تتمة تفسير الآية : << قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات و الأرض أبصر به و أسمع ما لهم من دونه من ولي و لا يشرك في حكمه أحدا >>
فالله تبارك وتعالى يبصر كل شيء ، يبصر دبيب النمل على الصخرة السوداء في ظلمة الليل ، يبصر ما لا تدركه أعين الناس مما هو أخفى وأدق ، كذلك في السمع يسمع كل شيء ، يعلم السر وأخفى من السر ، ويعلم الجهر ، نعم (( وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ))[طه:7]، تقول عائشة رضي الله عنها في قصة المجادلة التي ظاهر منها زوجها وجاءت تشتكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت عائشة في الحجرة والحجرة صغيرة كما هو معروف وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحاور المرأة وعائشة يخفى عليها بعض حديثها والله عز وجل يقول : (( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ))[المجادلة:1]، تقول : ( الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات إني لفي الحجرة وإنه ليخفى علي بعض حديثها والله عز وجل فوق كل شيء ) ومع ذلك سمع قولها ومحاورتها للرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي الإيمان بأن الله تعالى ذو بصر نافذ لا يغيب عنه شيء وذو سمع ثاقب لا يخفى عليه شيء في الإيمان بذلك ما يقتضي للإنسان أن لا يري ربه ما يكرهه الله ، ولا يسمعه ما يكرهه الله لأنك إذا أمنت بأن الله يراك إن عملت أي عمل رآك إن قلت أي قول سمعك فهذا يوجب أن تخشى الله عز وجل وألا تفعل فعلاً يكرهه الله وألا تقول قولاً يكرهه الله عز وجل لكن الإيمان ضعيف فتجد الإنسان عندما يريد أن يقول أو أن يفعل لا يخطر في باله أن الله يسمع أو يرى إلا إذا نبه فالغفلات كثيرة فيجب علينا جميعاً أن ننتبه لهذه النقطة العظيمة . قال تعالى : (( مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ ))(( ما لهم )) هل الضمير يعود على أصحاب الكهف أو على من في السموات والأرض ؟ الثاني هو المتعين ، يعني ليس لأحد ولي من دون الله حتى الكفار وليهم الله عز وجل ، وحتى المؤمنون وليهم الله عز وجل ، قال الله تعالى : (( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ))[الأنعام:61-62]، فالله ولي لكل أحد وهذه هي الولاية العامة أليس الله تعالى يرزق الكافرين ؟ وينمي أجسامهم وييسر لهم ما في السماوات والأرض ؟ وسخر الشمس والقمر والنجوم والأمطار وكذلك الأرض ؟ هذه ولاية ويتولى المؤمنين أيضاً لكن هذه الولاية عامة ، الولاية الخاصة للمؤمنين قال الله تعالى : (( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ))[البقرة:257]، الولاية الخاصة تستلزم عناية خاصة اللهم اجعلنا من أوليائك ، تستلزم ولاية خاصة أن الله تعالى يسدد للعبد ، يفتح له أبواب العلم النافع والعمل الصالح ، ولهذا قال : (( يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ )) لماذا يخرجهم ؟ بالعلم ، فيعلمهم أولاً ويخرجهم ثانياً ، إذاً (( ما لهم )) أي ما لأهل السماوات والأرض (( من دونه )) أي من سواه (( من ولي )) أي يتولى أمورهم ويدبرها ، إعراب الجملة هذه إعرابها أن (( ما )) نافية ، (( لهم )) خبر مقدم ، (( من ولي )) مبتدأ مؤخر دخلت على هذه الكلمة حرف الجر الزائد لأنك لو حذفت من وقلت : ما لهم من دونه ولي لاستقام الكلام لكن جاءت من أجل التوكيد والتنصيص على العموم يعني لا يمكن أن يوجد لأهل السماوات والأرض سوى الله عز وجل (( وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا )) لا يشرك أحداً في حكمه ، (( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ))[الأنعام:57]، (( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ))[الشورى:10]، والحكم كوني وقدري فالخلق والتدبير كوني ، أنا أقول : كوني والصواب كوني وشرعي ، الخلق والتقدير وتدبير هذه الخلائق العظيمة هذا كوني ، والحكم بين الناس بالأوامر والنواهي هذا شرعي فهل المراد بقوله : (( وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا )) الأمران أو أحدهما ؟ بل المراد الأمران ، لا أحد يشرك الله عز وجل في حكمه لا الكوني ولا الشرعي وفيه دليل على وجوب الرجوع إلى حكم الله الشرعي وأنه ليس لنا أن نشرع في دين الله ما ليس منه لا في العبادات ولا في المعاملات وأما من قال من أهل العلم : إنه لنا أن نشرع في المعاملات ما يناسب الوقت فهذا قول باطل ، لأنه على قولهم لنا أن نجوز في الربا ، وأن نجوز الميسر ، وأن نجوز كل ما فيه الكسب ولو كان محرماً ولا شك أن هذا قول باطل ، فالشرع صالح لكل زمان ومكان ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها . الحكم الكوني هل أحد يشرك الله فيه ؟ أبداً ولا أحد يدعي هذا ، هل يستطيع أحد أن ينزل الغيث ؟ لا ، هل يستطيع أحد أن ينبت الأرض ؟ لا ، الحكم الكوني لا أحد يدعي الشركة فيه ، الحكم الشرعي هو الذي محل اختلاف البشر ودعوى بعضهم أن لهم أن يشرعوا للناس ما يرون أنه مناسب
قال الله تعالى : << واتل مآأوحي إليك من كتاب ربك لامبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا >>
(( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ )) هذا كالنتيجة لقوله : (( وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا )) فقوله : (( اتل )) يشمل التلاوة اللفظية والتلاوة العملية ، أما التلاوة اللفظية فظاهرة تقول : فلان تلا علي سورة الفاتحة ، التلاوة الحكمية العملية أن تعمل بالقرآن فإذا عملت به فقد تلوته أي تبعته ولهذا نقول في قوله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ ))[فاطر:29] يشمل التلاوة اللفظية والحكمية ، وقوله : (( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ )) الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام ولكن اعلم أن الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى ثلاثة أقسام : الأول : ما دل الدليل على أنه خاص به فهو خاص به . الثاني : ما دل الدليل أنه للعموم فهو للعموم . الثالث : ما يحتمل الأمرين فقيل : إنه عام ، وقيل : إنه خاص وتتبعه الأمة لا بمقتضى هذا الخطاب ولكن بمقتضى أنه أسوتها وقدوتها . مثال الأول الذي دل الدليل على أنه خاص به : قوله تبارك وتعالى : (( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ))[الشرح:1]، هذا لا شك أنه خاص به ، (( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ))[الضحى:6]، هذا خاص به . ومثال الثاني الذي دل الدليل على أنه عام : قوله تعالى (( يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ ))[الطلاق:1]، فإن قوله : (( إذا طلقتم )) خطاب لمفر ولا لجماعة ؟ لجماعة وهم الأمة لكن نادى زعيمها سبحانه وتعالى ورسولها لأنهم تابعون له فقال : (( يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ )) إذاً الخطاب يشمل النبي صلى الله عليه وسلم وجميع الأمة . ومثال ما يحتمل الأمرين : هذه الآية (( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ )) لكن هذه قد يقول قائل : إن فيها قرينة تدل على أنه خاص به كما سنذكرها إن شاء الله ، لكن الأمثلة على هذا كثيرة والصواب أن الخطاب للأمة لكن وجه لزعيمها وأسوتها لأن الخطابات الهامة إنما توجه للرؤساء والمتبوعين ، وقوله : (( مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ )) هو القرآن ، وفي إضافة الرب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على أن ما أوحاه الله إلى رسوله من تمام عنايته به (( لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ )) يعني لا أحد يستطيع أن يبدل كلماته لا الكونية ولا الشرعية ، أما الكونية فظاهر لا أحد يستطيع أن يبدلها ، فإذا قال الله تعالى : كن في أمر كوني فلا يستطيع أحد أن يبدله ، واضح ؟ ماذا قلت ؟ السؤال خاص ؟ الطالب : ..... الشيخ : الكونية ، لا أحد يستطيع . الشرعية لا أحد يستطيع شرعاً فيكون النفي هنا ليس نفي الوجود ولكنه نفي للإمكان الشرعي ، لا أحد يستطيع أن يبدل كلمات الله الشرعية على وجه شرعي أبداً ، بل الواجب على الجميع أن يستسلموا لله عز وجل ، لو قال قائل : وجدنا من يبدل كلام الله فإن الله تعالى أشار إلى هذا في قوله في الأعراب : (( يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ ))[الفتح:15]، قلنا : نعم ، لكن هذا التبديل شرعي والتبديل الشرعي قد يقع من البشر فيحرفون الكلم عن مواضعه ، ويفسرون كلام بما لم يرده الله ، ومن ذلك جميع المعطلة لصفات الله عز وجل أو لبعضها ممن بدلوا كلام الله ، (( وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا )) يعني لم تجد أيها الرسول من دون الله عز وجل (( ملتحداً )) أي أحداً تميل إليه وتلجأ إليه ، لأن أصل الالتحاد من اللحد وهو الميل يعني لو أرادك أحد بسوء ما وجدت أحداً يمنعك دون الله عز وجل إذاً عندما يصيب الإنسان شيء يتضرر به أو يخافه يلتجئ إلى من ؟ إلى الله عز وجل ، ونظير هذه الآية قوله تعالى : (( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ))[الجن:21-22].
قال الله تعالى : << واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه و لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه و كان أمره فرطا >>
(( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )) إلى آخره ، (( اصبر نفسك )) يعني احبسها مع هؤلاء الذين يدعون الله دعاء مسألة ودعاء عبادة (( بالغداة )) أول النهار (( والعشي )) آخر النهار مخلصين لله عز وجل (( يريدون وجهه )) ولا يريدون شيئاً من الدنيا يعني أنهم يفعلون ذلك لله وحده لا لأحد سواه ، وفي الآية إثبات الوجه لله عز وجل وقد أجمع علماء أهل السنة على ثبوت الوجه لله تعالى لدلالة الكتاب والسنة على ذلك قال الله تعالى : (( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ))[الرحمن:27]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بوجهك ) وأجمع سلف الأمة وأئمتها على ثبوت الوجه لله ولكن هل يكون هذا الوجه مماثلاً لأوجه المخلوقين ؟ اسمعوا يا إخواني ولاسيما الجدد ، لا يمكن أن يكون وجه الله مماثلاً لأوجه المخلوقين لقول الله تعالى : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))[الشورى:11]، وقوله تعالى : (( رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ))[مريم:65]، أي شبيهاً ونظيراً ، وقال الله تبارك وتعالى : (( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ))[البقرة:22]، وهكذا كل ما وصف الله به نفسه فالواجب علينا أن نجريه على ظاهره لكن بدون تمثيل ، فإن قال قائل : إذا أثبت لله وجها لزم من ذلك التمثيل ونحمل قوله : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) يعني إلا فيما أثبته كالوجه واليدين مثلاً ؟ فالجواب أن هذا مكابرة لأننا نعلم حساً وعقلاً أن كل مضاف إلى شيء فإنه يناسب ذلك الشيء ، أنتم معنا كل المضاف إلى الشيء فإنه يناسب ذلك الشيء ، أليس للإنسان وجه ؟ وللجمل وجه ؟ وللحصان وجه ؟ وللفيل وجه ؟ هل هذه الأوجه متفقة ؟ لا أبداً تناسب ما أضيفت إليه بل إن الوقت والزمن له وجه كما في قوله تعالى : (( آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ ))[آل عمران:72]، (( وجه النهار )) فأثبت للزمن وجهاً هل يمكن لأحد أن يقول : وجه النهار مثل وجه الإنسان ؟ لا يمكن إذاً ما أضافه الله لنفسه من الوجه لا يمكن أن يكون مماثلاً لأوجه المخلوقين ، لأن كل صفة تناسب الموصوف فإن قال قائل : إنه جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله خلق آدم على صورته ) فما الجواب ؟ الجواب من أحد وجهين : إما أن يقال : على صورة الله لكن لا يلزم من كونه على صورته أن يكون مماثلاً له ، الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ونحن نعلم أنه ليس هناك مماثلة بين هؤلاء والقمر لكن على صورة من حيث العموم إضاءة وابتهاجاً ونوراً . الوجه الثاني : أن يقال : على صورته أي على الصورة التي اختارها الله عز وجل فإضافة صورة الآدمي إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم كما في قوله تعالى : (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ))[البقرة:114]، ومن المعلوم أن الله لا يصلي في المساجد لكن أضيفت إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم ولأنها إنما بنيت لطاعة الله ، وكقول صالح لقومه : (( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ))[الشمس:13]، ومعلوم أن الله عز وجل ليس هذه الناقة له يركبها لكن أضيفت إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم فيكون خلق آدم على صورته أو على صورة الرحمن يعني على الصورة التي اختارها من بين سائر المخلوقات . قال الله تعالى في سور الانفطار : (( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ))[الانفطار:6-7]، أي جعلك ذا اعتدال وهذا يشمل اعتدال القامة واعتدال الخلقة ، طيب ففهمنا الآن والحمد لله أن الله تعالى له وجه حقيقي وأنه لا يشبه أوجه المخلوقين (( يريدون وجهه )) وفي هذا إشارة إلى الإخلاص ، لقوله : (( يريدون وجهه )) فعليك أخي المسلم بالإخلاص حتى تنتفع بالعمل (( وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )) يعني لا تعد عيناك عن هؤلاء السادة الكرام (( تريد زينة الحياة الدنيا )) بل اجعل نظرك إليهم دائماً وصحبتك لهم دائماً وفي قوله : (( تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )) إشارة إلى أنه لو أن الرسول عليه الصلاة والسلام فارقهم لمصلحة دينية فهل يدخل هذا في النهي أو لا ؟ لا ، النهي أن تترك أهل الخير للدنيا لا لمصلحة دينية ، (( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ))(( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا )) يعني عن ذكره إيانا أو عن الذكر الذي أنزلناه فعلى الأول يكون المراد أن الإنسان الذي يذكر الله بلسان دون قلبه داخل في الآية ، وعلى الثاني يكون المراد الرجل الذي أغفل الله قلبه عن القرآن فلم يرفع به رأساً ولم ير في مخالفته بأساً ، ، (( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ )) ولم يتبع الهدى ، (( وكان أمره )) أي شأنه (( فرطا ً)) أي منفرطاً عليه تمضي الأيام والليالي ولا يحس بشيء وفي هذه الآية إشارة إلى أهمية حضور القلب عند ذكر الله وأن الإنسان الذي يذكر الله بلسان لا بقلبه يكون تنزع البركة من أعماله وأوقاته حتى يكون أمره فرطاً عليه تجري جري يبقى الساعات الطويلة وهو لم يحصل شيئاً لكن لو كان قلبه مع الله لحصلت البركة في جميع أعماله (( وكان أمره فرطاً ))
قال الله تعالى : << و قل الحق من ربكم فمن شآء فليؤمن و من شآء فليكفر إنآ أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها و إن يستغيثوا يغاثوا بمآء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب و سآءت مرتفقا >>
ثم قال الله عز وجل : (( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ))(( قل )) الخطاب لمن ؟ للرسول صلى الله عليه وسلم أي قلها معلناً (( الحق من ربكم )) لا من غيره فلا تطلب الحق من طريق غير طريق الله عز وجل لأن الحق من عند الله (( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )) والأمر في قوله : (( ومن شاء فليكفر )) للتهديد وليس للإباحة وليس ... بل هو للتهديد كما يهدد الإنسان غيره فيقول : افعل كذا أو إن كنت صادقاً فافعل ذلك ، ويدل لذلك قوله : (( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا )) يعني من كفر فله النار قد أعدت وقوله : (( للظالمين )) المراد به الكافرين ، والدليل على هذا قوله : (( فليكفر )) فإذا قال قائل : هل الكفر يسمى ظلماً ؟ الجواب نعم كما قال عز وجل : (( وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ))[البقرة:254]، ولا أحد أظلم ممن جعل مع الله شريكاً وهو الذي خلقه وأمده وأعده ، (( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ))(( أحاط بهم )) أي بالنار ، (( سرادقها )) ما حولها يعني أن النار أحاطت بهم والعياذ بالله ، لا يمكن أن يفروا عنها يميناً ولا شمالاً ، (( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ )) يعني أن أهل النار أعاذني الله وإياكم منها إذا عطشوا عطشاً شديداً وذلك بأكل الزقوم أو بغير ذلك أغيثوا بهذا الماء أغيثوا بماء كالمهل يقول : " كعكل الزيت " يعني تفله أو ما أشبه ذلك مما هو منظر كريه ولا تقبله النفوس كما قال الله تعالى : (( وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ )) أي كالصديد (( يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ ))[إبراهيم:17]، (( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ )) أعوذ بالله إذا قرب منها شواها وتساقطت لأنها تنهري والعياذ بالله من شدة فيح هذا الماء ، طيب وإذا وصل إلى أمعائهم قطعها كما قال جل وعلا : (( وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ))[محمد:15]، وما أعظم الوجع والألم فيما تقطع أمعائهم من الداخل لكن مع ذلك تقطع وتعاد كالجلود (( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا ))[النساء:56]، الله أكبر سبحان القادر على كل شيء ، وبلحظة يكون هذا الشيء متتابع ، كلما نضجت بدلوا ، كلما تقطعت الأمعاء فإنها توصل بسرعة ، يقول عز وجل : (( بِئْسَ الشَّرَابُ )) هذا قدح في هذا الشراب ، و (( بئس )) فعل ماضي لإنشاء الذم ، بئس الشراب شرابهم والعياذ بالله ، (( وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا )) أي قبح مرتفقها والارتفاق بها المرتفق ما يرتفق به الإنسان من سكن ، وقد يكون حسناً وقد يكون سيئاً ، فالجنة حسنت مرتفقا ، والنار ساءت مرتفقاً
قال الله تعالى : << إن الذين ءامنوا و عملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا >>
ثم قال عز وجل : (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ))[الكهف:30] هذا من أسلوب القرآن أنه سبحانه إذا ذكر أهل النار ذكر أهل الجنة وهذا من معنى قوله : (( مَثَانِيَ ))[الزمر:23]، أي تثنى فيه المعاني والأحوال والأوصاف ليكون الإنسان جامعاً بين الخوف والرجاء في سيره إلى ربه ، وسبق الكلام على قوله : (( آمنوا وعملوا الصالحات ))(( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا )) كان الذي يتوقع الإنسان أن يقول : إنا لا نضيع أجرهم ، ولكنه عز وجل قال : (( أجر من أحسن عملاً )) لبيان العلة في ثواب هؤلاء و هو أنهم أحسنوا العمل ، (( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ )) هذا من وجه معنوي ، الوجه اللفظي أن يتقون رؤوس الآي متوافقة متطابقة لأنه لو قال : إنا لا نضيع أجرهم لاختلفت رؤوس الآي ، (( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا )) وبماذا يكون إحسان العمل ؟ يكون بأمرين : الأول : الإخلاص لله عز وجل . والثاني : المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا يخفى ما في الآية الكريمة من الحث على إحسان العمل
قال الله تعالى : << أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب و يلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرآئك نعم الثواب و حسنت مرتفقا >>
(( أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ )) المشار إليه (( الذين آمنوا وعملوا الصالحات ))(( لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ )) والجنات جمع جنة وهي الدار التي أعدها الله تعالى لأوليائه فيها ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، والعدن بمعنى الإقامة يعني جنات إقامة (( لا يبغون عنها حولا )) أي لا يبغون تحولاً عنها ومن تمام النعيم أن كل واحد منهم لا يرى أن أحداً أنعم منهم ، ومن تمام الشقاء في أهل النار أن الواحد منهم لا يرى أحداً أشد منه عذاباً ، لكن هؤلاء لا يرون أن أحداً أنعم منهم لأنهم لو رأوا ذلك لتنغص نعيمهم حيث يتصورون أنه أقل
الشيخ : قوله تبارك وتعالى: (( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ))[الكهف:25]، السؤال ارفع يدك اللي وراءك ما معنى هذه التركيبة (( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا )) ؟ الطالب : الرد على من زعم . الشيخ : يعني قصدي لماذا لم تكن الآية ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وتسع سنين ؟ الطالب : للرد على اليهود لأنهم زعموا أن في الدوران يوجد هذا العدد عدد ثلاثمائة وتسعة . الشيخ : خطأ ، سليم ؟ الطالب : قالوا : بأن الشمسية والقمرية ..... الشيخ : لا غلط أيضاً ، نعم . الطالب : قلنا : إن المعنيين بمعنى واحد أو .... بمعنى واحد . الشيخ : يعني ثلاثمائة سنين وتسع سنين بمعنى ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا نعم . الطالب : قال الله تعالى ذلك والله أعلم لتناسب رؤوس الآيات . الشيخ : رؤوس الآيات ..... طيب يرى بعض أهل العلم أن قوله : (( ثلاثمائة سنين )) باعتبار السنوات الشمسية (( وازدادوا تسعاً )) باعتبار السنوات الميلادية ماذا تقول ؟ الطالب : ..... الشيخ : غير صحيح ، نعم ، لأن العدد المعتبر في التوقيت هي الأشهر الهلالية ، ما دليلك ؟ الطالب : (( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ))[التوبة:36]. الشيخ : طيب . الطالب : (( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ))[البقرة:189]. الشيخ : طيب الآية الثالثة ؟ الطالب : (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ))[يونس:5]. الشيخ : أحسنت ، بارك الله فيكم ، تمام . قوله : (( قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا )) استدل بعض المفسرين بهذه الجملة على أن قوله : (( ولبثوا )) من قول أهل الكتاب أي قالوا ولبثوا فما جوابك ؟ الطالب : ...... الشيخ : أن قوله : (( ولبثوا )) من كلام الله ، إذاً كيف قال : (( قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا )) ؟ الطالب : ..... الشيخ : لتأكيد الجملة السابقة أنهم لبثوا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً فقال : (( قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا )) وقد أخبرنا سبحانه وتعالى أنهم لبثوا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ، طيب . قوله : (( وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا )) أي الحكمين الكوني أو الشرعي ؟ الطالب : ..... الشيخ : المراد الحكمان ، نعم ، أما الكوني فلا أحد يستطيع أن يغير حكم الله ، أما الشرعي فقد يغير حكم الله ولكنه ليس مأذوناً له في ذلك فيكون النفي لنفي مشروعيته ، طيب بارك الله فيكم . قوله تعالى : (( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ )) له معنيان دكتور صالح ؟ الطالب : (( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ )) أي تلاوة القراءة اللفظة وتلاوة القراءة المعنوية . الشيخ : إي يعني الاتباع (( اتل )) يعني بذلك اتله لفظاً ، اتله أيضاً اتباعاً لأن المتبع يقال : تلا فلاناً أي تابعه . قوله : (( ولا تعد عيناك عنهم )) معناها يا محمد ؟ الطالب : ..... الشيخ : لا تنظر لغيرهم ، هل هذا النهي مقيد ؟ الطالب : ..... الشيخ : لماذا ؟ الطالب : ..... الشيخ : لقوله : (( تريد زينة الحياة الدنيا )) بارك الله فيكم . ماذا نستفيد من قوله : (( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا )) ؟ الطالب : ..... الشيخ : تفيد أنه لابد من حضور القلب عند ذكر الله عز وجل . هل الناس الآن واقعون في هذه الغفلة ؟ السؤال لك . الطالب : كثير . الشيخ : أحسنت ، ولاسيما إذا كان الإنسان في الصلاة فإن الشيطان يتسلط عليه ليغفل قلبه عن ذكر الصلاة الذي هو متلبس به . هل في الآية (( ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين )) ما يدل على أن الكفر ظلم ؟ الطالب : يدل عليه قول الله سبحانه وتعالى : (( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا )) . الشيخ : بعد قوله : (( فليكفر )) وهل عندك آية تدل على أن الكافر ظالم ؟ ما هي ؟ الطالب : (( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ))[الأنعام:144]. الشيخ : لا . الطالب : (( وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ )) . الشيخ : بارك الله فيك . انتهت المناقشة وقلت لكم : أن لكم خمس دقائق أسئلة نعم يا دكتور ؟
الطالب : ما الفائدة ..... قوله تعالى : (( أحاط بهم سرادقها )) وما اكتفى بقوله : (( أحاط بهم )) ؟ الشيخ : أي نعم ، يعني معناه أن النار لها سرادق وهو ما حولها محيط بهؤلاء ، وهو أبلغ من الإحاطة بها لأن هذا السرادق المحيط بالنار وبأهل النار ، نعم
الطالب : ...... ومنه قوله تعالى : (( سيقول ثلاثة رابعهم كلبهم )) ..... في قوله : (( قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا )) هذا من المعلوم أنهم ..... ومع ذلك سكت الله عن قولهم . الشيخ : لا ، ما سكت جاء في السنة بأنه منكر وقد يقول القائل : إنه في شريعة هؤلاء ليس حراماً ، أليس الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر وقال : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ) خبر ولم ينه عنه لكن جاء النهي عنه في نصوص أخرى
الطالب : ...... الشيخ : ذكرنا فيها قولان : (( عن ذكرنا )) أي عن ذكره إيانا أو (( عن ذكرنا )) الذكر الذي أنزلنا وهو القرآن كما قال الله عز وجل : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ))[الحجر:9]. الطالب : ..... الشيخ : لا ، قلنا : الآية شاملة لهذا ولهذا ، شاملة للأمرين . الطالب : ..... الشيخ : إيانا يعني هو يذكر بلسانه لكن قلبه غافل وهذا حال كثير من الناس اليوم ، تمت الخمس ؟ من المراقب ؟ باقي طيب .
الطالب : لما أعثر عليهم القوم قوم أهل الفتية أصحاب الكهف لما أعثروا عليهم هل أعثروا عليهم بعدما تنازعوا عليهم وبنوا عليهم مسجد على قبورهم يعني أمراؤهم أمرهم أن يبنوا مسجد على قبورهم فهل معنى ذلك بعدما توفوا ؟ الشيخ : إي بعد ما توفوا ، آخر واحد
هل يؤخذ من قوله:"إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم و لن تفلحوا إذا أبدا"عدم العذر بالإبقاء؟.
الطالب : في قوله تعالى : (( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ )) هل يؤخذ منه .... لشرع من قبلنا ؟ الشيخ : ما هو ظاهر ، لأن هؤلاء قد يذكرون بيان الواقع أن هذا أو هذا سيكون .نأخذ الدرس
تتمة تفسير قوله تعالى : << أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار ......................>>
قال الله عز وجل : (( أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ )) الأنهار جمع نهر وهي أربعة أنواع ذكرها الله تعالى في سورة محمد صلى الله عليه وسلم قال : (( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ))[محمد:15]، وهنا قال : (( تحتهم )) وفي آية أخرى يقول : (( تحتها )) والمعنى واحد لأنه إذا كانت الأنهار تجري تحت أشجارها وقصورها فهي تجري تحتها بلا شك (( يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ))(( يحلون فيها )) أي في هذه الجنات (( من أساور )) قال بعضهم : إن من هنا زائدة لقول الله تعالى : (( وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ ))[الإنسان:21]، فمن زائدة لكن هذا القول ضعيف ، لأن من لا تزاد في الإثبات كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية : " وزيد في نفي وشبهه فجر نكرة كما لباغ من مطر " وإذا بطل هذا القول فإن من إما أن تكون للبيان لأن أساور من أي شيء ؟ من فضة ، من حديد ، من ذهب ، من زبرجد ، ما ندري فتكون من إيش ؟ بيانية ، وإما أن تكون من أساور ، أنا غلطت ، من بيانية في من الأخرى ، (( يحلون فيها من أساور )) إما أن تكون للتبعيض ، يحلون فيها بعض أساور ، لأن الأساور الكثيرة العظيمة توزع عليهم فتكون من للتبعيض يعني بعض أساور أي يحلى كل واحد منهم شيئاً من هذه الأساور وحينئذ لا يكون فيه إشكال ، (( من ذهب )) هذه من بيانية ، (( من )) بيان لأساور أنها من ذهب ، ولكن لا تحسبوا أن الذهب الذي في الجنة كالذهب الذي في الدنيا يختلف اختلافاً عظيماً