تفسير سورة النمل-04b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
فوائد قوله تعالى : << وجحدوا بها واسيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين >>
بسم الله الرحمن الرحيم
الطالب: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) ))
الشيخ : قال الله تعالى: (( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ))[النمل:17] وقبل أن نتكلم
الطالب: ...
الشيخ : ...تأكيد (( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ )) نأخذ الفوائد...:
يستفاد من هذه الآية (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14] يستفاد منها فوائد:
أولاً: أنه على قوة الآيات التي جاء بها موسى لم يستفد منها هؤلاء، يؤخذ من قوله: (( وَجَحَدُوا بِهَا )) والآيات إذا قويت ما يبقى مجال للجهل، ولكن والعياذ بالله أعمى الله بصائرهم فجحدوا بها.
ويستفاد من ذلك: أن جحد هؤلاء المكذبين كان عن عنادٍ لا عن شبهة، لقوله: (( وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )).
وهل هذا وقع لكفار قريش مع النبي عليه الصلاة والسلام؟
الطالب: وقع منهم ....
الشيخ : نعم وقع لقوله تعالى: (( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ))[الأنعام:33]ولا شك أن هذا واقعٌ من الرؤساء والزعماء، لكن عامة الناس قد لا يكون لديهم هذا الأمر وإنما هم إمّعة مقلدون، أما الزعماء والكبراء فلا شك في هذا.
وفي هذا دليل على سوء أحوال آل فرعون لقوله: (( ظُلْمًا وَعُلُوًّا )) ظلماً لأنفسهم ولموسى، وعلواً: ترفّعاً عن الحق.
وفي هذا دليل على أن الاتصاف بهذين الوصفين يجعل الإنسان من الأمة الفرعونية، وهما: الظلم والعلو.
وما من صفة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمامٌ من أهل الكفر، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن ناساً يركبوا سنن من كان قبلهم.
فالجحد بالحق إن كان فيه إمام مثل فرعون وقومه، الحسد إن كان فيه إمام مثل اليهود، الرياء للإنسان فيه إمام كالمنافقين.. وهكذا، بل إنه منهم المنافقين.فما من خصلة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمامٌ من أهل الكفر.
وفي هذا دليلٌ على ذم الترفّع عن الحق، لقوله: (( وَعُلُوًّا )) ولا فرق بين أن يكون ذلك عن حسن نيّة أو لا، فالطريقة هذه مذمومة ولو عن حُسن نية، وقولنا: ولو عن حسن نية ليدخل في ذلك بعض المقلّدين الذين إذا عُرض عليهم الدليل من الكتاب والسنة قالوا: نحن نتبع فلان لأنه أعلم منكم، هذا عن حُسن نيّة فيما يبدو.
وجه حسن النيّة، لأنهم يرون أن هذا الإمام الذي اتّبعوه أعلم منك ويقولون: نحن جهّال ولا نعرف، وليس لنا إلا أن نقلّد والرجل هذا أعلم منك.
الطالب: ...لا عن تعصب ...فهذا لما عرض عليه امر الرسول يقبل
الشيخ : ويستفاد من هذه الآية: أنه إذا كان هذا الوصف مذموماً وفرعونياً فإن عكسه محمود، ما هو العكس؟
الطالب: التواضع.
الشيخ : التواضع للحق وقبوله، هذا لا شك أنه ممدوح، لأن الله تعالى إذا أثنى بالسوء على وصف فإن ضدّه يثنى عليه بالحسن.
وفي الآية أيضاً دليل على أنه ينبغي للإنسان أو يجب أن يتفكّر ويتأمل في عواقب من سبق، لقوله: (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14] وهل الإنسان ينظر في عواقب المفسدين أو في عواقب المفسدين والمصلحين؟
الطالب: الاثنين.
الشيخ : طيب. اذن ما الحكمة من التخصيص هنا (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14]؟
لأن المقام مقام تحذير، وإذا كان المقام مقام ترغيب فإننا نقول للإنسان: انظر كيف كان عاقبة المصلحين (( فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ))[هود:116].
فالمسألة تختلف في مقام الترهيب نحيل الإنسان على عواقب المفسدين، وفي مقام الترغيب نحيله على عواقب المصلحين، لأجل أن يحذر من أولئك ويرغب بهؤلاء.
وفيها دليل على فضيلة التأمل والتفكُّر في أخبار من مضى، وأن دراسة علم التاريخ من الأشياء التي جاء بها الشرع، فإننا لا يمكن أن ننظر كيف كان عاقبتهم إلا بدراسة أفكارهم وأفكار رؤيتهم. فعلم التاريخ إذاً من الأمور المقصودة، لكن هل هو من الأمور المقصودة ذاتياً أو عرضياً؟
الطالب: عرضياً.
الشيخ : عرضياً إلا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين فإنها من الدين، لأنها كلها أحكام، بخلاف النظر في التاريخ لأجل الاعتبار فقط، فلكل مقام مقال، لأن النظر في التاريخ لالاعتبار فقط قد يعتبر الإنسان بغيره فيستغني عنه، لكن النظر في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فإنها أحكام فقه، هذا مقصودٌ لذاته ما يستغني الإنسان بغيرها عنها (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14]
الطالب: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) ))
الشيخ : قال الله تعالى: (( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ))[النمل:17] وقبل أن نتكلم
الطالب: ...
الشيخ : ...تأكيد (( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ )) نأخذ الفوائد...:
يستفاد من هذه الآية (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14] يستفاد منها فوائد:
أولاً: أنه على قوة الآيات التي جاء بها موسى لم يستفد منها هؤلاء، يؤخذ من قوله: (( وَجَحَدُوا بِهَا )) والآيات إذا قويت ما يبقى مجال للجهل، ولكن والعياذ بالله أعمى الله بصائرهم فجحدوا بها.
ويستفاد من ذلك: أن جحد هؤلاء المكذبين كان عن عنادٍ لا عن شبهة، لقوله: (( وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )).
وهل هذا وقع لكفار قريش مع النبي عليه الصلاة والسلام؟
الطالب: وقع منهم ....
الشيخ : نعم وقع لقوله تعالى: (( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ))[الأنعام:33]ولا شك أن هذا واقعٌ من الرؤساء والزعماء، لكن عامة الناس قد لا يكون لديهم هذا الأمر وإنما هم إمّعة مقلدون، أما الزعماء والكبراء فلا شك في هذا.
وفي هذا دليل على سوء أحوال آل فرعون لقوله: (( ظُلْمًا وَعُلُوًّا )) ظلماً لأنفسهم ولموسى، وعلواً: ترفّعاً عن الحق.
وفي هذا دليل على أن الاتصاف بهذين الوصفين يجعل الإنسان من الأمة الفرعونية، وهما: الظلم والعلو.
وما من صفة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمامٌ من أهل الكفر، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن ناساً يركبوا سنن من كان قبلهم.
فالجحد بالحق إن كان فيه إمام مثل فرعون وقومه، الحسد إن كان فيه إمام مثل اليهود، الرياء للإنسان فيه إمام كالمنافقين.. وهكذا، بل إنه منهم المنافقين.فما من خصلة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمامٌ من أهل الكفر.
وفي هذا دليلٌ على ذم الترفّع عن الحق، لقوله: (( وَعُلُوًّا )) ولا فرق بين أن يكون ذلك عن حسن نيّة أو لا، فالطريقة هذه مذمومة ولو عن حُسن نية، وقولنا: ولو عن حسن نية ليدخل في ذلك بعض المقلّدين الذين إذا عُرض عليهم الدليل من الكتاب والسنة قالوا: نحن نتبع فلان لأنه أعلم منكم، هذا عن حُسن نيّة فيما يبدو.
وجه حسن النيّة، لأنهم يرون أن هذا الإمام الذي اتّبعوه أعلم منك ويقولون: نحن جهّال ولا نعرف، وليس لنا إلا أن نقلّد والرجل هذا أعلم منك.
الطالب: ...لا عن تعصب ...فهذا لما عرض عليه امر الرسول يقبل
الشيخ : ويستفاد من هذه الآية: أنه إذا كان هذا الوصف مذموماً وفرعونياً فإن عكسه محمود، ما هو العكس؟
الطالب: التواضع.
الشيخ : التواضع للحق وقبوله، هذا لا شك أنه ممدوح، لأن الله تعالى إذا أثنى بالسوء على وصف فإن ضدّه يثنى عليه بالحسن.
وفي الآية أيضاً دليل على أنه ينبغي للإنسان أو يجب أن يتفكّر ويتأمل في عواقب من سبق، لقوله: (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14] وهل الإنسان ينظر في عواقب المفسدين أو في عواقب المفسدين والمصلحين؟
الطالب: الاثنين.
الشيخ : طيب. اذن ما الحكمة من التخصيص هنا (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14]؟
لأن المقام مقام تحذير، وإذا كان المقام مقام ترغيب فإننا نقول للإنسان: انظر كيف كان عاقبة المصلحين (( فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ))[هود:116].
فالمسألة تختلف في مقام الترهيب نحيل الإنسان على عواقب المفسدين، وفي مقام الترغيب نحيله على عواقب المصلحين، لأجل أن يحذر من أولئك ويرغب بهؤلاء.
وفيها دليل على فضيلة التأمل والتفكُّر في أخبار من مضى، وأن دراسة علم التاريخ من الأشياء التي جاء بها الشرع، فإننا لا يمكن أن ننظر كيف كان عاقبتهم إلا بدراسة أفكارهم وأفكار رؤيتهم. فعلم التاريخ إذاً من الأمور المقصودة، لكن هل هو من الأمور المقصودة ذاتياً أو عرضياً؟
الطالب: عرضياً.
الشيخ : عرضياً إلا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين فإنها من الدين، لأنها كلها أحكام، بخلاف النظر في التاريخ لأجل الاعتبار فقط، فلكل مقام مقال، لأن النظر في التاريخ لالاعتبار فقط قد يعتبر الإنسان بغيره فيستغني عنه، لكن النظر في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فإنها أحكام فقه، هذا مقصودٌ لذاته ما يستغني الإنسان بغيرها عنها (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14]
1 - فوائد قوله تعالى : << وجحدوا بها واسيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين >> أستمع حفظ
الأسئلة
الطالب: .....؟
الشيخ : إذا كان الإنسان يتفكّر في عمرانهم وقوتهم، ومع ذلك أهلكهم الله فهذا لا بأس به، وأما إذا كان يريد أن يتفكر بقوتهم من أجل .... عليهم، فهذا ما يجوز، ولهذا ما أمرنا الله سبحانه وتعالى أن ننظر إلى قوتهم إلا بعد أن أمرنا أن ننظر إلى عاقبتهم.
وعلى هذا فالذين يذهبون إلى ديار ثمود للتفرج والتنزّه هؤلاء عصاة، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ).فلا يجوز أن الإنسان يذهب في رحلة مثلاً إلى ذلك المكان إلا إذا كان يدخل وهو باكٍ ( فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ).
الحمد لله الإنسان في غنى عن هذا ما هو بلازم يذهب، لكن مع الأسف الآن أنها صارت آثار يقتدي منها بيان قوة هؤلاء وإبداعهم وإحكامهم لأمورهم، ولا يلتفتون إلى ما أنزل الله بهم من العقوبة والعياذ بالله.
الطالب: الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالهجران ... فكيف الناس ....
الشيخ : هذه هي.
الشيخ : إذا كان الإنسان يتفكّر في عمرانهم وقوتهم، ومع ذلك أهلكهم الله فهذا لا بأس به، وأما إذا كان يريد أن يتفكر بقوتهم من أجل .... عليهم، فهذا ما يجوز، ولهذا ما أمرنا الله سبحانه وتعالى أن ننظر إلى قوتهم إلا بعد أن أمرنا أن ننظر إلى عاقبتهم.
وعلى هذا فالذين يذهبون إلى ديار ثمود للتفرج والتنزّه هؤلاء عصاة، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ).فلا يجوز أن الإنسان يذهب في رحلة مثلاً إلى ذلك المكان إلا إذا كان يدخل وهو باكٍ ( فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ).
الحمد لله الإنسان في غنى عن هذا ما هو بلازم يذهب، لكن مع الأسف الآن أنها صارت آثار يقتدي منها بيان قوة هؤلاء وإبداعهم وإحكامهم لأمورهم، ولا يلتفتون إلى ما أنزل الله بهم من العقوبة والعياذ بالله.
الطالب: الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالهجران ... فكيف الناس ....
الشيخ : هذه هي.
فوائد قوله تعالى : << ولقد ءاتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين >>
قال تعالى: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15].
يستفاد من هذه الآية: بيان ما منَّ الله سبحانه وتعالى به على داود وسليمان لقوله: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ))[النمل:15].
وفيها دليل أيضاً على ثناء الله تعالى على نفسه، لأن كونه يتمدّح سبحانه وتعالى بإيتاء داود وسليمان علماً هذا من الثناء، وهل هذا محمودٌ بالنسبة للخلق أن يتمدّح الإنسان بفضله وإلا لا؟
ليس هذا من المحمود إلا إذا كان في ذلك مصلحةٌ للغير ما هو لك أنت، أما الله تعالى فيتمدّح بنفسه للثناء على نفسه، لكن أنت ما تفعل هذا، أما إذا كان فيه مصلحة للغير كإنسان مثلاً يذكر عن نفسه شيئاً لأجل أن يقتدى به في الخير فهذا لا بأس به، أو لأجل أن ينتفع الناس بما عنده، فهذا أيضاً لا بأس به.
حتى ابن مسعود رضي الله عنه قال: " لو أعلم أن أحداً تدعوه الإبل أعلم مني بكتاب الله لأتيته ".
والعلماء ما زالوا يمدحون كتبهم، ابن مالك يقول:
تُقرب الأقصى بلفظ موجز
وتقتضي رضا بغير سخط
وتبسط البذل بوعد منجز
فائقةً ألفيةَ ابن معط
الطالب: يوم قال فائقة .....؟
الشيخ : المهم على كل حال أن مثل هذا ليس بمصلحة الإنسان، هذا لمصلحة غيره، لأجل أن ينتفعوا من هذا المؤلف مثلاً.
الطالب: .....؟
الشيخ : على كل حال نحن نتكلم على الذي ما فيه ............ مع أن هذا في الحقيقة الإنسان قد يجتهد مهما كانت قد يجتهد، لكن .... يعني إذا أصلح ما بينه وبين ربه ما يهمه الناس.
المهم في هذه الآية دليل على تمدّح الله سبحانه وتعالى بما تفضّل به على عباده، بقوله: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ))[النمل:15].
الثالث: ذكرنا فضيلة داود وسليمان ؟
الطالب: لا
الشيخ : فضيلة داود وسليمان،... فضيلة داود وسليمان وأنهما أهلٌ لهذه النعمة، لأن الله تبارك وتعالى يقول: (( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ))[الأنعام:124] فما من فضلٍ يعطيه الله العبد إلا وهو في مكانه، لأن الله حكيم.
الطالب: .....
الشيخ : نعم. وفيه دليل على فضيلة العلم، لقوله: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ))[النمل:15].
وهذا لا شك في فضل العلم، قال الله تعالى: (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ))[الزمر:9] لكن يبقى النظر ما هو العلم الممدوح؟ هذا هو الذي الآن الناس فيه في جدل، ما هو العلم الممدوح؟
المراد بذلك علم الشريعة، هذا هو العلم الممدوح، أما ما سوى علم الشريعة فإنه لا يُمدح إلا حيث يوصل إلى محمود، الذي غيره من الشريعة ما يُمدح إلا حيث يوصل إلى أمرٍ محمود.
عكس ما كان عليه الناس اليوم، كثير من الناس الجُهّال يمدحون العلم بغير الشريعة، بعض الناس والعياذ بالله يرى أن علم الشريعة تأخّر، وأن علم الطبيعة تقدّم، ولهذا يمتدح هؤلاء العلماء والصنائع، وطبقات الأرض.. وغير ذلك، وتجده مثلاً يتمدح: هذا أصل العلم، أو هذا هو العلم .. وما أشبه ذلك. أو إذا رأى من الصنائع الغريبة قال: نعم العلم.. العلم، يعني: ما في شك أن الآن هذا يفضّل هذا العصر على عصر الصحابة، هذا ليس هو المقصود.
كل ما أثنى الله على العلم فليس هذا هو المقصود، بل المقصود به علم الشريعة، لأن علم الشريعة هو الذي ينفع الخلق، حتى علم الشريعة هو الذي يدلهم على هذه العلوم الذي يتمدّحون به، لأن الله يأمر بأن نسعى في الأرض (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ))[الملك:15]، (( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ))[الأعراف:185] وما أشبه ذلك.
فالحاصل: أن العلم الذي منّ الله به على داود وسليمان وأثنى عليهما به هو علم الشريعة، وهكذا جميع ما في النصوص من مدح العلم فهو علم الشريعة، لأنه هو الذي يُحمد لذاته، وما عداه فمتى يُحمد؟
الطالب: ...
الشيخ : إذا كان موصلاً إلى أمر محمود، وإلا فإنه إن أوصل إلى أمرٍ مذموم كان مذموماً، وإن أوصل إلى أمرٍ لا يُحمد ولا يُذم فهو لا يُحمد ولا يُذم...
يستفاد من هذه الآية: بيان ما منَّ الله سبحانه وتعالى به على داود وسليمان لقوله: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ))[النمل:15].
وفيها دليل أيضاً على ثناء الله تعالى على نفسه، لأن كونه يتمدّح سبحانه وتعالى بإيتاء داود وسليمان علماً هذا من الثناء، وهل هذا محمودٌ بالنسبة للخلق أن يتمدّح الإنسان بفضله وإلا لا؟
ليس هذا من المحمود إلا إذا كان في ذلك مصلحةٌ للغير ما هو لك أنت، أما الله تعالى فيتمدّح بنفسه للثناء على نفسه، لكن أنت ما تفعل هذا، أما إذا كان فيه مصلحة للغير كإنسان مثلاً يذكر عن نفسه شيئاً لأجل أن يقتدى به في الخير فهذا لا بأس به، أو لأجل أن ينتفع الناس بما عنده، فهذا أيضاً لا بأس به.
حتى ابن مسعود رضي الله عنه قال: " لو أعلم أن أحداً تدعوه الإبل أعلم مني بكتاب الله لأتيته ".
والعلماء ما زالوا يمدحون كتبهم، ابن مالك يقول:
تُقرب الأقصى بلفظ موجز
وتقتضي رضا بغير سخط
وتبسط البذل بوعد منجز
فائقةً ألفيةَ ابن معط
الطالب: يوم قال فائقة .....؟
الشيخ : المهم على كل حال أن مثل هذا ليس بمصلحة الإنسان، هذا لمصلحة غيره، لأجل أن ينتفعوا من هذا المؤلف مثلاً.
الطالب: .....؟
الشيخ : على كل حال نحن نتكلم على الذي ما فيه ............ مع أن هذا في الحقيقة الإنسان قد يجتهد مهما كانت قد يجتهد، لكن .... يعني إذا أصلح ما بينه وبين ربه ما يهمه الناس.
المهم في هذه الآية دليل على تمدّح الله سبحانه وتعالى بما تفضّل به على عباده، بقوله: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ))[النمل:15].
الثالث: ذكرنا فضيلة داود وسليمان ؟
الطالب: لا
الشيخ : فضيلة داود وسليمان،... فضيلة داود وسليمان وأنهما أهلٌ لهذه النعمة، لأن الله تبارك وتعالى يقول: (( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ))[الأنعام:124] فما من فضلٍ يعطيه الله العبد إلا وهو في مكانه، لأن الله حكيم.
الطالب: .....
الشيخ : نعم. وفيه دليل على فضيلة العلم، لقوله: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ))[النمل:15].
وهذا لا شك في فضل العلم، قال الله تعالى: (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ))[الزمر:9] لكن يبقى النظر ما هو العلم الممدوح؟ هذا هو الذي الآن الناس فيه في جدل، ما هو العلم الممدوح؟
المراد بذلك علم الشريعة، هذا هو العلم الممدوح، أما ما سوى علم الشريعة فإنه لا يُمدح إلا حيث يوصل إلى محمود، الذي غيره من الشريعة ما يُمدح إلا حيث يوصل إلى أمرٍ محمود.
عكس ما كان عليه الناس اليوم، كثير من الناس الجُهّال يمدحون العلم بغير الشريعة، بعض الناس والعياذ بالله يرى أن علم الشريعة تأخّر، وأن علم الطبيعة تقدّم، ولهذا يمتدح هؤلاء العلماء والصنائع، وطبقات الأرض.. وغير ذلك، وتجده مثلاً يتمدح: هذا أصل العلم، أو هذا هو العلم .. وما أشبه ذلك. أو إذا رأى من الصنائع الغريبة قال: نعم العلم.. العلم، يعني: ما في شك أن الآن هذا يفضّل هذا العصر على عصر الصحابة، هذا ليس هو المقصود.
كل ما أثنى الله على العلم فليس هذا هو المقصود، بل المقصود به علم الشريعة، لأن علم الشريعة هو الذي ينفع الخلق، حتى علم الشريعة هو الذي يدلهم على هذه العلوم الذي يتمدّحون به، لأن الله يأمر بأن نسعى في الأرض (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ))[الملك:15]، (( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ))[الأعراف:185] وما أشبه ذلك.
فالحاصل: أن العلم الذي منّ الله به على داود وسليمان وأثنى عليهما به هو علم الشريعة، وهكذا جميع ما في النصوص من مدح العلم فهو علم الشريعة، لأنه هو الذي يُحمد لذاته، وما عداه فمتى يُحمد؟
الطالب: ...
الشيخ : إذا كان موصلاً إلى أمر محمود، وإلا فإنه إن أوصل إلى أمرٍ مذموم كان مذموماً، وإن أوصل إلى أمرٍ لا يُحمد ولا يُذم فهو لا يُحمد ولا يُذم...
3 - فوائد قوله تعالى : << ولقد ءاتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين >> أستمع حفظ
الأسئلة
الطالب: يأتون بشبهة .... مثلاً، الشبهة هذه تنطلى على بعض.... يقول: يزيد في العمر أن الذي... لو ربما يعني ما وافق لا علم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا علم الصحابة، ومع هذا .... وصلنا إلى أعماق البحار.... عنهم كثير هؤلاء ...
الشيخ : هذا من الجهل، ولهذا علمهم هذا الآن ما هو محمود إلا إذا أوصل إلى أمرٍ محمود، وإلا ما هو محمود، فالذين وصلوا إلى أعماق البحار وإلى آفاق الفضاء، هؤلاء هم الذين صنعوا ما يدمر الخلق من القنابل والأسلحة. هل هذا محمود؟
الطالب: لا.
الشيخ : ثم نقول: هذه العلوم هل تنافي العلم الشرعي؟ نحن نتمنى أن المسلمين أيضاً يصلون إلى هذه الأمور لينفعون أنفسهم وينفعوا الخلق.
الطالب: يا شيخ!....من مدح للعلم ... العلم الشرعي؟
الشيخ : هذا العلم الشرعي.
الطالب: قولك .... مع قولك: .....
الشيخ : ما فيها شيء، ما بينهم تعارض.
الطالب:..... مجرد رحمة.
الشيخ : لكن هذه الرحمة في محلها.
الشيخ : هذا من الجهل، ولهذا علمهم هذا الآن ما هو محمود إلا إذا أوصل إلى أمرٍ محمود، وإلا ما هو محمود، فالذين وصلوا إلى أعماق البحار وإلى آفاق الفضاء، هؤلاء هم الذين صنعوا ما يدمر الخلق من القنابل والأسلحة. هل هذا محمود؟
الطالب: لا.
الشيخ : ثم نقول: هذه العلوم هل تنافي العلم الشرعي؟ نحن نتمنى أن المسلمين أيضاً يصلون إلى هذه الأمور لينفعون أنفسهم وينفعوا الخلق.
الطالب: يا شيخ!....من مدح للعلم ... العلم الشرعي؟
الشيخ : هذا العلم الشرعي.
الطالب: قولك .... مع قولك: .....
الشيخ : ما فيها شيء، ما بينهم تعارض.
الطالب:..... مجرد رحمة.
الشيخ : لكن هذه الرحمة في محلها.
تتمة الفوائد السابقة .
وفيه دليلٌ على فضيلة داود وسليمان أيضاً من جهة اعترافهما بنعمة الله وشكرهما لها، لقوله ...
الطالب: ....
الشيخ : لا. ذكرناها من وجه، وهذا من وجهٍ آخر وهو قيامهما بشكر نعمة الله (( وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا ))[النمل:15] لم يقولا: إننا أوتينا هذا على علمٍ منا، أو لأننا أذكياء.. أو ما أشبه ذلك.
قالا: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15].
وفي هذا دليل أيضاً على أن الشكر يكون بالقول كما هو أيضاً بالفعل، ويكون أيضاً بالعقيدة -بالاعتقاد- فالشكر له ثلاث محلات: القلب، واللسان، والجوارح.
قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة
يدي ولساني والضمير المحجبَ
الدليل على هذا أن الشكر يكون في ثلاث مواضع هنا في اللسان، يقال للنبي عليه الصلاة والسلام وقد قيل له: كيف تفعل هذا؟ وكان يقوم حتى تتورم قدماه، وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، فقال: ( أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً ) فجعل الفعل شكراً لله سبحانه وتعالى، وقال تعالى: (( اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا ))[سبأ:13].
وأما الاعتراف بالنعم بالقلب فهو من الشكر، ايش الدليل ؟لقوله تعالى: (( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ ... ))[النحل:53].
هذا الخبر يريد الله منا أن نعتقده، ولهذا ذم الله تبارك وتعالى الذين نسبوا نعمته إلى أنفسهم وإلا لا ؟ ايش قال عن قارون ؟، وقال عن قارون:(( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ))[القصص:78].
فقال الله تعالى: (( أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ))[القصص:78].
وهذه المسألة كل المواضع الثلاثة للشكر قل من يقوم بها، فبعض الناس مثلاً يعتمد على السبب في جلب النعمة إليه وينسب المسبب فهمتم؟
يعني عندما يعطيه الإنسان شيء حاجة من الحاجات تجد أنه يقوم في قلبه من شكر هذا المعطي أكثر مما يقوم بشكر الله، تجده يثني أيضاً على هذا أكثر مما يثني على الله، تجده يقوم بخدمة هذا أكثر مما يقوم بخدمة الله.
مع أن هذا الذي وصلت النعمة على يده ما هو إلا طريق ليوصلها إليك فقط، وإلا فالذي جعل في قلبه أن يوصل هذه النعمة إليك من هو الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يسّر هذا.
فالحاصل: أن الناس الآن أكثرهم أو غالبهم يحلون في مقام الشكر إما بالقلب أو باللسان أو بالجوارح.
وفي هذا دليل على أن الإنسان يُشرع له إذا منّ الله عليه بنعمة أن يحمده عليها، وقد وردت النصوص بمثل ذلك.
فعندما تنتهي من الأكل والشرب تقول: الحمد لله، عندما تستيقظ تحمد الله، عندما تلبس ثوباً تحمد الله.. وهكذا.وهذا من الأمور المشروعة حمد الله سبحانه وتعالى على النعم.
وفي الآية دليل على تواضع داود وسليمان ومعرفتهما للحقيقة لقوله: (( فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15] ما ذكر التفضيل المطلق على جميع المؤمنين (( عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15].هل يستفاد من ذلك وصف الأنبياء بالإيمان؟
الطالب: ....
الشيخ : لا يعني: هل يشعر قوله: (( عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15] أنهما من المؤمنين؟
الطالب: نعم.
الشيخ : الظاهر أنه يُشعر بهذا، يعني: أننا شاركناهم في وصف الإيمان وفضّلنا الله على كثيرٍ منهم.
وفي الآية دليل أيضاً على أن الإنسان إذا رأى أنه أفضل من غيره بنعمة الله عليه فإن هذا لا ينافي التواضع، يعني: عندما تشعر أن الله أنعم عليك بالمال، فضّلك على هذا، هل معنى ذلك أنك ترفّعت وتكبّرت؟ لا، بل إنك لا يمكن أن تدرك نعمة الله عليك حتى تعرف ضدها في غيره، ما يمكن تعرف هذا إلا إذا عرفت ضده.
إذا رأيت مثلاً إنسان مبتلى في بدنه والله تعالى قد عافاك. عرفت فضل نعمة الله، فقل: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به وفضّلني عليه.
عندما ترى جاهلاً وأنت منّ الله عليك بالعلم، كذلك أيضاً ترى فضل نعمة الله عليك بهذا، ولا يُعد هذا من باب الترفُّع والاستهانة بالغير، ولهذا قال: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15] وهذه قد يتراءى للإنسان أنه إذا رأى فضله على غيره بما أنعم الله عليه قد يتراءى له أن ذلك أمر مذموم، وأنه يتضمن الترفُّع والاستهانة بالغير وليس الأمر كذلك.
الطالب: ......
الشيخ : نعم. وفيها أيضاً هذه الفائدة وأن التحدث بها من الشكر.
يستفاد منها هذه الفائدة التي ذكرها يوسف: مشروعية التحدث بنعمة الله، لكن لا على سبيل الافتخار والعلو على الغير، ولهذا جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ).
فالإنسان إذا تحدث بنعمة الله غير مفتخرٍ بها فإنه لا بأس بذلك، بل قد يكون هذا مشروعاً لأنه ثناءٌ على الله سبحانه وتعالى بما أنعم به عليه.
الطالب: ....
الشيخ : لا. ذكرناها من وجه، وهذا من وجهٍ آخر وهو قيامهما بشكر نعمة الله (( وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا ))[النمل:15] لم يقولا: إننا أوتينا هذا على علمٍ منا، أو لأننا أذكياء.. أو ما أشبه ذلك.
قالا: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15].
وفي هذا دليل أيضاً على أن الشكر يكون بالقول كما هو أيضاً بالفعل، ويكون أيضاً بالعقيدة -بالاعتقاد- فالشكر له ثلاث محلات: القلب، واللسان، والجوارح.
قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة
يدي ولساني والضمير المحجبَ
الدليل على هذا أن الشكر يكون في ثلاث مواضع هنا في اللسان، يقال للنبي عليه الصلاة والسلام وقد قيل له: كيف تفعل هذا؟ وكان يقوم حتى تتورم قدماه، وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، فقال: ( أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً ) فجعل الفعل شكراً لله سبحانه وتعالى، وقال تعالى: (( اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا ))[سبأ:13].
وأما الاعتراف بالنعم بالقلب فهو من الشكر، ايش الدليل ؟لقوله تعالى: (( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ ... ))[النحل:53].
هذا الخبر يريد الله منا أن نعتقده، ولهذا ذم الله تبارك وتعالى الذين نسبوا نعمته إلى أنفسهم وإلا لا ؟ ايش قال عن قارون ؟، وقال عن قارون:(( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ))[القصص:78].
فقال الله تعالى: (( أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ))[القصص:78].
وهذه المسألة كل المواضع الثلاثة للشكر قل من يقوم بها، فبعض الناس مثلاً يعتمد على السبب في جلب النعمة إليه وينسب المسبب فهمتم؟
يعني عندما يعطيه الإنسان شيء حاجة من الحاجات تجد أنه يقوم في قلبه من شكر هذا المعطي أكثر مما يقوم بشكر الله، تجده يثني أيضاً على هذا أكثر مما يثني على الله، تجده يقوم بخدمة هذا أكثر مما يقوم بخدمة الله.
مع أن هذا الذي وصلت النعمة على يده ما هو إلا طريق ليوصلها إليك فقط، وإلا فالذي جعل في قلبه أن يوصل هذه النعمة إليك من هو الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يسّر هذا.
فالحاصل: أن الناس الآن أكثرهم أو غالبهم يحلون في مقام الشكر إما بالقلب أو باللسان أو بالجوارح.
وفي هذا دليل على أن الإنسان يُشرع له إذا منّ الله عليه بنعمة أن يحمده عليها، وقد وردت النصوص بمثل ذلك.
فعندما تنتهي من الأكل والشرب تقول: الحمد لله، عندما تستيقظ تحمد الله، عندما تلبس ثوباً تحمد الله.. وهكذا.وهذا من الأمور المشروعة حمد الله سبحانه وتعالى على النعم.
وفي الآية دليل على تواضع داود وسليمان ومعرفتهما للحقيقة لقوله: (( فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15] ما ذكر التفضيل المطلق على جميع المؤمنين (( عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15].هل يستفاد من ذلك وصف الأنبياء بالإيمان؟
الطالب: ....
الشيخ : لا يعني: هل يشعر قوله: (( عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15] أنهما من المؤمنين؟
الطالب: نعم.
الشيخ : الظاهر أنه يُشعر بهذا، يعني: أننا شاركناهم في وصف الإيمان وفضّلنا الله على كثيرٍ منهم.
وفي الآية دليل أيضاً على أن الإنسان إذا رأى أنه أفضل من غيره بنعمة الله عليه فإن هذا لا ينافي التواضع، يعني: عندما تشعر أن الله أنعم عليك بالمال، فضّلك على هذا، هل معنى ذلك أنك ترفّعت وتكبّرت؟ لا، بل إنك لا يمكن أن تدرك نعمة الله عليك حتى تعرف ضدها في غيره، ما يمكن تعرف هذا إلا إذا عرفت ضده.
إذا رأيت مثلاً إنسان مبتلى في بدنه والله تعالى قد عافاك. عرفت فضل نعمة الله، فقل: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به وفضّلني عليه.
عندما ترى جاهلاً وأنت منّ الله عليك بالعلم، كذلك أيضاً ترى فضل نعمة الله عليك بهذا، ولا يُعد هذا من باب الترفُّع والاستهانة بالغير، ولهذا قال: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:15] وهذه قد يتراءى للإنسان أنه إذا رأى فضله على غيره بما أنعم الله عليه قد يتراءى له أن ذلك أمر مذموم، وأنه يتضمن الترفُّع والاستهانة بالغير وليس الأمر كذلك.
الطالب: ......
الشيخ : نعم. وفيها أيضاً هذه الفائدة وأن التحدث بها من الشكر.
يستفاد منها هذه الفائدة التي ذكرها يوسف: مشروعية التحدث بنعمة الله، لكن لا على سبيل الافتخار والعلو على الغير، ولهذا جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ).
فالإنسان إذا تحدث بنعمة الله غير مفتخرٍ بها فإنه لا بأس بذلك، بل قد يكون هذا مشروعاً لأنه ثناءٌ على الله سبحانه وتعالى بما أنعم به عليه.
الأسئلة
الطالب: .....
الشيخ : كيف ذلك
الطالب: .....
الشيخ : فيه إشكال، لأننا الآن ما عندنا علم أن الأنبياء علموا بأن محمداً سيُبعث، في القرآن (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ))[آل عمران:81] كلمة رسول نكرة أو معرفة؟
الطالب: نكرة.
الشيخ : نكرة، ما تدل على أن الله عيّن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهؤلاء، وإن كان ابن عباس رضي الله عنه قال: " إن الله أخذ على النبيين الميثاق لئن بُعث محمد ". فهذا تفسيرٌ منه، أما الآية لا ما تدل على هذا.
الطالب: ....
الشيخ : نعم ما يخالف ........ يدل عليه. يقين أن داود اطّلع على التوراة لأنه بعد موسى، هذه ....
الطالب: ....
الشيخ : إثبات علم الله لأنه أعطى علماً وفاقد الشيء لا يُعطيه.
الطالب: ...
الشيخ : هذه شهادة من عبد العزيز لأنها قويةٌ جداً. إذاً .... إثبات علم الله، وجهه: أن الله سبحانه وتعالى أعطى هؤلاء علماً ولا يعطي العلم إلا من كان عالماً، لأنه يعلمهم بما يعلم هو.
الطالب: ..... ؟
الشيخ : لا. لا هذه ولا هذه حسب نية الإنسان، حتى الأولى شعوره بعلوه بما فضّله الله به على غيره قد يكون علوّاً، وهذه مثلها أيضاً قد يكون ازدراءً، وقد يكون الإنسان ينظر إلى نعمة الله تعالى على غيره على وجه الحكمة، يقول: إن الله حكيم، ولو لا أن هذا أهل ما أعطاه ثم يسعى في تكميل الفضائل.....، المهم هذه المسألة ترجع عليه .... في هذا وهذا.
الطالب: يا شيخ! ...؟
الشيخ : ما أدري والله، ما أعرف.
الطالب: لكن يقال أن .... لا يعارض .... لأني أعلم أني ... داود وسليمان، ومع ذلك......
الشيخ : بأي شيء تزن؟
الطالب: أزنه بهذا .... منطق الطير.
الشيخ : على كل حال هذه الفائدة حاصلة، صحيح أنه ما يلزم من فضل الإنسان في صفة أن يفضل غيره فضلاً مطلقا، لكن الأصل أن هذه، هل يمكن تؤخذ من هذه الآية، أن من فضل غيره بصفة لا يلزم أن يكون أفضل منه فضلاً مطلقاً.
الطالب: اللي بعده.
الشيخ : اللي بعده ما وصلناها.
الطالب: بيان حكمة داود وسليمان اللي ..... بعلتين.
الشيخ : هنا إذا لم يذكر ذلك على أي شيء يحمد الله، هما يريدان أن يحمداه على هذا الأمر.
الشيخ : كيف ذلك
الطالب: .....
الشيخ : فيه إشكال، لأننا الآن ما عندنا علم أن الأنبياء علموا بأن محمداً سيُبعث، في القرآن (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ))[آل عمران:81] كلمة رسول نكرة أو معرفة؟
الطالب: نكرة.
الشيخ : نكرة، ما تدل على أن الله عيّن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهؤلاء، وإن كان ابن عباس رضي الله عنه قال: " إن الله أخذ على النبيين الميثاق لئن بُعث محمد ". فهذا تفسيرٌ منه، أما الآية لا ما تدل على هذا.
الطالب: ....
الشيخ : نعم ما يخالف ........ يدل عليه. يقين أن داود اطّلع على التوراة لأنه بعد موسى، هذه ....
الطالب: ....
الشيخ : إثبات علم الله لأنه أعطى علماً وفاقد الشيء لا يُعطيه.
الطالب: ...
الشيخ : هذه شهادة من عبد العزيز لأنها قويةٌ جداً. إذاً .... إثبات علم الله، وجهه: أن الله سبحانه وتعالى أعطى هؤلاء علماً ولا يعطي العلم إلا من كان عالماً، لأنه يعلمهم بما يعلم هو.
الطالب: ..... ؟
الشيخ : لا. لا هذه ولا هذه حسب نية الإنسان، حتى الأولى شعوره بعلوه بما فضّله الله به على غيره قد يكون علوّاً، وهذه مثلها أيضاً قد يكون ازدراءً، وقد يكون الإنسان ينظر إلى نعمة الله تعالى على غيره على وجه الحكمة، يقول: إن الله حكيم، ولو لا أن هذا أهل ما أعطاه ثم يسعى في تكميل الفضائل.....، المهم هذه المسألة ترجع عليه .... في هذا وهذا.
الطالب: يا شيخ! ...؟
الشيخ : ما أدري والله، ما أعرف.
الطالب: لكن يقال أن .... لا يعارض .... لأني أعلم أني ... داود وسليمان، ومع ذلك......
الشيخ : بأي شيء تزن؟
الطالب: أزنه بهذا .... منطق الطير.
الشيخ : على كل حال هذه الفائدة حاصلة، صحيح أنه ما يلزم من فضل الإنسان في صفة أن يفضل غيره فضلاً مطلقا، لكن الأصل أن هذه، هل يمكن تؤخذ من هذه الآية، أن من فضل غيره بصفة لا يلزم أن يكون أفضل منه فضلاً مطلقاً.
الطالب: اللي بعده.
الشيخ : اللي بعده ما وصلناها.
الطالب: بيان حكمة داود وسليمان اللي ..... بعلتين.
الشيخ : هنا إذا لم يذكر ذلك على أي شيء يحمد الله، هما يريدان أن يحمداه على هذا الأمر.
فوائد قوله تعالى : << وورث سليمان داوود وقال يآأيها الناس علمنا منطق الطير و أوتينا من كل شيئ إن هذا لهو الفضل المبين >>
اللي بعده (( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ))[النمل:16].
في هذا دليل على أن سليمان متأخر عن داود، لقوله: (( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ ))[النمل:16] والإرث كما قلنا: أن يخلف الإنسان غيره في شيءٍ ما علماً كان أو مالاً.
وفيه دليل على مشروعية تحدث الإنسان بنعمة الله، لقوله: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ ))[النمل:16].
وفيه أيضاً على أن هذا التحدث لا بأس أن يكون علنا قصدي شاملاً، لأن قوله: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ )) نداءٌ للبعيد، فكأنه أي: سليمان أعلن ذلك في جميع الناس.
وفي هذا دليلٌ على أن الطير تنطق لقوله: (( مَنطِقَ الطَّيْرِ ))[النمل:16].
وفيه أن نطقها مفهومٌ ومعلوم، ولكن فيما بينها معلوم ولغيرها مجهول إلا لمن علّمه الله، فلهذا قال الله تعالى: (( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ))[الإسراء:44].
وفي هذه الآية دليل على أن الله سبحانه وتعالى أعطى سليمان من كل شيءٍ يتم به الملك، لقوله: (( وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ))[النمل:16] وهو نظير قوله تعالى عن ملكة سبأ: (( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ))[النمل:23] أي: مما يتم به الملك. هذا إذا قيّدنا أن كل شيءٍ يتم به الملك، فمن لبيان الجنس، وإذا قلنا: إن (( مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )) عامٌ لكل شيء فإن مِنْ تكون للتبعيض، لأنهم ما أعطوا كل شيء، بل بعض كل شيء.
وفيه دليل على أن ما يعطيه الله تعالى العبد من العلوم والفهم فهو من فضله، لقوله: (( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ))[النمل:16] وقد قال الله تعالى: (( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ))[يونس:58].
هل يستفاد من ذلك: أن من علم لغة غيره فله ميزةٌ على غيره؟
الطالب: نعم...
الشيخ : ميزة على غيره، لأنه تمدّح بقوله: (( عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ ))[النمل:16].
إذاً تعلُّم اللغة غير العربية هي في الحقيقة من نعمة الله على العبد، لكن يستعملها في أي شيء؟
إن استعملها مكان اللغة العربية فإنه مخطئ، وكان عمر يضرب على ذلك، وإن استعملها لمصلحة دينية فهذا له أجر في ذلك، فإذا استعملها في الدعوة إلى الله وتفهيم الخلق الذين لا يفهمون اللغة العربية بهذه الوسيلة فهي وسيلة.
المهم أنه لا شك أن الإنسان يتعلم لغة غيره فله ميزة على غيره في هذا، لكن كونه محمود أو غير محمود يرجع إلى ما يتوصل به
في هذا دليل على أن سليمان متأخر عن داود، لقوله: (( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ ))[النمل:16] والإرث كما قلنا: أن يخلف الإنسان غيره في شيءٍ ما علماً كان أو مالاً.
وفيه دليل على مشروعية تحدث الإنسان بنعمة الله، لقوله: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ ))[النمل:16].
وفيه أيضاً على أن هذا التحدث لا بأس أن يكون علنا قصدي شاملاً، لأن قوله: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ )) نداءٌ للبعيد، فكأنه أي: سليمان أعلن ذلك في جميع الناس.
وفي هذا دليلٌ على أن الطير تنطق لقوله: (( مَنطِقَ الطَّيْرِ ))[النمل:16].
وفيه أن نطقها مفهومٌ ومعلوم، ولكن فيما بينها معلوم ولغيرها مجهول إلا لمن علّمه الله، فلهذا قال الله تعالى: (( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ))[الإسراء:44].
وفي هذه الآية دليل على أن الله سبحانه وتعالى أعطى سليمان من كل شيءٍ يتم به الملك، لقوله: (( وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ))[النمل:16] وهو نظير قوله تعالى عن ملكة سبأ: (( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ))[النمل:23] أي: مما يتم به الملك. هذا إذا قيّدنا أن كل شيءٍ يتم به الملك، فمن لبيان الجنس، وإذا قلنا: إن (( مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )) عامٌ لكل شيء فإن مِنْ تكون للتبعيض، لأنهم ما أعطوا كل شيء، بل بعض كل شيء.
وفيه دليل على أن ما يعطيه الله تعالى العبد من العلوم والفهم فهو من فضله، لقوله: (( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ))[النمل:16] وقد قال الله تعالى: (( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ))[يونس:58].
هل يستفاد من ذلك: أن من علم لغة غيره فله ميزةٌ على غيره؟
الطالب: نعم...
الشيخ : ميزة على غيره، لأنه تمدّح بقوله: (( عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ ))[النمل:16].
إذاً تعلُّم اللغة غير العربية هي في الحقيقة من نعمة الله على العبد، لكن يستعملها في أي شيء؟
إن استعملها مكان اللغة العربية فإنه مخطئ، وكان عمر يضرب على ذلك، وإن استعملها لمصلحة دينية فهذا له أجر في ذلك، فإذا استعملها في الدعوة إلى الله وتفهيم الخلق الذين لا يفهمون اللغة العربية بهذه الوسيلة فهي وسيلة.
المهم أنه لا شك أن الإنسان يتعلم لغة غيره فله ميزة على غيره في هذا، لكن كونه محمود أو غير محمود يرجع إلى ما يتوصل به
7 - فوائد قوله تعالى : << وورث سليمان داوود وقال يآأيها الناس علمنا منطق الطير و أوتينا من كل شيئ إن هذا لهو الفضل المبين >> أستمع حفظ
الأسئلة
إلى هذه اللغة.
الطالب: ....؟
الشيخ : كيف؟ هذه صحيح لكن كونه يتمدّح بأنه عُلِّم هذا المنطق، هل هو لأجل كونه آية أو لأنه أمر يخفى على غيره؟ الصحيح أنه آية ويخفى على غيره.
على كل حال المسألة هذه ليست ... في مسألة .... هذه الآية، أن الإنسان يُمدح إذا علم لغة غيره، لكن لا شك أنه علم، وأنه إذا توصل به إلى أمرٍ مقصود فهو محمود، وإن توصّل به إلى أمرٍ مذموم فهو مذموم.
فمثلاً إذا كان الإنسان متعلم لغة غير العربية يريد أن يحلها محل العربية، ويبدأ يخاطب غيره بهذه اللغة فلا شك أنه مذموم، وينهى عنه لأنه يخالف الشرع من جهة، ويخالف العقل من جهة أخرى.
الأمم الآن تسعى بكل وسيلة للحفاظ على لغاتهم، بل إنها تسعى لإحياء لغاتها البائدة مثلما يصنع اليهود الآن، يحاولون بشتى الوسائل أن قومهم يرجعون إلى اللغة العبرية، فكيف أننا نضيع اللغة العربية التي هي لغة العالم شرعاً وإلا قدرا؟
الطلاب: شرعا
الشيخ : ولهذا يجب على جميع العالم أن يتعلم اللغة العربية، لأن القرآن باللغة العربية، ولا يمكن فهمه إلا باللغة العربية. ولكن نحن الآن مع الأسف أننا نرى أن غير اللغة العربية هي العالمية، مثلما أننا نرى الآن الشهور غير العربية هي العالمية، لأننا في الحقيقة ما عرفنا قدر أنفسنا، وإلا فالمسلمون هم العالم في دينهم وفي كتابهم وفي تاريخهم.
يقول الله سبحانه وتعالى: (( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ )) لمن؟
الطالب: للناس.
الشيخ : وإلا للعرب؟ للعرب يضيعونها بعد .... لا مواقيت للناس.
(( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ )) متى؟ (( يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ))[التوبة:36] وقد فسّرها الرسول عليه الصلاة والسلام بهذه الأشهر العربية، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.
الطالب: .....؟
الشيخ : نعم يبيّن .... فالحاصل أني أقول: أنه مع الأسف الشديد أن بعض الناس الآن يتعلم لغة هؤلاء ويجعلها هي لغة التخاطب فيما بينهم، وهذا لا شك أنه نقص في الشرع والعقل.
الطالب: معجبون بلا عقل، المعجبون بغيرهم بلا عقل.
الشيخ : صحيح.
الطالب: ....
الشيخ :.. لو حصل هذا كان طيب. يعني لو أن الناس نُقلوا من اللغة العاميّة إلى اللغة العربية هذا طيب، من أحسن ما يكون، لأنه دليل على فهم القرآن والسنة.
لكن إذا لم يكن فهذا تغيير لهجة فقط، ولو تأمّلت ما عليه الناس الآن من اللغة العربية يعني: العاميّة، لوجدت أن كل كلماتهم لها أصول في اللغة العربية، لكن اختلاف لهجات. فبودنا الحقيقة أن نرجع إلى اللغة العربية الفصحى، ولكن هذا يتطلب عمل، نريد أن نتخلى عن لغتنا هذه العاميّة .....
لكن يعجبني بواحد من غير العربيين سيرلانكي في أحد المؤسسات عندنا، جاء مرة كلمنا ويتكلم باللغة الفصحى ولا يلحن هذا العجيب.. العجيب أنه ما يلحن، هو سيرلانكي أصله، لكن متعلم اللغة العربية هذا اللغة الفصحى، لأن القوانين باللغة الفصحى، لكن يكلمني تماماً باللغة الفصحى ولا لحن. هذا طيب ليته يجي عندنا حتى ...نبدأ الدرس الجديد.
الطالب: ....؟
الشيخ : كيف؟ هذه صحيح لكن كونه يتمدّح بأنه عُلِّم هذا المنطق، هل هو لأجل كونه آية أو لأنه أمر يخفى على غيره؟ الصحيح أنه آية ويخفى على غيره.
على كل حال المسألة هذه ليست ... في مسألة .... هذه الآية، أن الإنسان يُمدح إذا علم لغة غيره، لكن لا شك أنه علم، وأنه إذا توصل به إلى أمرٍ مقصود فهو محمود، وإن توصّل به إلى أمرٍ مذموم فهو مذموم.
فمثلاً إذا كان الإنسان متعلم لغة غير العربية يريد أن يحلها محل العربية، ويبدأ يخاطب غيره بهذه اللغة فلا شك أنه مذموم، وينهى عنه لأنه يخالف الشرع من جهة، ويخالف العقل من جهة أخرى.
الأمم الآن تسعى بكل وسيلة للحفاظ على لغاتهم، بل إنها تسعى لإحياء لغاتها البائدة مثلما يصنع اليهود الآن، يحاولون بشتى الوسائل أن قومهم يرجعون إلى اللغة العبرية، فكيف أننا نضيع اللغة العربية التي هي لغة العالم شرعاً وإلا قدرا؟
الطلاب: شرعا
الشيخ : ولهذا يجب على جميع العالم أن يتعلم اللغة العربية، لأن القرآن باللغة العربية، ولا يمكن فهمه إلا باللغة العربية. ولكن نحن الآن مع الأسف أننا نرى أن غير اللغة العربية هي العالمية، مثلما أننا نرى الآن الشهور غير العربية هي العالمية، لأننا في الحقيقة ما عرفنا قدر أنفسنا، وإلا فالمسلمون هم العالم في دينهم وفي كتابهم وفي تاريخهم.
يقول الله سبحانه وتعالى: (( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ )) لمن؟
الطالب: للناس.
الشيخ : وإلا للعرب؟ للعرب يضيعونها بعد .... لا مواقيت للناس.
(( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ )) متى؟ (( يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ))[التوبة:36] وقد فسّرها الرسول عليه الصلاة والسلام بهذه الأشهر العربية، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.
الطالب: .....؟
الشيخ : نعم يبيّن .... فالحاصل أني أقول: أنه مع الأسف الشديد أن بعض الناس الآن يتعلم لغة هؤلاء ويجعلها هي لغة التخاطب فيما بينهم، وهذا لا شك أنه نقص في الشرع والعقل.
الطالب: معجبون بلا عقل، المعجبون بغيرهم بلا عقل.
الشيخ : صحيح.
الطالب: ....
الشيخ :.. لو حصل هذا كان طيب. يعني لو أن الناس نُقلوا من اللغة العاميّة إلى اللغة العربية هذا طيب، من أحسن ما يكون، لأنه دليل على فهم القرآن والسنة.
لكن إذا لم يكن فهذا تغيير لهجة فقط، ولو تأمّلت ما عليه الناس الآن من اللغة العربية يعني: العاميّة، لوجدت أن كل كلماتهم لها أصول في اللغة العربية، لكن اختلاف لهجات. فبودنا الحقيقة أن نرجع إلى اللغة العربية الفصحى، ولكن هذا يتطلب عمل، نريد أن نتخلى عن لغتنا هذه العاميّة .....
لكن يعجبني بواحد من غير العربيين سيرلانكي في أحد المؤسسات عندنا، جاء مرة كلمنا ويتكلم باللغة الفصحى ولا يلحن هذا العجيب.. العجيب أنه ما يلحن، هو سيرلانكي أصله، لكن متعلم اللغة العربية هذا اللغة الفصحى، لأن القوانين باللغة الفصحى، لكن يكلمني تماماً باللغة الفصحى ولا لحن. هذا طيب ليته يجي عندنا حتى ...نبدأ الدرس الجديد.
قال الله تعالى : << وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس و الطير فهم يوزعون >>
قال الله تعالى: (( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ ))[النمل:17].
سليمان عليه الصلاة والسلام آتاه الله تبارك وتعالى ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، حتى الرسول عليه الصلاة والسلام لما همّ أن يقبض على الشيطان قال: ذكرت قول أخي سليمان: (( وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ))[ص:35]. من جملة ملكه هذا التنظيم العظيم.حُشر: جُمع، ومن الجامع؟
الطالب: الله.
الشيخ : لا. الجامع غير الله، الله على كل شيءٍ قدير، لكن الجامع النقباء والعرفاء الذين جعلهم يجمعون هؤلاء الجنود، فهو قد نظّم ملكه غاية التنظيم، وجعل لكل أناسٍ قادة وعرفاء، فهو يجمعونه.
(( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ ))[النمل:17] الجن والإنس والطير، وغيرهم؟ الجن واضح، والإنس مكلفون، والطير غير مكلفين لكنها تطير. بقينا بالحيوانات الأخرى الماشية والزاحفة هل تدخل في هذا من باب أولى ونقول: إنه إذا حُشرت الطيور التي لا يمكن أن يسيطر عليها فغيرها من باب أولى؟
أو نقول: إن سليمان عليه الصلاة والسلام ما كان يستعمل إلا الطيور فقط، لأنه يستخدمها لمصالحه.
الطالب: (( عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ))[النمل:16] .....
الشيخ : لا. من كل شيء ما هو دليل على عموم هذا. يعني: إن جعلنا مِنْ للتبعيض وليست للعموم، وإن جعلنا من كل شيءٍ يثبت به الملك ويقوى به، ما هو لازم مثل هذا الشيء. فهي محل إشكال عندنا، فالآن نقول: سكت عن بقية الحيوانات، فهل هي داخلة في جنوده أو لا؟
الطالب: ظاهر.... الآية.
الشيخ : قد تقول: إنها داخلة من باب الأولى، وقد تقول: ليست بداخلة. ما وجه قولنا: من باب الأولى أن نقول: إذا كان الطير وهو لا يمكن السيطرة عليه بطيرانه يُحشر ويُجمع، فغيره من باب أولى. وإلا لا؟
وقد تقول: إنه ليس بلازم، لأنه يمكن أن سليمان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يستخدم من الحيوانات سوى الطير، وإذا لم يستخدم سواها فلا حاجة له بأن يجمع الباقي.
(( وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ))[النمل:17] فهذ ايضا ..فهم يوزعون يقول المؤلف: يُجمعون ثم يساقون، وهذا أيضاً من التنظيم. (( فَهُمْ يُوزَعُونَ )) يعني: يساقون. يعني: منظّمين في جمعهم وسيرهم، يُجمعون أولاً وبعد أن يُجمعوا يوزعون، فيساقون على وجهٍ منظّم.
وهذا لا شك أنه من التنظيم الذي يحفظ على الناس الوقت والعمل، لأن أكثر ما يضيّع الإنسان يضيّع وقته وعمله هو عدم التنظيم.
ولهذا أقول: إنه ينبغي لنا أن يكون عندنا تنظيم لأعمالنا اليومية.. التنظيم لأعمالنا اليومية بقدر المستطاع، ولكن ليس معنى ذلك أن نصر على هذه الأعمال وإن وجد ما هو أفضل لا، إنما فقط أكون إنسان مرتّب منظّم، ما يخلي وقته فوضى حيناً يقرأ في كتاب و.... ويقرأ للحق .... يقرأ الثاني .... لا، أو يعمل هذا العمل يبدأ به ثم يتركه.
لكن ينبغي أن يكون عنده تنظيم، ومن المستحسن أن كلما كان الشيء أهم يبدأ به أولاً، كان بعض الناس يقولون: إنه من جملة تنظيمهم يجعل قراءة الجرائد والصحف إذا تغدى مثلاً، ما يجعل قراءة الكتب الهامة التي تحتاج إلى تعب بعد الغداء، لأن قراءة الصحف قراءة سطحية مثل التحدث العادي، ما يجد تعب ولا شيء.
لكن الكتب والتعمُّق يحتاج إلى عمل، وهذا لا يناسب مع وجود الشبع ...
سليمان عليه الصلاة والسلام آتاه الله تبارك وتعالى ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، حتى الرسول عليه الصلاة والسلام لما همّ أن يقبض على الشيطان قال: ذكرت قول أخي سليمان: (( وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ))[ص:35]. من جملة ملكه هذا التنظيم العظيم.حُشر: جُمع، ومن الجامع؟
الطالب: الله.
الشيخ : لا. الجامع غير الله، الله على كل شيءٍ قدير، لكن الجامع النقباء والعرفاء الذين جعلهم يجمعون هؤلاء الجنود، فهو قد نظّم ملكه غاية التنظيم، وجعل لكل أناسٍ قادة وعرفاء، فهو يجمعونه.
(( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ ))[النمل:17] الجن والإنس والطير، وغيرهم؟ الجن واضح، والإنس مكلفون، والطير غير مكلفين لكنها تطير. بقينا بالحيوانات الأخرى الماشية والزاحفة هل تدخل في هذا من باب أولى ونقول: إنه إذا حُشرت الطيور التي لا يمكن أن يسيطر عليها فغيرها من باب أولى؟
أو نقول: إن سليمان عليه الصلاة والسلام ما كان يستعمل إلا الطيور فقط، لأنه يستخدمها لمصالحه.
الطالب: (( عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ))[النمل:16] .....
الشيخ : لا. من كل شيء ما هو دليل على عموم هذا. يعني: إن جعلنا مِنْ للتبعيض وليست للعموم، وإن جعلنا من كل شيءٍ يثبت به الملك ويقوى به، ما هو لازم مثل هذا الشيء. فهي محل إشكال عندنا، فالآن نقول: سكت عن بقية الحيوانات، فهل هي داخلة في جنوده أو لا؟
الطالب: ظاهر.... الآية.
الشيخ : قد تقول: إنها داخلة من باب الأولى، وقد تقول: ليست بداخلة. ما وجه قولنا: من باب الأولى أن نقول: إذا كان الطير وهو لا يمكن السيطرة عليه بطيرانه يُحشر ويُجمع، فغيره من باب أولى. وإلا لا؟
وقد تقول: إنه ليس بلازم، لأنه يمكن أن سليمان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يستخدم من الحيوانات سوى الطير، وإذا لم يستخدم سواها فلا حاجة له بأن يجمع الباقي.
(( وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ))[النمل:17] فهذ ايضا ..فهم يوزعون يقول المؤلف: يُجمعون ثم يساقون، وهذا أيضاً من التنظيم. (( فَهُمْ يُوزَعُونَ )) يعني: يساقون. يعني: منظّمين في جمعهم وسيرهم، يُجمعون أولاً وبعد أن يُجمعوا يوزعون، فيساقون على وجهٍ منظّم.
وهذا لا شك أنه من التنظيم الذي يحفظ على الناس الوقت والعمل، لأن أكثر ما يضيّع الإنسان يضيّع وقته وعمله هو عدم التنظيم.
ولهذا أقول: إنه ينبغي لنا أن يكون عندنا تنظيم لأعمالنا اليومية.. التنظيم لأعمالنا اليومية بقدر المستطاع، ولكن ليس معنى ذلك أن نصر على هذه الأعمال وإن وجد ما هو أفضل لا، إنما فقط أكون إنسان مرتّب منظّم، ما يخلي وقته فوضى حيناً يقرأ في كتاب و.... ويقرأ للحق .... يقرأ الثاني .... لا، أو يعمل هذا العمل يبدأ به ثم يتركه.
لكن ينبغي أن يكون عنده تنظيم، ومن المستحسن أن كلما كان الشيء أهم يبدأ به أولاً، كان بعض الناس يقولون: إنه من جملة تنظيمهم يجعل قراءة الجرائد والصحف إذا تغدى مثلاً، ما يجعل قراءة الكتب الهامة التي تحتاج إلى تعب بعد الغداء، لأن قراءة الصحف قراءة سطحية مثل التحدث العادي، ما يجد تعب ولا شيء.
لكن الكتب والتعمُّق يحتاج إلى عمل، وهذا لا يناسب مع وجود الشبع ...
اضيفت في - 2007-08-13