تفسير سورة الأنعام-03a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
الفوائد
وفي الآية الأخرى (( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ))[يونس:107]
يستفاد من هذه الآية الكريمة أنه ينبغي للإنسان أن يعلق رجاءه بالله عز وجل لأنه إذا علم مضمون هذه الآية فسوف يعتمد في أموره كلها على الله
ومنها تقوية النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله وأنه مهما حاول هؤلاء أن يصيبوك بضرر فإنهم لا يملكون ذلك إذا لم يكن الله أراده
ومنها الحث على الصبر لأنك إذا علمت أن اللي أصابك بالضر هو الله فلا بد أن تصبر لأنك عبده يفعل بك ما شاء فتصبر على ما يصيبك من الضرر
ومنها قوة رجاء العبد بالله عز وجل إذا أصابه الضرر أن يزول عنه الضرر وجه ذلك قوله (( وهو على كل شيء قدير )) وكم من أضرار حدثت للإنسان حتى أوصلت إلى اليأس والقنوط كشفها الله عز وجل كم من إنسان أصيب بمرض حتى وصل إلى حافة القبر ثم شفاه الله وكم من إنسان أصيب بالفقر حتى وصل إلى ألا يجد قوت يومه ولا ليلته فأغناه الله وكم من إنسان كان وحيدا فرزقه الله وهلم جرا لأن الله على كل شيء قدير
ومن فوائد هذه الآية الكريمة تمام سلطان الله عز وجل وأنه سبحانه وتعالى هو المتصرف كما يشاء بعباده لقوله إن يمسسك بكذا وإن يمسسك بكذا ومنها عموم قدرة الله لقوله (( فهو على كل شيء قدير )) يقابل القدرة العجز وهنا صفتان متشابهتان أو متقاربتان القوة والقدرة والفرق بينهما يحصل بالتعريف القدرة التمكن من الفعل بلا عجز والقوة التمكن من الفعل بلا ضعف والدليل قول الله عز وجل في القدرة (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ))[فاطر:44] والدليل للقوة قول الله تعالى (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ))[الروم:54]
أيهما أكمل أو أيهما أعم نقول أما القوة فأعم لأنها تكون في ذي الشعور وغيره في ذي الشعور أي في الإرادة فتقول فلان قوي وتقول الحديد قوي وأما الإرادة فإنها في نعم وأما القدرة فإنها لا تقول إلا بمنزلة الإرادة إذ لا يصح أن تقول الباب قادر لأن ليس له إرادة أيهما أكمل ؟ القوة أكمل لأنه يلزم من وجود القوة القدرة والعكس ونضرب مثلا بهذا برجل قيل له احمل هذا الجحر فحمله لكن بمشقة بماذا نصف هذا الرجل ؟ بأنه قادر غير قوي وإنسان آخر قلنا له احمل هذا الحجر أراد أن يحمله فعجز نقول هذا عاجز غير قادر ورجل ثالث قلنا له احمل هذا الحجر فأخذه وكأنه ريشة هذا قوي وهل هو قادر ؟ نعم من باب أولى
(( وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير )) كل شيء فالله قادر عليه كل شيء حتى وإن بعد في ذهنك فالله قادر عليه ولهذا نبه الله عز وجل زكريا حين (( قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا )) قال الله (( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا )) قال له أنا خلقتك من قبل ولم تك شيئا قادر على أن يخلق لك ولدا أليس كذلك ؟ وهذا قياس أولوية واضح أو على الأقل قياس مثلي واضح فالقادر على العدم قادر على الإيجاد والقادر على الإيجاد قادر على العدم إذن يا أخي لا تستكثر أن تسأل الله تبارك وتعالى شيئا لا تكون فيه معتديا في الدعاء ولو كان في نظرك بعيدا لأن الله تعالى على كل شيء قدير
يستفاد من هذه الآية الكريمة أنه ينبغي للإنسان أن يعلق رجاءه بالله عز وجل لأنه إذا علم مضمون هذه الآية فسوف يعتمد في أموره كلها على الله
ومنها تقوية النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله وأنه مهما حاول هؤلاء أن يصيبوك بضرر فإنهم لا يملكون ذلك إذا لم يكن الله أراده
ومنها الحث على الصبر لأنك إذا علمت أن اللي أصابك بالضر هو الله فلا بد أن تصبر لأنك عبده يفعل بك ما شاء فتصبر على ما يصيبك من الضرر
ومنها قوة رجاء العبد بالله عز وجل إذا أصابه الضرر أن يزول عنه الضرر وجه ذلك قوله (( وهو على كل شيء قدير )) وكم من أضرار حدثت للإنسان حتى أوصلت إلى اليأس والقنوط كشفها الله عز وجل كم من إنسان أصيب بمرض حتى وصل إلى حافة القبر ثم شفاه الله وكم من إنسان أصيب بالفقر حتى وصل إلى ألا يجد قوت يومه ولا ليلته فأغناه الله وكم من إنسان كان وحيدا فرزقه الله وهلم جرا لأن الله على كل شيء قدير
ومن فوائد هذه الآية الكريمة تمام سلطان الله عز وجل وأنه سبحانه وتعالى هو المتصرف كما يشاء بعباده لقوله إن يمسسك بكذا وإن يمسسك بكذا ومنها عموم قدرة الله لقوله (( فهو على كل شيء قدير )) يقابل القدرة العجز وهنا صفتان متشابهتان أو متقاربتان القوة والقدرة والفرق بينهما يحصل بالتعريف القدرة التمكن من الفعل بلا عجز والقوة التمكن من الفعل بلا ضعف والدليل قول الله عز وجل في القدرة (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ))[فاطر:44] والدليل للقوة قول الله تعالى (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ))[الروم:54]
أيهما أكمل أو أيهما أعم نقول أما القوة فأعم لأنها تكون في ذي الشعور وغيره في ذي الشعور أي في الإرادة فتقول فلان قوي وتقول الحديد قوي وأما الإرادة فإنها في نعم وأما القدرة فإنها لا تقول إلا بمنزلة الإرادة إذ لا يصح أن تقول الباب قادر لأن ليس له إرادة أيهما أكمل ؟ القوة أكمل لأنه يلزم من وجود القوة القدرة والعكس ونضرب مثلا بهذا برجل قيل له احمل هذا الجحر فحمله لكن بمشقة بماذا نصف هذا الرجل ؟ بأنه قادر غير قوي وإنسان آخر قلنا له احمل هذا الحجر أراد أن يحمله فعجز نقول هذا عاجز غير قادر ورجل ثالث قلنا له احمل هذا الحجر فأخذه وكأنه ريشة هذا قوي وهل هو قادر ؟ نعم من باب أولى
(( وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير )) كل شيء فالله قادر عليه كل شيء حتى وإن بعد في ذهنك فالله قادر عليه ولهذا نبه الله عز وجل زكريا حين (( قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا )) قال الله (( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا )) قال له أنا خلقتك من قبل ولم تك شيئا قادر على أن يخلق لك ولدا أليس كذلك ؟ وهذا قياس أولوية واضح أو على الأقل قياس مثلي واضح فالقادر على العدم قادر على الإيجاد والقادر على الإيجاد قادر على العدم إذن يا أخي لا تستكثر أن تسأل الله تبارك وتعالى شيئا لا تكون فيه معتديا في الدعاء ولو كان في نظرك بعيدا لأن الله تعالى على كل شيء قدير
قال الله تعالى : { و هو القاهر فوق عباده و هو الحكيم الخبير}
ثم قال (( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ))[الأنعام:18] هو الضمير يعود على الله عز وجل ومرجعهما ما سبق من الآيات قاهر فوق عباده القاهر هو الغلبة مع السلطان يعني السلطة لأن الغالب المطلق قد لا يكون له سلطة لكن قهر الله عز وجل غلبة مع سلطة تامة وقوله (( فوق عباده )) هل المراد فوقية المكانة أم فوقية المكان أو هما جميعا ؟ نعم هما جميعا فوقية المكان وفوقية المكانة وعليه فيكون المعنى هو القاهر فوق عباده من حيث المعنى لا يمكن أن تغلبه قوة ومن حيث المكان أنه فوق كل شيء
وقوله (( عباده )) جمع عبد والمراد به هنا العبودية العامة التي تشمل المؤمن والكافر لأن العبودية ثلاثة أقسام عامة وخاصة وأخص العامة هي عبودية أن جميع المخلوقات كلها ذليلة أما الله عز وجل فهي عابدة قال الله عز وجل (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))[مريم:93] الخاصة هي عبادة الإلوهية للمؤمنين كما في قوله تعالى (( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا ))[الفرقان:63] العبودية التي أخص هي عبودية الرسل قال الله تعالى (( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ))[الصافات:173] فهنا ثلاثة أقسام الأخ بين لنا بارك الله فيه هنا القاهر فوق عباده العامة ولا الخاصة؟
الطالب: العامة
الشيخ : العامة واعلم أن الخاصة تدخل في العامة المعنى أنهم عباد لله العبودية القدرية والعبودية الشرعية إذن (( القاهر فوق عباده )) المراد عبودية القدر كل خاضع لله عز وجل لو كان من أكفر عباد الله فهو عبد لله وفرعون مثلا عبد لله في المعنى العام نعم عبد لله بالمعنى العام وموسى عبد لله في المعنى العام والخاص فالعبودية الشرعية خاصة والعبودية القدرية الكونية عامة (( فوق عباده وهو الحكيم الخبير )) الحكيم تصح أن تكون بمعنى محكم والشاهد على مجيء فعيل بمعنى مفعل بل الشواهد كثيرة منها قول الشاعر
:" أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع "
"أمن ريحانة الداعي السميع" الداعي السميع ولا المسمع ؟ أي نعم ليس معنى السامع أنه داعي السميع يعني المسمع يؤرقني وأصحابي هجوع وحكيم أيضا بمعنى حاكم إذن هي مشتقة من الحكمة ومن الحكم والدليل على هذا على أنها من الحكم قول الله تعالى (( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ))[المائدة:50] وأما من الحكمة فكما في قوله تعالى (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ))[التين:8] والجواب بلى إذن الحكيم مشتقة من نعم من الأحكام والحكم فإذا كان مشتق من أحكام فهي بمعنى محكم وإذا كانت من الحكم فهي بمعنى الحاكم والله عز وجل موصوف بهذا وهذا
ثم اعلم أن الحكم كوني وشرعي من الكوني قول الله تعالى عن أخي يوسف (( فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ))[يوسف:80] أي يقدر لي هذا حكم قدري أما الشرعي فمنه قول الله عز وجل في سورة الممتحنة (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم )) إذن الحكم نوعان كوني وشرعي مثال الكوني قول الله تعالى (( فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ))[يوسف:80] ومن الشرعي قوله تعالى في سورة الممتحنة (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم )) أي شرعه حكم شرعي فإن قال قائل ما الفرق بينهما ؟ قلنا الفرق بينهما من وجهين:
الأول أن الحكم القدري لا بد أن يقع إذا حكم الله تعالى بشيء حكم قدري فلا بد أن يقع حكم عز وجل بالخوف لا بد أن يقع الخوف بالجدب لا بد أن يقع الجدب بالرخاء لا بد أن يقع الرخاء الحكم الشرعي إذا حكم بشيء قد ينفذ وقد لا ينفذ فإذا قال الله تعالى (( إنما حرم عليكم الميتة )) فهل نقول إن هذه الآية تدل على أنه لا يمكن أن يأكل الميتة أحد ؟ لا قد يأكلها أو لا يأكل
الفرق الثاني أن الحكم الشرعي سواء كان إيجابا أو تحريما لا يكون إلا فيما يريد الله عز وجل لا يمكن أن يأمر الله عباده بما يكرهه هو ولا أن ينهاهم عما يحبه والحكم الكوني يكون فيما يحبه ويرضاه وفيما يكرهه ويسخطه هذا هو الفرق انتهينا من الكلام على الحكم .
الحكمة نوعان حكمة وهي أن يكون الشيء على هذه الصورة المبينة حكمة أخرى أن يكون هذا الشيء لغاية محمودة الأولى حكمة صورية والثانية غائية فإذا تأملت المخلوقات كلها وجدت أنها في غاية الحكمة: شمس وقمر ونجوم ورياح وأمطار وهكذا كلها لحكمة فإذا نظرت الغاية منها وجدت أنها غاية حميدة مطابقة للحكمة كذلك أيضا الشرع إذا تأملت الشرائع وجدت كون هذا الشيء على صورة معينة حكمة وكونه لغاية حميدة حكمة في الزكاة مثلا نجد الزروع ما سقي بالمئونة كم فيه ؟ نصف العشر وما سقي بلا مئونة العشر ليش اختلف ؟ لأن الواقع يقتضي ذلك ما سقي بمئونة تعب عليه صاحبه وأنفق مالا كثيرا في استخراج الماء فهذا لم يكن عليه هذا كذلك إذا تأملت الحكمة في الزكاة أيضا وجدت أن المال القليل لا تجب فيه الزكاة لأنه لا يحتمل المواساة خلاف الكثير ووجدت ما يشق الزكاة عنه لا تجب فيه الزكاة كالثياب والمراكب والبيوت وما أشبه ذلك طيب ما الحكمة من الزكاة ؟ الآن عرفنا أن الزكاة على صورة معنية حكمة ما الحكمة من الزكاة اسمع (( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ))[التوبة:103] تطهرهم من الذنوب لأن الصدقة تطفئ الخطيئة تزكيهم بها أي تزكي أخلاقهم ودينهم تزكي دينهم بأنه يبذل ما يحب فيما يحب الله عز وجل ولا يمكن أن يبذل الإنسان محبوبا إلا لما هو أحب كذلك تزكي أخلاقهم بالكرم والسخاء والرخاء وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن من أسباب انشراح الصدر الصدقة والبذل وهذا معنى خفي كلما كان الإنسان أشد بذلا للمال كان أوسع صدرا لاسيما إذا كان يؤمن بأنه يقربه من الله عز وجل وأنه يكفر سيئاته وما أشبه ذلك المهم الآن الحكم والأحكام الحكم كوني وشرعي والأحكام صوري وغائي ويكون أيضا الحكمة تكون في المشروعات وفي المخلوقات
الخبير يعني ذا الخبرة قال أهل العلم والخبرة هي العلم ببواطن الأمور مشتقة من خبير الزرع الذي يكون في الأرض ويكون خفيا ولهذا يمر عليكم في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن المخابرة ) لأن المزارعة التي تشتمل على الغرر إذن الخبير يعني العليم ببواطن الأمور جلا وعلا حتى أن الله قال (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ))[ق:16] الذي يحدث به نفسه يعلمه الله عز وجل قبل أن يحدث به الإنسان وقبل أن يعلم به إخوانه الخبير إذن ذو الخبرة وهي العلم ببواطن الأمور طيب هل نقول وإذا كان خبيرا لزم أن يكون عليما ؟ نعم يلزم أن يكون عليما وقرن الله تعالى هنا بين الحكيم والخبير ليعلم الناس أن حكمة الله عز وجل عن خبرة وعلم ببواطن الأمور وعلى هذا فقد تكون خفية على كثير من الناس لأنه لا يدرك الحكمة إلا من كان خبيرا ففي قرن هذين الاسمين فائدة وهي أن الخبرة قد تكون خفية لا يعلمها إلا الله عز وجل ومن ثم قلنا إن جميع أوامر الشرع ونواهيه حكمة ولا حاجة أن نعرف العلة لأن نعلم أن الله حكيم عز وجل وأنه ما شرعه إلا لحكمة فلا حاجة وما موقفنا من الأوامر والنواهي إلا أن نقول سمعنا وأطعنا إن تيسر لنا معرفة الحكمة فهذا منة من الله عز وجل ومساعدة ومعونة من الله حتى يطمئن القلب ويقوى الإيمان وإن لم تتبين فالمؤمن يكفيه أن هذا حكم الله عز وجل ولذلك ربما تكون العبادة التي تخفى حكمتها أبلغ في التعود لأن الشيء إذا علمت علته قد يكون عقلك مرتضيه لكن إذا كنت لا تعرف العلة فإن تذللك لله به وعبادتك إياه أبلغ في التذلل مثلا رمي الجمرات حصى تأخذه من الأرض ترمي بها في مكان معين الإنسان قد يعلم العلة وقد لا يعلم أكبر علة فيها أنها ذكر لله عز وجل كما جاء في الحديث ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) فهذا كمال التعبد إنسان عاقل مؤمن فاهم ذكي يأخذ حصيات ويرميها في مكان معين هذا لولا أنه مشروع لقيل أنه عبث لكنه في وقته ومكانه مشروع لأنه ايش ؟ فيه كمال التعبد والتذلل لله وأن المؤمن يقول سمعنا وأطعنا مع أن فيه ذكرا لله بالقلب وهو كمال التذلل والتعبد وفيه ذكر لله باللسان لأنه يشرع في كل حصاة ترميها أن تقول الله أكبر
وقوله (( عباده )) جمع عبد والمراد به هنا العبودية العامة التي تشمل المؤمن والكافر لأن العبودية ثلاثة أقسام عامة وخاصة وأخص العامة هي عبودية أن جميع المخلوقات كلها ذليلة أما الله عز وجل فهي عابدة قال الله عز وجل (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))[مريم:93] الخاصة هي عبادة الإلوهية للمؤمنين كما في قوله تعالى (( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا ))[الفرقان:63] العبودية التي أخص هي عبودية الرسل قال الله تعالى (( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ))[الصافات:173] فهنا ثلاثة أقسام الأخ بين لنا بارك الله فيه هنا القاهر فوق عباده العامة ولا الخاصة؟
الطالب: العامة
الشيخ : العامة واعلم أن الخاصة تدخل في العامة المعنى أنهم عباد لله العبودية القدرية والعبودية الشرعية إذن (( القاهر فوق عباده )) المراد عبودية القدر كل خاضع لله عز وجل لو كان من أكفر عباد الله فهو عبد لله وفرعون مثلا عبد لله في المعنى العام نعم عبد لله بالمعنى العام وموسى عبد لله في المعنى العام والخاص فالعبودية الشرعية خاصة والعبودية القدرية الكونية عامة (( فوق عباده وهو الحكيم الخبير )) الحكيم تصح أن تكون بمعنى محكم والشاهد على مجيء فعيل بمعنى مفعل بل الشواهد كثيرة منها قول الشاعر
:" أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع "
"أمن ريحانة الداعي السميع" الداعي السميع ولا المسمع ؟ أي نعم ليس معنى السامع أنه داعي السميع يعني المسمع يؤرقني وأصحابي هجوع وحكيم أيضا بمعنى حاكم إذن هي مشتقة من الحكمة ومن الحكم والدليل على هذا على أنها من الحكم قول الله تعالى (( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ))[المائدة:50] وأما من الحكمة فكما في قوله تعالى (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ))[التين:8] والجواب بلى إذن الحكيم مشتقة من نعم من الأحكام والحكم فإذا كان مشتق من أحكام فهي بمعنى محكم وإذا كانت من الحكم فهي بمعنى الحاكم والله عز وجل موصوف بهذا وهذا
ثم اعلم أن الحكم كوني وشرعي من الكوني قول الله تعالى عن أخي يوسف (( فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ))[يوسف:80] أي يقدر لي هذا حكم قدري أما الشرعي فمنه قول الله عز وجل في سورة الممتحنة (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم )) إذن الحكم نوعان كوني وشرعي مثال الكوني قول الله تعالى (( فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ))[يوسف:80] ومن الشرعي قوله تعالى في سورة الممتحنة (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم )) أي شرعه حكم شرعي فإن قال قائل ما الفرق بينهما ؟ قلنا الفرق بينهما من وجهين:
الأول أن الحكم القدري لا بد أن يقع إذا حكم الله تعالى بشيء حكم قدري فلا بد أن يقع حكم عز وجل بالخوف لا بد أن يقع الخوف بالجدب لا بد أن يقع الجدب بالرخاء لا بد أن يقع الرخاء الحكم الشرعي إذا حكم بشيء قد ينفذ وقد لا ينفذ فإذا قال الله تعالى (( إنما حرم عليكم الميتة )) فهل نقول إن هذه الآية تدل على أنه لا يمكن أن يأكل الميتة أحد ؟ لا قد يأكلها أو لا يأكل
الفرق الثاني أن الحكم الشرعي سواء كان إيجابا أو تحريما لا يكون إلا فيما يريد الله عز وجل لا يمكن أن يأمر الله عباده بما يكرهه هو ولا أن ينهاهم عما يحبه والحكم الكوني يكون فيما يحبه ويرضاه وفيما يكرهه ويسخطه هذا هو الفرق انتهينا من الكلام على الحكم .
الحكمة نوعان حكمة وهي أن يكون الشيء على هذه الصورة المبينة حكمة أخرى أن يكون هذا الشيء لغاية محمودة الأولى حكمة صورية والثانية غائية فإذا تأملت المخلوقات كلها وجدت أنها في غاية الحكمة: شمس وقمر ونجوم ورياح وأمطار وهكذا كلها لحكمة فإذا نظرت الغاية منها وجدت أنها غاية حميدة مطابقة للحكمة كذلك أيضا الشرع إذا تأملت الشرائع وجدت كون هذا الشيء على صورة معينة حكمة وكونه لغاية حميدة حكمة في الزكاة مثلا نجد الزروع ما سقي بالمئونة كم فيه ؟ نصف العشر وما سقي بلا مئونة العشر ليش اختلف ؟ لأن الواقع يقتضي ذلك ما سقي بمئونة تعب عليه صاحبه وأنفق مالا كثيرا في استخراج الماء فهذا لم يكن عليه هذا كذلك إذا تأملت الحكمة في الزكاة أيضا وجدت أن المال القليل لا تجب فيه الزكاة لأنه لا يحتمل المواساة خلاف الكثير ووجدت ما يشق الزكاة عنه لا تجب فيه الزكاة كالثياب والمراكب والبيوت وما أشبه ذلك طيب ما الحكمة من الزكاة ؟ الآن عرفنا أن الزكاة على صورة معنية حكمة ما الحكمة من الزكاة اسمع (( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ))[التوبة:103] تطهرهم من الذنوب لأن الصدقة تطفئ الخطيئة تزكيهم بها أي تزكي أخلاقهم ودينهم تزكي دينهم بأنه يبذل ما يحب فيما يحب الله عز وجل ولا يمكن أن يبذل الإنسان محبوبا إلا لما هو أحب كذلك تزكي أخلاقهم بالكرم والسخاء والرخاء وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن من أسباب انشراح الصدر الصدقة والبذل وهذا معنى خفي كلما كان الإنسان أشد بذلا للمال كان أوسع صدرا لاسيما إذا كان يؤمن بأنه يقربه من الله عز وجل وأنه يكفر سيئاته وما أشبه ذلك المهم الآن الحكم والأحكام الحكم كوني وشرعي والأحكام صوري وغائي ويكون أيضا الحكمة تكون في المشروعات وفي المخلوقات
الخبير يعني ذا الخبرة قال أهل العلم والخبرة هي العلم ببواطن الأمور مشتقة من خبير الزرع الذي يكون في الأرض ويكون خفيا ولهذا يمر عليكم في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن المخابرة ) لأن المزارعة التي تشتمل على الغرر إذن الخبير يعني العليم ببواطن الأمور جلا وعلا حتى أن الله قال (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ))[ق:16] الذي يحدث به نفسه يعلمه الله عز وجل قبل أن يحدث به الإنسان وقبل أن يعلم به إخوانه الخبير إذن ذو الخبرة وهي العلم ببواطن الأمور طيب هل نقول وإذا كان خبيرا لزم أن يكون عليما ؟ نعم يلزم أن يكون عليما وقرن الله تعالى هنا بين الحكيم والخبير ليعلم الناس أن حكمة الله عز وجل عن خبرة وعلم ببواطن الأمور وعلى هذا فقد تكون خفية على كثير من الناس لأنه لا يدرك الحكمة إلا من كان خبيرا ففي قرن هذين الاسمين فائدة وهي أن الخبرة قد تكون خفية لا يعلمها إلا الله عز وجل ومن ثم قلنا إن جميع أوامر الشرع ونواهيه حكمة ولا حاجة أن نعرف العلة لأن نعلم أن الله حكيم عز وجل وأنه ما شرعه إلا لحكمة فلا حاجة وما موقفنا من الأوامر والنواهي إلا أن نقول سمعنا وأطعنا إن تيسر لنا معرفة الحكمة فهذا منة من الله عز وجل ومساعدة ومعونة من الله حتى يطمئن القلب ويقوى الإيمان وإن لم تتبين فالمؤمن يكفيه أن هذا حكم الله عز وجل ولذلك ربما تكون العبادة التي تخفى حكمتها أبلغ في التعود لأن الشيء إذا علمت علته قد يكون عقلك مرتضيه لكن إذا كنت لا تعرف العلة فإن تذللك لله به وعبادتك إياه أبلغ في التذلل مثلا رمي الجمرات حصى تأخذه من الأرض ترمي بها في مكان معين الإنسان قد يعلم العلة وقد لا يعلم أكبر علة فيها أنها ذكر لله عز وجل كما جاء في الحديث ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) فهذا كمال التعبد إنسان عاقل مؤمن فاهم ذكي يأخذ حصيات ويرميها في مكان معين هذا لولا أنه مشروع لقيل أنه عبث لكنه في وقته ومكانه مشروع لأنه ايش ؟ فيه كمال التعبد والتذلل لله وأن المؤمن يقول سمعنا وأطعنا مع أن فيه ذكرا لله بالقلب وهو كمال التذلل والتعبد وفيه ذكر لله باللسان لأنه يشرع في كل حصاة ترميها أن تقول الله أكبر
قال الله تعالى : { قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لاأشهد قل إنما هو إله واحد وإنني برىء مما تشركون }
ثم قال عز وجل (( قل أي شيء أكبر شهادة )) قيل أن هذه الآية لها سبب وهو أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم من يشهد لك بأنك حق اليهود والنصارى أنكروا فمن يشهد لك فأنزل الله هذه الآية وسواء كان هذا هو السبب أو لم يكون هذا هو السبب لأن في قلوب المشركين لا شك أن الشيطان يلقي في قلوبهم ويقول محمد لا شاهد له ما له شاهد ويقول الله عز وجل (( قل أي شيء أكبر شهادة )) أي شيء الجواب واضح ولهذا أمر الله نبيه أن يجيب قبل أن يجيب هؤلاء لئلا يكابر ويعاند فقال (( قل الله شهيد بيني وبينكم )) وكان يتبادر أن يقول الله جوابا لهم هم لو قالوا من الشاهد لكن الرسول يسألهم يقول أي شيء أكبر شهادة ربما يكابرون ويقولون لا شاهد لك فقال (( قل الله شهيد بيني وبينكم )) نعرب الآية لأن فيها أوجه (( قل الله )) الإعراب الأول أن يكون الاسم الكريم مبتدأ والخبر محذوف والتقدير قل الله أكبر شهادة وعلى هذا التقدير يكون قوله (( شهيد )) خبر مبتدأ محذوف والتقدير هو شهيد بيني وبينكم
أن يكون الاسم الكريم مبتدأ خبره محذوف والتقدير الله أكبر شهادة ليكون مطابقا لقوله (( قل أي شيء أكبر شهادة )) وعلى هذا التقدير يكون قوله (( شهيد بيني وبينكم )) خبر مبتدأ محذوف تقدير هو شهيد بيني وبينكم
الوجه الثاني أن يكون الاسم الكريم خبر لمحذوف تقديره هو الله وعلى هذا التقدير يكون قوله (( شهيد )) يجوز فيها وجهان:
الوجه الأول أن تكون خبرا ثاني للمبتدأ المحذوف ويكون التقدير هو الله شهيد خبر ثاني
والوجه الثاني أن تقول شهيد خبر مبتدأ محذوف يعني هو الله هو شهيد بيني وبينكم
هذه الأوجه في الإعراب يتوقف عليها الوقوف على أي كلمة نقف (( قل الله )) نقف علي هذا، فيه وجه آخر منفصل عن الوجوه أن يكون الاسم الكريم مبتدأ وخبره شهيد (( قل الله شهيد بيني وبينكم )) وإذا كان الله شهيد بينه وبين أعدائه فمن أكبر من الله؟ لا أحد أكبر كل هذه الأوجه مهما تنوعت لا تعدوا أن يكون المعنى الله أكبر شهادة من كل شيء ولا شك في هذا الله أكبر شهادة من كل شيء وبماذا شهد الله للرسول عز وجل ؟ شهد الله للرسول عز وجل بصدقه باللفظ وبالفعل اللفظ قال الله تعالى (( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ))[النساء:166] وقال عز وجل (( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ))[المنافقون:1] فهذه شهادة قولية من الله على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق
أما الفعل فالآيات الذي ينزلها الله عليه هذه شهادة فعلية من الله التمكين له في الأرض تمكينه من أن يضرب الأعناق ويسبي الأموال والذرية تمكينه من أن يتلوا القرآن على الناس ويقول هذا كلام الله وقد قال له الله عز وجل (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ))[الحاقة:46] وشهادة الله الفعلية كثيرة شهد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه حق (( قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ ))[الأنعام:19] مبهما أبهم الفاعل لأنه معلوم فالموحي هو الله عز وجل والوحي في اللغة العربية في الأصل الإعلام بسرعة وخفاء أن تعلم صاحبك بسرعة تعطيه كلمات يفهمها بسرعة وخفاء لئلا يطلع عليها أحد فأصله السر أصل الوحي السر لكنه في الاصطلاح هو عبارة عن تكليم الله عز وجل بواسطة أو بغير واسطة لأحد من عباده بشريعة يبلغها الناس هذا الوحي وسمي بذلك لأن الوحي خفي تارة يكون في روع الرسول وتارة يكون بتكليم الله للرسول من وراء حجاب وتارة يكون بإرسال رسول يرسله الله عز وجل فيوحي بعلمه ما يشاء
وقوله (( القرآن )) مصدر كالغفران والشكران وهل هذا المصدر بمعنى اسم المفعول ولا بمعنى اسم الفاعل المصدر يأتي بمعنى اسم الفاعل ويأتي بمعنى اسم المفعول تقول هذا عدل رضي أي عادل راضي وفي الحديث ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي مردود فهل هنا هذا المصدر بمعنى اسم الفاعل أو بمعنى اسم المفعول ؟ الجواب بهما يكون لهما جميعا فهو بمعنى اسم الفاعل أي قارئ لأنه جامع ، جامع آياته وكلماته وما يحتاج الناس إليه ومعنى المفعول أي مقروء وكلا الوصفين ثابت للقرآن الكريم
(( لأنذركم به )) اللام هنا متعلق بأوحي أي أوحي إلي لأكون منذرا لكم وهذا هو الحكمة من الوحي أن الله سبحانه وتعالى يوحي للرسول لينذر به وإذا أورث الله عز وجل رجلا هذا الوحي فإنما أورثه الله لينذر ويقول الحق كما سيأتي إن شاء الله في الفوائد
(( ومن بلغ )) من هذه اسم موصول معطوف على ايش ؟ على الكاف ينذر يعني وينذر به من بلغ والفاعل يعود على القرآن والمعنى ومن بلغه القرآن بأي واسطة من بلغه القرآن فقد أنذر ولكن من بلغه القرآن بغير اللغة العربية لم يفهم منه شيء فلا تقم عليه الحجة ومن بلغة باللغة العربية وهو لا يفهمها فإنها لا تقوم عليه الحجة لقول الله تعالى (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ))[إبراهيم:4] وقوله تعالى (( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ))[يوسف:2] جعلناه يعني صيرناه باللغة العربية
أن يكون الاسم الكريم مبتدأ خبره محذوف والتقدير الله أكبر شهادة ليكون مطابقا لقوله (( قل أي شيء أكبر شهادة )) وعلى هذا التقدير يكون قوله (( شهيد بيني وبينكم )) خبر مبتدأ محذوف تقدير هو شهيد بيني وبينكم
الوجه الثاني أن يكون الاسم الكريم خبر لمحذوف تقديره هو الله وعلى هذا التقدير يكون قوله (( شهيد )) يجوز فيها وجهان:
الوجه الأول أن تكون خبرا ثاني للمبتدأ المحذوف ويكون التقدير هو الله شهيد خبر ثاني
والوجه الثاني أن تقول شهيد خبر مبتدأ محذوف يعني هو الله هو شهيد بيني وبينكم
هذه الأوجه في الإعراب يتوقف عليها الوقوف على أي كلمة نقف (( قل الله )) نقف علي هذا، فيه وجه آخر منفصل عن الوجوه أن يكون الاسم الكريم مبتدأ وخبره شهيد (( قل الله شهيد بيني وبينكم )) وإذا كان الله شهيد بينه وبين أعدائه فمن أكبر من الله؟ لا أحد أكبر كل هذه الأوجه مهما تنوعت لا تعدوا أن يكون المعنى الله أكبر شهادة من كل شيء ولا شك في هذا الله أكبر شهادة من كل شيء وبماذا شهد الله للرسول عز وجل ؟ شهد الله للرسول عز وجل بصدقه باللفظ وبالفعل اللفظ قال الله تعالى (( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ))[النساء:166] وقال عز وجل (( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ))[المنافقون:1] فهذه شهادة قولية من الله على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق
أما الفعل فالآيات الذي ينزلها الله عليه هذه شهادة فعلية من الله التمكين له في الأرض تمكينه من أن يضرب الأعناق ويسبي الأموال والذرية تمكينه من أن يتلوا القرآن على الناس ويقول هذا كلام الله وقد قال له الله عز وجل (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ))[الحاقة:46] وشهادة الله الفعلية كثيرة شهد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه حق (( قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ ))[الأنعام:19] مبهما أبهم الفاعل لأنه معلوم فالموحي هو الله عز وجل والوحي في اللغة العربية في الأصل الإعلام بسرعة وخفاء أن تعلم صاحبك بسرعة تعطيه كلمات يفهمها بسرعة وخفاء لئلا يطلع عليها أحد فأصله السر أصل الوحي السر لكنه في الاصطلاح هو عبارة عن تكليم الله عز وجل بواسطة أو بغير واسطة لأحد من عباده بشريعة يبلغها الناس هذا الوحي وسمي بذلك لأن الوحي خفي تارة يكون في روع الرسول وتارة يكون بتكليم الله للرسول من وراء حجاب وتارة يكون بإرسال رسول يرسله الله عز وجل فيوحي بعلمه ما يشاء
وقوله (( القرآن )) مصدر كالغفران والشكران وهل هذا المصدر بمعنى اسم المفعول ولا بمعنى اسم الفاعل المصدر يأتي بمعنى اسم الفاعل ويأتي بمعنى اسم المفعول تقول هذا عدل رضي أي عادل راضي وفي الحديث ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي مردود فهل هنا هذا المصدر بمعنى اسم الفاعل أو بمعنى اسم المفعول ؟ الجواب بهما يكون لهما جميعا فهو بمعنى اسم الفاعل أي قارئ لأنه جامع ، جامع آياته وكلماته وما يحتاج الناس إليه ومعنى المفعول أي مقروء وكلا الوصفين ثابت للقرآن الكريم
(( لأنذركم به )) اللام هنا متعلق بأوحي أي أوحي إلي لأكون منذرا لكم وهذا هو الحكمة من الوحي أن الله سبحانه وتعالى يوحي للرسول لينذر به وإذا أورث الله عز وجل رجلا هذا الوحي فإنما أورثه الله لينذر ويقول الحق كما سيأتي إن شاء الله في الفوائد
(( ومن بلغ )) من هذه اسم موصول معطوف على ايش ؟ على الكاف ينذر يعني وينذر به من بلغ والفاعل يعود على القرآن والمعنى ومن بلغه القرآن بأي واسطة من بلغه القرآن فقد أنذر ولكن من بلغه القرآن بغير اللغة العربية لم يفهم منه شيء فلا تقم عليه الحجة ومن بلغة باللغة العربية وهو لا يفهمها فإنها لا تقوم عليه الحجة لقول الله تعالى (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ))[إبراهيم:4] وقوله تعالى (( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ))[يوسف:2] جعلناه يعني صيرناه باللغة العربية
3 - قال الله تعالى : { قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لاأشهد قل إنما هو إله واحد وإنني برىء مما تشركون } أستمع حفظ
فوائد الآية : { وهو القاهر فوق عباده................ }
قال الله تعالى (( وهو القاهر فوق عباده ... )) إلى آخره وفي هذه الآية فوائد
منها إثبات اسم القاهر لله عز وجل لأنه قال وهو القاهر وجاءت بصيغة أخرى القهار كما قال تعالى (( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ))[غافر:16] فيستفاد من إثبات الاسم إثبات الصفة وهي القهر لأن كل أسماء الله كلها دالة على معنى واحد أو أكثر لأنها أسماء وأوصاف فهي باعتبار تعيين الذات أسماء وباعتبار دلالتها على المعنى أوصاف ولهذا نقول أسماء الله عز وجل ليست كأسماء بني آدم مثلا فإن بني آدم قد يسمى الإنسان باسم وهو أبعد الناس عن وصفه بخلاف أسماء الله
من فوائدها إثبات الفوقية لله عز وجل لقوله فوق عباده وكما سبق أنها فوقية مكان وفوقية مكانة أما فوقية المكانة فما أحد من المسلمين ينازع وهي الفوقية المعنوية أما فوقية المكان فقد تنازع المسلمون فيها على طرفين ووسط
الطرف الأول يقول إنه عز وجل في كل مكان في السماء وفي الأرض وفي الأسواق وفي المساجد وفي المدارس وفي كل مكان ولا يخفى ما يلزم على هذا القول الباطل من اللوازم الفاسدة كمخالفة النصوص ومخالفة الفطر ومخالفة العقول وصف الله تعالى بما لا يليق بجلاله
وقسم آخر على العكس من هذا قال لا يجوز أبدا أن نثبت أن الله في مكان لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ومعلوم أن هذا القول يعني العدم فإذا قلت بأن الله ليس فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا متصل ولا منفصل فهو هو العدم تماما ولهذا قال محمود بن سُبَكتَكين رحمه الله وهو من أقوى الأمراء والسلاطين في المشرق قال لمحمد بن الفورك لما سأله عن علو الله وقال: " لا نقول فوق ولا تحت" إلى آخره قال: " بين لي الفرق بين إلهك والعدم " أو كلمة نحوها وصدق رحمه الله
قلنا أنهما طرفان ووسط الوسط الذي هدى الله إليه سلف الأمة وأئمة الأمة وأهل السنة أن الله تعالى في مكان فوق كل شيء لكن ليس معنى ذلك أنه في مكان يحيط به مكان كما نحن الآن في المسجد تحيط بنا جدران المسجد لا في مكان فوق فضا لأن ما فوق المخلوقات عدم ما فوقها شيء حتى نقول إن الله أحاط به شيء من مخلوقاته فهو فضاء عدمي والله تعالى فوق كل شيء وهذه الفوقية فوقية المكان دل عليها الكتاب والسنة فلنسأل يا عبد الرحمن بن جمعة نريد دليلا من القرآن على فوقية الله فوقية المكان ؟
الطالب : قوله (( أأمنتم من في السماء )) وقوله (( الرحمن على العرش استوى ))
الشيخ : من السنة
الطالب : سال النبي صلى الله عليه وسلم جارية أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة .
الشيخ : نعم .من السنة الفعلية
الطالب : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب للناس في حجة الوداع كان يشير إليهم
الشيخ : كان يقول اللهم اشهد يرفع أصبعه إلى السماء ثم ينكتها إلى الناس يردها إليهم طيب كذلك أيضا من أدلة علو الله الدليل العقلي يحيى
الطالب : أن العلو أفضل من السفل
الشيخ : صفة كمال أليس كذلك والله تعالى موصوف بصفات الكمال فلزم أن يكون عاليا ولأن ضد العلو السفل لأنهما متقابلان فإذا انعدم علوه لزم ثبوت سفوله وهذا مستحيل على الله الفطرة...
الطالب أن الإنسان يجد من نفسه توقا إلى العلو إذا ضيق عليه أو نحو ذلك ارتفع قلبه إلى السماء
الشيخ : نعم أن الإنسان كلما دعا يجد من نفسه ضرورة لطلب العلو ما قال يا الله إلا يجد قلبه يرتفع إلى السماء بدون أي دراسة وبدون أي تعليم فهو دليل فطري حتى قيل إن البهائم تقر بذلك وفيه الحديث الضعيف أن سليمان بن داوود عليهما السلام خرج مرة يستسقي أي يطلب نزول المطر فوجد نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء تقول " اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا رزقك" فقال " ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم" فهذا الأثر ضعيف لكن ما يستبعد أن البهائم العجمى تعترف بعلو الله عز وجل
فتبين الآن أن دلالة الأدلة كلها الكتاب والسنة والعقل والفطرة وهناك إجماع على هذا متفقة على علو الله تبارك وتعالى علو مكانة وليس فيه أي نقص وأما تدجيل المنكرين على كتاب الله وسنة رسوله والصحابة والنبي والصحابة بأنه يلزم من ذلك أن يكون جسما فنقول إذا لزم هذا من كتاب الله ومن سنة رسوله فليكن وما يضرنا إذا لزم ولا شك أن الله تعالى له ذات مخالفة لذوات المخلوقات من كل وجه (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) حتى في الوجود والحدود مخالف فإن الله لم يزل ولا يزال موجودا بخلاف غيره من المخلوقات فهو حادث بعد أن لم يكن وأي ضرر في هذا لكن إياك أن تتصور هذه الذات العلية لأنك لا تستطيع أن تتصورها بصورة مطابقةاطلاقا كما قال تعالى (( ولا يحيطون به علما ))
طيب من فوائد الآية الكريمة إثبات العبودية لجميع الخلق لقوله (( فوق عباده )) وهذه العبودية عبودية العبودية الكونية كل الخلق عباد لله تعالى يفعل فيهم ما يشاء ولا يمكن لأي واحد بر أو فاجر مؤمن أو كافر يستعصي على ربه تعالى من هذه الناحية
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثبات اسم الله بل إثبات اسمي الله الحكيم والخبير وما تضمناه من صفة فالذي تضمنه الحكيم صفتان الإحكام والحكم وإن شئت فقل الحكمة والحكم وقد سبق في التفسير أن الحكمة هي وضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها قال بعضهم إن الشرع ما أمر بأمر فقال العقل ليته لم يأمر به ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته لم ينه عنه لأن أوامر الشرع ونواهيه مطابقة تماما للحكمة كذلك الأمور الكونية كلها مطابقة للحكمة كما سبق في التفسير
بالنسبة للحكم أيضا حكم الله نوعان شرعي وقدري أو إن شئت فقل كوني وهو أيضا موافقة للحكمة وذكرنا أن الحكمة في التفسير نوعان حكمة غاية وحكمة صورة الغاية أن كل ما قضاه الله كونا أو شرعا فإنه على وفق الحكمة والغاية منه حكمة أيضا
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثبات وصف الخبرة لله تعالى وهي العلم ببواطن الأمور يترتب على إيماننا بهذا أولا أن نستسلم لحكم الله الشرعي كما أننا مستسلمون لحكمه القدري وألا نكلف أنفسنا بالاطلاع على الحكمة فيما لا تدركه عقولنا بل نؤمن ونسلم وكذلك يقال في الأحكام القدرية تؤمن بالله وتسلم لقضائه إذن يستلزم من جهة المنهج والمسلك أن الإنسان يرضى بالحكم الشرعي لا يقول ليته لم يحرم أو ليته لم يوجد وكذلك القدر يستسلم له
كذلك من الفوائد المسلكية والمنهجية أنك تستلزم أو تلتزم بأحكام الله الشرعية لأن الحكم له والحكمة فيه فلا مناص لك عن أحكام الله الشرعية طيب وهل هذا يمنع من أن نسأل عن الحكمة ؟ لا يمنع لكن بشرط أن نستسلم تماما قبل معرفة الحكمة أما ألا نستسلم إلا إذا عرفنا الحكمة فهذا غلط عظيم وبالنسبة للخبير متى علمت أن الله تعالى خبيرا بكل شيء يقع منك فإنك سوف تخاف من مخالفة الله تعالى وسوف ترغب في القيام بأمر الله لتعلم أنك لن تعمل عملا إلا علم الله به وهذه نتيجة مهمة جدا من يترك الزنا مثلا في مكان لا يطلع عليه إلا الله وبدون معارضة من المرأة والنفس تدعوا لذلك من يترك هذا في مثل هذه الحال إلا مؤمن يعلم أن الله يراقبه ويتأمل في قصة يوسف عليه السلام دعته سيدته إلى نفسها في مكان خال ولا يمكن الوصول إليه لأنها غلقت الأبواب وهي امرأة العزيز وتقوم على جانب كبير من الجمال أو التجمل ولما همت به وهم بها رأى برهان لله عز وجل أي ما في قلبه من الإيمان فانصرف عنها وتركها خوفا من الله تعالى وقال الله في ذلك كذلك أي كان الأمر كذلك (( لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين )) وتأمل قول النبي عليه الصلاة والسلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظله منهم ( رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ) فالمهم أنك متى آمنت بعلم الله تعالى بجميع أحوالك وبما في قلبك فإنك لن تخالفه فتعصيه كيف تخالف الله تعالى وتعصيه وهو يعلم هذا لا يقع إلا ممن أزاغ الله قلبه نسأل الله السلامة نعم
منها إثبات اسم القاهر لله عز وجل لأنه قال وهو القاهر وجاءت بصيغة أخرى القهار كما قال تعالى (( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ))[غافر:16] فيستفاد من إثبات الاسم إثبات الصفة وهي القهر لأن كل أسماء الله كلها دالة على معنى واحد أو أكثر لأنها أسماء وأوصاف فهي باعتبار تعيين الذات أسماء وباعتبار دلالتها على المعنى أوصاف ولهذا نقول أسماء الله عز وجل ليست كأسماء بني آدم مثلا فإن بني آدم قد يسمى الإنسان باسم وهو أبعد الناس عن وصفه بخلاف أسماء الله
من فوائدها إثبات الفوقية لله عز وجل لقوله فوق عباده وكما سبق أنها فوقية مكان وفوقية مكانة أما فوقية المكانة فما أحد من المسلمين ينازع وهي الفوقية المعنوية أما فوقية المكان فقد تنازع المسلمون فيها على طرفين ووسط
الطرف الأول يقول إنه عز وجل في كل مكان في السماء وفي الأرض وفي الأسواق وفي المساجد وفي المدارس وفي كل مكان ولا يخفى ما يلزم على هذا القول الباطل من اللوازم الفاسدة كمخالفة النصوص ومخالفة الفطر ومخالفة العقول وصف الله تعالى بما لا يليق بجلاله
وقسم آخر على العكس من هذا قال لا يجوز أبدا أن نثبت أن الله في مكان لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ومعلوم أن هذا القول يعني العدم فإذا قلت بأن الله ليس فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا متصل ولا منفصل فهو هو العدم تماما ولهذا قال محمود بن سُبَكتَكين رحمه الله وهو من أقوى الأمراء والسلاطين في المشرق قال لمحمد بن الفورك لما سأله عن علو الله وقال: " لا نقول فوق ولا تحت" إلى آخره قال: " بين لي الفرق بين إلهك والعدم " أو كلمة نحوها وصدق رحمه الله
قلنا أنهما طرفان ووسط الوسط الذي هدى الله إليه سلف الأمة وأئمة الأمة وأهل السنة أن الله تعالى في مكان فوق كل شيء لكن ليس معنى ذلك أنه في مكان يحيط به مكان كما نحن الآن في المسجد تحيط بنا جدران المسجد لا في مكان فوق فضا لأن ما فوق المخلوقات عدم ما فوقها شيء حتى نقول إن الله أحاط به شيء من مخلوقاته فهو فضاء عدمي والله تعالى فوق كل شيء وهذه الفوقية فوقية المكان دل عليها الكتاب والسنة فلنسأل يا عبد الرحمن بن جمعة نريد دليلا من القرآن على فوقية الله فوقية المكان ؟
الطالب : قوله (( أأمنتم من في السماء )) وقوله (( الرحمن على العرش استوى ))
الشيخ : من السنة
الطالب : سال النبي صلى الله عليه وسلم جارية أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة .
الشيخ : نعم .من السنة الفعلية
الطالب : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب للناس في حجة الوداع كان يشير إليهم
الشيخ : كان يقول اللهم اشهد يرفع أصبعه إلى السماء ثم ينكتها إلى الناس يردها إليهم طيب كذلك أيضا من أدلة علو الله الدليل العقلي يحيى
الطالب : أن العلو أفضل من السفل
الشيخ : صفة كمال أليس كذلك والله تعالى موصوف بصفات الكمال فلزم أن يكون عاليا ولأن ضد العلو السفل لأنهما متقابلان فإذا انعدم علوه لزم ثبوت سفوله وهذا مستحيل على الله الفطرة...
الطالب أن الإنسان يجد من نفسه توقا إلى العلو إذا ضيق عليه أو نحو ذلك ارتفع قلبه إلى السماء
الشيخ : نعم أن الإنسان كلما دعا يجد من نفسه ضرورة لطلب العلو ما قال يا الله إلا يجد قلبه يرتفع إلى السماء بدون أي دراسة وبدون أي تعليم فهو دليل فطري حتى قيل إن البهائم تقر بذلك وفيه الحديث الضعيف أن سليمان بن داوود عليهما السلام خرج مرة يستسقي أي يطلب نزول المطر فوجد نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء تقول " اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا رزقك" فقال " ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم" فهذا الأثر ضعيف لكن ما يستبعد أن البهائم العجمى تعترف بعلو الله عز وجل
فتبين الآن أن دلالة الأدلة كلها الكتاب والسنة والعقل والفطرة وهناك إجماع على هذا متفقة على علو الله تبارك وتعالى علو مكانة وليس فيه أي نقص وأما تدجيل المنكرين على كتاب الله وسنة رسوله والصحابة والنبي والصحابة بأنه يلزم من ذلك أن يكون جسما فنقول إذا لزم هذا من كتاب الله ومن سنة رسوله فليكن وما يضرنا إذا لزم ولا شك أن الله تعالى له ذات مخالفة لذوات المخلوقات من كل وجه (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) حتى في الوجود والحدود مخالف فإن الله لم يزل ولا يزال موجودا بخلاف غيره من المخلوقات فهو حادث بعد أن لم يكن وأي ضرر في هذا لكن إياك أن تتصور هذه الذات العلية لأنك لا تستطيع أن تتصورها بصورة مطابقةاطلاقا كما قال تعالى (( ولا يحيطون به علما ))
طيب من فوائد الآية الكريمة إثبات العبودية لجميع الخلق لقوله (( فوق عباده )) وهذه العبودية عبودية العبودية الكونية كل الخلق عباد لله تعالى يفعل فيهم ما يشاء ولا يمكن لأي واحد بر أو فاجر مؤمن أو كافر يستعصي على ربه تعالى من هذه الناحية
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثبات اسم الله بل إثبات اسمي الله الحكيم والخبير وما تضمناه من صفة فالذي تضمنه الحكيم صفتان الإحكام والحكم وإن شئت فقل الحكمة والحكم وقد سبق في التفسير أن الحكمة هي وضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها قال بعضهم إن الشرع ما أمر بأمر فقال العقل ليته لم يأمر به ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته لم ينه عنه لأن أوامر الشرع ونواهيه مطابقة تماما للحكمة كذلك الأمور الكونية كلها مطابقة للحكمة كما سبق في التفسير
بالنسبة للحكم أيضا حكم الله نوعان شرعي وقدري أو إن شئت فقل كوني وهو أيضا موافقة للحكمة وذكرنا أن الحكمة في التفسير نوعان حكمة غاية وحكمة صورة الغاية أن كل ما قضاه الله كونا أو شرعا فإنه على وفق الحكمة والغاية منه حكمة أيضا
ومن فوائد هذه الآية الكريمة إثبات وصف الخبرة لله تعالى وهي العلم ببواطن الأمور يترتب على إيماننا بهذا أولا أن نستسلم لحكم الله الشرعي كما أننا مستسلمون لحكمه القدري وألا نكلف أنفسنا بالاطلاع على الحكمة فيما لا تدركه عقولنا بل نؤمن ونسلم وكذلك يقال في الأحكام القدرية تؤمن بالله وتسلم لقضائه إذن يستلزم من جهة المنهج والمسلك أن الإنسان يرضى بالحكم الشرعي لا يقول ليته لم يحرم أو ليته لم يوجد وكذلك القدر يستسلم له
كذلك من الفوائد المسلكية والمنهجية أنك تستلزم أو تلتزم بأحكام الله الشرعية لأن الحكم له والحكمة فيه فلا مناص لك عن أحكام الله الشرعية طيب وهل هذا يمنع من أن نسأل عن الحكمة ؟ لا يمنع لكن بشرط أن نستسلم تماما قبل معرفة الحكمة أما ألا نستسلم إلا إذا عرفنا الحكمة فهذا غلط عظيم وبالنسبة للخبير متى علمت أن الله تعالى خبيرا بكل شيء يقع منك فإنك سوف تخاف من مخالفة الله تعالى وسوف ترغب في القيام بأمر الله لتعلم أنك لن تعمل عملا إلا علم الله به وهذه نتيجة مهمة جدا من يترك الزنا مثلا في مكان لا يطلع عليه إلا الله وبدون معارضة من المرأة والنفس تدعوا لذلك من يترك هذا في مثل هذه الحال إلا مؤمن يعلم أن الله يراقبه ويتأمل في قصة يوسف عليه السلام دعته سيدته إلى نفسها في مكان خال ولا يمكن الوصول إليه لأنها غلقت الأبواب وهي امرأة العزيز وتقوم على جانب كبير من الجمال أو التجمل ولما همت به وهم بها رأى برهان لله عز وجل أي ما في قلبه من الإيمان فانصرف عنها وتركها خوفا من الله تعالى وقال الله في ذلك كذلك أي كان الأمر كذلك (( لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين )) وتأمل قول النبي عليه الصلاة والسلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظله منهم ( رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ) فالمهم أنك متى آمنت بعلم الله تعالى بجميع أحوالك وبما في قلبك فإنك لن تخالفه فتعصيه كيف تخالف الله تعالى وتعصيه وهو يعلم هذا لا يقع إلا ممن أزاغ الله قلبه نسأل الله السلامة نعم
ما معنى الرؤية في قوله تعالى:{لولآ أن رءا برهان ريه}؟.
الطالب : أشكل علي قول الله عز وجل أن يوسف (( لولا أن رأى برهان ربه )) بإيمان قلبه فهل الإيمان شيء يرى أو يعلم ؟
الشيخ : لا الرؤية قد تكون بصرية وقد تكون علمية
الطالب :لكن يا شيخ ...رأى شيئا ..
الشيخ : لا ، لا برهان ربه ما رأى شيئا أما قولهم أنه تمثل له أبوه وما أشبه ذلك ما هو صحيح نعم
الشيخ : لا الرؤية قد تكون بصرية وقد تكون علمية
الطالب :لكن يا شيخ ...رأى شيئا ..
الشيخ : لا ، لا برهان ربه ما رأى شيئا أما قولهم أنه تمثل له أبوه وما أشبه ذلك ما هو صحيح نعم
هل من يقول إن الله في كل مكان هم من المسلمين؟.
الطالب : قلتم يا شيخ في فوقية المكان تنازع فيها المسلمون فهل من يقول الله في كل مكان يعتبروا مسلمون
الشيخ : نعم هم الآن ينتسبون للإسلام ولذلك يعدون من الفرق الإسلامية وبعض العلماء رحمهم الله أخرج الجهمية من الفرق الإسلامية لكن هذه مشكلة لو قلنا بها نخرج بها ناس لا نستطيع أن نحكم عليهم بالردة نعم يا سليم
الشيخ : نعم هم الآن ينتسبون للإسلام ولذلك يعدون من الفرق الإسلامية وبعض العلماء رحمهم الله أخرج الجهمية من الفرق الإسلامية لكن هذه مشكلة لو قلنا بها نخرج بها ناس لا نستطيع أن نحكم عليهم بالردة نعم يا سليم
حتى الحيوانات تعرف أين ربها.
الطالب : رضي الله عنك يا شيخ بالنسبة للبهائم يا شيخ نعلم أن الله يعلم ما في قلبي ويعلم صدقي وكذبي وكل شيء رأيت ناقة من شدة الولادة ترفع رأسها لفوق ......
الشيخ : لا إله إلا الله !!
الطالب :...لا ادري لايش ترفع رأسها ؟
الشيخ : لا يستبعد أن تكون رفعت رأسها إلى ربها
الطالب :....
الشيخ : سبحان الله !! هذا لا يستبعد نعم
الطالب :رأيت حشرة كالجرادة الإنسان يقف يدعوا هكذا وهي تمد يدها هكذا وتقف على رجليها تقف هكذا تمد يدها وترفع رأسها للسماء رأيتها في سفر تقف ويدها مرفوعة
الشيخ : بدون أذية
الطالب : بدون شيء
الشيخ : سبحان الله أن الجعل تعرفون الجعل واضح إذا أحد آذاه وقف على رجليه ورفع يديه هذا مشاهد
الطالب :رفع يديه كأنه سلاحه
الشيخ : كيف ؟
الطالب: يبرز السلاح
الشيخ : أي سلاح
الطالب : السلاح الذي معه
الشيخ : ما فهمت
الطالب:...
الشيخ : أيه .
الشيخ : لا إله إلا الله !!
الطالب :...لا ادري لايش ترفع رأسها ؟
الشيخ : لا يستبعد أن تكون رفعت رأسها إلى ربها
الطالب :....
الشيخ : سبحان الله !! هذا لا يستبعد نعم
الطالب :رأيت حشرة كالجرادة الإنسان يقف يدعوا هكذا وهي تمد يدها هكذا وتقف على رجليها تقف هكذا تمد يدها وترفع رأسها للسماء رأيتها في سفر تقف ويدها مرفوعة
الشيخ : بدون أذية
الطالب : بدون شيء
الشيخ : سبحان الله أن الجعل تعرفون الجعل واضح إذا أحد آذاه وقف على رجليه ورفع يديه هذا مشاهد
الطالب :رفع يديه كأنه سلاحه
الشيخ : كيف ؟
الطالب: يبرز السلاح
الشيخ : أي سلاح
الطالب : السلاح الذي معه
الشيخ : ما فهمت
الطالب:...
الشيخ : أيه .
تتمة تفسير الآية : { قل أي شئ أكبر شهادة............}
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعال وإن لم يجيبوا فقل أنت اجب (( قل الله )) يعني أكبر شهادة (( شهيد بيني وبينكم )) سبق الكلام على اعرابها وذكرنا (( قل أي شيء أكبر شهادة )) يعني قل يا محمد لهؤلاء المكذبين لك أي شيء أكبر شهادة فإن أجابوا خصموا أن شهادة الله لرسوله بالحق نوعان قولية وفعلية قال
(( وأوحي إلي هذا القرآن )) أيضا تكلمنا عليها وبينا معنى القرآن وأنه مصدر إما بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول (( لأنذركم به ومن بلغ )) قلنا من بلغه هذا القرآن فكأنما خاطبه النبي عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة لأنه قال لأنذركم أيها المخاطبون ومن بلغ (( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى )) هذا الاستفهام للاستنكار وهو استفهام داخل على جملة مؤكدة بـ ( إن ) واللام فهي كقوله تعالى (( قالوا أئنك لأنت يوسف )) همزة داخلة على جملة مؤكدة بـ ( إن ) واللام (( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى )) يؤكد أنهم شهدوا أن مع الله آلهة أخرى وينكر عليهم هذه الشهادة لأن هذه أكبر شهادة ولقد قال هؤلاء (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وانطلق الملأ منهم )) أي الأشراف (( أن امشوا )) دعوا هذه الدعوة لا تغرنكم
(( واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد )) (( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق... )) إلى آخره
(( قل لا أشهد )) يعني إن شهدتم فأنا بريء منكم لا أشهد أن مع الله آلهة لا أشهد (( قل إنما هو إله واحد )) كرر الأمر بالقول لأهمية الموضوع فأمر أولا بنفي شهادتهم ثم أمر ثانيا بإثبات شهادته (( أن الله إله واحد )) (( قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون )) بريء البراءة بمعنى الخلو ومنه أبرأ الرجل غريمة أي أخلاه من الدين الذي عليه فمعنى بريء مما تشركون أي أني خلي مما تشركون فأنبذه ولا أقرره وقوله (( مما تشركون )) يعم كل ما يشركون به
فإن قال قائل هل هو بريء من عيسى ؟ الجواب أن نقول إن عيسى عليه السلام لا يتبرأ منه الرسول عليه الصلاة والسلام وبناء على هذا فإما أن نجعل ما مصدرية ويكون المعنى بريء من شرككم وإما أن نجعلها موصولة ويستثنى من ذلك من يعبد من دون الله وهو صالح من الأنبياء والملائكة وغيرهم وهذا نظير قول الله تعالى (( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ))[الأنبياء:100] لما نزلت هذه الآية احتج المشركون على النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا إذن عيسى من أهل النار لأنه يعبد من دون الله.
(( وأوحي إلي هذا القرآن )) أيضا تكلمنا عليها وبينا معنى القرآن وأنه مصدر إما بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول (( لأنذركم به ومن بلغ )) قلنا من بلغه هذا القرآن فكأنما خاطبه النبي عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة لأنه قال لأنذركم أيها المخاطبون ومن بلغ (( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى )) هذا الاستفهام للاستنكار وهو استفهام داخل على جملة مؤكدة بـ ( إن ) واللام فهي كقوله تعالى (( قالوا أئنك لأنت يوسف )) همزة داخلة على جملة مؤكدة بـ ( إن ) واللام (( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى )) يؤكد أنهم شهدوا أن مع الله آلهة أخرى وينكر عليهم هذه الشهادة لأن هذه أكبر شهادة ولقد قال هؤلاء (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وانطلق الملأ منهم )) أي الأشراف (( أن امشوا )) دعوا هذه الدعوة لا تغرنكم
(( واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد )) (( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق... )) إلى آخره
(( قل لا أشهد )) يعني إن شهدتم فأنا بريء منكم لا أشهد أن مع الله آلهة لا أشهد (( قل إنما هو إله واحد )) كرر الأمر بالقول لأهمية الموضوع فأمر أولا بنفي شهادتهم ثم أمر ثانيا بإثبات شهادته (( أن الله إله واحد )) (( قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون )) بريء البراءة بمعنى الخلو ومنه أبرأ الرجل غريمة أي أخلاه من الدين الذي عليه فمعنى بريء مما تشركون أي أني خلي مما تشركون فأنبذه ولا أقرره وقوله (( مما تشركون )) يعم كل ما يشركون به
فإن قال قائل هل هو بريء من عيسى ؟ الجواب أن نقول إن عيسى عليه السلام لا يتبرأ منه الرسول عليه الصلاة والسلام وبناء على هذا فإما أن نجعل ما مصدرية ويكون المعنى بريء من شرككم وإما أن نجعلها موصولة ويستثنى من ذلك من يعبد من دون الله وهو صالح من الأنبياء والملائكة وغيرهم وهذا نظير قول الله تعالى (( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ))[الأنبياء:100] لما نزلت هذه الآية احتج المشركون على النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا إذن عيسى من أهل النار لأنه يعبد من دون الله.
اضيفت في - 2007-08-13