تتمة تفسير الآية : << و أما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة و كان تحته كنز لهما و كان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغآ أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأول ما لم تسطع عليه صبرا >>
فالداعي إلى الكفر يقتل خوفاً من أن ينشر كفره في الناس . قال تعالى : (( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ )) غلامين صغيرين يتيمين قد ماتا أبوهما (( وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا )) تحت إيش ؟ الجدار ، (( كنز )) أي مال مدفون (( فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ )) أراد الله عز وجل أن يبلغ أشدهما أي يبلغا ويكبرا حتى يصلا إلى سن الأشد وهو أربعون سنة عند كثير من العلماء ، (( ويستخرجا كنزهما )) لأنه سيبقى تحت الجدار ، ولو أن الجدار انهدم وانقض لبرز الكنز وأخذه الناس . قال : (( وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا )) فكان من الشكر لله عز وجل لهذا الأب الصالح أن يكون رءوفاً بأبنائه ، وهذا من بركة الصلاح في الآباء أن يحفظ الله الأبناء (( فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا )) وهنا ما قال : فأردنا ، ولا قال : فأردت ، قال : (( أراد ربك )) لأن بقاء الغلامين حتى يبلغا الأشد ليس للخضر ولا لموسى فيه أي شيء لكن الخشية خشية أن (( يرهقهما طغياناً وكفراً )) تكون من موسى ومن الخضر ، وإرادة عيب السفينة تكون من الخضر وفعلاً عابها لكن مسألة نشأة الغلامين على طاعة الله عز وجل حتى يكبرا ويستخرجا كنزهما ليس لموسى ولا للخضر فيها أية (( فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا )) منين ؟ من تحت الجدار (( رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ )) يعني هذه المفعول لأجله العامل فيه أراد ، يعني أراد الله ذلك رحمة منه جل وعلا ، (( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي )) يعني ما فعلت هذا الشيء عن ذكاء مني أو عقل مني ولكنه بإلهام من الله عز وجل وتوفيق لأن هذا الشيء فوق ما يدركه العقل البشري (( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ))(( تأويل )) يعني تفسير ، لأنه في الأول قال : (( سأنبئك بتأويل )) ثم ختم ذلك بقوله : (( ذلك تأويل )) أي تفسير ، ويحتمل أن يكون المراد بالتأويل هنا في الثانية العاقبة يعني ذلك عاقبة ما لم تسطع عليه صبرا ، لأن التأويل يراد به العاقبة ويراد به التفسير ، وقوله : (( ما لم تسطع )) وفي الأول قال : (( سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا )) الإتيان باللغتين يعني استطاع واسطاع ، ويستطيع ويسطع ، كل منها لغة صحيحة عربية (( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا )) في هذه القصة من العبر شيء كثير لو أردتم أن يقوم كل واحد بذكر الفوائد من تصويرها أو من مشهدها هل لكم طاقة بذلك ؟ يعني مثلاً واحد يأخذ القصة من حين خرج موسى عليه السلام إلى أن أوى إلى الصخرة وفارقها ثم من ركوبه مع الخضر السفينة وما جرى من الخضر على السفينة وبيان السبب في ذلك ثم الغلام ثم الجدار ، يعني أربعة ، كل واحد يأخذ موضوع ، طيب . الاسم ؟ الطالب : عبد الله بن علي ، أن موسى عليه السلام . الشيخ : لا ما هو الآن اكتبها لنا ، إي . طيب أحمد ، طيب الأخ علي ، طيب ، بقي الرابع نعم من ؟ محمد . طيب الأول إيش تأخذ منين إلى أين ؟ الطالب : بداية القصة . الشيخ : نعم ، زين . اللي بعده ، الجدار وقصته نريد يقيدهم ما ندري وننسى ، أنت قيدتها الآن الحمد لله ، طيب . ثم قال الله عز وجل : (( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ )) ، أسئلتكم أنتم طيب ؟
إذا كان موسى أفضل من الخضر وأعلم منه فكيف اختص الخضر بعلم تلك الأمور الغيبية؟.
الطالب : ..... الشيخ كل القصة ولا بعضها ؟ الطالب : .... شيخ بعضها لأن موسى أعلم من الخضر ..... فهو كليم الله سبحانه وتعالى ومن أولوا العزم الخمسة ، لو أن ..... موسى .... من كلامه ، والخضر أطلعه الله على شيء على قتل الغلام وخرق السفينة بمنزلة ، لا .... خرق السفينة ، قتل الغلام والجدار يا شيخ ، يعني أقرب ما يكون من مسألة الغيب والغيب ما يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى . الشيخ : إي هذا أطلعه الله عليه ، والله عز وجل قد يطلع بعض الأولياء على الغيب أي نعم . الطالب : لكن موسى يا شيخ أفضل منه . الشيخ : ولو كان أفضل منه قد يغيب عن موسى شيء ويتضح لغيره مثل الآن يوجد مثلاً مسألة الفضائل في الصحابة ، في بعض الصحابة فضل لم يحصل لأبي بكر ولا لعمر .
هل الرحمة في قوله تعالى:" آتيناه رحمة من عندنا "بمعنى القوة كما في قوله تعالى عن نوح :"وآتاني رحمة من عنده"؟.
الطالب : يقول الله عز وجل : (( فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ))[الكهف:65] فلا يمكن لقائل أن يقول : إن رحمة ربنا هو النبوة كما يقول نوح عليه السلام : (( وآتاني رحمة من عنده )) ، وقول صالح عليه السلام : (( وآتاني منه رحمة )) ؟ الشيخ : فهذا لا يدل على أنه نبي ، بل هو رجل صالح حتى كل صالح فإن الله تعالى قد رحمه (( وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ))[النمل:19] ، كل عبد صالح فهو مرحوم ، لا هو أقرب ما يكون لو قلنا به (( وعلمناه من لدنا علما )) ..... الرحمة لكل أحد ، نعم
ما وجه الإنكار في قول موسى :"لو شئت لاتخذت عليه أجرا"؟.
الطالب : ما وجه إنكار الخضر على موسى في قوله : (( قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا )) وهذا عرض يعني ..... الشيخ : لا هذا يتضمن الإنكار ، يعني (( لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا )) هو عرض لطيف لكن ورائه الانتقاد ، نعم
في قوله تعالى:"وآتيناه من لدنا علما"استدل بعضهم بالآية على إثبات اللدن فهل هذا صحيح؟.
الطالب : قول الله جل وعلا : (( وعلمناه من لدنا علما )) استدل البعض على إثبات ..... وما توضيح ذلك ؟ الشيخ : على إثبات إيش ؟ الطالب : ..... الشيخ : لا هذا نقول : كل شيء لا يمكن للإنسان أن يتوصل إليه بنفسه فهو من لدن الله عز وجل وأما ما قاله الصوفية : العلم اللدني وأنه يقول : أنه حضر مع الله في الليلة الماضية وسهر مع الله وأعطاه علم وما أشبه ذلك كل هذا من خرافاتهم أليس كذلك يا آدهم ؟ الطالب : يقولون هكذا . الشيخ : نعم يقولون هكذا ، نعم انتهى .
الطالب : ..... الشيخ : إي الخضر لا شك أنه مات في وقته ، ولهذا لم يجري الله له ذكر لا مع عيسى ولا مع غيره من الأنبياء ولا مع محمد عليه الصلاة والسلام لأنه لو كان حياً حياة الآدميين لوجب عليه أن يؤمن بمحمد عليه الصلاة والسلام وأن يأتي إليه ويشاركه في جهاده ، وأيضاً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته : ( إنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد ) لا هو مات في وقته ، انتهى الوقت
قال الله تعالى : << و يسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا >>
قال الله تعالى : (( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ))(( يسألونك )) وواو الفاعل للناس سواء من اليهود أو من قريش أو من غيرهم (( عن ذي القرنين )) أي صاحب ذي القرنين وكان له ذكراً في التاريخ ، وقد قالت اليهود لقريش : اسألوه عن هذا الرجل إن أخبركم عنه فهو نبي قال الله تعالى : (( قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا )) يعني قل لمن سألك (( سأتلوا )) سأقرأ عليك منه ذكراً ، وليس كل ذكر بل ذكراً منه ما هو كل أحواله ثم قص الله القصة
قال الله تعالى : << إنا مكنا له في الأرض و ءاتيناه من كل شيئ سببا >>
(( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ))(( مكنا له )) أي ثبتنا له في الأرض وذلك بثبوت ملكه وسهولة سيره وقوته ، (( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا )) أي شيئاً يتوصل به إلى مقصوده ، وقوله : (( كل شيء )) لا يعم كل شيء ، لكن المراد إن كل شيء يحتاج إليه والدليل على هذا أن كل شيء بحسب ما تضاف إليه فأنتم ترون أن الهدهد قال لسليمان عليه الصلاة والسلام عن ملكة اليمن ملكة سبأ قال : (( أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ))[النمل:23] ، ومعلوم أنها ما أوتيت السماوات ولا الأرض لكن من كل شيء يكون به تمام الملك كذلك قال الله تعالى عن ريح عاد : (( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ )) ومعلوم أنها ما دمرت كل شيء ، المساكن ما دمرت كما قال الله عز وجل : (( فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ))[الأحقاف:25] ، إذاً هنا (( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا )) أي من كل شيء يكون به التمكين في الأرض وقوة السلطة من كل شيء سبباً ،
(( فَأَتْبَعَ سَبَبًا ))(( أتبع )) بمعنى .... ، يعني أنه أي ذا القرنين انتفع بما أعطاه الله تعالى من الأسباب لأن من الناس من ينتفع ومن الناس من لا ينتفع لكن هذه الملك انتفع (( أتبع سبباً )) وجال في الأرض .
قال الله تعالى : << حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا ياذا القرنين إمآ أن تعذب و إمآ أن تتخذ فيهم حسنا >>
(( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ )) موضع غروبها (( وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا ))(( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ )) من المعلوم أن المراد المكان الذي تغرب الشمس فيه وهو البحر لأن الساعي إلى المغرب سوف يصطدم بإيش ؟ ببحر المحيط ، والشمس إذا رآها الرائي وجد أنها تغرب فيه ، .... البحر (( حمئة )) يعني مسودة من الماء لأن الماء إذا مكث طويلاً في الأرض صارت سوداء ، (( وجدها تغرب )) في هذه العين ومعلوم أنها تغرب في هذه العين (( عين حمئة )) أنها تغرب في هذه العين الحمئة حسب ضوئية الإنسان وإلا فهي أكبر من الأرض وأكبر من هذه العين الحمئة وأعظم وهي تدور على الأرض لكن لا حرج أن الإنسان يخبر عن الشيء حسب رؤيته إياه (( وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا )) أي عند هذه العين الحمئة وهو البحر (( قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا )) يعني أن الله عز وجل خيره بين أن يعذبهم بالقتل أو بغير القتل أو يحسن إليهم يتخذ فيهم حسناً ، وذلك لأن الرجل ملك عادل ، ملك عاقل
قال الله تعالى : << قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا >>
ويدل لعقله ودينه أنه قال : (( قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ))[الكهف:87-88] . (( أما من ظلم )) وذلك بالشرك لأن الظلم يطلق على الشرك وعلى غيره لكن الظاهر والله أعلم أن المراد هنا بالشرك لقوله : (( وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا )) يقول : (( أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ )) العذاب الذي يكون تعزيراً ، وعذاب التعزير يرجع إلى رأي الحاكم إما بالقتل أو بغيره (( ثم يرد إلى ربه )) وهو الله عز وجل (( فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا )) لأن العقوبات لا تطهر الكافرين ، المسلم تطهره العقوبات ، الكافر لا ، يعذب في الدنيا وفي الآخرة ونعوذ بالله من ذلك ، (( عَذَابًا نُكْرًا )) نكراً على المعذب أو نكراً ينكره المعذَّب ؟ الثاني هو المتعين لأن عذاب الله ليس فيه نكر بل هو حق وعدل لكنه ينكره المعذب ويرى أن شديد
قال الله تعالى : << و أما من ءامن و عمل صالحا فله جزآءا الحسنى و سنقول له من أمرنا يسرا >>
(( وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى )) وهي الجنة (( وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا )) المؤمن العامل بالصالحات له جزاء عند من ؟ له جزاء عند الله وهي الجنة كما قال تعالى : (( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ))[يونس:26] فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن الحسنى هي الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل ، (( وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا )) هذا المؤمن اللي عمل الصالح سيقول له من شأنه أو من أمره اللفظي (( يسرا )) أي ما فيه اليسر له فوعد هذا وهذا بأمرين ، الظالم وعده بأمرين وهما : أنه يعذبه ثم يرد إلى الله فيعذبه ، وهذا وعده بأمرين أن له الحسنى وأنه يعامل بالأيسر ، لكن تأمل في حال المشرك بدأ بتعذيبه ثم ثنى بتعذيب الله ، المؤمن بدأ بثواب الله أولاً ثم معاملته باليسر ثانياً الفرق ظاهر لأن مقصود المؤمن وعمل الصالحات ما هو ؟ الوصول إلى الجنة ، والوصول إلى الجنة لا شك أنه أفضل وأشرف من أن يقال له قول يسر ، وهذا يدل على أن هذا الملك فصيح بليغ منزل القضايا منازلها .
(( ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ )) سبحان الله اتجه أولاً إلى المغرب ووصل إلى نهاية اليابسة مما يمكنه أن يصل إليه ثم عاد إلى المشرق ، وهكذا في الغالب أن الملك يكون من المشرق إلى المغرب أو المغرب إلى المشرق ، والشمال والجنوب لا ، أضعف ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ) دون شمالها وجنوبها لأن الشمال والجنوب كما يعلم كثير من الناس ليس محلاً للسكنى ، أقصاه من الشمال وأقصاه من الجنوب كله ثلج ، ما فيه سكان السكان يتبعون الشمس من المشرق إلى المغرب أو من المغرب إلى المشرق
قال الله تعالى : << حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا >>
(( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ )) أي موضع طلوعها (( وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا )) إلى آخره ، (( وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ )) ليس عندهم بناء ولا أشجار ظليلة ، وبعض العلماء بالغ حتى قال : وليس عليهم ثياب ، لأن الثياب فيها نوع من الستر فالله أعلم ، المهم أن الشمس تحرقهم وليس لها من دونها سترا ، لا أشجار ظليلة ولا دور ولا قصور .
قال الله تعالى : << كذلك و قد أحطنا بما لديه خبرا >>
قال الله تعالى : (( كَذَلِكَ )) يعني الأمر كما قلنا ، يعني الأمر كذلك حق على حقيقته (( وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا )) سبحان الله ، يعني قد علمنا علم اليقين بما عنده من وسائل الملك وامتداده وغير ذلك من كل ما لديه والله أعلم . الطالب : ..... الشيخ : حال يعني فلهم الحسنى جزاءً ، حالها كونها جزاء . بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . مناقشة منين ؟ الطالب : ..... الشيخ : طيب
قال الله تبارك وتعالى : (( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ )) إذ ما محلها من الإعراب ؟ الأخ إذ ما محلها من الإعراب ؟ هل عندك علم بالنحو ؟ الأخ ، لا تعرف ، تفضل محلها من الإعراب ؟ سامح . الطالب : في محل نصب .... الشيخ : أين عاملها ؟ الطالب : .... الشيخ : التقدير أذكر ، لأنه لابد لكل ظرف أو جار ومجرور لابد له من عامل ، طيب . قوله : (( لفتاه )) ؟ الطالب : ..... الشيخ : إي هذا اسمه يوشع بن نون ، ولكن فتى ؟ الطالب : خادمه . الشيخ : قوله : (( لا أبرح حتى أبلغ )) أين خبر (( لا أبرح )) ؟ الطالب : محذوف . الشيخ : إيش التقدير ؟ الطالب : لا أبرح أسير . الشيخ : أين مكان مجمع البحرين ؟ الطالب : ..... الشيخ : فيه أقوال : لكن أقرب شيء ؟ الطالب : نقطة التقاء البحرين : البحر الأبيض مع البحر الأحمر . الشيخ : نعم ، في هذا المكان .... هذا فهذا أقرب شيء ، لأن موسى كان في مصر . ما الفرق بين قول الخضر لموسى في الأول : (( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ )) وفي الثانية قال : (( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ )) ؟ الطالب : ..... موسى .... أن يسأله . الشيخ : لكن ما الفرق بين العبارتين : (( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ )) و (( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ )) ؟ الطالب : الأولى فيها تقدير عاتبه بها ..... الشيخ : أخف عتاباً من الثانية لأنه قال : (( أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ )) يعني لك أو لغيرك .... لكن إذا صرح (( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ )) يكون أشد وقعاً في نفس موسى وأشد ألماً في التوبيح كذا ؟ (( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ )) طيب الآن لو قلت مثلاً لواحد : أنا ألم أقل إنك لم تفعل كذا ما يكون عتاب مواجهة قد يكون ألم أقل لغيرك مثلاً ، لكن (( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ )) أشد عتاباً من الأولى . في الغلام قتله الخضر خوفاً ولا ؟ الطالب : ..... الشيخ : ما حضرت ، سليم خوف من إيش ؟ الطالب : خوف من أن يؤثر على أبويه فيرهقهما طغياناً وكفراً . الشيخ : أي نعم ، طيب كيف الولد يؤثر على الوالدين ؟ الطالب : ..... الشيخ : نعم ، يعني قد يكونا قد تعلقا به كثيراً وأحباه كثيراً ومثل هذه قد يؤثر عليهما . هل الخضر نبي ؟ الطالب : الخضر ليس بنبي . الشيخ : على القول الراجح ليس نبياً ولا رسول . الطالب : ..... الشيخ : أي نعم ، والأظهر والله أعلم أنه ولي لأن هذه الأشياء كرامات أنه أكرم بما حصل من هذا العلم الذي علمه الله . الآن نبدأ في ذي القرنين أولاً : لماذا سمي بذا القرنين ؟ (( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ )) فنسأل لماذا سمي بذي القرنين ؟ قيل معناه : أي للملك الواسع من المشرق إلى المغرب فإن المشرق قرن والمغرب قرن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حيث يطلع قرن الشيطان ) فيكون هذا كناية عن سعة ملكه ، وقيل : ذو القرنين لقوته ولذلك يعرف أن الفحل من الضأن الذي له قرون يكون أشد وأقوى ، وقيل : ذو القرنين إنهما علامتان وضعهما على رأسه كالقرن ، كتاج الملوك والحقيقة أن القرآن لم يبين ولكن أقرب ما يكون للقرآن للكريم أن معناه المالك للمشرق والمغرب وهو مناسب تماماً حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في الشمس : ( أنها تطلع بين قرني الشيطان ) . (( قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا )) وأخذنا هذه أظن إلى قوله ؟ الطالب : .....
قال الله تعالى : << حتى إذا بلغ بين السدين و جد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا >>
(( حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ )) السدين هما جبلان عظيماً يحولان بين الجهة الشرقية من شرق أسيا والجهة الغربية وهما جبلان عظيمان لكن بينهما منفذ ينفذ منه الناس فبلغ بينهما بين السدين (( وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ))(( من دونهما )) يعني لا بينهما ولا ورائهما ، (( من دونهما )) وقد قيل : إنهم الأتراك تركيا (( قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا )) فيها قراءتان : (( لا يكادون يُفقِهون قولاً )) و (( لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا )) والفرق بينهما ظاهر (( لا يفقهون )) يعني هم ، (( لا يُفقِهون )) غيرهم يعني هم لا يعرفون لغة الناس والناس لا يعرفون لغتهم وهذا فائدة القراءتين لأن القراءتين كلتاهما صحيح وكل واحدة تحمل معنى غير معنى القراءة الأخرى لكن بازدواجهما نعرف أن هؤلاء القوم لا يعرفون لغة الناس والناس لا يعرفون لغتهم (( لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا )) . (( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ )) وحينئذ يقع إشكال كيف يقول : (( لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا )) ثم ينقل عنهم أنهم خاطبوا ذو القرنين بخطاب واضح فصيح (( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ )) الجواب عن هذا سهل جداً وهو أن ذو القرنين أعطاه الله تعالى ملكاً عظيماً وعنده من المترجمين ما يعرف به ما يريد وما يعرف به ما يريد وغيره على أنه قد يكون الله عز وجل قد ألهمه لغة الناس الذين استولى عليهم كلهم المهم أنهم خاطبوا ذا القرنين بخطاب واضح
قال الله تعالى : << قالوا ياذا القرنين إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بينا وبينهم سدا >>
(( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ )) نادوه بلقبه تعظيماً له (( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا )) إلى آخره (( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ )) هاتان قبيلتان من بني آدم كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث الصحابة بأن الله عز وجل يأمر آدم يوم القيامة يقول : ( يا آدم فيقول : لبيك وسعديك ، فيقول : أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار فيقول : يا رب وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ) عظم ذلك على الصحابة وقالوا : " يا رسول الله أين ذلك الواحد ؟ " فقال : ( أبشروا فإنكم في أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج ) وبهذا نعرف خطأ من قال : إنهم ليسوا على شكل الآدميين ، وأن بعضهم في غاية ما يكون من القصر وبعضهم في غاية ما يكون من الطول ، وأن بعضهم له أذن يفترشها وأذن يلتحف بها وما أشبه ذلك ، كل هذا من خرافات بني إسرائيل ولا يجوز أن نصدقها ، بل يقال : إنهم من بني آدم لكن قد يختلفون كما يختلف الناس في البيئات ، الآن تجد مثلاً أهل خط الاستواء بيئتهم غير بيئة الشماليين ، كل له بيئة الشرقيين الآن يختلفون عن وسط الكرة الأرضية هذا ربما يختلفون أما أن يختلفوا اختلافاً فاضحاً كما يذكر فهذا ليس بصحيح (( مفسدون في الأرض )) وبماذا يفسدون ؟ الإفساد في الأرض يعم كل ما كان غير صالح وغير إصلاح ، يفسدونها في القتل ، في النهب ، في الانحراف ، في الشرك ، في كل شيء المهم أنهم يحتاجون إلى أحد يحميهم من هؤلاء (( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا )) يعني حاجزاً يمنع من حضورهم إلينا ، فعرضوا عليه أن يعطوه شيئاً وهذا اجتهاد في غير محله لكنهم خافوا أن يقول : لا ، ولا يمكنهم بعد ذلك ، وإلا هذا الاجتهاد كيف يقولون لهذا الملك الذي فتح مشارق الأرض ومغاربها تقول : (( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا )) هذا لا يقال إلا لشخص لا يستطيع ، لكنهم قالوا ذلك خوفاً من أن يرد طلبهم ، يريدون أن يقيموا عليه الحجة بأنهم أرادوا أن يعطوه شيئاً يحميهم به من هؤلاء
قال الله تعالى : << قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم و بينهم ردما >>
وقال في الجواب : (( قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ))(( ما )) مبتدأ ، و (( خير )) خبر مبتدأ ، يعني الذي مكني فيه ربي من الملك والمال والخدم وكل شيء خير من إيش ؟ خير من هذا الخرج الذي تعرضونه علي ، وهذا كقول سليمان عليه الصلاة والسلام في الهدية هدية ملكة سبأ قال : (( أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ ))[النمل:36] ، وهذا من اعتراف الإنسان بنعم ربه عز وجل التي لا يحتاج معها إلى أحد (( فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ )) بقوة بدنية لا بقوة مالية لأنه عنده من الأموال الشيء العظيم (( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا )) يعني أكبر مما سألوا ، هم سألوا سداً ولكنه قال : (( ردماً )) يعني أشد من السد
قال الله تعالى : << ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قالءاتوني أفرغ عليه قطرا >>
فطلب منهم (( آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ )) فجمعوه لهم ، والزَبَر يعني القطع من الحديد ، فجمعوا الحديد وجعلوه يساوي الجبال ، وهذا يدل على القوة العظيمة في ذلك الوقت ، يعني أرطال من الحديد تجمع حتى تساوي الجبال الشاهقة العظيمة (( حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ )) يعني جانبي الجبلين (( قَالَ انفُخُوا )) يعني انفخوا على هذا الحديد ، وليس المراد بأفواهكم لأن هذا لا يمكن ، ولكن انفخوا بالآلات والمعدات التي عنده لأن الله أعطاه ملكاً عظيماً فنفخوا ، (( حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا )) والحديد معروف أنه إذا أوقد عليه النار يكون نار ، تكون القطعة كأنها جمرة بل هي أشد من الجمرة ، ثم طلب أن يأتوا قطراً يفرغه عليه ، القطر هو النحاس المذاب كما قال الله تعالى : (( وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ))[سبأ:12] ، يعني النحاس أساله الله تعالى لسليمان ، بدل ما كان معدن قاسي يحتاج إلى إخراج بالمعاول ثم صهر بالنار لا ، أسال الله له عين القطر كأنها ماء ، سبحان الله ، هذا ذو القرنين قال : (( آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا )) فأفرغ القطر ، النحاس ، اشتبك النحاس مع قطع الحديد فكان قوياً
قال الله تعالى : << فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا >>
يقول : (( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ))[الكهف:97] ، (( ما اسطاعوا )) ، (( وما استطاعوا )) معناهما واحد وسبق في قصة موسى مع الخضر (( ما لم تستطع )) و (( ما لم تسطع )) ، (( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ )) يعني أن يصعدوا عليه ، لماذا ؟ لأنه عالي ولأن الظاهر أنه أملس فهم لا يستطيعون أن يصعدوا عليه (( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا )) وهنا لم تأت التاء في الفعل الأول وأتت به ثانياً وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى ، أيهما أشق أن يصعدوا الجبل أو أن ينقبوا هذا الحديد ؟ الثاني أصعب ، ولهذا قال : (( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا )) لأنه حديد ممسوك بالنحاس ، فصاروا لا يستطيعون ظهوره لعلوه وملاسته فيما يظهر ، ولم يستطيعوا له نقباً لصلابته ولقوته ، إذاً صار سداً منيعاً وكفى الله شر هؤلاء المفسدين وهم يأجوج ومأجوج
قال الله تعالى : << قال هذا رحمة من ربي فإذا جآء وعد ربي جعله دكآء و كان وعد ربي حقا >>
(( قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي )) يقوله من ؟ يقول ذو القرنين ، وانظر إلى عباد الله الصالحين كيف لا يسندون ما يعملون لأنفسهم ولكنهم يسندونه إلى الله عز وجل وإلى فضله ، ولهذا لما قالت النملة حين أقبل سليمان بجنوده على وادي النمل : (( قَالَتْ نَمْلَةٌ )) قامت خطيبة فصيحة (( يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ))[النمل:18-19] ، هذا أيضاً ذو القرنين رحمه الله قال : (( هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي )) ليس بحولي ولا قوتي ولكنه رحمة به ورحمة بالذين طلبوا منه السد أن حصل هذا الردم المنيع ، (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ))(( إِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي)) يعني بخروج هؤلاء المفسدين (( جعله دكاء )) أي جعل هذا السد دكاً أي منهدماً تماماً وسواه بالأرض ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من يأجوج ومأجوج مثل هذه )" وأشار بالسبابة والوسطى " يعني شيء يسير لكن ما ظهر في الشق لابد أن يتوسع ، يقول : (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا )) فما هذا الوعد ؟ الوعد أن الله سبحانه وتعالى يخرجهم في آخر الزمان وذلك بعد خروج الدجال وقتله يخرج الله هؤلاء يخرجهم في عالم كثير مثل الجراد أو أكثر حتى إنهم يمرون ببحيرة طبرية ويشربون مائها ، فيمر آخرهم ويقول : قد كان في هذه يوماً ماء ، من كثرتهم ، ثم يحصر عيسى عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين في جبل الطور ويلحقهم مشقة ويرغبون إلى الله تعالى في هلاك هؤلاء فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم حتى يموتوا ميتة رجل واحد ، يصبحون في ليلة واحدة على كثرتهم ميتين ميتة رجل واحد حتى تنتن الأرض من رائحتهم فيرسل الله أمطاراً تحملهم إلى البحر ، أو يرسل طيوراً تحملهم إلى البحر ، والله على كل شيء قدير ، هذه الأشياء نؤمن بها كما أخبرها بها النبي صلى الله عليه وسلم ، أما كيف تصل الحال إلى ذلك ؟ فهذا أمره إلى الله عز وجل . (( وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا )) يعني وعد الله تعالى بخروجهم كان حقاً لابد أن يقع ، كل ما وعد الله بشيء فلابد أن يقع لأن عدم الوفاء بالوعد إما أن يكون عن عجز وإما أن يكون عن كذب والله عز وجل منزه عنهما جميعاً عن العجز وعن الكذب ، فهو عز وجل لا يخلف الميعاد لكمال قدرته وكمال صدقه ، (( وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا )) .