تفسير سورة النمل-05a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
قال الله تعالى : << ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبأ في السموات والأرض و يعلم ما تخفون وما تعلنون >>
لأن معنى (( لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ ))[الحديد:29] معناه: لأن يعلم أهل الكتاب، فزيدت اللام توكيداً، فالمؤلف يرى أن هذه الآية مثل الآية التي ذكرها، ذكرها شاهداً لها وهي زيادة اللام، زيادة لا. ويرى آخرون من المفسرين خلاف ما رآه المؤلف، ويقولون: (( فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ )) انتهت الجملة، وأن قوله: (( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ ))[النمل:25] بمعنى: هلا يسجدوا، وأنها للتحضيض، نعم. ولكن هذا التقدير فيه إشكال أيضاً وهي حذف النون من الأفعال الخمسة بدون ناصب ولا جازم، لأن (ألا) لا تنصب ولا تجزم، وإذا قلنا: إن يسجدوا أن (ألا) للتحضيض وهي لا تنصب ولا تجزم ونظرنا إلى (يسجدوا) وجدنا أن فيها حذف النون نصباً أو جزماً، وهنا ليس فيه ناصب ولا جازم، فهو محل إشكال، ولكن الجواب عن هذا قد يكون سهلاً، لأن حذف نون الأفعال الخمسة لغير ناصب ولا جازم جائز ووارد في اللغة العربية، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ).
( لا تدخلوا ) لا: نافية ما تنصب ولا تجزم ومع ذلك حذفت النون، ولم يقل: لا تدخلون الجنة، نعم. فالجواب على هذا أن يقال: إن نون الأفعال الخمسة قد تُحذف بدون ناصب ولا جازم لا سيما في مثل هذا التعبير: ( ألا يسجدوا ) الدال على التحضيض، فإنه حذف النون هنا يسهله وجود هذا الحرف السابق للفعل.
وعلى كل حال! إذا كانت على تقدير المؤلف، فإن هذه الجملة بالنسبة لما قبلها كالمؤكدة، لما قال: (( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ))[النمل:24] هذا يقتضي أن لا يهتدوا إلى الحق وإلى أن يسجدوا لله سبحانه وتعالى.
وأما على القول الثاني: (( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ ))[النمل:25] أن (ألا) للتحضيض، بمعنى: هلا، فإنه يدل على أن الهدهد انتقدهم بهذا الفعل، وبين أن الأولى بل الأوجب أن يكون السجود لله سبحانه وتعالى، وتكون الجملة منفصلة عما قبلها.
وقوله: (( الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ ))[النمل:25] مصدر بمعنى المخبوء من المطر والنبات (( فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ))[النمل:25] ويعلم ما يخفون في قلوبهم وما يعلنون بألسنتهم.
(( الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ ))[النمل:25] الخبء بمعنى المخبوء كما قال المؤلف، فهو مصدر بمعنى اسم المفعول، والمصدر بمعنى اسم المفعول وارد في اللغة العربية كثيراً، ومنه قوله تعالى: (( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ ))[الطلاق:6] أي: محمول، لأن الحمل فعل المرأة، وأما المحمول فهو الجنين، وكذلك قوله: (( وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ))[الطلاق:4]، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي: مردود.
ومنه أيضاً قول الله تعالى: (( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ))[لقمان:11].
(( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ ))[لقمان:11] أي: مخلوقه وليس فعله، نعم. فالخبء هنا بالمعنى المفعول، قال: من المطر هذا باعتبار المخبوء في السماء، والنبات؟
الطالب: .....
الشيخ : هذا المخبوء في الأرض، فالله تبارك وتعالى هو الذي يخرج ما في هذا وما في هذا، في السماوات والأرض ويعلم ما يخفون في قلوبهم وما يعلنون بألسنتهم، لم يشر للمؤلف إلى القراءة الثانية وهي سبعية في قوله: يخفون ويعلنون، فإن الذي في المصحف قراءة عاصم ما هي؟
الطالب: ...
الشيخ : (( وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ))[النمل:25] يخاطب بذلك سليمان.
وقوله: ( ما تخفون في قلوبكم وما تعلنونه بألسنتكم ) فيه نظر تقييده بالألسنة، لو قال: بألسنتكم وجوارحكم، لأن ما يُفعل بالجوارح معلن، كما أن ما ينطق به في اللسان مُعلن أيضاً.
(( وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ))[النمل:25] وهذان الوصفان إخراج الخبء والعلم بما يخفي العبد وما يعلنه لا يكون لأحد من المخلوقين لا للشمس ولا لغير الشمس، وإنما ذلك خاص بالله تبارك وتعالى، ولهذا جعله الهدهد جعله من الأسباب التي تستلزم أن تكون العبادة لله وحده، لأنه العالم بها، ولا يمكن يؤتى بوصف يستلزم العبادة إلا إذا كان خاصاً بالله، لأنه يؤتى بهذا الوصف استدلالاً على بطلان عبادة ما سواه، ولو كان من ما يمكن أن يكون لله لم يكن ذلك دليلاً على اتصاف الله تعالى بالعبودية، إذ قد يقول العابد للشيء: وهذا وصف أيضاً موجود في معبودي فأنا أعبده.
فالمهم أنه لا يمكن أن تُقام الحجة إلا بدليل خاص في المحتج له، يعني بمعنى: أنه ما يمكن أن تقوم الحجة بأن العبادة لله وحده إلا بوصف إيش؟
الطالب: خاص.
الشيخ : خاص بالله، لأنك لو احتججت بوصف يكون لله ولغيره لكان العابد لغير الله يقول: وهذا وصف أيضاً ممكن لمعبودي، ممكن في معبودي فلا يدل على أنه مما يختص به الله سبحانه وتعالى
( لا تدخلوا ) لا: نافية ما تنصب ولا تجزم ومع ذلك حذفت النون، ولم يقل: لا تدخلون الجنة، نعم. فالجواب على هذا أن يقال: إن نون الأفعال الخمسة قد تُحذف بدون ناصب ولا جازم لا سيما في مثل هذا التعبير: ( ألا يسجدوا ) الدال على التحضيض، فإنه حذف النون هنا يسهله وجود هذا الحرف السابق للفعل.
وعلى كل حال! إذا كانت على تقدير المؤلف، فإن هذه الجملة بالنسبة لما قبلها كالمؤكدة، لما قال: (( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ))[النمل:24] هذا يقتضي أن لا يهتدوا إلى الحق وإلى أن يسجدوا لله سبحانه وتعالى.
وأما على القول الثاني: (( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ ))[النمل:25] أن (ألا) للتحضيض، بمعنى: هلا، فإنه يدل على أن الهدهد انتقدهم بهذا الفعل، وبين أن الأولى بل الأوجب أن يكون السجود لله سبحانه وتعالى، وتكون الجملة منفصلة عما قبلها.
وقوله: (( الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ ))[النمل:25] مصدر بمعنى المخبوء من المطر والنبات (( فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ))[النمل:25] ويعلم ما يخفون في قلوبهم وما يعلنون بألسنتهم.
(( الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ ))[النمل:25] الخبء بمعنى المخبوء كما قال المؤلف، فهو مصدر بمعنى اسم المفعول، والمصدر بمعنى اسم المفعول وارد في اللغة العربية كثيراً، ومنه قوله تعالى: (( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ ))[الطلاق:6] أي: محمول، لأن الحمل فعل المرأة، وأما المحمول فهو الجنين، وكذلك قوله: (( وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ))[الطلاق:4]، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي: مردود.
ومنه أيضاً قول الله تعالى: (( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ))[لقمان:11].
(( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ ))[لقمان:11] أي: مخلوقه وليس فعله، نعم. فالخبء هنا بالمعنى المفعول، قال: من المطر هذا باعتبار المخبوء في السماء، والنبات؟
الطالب: .....
الشيخ : هذا المخبوء في الأرض، فالله تبارك وتعالى هو الذي يخرج ما في هذا وما في هذا، في السماوات والأرض ويعلم ما يخفون في قلوبهم وما يعلنون بألسنتهم، لم يشر للمؤلف إلى القراءة الثانية وهي سبعية في قوله: يخفون ويعلنون، فإن الذي في المصحف قراءة عاصم ما هي؟
الطالب: ...
الشيخ : (( وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ))[النمل:25] يخاطب بذلك سليمان.
وقوله: ( ما تخفون في قلوبكم وما تعلنونه بألسنتكم ) فيه نظر تقييده بالألسنة، لو قال: بألسنتكم وجوارحكم، لأن ما يُفعل بالجوارح معلن، كما أن ما ينطق به في اللسان مُعلن أيضاً.
(( وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ))[النمل:25] وهذان الوصفان إخراج الخبء والعلم بما يخفي العبد وما يعلنه لا يكون لأحد من المخلوقين لا للشمس ولا لغير الشمس، وإنما ذلك خاص بالله تبارك وتعالى، ولهذا جعله الهدهد جعله من الأسباب التي تستلزم أن تكون العبادة لله وحده، لأنه العالم بها، ولا يمكن يؤتى بوصف يستلزم العبادة إلا إذا كان خاصاً بالله، لأنه يؤتى بهذا الوصف استدلالاً على بطلان عبادة ما سواه، ولو كان من ما يمكن أن يكون لله لم يكن ذلك دليلاً على اتصاف الله تعالى بالعبودية، إذ قد يقول العابد للشيء: وهذا وصف أيضاً موجود في معبودي فأنا أعبده.
فالمهم أنه لا يمكن أن تُقام الحجة إلا بدليل خاص في المحتج له، يعني بمعنى: أنه ما يمكن أن تقوم الحجة بأن العبادة لله وحده إلا بوصف إيش؟
الطالب: خاص.
الشيخ : خاص بالله، لأنك لو احتججت بوصف يكون لله ولغيره لكان العابد لغير الله يقول: وهذا وصف أيضاً ممكن لمعبودي، ممكن في معبودي فلا يدل على أنه مما يختص به الله سبحانه وتعالى
1 - قال الله تعالى : << ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبأ في السموات والأرض و يعلم ما تخفون وما تعلنون >> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << الله لآإله إلا هو رب العرش العظيم >>
قال: (( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ))[النمل:26] استئناف جملة ثناءً مشتمل على عرش الرحمن في مقابلة عرش بلقيس، وبينهما بون عظيم.
يقول هذا الهدهد: (( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ))[النمل:26] وهذه كلمة التوحيد، والمؤلف يقول: إنها جملة استئنافية للثناء على الله تبارك وتعالى بما لا يكون لغيرهم، فالأول يخرج الخبء في السماوات ويعلم، هذا يتعلق بتوحيد الربوبية، والثاني: (( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ))[النمل:26] بتوحيد الألوهية، أي: لا معبود سواه، لكن لا معبود بحق، إذ هناك معبودات سوى الله سبحانه وتعالى بغير حق، فإذاً: أثنى على الله سبحانه وتعالى بصفة الربوبية وبصفة الألوهية، وربما نقول أيضاً: وبصفة الأسماء والصفات. نعم. لأن توحيد الربوبية مستلزم للأسماء والصفات، إذ أن التصرف في الخلق والتدبير -نعم- والعلم كل هذا من الصفات.
قال: (( رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ))[النمل:26] رب بمعنى: صاحب، العرش العظيم، أي: صاحبه، كما تقول: رب الدابة أي: صاحب الدابة.
وقوله: (( الْعَرْشِ ))[النمل:26] هذه (أل) للعهد الذهني، أي: العرش المعهود في أذهان الخلق العظيم، بخلاف عرش بلقيس، ولهذا قال: (( وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ))[النمل:23] وهنا قال: (( الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ))[النمل:26] بأل، والتعبير ظاهر جداً في الفرق بينهما، لأن عرش نكرة، والعرش معرفة، فدل ذلك على أن هذا العرش عرش عظيم معلوم مفهوم في الأذهان، بخلاف الأول.
ويقول المؤلف: [ إنه قاله في مقابلة عرش بلقيس] نعم. هذا صحيح. يعني واضح أنه قال لأجل أن يبين أن صاحب العرش العظيم هو المستحق لأن يكون مالكاً، وأما هذه الملكة فإنها لها عرشاً وليس لها العرش، فقال: (( قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ ))[النمل:27] يقوله سليمان، والسين -كما مر علينا- تدل على؟
الطالب: ....
الشيخ : لا.
الطالب: ....
الشيخ : تدل على التحقيق مع التراخي، لكنها لا تدخل على التحقيق. (( سَنَنظُرُ ))[النمل:27] أي معناه: أن نظرنا هذا محقق، لكنه سيكون له مقدمات، فهي تدل على التأكيد.
(( قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ ))[النمل:27] ولم يقبل كلامه من أول الأمر، لماذا؟ خشي أن يكون أتى بذلك..
الطالب: دفاعاً.
الشيخ : دفاعاً عن نفسه، ونظير هذا ما سلكه عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أبي موسى الأشعري حين استأذن ثلاثاً وانصرف، ثم حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، فطلب منهم أن يشهدوا له.
فهنا يعني التُهم أو عدم الثقة بالقول لها أسباب، من جملتها: أن يكون المخبر على هذا الوصف يتضمن إخباره دفاعاً عن نفسه، فهنا مهما كان من الثقة تجد أنك تتردد في قبول هذا الخبر،
يقول هذا الهدهد: (( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ))[النمل:26] وهذه كلمة التوحيد، والمؤلف يقول: إنها جملة استئنافية للثناء على الله تبارك وتعالى بما لا يكون لغيرهم، فالأول يخرج الخبء في السماوات ويعلم، هذا يتعلق بتوحيد الربوبية، والثاني: (( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ))[النمل:26] بتوحيد الألوهية، أي: لا معبود سواه، لكن لا معبود بحق، إذ هناك معبودات سوى الله سبحانه وتعالى بغير حق، فإذاً: أثنى على الله سبحانه وتعالى بصفة الربوبية وبصفة الألوهية، وربما نقول أيضاً: وبصفة الأسماء والصفات. نعم. لأن توحيد الربوبية مستلزم للأسماء والصفات، إذ أن التصرف في الخلق والتدبير -نعم- والعلم كل هذا من الصفات.
قال: (( رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ))[النمل:26] رب بمعنى: صاحب، العرش العظيم، أي: صاحبه، كما تقول: رب الدابة أي: صاحب الدابة.
وقوله: (( الْعَرْشِ ))[النمل:26] هذه (أل) للعهد الذهني، أي: العرش المعهود في أذهان الخلق العظيم، بخلاف عرش بلقيس، ولهذا قال: (( وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ))[النمل:23] وهنا قال: (( الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ))[النمل:26] بأل، والتعبير ظاهر جداً في الفرق بينهما، لأن عرش نكرة، والعرش معرفة، فدل ذلك على أن هذا العرش عرش عظيم معلوم مفهوم في الأذهان، بخلاف الأول.
ويقول المؤلف: [ إنه قاله في مقابلة عرش بلقيس] نعم. هذا صحيح. يعني واضح أنه قال لأجل أن يبين أن صاحب العرش العظيم هو المستحق لأن يكون مالكاً، وأما هذه الملكة فإنها لها عرشاً وليس لها العرش، فقال: (( قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ ))[النمل:27] يقوله سليمان، والسين -كما مر علينا- تدل على؟
الطالب: ....
الشيخ : لا.
الطالب: ....
الشيخ : تدل على التحقيق مع التراخي، لكنها لا تدخل على التحقيق. (( سَنَنظُرُ ))[النمل:27] أي معناه: أن نظرنا هذا محقق، لكنه سيكون له مقدمات، فهي تدل على التأكيد.
(( قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ ))[النمل:27] ولم يقبل كلامه من أول الأمر، لماذا؟ خشي أن يكون أتى بذلك..
الطالب: دفاعاً.
الشيخ : دفاعاً عن نفسه، ونظير هذا ما سلكه عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أبي موسى الأشعري حين استأذن ثلاثاً وانصرف، ثم حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، فطلب منهم أن يشهدوا له.
فهنا يعني التُهم أو عدم الثقة بالقول لها أسباب، من جملتها: أن يكون المخبر على هذا الوصف يتضمن إخباره دفاعاً عن نفسه، فهنا مهما كان من الثقة تجد أنك تتردد في قبول هذا الخبر،
الأسئلة
نعم. صالح. سؤالك.
الطالب: سؤالي يا شيخ هو قوله: (( وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ))[النمل:24] مع قوله: (( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ ))[النمل:25] ما يقتضي أن ... كونهم لا يسجدون لله؟ ...
الشيخ : لا، لأن معنى قوله: (( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ ))[النمل:25] يجب أن يفرد الله تعالى بالسجود ..... فيكون .مناط الذم كونهم يخصصون الشمس بالسجود، وكذلك أيضاً لو أشركوا بها مع الله، ... لهذا ولهذا، لأنه ما يمكن يزول الذنب إلا إذا خُصص السجود لله وحده.
الطالب: يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب: قراءة: ألا يسجدوا لله ....
الشيخ : قراءة قد تكون ألا أيضاً افتتاحية، لأن ( يا ) حرف نداء، والمنادى محذوف. يعني: ألا يا قوم اسجدوا لله، أو تكون ياء للتنبيه، فنظيرها قوله تعالى: ((يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ))[يس:26]، (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ ))[النساء:73] فإن ياء هذه إما أن تكون للتنبيه، لأنها لا تدخل على الأفعال ولا على الحروف، وإما أن تكون للنداء والمنادى محذوف.
الطالب: سبعية
الشيخ : ما أدري عنه وإلا من الشواذ قال: (( وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ))[النمل:23] * (( وَجَدْتُهَا ))[النمل:24] نعم بعد..
الطالب: سؤالي يا شيخ هو قوله: (( وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ))[النمل:24] مع قوله: (( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ ))[النمل:25] ما يقتضي أن ... كونهم لا يسجدون لله؟ ...
الشيخ : لا، لأن معنى قوله: (( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ ))[النمل:25] يجب أن يفرد الله تعالى بالسجود ..... فيكون .مناط الذم كونهم يخصصون الشمس بالسجود، وكذلك أيضاً لو أشركوا بها مع الله، ... لهذا ولهذا، لأنه ما يمكن يزول الذنب إلا إذا خُصص السجود لله وحده.
الطالب: يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب: قراءة: ألا يسجدوا لله ....
الشيخ : قراءة قد تكون ألا أيضاً افتتاحية، لأن ( يا ) حرف نداء، والمنادى محذوف. يعني: ألا يا قوم اسجدوا لله، أو تكون ياء للتنبيه، فنظيرها قوله تعالى: ((يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ))[يس:26]، (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ ))[النساء:73] فإن ياء هذه إما أن تكون للتنبيه، لأنها لا تدخل على الأفعال ولا على الحروف، وإما أن تكون للنداء والمنادى محذوف.
الطالب: سبعية
الشيخ : ما أدري عنه وإلا من الشواذ قال: (( وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ))[النمل:23] * (( وَجَدْتُهَا ))[النمل:24] نعم بعد..
قال الله تعالى : << قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين >>
(( قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ ))[النمل:27] فيما أخبرتنا به، (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] أي: من هذا النوع، فهو أبلغ من أن كذبت فيه.
(( أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِين ))[النمل:27] صريح الأول أنه فعل، وهنا قال: (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] أي: من هذا النوع، فهو أبلغ من أن كذبت، لأنه يدل على الوصف الدائم: من الكاذبين، فهو أبلغ من قوله: أم كذبت، لأن ( أم كذبت ) فعل، والفعل قد يكون مرة، لكن (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] هذا وصف يدل على استمرار الكذب فيه، هذا ما قرره المؤلف، وعندي أن فيه لباقة في تعبير سليمان للهدهد، لأن مصارحته ومقابلته بقوله: أم كذبت، أشد وقعاً من قوله: أم كنت من الكاذبين. أشد، يعني معناه: أم كنت من الكاذبين أهون مما لو قال: أم كذبت. فهي في الحقيقة من جهة أشد في النظر إلى أن قوله: (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] وصف لازم، ومن جهة المخاطبة أهون من قوله: أم كذبت. فهذا وجه الاختلاف بين قوله: أصدقت، أم كنت من الكاذبين. يقول: "ثم دلهم على الماء فاستُخرج وارتووا وتوضأوا وصلوا، ثم كتب سليمان كتاباً صورته: من عبد الله سليما بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ، بسم الله الرحمن الرحيم، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين. ثم طبعه بالمسك وختمه بخاتمه، ثم قال للهدهد: (( اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا )) "[النمل:28] كل هذه من السواليف التي لا دليل عليها في القرآن، كونه دلهم على الماء فاستخرجوه وارتووا وتوضأوا وصلوا أيضاً ما في .....
الطالب: ...
الشيخ : هاه؟
الطالب: عود على ...
الشيخ : وين؟
الطالب: لأن قرر في أول الأمر أنهم طلبوا.....
الشيخ : إيه. تفقده لذلك، لا، بل لأنه يعلم محل الماء، ولكننا نقول: هذا لا دليل عليه، ولا يجوز لنا أن نعتقده ولا أن نكذبه، هذا إذا صح عن بني إسرائيل.. أيضاً لأن فيه آفة، ... طريق بيننا وبين بني إسرائيل، من رواه عن بني إسرائيل؟ فإذا صح عن بني إسرائيل وأنه من ما حدثوا به هذه الأمة نقول فيه: إنه لا يُصدق ولا يُكذب، لأن ما فيه شيء.. ليس فيه شيء يعارض كتابنا، ولا في كتابنا ما يؤيده، وإلا لو كان في كتابنا ما يؤيده قبلناه، ولو كان في كتابنا ما يعارضه رددناه.
الطالب: يا شيخ.
الشيخ : نعم.
(( أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِين ))[النمل:27] صريح الأول أنه فعل، وهنا قال: (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] أي: من هذا النوع، فهو أبلغ من أن كذبت، لأنه يدل على الوصف الدائم: من الكاذبين، فهو أبلغ من قوله: أم كذبت، لأن ( أم كذبت ) فعل، والفعل قد يكون مرة، لكن (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] هذا وصف يدل على استمرار الكذب فيه، هذا ما قرره المؤلف، وعندي أن فيه لباقة في تعبير سليمان للهدهد، لأن مصارحته ومقابلته بقوله: أم كذبت، أشد وقعاً من قوله: أم كنت من الكاذبين. أشد، يعني معناه: أم كنت من الكاذبين أهون مما لو قال: أم كذبت. فهي في الحقيقة من جهة أشد في النظر إلى أن قوله: (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] وصف لازم، ومن جهة المخاطبة أهون من قوله: أم كذبت. فهذا وجه الاختلاف بين قوله: أصدقت، أم كنت من الكاذبين. يقول: "ثم دلهم على الماء فاستُخرج وارتووا وتوضأوا وصلوا، ثم كتب سليمان كتاباً صورته: من عبد الله سليما بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ، بسم الله الرحمن الرحيم، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين. ثم طبعه بالمسك وختمه بخاتمه، ثم قال للهدهد: (( اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا )) "[النمل:28] كل هذه من السواليف التي لا دليل عليها في القرآن، كونه دلهم على الماء فاستخرجوه وارتووا وتوضأوا وصلوا أيضاً ما في .....
الطالب: ...
الشيخ : هاه؟
الطالب: عود على ...
الشيخ : وين؟
الطالب: لأن قرر في أول الأمر أنهم طلبوا.....
الشيخ : إيه. تفقده لذلك، لا، بل لأنه يعلم محل الماء، ولكننا نقول: هذا لا دليل عليه، ولا يجوز لنا أن نعتقده ولا أن نكذبه، هذا إذا صح عن بني إسرائيل.. أيضاً لأن فيه آفة، ... طريق بيننا وبين بني إسرائيل، من رواه عن بني إسرائيل؟ فإذا صح عن بني إسرائيل وأنه من ما حدثوا به هذه الأمة نقول فيه: إنه لا يُصدق ولا يُكذب، لأن ما فيه شيء.. ليس فيه شيء يعارض كتابنا، ولا في كتابنا ما يؤيده، وإلا لو كان في كتابنا ما يؤيده قبلناه، ولو كان في كتابنا ما يعارضه رددناه.
الطالب: يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الأسئلة
الطالب: قوله: (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] هل يحق لسليمان أن يوصفه بوصف مطلق؟
الشيخ : نعم.
الطالب: هل يحق لسليمان أن يصفه .... بمجرد الفعل هذا وصف مطلق؟
الشيخ : لا لا، هو.... الكاذبين الذين من دأبهم الكذب.
الطالب: نعم.
الشيخ : ما وصفه، فكون هذا من الكاذبين إما أنه من دأبه الكذب، أو في جملتهم وقد يكذب مرة واحدة، وهو أيضاً ما وصفه، هو ما وصفه، لأن قوله: (( أَصَدَقْتَ ))[النمل:27] مقابل لقوله: (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] فلا يُعلم هل يكون متصفاً بقوله: أصدقت، أو بقوله: أم كنت من الكاذبين، ما وصفه، متردد ينظر.
الطالب: لا، لو ثبت.
الشيخ : نعم.
الطالب: لو ثبت، هل يحق أن يوصف؟
الشيخ : لا لا، ما يحق أن يوصف بأنه من الكاذبين المتصفين بها دائماً.
الطالب: إي نعم.
الشيخ : ولكنه كما قلنا هذا من باب التلطف في الخطاب.
الطالب: إذاً يكون هذا أرجح.
الشيخ : هو أرجح، وكل واحد له وجه، يعني أصلاً ما بينهم تعارض حتى نقول بالترجيح، ما بينهم تعارض، فكونه من الكاذبين هذا أشد إذا كان وصفه الكذب، وكونه لما يخاطبه قال: أم كذبت، نعم. يكون أهون، مثل قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام للضيوف: (( سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ ))[الذاريات:25] ما قال: أنكركم، لا أعرفكم، بل قال: (( سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ ))[الذاريات:25] فهذا من باب التلطف في التعبير.
الشيخ : نعم.
الطالب: هل يحق لسليمان أن يصفه .... بمجرد الفعل هذا وصف مطلق؟
الشيخ : لا لا، هو.... الكاذبين الذين من دأبهم الكذب.
الطالب: نعم.
الشيخ : ما وصفه، فكون هذا من الكاذبين إما أنه من دأبه الكذب، أو في جملتهم وقد يكذب مرة واحدة، وهو أيضاً ما وصفه، هو ما وصفه، لأن قوله: (( أَصَدَقْتَ ))[النمل:27] مقابل لقوله: (( أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] فلا يُعلم هل يكون متصفاً بقوله: أصدقت، أو بقوله: أم كنت من الكاذبين، ما وصفه، متردد ينظر.
الطالب: لا، لو ثبت.
الشيخ : نعم.
الطالب: لو ثبت، هل يحق أن يوصف؟
الشيخ : لا لا، ما يحق أن يوصف بأنه من الكاذبين المتصفين بها دائماً.
الطالب: إي نعم.
الشيخ : ولكنه كما قلنا هذا من باب التلطف في الخطاب.
الطالب: إذاً يكون هذا أرجح.
الشيخ : هو أرجح، وكل واحد له وجه، يعني أصلاً ما بينهم تعارض حتى نقول بالترجيح، ما بينهم تعارض، فكونه من الكاذبين هذا أشد إذا كان وصفه الكذب، وكونه لما يخاطبه قال: أم كذبت، نعم. يكون أهون، مثل قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام للضيوف: (( سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ ))[الذاريات:25] ما قال: أنكركم، لا أعرفكم، بل قال: (( سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ ))[الذاريات:25] فهذا من باب التلطف في التعبير.
قال الله تعالى : << اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون >>
قال: ثم قال للهدهد: (( اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِه إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ))[النمل:28] إذا قال قائل: قوله: (( اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا ))[النمل:28] يقتضي أنه صدقه، فهل هذا صحيح؟ أو هذا اختبار له؟ لأن قوله: (( اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِه إِلَيْهِمْ ))[النمل:28] ويش يدل عليه؟ على أنه صدقه في ذلك ولهذا كتب لهم، أو يقال: هذا من جملة الاختبار؟ يعني أنه إذا كان كاذباً فسيقول: ما في أحد، ما وجدت أحداً مثلاً، فيكون هذا من جملة وسيلة الاختبار العائدة على قوله: (( سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ ))[النمل:27]، نعم.
وقد يقال: إن قوله: (( سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ ))[النمل:27] أن في الآية تقديراً، فنظر وتحقق صدقه فأعطاه الكتاب، نعم. هو الآن.. نحن الله أعلم بما جرى، فإما أن يكون هذا الكتاب من جملة اختباره، مثلما لو أخبرك إنسان بخبر تقول مثلاً: روح جب لي منه ذكراً، لو قال مثلاً: تباع السلعة الفلانية الآن في السوق، قلت: يا الله! خذ روح جب لي مثلاً منها شيئاً، ويش .....
الطالب: أتحقق.
الشيخ : أختبر هل هو صحيح وإلا لا، وإن كان ظاهر فعلي لما أعطيته الفلوس ليشتري ظاهر فعلي أنني؟
الطالب: صدقته.
الشيخ : صدقته، لكن قد يكون هذا من وسائل الاختبار.
فالحاصل: إذا كان سليمان عليه الصلاة والسلام تحقق هذا الأمر ثم أرسل بالكتاب فالأمر ظاهر، ولكن ليس في القرآن ما يدل على ذلك، فنقول: إن إعطاءه الكتاب من جملة الوسائل التي تبين صدقه.
وقوله: (( اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا ))[النمل:28] أشار إليه للتعيين، لأن سليمان يكتب لهم ولغيرهم، ولكنه عين الكتاب الذي كتبه لهم. (( فَأَلْقِه إِلَيْهِمْ ))[النمل:28] أي: بلقيس وقومها.
(( ثُمَّ تَوَلَّ ))[النمل:28] انصرف عنهم وقف قريباً، (( فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ))[النمل:28] يردون من الجواب، فأخذه وأتاها وحولها جندها وألقاه في حجرها، فلما رأته ارتعدت وخضعت خوفاً، ثم وقفت على ما فيه، ثم قالت لأشراف قومها: يا أيها الملأ. ذهب به الهدهد فألقاه إليهم، أي: طرحه بين أيديهم، وتولى عنهم كما أرشده سليمان، ولكن هذا التولي ليس بعيداً بدليل قوله: (( فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ))[النمل:28] فإن قوله: (( فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ))[النمل:28] يدل على أن هذا التولي يكون قريباً منها. وفيه من الفوائد ما يأتي إن شاء الله. ثم: (( فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ))[النمل:28] أخذت الكتاب وقرأته.
وقد يقال: إن قوله: (( سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ ))[النمل:27] أن في الآية تقديراً، فنظر وتحقق صدقه فأعطاه الكتاب، نعم. هو الآن.. نحن الله أعلم بما جرى، فإما أن يكون هذا الكتاب من جملة اختباره، مثلما لو أخبرك إنسان بخبر تقول مثلاً: روح جب لي منه ذكراً، لو قال مثلاً: تباع السلعة الفلانية الآن في السوق، قلت: يا الله! خذ روح جب لي مثلاً منها شيئاً، ويش .....
الطالب: أتحقق.
الشيخ : أختبر هل هو صحيح وإلا لا، وإن كان ظاهر فعلي لما أعطيته الفلوس ليشتري ظاهر فعلي أنني؟
الطالب: صدقته.
الشيخ : صدقته، لكن قد يكون هذا من وسائل الاختبار.
فالحاصل: إذا كان سليمان عليه الصلاة والسلام تحقق هذا الأمر ثم أرسل بالكتاب فالأمر ظاهر، ولكن ليس في القرآن ما يدل على ذلك، فنقول: إن إعطاءه الكتاب من جملة الوسائل التي تبين صدقه.
وقوله: (( اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا ))[النمل:28] أشار إليه للتعيين، لأن سليمان يكتب لهم ولغيرهم، ولكنه عين الكتاب الذي كتبه لهم. (( فَأَلْقِه إِلَيْهِمْ ))[النمل:28] أي: بلقيس وقومها.
(( ثُمَّ تَوَلَّ ))[النمل:28] انصرف عنهم وقف قريباً، (( فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ))[النمل:28] يردون من الجواب، فأخذه وأتاها وحولها جندها وألقاه في حجرها، فلما رأته ارتعدت وخضعت خوفاً، ثم وقفت على ما فيه، ثم قالت لأشراف قومها: يا أيها الملأ. ذهب به الهدهد فألقاه إليهم، أي: طرحه بين أيديهم، وتولى عنهم كما أرشده سليمان، ولكن هذا التولي ليس بعيداً بدليل قوله: (( فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ))[النمل:28] فإن قوله: (( فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ))[النمل:28] يدل على أن هذا التولي يكون قريباً منها. وفيه من الفوائد ما يأتي إن شاء الله. ثم: (( فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ))[النمل:28] أخذت الكتاب وقرأته.
قال الله تعالى : << قالت يآأيها الملؤا إني ألقي إلي كتاب كريم >>
ثم قالت لأشراف قومها: (( يَا أَيُّهَا المَلَأُ ))[النمل:29] والملأ كما بين المؤلف: هم الأشراف، وهنا نادتهم: يا أيها الملأ، إشارة إلى علو مرتبتهم في دولتها، لأن ( يا أيها ) ما تكون إلا للبعيد، ما قالت: يا ملأ، بل قالت: (( يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي ))[النمل:29] بتحقيق الهمزتين الملأ إني، وتسهيل الثانية بقلبها واواً، (( المَلَأُ إِنِّي ))[النمل:29] ، (( المَلَأُ إِنِّي ))[النمل:29]. نعم. وقلبها واواً مكسورة، لأنه إذا جاءت الهمزة بعد الضم جاز أن تقلب واواً، قاعدة في اللغة العربية. ومنه قول كثير من المؤذنين: الله وكبر، لأنه يجوز: الله أكبر، ويجوز: الله وكبر، فالهمزة إذا وقعت بعد ضم يجوز أن تسهل إلى واو، وعلى حسب الحال: إن كان يقتضي الكسرة كُسرت، أو يقتضي الضم ضُمت، أو الفتح.
قال: "بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بقلبها واواً مكسورة، (( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ))[النمل:29] مختوم" يعني: فسر الكريم بالمختوم، يعني: لأن ختمه دليل على أهميته، فالكتب والرسائل المختومة يعتنى بها، وحتى الآن إذا كان الشيء مهماً تجده يُختم بالشمع وما أشبه ذلك لئلا يزور، ولكن تفسير الكريم بالمختوم ما هو صحيح، لأن الختم دليل على كرمه، وليس هو معنى كرمه، فالكريم معناه: المتضمن للمعاني العظيمة المؤثرة.
وفي قولها: (( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ ))[النمل:29] ما قالت: ألقى الهدهد، لأن الظاهر أنه مر هكذا ثم حذفه عليها، ثم حذفه، وليس معناه: أنه جاء ووقف بين يديها وأعطاها الكتاب، وهذا ربما يكون أبلغ في الهيبة أنه يعطيها وهو ماض، بخلاف ما لو وقع بين يديها فإنه لا يكون هيبة، على أنه لو وقع بين يديها فمقتضى كونه هدهداً أن تمسكه، ولكنه ألقاه إلقاءً.
قال: "بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بقلبها واواً مكسورة، (( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ))[النمل:29] مختوم" يعني: فسر الكريم بالمختوم، يعني: لأن ختمه دليل على أهميته، فالكتب والرسائل المختومة يعتنى بها، وحتى الآن إذا كان الشيء مهماً تجده يُختم بالشمع وما أشبه ذلك لئلا يزور، ولكن تفسير الكريم بالمختوم ما هو صحيح، لأن الختم دليل على كرمه، وليس هو معنى كرمه، فالكريم معناه: المتضمن للمعاني العظيمة المؤثرة.
وفي قولها: (( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ ))[النمل:29] ما قالت: ألقى الهدهد، لأن الظاهر أنه مر هكذا ثم حذفه عليها، ثم حذفه، وليس معناه: أنه جاء ووقف بين يديها وأعطاها الكتاب، وهذا ربما يكون أبلغ في الهيبة أنه يعطيها وهو ماض، بخلاف ما لو وقع بين يديها فإنه لا يكون هيبة، على أنه لو وقع بين يديها فمقتضى كونه هدهداً أن تمسكه، ولكنه ألقاه إلقاءً.
قال الله تعالى : << إنه من سليمان و إنه بسم الله الرحمن الرحيم >>
(( إِنَّهُ ))[النمل:30] أي: الكتاب. (( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ ))[النمل:30] ولم تنسبه إلى أبيه، لأنه كان معروفاً ومعلوماً عندهم أنه عليه الصلاة والسلام رسول أعطاه الله تعالى من الملك ما لم يعطه غيره.
(( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ ))[النمل:30] أي: مضمونه.
(( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))[النمل:30] * (( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ))[النمل:31] ولا فيه: السلام على من اتبع الهدى ولا أما بعد كما قال المؤلف.
الطالب: ...؟
الشيخ : نعم؟
الطالب: ....؟
الشيخ : يمكن أنه من أخبار بني إسرائيل أو على العادة في الكتب، إنما سليمان أتى بأدنى ما يمكن فهمه والمقصود منه. (( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))[النمل:30] * (( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ))[النمل:31] لكن قوله: (( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))[النمل:30] هل إن سليمان قال: من سليمان إلى بلقيس وإلا لا؟
الطالب: ....
الشيخ : لا، ما قال، ما قال ذلك، ولكنه لعلها فهمته إما بتوقيع أو بكتابة على الظرف إن كان هناك ظرف، وإلا صلب الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم: أن لا تعلوا علي وأتوني مسلمين. هذا .... وهذا هو الظاهر، لأنه لا يمكن أن يبدأ سليمان عليه الصلاة والسلام بقوله: من سليمان بسم الله الرحمن الرحيم، بل سيبدأ بإيش؟
الطالب: ببسم الله.
الشيخ : بالبسملة قبل، سيبدأ بالبسملة قبل، فلما لم يذكر الله إلا البسملة دل هذا على أنه لم يأت بقوله: (( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ ))[النمل:30] ما أتى بها، ولكنه لا بد أن يكون في الكتاب ما يشير إلى ذلك، وإلا لما فهمته.
(( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ ))[النمل:30] أي: مضمونه.
(( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))[النمل:30] * (( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ))[النمل:31] ولا فيه: السلام على من اتبع الهدى ولا أما بعد كما قال المؤلف.
الطالب: ...؟
الشيخ : نعم؟
الطالب: ....؟
الشيخ : يمكن أنه من أخبار بني إسرائيل أو على العادة في الكتب، إنما سليمان أتى بأدنى ما يمكن فهمه والمقصود منه. (( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))[النمل:30] * (( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ))[النمل:31] لكن قوله: (( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))[النمل:30] هل إن سليمان قال: من سليمان إلى بلقيس وإلا لا؟
الطالب: ....
الشيخ : لا، ما قال، ما قال ذلك، ولكنه لعلها فهمته إما بتوقيع أو بكتابة على الظرف إن كان هناك ظرف، وإلا صلب الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم: أن لا تعلوا علي وأتوني مسلمين. هذا .... وهذا هو الظاهر، لأنه لا يمكن أن يبدأ سليمان عليه الصلاة والسلام بقوله: من سليمان بسم الله الرحمن الرحيم، بل سيبدأ بإيش؟
الطالب: ببسم الله.
الشيخ : بالبسملة قبل، سيبدأ بالبسملة قبل، فلما لم يذكر الله إلا البسملة دل هذا على أنه لم يأت بقوله: (( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ ))[النمل:30] ما أتى بها، ولكنه لا بد أن يكون في الكتاب ما يشير إلى ذلك، وإلا لما فهمته.
قال الله تعالى : << ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين >>
وقوله: (( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ))[النمل:31] المقصود: الخضوع لي، يعني: معناه ذلوا لي، لأنهم هم ما كانوا يعلون عليه حتى يقول: ألا تعلوا علي، وإنما أراد أن يأتوا إليه أذلة مسلمين، لله وإلا له؟
الطالب: .....
الشيخ : نعم. المراد: مسلمين لله، وإلا مسلمين له أي مستسلمين؟
الطالب: مسلمين له، فيه احتمال.
الشيخ : فيه احتمال أنهم مسلمون لله، أو مستسلمين لي، نعم. ولكن هل يلزم من إتيانهم مستسلمين له أن يكونوا مسلمين لله؟
الطالب: ما يلزم.
الشيخ : ما يلزم، لكن يلزم من كونهم مسلمين لله أن يستسلموا له، وأن يأتوا مطيعين غير مخالفين، ثم قالت: (( قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ))[النمل:32] إلى آخره.
الطالب: .....
الشيخ : نعم. المراد: مسلمين لله، وإلا مسلمين له أي مستسلمين؟
الطالب: مسلمين له، فيه احتمال.
الشيخ : فيه احتمال أنهم مسلمون لله، أو مستسلمين لي، نعم. ولكن هل يلزم من إتيانهم مستسلمين له أن يكونوا مسلمين لله؟
الطالب: ما يلزم.
الشيخ : ما يلزم، لكن يلزم من كونهم مسلمين لله أن يستسلموا له، وأن يأتوا مطيعين غير مخالفين، ثم قالت: (( قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ))[النمل:32] إلى آخره.
فوائد قوله تعالى : << فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين >>
... الله تبارك وتعالى: (( فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ))[النمل:22]
يستفاد من هذه الآية الكريمة:
أولاً: سرعة رجوع الهدهد إلى سليمان، من ما يدل على أن جنود سليمان يهتمون بشئونهم ولا يتأخرون عن أعمالهم، لقوله: (( فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ ))[النمل:22].
ويستفاد منها أيضاً: أن سليمان وإن كان قد أعطي ملكاً عظيماً لم يعطه أحد، فإنه لا يحيط بكل شيء، فهو على سعة ملكه وقوته لا يحيط بكل شيء فغيره من باب أولى، فيستفاد منه -الفائدة الثالثة- وهي ضعف إدراك المرء -الإنسان- مهما بلغ من الملك ومن القوة، ويدل لهذا قول الله تبارك وتعالى: (( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ))[النساء:28] فإن هذا يبين الإنسان ضعف الإنسان. ضعيف وايش هو به؟ في كل شيء، في القوى العقلية والقوى الجسمية وكل ما يمكن أن يوصف بالقوة والضعف فإن حال الإنسان فيه الضعف.
ومن فوائد الآية: أنه يجوز أن يخاطب الرئيس بمثل هذا الخطاب، فيقال مثلاً: علمت ما لم تعلم، أو فعلت ما لم تفعل، ومثله قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه: (( إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ ))[مريم:43].
ومن فوائدها أيضاً: أنه ينبغي للمتكلم أن يؤكد الخبر للمخاطب عند الحاجة إليه، لقوله: (( بِنَبَإٍ يَقِينٍ ))[النمل:22].
فإذا قال قائل: ما فائدة تأكيده له وهو مصدر الخبر، لأن التأكيد إنما يفيد إذا جاء من طرف آخر يكون شاهداً للمخبر، فأما نفس المخبر فكيف يقال: إن في تأكيده للخبر فائدة؟
فالجواب: أن المقصود من ذلك: زيادة طمأنينة المخبَر، لأنه أيضاً يدل على أن له فائدة: أنك إذا أخبرك المخبِر بخبر قد تقول له: هل أنت متأكد؟ فيقول: نعم أو لا، فإذاً: تأكيد المخبِر لخبره لا يقال إنه لا فائدة منه لأنه هو مصدر الخبر، بل نقول: فيه فائدة وهي رفع توهم المخبِر في خبره، فيرفع هذا التوهم ويطمئن المخاطب، ولهذا ... (( وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ))[النمل:22].
وفيه أيضاً من فوائد الآية: أن استعمال ضمير الجمع للمخاطب المعظَّم ليس بلازم وليس من شأن أيضاً خطاب الأنبياء والسلف، أنه مثلاً عندما يكون الإنسان معظَّم يقول: أتيتكم، جئتكم، نعم. وما أشبه ذلك كما هو المعتاد الآن عندنا، عندنا إذا كان المخاطب معظَّماً يقال: كما تريدون مثلاً سعادتكم أو سيادتكم أو سماحتكم أو فضيلتكم أو ما أشبه ذلك، نعم. لا، هذا ليس معتاداً فيما سبق، وإنما يخاطب الإنسان بما تقتضيه الحال، حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام يرد السلام على المسلِّم بقوله: عليك السلام. إذا سلم عليه أحد يقول: عليك السلام، وإذا كانوا جماعة يقال: عليكم السلام.
الفائدة هذه الأخيرة: أنه من عادة السلف أنهم يخاطبون أو يتكلمون مع المخاطب بما تقتضيه الحال.
يستفاد من هذه الآية الكريمة:
أولاً: سرعة رجوع الهدهد إلى سليمان، من ما يدل على أن جنود سليمان يهتمون بشئونهم ولا يتأخرون عن أعمالهم، لقوله: (( فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ ))[النمل:22].
ويستفاد منها أيضاً: أن سليمان وإن كان قد أعطي ملكاً عظيماً لم يعطه أحد، فإنه لا يحيط بكل شيء، فهو على سعة ملكه وقوته لا يحيط بكل شيء فغيره من باب أولى، فيستفاد منه -الفائدة الثالثة- وهي ضعف إدراك المرء -الإنسان- مهما بلغ من الملك ومن القوة، ويدل لهذا قول الله تبارك وتعالى: (( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ))[النساء:28] فإن هذا يبين الإنسان ضعف الإنسان. ضعيف وايش هو به؟ في كل شيء، في القوى العقلية والقوى الجسمية وكل ما يمكن أن يوصف بالقوة والضعف فإن حال الإنسان فيه الضعف.
ومن فوائد الآية: أنه يجوز أن يخاطب الرئيس بمثل هذا الخطاب، فيقال مثلاً: علمت ما لم تعلم، أو فعلت ما لم تفعل، ومثله قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه: (( إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ ))[مريم:43].
ومن فوائدها أيضاً: أنه ينبغي للمتكلم أن يؤكد الخبر للمخاطب عند الحاجة إليه، لقوله: (( بِنَبَإٍ يَقِينٍ ))[النمل:22].
فإذا قال قائل: ما فائدة تأكيده له وهو مصدر الخبر، لأن التأكيد إنما يفيد إذا جاء من طرف آخر يكون شاهداً للمخبر، فأما نفس المخبر فكيف يقال: إن في تأكيده للخبر فائدة؟
فالجواب: أن المقصود من ذلك: زيادة طمأنينة المخبَر، لأنه أيضاً يدل على أن له فائدة: أنك إذا أخبرك المخبِر بخبر قد تقول له: هل أنت متأكد؟ فيقول: نعم أو لا، فإذاً: تأكيد المخبِر لخبره لا يقال إنه لا فائدة منه لأنه هو مصدر الخبر، بل نقول: فيه فائدة وهي رفع توهم المخبِر في خبره، فيرفع هذا التوهم ويطمئن المخاطب، ولهذا ... (( وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ))[النمل:22].
وفيه أيضاً من فوائد الآية: أن استعمال ضمير الجمع للمخاطب المعظَّم ليس بلازم وليس من شأن أيضاً خطاب الأنبياء والسلف، أنه مثلاً عندما يكون الإنسان معظَّم يقول: أتيتكم، جئتكم، نعم. وما أشبه ذلك كما هو المعتاد الآن عندنا، عندنا إذا كان المخاطب معظَّماً يقال: كما تريدون مثلاً سعادتكم أو سيادتكم أو سماحتكم أو فضيلتكم أو ما أشبه ذلك، نعم. لا، هذا ليس معتاداً فيما سبق، وإنما يخاطب الإنسان بما تقتضيه الحال، حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام يرد السلام على المسلِّم بقوله: عليك السلام. إذا سلم عليه أحد يقول: عليك السلام، وإذا كانوا جماعة يقال: عليكم السلام.
الفائدة هذه الأخيرة: أنه من عادة السلف أنهم يخاطبون أو يتكلمون مع المخاطب بما تقتضيه الحال.
10 - فوائد قوله تعالى : << فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين >> أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : << إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيئ ولها عرش عظيم >>
(( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ))[النمل:23] امرأة تملكهم، الضمير جميع، والعائد عليه الضمير جمع وإلا مفرد؟
الطالب: ...
الشيخ : وين؟
الطالب: ...
الشيخ : لا، (( امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ))[النمل:23] هم ضمير جميع، والعائد عليه ضمير مفرد وإلا جمع؟
الطالب: جمع.
الشيخ : وين؟
الطالب: ...
الشيخ : إيه. جمع، لكن مرجع الضمير هو مفرد وإلا جمع؟
الطالب: .....
الشيخ : نعم.
الطالب: ...
الشيخ : وين؟
الطالب: ...
الشيخ : إيه، لكن لما كان المراد به القبيلة صح أن يعود الضمير إليه جمعاً، وهذا سبق لنا فيه الشرح، وقلنا فيها: سبإٍ وسبأ باعتبار القبيلة والجد.
قال: فيستفاد من هذه الآية: (( وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ))[النمل:23] أن المرأة لا تصلح للملك، لأنه ما قال: ملكة، بل قال: تملكهم، نعم. والشارح المفسر تقدم أنه يقول: أي هي ملكة لهم، وأن الغرض من تفسير تملكهم بملكة خوفاً من أن يقال: إنها تملكهم ملك استرقاق لا ملك تصرف، طيب. والمرأة هل يصح أن تكون ملكة؟
الطالب: لا
الشيخ : لا. في شرعنا لا يجوز أن تُولَّى المرأة على الرجال، فلا يمكن أن تكون ملكة، ولا يمكن أن تكون أميراً، ولا يمكن أن تكون وزيرة، ولا يمكن أن تكون قاضية. نعم. كل هذا لا يجوز، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: {لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة}.
الطالب: يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب: ...
الشيخ : وين؟
الطالب: ...
الشيخ : لا، (( امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ))[النمل:23] هم ضمير جميع، والعائد عليه ضمير مفرد وإلا جمع؟
الطالب: جمع.
الشيخ : وين؟
الطالب: ...
الشيخ : إيه. جمع، لكن مرجع الضمير هو مفرد وإلا جمع؟
الطالب: .....
الشيخ : نعم.
الطالب: ...
الشيخ : وين؟
الطالب: ...
الشيخ : إيه، لكن لما كان المراد به القبيلة صح أن يعود الضمير إليه جمعاً، وهذا سبق لنا فيه الشرح، وقلنا فيها: سبإٍ وسبأ باعتبار القبيلة والجد.
قال: فيستفاد من هذه الآية: (( وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ))[النمل:23] أن المرأة لا تصلح للملك، لأنه ما قال: ملكة، بل قال: تملكهم، نعم. والشارح المفسر تقدم أنه يقول: أي هي ملكة لهم، وأن الغرض من تفسير تملكهم بملكة خوفاً من أن يقال: إنها تملكهم ملك استرقاق لا ملك تصرف، طيب. والمرأة هل يصح أن تكون ملكة؟
الطالب: لا
الشيخ : لا. في شرعنا لا يجوز أن تُولَّى المرأة على الرجال، فلا يمكن أن تكون ملكة، ولا يمكن أن تكون أميراً، ولا يمكن أن تكون وزيرة، ولا يمكن أن تكون قاضية. نعم. كل هذا لا يجوز، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: {لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة}.
الطالب: يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الأسلة
الطالب: تسميتها سيدة أو أميرة ....
الشيخ : هذا اسم فقط، اسم ما هو.. أميرة اسم، يعني: أنها من الأمراء، من عائلة الأمراء فقط.
الطالب: وسيدة؟
الشيخ : وسيدة مثل الآن السيدة .... كل حي يسمونه سيد.
الطالب: .....
الشيخ : كل ..... يسمونها سيدة، وهذه قد نبهنا عليها في ما سبق وقلنا: إن هذه متلقاة من الغرب الذين يقدسون المرأة، وأن هذا ما ينبغي، ولهذا حتى بعض الكتَّاب تجدهم يقولون: السيدة عائشة، السيدة خديجة، هذا ما ينبغي، بل يقال: المرأة. نعم. والأنثى، وأما السيدة فلا يصح هذا الإطلاق، لاسيما وأنه متلقى من غير المسلمين.
الشيخ : هذا اسم فقط، اسم ما هو.. أميرة اسم، يعني: أنها من الأمراء، من عائلة الأمراء فقط.
الطالب: وسيدة؟
الشيخ : وسيدة مثل الآن السيدة .... كل حي يسمونه سيد.
الطالب: .....
الشيخ : كل ..... يسمونها سيدة، وهذه قد نبهنا عليها في ما سبق وقلنا: إن هذه متلقاة من الغرب الذين يقدسون المرأة، وأن هذا ما ينبغي، ولهذا حتى بعض الكتَّاب تجدهم يقولون: السيدة عائشة، السيدة خديجة، هذا ما ينبغي، بل يقال: المرأة. نعم. والأنثى، وأما السيدة فلا يصح هذا الإطلاق، لاسيما وأنه متلقى من غير المسلمين.
تتمة الفوائد السابقة
وفي هذا دليل على سعة ملك هذه المرأة، بل عظمة ملك هذه المرأة، لقوله: (( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ))[النمل:23] والمراد: (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) من مقومات الملك كما قال المؤلف المفسر.
وفيها أيضاً دليل على أنها ذات أبهة، لقوله: (( وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ))[النمل:23]، وأما وصف العرش بما ذكره المفسر فلا دليل عليه.
وفيها أيضاً دليل على أنها ذات أبهة، لقوله: (( وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ))[النمل:23]، وأما وصف العرش بما ذكره المفسر فلا دليل عليه.
فوائد قوله تعالى : << وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون >>
(( وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ ))[النمل:24].
يستفاد من هذه الآية: أن هؤلاء القوم مشركون بالله، لقوله: (( وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ ))[النمل:24]. وفيه دليل على أن الشمس معبودة من قديم الزمان، لأن هؤلاء في زمن سليمان، وما زال إلى الآن يوجد من يعبد الشمس، ومن يعبد النار، ومن يعبد القمر، بل ومن يعبد البقر.
وفيه دليل على أن الخلق مفطورون على إنكار الشرك، لأن الهدهد أنكر عليهم شركهم، مع أن الهدهد ليس من العقلاء، لكن جميع الحيوانات بل والمخلوقات غير الحيوانات مفطورة على توحيد الله عز وجل، (( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ))[الإسراء:44].
فيستفاد من هذه فائدة: أن المشركين شر البرية كما قال الله عز وجل، يعني: إذا كانت البهائم والجمادات تسبح الله وتعرف حقه وبنو آدم هؤلاء يشركون به، صاروا شر الخليقة: (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ))[البينة:6].
وفيه دليل على أن الإنسان يُذم على فعله أو يُمدح على فعله، لأن الهدهد ساق ذلك على سبيل الذم، والغرض من ذكر هذه الفائدة، الغرض منها: الوصول إلى أن فعل الإنسان باختياره، إذ لو كان مجبراً عليه لم يصح أن يكون محلاً للذم أو للمدح، لأن الذي يُجبر على العمل ما يُمدح عليه وإن كان خيراً، ولا يُذم عليه إن كان سوءاً، ولكنه هو فعله، فهو إذاً.. وفيه دليل على إبطال قول من؟
الطالب: الجبرية.
الشيخ : الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله، لأنه إذا كان مجبراً لم يكن أهلاً للثناء بالخير أو بالشر.
وفي هذا دليل على أن الأعمال السيئة من تزيين الشيطان، لقوله: (( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ))[النمل:24]، فكيف يُجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: (( زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ))[النمل:4] فأضاف الله التزيين إليه وهنا أضافه إلى الشيطان، وفي آية ثالثة: (( زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ))[التوبة:37] مبني للمجهول لكن هذه ما تعارض الآيات الأخرى، نعم.
الطالب: التزيين المباشر من الشيطان، لكنه بتقدير الله.
الشيخ : يضاف إلى الله تقديراً وإلى الشيطان مباشرة. طيب.
إذا قال قائل: إن الأعمال السيئة تُزين للناس في رمضان وقد ثبت في الحديث أن الشياطين تُصفد فيه وتُغل، ومع ذلك نرى أن كثيراً من الخلق يزين لهم سوء الأعمال في رمضان، فكيف الجمع بين الواقع..؟
الطالب: ....
الشيخ : إيه.
الطالب: ....
الشيخ : يكون هذا من تزيين النفس، لأنها تزين أيضاً سوء الأعمال..
يستفاد من هذه الآية: أن هؤلاء القوم مشركون بالله، لقوله: (( وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ ))[النمل:24]. وفيه دليل على أن الشمس معبودة من قديم الزمان، لأن هؤلاء في زمن سليمان، وما زال إلى الآن يوجد من يعبد الشمس، ومن يعبد النار، ومن يعبد القمر، بل ومن يعبد البقر.
وفيه دليل على أن الخلق مفطورون على إنكار الشرك، لأن الهدهد أنكر عليهم شركهم، مع أن الهدهد ليس من العقلاء، لكن جميع الحيوانات بل والمخلوقات غير الحيوانات مفطورة على توحيد الله عز وجل، (( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ))[الإسراء:44].
فيستفاد من هذه فائدة: أن المشركين شر البرية كما قال الله عز وجل، يعني: إذا كانت البهائم والجمادات تسبح الله وتعرف حقه وبنو آدم هؤلاء يشركون به، صاروا شر الخليقة: (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ))[البينة:6].
وفيه دليل على أن الإنسان يُذم على فعله أو يُمدح على فعله، لأن الهدهد ساق ذلك على سبيل الذم، والغرض من ذكر هذه الفائدة، الغرض منها: الوصول إلى أن فعل الإنسان باختياره، إذ لو كان مجبراً عليه لم يصح أن يكون محلاً للذم أو للمدح، لأن الذي يُجبر على العمل ما يُمدح عليه وإن كان خيراً، ولا يُذم عليه إن كان سوءاً، ولكنه هو فعله، فهو إذاً.. وفيه دليل على إبطال قول من؟
الطالب: الجبرية.
الشيخ : الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله، لأنه إذا كان مجبراً لم يكن أهلاً للثناء بالخير أو بالشر.
وفي هذا دليل على أن الأعمال السيئة من تزيين الشيطان، لقوله: (( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ))[النمل:24]، فكيف يُجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: (( زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ))[النمل:4] فأضاف الله التزيين إليه وهنا أضافه إلى الشيطان، وفي آية ثالثة: (( زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ))[التوبة:37] مبني للمجهول لكن هذه ما تعارض الآيات الأخرى، نعم.
الطالب: التزيين المباشر من الشيطان، لكنه بتقدير الله.
الشيخ : يضاف إلى الله تقديراً وإلى الشيطان مباشرة. طيب.
إذا قال قائل: إن الأعمال السيئة تُزين للناس في رمضان وقد ثبت في الحديث أن الشياطين تُصفد فيه وتُغل، ومع ذلك نرى أن كثيراً من الخلق يزين لهم سوء الأعمال في رمضان، فكيف الجمع بين الواقع..؟
الطالب: ....
الشيخ : إيه.
الطالب: ....
الشيخ : يكون هذا من تزيين النفس، لأنها تزين أيضاً سوء الأعمال..
اضيفت في - 2007-08-13