام لاشك أنه سوف يقدم ادخلوا الأرض المقدسة، والثاني: التي كتب الله لكم ، نعم إذا أنعم الله عليهما من هذه الوجوه الثلاثة وقد يكون أكثر من هذا . يقول: (( ادخلوا عليهم الباب )) أولا (( ادخلوا الأرض المقدسة )) ما معنى المقدسة ؟ قال العلماء معناها المطهرة ، المطهرة من الشرك ، لأن هذه الأرض كانت أرض الأنبياء ، ثم ما هي الأرض ما المراد بها ؟ قال العلماء هي أرض الشام ، أرض الشام التي تشمل ما يسمى في العصر الحاضر سوريا وفلسطين وجميع المنطقة الأردن وغيرها ، أرض الشام كلها ، هذه الأرض المقدسة لأنها كانت أرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
1 - تفسيرقول الله تعالى : << قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون و على الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين >> أستمع حفظ
هل صحيح أن جسد فرعون باق إلى الآن ؟
السائل : هل صحيح أن جسد فرعون باق إلى الآن ؟
الشيخ : أنت تعلم أنها مدة طويلة وتعلم أنها مدة طويلة وأن الناس يخلقون من لا شيء شيئا ، ألم تعلم أن رأس الحسين في النجف وفي سوريا وفي مصر ؟ صاحب ثلاثة رؤوس ـ تعالى الله ـ، رجل في حياته ليس له إلا رأس ولما مات صارت له ثلاثة رؤوس ، ما نصدق بهذه الأشياء ، والظاهر لنا أن فرعون لما طفى على ظهر الماء ورآه بنو إسرائيل انتهى الأمر، وأكلته الحيتان أو أشبه هذا ، أما أن نقول أن الذي يوجد الآن في الأهرام هو فرعون فهذا لا نصدق ولا نكذب .
الشيخ : نحن ما يهمنا الجسم ، نحن نصدق كلام الله سواء رأينا الجسم أم لم نراه ، آيتنا نحن كلام الله عزوجل ، لكن آية على أنك هلكت فلإسرائيل الذين كانت مرعبة .
الشيخ : أنت تعلم أنها مدة طويلة وتعلم أنها مدة طويلة وأن الناس يخلقون من لا شيء شيئا ، ألم تعلم أن رأس الحسين في النجف وفي سوريا وفي مصر ؟ صاحب ثلاثة رؤوس ـ تعالى الله ـ، رجل في حياته ليس له إلا رأس ولما مات صارت له ثلاثة رؤوس ، ما نصدق بهذه الأشياء ، والظاهر لنا أن فرعون لما طفى على ظهر الماء ورآه بنو إسرائيل انتهى الأمر، وأكلته الحيتان أو أشبه هذا ، أما أن نقول أن الذي يوجد الآن في الأهرام هو فرعون فهذا لا نصدق ولا نكذب .
الشيخ : نحن ما يهمنا الجسم ، نحن نصدق كلام الله سواء رأينا الجسم أم لم نراه ، آيتنا نحن كلام الله عزوجل ، لكن آية على أنك هلكت فلإسرائيل الذين كانت مرعبة .
يقول اليهود اليوم أن أرض الشام اليوم هي أرضهم وذلك أن أجدادهم كانوا فيها كما دلت عليها آيات المائدة ؟
السائل : يقول اليهود اليوم إن أرض الشام اليوم هي أرضهم وذلك أن أجدادهم كانوا فيها كما دلت عليها آيات المائدة فما الرد عليهم ؟
الشيخ : نرد على هذه الشبهة بأنها هي نعم هي مكتوبة لهم في زمنهم لأنهم عباد الله عباد الله الصالحون كما قال الله تعالى: (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )) أما بعد أن كفروا وصار الإيمان بأمة بمحمد فهي مكتوبة لمن ؟ لأمة محمد ، كلام الله يصدق بعضه بعضا (( أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )) وهم بعد أن كفروا بمحمد ليسوا صالحين ، نقول إن موسى يخاطب قوما في عهده آمنوا به وصدقوا رسالته ، ولذلك لما تخلف الصلاح وأقولها بمرارة لما تخلف الصلاح في هذه الأمة صار هذا التسليط من اليهود على هذا الجزء من الأرض .
الشيخ : نرد على هذه الشبهة بأنها هي نعم هي مكتوبة لهم في زمنهم لأنهم عباد الله عباد الله الصالحون كما قال الله تعالى: (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )) أما بعد أن كفروا وصار الإيمان بأمة بمحمد فهي مكتوبة لمن ؟ لأمة محمد ، كلام الله يصدق بعضه بعضا (( أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )) وهم بعد أن كفروا بمحمد ليسوا صالحين ، نقول إن موسى يخاطب قوما في عهده آمنوا به وصدقوا رسالته ، ولذلك لما تخلف الصلاح وأقولها بمرارة لما تخلف الصلاح في هذه الأمة صار هذا التسليط من اليهود على هذا الجزء من الأرض .
3 - يقول اليهود اليوم أن أرض الشام اليوم هي أرضهم وذلك أن أجدادهم كانوا فيها كما دلت عليها آيات المائدة ؟ أستمع حفظ
سؤال عن تصحيح النية في الجهاد في سبيل الله تعالى ؟
السائل : وقع البعض في تحجيم قضية الصراع مع اليهود على أنها صراع على الأرض وليس صراعا عقديا فماذا نقول ؟
الشيخ : نعم هذا من فوات الصلاح ، لأن الواجب علينا أن نقاتل اليهود ومن غير اليهود ممن كفروا بالله لا على أساسها ولكن على أساس العقيدة ولهذا صاروا هم أقوى ، فيجب تعديل النية وإصلاح العمل قبل كل شيء ، إذا عدلت النية وأصلح العمل حصل خيرا كثيرا .
الشيخ : نعم هذا من فوات الصلاح ، لأن الواجب علينا أن نقاتل اليهود ومن غير اليهود ممن كفروا بالله لا على أساسها ولكن على أساس العقيدة ولهذا صاروا هم أقوى ، فيجب تعديل النية وإصلاح العمل قبل كل شيء ، إذا عدلت النية وأصلح العمل حصل خيرا كثيرا .
قراءة الطالب .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( وإذ واعدنا أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون وذللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) .
تفسير قوله تعالى : << و إذ قال موسى لقومه ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم >> من سورة البقرة
قال الله تبارك وتعالى: (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل )) يعني اذكر ، أو اذكروا يا بني إسرائيل (( إذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم )) . قوله: (( إنكم ظلمتم أنفسكم )) الأصل في الظلم أنه النقص، ومنه قوله تعالى: (( تلك الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا )) أي لم تنقص منه شيئا ، وأطلق على العدوان والتقصير ، العدوان في اقتحام المحارم والتقصير في الواجبات . هنا يقول: (( ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل )) أي باتخاذكم العجل إلها ، ولهذا نقول إن (( العجل )) مفعول الأول والمفعول الثاني محذوف ، التقدير: باتخاذكم العجل إلها ، وسبق أن هذا العجل هو تمثال من الذهب الذي أخذوه من آل فرعون ثم صنعوه تمثالا على صورة العجل الذي له خوار ، قال المفسرون هذا الخوار إنما هو بواسطة الريح ، جعلوا دبره مفتوحا وتتعرج الريح في هذا الجوف ثم تخرج من الفم فيكون له صوت كخوار الثور ، قالوا بعضهم لبعض إن موسى عليه الصلاة والسلام ذهب إلى إلهه يطلبه وأنه تأخر يبحث عنه لأنه كان ذهب على أنه سيغيب ثلاثين يوما لكنه زاده الله عزوجل عشرا فتم ميقات ربه أربعين ليلة ، وهذا حكمة من الله عزوجل وابتلاء وامتحان ، قالوا إن موسى ذهب يطلبه إلهه وهذا هو إلهه، يقولون هذا إلهكم وإله موسى فنسي ، قال الله تعالى: (( أفلا يرون أنه لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا )) هم اتخذوا العجل ظالمين بذلك أنفسهم ، لأن النفس أمانة عندك يجب أن ترعاها حق رعايتها ، ولهذا قال الله تعالى: (( لا تقتلوا أنفسكم )) فجعلنا أمناء على أنفسنا ونهانا أن نقتل النفس وقال: (( لا تظلموا فيهن أنفسكم )) فنهانا أن نظلم أنفسنا مما يدل على أن أنفسنا أمانة عنده وأنه لا يجوز التفريط بهذه الأمانة ، ولهذا قال: (( إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم )) وفي قراءة: (( إلى باريكم )) توبوا أي ارجعوا إلى بارئكم ، فتابوا ، لكن كيف توبتهم ؟ قال: (( فاقتلوا أنفسكم )) اقتلوا أنفسكم هذه طريق توبتهم، قالوا إن الله ألقى إليهم ظلمة وحشروا في مكان وأعطي كل واحد منهم خنجرا وقيل له اقتل من أمامك فقتلوا أنفسهم ، وليس المعنى أنه دعاهم إلى الانتحار أن يقتل كل واحد نفسه، لا ، كل واحد يقتل أخاه ، وتعلمون أن القبيلة الواحدة تعتبر نفسا واحدة ، (( فاقتلوا أنفسكم )) ففعلوا ، قال موسى عليه الصلاة والسلام: (( ذلكم خير لكم عند بارئكم )) (( ذلكم )) المشار إليه التوبة بهذه الطريقة (( خير لكم عند بارئكم)) أي عند خالقكم وهو الله عزوجل ، (( فتاب عليكم )) يعني لما تبتم فتاب عليكم مع أن ذنبهم عظيم ، لكن الله تعالى يتوب على من تاب (( فتاب عليكم )) أي رفع عنكم الإثم والعقوبة (( إنه هو التواب الرحيم )) الجملة هنا تعليل للحكم السابق لها وهو قوله: (( تاب عليكم )) والتواب جمع تائب ، التواب جمع تائب ، وتوبة الله على العبد تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول توفيقه للتوبة ، والقسم الثاني قبوله للتوبة ، أما الأول وهو توفيقه للتوبة فهو قوله تبارك وتعالى: (( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا )) أي وفقهم للتوبة ليتوبوا . وأما الثاني وهو قبول التوبة ففيه قوله تعالى: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) فتوبة الله سبحانه وتعالى نوعان كما سمعتم . (( الرحيم )) أي ذو الرحمة ، ورحمة الله سبحانه تعالى واسعة تشمل المؤمن والكافر ، وهذه الرحمة العامة ، أما الرحمة الخاصة فهي للمؤمنين كما قال تعالى: (( وكان بالمؤمنين رحيما )) وقد جاءت الرحيم بهذه الصيغة وبصيغة الرحمان الدال على السعة والعظمة وبصورة الفعل كما قال تعالى: (( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء )) .
القسم الأول توفيقه للتوبة ، والقسم الثاني قبوله للتوبة ، أما الأول وهو توفيقه للتوبة فهو قوله تبارك وتعالى: (( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا )) أي وفقهم للتوبة ليتوبوا . وأما الثاني وهو قبول التوبة ففيه قوله تعالى: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) فتوبة الله سبحانه وتعالى نوعان كما سمعتم . (( الرحيم )) أي ذو الرحمة ، ورحمة الله سبحانه تعالى واسعة تشمل المؤمن والكافر ، وهذه الرحمة العامة ، أما الرحمة الخاصة فهي للمؤمنين كما قال تعالى: (( وكان بالمؤمنين رحيما )) وقد جاءت الرحيم بهذه الصيغة وبصيغة الرحمان الدال على السعة والعظمة وبصورة الفعل كما قال تعالى: (( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء )) .
6 - تفسير قوله تعالى : << و إذ قال موسى لقومه ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم >> من سورة البقرة أستمع حفظ
الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة .
في هذه الآية فوائد ، منها: بيان نصيحة موسى عليه الصلاة والسلام لقومه، حيث بين لهم الذنب وحثهم على أن يتوبوا منه ، فقال: (( إنكم ظلمتم أنفسكم )) وقال: (( فتوبوا إلى بارئكم )) . ومنها: أن معصية الإنسان ظلم لنفسه ، معصية الإنسان ظلم لنفسه ، وعلى هذا فيكون في ذلك إبطال لقول المعتزلة القدرية ، لأنهم إذا قالوا إن الإنسان مستقل بعمله نقول إذا الإنسان يكون ظالما لنفسه حيث يعمل المعاصي . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يجب على الإنسان أن يعامل نفسه بالعدل كما يعامل غيره بالعدل ، لقوله: (( ظلمتم أنفسكم )) فكما أننا منهيون عن ظلم الناس فنحن منهيون عن ظلم أنفسنا. وهل يمكن أن نستدل بها على أنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بشيء من أعضاءه لغيره ؟ نعم يمكن ، لأنه إذا تبرع بشيء من أعضائه فهو ظالم لنفسه ، إن كان بعد موته فهذا انتهاك لحرمته بعد الموت وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( كسر عظم الميت ككسره حيا ) وإن كان في حياته فهو ظلم لنفسه بفقد هذا العضو الذي تبرع به ، ولنقل إنها إحدى الكليتين ، في هذا ظلم لنفسه بلاشك ، لأن الله لم يخلقهما عبثا بل هما متعاونتان على تصفية الغذاء الذي يتخلى العروق والبدن ، فإذا فقدت إحداهما صار العمل على واحدة منهما وما أقرب أن تكل وتمل وتعتب ، لا يقال إنها تقوم مقام ثنتين ، لا يقال إن الواحد تقوم مقام اثنتين كما أن العين تقوم مقام العينين ، لأن هناك فرقا بين عملية الكلا وعملية العينين ، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: لو أن شخصا جنا على عين أعور فتلف فعليه دية كاملة لأنه أذهب بذهابها البصر بخلاف الكلية . فيمكن أن نأخذ من هذه الآية أنه يحرم على الإنسان أن يتبرع بشيء من أعضائه لأنه سوف يبقى العضو الباقي في تعب شديد ، ثم نقول هب أنه قام بالوظيفة لكن لو طرد عليه المرض معناه ليس هناك ما يقوم مقامه فيهلك ، وأما مسألة إن هذا من باب المساعدة والعطف وما أشبه ذلك ، يعني العطف على المريض فيقال: لكن نفسك أبدأ، ابدأ بنفسك ثم بمن تعول وهنا لا مجال لغيرك . من فوائد الآية الكريمة: وجوب التوبة ، لقوله: (( فتوبوا إلى بارئكم )) . والتوبة هي رجوع الإنسان من معصية الله إلى طاعة الله ، ولها شروط: الشرط الأول: الإخلاص لله عزوجل . والثاني: الندم على ما وقع من الذنب . والثالث: الإقلاع عنه في الحال . والرابع: العزم على أن لا يعود . والخامس: أن تكون التوبة في وقت قبول التوبة ، هذه شروط خمسة ، أولا: الإخلاص ودليله قوله تعالى: (( فاعبد الله مخلصا له الدين )) والتوبة من العبادة ، وقوله في الحديث القدسي: ( من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) . الشرط الثاني: الندم على ما حصل وأن يتمنى بكل قلبه أنه لم يقع ، لأنه إذا لم يندم لم يمكن أن تتحقق التوبة يعني إذا كان عنده سواء أن فعل أم لم يفعل فأين التوبة ؟ فلابد من الندم . قد يقول القائل: الندم انفعال نفسي كيف يصطنع الإنسان الانفعال ؟ نقول: يصطنع بأن يحزن ويتمنى أنه لم يفعل . والثالث: الإقلاع عن الذنب في الحال ، لأنه كيف يتوب الإنسان يعني هذا دليل عقلي كيف يتوب الإنسان من شيء هو متلبس به ؟ هذا امتناعه عقلا ، وامتناعه شرعا قال الله تعالى: (( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) . ومن ذلك أنه إذا كانت المظلمة في حق آدمي فلابد من التخلص من هذا الأمر، إما بإحسانه إليه وإما بالتحلل منه، فمثلا إذا سرق الإنسان مالا من شخص وتاب إلى الله فماذا يصنع ؟ لا تتم توبته حتى يرد المسروق إلى مالكه ، لابد وإلا فهو كاذب ، فإن لم يجد مالكه وأيس من وجوده أو من وجود ورثته فليتصدق به عنه والله تعالى يعلم ذلك . الشرط الرابع: العزم على ألا يعود يعني يعزم بنفسه أنه لن يعود أبدا إلى هذا الذنب، لأنه إذا تاب وهو يحدث نفسه أنه قد يعود إليه فليس بتائب . والشرط هنا العزم على أن لا يعود أو الشرط أن لا يعود ؟ العزم على أن لا يعود ، وبناء على ذلك نقول لو عاد بعد أن عزم أن لا يعود فهل ينتقض التوبة ؟ لا ، التوبة الأولى لن تنتقض، عليه أن يجدد توبة للذنب الجديد . الخامس: أن تكون في وقت تقبل فيه التوبة ، فإن كانت التوبة في وقت لا تقبل فيه التوبة لم تنفعها ، وهذا وقتان ، وقت خاص ووقت عام ، الوقت الخاص هو حضور الأجل فإذا حضر أجل الإنسان لم تنفعه التوبة، لقول الله تعالى: (( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن )) هؤلاء ليس لهم توبة ، وقد بين الله تعالى وقوع ذلك تطبيقا في قصة فرعون (( حتى إذا أدركه الغرض قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) فقيل له: (( آلآن )) ؟ يعني آلآن تتوب (( وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين)). أما الوقت العام فهو خروج الشمس من مغربها ، لأن الشمس ... كما تعلمون من مشرقها إلى مغربها ، إذا أذن الله تعالى بفناء العالم عادت الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن الناس أجمعون ، ولكن حينئذ (( لا ينفع نفسا إيمانها أو لم تكن آمنت من قبل أو كسبت من إيمانها خيرا )) ، وإذا كانت هذه هي الشروط دل ذلك على وجوب مبادرة التوبة لأن الإنسان لا يدري متى يفجؤه الموت ، فبادر بالتوبة إلى الله في حق الله وبادر بالتوبة في حق العباد بأداء الحقوق إلى أهلها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( مطل الغني ظلم ) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن التوبة مقبولة حتى من الشرك ، لقوله: (( فتوبوا إلى بارئكم )) وهو كذلك ، يقبل الله التوبة حتى من الشرك . ومن فوائدها: أن الإنسان قد يكون بعد التوبة خير منه قبلها ، وهي أن الإنسان قد يكون بعد التوبة خير منه قبلها ، لقوله: (( ذلكم خير لكم عند بارئكم )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات مقتضيات أسماء الله عزوجل، وهو الذي يسمى في اصطلاح العلماء الحكم أو الأثر المترتب على الاسم ، لقوله: (( فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم )) إذا فتوبته عليهم من مقتضى اسمه التواب . ومن المعلوم أن أسماء الله الحسنى لا يتم الإيمان بها إلا بثلاثة شروط فيما يتعدى وشرطين فيما لا يتعدى ، الحي من أسماء الله لا يتم الإيمان به إلا إذا آمنت بأن الله هو الحي ، وآمنت بأن له حياة ، وأما إذا كان الاسم متعديا فلابد من إثبات الاسم وإثبات الصفة وإثبات ما يتعدى إليه هذا الاسم وهو الأثر أو الحكم ، الرحم متعدي أو لا ؟ متعدي ، متعدي ، لأنك تقول رحم الله فلانا ، فلابد أن تؤمن الرحيم اسما من أسماء الله وبما دل عليه من الرحمة ، والثالث: وأنه تعالى يرحم بهذه الحرمة من يشاء ، وهذه القواعد معروفة عند أهل العلم خلافا لأهل البدع الذين قالوا إن أسماء الله يجوز أن تتخلف عنها الصفات ، فيقولون إنه سميع بلا سمع وعليم بلا علم ، هل هذا معقول ؟ جميع لغات العالم لا يمكن إلا أن يكون المشتق دالا على أصل اشتقاقه لابد ، لا يمكن أن تصف الأعمى بالبصير ولا الأصم بالسميع ولا الأخرص بالمتكلم ، هذا ممتنع في جميع لغات العالم .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين )) .
أظن قرأنا بعض ما قرأ ؟ نعم ، قال الله تعالى: (( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين )) أخذنا فوائدها ؟ إلى أين ؟ (( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب ... )) في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قد ينعم على بعض القوم ويفتح عليه بما لم يفتح على أحد غيرهم ، ما فسرناها ؟ طيب . .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين )) .
أظن قرأنا بعض ما قرأ ؟ نعم ، قال الله تعالى: (( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين )) أخذنا فوائدها ؟ إلى أين ؟ (( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب ... )) في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قد ينعم على بعض القوم ويفتح عليه بما لم يفتح على أحد غيرهم ، ما فسرناها ؟ طيب . .
تتمة تفسير قوله تعالى : << قال رجلان من الذين ............>> .
(( قال رجلان يخافون )) أبهم الله تعالى الرجلين وذلك لأن تعيين الرجلين باسمهما لا يتوقف عليه فهم القضية وفهم الواقع ، ولهذا تأتي آيات كثيرة وأحاديث كثيرة ليس فيها ليس فيها تعيين الإنسان بعينه لأن المقصود هو فهم القضية . وقوله: (( من الذين يخافون أنعم الله عليهما )) ذكرنا أن مفعول (( يخافون )) محذوف والتقدير: يخافون الله ، وذكرنا أن (( أنعم الله عليهما )) صفة لرجلان ، وتصح أن تكون حالا ، فإن كانت حالا قلنا لا إشكال ، لأن الحال وإن كانت وصفا لصاحبها إلا أنها تخالفه في الإعراب بخلاف النعت فإنه وصف وتابع للإعراب ، ولهذا قدم (( من الذين يخافون )) على قوله: (( أنعم الله عليهم )) وإن جعلت نعتا آخر فقد أخرت عن قوله: (( من الذين يخافون )) لأن النعت بشبه الجملة ألصق بالمنعوت من الجملة ، لأن لدينا ثلاثة أشياء: إما أن ينعت الموصوف لما يطابقه في الإفراد ، وإما أن ينعت بشبه الجملة ، وإما أن ينعت بالجملة ، وأيهما أقرب بشبه الجملة أو الجملة ؟ شبه الجملة . وقوله: (( ادخلوا عليهم الباب )) أي سيروا إليهم ولا تشعروهم بأنكم سائرون ، إيتوهم بغتة (( ادخلوا عليهم الباب )) بدون أن يكون هناك سابق علم ، لأنه ما من قوم قوتلوا في ديارهم إلا ذلوا ، ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربه حين أراد أن يجاهد أهل مكة وفتح مكة سأل الله تعالى أن يعمي الأخبار عنهم حتى يضغطها في دارهم ، أفهمتم ؟ ولهذا قال: (( ادخلوا عليهم الباب )) أي لا تنذروهم ولا تخبروهم أنكم قادمون عليهم ، والباب فيها أل وأل هنا للعهد ، أي العهد ؟ العهد الذهني ، أي باب المدينة . (( فإذا دخلتموه فإنكم غالبون )) يعني إذا دخلتم الباب فإنكم غالبون ولن يغلبوكم ، ستكون الغلبة لكم ، وهذا إرشاد وتوجيه . (( وعلى الله فتوكلوا )) لما أمر هذان رجلان هؤلاء القوم أن يأمنوا الأسباب النافعة أرشدوهم على أن لا يعتمدوا على أنفسهم بل يتوكلون على الله فقال: (( وعلى الله فتوكلوا )) والجار والمجرور في قوله: (( على الله )) متعلق بقوله: (( توكلوا )) والفاء مزيدة لتحسين اللفظ ، ولهذا لو قيل: وعلى الله توكلوا لصح ، ولا يصح هنا أن جعلها عاطفة يعني لو جعلناها عاطفة والواو عاطفة ما استقام الكلام ، لكن قال إنها زيدت لتحسين اللفظ . وقوله: (( فتوكلوا )) ما هو التوكل ؟ التوكل قال العلماء إنه صدق الاعتماد على الله ، أي أن يعتمد الإنسان على ربه اعتمادا صادقا مع الثقة به وحسن الظن وفعل الأسباب ، أربعة أصناف: صدق الاعتماد على الله ، الثاني: مع الثقة به ، الثالث: وحسن الظن ، والرابع: فعل الأسباب ، فإذا اجتمعت هذه الأوصاف الأربعة فهذا هو حقيقة التوكل ، فمن اعتمد على الله لكنه هو في شك فإنه ليس بمتوكل حقيقة ، كذلك أيضا لو أنه اعتمد على الله ولكنه لم يثق تلك الثقة إما بما يعلم من ذنوبه وإما بما يعلم من قصور الأسباب أو لغير ذلك فإنه لم يصدق التوكل . والثالث: حسن الظن ، وحسن الظن في التوكل أن يظن الإنسان بربه تبارك وتعالى أنه حسبه ، لقوله تعالى: (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) وقوله مع فعل الأسباب لأن هذا لابد منه ، إذ أن الله تعالى يقدر الشيء بسببه ، وهذا من تمام حكمته ، فإذا قلت انظر إلى قوله تعالى: (( هو الذي جعل الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه )) فلابد من سعي ، وقال تعالى: (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )) فلابد من فعل الأسباب ولكن بشرط أن تكون الأسباب شرعية، إما منصوصا عليها في الكتاب والسنة وإما معلومة بالتجارب الذي يشهد له القدر . (( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )) هذا شرط في إخلاص التوكل على الله عزوجل ، إذ لا يتوكل على الله تمام التوكل إلا من كان عنده إيمان بما وعد الله به في قوله: (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) ، (( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )) وبعد هذه المشورة وهذا التوجيه الحسن النافع انظر الجواب :
تفسير قول الله تعالى : << قالوا يا موسى إنا لن ندخلهآ أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلآ إنا هاهنا قاعدون >> .
(( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها )) (( إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها )) وهذا النفي نفي لفعلهم الشرعي أو نفي لفعل الله القدري ؟ الأول ، الأول يعني لا يمكن أن ندخلها ما داموا فيها ، وإذا ذهبوا عنها ؟ دخلوها ، هذا كلام هذا ؟ معلوم أنك إذا وجدت قرية خالية ما فيها أحد وأنت تريد أهلها معلوم أفسدته، لكن هذه عقلية بني إسرائيل (( لن ندخلها ما داموا فيها )) . (( فاذهب أنت وربك فقاتلا )) يقولون لموسى اذهب أنت وربك، فمن ربه ؟ قال بعض المفسرين ربه هو هارون يعني أرادوا هارون لأن الرب يطلق على السيد وهارون أكبر من موسى ، والأكبر من الأخوين يكون سيدا للأصغر منهما ، لكن هذا بعيد ، والظاهر أنهم أرادوا رب العالمين عزوجل ، لأن موسى يدعوهم إلى الله وإلى ربهم تبارك وتعالى .
اضيفت في - 2007-08-13