قال الله تعالى : << ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا >>
ولهذا قال : (( فضربنا على آذانهم )) أي بحيث لا يسمعون (( فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا )) أي معدودة وسيأتي بيانها في قوله تعالى : (( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ))[الكهف:25]. (( ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ )) وذلك بإيقاظهم من النوم ، وسمى الله الإيقاظ من النوم بعثاً لأن النوم وفاة ، قال الله تعالى : (( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ))[الأنعام:60] أي بالنهار ، وقال الله تعالى : (( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ ))[الزمر:42] يتوفاها ، فالنوم وفاة ولهذا قال : (( ثم بعثناهم )) يعني أيقظناهم (( لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا )) ، (( لنعلم )) ... لكن اعلم أن مثل هذه العبارة يراد بها شيئان : الشيء الأول : بالرؤيا ، وظهور ، ومشاهدة أي ... ومعلوم أن علم سيكون ليس كعلم ما كان ، أليس كذلك ؟ بلى ، لأن علم الله عز وجل بالشيء قبل وقوعه علمه بأنه سيقع لكن بعد وقوعه علمه بأنه وقع . الشيء الثاني : أن العلم الذي يترتب عليه الحساب هو المراد بالآية إذاً نعلم علماً يترتب عليه وذلك كقوله تعالى : (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ))[محمد:31]، فهو يعلم هذا قبل أن يبتلينا قد ... لكن هذا ... بمعنى علم الظهور ومشاهدة ، وليس علم الظهور والمشاهدة كعلم ... والثاني : علماً يترتب عليه الحساب أما في حق وقوع المعلوم بالنسبة لله هذا حق ، بينما أنه علم أنه يقع وما علم أنه سقط كل ... أن يعلم ما سيقع في خبر الصادق لكن علمنا بذلك كعلمنا به إذا شاهدناه ، ولهذا جاء في غير طريق ( ليس الخبر كالمعاينة ) ، (( لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ))( الحزبين ) يعني الطائفتين ( أحصى ) يعني أبلغ في الإحصاء وليست فعلاً ماضيا بل هي اسم تفضيل (( أي الحزبين أحصى )) يعني أوفر (( لما لبثوا أمدا )) يعني المدة التي لبثوها ، لأنهم تنازعوا أمرهم فقالوا: (( لبثنا يوم أو بعض يوم )) ثم جاء من بعدهم أيضاً اختلفوا كم لبثوا ؟ (( لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ))
قال الله تعالى : << نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية ءامنوا بربهم وزدناهم هدى >>
(( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ )) نحن نقص صدقاً وعلماً وبياناً وإيضاحاً لأن كلام الله تبارك وتعالى متضمن للعلم ، والصدق ، والفصاحة ، والإرادة ، أربعة أشياء : علم كلامه عز وجل عن علم ، كلامه أيضاً عن صدق ، كلامه في غاية الفصاحة ، إرادته بهذا الكلام خير إرادة ، يريد بما يتكلم به عبادته عز وجل ، إذاً (( نحن نقص )) قص الله عز وجل أجمل القصص ، وأحسن القصص لأنه صادر عن علم ، والثاني : عن صدق ، والثالث : بأفصح ألفاظه وأبينها وأوضحها ، ولا شيء أفصح من كلام الله الرابع : الإرادة ، لم نجد يقص علينا أن نضل ولابد حكم علينا أن نهتدي وأن نعتبر ، وقوله : (( نحن نقص )) إذا قال قائل : نحن للجماعة ؟ فالجواب للجماعة صح ؟ لا ، واحد ، لكنه لاشك أنه جل وعلا من أعظم العظماء إذا أسند الواحد إلى نفسه صيغة الجمع فهو يعني أنه تعظيماً، ومعلوم أنه لا أحد أعظم من الله عز وجل ، و لهذا تجد الملوك والرؤساء إذا أرادوا أن يصدروا القررات ماذا يقولون ؟ نحن فلان وفلان نأمر بكذا وكذا إذاً كل ضمائر الجمع المنسوبة إلى الله عز وجل المراد بها تعظيمه ، (( نقص عليك نبأهم بالحق )) أي نقص عليك ونحدثك به (( نبأهم )) أي خبرهم ، (( بالحق )) أي بالصدق المطابق للواقع ، (( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ )) ، (( فتية )) شباب ، لكنهم عندهم قوة عزيمة ، قوة إيمان (( وَزِدْنَاهُمْ هُدًى )) زادهم الله عز وجل هدى ، لأن الله تعالى يزيد الذين يهتدون هداه ، وكلما ازدت عملاً بعلم زادك الله هداه ، أي زادك الله علماً ،
قال الله تعالى : << وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات و الأرض لن ندعوا من دونه إلاها لقد قلنآ إذا شططا >>
(( وربطنا على قلوبهم )) أي ثبتناها وجعلنا لهم رباطا في أن جميع قومهم على صدقهم ومخالفة اللفظ تحتاج إلى تثبيت لكنهم لما أنهم شباب ، والشاب ربما يؤثر في أبوه ويقول له : اكفر ولكن الله ربط على قلوبهم وثبتهم ، اللهم ثبتنا يارب العالمين ، (( وربطنا على قلوبهم )) يعني ثبتناها قويناها (( إذ قاموا )) يعني في قومهم معلمين بالتوحيد (( فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ )) ولم يبالوا بأحد فهم كسحرة فرعون ماذا قالوا ؟ (( قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ )) سوى لتبغي (( إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ))[طه:72]، والدنيا كلها قاضية منتهية ولابد لكل إنسان من أحد أمرين : إما الهرم ، وإما الموت ، ولهذا الهرم الموت ولهذا يقول الشاعر : لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته باستنكار الموت والهرم ... لكن من نعمة الله عز وجل أن الناس ينسون هذا الأمر لكن هؤلاء الناسين منهم من ينسى هذا الأمر بالاشتغال لطاعة الله ، ومنهم من يشتغل ... بالخلط بين أمرين ، في الفترتين يالا نكمل ونسأل الله العون ولكن أسأل هل تريدون أن نسأل عن الدرس الماضي أو نمشي ؟ تسألون . وقفنا في المناقشة إلى (( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم )) نعم (( الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً )) إيش اللي وقفنا عليه ؟ اللي قرأناه بعد الأذان هو اللي يحتاج إلى مناقشة لأن الأول ناقشناه (( إذ أوى )) طيب ،
وله تبارك وتعالى : (( إذ أوى الفتية إلى الكهف )) ما المراد بالفتية هنا ؟ يعني معنى الفتية ؟ الطالب: ..... الشيخ : أحسنت . قوله : (( فضربنا على آذانهم )) ولم يقل : فأنمناهم إشارة إلى ؟ الطالب : ..... الشيخ : إذا عمت نومهم وأنهم لا يسمعون شيئاً ، والنائم الذي نومه خفيف يسمع ، وكلما صوت عليه سمع أما هؤلاء فلا يسمعون . قوله : (( بعثناهم )) يستفاد منه أنت ؟ الطالب : أن النوم يسمى وفاة . الشيخ : أن النوم وفاة وهل في القرآن ما يدل على ذلك صراحة ؟ الطالب : نعم ، قول الله عز وجل : (( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ))[الأنعام:60]. الشيخ : أحسنت . قوله : (( لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ))[الكهف:12]، أليس الله تبارك وتعالى عالما بذلك قبل أن يكون ؟ الطالب : ..... الشيخ : الجواب نعم ولا لا . الطالب : بلى هو عالم . الشيخ : كيف قال : (( لنعلم )) والمعروف أن اللام للتعليل ؟ الطالب : ..... أنه يقال : علم ظهور ومشاهدة ، أو أنه علم بذاته . الشيخ : يعني علم يترتب عليه الجزاء ، طيب ، لكن في غير هذه الآية قد لا يصح هذا الوجه الثاني . (( أي الحزبين )) ما هما ؟ الطالب : الحزبين هم هؤلاء الفتية أو الذين عثروا عليهم . الشيخ : إما الفتية وإما قومهم الذين عثروا عليهم ، طيب لكن الفتية أقرب لأن الله سيقول فيما بعد : (( قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ )) [الكهف:19]، أظن انتهينا إلى قوله : (( وربطنا على قلوبهم ))
تتمة تفسير الآية : << وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات و الأرض لن ندعوا من دونه إلاها لقد قلنآ إذا شططا >>
قال الله عز وجل : (( وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ))(( ربطنا على قلوبهم )) أي ثبتناها وقويناها كأنها شيء ربط عليها ، (( إذ قاموا )) أي حين قاموا ، قاموا يعني بأقوامهم متبرئين مما كان عليهم هؤلاء الأقوام ، (( ربنا رب السماوات والأرض )) وليس رب فلان وفلان بل هو رب السماوات والأرض فهو سبحانه وتعالى مالك ، وخالق ، ومدبر للسماوات والأرض لأن الرب الذي هو اسم من أسماء الله معناه الخالق ، المالك ، المدبر ، رب السماوات والأرض ، السماوات السبع والأرض كذلك سبع كما جاءت بذلك النصوص ولا حاجة لذكرها لأنها معلومة والحمد لله (( لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا )) ، (( لن ندعو )) دعاء مسألة ولا دعاء عبادة ، (( إلهاً )) سواه ، فأقروا بالربوبية وأقروا بالألوهية ، الربوبية قالوا : (( ربنا رب السماوات والأرض )) والألوهية قالوا : (( لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا )) أي سواه عز وجل ، (( لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ))(( لَقَدْ قُلْنَا إِذًا )) الجملة هذه مؤكدة بثلاث مؤكدات وهي : اللام ، وقد ، والقسم الذي دلت عليه اللام ، وقوله : (( إذاً )) أي لو دعونا إلهاً سواه ، (( لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا )) مائلاً وموغلاً في الكفر ، وصدقوا لو أنهم دعوا غير الله إلهاً لقالوا هذا القول المائل الموغل في الكفر والعياذ بالله
قال الله تعالى : << هؤلآء قومنا اتخذوا من دونه ءالهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن على الله كذبا >>
(( هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً )) يشيرون إلى وجهة نظرهم في انعزالهم عن قومهم ، قالوا : (( هؤلاء قومنا اتخذوا )) أي سيروا (( آلهة )) من دونه آلهة ، عبدوها من دون الله (( لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ))(( لولا )) هنا بمعنى هلا ، ولولا لها معاني جاءت لها في اللغة العربية ليس هذا موضع ذكرها لكنها هنا بمعنى هلا ، مثلها مثل قوله تعالى : (( لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ))[النور:13]، أي هلا جاءوا ، (( يأتون عليهم )) أي على هذه الآلهة أي على كونها آلهة وكونهم يعبدونها ، فالمطلوب منهم شيئاًن : أن يثبتوا أنها بآلهة ، وأن يثبتوا أن عبادتهم لها حق وكلا الأمرين مستحيل ، (( لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ )) وقوله : (( بسلطان بين )) السلطان كل ما للإنسان به سلطة ، كل شيء له سلطة به فهو سلطان ، قد يكون المراد به الدليل مثل (( إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا ))[يونس:68]، وقد يكون المراد بالقوة والغلبة لقوله تعالى : (( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ))[النحل:100]، وقد يكون الحجة والبرهان كما هنا وكما ذكرنا قبل قليل (( بسلطان بين )) أي بحجة ظاهرة يكون لهم بها سلطة ، والجواب يمكن أو لا يمكن ؟ لا يمكن ، ولهذا قالوا : (( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا )) الفاء للتفريق ، ومن استفهام بمعنى النفي أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذباً ، واعلم أن الاستفهام إذا ضمن معنى النفي صار فيه زيادة فائدة وهي أنه يكون مشرباً معنى التحدي لأن النفي المجرد لا يدل على التحدي لو قلت : ما قام زيد ما فيه تحدي ، لكن إذا قلت : (( مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا )) فهذا تحدي كأنك تقول : أخبرني أو أوجد لي أحداً أظلم ممن افترى على الله كذبا ، وقوله : (( من أظلم )) أي من أشد ظلماً ممن افترى على الله كذباً بنسبة الشريك إليه وإلى غير ذلك ، كل من افترى على الله كذباً فلا أحد أظلم منه ، أنت لو كذبت على شخص لكان هذا ظلماً ، على شخص أعلى منه لكان هذا ظلماً أعلى من الأول ، فإذا افتريت على الله كذباً صار لا ظلم فوقه ولهذا قال : (( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا )) فإن قال قائل : نجد أن الله تعالى يقول : (( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا )) ويقول : (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ))[البقرة:114]، وتأتي أظلم في موضعين : وأظلم تدل على اسم التفضيل فكيف الجمع ؟ نقول : إن الجمع أنها اسم تفضيل في نفس المعنى الذي وردت به فمثلاً (( مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ )) أي لا أحد أظلم منعاً ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ، الكذب أي الكذب أظلم ؟ الكذب على الله عز وجل فتكون الأظلمية هنا بالنسبة للمعنى التي سيقت فيه ، ليست أظلمية مطلقة لأنها لو كانت مظلمية مطلقاً لكان فيه نوع من التناقض ، لكن لو قال قائل : ألا يمكن أن تقولوا : إنها اشتركت في الأظلمية ؟ يعني هذه أظلم شيء وهذه أظلم شيء ؟ نقول : لا يمكن لأنه لا يمكن أن تقرن بين من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وبين من افترى على الله كذباً ، أيهما أعظم ؟ الثاني ، فلا يمكن أن يشتركا في الأظلمية ، وحينئذ يتعين المعنى الأول ، ما هو المعنى الأول ؟ أن تكون الأظلمية بالنسبة للمعنى التي سيقت له أو سيقت فيه ، (( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ))
قال الله تعالى : << و إذ اعتزلتموهم و ما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمه ويهيئ لكم من أمركم مرفقا >>
(( وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ )) من قائل هذا ؟ القائل هم الفتية ، يعني قال بعضهم لبعض : ما دمتم اعتزلتم قومكم وما يعبدون من دون الله يعني أصنامهم (( فأووا إلى الكهف )) يعني أأووا إلى الكهف وأل في الكهف يحتمل أن تكون للعهد وكأنه ألفوا أن يأووا إليه أو إن المراد بها الكمال يعني إلى الكهف الكامل الذي يمنعكم من قومكم ، أما الأول فيحتاج إلى دليل ، يعني أنها للعهد يحتاج أن نعلم أن هؤلاء الفتية كانوا يذهبون إلى الكهف المعين يأوون فيه ، وأما الثاني فوجهه أنه إنما يطلبون كهفاً يمنعهم ويحميهم فتكون أل لبيان الكمال أي إلى كهف يمنعكم ويحميكم من عدوكم ، (( إلى الكهف يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا )) يعني أنكم إذا فعلتم ذلك فإن الله تعالى سوف ييسر لكم الأمر ، لأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ، وهنا سؤال قوله : (( فأووا إلى الكهف )) الفاء يتبادر إلى الذهن أنها في جواب الشرط والمعروف أن إذ ليست للشرط وإنما الذي للشرط هو إذا أو إذ إذا اقترنت بما ، لكن إذا لم تقترن بما فليست للشرط ، والجواب عن ذلك أن يقال إما أنها ضمنت معنى الشرط فجاء الجواب ، (( فأووا إلى الكهف )) أو إن الفاء للتفريق ليست للربط والمعنى فحينئذ إذا اعتزلتموهم فأووا إلى الكهف ، وقوله : (( وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا )) أي يهيئ لكم من شأنكم (( مرفقاً )) أي مكاناً ترتفقون به
قال الله تعالى : << و ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين و إذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من ءايات الله من يهد الله فهو المهتد و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا >>
ثم قال عز وجل : (( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ )) ترى أيها الإنسان الشمس إذا طلعت (( تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ )) في قوله : (( تزاور )) قراءتان : (( تزَّاور )) وأصلها تتزاور ، و (( وتزاور )) بالتخفيف والمراد بذلك أنها تميل (( عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ )) تصوروا كيف يكون الكهف الآن ؟ إذا كانت تزاور عنه ذات اليمين ، يكون وجه الكهف إلى الشمال ، ولهذا قال بعضهم : إن وجه الكهف على بنات نعش ، بنات نعش معروفة نجوم في السماء يعرفها أهل البر (( وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ )) تكون عن شمال الغار، وقوله : (( تقرضهم )) قيل : المعنى تتركهم ، وقيل : المعنى تصيب منهم ، وهو الأقرب أنها تصيب منهم ، وفائدة هذه الإصابة لأجل أن تمنع أجسامهم من التغير لأن الشمس كما يقول الناس : أنها صحة وفائدة للإنسان ، (( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ )) الضمير في قوله : (( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ )) يعود على هؤلاء الفتية ، هذه الفجوة يعني الشيء الداخل يعني ليسوا على جانب الباب مباشرة بل هم في مكان داخل لأن ذلك أحفظ لهم ، وفي قوله تعالى : (( إذا طلعت تزاور ))(( إذا غرب تقرض )) دليل على أن الشمس هي التي تتحرك ، وهي التي بتحركها يكون الطلوع والغروب ، خلافاً لما يقوله الناس الآن : من أن الذي يدور هو الأرض ، أما الشمس فهي ثابتة ، فنحن لدينا شيء من كلام الله ، الواجب علينا أن نجريه على ظاهره وألا نتزحزح عن هذا الظاهر إلا بدليل بين فإذا ثبت لدينا بالدليل القاطع أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض فحينئذ يجب أن نأول الآيات إلى المعنى المطابق للواقع ، فنقول : (( إذا طلعت )) في رأي العين ، (( إذا غربت )) في رأي العين (( تزاور )) في رأي العين ، (( تقرض )) في رأي العين ، أما قبل أن يتبين لنا بالدليل القاطع أن الشمس ثابتة والأرض هي التي تدور وبدورانها يختلف الليل والنهار فإننا لا نقبل هذا أبداً ، علينا أن نقول : إن الشمس بدورانها يكون الليل والنهار ، لأن الله أضاف الأفعال إليها ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما غربت الشمس قال لأبي ذر : ( أتدري أين تذهب ؟) فأسند الذهاب إليها ، ونحن نعلم علم اليقين أن الله تعالى أعلم بخلقه ولا نقبل حدثاً ولا ظناً لكن لو أن آل الأمر تيقنا يقيناً أن الشمس ثابتة في مكان والأرض تدور ويكون اختلاف الليل والنهار حينئذ تأويل الآيات واجب حتى لا يخالف الشيء المقطوع به . قال الله تعالى : (( ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ))(( ذلك )) الضمير يعود على حال هذه الفتية ، خروجهم من قومهم ، وإيوائهم إلى هذا الغار، وتيسير الله عز وجل غاراً مناسباً تماماً لاشك أنه من آيات الله الدالة على حكمته ورحمته عز وجل ، هل نعتبر هذا كرامة ؟ الجواب نعم ، نعتبره كرامة ولا شك ، (( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا )) اللهم اهدنا وأعذنا من الظلام ، (( من يهد الله )) هذه من الشرطية ، والدليل على أنها شرطية حذف الياء من يهدي ، والجواب (( فهو المهتد )) وقوله : (( فهو المهتد )) أصلها المهتدي بالياء لكن حذفت الياء تخفيفاً كما حذفت في قوله تعالى : (( الكبير المتعال )) ، (( ومن يضلل )) أي يقدر أن يكون ضالاً (( فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا )) أي من يتولاه ويرشده إلى الصواب ، وفي هذا الخبر من الله عز وجل تنبيه على أننا لا نسأل الهداية إلا من الله عز وجل ، وأننا لا نجزع إذا رأينا من هو ضال ، لأن الإضلال بيد من ؟ بيد الله عز وجل فنحن نؤمن بالقدر ولا نسخط الإضلال الواقع من الله لكن يجب علينا أن نرشد هؤلاء الضالين فهنا شرط وقدر ، القدر يجب عليك أن ترضى به على كل حال ، والمقدور فيه تفصيل : المشروع يجب عليك أن ترضى به بكل حال ، فنحن نرضى حيث أن الله تعالى جعل الناس على قسمين : مهتد وضال ، ولكن يجب علينا مع ذلك أن نسعى في هداية الخلق
قال الله تعالى : << و تحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال و كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا و لملئت منهم رعبا >>
قال الله تعالى : (( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ))(( تحسبهم )) أي الرائي ، أي تحسبهم أيها الرائي ، إذا رأيتهم تحسبهم أيقاظاً لأنه ليس عليهم علامة النوم ، النائم يكون مستغفلاً وتغمض عيناه وهؤلاء كأنهم أيقاظ ، ولذلك يفرق الإنسان بين رجل نائم ورجل مضطجع من حين ما يراه حتى لو أن المضطجع أراد أن يتنوم ويخدع صاحبه لعرف صاحبه أنه ليس بنائم ، هم إذا رأيتهم تحسبهم أيقاظاً مما يدل على أن أجسامهم بقيت على طراوتها وعلى قوتها ولم تتغير (( وهم رقود )) جمع راقد (( وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ )) وهذه من حكمة الله عز وجل ، يعني مرة يكونوا على اليمين ومرة يكونوا على الشمال ، ولم يذكر الله الظهر ولا البطن ، لأن النوم على اليمين والشمال هو الأكمل ، وقوله : (( نقلبهم )) فيه دليل على أن فعل النائم لا ينسب إليه ، وجه الدلالة ؟ أن الله أضاف تقلبهم إليه ، فلو أن النائم قال في نومه : امرأتي طالق ، تطلق ؟ قال في نومه : في ذمتي لفلان ألف ريال ، يثبت ؟ لا، لأنه لا قسط له ، ولا إرادة له لا في القول ولا في الفعل ، والحكمة من تقليبهم ذات اليمين وذات الشمال بعض العلماء قال : لئلا تأكل الأرض الجانب الذي يكون ملاصقاً لها ، ولكن الصحيح أن الحكمة ليست هذه ، الحكمة من أجل توازن الدم في الجسد ، حتى يتوازن لأن الدم يسير في الجسد فإذا كان على جانب واحد أوشك أن ينحرم منه الجانب الأعلى ، ولكن الله عز وجل بحكمته جعلهم يتقلبون (( وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ )) يعني الكلب كأنه والله أعلم لم ينم ، (( باسط ذراعيه )) أي جالس على بطنه وقد مد ذراعيه (( بالوصيد )) ما هو الوصيد ؟ الوصيد هو يعني فتحة الكهف أو فناء الكهف ، يعني إما أن يكون على الفتحة وإما أن يكون إلى جنب الكهف في فنائه ليحرسهم ، وفي هذا دليل على جواز اتخاذ الكلب للحراسة ، أما حراسة الماشية فقد جاءت به السنة ، حراسة الحرث جاءت به السنة ، حراسة الآدمي من باب أولى ، لأنه إذا جاز اتخاذ الكلب لحراسة الماشية أو للصيد الذي هو كمال وليس بضرورة ، فاتخاذه لحراسة البيت من باب أولى . قال الله عز وجل : (( لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ))(( لو اطلعت )) أيها الرائي عليهم (( لوليت منهم فراراً )) ينزلها الله في قلب من يراهم حتى لا يحاول أحد أن يدنو منهم ولهذا قال : (( فراراً )) مع أنهم لم يلحقوه ، (( ولملئت منهم رعباً )) ملئت ما هو أقل ، كله استزاد رعباً ، وهذا يدل على شدة الخوف الذي يحصل لمن رآه
قال الله تعالى : << و كذلك بعثناهم ليتسآءلوا بينهم قال قآئل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيهآ أزكى طعاما فيأتكم برزق منه و ليتلطف و لايشعرن بكم أحدا >>
قال الله تعالى : (( وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ )) أي كما فعلنا بهم من هذه العناية تيسير الكهف لهم ، وإنامتهم هذه المدة الطويلة بعثهم الله ، أي مثل هذا الفعل بعثناهم فعلنا بهم فعلاً آخر (( ليتساءلوا بينهم )) كما جرت به العادة أن الناس إذا ناموا يتساءلون إذا قاموا ، من الناس من يقول : ما الذي رأيته في منامك ؟ ومنهم من يقول : لعل نومك لذيذ وما أشبه ذلك ، (( قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ )) كجاري العادة كم لنا نائمين ؟ (( قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ))(( لبثنا يوماً )) أي كاملاً (( أو بعض يوم )) أي بعض اليوم ، وذلك لأنهم دخلوا في أول النهار وبعثوا من النوم في آخر النهار فقالوا : لبثنا يوماً إن كان هذا اليوم الثاني أو بعض يوم إن كان هذا اليوم الأول ، وهذا مما يدل على عمق نومهم (( قَالُوا )) أي قال بعضهم لبعض (( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ )) وكأن هؤلاء القائلين قد شعروا بأن النومة طويلة لكن لا يستطيعون أن يحددوا ، أما الأولون فحددوا بناء على إيش ؟ بناء على الظاهر ، وأما الآخرون فلم يحددوا بناء على الواقع ، لأن الإنسان يفرق بين النوم اليسير والنوم الكثير ، ثم قال بعضهم لبعض : (( فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ )) ابعثوا بورقكم الورق هو الفضة ، كما جاء في الحديث ( وفي الرقة ربع العشر ) كان معهم دراهم من الفضة (( فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ )) تضمن هذا أولاً : جواز التوكيل في الشراء لقولهم : (( فابعثوا أحدكم )) والتوكيل في الشراء جائز ، وفي البيع جائز أيضاً ، ولا يخفى أن الرسول r وكل أحد أصحابه أن يشتري له أضحية ، أعطاه دينار قال : اشتر أضحية ، فاشترى شاتين ، بالدينار ثم باع إحداهما بدينار فرجع بشاة ودينار فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يبارك الله له في بيعه فكان لا يشتري تراباً إلا ربح فيه ، وقد أخذ العلماء من هذا الحديث أنه يجوز تصرف الفضولي أي يجوز للإنسان أن يتصرف في مال غيره إذا علم غيره يرضى بذلك ، فهؤلاء وكلوا أحدهم أن يذهب إلى المدينة ويأتي بالرزق ، وفي هذا أيضاً دليل على أنه لا بأس على الإنسان أن يطلب أطيب الطعام لقولهم : (( فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا )) وفيه دليل أيضاً على ضعف قول الفقهاء : إنه لا يصح الوصف بالأفعل ، مفهوم هذا ؟ طيب الوصف بالأفعل يعني معناه لا يجوز أن تقول : أبيعه عليك براً أطيب ما يكون ، قالوا : ما يجوز هذا ، لأنه مال طيب إلا وفوقه أطيب منه ، ولكن يقال : إن هذا يرجع إلى العرف فأطيب يعني في ذلك الوقت ، في ذلك المكان (( فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا )) هل من السنة أن يشهد لطلب الأزكى من الطعام ؟ الجواب نعم ، وذلك أن ا لنبي صلى الله عليه وسلم الذين باعوا التمر الرديء بتمر جيد ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم منه ولم ينههم عن هذا ، ما قال : هذا ترفه ، واتركوا طلب الأطيب ، فالإنسان قد فسح الله له في أن يختار الأطيب من الطعام أو الشراب ، أو المساكن ، أو الثياب ، أو المراكب ما دام الله أعطاه قدرة على ذلك فلا يلام ، (( فليأتكم برزق منه )) يعني يشتري ويأتيه ، فجمعوا في التوكيل بين الشراء والإحضار ، (( وَلْيَتَلَطَّفْ )) أي يتعامل بخفية ، لئلا يشعر بهم فيؤذون وهذا يعني أنهم ظنوا أنهم لم يلبثوا إلا قليلاً ، (( وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا )) أي لا يحضرن أحداً بكم ثم عللوا هذا الأمر بالتلطف والنهي عن الإشعار
قال الله تعالى : << إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم و لن تفلحوا إذا أبدا >>
(( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا )) يعني إن عدتم في ملتهم (( أَبَدًا )) يعني أنهم لابد أن يقتلوكم أو يردوكم على أعقابكم بعد إيمانكم ، وفي هذا دليل على اتخاذ الحذر من الأعداء بكل وسيلة إلا الوسائل المحرمة فهي محرمة لا يجوز أن يقع الإنسان فيها
قال الله تعالى : << و كذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق و أن الساعة لا ريب فيهآ إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا >>
ثم قال عز وجل : (( وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ )) يعني أضف إلى بعثهم أن الله أعثر عليهم ، يعني أطلع عليهم قومهم (( لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا )) أطلع الله قومهم عليهم (( ليعلموا أن وعد الله حق )) ، لماذا ؟ إما أن المعنى لقيام الساعة الذي كان ينكره هؤلاء ، أو بأن الله تعالى ينجي المؤمنين من الكفار ، لأن هؤلاء فتية سبعة نجوا من أمة عظيمة تقاتلهم وتنهاهم عن التوحيد ، والظاهر أن المعنى ليعلموا أن وعد الله حق بنصر أوليائه ، (( وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا )) الساعة يعني قيام الساعة (( لا ريب فيها )) أي لا شك ، واقعة لا محالة ، ثم قال عز وجل : (( إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ )) متعلقة .