تفسير سورة المائدة-10b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة تفسير الآية السابقة
(( فاذهب أنت وربك فقاتلا )) يقولون لموسى اذهب أنت وربك ، فمن ربه ؟ قال بعض المفسرين ربه هو هارون يعني أرادوا هارون لأن الرب يطلق على السيد وهارون أكبر من موسى، والأكبر من الأخوين يكون سيدا للأصغر منهما ، لكن هذا بعيد ، والظاهر أنهم أرادوا رب العالمين عزوجل ، لأن موسى يدعوهم إلى الله وإلى ربهم تبارك وتعالى ، فكأنهم من أجرفتهم وكبريائهم وغطرستهم يقولون مادام إنك رب اذهب أنت وربك فقاتلا ، فأرادوا من الله أن ينزل الميدان ـ قاتلهم الله ـ ويقاتل مع من ؟ مع موسى (( اذهب أنت وربك فقاتلا )) ومع ذلك (( إنا هاهنا قاعدون )) هاهنا في المكان القريب ، لأن هنا للقريب وهنالك للبعيد ، هنا في مكاننا لن نتعدى سنبقى متفرجين عليك أنت وربك اذهب أنت وربك قاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ولا يخفى ما في هذا الكلام من الغطرسة والأجرفة والجفاء ـ والعياذ بالله ـ ،
تفسيرقول الله تعالى : << قال رب إني لآأملك إلا نفسي و أخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين >>
فماذا قال موسى ؟ قال: (( رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي )) (( رب )) يخاطب من ؟ يخاطب ربه رب العالمين (( إني لا أملك إلا نفسي وأخي )) يعني لا أملك أمرا إلا أمر نفسي وأمر أخي ، ويقصد بأخيه: هارون . (( فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين )) سأل الله أن يفرق بينهم وبين القوم الفاسقين فيكون هو وأخوه في جانب والفاسقون في جانب آخر ، فماذا كانت إجابة الله ؟
2 - تفسيرقول الله تعالى : << قال رب إني لآأملك إلا نفسي و أخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين >> أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : << قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين >>
قال الله تعالى: (( فإنها محرمة عليهم )) أي على بني إسرائيل الذين أمروا بالقتال (( محرمة عليهم )) تحريما شرعيا أو قدريا ؟ تحريما قدريا كما في قوله تعالى: (( وحرمنا عليه المراجع من قبل )) يعني التحريم قد يكون شرعيا مثل (( حرمت عليكم الميتة )) وقد يكون قدريا كما في قوله تعالى: (( وحرمنا عليه المراجع من قبل )) أي تحريما قدريا ، وهنا أيضا (( محرمة عليهم )) أي تحريما قدريا . (( أربعين سنة )) سنة شمسية أو هلالية ؟ هلالية لأن التوقيت بالهلال كما قال الله تعالى: (( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج )) وإلى عصرنا ليس ببعيد التوقيت بالهلال حتى إن اليهود لما صاموا يوم عاشورا صامه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقال: ( نحن أحق بموسى منهم ) . (( أربعين سنة يتيهون في الأرض )) يعني يضيعون، وسبحان الله كم المسافة بين مصر وأرض الشام ؟ كم تقدرونها ؟ حوالي شهر ، هم بقوا أربعين سنة لم ... ، ما هي سنة ليست سنة ولا سنتين بل أربعين سنة في هذه المساحة القليلة من الأرض ، لأن الله تعالى أعماهم ، أعماهم فحرموا هذا الخير وهو دخول الأرض المقدسة حرموا إياه من اجل هذا العناد وهذا العتو، يتيهون في الأرض فلا يهتدون سبيلا ، ولكن لماذا خصصت أو لماذا خص التيه بأربعين سنة ؟ لنا جوابان عنها ، الجواب الأول: أن مثل هذه الأمور القدرية أو الشرعية المحددة بعدد لا يمكن أن يكون الإنسان عالما بحكمته ، لأن هذه ليس للعقل فيها مجال ، وقد مر علينا كثير من هذا أن المحدد قدرا أو شرعا ليس للعقل فيه مجال إلا أشياء يسيرة من الأمور القدرية . الجواب الثاني أو الوجه الثاني: قال بعض العلماء إنهم تاهوا أربعين سنة وأربعون سنة مدة طويلة يمكن أن ينشأ جيل جديد على غير ما كان عليه هؤلاء المعاندون ، وهذا من ناحية النظرية ليس ببعيد ، لكن قد يعترض عليه بأنه هل المدة هذه كافية ؟ الجواب نعم كافية ، إن الشعوب قد تتحول مع قوة الداعي وضعف المانع قد تتحول إلى عادات وفي خلال كم ؟ أقل من أربعين سنة ، حسب قوة الدافع وقلة المانع تتحول إلى عادات أو أخلاق بمثل هذا أو أقل . (( فلا تأس على القوم الفاسقين )) (( فلا تأس )) أي لا تحزن كما قال الله تعالى: (( لكي لا تأسوا على ما فاتكم )) أي لا تحزنوا ، أي فلا تحزن على القوم الفاسقين مما عاقبهم الله به لأنهم أهل لهذه العقوبة .وللآيات فوائد ، منها :
3 - تفسير قول الله تعالى : << قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين >> أستمع حفظ
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة .............>>
من فوائد الآيات أولا: قوله تعالى عن موسى: (( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة ... )) فيها فوائد منها: فضيلة أرض الشام ، لقوله: (( المقدسة )) وسبق أن معنى المقدسة أي مطهرة من الأوثان والشرك لأنها بلاد الأنبياء ، ويدل لفضيلتها قوله تعالى: (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله )) هذا أيضا من تقديسه . ومن فوائد هذه الآية: أن الله تعالى كتب أرض الشام لبني إسرائيل ، لقوله: (( التي كتب الله لكم)) . ومن فوائدها: أنه ينبغي للداعية أن يذكر ما يهيج النفوس ويغريها للقبول ، لأنه هنا ذكر أن الأرض مقدسة وأن الله كتبها لهم والثالث قوله: (( ادخلوا الأرض )) وكأن هذه بشارة بأنهم سوف ينتصرون وسوف يدخلون الأرض ، فكانت هنا البشارة من وجوه ثلاثة ، ما هي ؟ قوله: (( ادخلوا )) ، والثاني ؟ (( الذي كتب الله لكم )) ، والثالث ؟ (( المقدسة )) . من فوائد الآية الكريمة: أن الكتابة نوعان ، شرعية ، وقدرية ، كتابة قدرية ، والكتابة القدرية تأتي غالبا مقرونة باللام ، والكتابة الشرعية تأتي غالبا مقرونة بعلى ، وهذا غالبا لا دائما بدليل قوله: (( ولو لا أن كتب الله عليهم الجلاء )) والكتابة هنا قدرية أو شرعية ؟ قدرية ما فيه إشكال ، ما فرض الله عليهم الجلاء فرضا شرعيا ولكن قدريا ، لكن الغالب أن القدرية باللام والشرعية بعلى. من فوائد هذه الآية الكريمة: أن بني إسرائيل أحق بأرض الشام من غيرهم ، لقوله: (( التي كتب الله لكم )) ماذا تقولون ؟ نقول هم أحق الناس بها وهي مكتوبة لهم حين كانوا مؤمنين، فهي كتبت لهم لا لأنهم من بني إسرائيل بل لأنهم مؤمنون ، ولاشك أنهم في عهد موسى هم أفضل أهل الأرض وقد قال الله تعالى: (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )) إذا فقول بني إسرائيل إن هذه أرض ميعاد نقول إن شاء الله هي أرض ميعاد هلاكهم أما أنها أرض لكم مكتوبة شرعا أو قدرا فلا ، قدرا يمكن لكن شرعا ليس لهم حق فيها إطلاقا (( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده )) فكما أن الله أورث بني إسرائيل بلاد فرعون وأرضه لأنهم كانوا مسلمين فكذلك المؤمنون المسلمون بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرثون بني إسرائيل . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الأمور لا تتم إلا بوجود المصالح وانتفاء المفاسد، لقوله: (( ولا ترتدوا على أدبارهم )) ولذلك تجدون الشرع . تجدون الشرع أوامر والنواهي ، لأنها لا تتم العبادة إلا بأن يرغم الإنسان نفسه على فعل الطاعات وعلى الكف عن المعاصي والمحرمات ، فالشرع تجده كله فيه فعل وفيه ترك حتى يتم الامتحان والاختبار ، أضرب لكم مثلا في الصوم، فيه أيش ؟ ترك للمحبوب، في الزكاة بذل المحبوب ، وهذا هو الذي يكون فيه تمام الامتحان . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الكفر ردة ، ردة عن الاستقامة ، لقوله: (( ولا ترتدوا على أدباركم )) فالمرتد الآن متأخر أو متقدم ؟ متأخر ، إذا قلنا صار الإيمان تقدما، ولهذا نقول في أولئك القوم الذين يريدون من الأمة الإسلامية أن ترجع إلى الورى وهو عندهم التقدم نقول أخطأتم ، هم يرون أن رجوع الناس إلى زمن السلف الصالح يرونه تأخرا ، ونحن نقول لهم مخالفة طريق سلف الصالح هو التأخر ، لأنه يسمى في القرآن ردة أو ارتداد على الدبر ، لكن موافقة السلف الصالح هو التقدم حقيقة ولكننا نحتاج إلى عزيمة وقوة وتطبيق . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الارتداد على العقب سبب للخسارة ، أي خسارة هي ؟ الدنيا والآخرة (( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيمة ألا ذلك هو الخسران المبين )) وإنما قلت إن الردة الأعقاب سبب للخسران ، لأن الفاء في قوله: تنقلبوا فاء السببية ، ولهذا نصب الفعل بعدها لوقوعه بعد النهي (( ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين )) . ومن فوائد هذه الآية أيضا: أنه ينبغي للإنسان الداعي إلى الله أن يذكر عواقب السيئات من أجل تنفيذ النفوس ، صحيح أن الدعوة إلى الله تعالى تحصل بأن يقول هذا حلال وهذا حرام وهذا واجب ، لكن إذا ذكر الترغيب والترهيب كان في ذلك حرض للنفوس على الامتثال ، وهنا قال موسى لقومه: (( فتنقلبوا خاسرين )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أن ذكر العقوبة الدنيوية من أجل ردع الناس عن المعاصي لا ينافي الإخلاص، انتبه صح ؟ ذكر العواقب السيئة في الدنيا من أجل ردع الناس عن المخالفة لا ينافي الإخلاص ، ولهذا كان الرسل يقولون هذا يحذرون أقوامهم كما أن ذكر العواقب الحسنى من أجل الحث على فعل الطاعة لا ينافي الإخلاص ، ألم تروا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من أحب أن ينسأ له في أثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه ) أليس هذا أمرا دنيويا ؟ دنيوي ومع ذلك ذكره النبي عليه الصلاة والسلام وسيلة إلى فعل الطاعة وهي صلة الرحم ، وقول بعض الناس إن الإخلاص حقيقة أن تعبد الله لله لا لثواب الله ، هذا خطأ مخالف لهدي النبي عليه الصلاة السلام، اقرأ قول الله تعالى: (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بنيهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا )) يبتغون الفضل من الله ورضوان ، لكن القول الذي أشرت إليه هو قول بعض الصوفية يقولون إنك إذا لاحظت الثواب فقد أشركت بالله ـ نسأل الله العافية ـ الله عزوجل يرشدنا إلى هذا ويبين أن هذا هو طريق الرسول وأصحابه وأنت تقول إن هذا من الإشراك ؟ صحيح أن من أراد الدنيا بعمل الآخرة عنده نوع من الإشراك لكن إذا جعل نصيبه من الدنيا عونا له على طاعة الله فليس له إشراك بالله ، وانظر إلى الفواحش ، الزنا مثلا له عقوبة أو لا ؟ له عقوبة ، العقوبة لماذا ؟ من أجل أن يبتعد الناس عنه، ويخشى إذا زنا أن يجلد أو يقتل، قطع اليد في السرقة نفس الشيء من أجل أن يحافظ الناس عن السرقة ولا يقدموا عليه ، لا يقال يكفي الوازع الإيماني، لا يقال هذا ، لأننا لو قلنا يكفي الوازع الإيماني لوجب أن نعطل جميع الحدود ، ولكن نقول الوازع الإيماني لاشك هو الأصل لكن الرادع السلطاني مقوم أو مقول لهذا الأصل وهو لا . ثم قال تعالى: (( يا موسى إن فيها قوما جبارين ... )) .
من الرجلان المقصودان في قوله تعالى " قال رجلان من الذين يخافون الله ..."؟
الشيخ : أي نعم اعتبارا ـ والله أعلم ـ اعتبارا بالأكثر .
الشيخ : لا ما يصير ، لأنه كيف ؟ (( قال رجلان )) وهو في مخاطبة موسى لقومه ، فالرجلان غير ... ولو قلنا إنهما موسى وهارون فسد المعنى .
الشيخ : لا ما يصير ، لأنه كيف ؟ (( قال رجلان )) وهو في مخاطبة موسى لقومه ، فالرجلان غير ... ولو قلنا إنهما موسى وهارون فسد المعنى .
بعض الناس يجد إنشراح صدره في بعض العبادلت أفضل من طلبه للعلم فما تعليقكم ؟
السائل : بعض الناس يجد انشراح صدره في بعض العبادات أفضل من طلبه للعلم فيما تعليقكم ؟
الشيخ : هذا من الثواب العاجل ، يعني من نعمة الله على العبد أنه يجد انشراحا في العبادة ، وهذا من الثواب العاجل ومن عاجل بشرى منه ، لأن الله تعالى قال: (( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى )) ،
الشيخ :السبب في ذلك لأن إخلاصنا في طلب العلم فيه شيء من الخدوش وإلا لو شعرنا الآن أننا نطلب العلم ونحن مجاهدون في سبيل الله لصارت صدرونا أشد انشراحا لكن مع الأسف أن كثيرا من طلاب العلم يقصدون بالعلم أو بطلب العلم التوسع في طلب العلم فقط ، وهذه لاشك إنه نقص أنا أقول طالب العلم يقصد بطلب العلم نصرة لهذا الدين وحماية هذا الدين من أعدائه ، وبهذه انشراح الصدر ، في هذا انشراح الصدر ، ولهذا تجد الإنسان إذا لاحظ هذا الملحظ إذا فهم مسألة من مسائل العلم رآها غنيمة .
الشيخ : هذا من الثواب العاجل ، يعني من نعمة الله على العبد أنه يجد انشراحا في العبادة ، وهذا من الثواب العاجل ومن عاجل بشرى منه ، لأن الله تعالى قال: (( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى )) ،
الشيخ :السبب في ذلك لأن إخلاصنا في طلب العلم فيه شيء من الخدوش وإلا لو شعرنا الآن أننا نطلب العلم ونحن مجاهدون في سبيل الله لصارت صدرونا أشد انشراحا لكن مع الأسف أن كثيرا من طلاب العلم يقصدون بالعلم أو بطلب العلم التوسع في طلب العلم فقط ، وهذه لاشك إنه نقص أنا أقول طالب العلم يقصد بطلب العلم نصرة لهذا الدين وحماية هذا الدين من أعدائه ، وبهذه انشراح الصدر ، في هذا انشراح الصدر ، ولهذا تجد الإنسان إذا لاحظ هذا الملحظ إذا فهم مسألة من مسائل العلم رآها غنيمة .
هل كلما ابتعدنا عن أرض المقدس نقصت القداسة ؟
السائل : في قوله تعالى: (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )) المراد منها أرض الشام فهل لنا أن نقول بأننا كلما ابتعدنا عن أرض المقدس نقصت القداسة ؟
الشيخ :أي ما فيه شك ، كلما أبعدنا بعدت القداسة ما نقدر نقول هذا ، بل نقول إذا فارقناها بعدت، لكن هذا في زمن موسى ، في زمن محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لاشك أن المسجد الحرام أشد قداسا ، المسجد النبوي أشد قداسا .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى: (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم )) هذه ؟ نعم (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين )) .
الشيخ :أي ما فيه شك ، كلما أبعدنا بعدت القداسة ما نقدر نقول هذا ، بل نقول إذا فارقناها بعدت، لكن هذا في زمن موسى ، في زمن محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لاشك أن المسجد الحرام أشد قداسا ، المسجد النبوي أشد قداسا .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى: (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم )) هذه ؟ نعم (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين )) .
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين ........>>
(( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين ... )) من فوائد هذه الآية: بيان جفاء بني إسرائيل ، وذلك أن موسى كان يخاطبهم يا قوم ، بهذا التلطف ، وهم يقولون يا موسى، لم يقولوا يا نبي الله، يا رسول الله ، وهذا من جفائهم وغلظ طبائعهم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: سوء ظن بني إسرائيل بالله ، وذلك أن نبيهم عليه الصلاة السلام وعدهم بأن الله كتب لهم الأرض المقدسة ولكنهم اعتمدوا على أمر مادي وقالوا إن فيها قوما جبارين ، وهذا يدل على سوء ظنهم بربهم سبحانه وتعالى . ومن فوائدها: بيان جبن بني إسرائيل، (( لن ندخلها حتى يخرجوا منها )) وهذا غاية ما يكون من الجبن ، لأنه من الذي يقول لا أدخل البلدة أو القرية أو المدينة إذا خرج منها أهلها ؟ جبان ، فهم يقولون: (( لن ندخلها حتى يخرجوا منها )) وهذا دليل على غاية الجبن فيهم . ومنها: تأكيد الجبن مرة ثانية (( فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه قد يكون في القوم المتكبرين ، المعارضين من فيهم الخير والصلاح والإصلاح ، لقوله: (( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما )) .
قبل ما انتهت الآية ، (( فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) فيها أيضا: التوكيد على دخولهم إذا خرج منها هؤلاء القوم الجبور (( فإنا داخلون )) وهذا لا يحتاج إلى توكيد لكن يدل على بلاهتهم ، لأن كل إنسان يعرف لأنه متى خلت البلاد من عدوها وخرجوا منها فالدخول لا يحتاج إلى التأكيد ، من ينكر أن يدخل الإنسان إذا خلى بلده عدوه منه ؟ إذا نأخذ الفائدة التي ذكرنا أن الله تعالى قد يجعل في القوم المعاندين المعارضين من فيهم خير والصلاح والإصلاح ، لقوله: (( رجلان من الذين يخافون )) .
قبل ما انتهت الآية ، (( فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) فيها أيضا: التوكيد على دخولهم إذا خرج منها هؤلاء القوم الجبور (( فإنا داخلون )) وهذا لا يحتاج إلى توكيد لكن يدل على بلاهتهم ، لأن كل إنسان يعرف لأنه متى خلت البلاد من عدوها وخرجوا منها فالدخول لا يحتاج إلى التأكيد ، من ينكر أن يدخل الإنسان إذا خلى بلده عدوه منه ؟ إذا نأخذ الفائدة التي ذكرنا أن الله تعالى قد يجعل في القوم المعاندين المعارضين من فيهم خير والصلاح والإصلاح ، لقوله: (( رجلان من الذين يخافون )) .
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قال رجلان من الذين يخافون .....................>>
ومن فوائدها: أي أعني قوله تعالى: (( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما )): أن الخوف من الله مما يحمل العبد على طاعته ، لأنه قال: (( يخافون )) ولاشك أن الخوف مما يحمل العبد على الطاعة كما أن الرجاء أيضا مما يحمل على الطاعة ، لكن الغالب أن الخوف يحمل على عدم المخالفة في الوقوع في النهي ، والرجاء يحمل على الموافقة بالطاعات في الأوامر . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الخوف من الله عزوجل من النعم ، ولاشك أنه من نعمة الله على العبد أن ينعم الله عليه بالخوف منه ، لقوله: (( أنعم الله عليهما )) . ومن فوائد هذه الآية: أنه ينبغي لمن أراد غزو بلد أن يعمي الأخبار عن أهلها ، لقول هذين رجلين ناصحين: (( ادخلوا عليهم الباب )) يعني ولا يعلمون بكم حتى تدخلوا الباب ، وقد ذكرنا لذلك شاهدا في فتح مكة ، حيث إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سأل الله أن يعمي عن قريش الأخبار حتى يقيم في بلادهم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من غزي في عقر داره فهو ذليل ، وهذا مثل مشهور: ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ، يؤخذ من قوله: (( ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون )) وأهل البلد مغلوبون . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الدخول على البلدة لا يكون بتصور الجدر وإنما من الباب ، ولهذا لما حاصر الصحابة رضي الله عنهم حديقة مسيلمة الكذاب ما تسوروا الجدار بل فتحوا الباب ثم دخلوا وكان براء بن مالك رضي الله عنه مشهورا بالشجاعة والقوة وطلب منهم أن يرموه من وراء السور من أجل أن يفتح لهم الباب ففعلوا فدخل ففتح لهم الباب ، فتح لهم الباب ودخل الناس هذه الحديقة وحصل النصر .
ومن فوائد الآية الكريمة: أن التوكل على الله من أسباب النصر ، لقول هذين الرجلين: (( وعلى الله فتوكلوا )) . ومن فوائدها: أن لا يعتمد الإنسان على نفسه وعلى السبب الحسي ، لقوله بعد أن وجههم (( أن يدخلوا عليهم الباب )) (( وعلى الله فتوكلوا )) ويشهد لهذا المعنى المأخوذ من هذه الآية قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) احرص على ما ينفعك هذا بفعل ما تستطيع من الأسباب، (واستعن بالله ) يعني لا تعتمد على نفسك ، اطلب العون من الله عزوجل حتى يحصل المراد . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب إفراد الله تعالى بالتوكل ، لقوله: (( وعلى الله فتوكلوا )) وهذا فيه تفصيل ، وذلك أن التوكل المطلق الذي فيه تفويض المتوكل أمره إلى المتوكل عليه ، هذا لا يجوز إلا لله، والمتوكل على الله بهذا المعنى يشعر بأنه بحاجة وافتقار إلى الله عزوجل ، وأما التوكل وهو الاعتماد الجزء الذي لا يشعر المتوكل أنه مفوض أمره إلى هذا وأنه أي المتوكل إليه هو يمكن أن يقضي حاجته فهذا لا بأس به ، ولذلك جاءت السنة بجواز توكيل الغير والاعتماد عليه فيما وكل فيه، فمثلا تقول يا فلان اشتري لي كذا وكذا ، أنت الآن اعتمدت عليه ، لكن هل هذا اعتماد اعتقاد أو اعتماد معونة ؟ الثاني ، معونة ، فأنت الآن تشعر بأن هذا الرجل لست مفتقرا إليه لو شئت لعزلته وهو أيضا لا يمكن أن يأتي بمرادك ، قد يعتريه مرض وقد يمنع منه ، إلى آخره ، لكن توكل العبد على الله عزوجل ـ وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من المتوكلين عليه ـ يشعر الإنسان بأنه في حاجة إلى الله وأنه قد فوض أمره إلى الله عزوجل ، ومن ثم لا يمكن أن نقول إن التوكل على غير الله إنه شرك ، لأنه كما قلت لكم الفرق العظيم بين هذا وهذا ظاهر ، لكن قد يتوكل الإنسان ويعتمد الإنسان على من ينفق عليه مثلا ، الابن يعتمد على أبيه في النفقة، فهنا المسألة دقيقة جدا ، كذلك الموظف يعتمد على وظيفته ، هذه مسألة دقيقة إن أشعرت نفسك بأن هذا سبب محض وأن الذي جعله سببا هو الله وأن الله قادر على أن يمنع نفوذ هذا السبب ، وجعلت الأمر كله إلى الله عزوجل فإن ذلك لا ينافي التوكل لا أصله ولا كماله ، وأما إذا اعتمدت عليه وعلقت قلبك به فإن هذا بلاشك نوع من الشرك ، إن نسيت الله بالكلية ـ والعياذ بالله ـ وجعلت هذا هو الذي يجلب لك الأمور بنفسه فهذا أكبر وإلا كان أصغر ، ومن ذلك ما يقع كثيرا للمرضى أنه يعتمد على الطبيب اعتمادا كليا حتى إنه يشعر بنفسه أن الشفاء منه وهذا خطر عظيم ، أما إذا اعتمدت على الطبيب على أنه سبب والمسبب هو الله عزوجل وأن الله تعالى إن قدر لك الشفاء فهو الذي شفاك وإلا فالطبيب لن ينفعك وغايتنا هنالك أنني أذهب إلى الطبيب كما أوقد النار لطه الطعام مثلا ، فهذا لا بأس به ، ولابد أن نكون في القلب شيء من التعلق لمن ينفعه لكن يجب أن نجعل الأول والآخر هو الله عزوجل . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن إفراد الله بالتوكل من الإيمان ، لقوله: (( إن كنتم مؤمنين )) وأن نقص التوكل على الله نقص في الإيمان ، لأن ما رتب على شيء ازداد بزيادته ونقص بنقصه .
ومن فوائد الآية الكريمة: أن التوكل على الله من أسباب النصر ، لقول هذين الرجلين: (( وعلى الله فتوكلوا )) . ومن فوائدها: أن لا يعتمد الإنسان على نفسه وعلى السبب الحسي ، لقوله بعد أن وجههم (( أن يدخلوا عليهم الباب )) (( وعلى الله فتوكلوا )) ويشهد لهذا المعنى المأخوذ من هذه الآية قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) احرص على ما ينفعك هذا بفعل ما تستطيع من الأسباب، (واستعن بالله ) يعني لا تعتمد على نفسك ، اطلب العون من الله عزوجل حتى يحصل المراد . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب إفراد الله تعالى بالتوكل ، لقوله: (( وعلى الله فتوكلوا )) وهذا فيه تفصيل ، وذلك أن التوكل المطلق الذي فيه تفويض المتوكل أمره إلى المتوكل عليه ، هذا لا يجوز إلا لله، والمتوكل على الله بهذا المعنى يشعر بأنه بحاجة وافتقار إلى الله عزوجل ، وأما التوكل وهو الاعتماد الجزء الذي لا يشعر المتوكل أنه مفوض أمره إلى هذا وأنه أي المتوكل إليه هو يمكن أن يقضي حاجته فهذا لا بأس به ، ولذلك جاءت السنة بجواز توكيل الغير والاعتماد عليه فيما وكل فيه، فمثلا تقول يا فلان اشتري لي كذا وكذا ، أنت الآن اعتمدت عليه ، لكن هل هذا اعتماد اعتقاد أو اعتماد معونة ؟ الثاني ، معونة ، فأنت الآن تشعر بأن هذا الرجل لست مفتقرا إليه لو شئت لعزلته وهو أيضا لا يمكن أن يأتي بمرادك ، قد يعتريه مرض وقد يمنع منه ، إلى آخره ، لكن توكل العبد على الله عزوجل ـ وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من المتوكلين عليه ـ يشعر الإنسان بأنه في حاجة إلى الله وأنه قد فوض أمره إلى الله عزوجل ، ومن ثم لا يمكن أن نقول إن التوكل على غير الله إنه شرك ، لأنه كما قلت لكم الفرق العظيم بين هذا وهذا ظاهر ، لكن قد يتوكل الإنسان ويعتمد الإنسان على من ينفق عليه مثلا ، الابن يعتمد على أبيه في النفقة، فهنا المسألة دقيقة جدا ، كذلك الموظف يعتمد على وظيفته ، هذه مسألة دقيقة إن أشعرت نفسك بأن هذا سبب محض وأن الذي جعله سببا هو الله وأن الله قادر على أن يمنع نفوذ هذا السبب ، وجعلت الأمر كله إلى الله عزوجل فإن ذلك لا ينافي التوكل لا أصله ولا كماله ، وأما إذا اعتمدت عليه وعلقت قلبك به فإن هذا بلاشك نوع من الشرك ، إن نسيت الله بالكلية ـ والعياذ بالله ـ وجعلت هذا هو الذي يجلب لك الأمور بنفسه فهذا أكبر وإلا كان أصغر ، ومن ذلك ما يقع كثيرا للمرضى أنه يعتمد على الطبيب اعتمادا كليا حتى إنه يشعر بنفسه أن الشفاء منه وهذا خطر عظيم ، أما إذا اعتمدت على الطبيب على أنه سبب والمسبب هو الله عزوجل وأن الله تعالى إن قدر لك الشفاء فهو الذي شفاك وإلا فالطبيب لن ينفعك وغايتنا هنالك أنني أذهب إلى الطبيب كما أوقد النار لطه الطعام مثلا ، فهذا لا بأس به ، ولابد أن نكون في القلب شيء من التعلق لمن ينفعه لكن يجب أن نجعل الأول والآخر هو الله عزوجل . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن إفراد الله بالتوكل من الإيمان ، لقوله: (( إن كنتم مؤمنين )) وأن نقص التوكل على الله نقص في الإيمان ، لأن ما رتب على شيء ازداد بزيادته ونقص بنقصه .
9 - الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قال رجلان من الذين يخافون .....................>> أستمع حفظ
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قالوا يا موسى إنا لن ندخلها ....................>>
ثم قال الله عزوجل: (( يا موسى إنا لن ندخلها ... )) في هذه الآية كما ذكرنا في الآية التي قبلها جفاء بني إسرائيل ، حيث يخاطبون نبيهم باسمه العلم دون وصفه بالرسالة والنبوة . من فوائدها: إصرار بني إسرائيل على المعصية وعلى الجبن والخو ، لقولهم: (( لن ندخلها أبدا ما داموا فيها )) وهذا واضح أنهم مصرون على معصية نبيهم الذي قال ادخلوا الأرض المقدسة.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الغطرسة العظيمة في بني إسرائيل ، حيث قالوا لموسى عليه الصلاة والسلام : (( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون )) حتى اذهب وصيغتها بهذه الصيغة كأنهم آمرون لموسى أيضا في استعلاء واستكبار (( اذهب أنت وربك )) يعني ما رجوا رجاء وقالوا ألا تذهب يا رسول الله أو يا نبي الله، أو ما أشبه ذلك (( اذهب أنت وربك فقاتلا )) ، ثم فيه وجه ثالث للغطرسة (( إنا هاهنا قاعدون )) ما ولا نذهب معك ، لم يقولوا مثلا إنا ردئ لك نحميك من ظهرك ، وما أشبه ذلك ، ففيها أيضا كمال الغطرسة لبني إسرائيل .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الغطرسة العظيمة في بني إسرائيل ، حيث قالوا لموسى عليه الصلاة والسلام : (( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون )) حتى اذهب وصيغتها بهذه الصيغة كأنهم آمرون لموسى أيضا في استعلاء واستكبار (( اذهب أنت وربك )) يعني ما رجوا رجاء وقالوا ألا تذهب يا رسول الله أو يا نبي الله، أو ما أشبه ذلك (( اذهب أنت وربك فقاتلا )) ، ثم فيه وجه ثالث للغطرسة (( إنا هاهنا قاعدون )) ما ولا نذهب معك ، لم يقولوا مثلا إنا ردئ لك نحميك من ظهرك ، وما أشبه ذلك ، ففيها أيضا كمال الغطرسة لبني إسرائيل .
10 - الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قالوا يا موسى إنا لن ندخلها ....................>> أستمع حفظ
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قال رب إني لآ أملك إلا نفسي وأخي ........>>
ثم قال الله عن موسى: (( قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي ... )) من فوائد هذه الآية الكريمة: أن موسى عليه الصلاة والسلام أئس من بني إسرائيل حين ما عاندوا هذا العناد وعبروا هذا التعبير ، لقوله: (( إني لا أملك إلا نفسي )) ، وقارن بينهما أي بين بني إسرائيل وبين صحابة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث كانوا يبتدرون أمره ويتسابقون إليه ، تجد الفرق العظيم بين هذه الأمة ـ والحمد لله ـ والأمم السابقة . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن موسى عليه الصلاة والسلام له الكلمة على هارون، يقول: (( رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي )) أما كونه أكبر من هارون أو موسى هذا يحتاج إلى دليل صحيح لكن موسى عليه الصلاة والسلام كان له الإمرة على هارون . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: جواز دعاء الإنسان ربه عزوجل أن يفصل بينه وبين أهل الفسوق والفجور ، لقوله: (( فافرق بيننا وبين قوم الفاسقين )) . فهل يؤخذ من هذا أو هل يتفرع من هذه الفائدة جواز هجران الفسقة ؟ لأن الهجر مفارقة ، يمكن أن يؤخذ من هذا ، ولكننا نقول السنة دلت على أن الهجر إن كان فيه مصلحة فافعل وإلا فلا تفعل. ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن التخلي عن الجهاد في سبيل الله من الفسق ، لقوله: (( فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين )) . هل نقول ومن فوائدها: الأخذ بالأكثر ؟ لأن من بني إسرائيل ، قوم موسى من كانوا على الحق ، الرجلان اللذان قالا: (( ادخلوا عليهم الباب )) هل هما فسقان ؟ لا ، لكن باعتبار الأكثر صح أن يوصف الفسق على وجه العموم ، وقد يقال إن (( الفاسقين )) هنا عام أريد به الخاص وأن موسى عليه الصلاة والسلام لم يكن في باله إطلاقا أن يدخل الرجلان ، وعلى هذا فيكون الوصف هنا خاصا بالذين قالوا: (( لن ندخلها أبدا ما داموا فيها )) .
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قال فإنها محرمة عليهم ...........................>>
وقال الله تبارك وتعالى: (( فإنها محرمة عليهم ... )) من فوائد هذه الآية الكريمة: استجابة الدعاء ، لقوله: (( قال فإنها محرمة )) واستجابة الله للدعاء تتضمن عدة صفات ، منها الاستجابة ، ومنها العلم ، ومنها القدرة، كل هذه ثابتة بالاستجابة ، لأنه لو لم يسمع لم يستجب ، لو لم يعلم ما يريد الداعي لم يستجب ، لو لم يقدر لم يستجب أيضا . ومن فوائدها: أن التحريم يطلق على المنع القدري ، لقوله: (( قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة )) لأننا نعلم أن الله لم يرد أن الله حرم عليهم دخولها شرعا ، لكن قدرا وهو كذلك أعني أن التحريم يكون كونيا وقد يكون شرعيا وقد ضربنا لذلك أمثلة أثناء الكلام على تفسير الآية ، من التحريم القدري الكوني قوله تعالى في موسى: (( وحرمنا عليه المراضع من قبل )) تحريما شرعيا أو قدريا ؟ قدريا ، ومن التحريم الشرعي قوله تعالى: (( حرمت عليكم الميتة والدم )) وقوله: (( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إرشاد الإنسان أن لا يحزن على الفاسد ، لأنه إذا بذل جهده فيما يجب من الدعوة فإن هداية الخلق ليس إليه بل إلى الله فلا تحزن ، ولهذا قال الله تعالى: (( فلا تأس على القوم الفاسقين )) وقال للنبي عليه الصلاة والسلام: (( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين )) وقال: (( لعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا )) والآيات في هذا متعددة ، فالإنسان إذا بذل الجهد بقدر المستطاع فلا ينبغي أن يحزن ويشتغل بعيوب غيره عن عيوب نفسه ولا يأس عن القوم الفاسقين ، وكثير من الناس يكون عنده غيرة فتجده يشتغل بمعاصي غيره وعيوب غيره وينسى نفسه، وهذا خطأ ، أهم شيء عليك نفسك ، عدلها ثم اسع في إصلاح الآخرين . وإلى هنا انتهى الموقف ويقول عزوجل: (( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق )) تكون هذه إن شاء الله بعد رمضان لأننا قررنا بمشورتكم أن تكون الليالي الباقية لصحيح مسلم حتى نكمل الصيام .
12 - الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قال فإنها محرمة عليهم ...........................>> أستمع حفظ
متى يجوز الهجر ؟
السائل : متى يجوز الهجر ؟
الشيخ :هذا الذي نرى ، إذا كان هجران العاصي أو المبطل لا يزيد الأمر إلا شدة فأنت إنما هجرت لأيش ؟ للإصلاح ولأجل أن يرتدع هو ما مرتدع يمكن يزيد في الشر ، ونضرب أيضا مثلا في صاحب المعاصي لو أنك رأيت حالقا لحيته وهجرته هل إنه سوف ينتهي عن ذلك ؟ إن كان ينتهي فلا بأس طيب ، أما إذا كان لا ينتهي وإنما يزداد كراهة له ولما تدعوا إليه من الحق وسيستمر فأي فائدة ، ثم إن عندنا الحديث الصحيح ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) وهذا مسلم .
السائل : ما يجوز أن يهجره لإصلاحه ؟
الشيخ :ما فيه شك للإصلاح أو لخوف أن يتضرر به الخلق .
الشيخ :هذا الذي نرى ، إذا كان هجران العاصي أو المبطل لا يزيد الأمر إلا شدة فأنت إنما هجرت لأيش ؟ للإصلاح ولأجل أن يرتدع هو ما مرتدع يمكن يزيد في الشر ، ونضرب أيضا مثلا في صاحب المعاصي لو أنك رأيت حالقا لحيته وهجرته هل إنه سوف ينتهي عن ذلك ؟ إن كان ينتهي فلا بأس طيب ، أما إذا كان لا ينتهي وإنما يزداد كراهة له ولما تدعوا إليه من الحق وسيستمر فأي فائدة ، ثم إن عندنا الحديث الصحيح ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) وهذا مسلم .
السائل : ما يجوز أن يهجره لإصلاحه ؟
الشيخ :ما فيه شك للإصلاح أو لخوف أن يتضرر به الخلق .
ما حكم من وصف موسى عليه السلام بالعصبية ؟
السائل : ما حكم من يوصف موسى عليه الصلاة والسلام بالعصبية لهذه المواقف وغضبه وإلقاءه الألواح ؟
الشيخ :هذه ما هو معنا الآن ؟ لكن في القصة ؟ هذه ؟ في سورة البقرة وبعضها ؟
السائل : غضبه وإلقاءه الألواح أخذ لحية هارون وزجره قبل سؤاله ، وقتله لرجل فرعوني ؟
الشيخ :نقول الذي يصفه بالعصبية هل أنت تخبر مجرد خبر فلا تعرض المسألة على هذه القصة ، بل قلنا إن موسى عنده غيرة وعنده قوة وما أشبه ذلك من الوصف الذي تجعله مدحا لا قدحا ، وأما إذا أردت القدح فيه فالقدح فيه كفر ، كفر مخرج عن الملة ، فمثل موسى عليه الصلاة والسلام مشهور بأنه قوي وشديد، ولهذا لما جاءه ملك الموت ليقبض روحه لطمه حتى، عنه، فهو معروف بالشدة ، أما أن
الشيخ :هذه ما هو معنا الآن ؟ لكن في القصة ؟ هذه ؟ في سورة البقرة وبعضها ؟
السائل : غضبه وإلقاءه الألواح أخذ لحية هارون وزجره قبل سؤاله ، وقتله لرجل فرعوني ؟
الشيخ :نقول الذي يصفه بالعصبية هل أنت تخبر مجرد خبر فلا تعرض المسألة على هذه القصة ، بل قلنا إن موسى عنده غيرة وعنده قوة وما أشبه ذلك من الوصف الذي تجعله مدحا لا قدحا ، وأما إذا أردت القدح فيه فالقدح فيه كفر ، كفر مخرج عن الملة ، فمثل موسى عليه الصلاة والسلام مشهور بأنه قوي وشديد، ولهذا لما جاءه ملك الموت ليقبض روحه لطمه حتى، عنه، فهو معروف بالشدة ، أما أن
اضيفت في - 2007-08-13