تفسير سورة القصص-07b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة تفسير الآية : << و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينآ إلى موسى الأمر و ما كنت من الشاهدين >>
الجانب الغربي مِنه يعني كأنه قال: بالجانب الغربيِّ مِن الجبل فيكون من باب إضافة الموصوف إلى صفته من لأنه هنا يقال مسجدُ الجامع أي المسجد الجامع، على هذا التقدير الأخير يكون المراد الغربي مِن نفس الجانب (بِجانب الغربي) أي بِالجانب الغربي مِن الجبل، أمّا على رأي المؤلف فهو يقول: (بِجانب الغربي) بجانب المكان الغربي -صفةُ (جانب)- مِن موسى وهو يكلم الله" وحينئذ نقول: موسى إذا كان وجهُه إلى السماء والجانب الغربي منه عرف الغرب، وإذا كان وجهه إلى الشرق فالجانب الغربي منه يكون وراءه، لأن المتجه إلى الشرق يكون الجانب الغربي مِنه خلفَه، وأنا الآن ما أتصور هل كان موسى بجانب الجبل من الغرب أو من الشمال، وعلى كل حال فالغربي نِسْبَة قد تكون مثلاً القصيم غرباً غربي بالنِسبة لِمكان، وشرقاً بالنسبة لمكان آخر، ... لمدينة تكون غرباً أو جنوباً، وبالنسبة للكويت تكون غرباً، المهم أنك ما كنت بذلك الجانب حين المناجاة (إذ قضينا) أوحينا إلى موسى الأمرَ بالرسالةِ إلى فرعون وقومِه، (إذ قضينا) يقول المؤلف: أوحينا" وعلى هذا فالقضاء شرعي ولا كوني؟
الطالب:...
الشيخ : طيب يتعلق بالمشيئة؟ لكن المؤلف جعله شرعياً لأنه قضينا الأمر بالرسالة" يعني: أمرناه بها، فجعل الأمر هنا واحدُ الأوامر، وليس واحدَ الأمور، وإذا جعلناه واحد الأوامر صار هنا المراد بالقضاء الشرعي، ويحتمِل أن المُراد بالأمر هنا واحد الأمور أي: قضينا إليه ذلك الشأن العظيم وهو الرسالة، كما قال الله تعالى: (( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا )) فهذا الواحد واحد الأمور وليس واحد الأوامر، وعلى هذا فيكون القضاء كونياً، والقضاء كما تعرفون ينقسِم إلى قسمين: قضاء كوني وقضاء شرعي، والقضاء الكوني لا بُد مِن وجود المَقْضِيّ، والقضاء الشرعي قد يُوجَد وقد لا يوجد، والقضاء الكوني يكون محبوباً إلى الله ويكون مكروهاً إليه، والقضاء الشرعي لا يكون إلا محبوباً إليه، لأنه بِمعنى الأمر، فمثلاً قوله تعالى: (( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ))[الإسراء:4] هذا قضاء كوني، يحبــه الله ولّا يكـــرهه؟ يكـــرهه، (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )) هذا قضاء شرعيّ، لأنه لو كان قضاءً كونياً للزِم أن الناسَ كُلَّهم يعبدون الله وليس الأمر كذلك، وقضينا .... ما يمكن إلا في أمر وقع مثلاً لو قلنا: قضى الله تعالى لأبي بكر أن يسلم فهذا قضاء قدري شرعي، لأنه أمره بالإيمان فآمن، ونقول: قضى الله لأبي لهب أن يؤمن. هذا قضاء شرعي وليس كونياً، وقضى الله لأبي لهب أن يكفر هذا قضاء كوني.
قال: (( إذ قضينا إلى موسى الأمر )) على رأي المؤلف واحد الأوامر ولهذا قال:" الأمر بالرسالة إلى فرعونَ وقومِه" أو نقول: أن الأمر واحد الأمور .. الذي هو الرسالة إلى فرعون وقومِه، كلام المؤلف ... الأمر بالرسالة .. واحد الأمور نقول: هذا.. لِما في الرسالة.
(( وما كنت من الشاهدين )) لذلك فتعلَمُه فتخبرُ به، (وما كنت بجانب الطور) (وما كنت من الشاهدين) ..... لأنّ مَن كان في الجانب قد يرى وقد لا يرى ولهذا قال: (وما كنت من الشاهدين)، طيب إذا قال قائل: لِماذا لم يـقتصِر على قوله: (وما كنت من الشاهدين)؟ قلنا: أيضاً نفس الشيء لأن الإنسان قد يشاهد من بُعد ولكن قليل، فهُنا تضمن أنَّه قريب وأنه شَاهَد ففرْق بيْن أن نقول: (ما كنت شاهداً) يعني: ما كنت حاضراً أي مشاهداً بعينك ولو كنت بعيداً، ولهذا ليس في الآية الكريمة .. ولكنَّ فيها شيئاً من التوكيد، يعني لا حضر ولا نظر، كما قلنا النبي عليه الصلاة والسلام ما كان حاضراً حتى يسمع ولا كان قريباً حتى يُشاهِد، طيب إذاً فيكون ما أَخبَر به عن ذلك مِن باب الوحي لا مِن باب المُشاهدة ولا مِن باب السماع ولكنَّه وحيٌ أُوحِي إليه قال ...
الطالب:...
الشيخ : طيب يتعلق بالمشيئة؟ لكن المؤلف جعله شرعياً لأنه قضينا الأمر بالرسالة" يعني: أمرناه بها، فجعل الأمر هنا واحدُ الأوامر، وليس واحدَ الأمور، وإذا جعلناه واحد الأوامر صار هنا المراد بالقضاء الشرعي، ويحتمِل أن المُراد بالأمر هنا واحد الأمور أي: قضينا إليه ذلك الشأن العظيم وهو الرسالة، كما قال الله تعالى: (( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا )) فهذا الواحد واحد الأمور وليس واحد الأوامر، وعلى هذا فيكون القضاء كونياً، والقضاء كما تعرفون ينقسِم إلى قسمين: قضاء كوني وقضاء شرعي، والقضاء الكوني لا بُد مِن وجود المَقْضِيّ، والقضاء الشرعي قد يُوجَد وقد لا يوجد، والقضاء الكوني يكون محبوباً إلى الله ويكون مكروهاً إليه، والقضاء الشرعي لا يكون إلا محبوباً إليه، لأنه بِمعنى الأمر، فمثلاً قوله تعالى: (( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ))[الإسراء:4] هذا قضاء كوني، يحبــه الله ولّا يكـــرهه؟ يكـــرهه، (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )) هذا قضاء شرعيّ، لأنه لو كان قضاءً كونياً للزِم أن الناسَ كُلَّهم يعبدون الله وليس الأمر كذلك، وقضينا .... ما يمكن إلا في أمر وقع مثلاً لو قلنا: قضى الله تعالى لأبي بكر أن يسلم فهذا قضاء قدري شرعي، لأنه أمره بالإيمان فآمن، ونقول: قضى الله لأبي لهب أن يؤمن. هذا قضاء شرعي وليس كونياً، وقضى الله لأبي لهب أن يكفر هذا قضاء كوني.
قال: (( إذ قضينا إلى موسى الأمر )) على رأي المؤلف واحد الأوامر ولهذا قال:" الأمر بالرسالة إلى فرعونَ وقومِه" أو نقول: أن الأمر واحد الأمور .. الذي هو الرسالة إلى فرعون وقومِه، كلام المؤلف ... الأمر بالرسالة .. واحد الأمور نقول: هذا.. لِما في الرسالة.
(( وما كنت من الشاهدين )) لذلك فتعلَمُه فتخبرُ به، (وما كنت بجانب الطور) (وما كنت من الشاهدين) ..... لأنّ مَن كان في الجانب قد يرى وقد لا يرى ولهذا قال: (وما كنت من الشاهدين)، طيب إذا قال قائل: لِماذا لم يـقتصِر على قوله: (وما كنت من الشاهدين)؟ قلنا: أيضاً نفس الشيء لأن الإنسان قد يشاهد من بُعد ولكن قليل، فهُنا تضمن أنَّه قريب وأنه شَاهَد ففرْق بيْن أن نقول: (ما كنت شاهداً) يعني: ما كنت حاضراً أي مشاهداً بعينك ولو كنت بعيداً، ولهذا ليس في الآية الكريمة .. ولكنَّ فيها شيئاً من التوكيد، يعني لا حضر ولا نظر، كما قلنا النبي عليه الصلاة والسلام ما كان حاضراً حتى يسمع ولا كان قريباً حتى يُشاهِد، طيب إذاً فيكون ما أَخبَر به عن ذلك مِن باب الوحي لا مِن باب المُشاهدة ولا مِن باب السماع ولكنَّه وحيٌ أُوحِي إليه قال ...
1 - تتمة تفسير الآية : << و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينآ إلى موسى الأمر و ما كنت من الشاهدين >> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << ولكنآ أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلوا عليهم ءاياتنا و لكنا كنا مرسلين >>
يقول: (( ولكنَّا أنشأنا قرونا )) أمماً مِن بعد موسى" (أنشأنا) أي وأوجدنا وخلقنا أمماً (( فتطاول عليهم العمر )) (تطاول) أي زاد في الطول والتاء والألف للمبالغة، وقوله: (العمر) المعنى الزمن، لأنَّ الأعمار هي الأزمان، قال: أي طالت أعمارهم فنسوا العهود واندرست العيون وانقطع الوحي فجئنا بك رسولاً وأوحينا إليك خبرَ موسى وغيرَه" قوله: (ولكنا أنشانا) الاستدراك هنا ما يقتضِي إبطال ما سبق يعني ليس المعنى .. مو كنت مِن الشاهدين ولكنا أنشأنا قروناً فشهِدْت، (ولكن) أن هذا الاستدراك لِتفهيمنا والمعنى أن العهود طالت وأنت لست بشاهد ولا بحاضر ولما طالت العهود صار الناس يحتاجون إلى الرسالة فأوحينا إليك بِما جرى وأرسلناك إلى الناس .... هذا يقال والله أعلم: أنه لما كان في الأرض الواحدة قال له: .... وهؤلاء القوم ما داموا في أرض واحدة .... بدليل قوله تعالى: (( ويوم نحشرهم جميعاً )) ...
2 - قال الله تعالى : << ولكنآ أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلوا عليهم ءاياتنا و لكنا كنا مرسلين >> أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : << و لقد ءاتينا موسى الكتاب .......................>>
أنَّ التوراة من عند الله، لقوله تعالى: (( ولقد آتينا موسى الكتاب )) وهي أحد الكتب الثلاثة الباقي أثرها وهي الإنجيل والقرآن.
ويستفاد منه أن إتيان التوراة كان بعد إهلاك الأمم السابقة ومِنهم فرعون، واستنبط منها بعض العلماء من قوله (( من بعد ما أهلكنا القرون الأولى )) أنّه لم تهلِك أمة على العموم بعد نزول التوراة، لأنه قال: (مِن بعد ما أهلكنا القرون) وكأنه بعد نزول التوراة ما أُهلِك أحد من القرون وهذا الاستنباط ليس ببعيد، لأن الواقع يصدقه
الطالب: ...
الشيخ : ... ويستفاد من هذه الآية أنَّ الكتب النازلة من السماء أنَّها أنوار للناس يهتدون بها، لقوله: (( بصائر للناس )).
ومن فوائد الآية أيضاً أن التمسك بشرائع الله تكون بِه الرحمة، لقوله: (( وهدى ورحمة )).
ومن فوائدها أيضا أن الكتب النازلة من السماء هي التي بها الهدى من الضلال، لقوله: (( وهدى )).
ومن فوائدها أيضاً أنَّ الحكمة مِن إنــــزال هذه الكتب تَذُكُّر النـاس بما فيها من المواعــظ، لقـــوله: (( لعلهم يتذكرون )).
ومِن فوائدها أيضاً إثبات الحكمة في أفعال الله سبحانه وتعالى وكذلك في شرائعه، لأن (لعل) معناها التعليل فيستفاد منها إثبات الحكمة في أفعال الله وشرائعه، مَن الذي أنكر الحكمة؟ هم الجهمية يقولون: إن الله تعالى ليس له حكمة فيما يفعل وما يشاء وإنما هو لمجرد مشيئة ومنها نعم انتهت الآية
ويستفاد منه أن إتيان التوراة كان بعد إهلاك الأمم السابقة ومِنهم فرعون، واستنبط منها بعض العلماء من قوله (( من بعد ما أهلكنا القرون الأولى )) أنّه لم تهلِك أمة على العموم بعد نزول التوراة، لأنه قال: (مِن بعد ما أهلكنا القرون) وكأنه بعد نزول التوراة ما أُهلِك أحد من القرون وهذا الاستنباط ليس ببعيد، لأن الواقع يصدقه
الطالب: ...
الشيخ : ... ويستفاد من هذه الآية أنَّ الكتب النازلة من السماء أنَّها أنوار للناس يهتدون بها، لقوله: (( بصائر للناس )).
ومن فوائد الآية أيضاً أن التمسك بشرائع الله تكون بِه الرحمة، لقوله: (( وهدى ورحمة )).
ومن فوائدها أيضا أن الكتب النازلة من السماء هي التي بها الهدى من الضلال، لقوله: (( وهدى )).
ومن فوائدها أيضاً أنَّ الحكمة مِن إنــــزال هذه الكتب تَذُكُّر النـاس بما فيها من المواعــظ، لقـــوله: (( لعلهم يتذكرون )).
ومِن فوائدها أيضاً إثبات الحكمة في أفعال الله سبحانه وتعالى وكذلك في شرائعه، لأن (لعل) معناها التعليل فيستفاد منها إثبات الحكمة في أفعال الله وشرائعه، مَن الذي أنكر الحكمة؟ هم الجهمية يقولون: إن الله تعالى ليس له حكمة فيما يفعل وما يشاء وإنما هو لمجرد مشيئة ومنها نعم انتهت الآية
فوائد قوله تعالى : << وما كنت بجانب الغربي ............................>>
(( وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ))[القصص:44]يستفاد من هذه الآية الكريمة تقرير رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بِما أخبر بِه عن هذه الوقائع التي ليس حاضراً فيها ولا شاهداً.
ومنها أيضاً مِن فوائد الآية أنّ الوحي يُسَمَّى قضاء، لقوله: (( إذ قضينا إلى موسى الأمر )).
ومِن فوائدها أيضا أنَّ الوحي ذو شأن عظيم، لأن الله سماه الأمر بـ(ال) الدالة على العظمة والكمال، ولا ريب أنَّ أعظم الأمور ما جاءت به الرسل مِن وحي الله سبحانه وتعالى، لِمَا فيه من مصلحة البلاد والعباد.
ومنها أيضاً أنَّ الإنسان لا يُقبَل خبره إلّا إذا كان حاضراً يسمع أو شاهداً يرى، لقوله: (( وما كنت )) وقوله أيضاً: (( وما كنت من الشاهدين )) فإنَّ الذي يمكن أن يُخبِر هو مَن حضر فسمِع أو مَن قرُب فشَاهد، أما إنسان بيخبر بدون شهادة أوبدون شهود ولا حضور فإنّه لا يُقبَل خبره، وهذا أمر معلوم مِن الشرع من جهة أخرى مِن آيات أخرى وأدلة أخرى أن الإنسان ما يشهد إلا بما علم برؤية أو سماع أو غيرِهما مِن أسباب العلم.
(( ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر )) هذا أظنه ابتدأ الدرس قال: (( وما كنت ثاويا )) خلي الفائدة مع آخر الآية
ومنها أيضاً مِن فوائد الآية أنّ الوحي يُسَمَّى قضاء، لقوله: (( إذ قضينا إلى موسى الأمر )).
ومِن فوائدها أيضا أنَّ الوحي ذو شأن عظيم، لأن الله سماه الأمر بـ(ال) الدالة على العظمة والكمال، ولا ريب أنَّ أعظم الأمور ما جاءت به الرسل مِن وحي الله سبحانه وتعالى، لِمَا فيه من مصلحة البلاد والعباد.
ومنها أيضاً أنَّ الإنسان لا يُقبَل خبره إلّا إذا كان حاضراً يسمع أو شاهداً يرى، لقوله: (( وما كنت )) وقوله أيضاً: (( وما كنت من الشاهدين )) فإنَّ الذي يمكن أن يُخبِر هو مَن حضر فسمِع أو مَن قرُب فشَاهد، أما إنسان بيخبر بدون شهادة أوبدون شهود ولا حضور فإنّه لا يُقبَل خبره، وهذا أمر معلوم مِن الشرع من جهة أخرى مِن آيات أخرى وأدلة أخرى أن الإنسان ما يشهد إلا بما علم برؤية أو سماع أو غيرِهما مِن أسباب العلم.
(( ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر )) هذا أظنه ابتدأ الدرس قال: (( وما كنت ثاويا )) خلي الفائدة مع آخر الآية
تتمة تفسير قوله تعالى : << .........وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلوا عليهم ءاياتنا و لكنا كنا مرسلين>>
(( وما كنت ثاويا )) مُقيما (( في أهل مدين )) والمراد بأهل مدين القومُ الذين أتى إليهم موسى عليه الصلاة والسلام وجرى معه ما ذُكِر مِن استئجارِه وتزويجِه وسيرِه بأهلِه فهل الرسول عليه الصلاة والسلام كان مقيما في أهل مدين حتى يخبرَ عما حصل مِنه؟ الجواب: لا، إذاً فما جاء به مِن أخبار أهل مدين فإنه عن طريق الوحي.
وقوله: (( في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا )) خبر ثان وين الخبر الثاني؟ كلمة جملة (تتلو عليهم) يعني: وما كنت تتلو عليهم آياتنا فتعرفَ قصتهم فتخبرَ بها، وقوله: (عليهم) الضمير ظاهر كلام المؤلف وهو أيضاً ظاهر سياق الآية أنَّه يعود إلى أهل مدين (تتلو عليهم آياتنا) فتعرف قصتهم وتخبر بها، وقال بعض العلماء بعض المفسرين: إنَّ الضمير يعود على قريش يعني ما كنت ثاوياً في أهل مدين فتتلو عليهِم القصة التي قصصتها بآياتنا، وهذا أقرب إلى المعنى وإنْ كان الأول أقرب إلى اللفظ، لأن الضمير يعود على أقرب مذكور لكنه ما يعود على أهل مدين إلا بتعسف شديد، فالصواب أنه يعود على قريش يعني ما كنت ثاويا في أهل مدين فتتلو عليهم القصة التي جاءت في آياتنا، إذاً فأنت رسول، لأنك أتيت بما لم تكن شاهداً فيه (تتلو عليهم آياتنا) ولهذا قال: (( ولكنا كنا مرسلين )) لك وإليك بأخبار المتقدمين، ولكنا كنا مرسلين لك وإليك مرسِلين لك إلى الناس وإليك بالوحي، فالرسول عليه الصلاة والسلام مُرسَل للناس ومرسَل إليه، وقوله: (( ولكنا كنا مرسلين )) (كان) فعل ماضي وهي مسلوبةُ الزمن والمقصود بها اتصافُ اسمها بخبرها، وقوله: (ولكنا) هذه (نا) للجماعة و(كنا) للجماعة و(مرسلين) جمع معَ أن الله تعالى واحدٌ أحد ولكنَّ ذلك؟
الطالب: للتعظيم.
الشيخ : للتعظيم لأن (نا) للمتكلم المعظمِ نفسَه، أو للمتكلم ومعه غيره، وهو بجانب الله بلا شك لِلمتكلم المعظمِ نفسَه، وقوله: (( ولكنا كنا مرسلين )) ولم يقل: ولكن أرسلناه. كما قال في الآية التي قبلها : (( ولكنا أنشأنا قروناً )) لأنَّ الرسالة ما زالت في الخلق مُنْذ اختلفوا إلى آخر الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، ومتى اختلفوا؟ اختلفوا بعد آدم بعدَ أن مضت قرون إمَّا عشرة أو أقل أو أكثر اختلف الناس قال الله تعالى: (( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ))[البقرة:213] فتقول الآية (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا) فأنزل الله.
الطالب: قوله تعالى: (( وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم )) ...
الشيخ : اللي بالوحي لكن المراد بهذا اختلاف بني إسرائيل (إلا من بعد ما جاءهم العلم) هذا لِبني إسرائيل أما الأُولى (( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين )) وفيها قراءة لكنها غير سبعية (فاختلفوا فبعث الله) وهذه القراءة يدل عليها قوله: (لِيحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) (( ولكنا كنا مرسلين )) لك وإليك بأخبار المتقدمين" والفائدة مِن ذكر أخبار المتقدمين للرسول صلى الله عليه وسلم لِيتلوها علينا الفائدة التقرير أنه نبيّ لأنه ما كان يتلو مِن قبله من كتاب ولا يَخُطُّه بيمينه، فإذاً يكون ما أخبر به عمَّن سبق يكون مِن باب الوحي المجرد
قال الله تعالى:
وقوله: (( في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا )) خبر ثان وين الخبر الثاني؟ كلمة جملة (تتلو عليهم) يعني: وما كنت تتلو عليهم آياتنا فتعرفَ قصتهم فتخبرَ بها، وقوله: (عليهم) الضمير ظاهر كلام المؤلف وهو أيضاً ظاهر سياق الآية أنَّه يعود إلى أهل مدين (تتلو عليهم آياتنا) فتعرف قصتهم وتخبر بها، وقال بعض العلماء بعض المفسرين: إنَّ الضمير يعود على قريش يعني ما كنت ثاوياً في أهل مدين فتتلو عليهِم القصة التي قصصتها بآياتنا، وهذا أقرب إلى المعنى وإنْ كان الأول أقرب إلى اللفظ، لأن الضمير يعود على أقرب مذكور لكنه ما يعود على أهل مدين إلا بتعسف شديد، فالصواب أنه يعود على قريش يعني ما كنت ثاويا في أهل مدين فتتلو عليهم القصة التي جاءت في آياتنا، إذاً فأنت رسول، لأنك أتيت بما لم تكن شاهداً فيه (تتلو عليهم آياتنا) ولهذا قال: (( ولكنا كنا مرسلين )) لك وإليك بأخبار المتقدمين، ولكنا كنا مرسلين لك وإليك مرسِلين لك إلى الناس وإليك بالوحي، فالرسول عليه الصلاة والسلام مُرسَل للناس ومرسَل إليه، وقوله: (( ولكنا كنا مرسلين )) (كان) فعل ماضي وهي مسلوبةُ الزمن والمقصود بها اتصافُ اسمها بخبرها، وقوله: (ولكنا) هذه (نا) للجماعة و(كنا) للجماعة و(مرسلين) جمع معَ أن الله تعالى واحدٌ أحد ولكنَّ ذلك؟
الطالب: للتعظيم.
الشيخ : للتعظيم لأن (نا) للمتكلم المعظمِ نفسَه، أو للمتكلم ومعه غيره، وهو بجانب الله بلا شك لِلمتكلم المعظمِ نفسَه، وقوله: (( ولكنا كنا مرسلين )) ولم يقل: ولكن أرسلناه. كما قال في الآية التي قبلها : (( ولكنا أنشأنا قروناً )) لأنَّ الرسالة ما زالت في الخلق مُنْذ اختلفوا إلى آخر الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، ومتى اختلفوا؟ اختلفوا بعد آدم بعدَ أن مضت قرون إمَّا عشرة أو أقل أو أكثر اختلف الناس قال الله تعالى: (( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ))[البقرة:213] فتقول الآية (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا) فأنزل الله.
الطالب: قوله تعالى: (( وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم )) ...
الشيخ : اللي بالوحي لكن المراد بهذا اختلاف بني إسرائيل (إلا من بعد ما جاءهم العلم) هذا لِبني إسرائيل أما الأُولى (( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين )) وفيها قراءة لكنها غير سبعية (فاختلفوا فبعث الله) وهذه القراءة يدل عليها قوله: (لِيحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) (( ولكنا كنا مرسلين )) لك وإليك بأخبار المتقدمين" والفائدة مِن ذكر أخبار المتقدمين للرسول صلى الله عليه وسلم لِيتلوها علينا الفائدة التقرير أنه نبيّ لأنه ما كان يتلو مِن قبله من كتاب ولا يَخُطُّه بيمينه، فإذاً يكون ما أخبر به عمَّن سبق يكون مِن باب الوحي المجرد
قال الله تعالى:
5 - تتمة تفسير قوله تعالى : << .........وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلوا عليهم ءاياتنا و لكنا كنا مرسلين>> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << وما كنت بجانب الطور إذ نادينا و لكن رحمة من ربك لتنذر قوما مآ أتيناهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون>>
(( وما كنت بجانب الطور )) الجبل (( إذ )) حين (( نادينا )) موسى أن خذ الكتاب بقوة" (وما كنت بجانب الطور) هذا خبر آخر غير الخبر الأول الذي فيه ابتداء الوحي، لأن الله تعالى بعد ما أهلك القرون الأولى وَعَد موسى ثلاثين ليلة وأتَمَّها بعشر واختار مَن اختار من قومه ثم ذهب إلى الله سبحانه وتعالى لمُناجاته وإنزال التوراة عليه يقول الله تعالى: (ما كنت بجانب الطور) (جانب) أي جِهة الطور أو قُرْب الطور، و(الطور) هو الجبل المعروف في سيناء (إذ) حين (نادينا) أفاد المؤلف بأن (إذ) هنا ليست تعليلية ولكنَّها ظرفية، وهي ظرف لِما مضى من الزمان و(إذا) ظرف لِما يستقبل طيب قال: وإذاً ظرف للحاضر وبهذا استكملت الظروف الثلاثة (إذا) للمستقبل و(إذ) للماضي و(إذاً) للحاضر، قال: (إذ نادينا) موسى أن خذ الكتاب بقوة" والله قال له: خذ الكتاب بقوة لِموسى؟ ولّا بني إسرائيل؟
الطالب: ...
الشيخ : حين رفع فوقهم الطور قال: (( خذوا ما آتيناكم بقوة )) فالظاهر أن المؤلف تَوَهَّم في هذا نعم، وخلنا نتأمل بعد في قوله تعالى: (( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها )) وش اللي قبله؟ ايش في سورة الأعراف؟ ...
الطالب: (( وكتبنا له في الألواح مِن كل شيء )).
الشيخ : (( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ))[الأعراف:145] إذاً قول المؤلف:" أن خذ الكتاب بقوة" بالمعنى أتى بها، وإلّا فالله يقول: فخذها أي الألواح اللي فيها التوراة بقوة، يقول إذاً أُمِر موسى أن يأخذها بقوة أن يأخذ الألواح بقوة فعلى كل حال كلام المؤلف إذاً صواب بس إنه أتى به بالمعنى لا باللفظ (( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ )) أي خُذ هذه الألواح بِقوة (( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها )) يقول الله عز وجل: (( ولكن )) أرسلناك (( رحمة من ربك )) اعتدنا أن قوله: (رحمة) مفعول لأجله عاملها محذوف التقدير: أرسلناك رحمة، وقوله: (رحمة) ليس المعنى أنَّه هو الرحمة ولكن المعنى أنَّه أرسل بالرحمة لِيَرحم به، فالرحمة مِن الله سبحانه وتعالى وأرسله الله رحمةً كما قال تعالى في آية أخرى: (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ))[الأنبياء:107] ليس المعنى: وما أرسلناك إلا حال كونك رحمة. ولكن: إلا مِن أجل الرحمة. فبيْن المعنيين فرق.
(( ولكن رحمة مِن ربك )) أضاف الربوبية إلى الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل التخصيص والتشهير وهذه الرحمة الخاصة وهناك رحمة عامة، وفيها دليل -أي في قوله: (مِن ربك)- على أنَّ إرسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخلق لِيُرحمُوا بِه أنه من الربوبية الخاصة، لأنّ مِن نعمة الله على العبد أن يلهِمَه الهدى لِيهدِيَ الناس به فإنَّ هذا في الحقيقة من أكبر النعم، فالنبي عليه الصلاة والسلام أُوحِيَ إليه لِيُرحَم الخلق بما أُوحِي إليه، وهذا مِن مقتضى الربوبية الخاصة ولهذا قال: (من ربك) ولم يقل: (من ربهم) مِن ربك الذي ربَّاك تربية خاصة، (لِتُنْذِر) اللام هنا حرف جر، لأنها داخلةٌ على (أنْ) المقدرة أي (لأن تنذر) ثم تُحوَّل إلى مصدر فيكون (لإنذارك قوماً) ولهذا على مذهب البصريين تقول اللام حرف جر، و(تنذر) فعلٌ مضارع منصوب ب(أن) مضمرةً جوازاً بعد اللام، على رأي الكوفيين يقولون: إن اللام هي الناصبة فيقول: اللام لام كي وهي ناصبة، لكن البصريين أدق منهم في هذه الناحية بل حقيقة الأمر أن اللام حرف جر وأنَّ (أنْ) هي الناصبة مُقدَّرة، طيب أين متعلق (لتنذر) مُتعَلَّقُها هذا المحذوف الذي قدَّره المؤلف (أرسلناك).
(( لتنذر قوما )) الإنذار هو الإعلام بِما يُخَاف، هذا الإنذار الإعلام بِما يخاف، والإعلام بما يُرغَب ايش يُسَمى؟
الطالب: بشارة.
الشيخ : بَشارة أو تبشير، وقوله: (قوماً) المراد بِهم قريش، ولا يعني ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام مبعُوثٌ إليهم خاصة ولكن لِأنَّ أوَّل مَن أنذرهم كانت قريش وإلَّا فقد بُعِث لهم ولغيرهم (( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ -مِن قريش وغيرِهم- نَذِيرًا )).
(( لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ )) (ما) نافية، و(أتاهم) بمعنى جاءهم، و(مِن) حرف جر زائد إعراباً لا معنىً، و(نذير) فاعل أتى يعني: (ما جاءهم نذير) وفائدةُ زيادةِ (مِن) أنَّ التنصيص على العموم، فِي كل الأزمان الماضية ما أتاهم أحد ينذِرُهم قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقوله: (لتنذر قوما ما أتاهم) جملة (ما أتاهم) في محل نصب صفة لايش؟
الطالب: قوم.
الشيخ : لـ(قوما) وقوله: (ما أتاهم من نذير من قبلك) قال المؤلف: "وهم.. بمكة" هذا تفسير (القوم)، إذا قال قائل: أليس إسماعيل رسولا؟
الطالب: بلى.
الشيخ : طيب إذاً هو قد أتاهم قبل النبي صلى الله عليه وسلم ولّا لا؟
الطالب: المراد أولاده أولاده ما ...
الشيخ : أو يُقال: أنه لما طال العهد حتى انمحت صاروا محتاجين إلى نذير ولم يأتهم نذير، ف(ما أتاهم من نذير) بعد أن انقرضت معالِم رسالة إسماعيل، وإلّا فلا ريب أن إسماعيل مُرسَل إليهم، لأنه نبي ولكنه انقرضت، ولهذا كان من دعاء إسماعيل وإبراهيم أنهم قالوا: (( ربنا وابعث فيهم رسولاً مِنْهم )) وأجمع المفسرون على أنَّ المراد به محمد صلى الله عليه وسلم، فمُنْذ إسماعيل إلى أن بُعِثَ الرسول عليه الصلاة والسلام ما جاءهم نبي وانقرضت معالم النبوة وكان أول من غيرها عمرو بن لحي الخزاعي فإنه هو الذي أدخل عبادة الأصنام وأدخل السوائب على العرب حتى انمحت به الحقيقة.
الطالب: ولا لهم علاقة بـ .. إسرائيل وموسى وعيسى؟
الشيخ : لا ما لهم علاقة، لأنّ رسالة موسى وعيسى إلى قومهم إِلى بني إسرائيل.
(( لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون )) (لعل) هذه للتعليل وهي متعلقة ب(تنذر) تنذرهم لأجل أن يتذكروا أي يتعظوا بِما جئت به، وهذه التعليل سنذكر في الفوائد إن شاء الله ما هي فائدته.
الطالب:...
الشيخ : ما هي خبر يعني ما دخلت على اسم.
الطالب:...
الشيخ : لا، تزاد في خبر (ما) لكن هنا ما فيها ما دخلت على جملة اسمية، زيادة (مِن) أنها إذا حُذِفت استقام الكلام بدونها.
الطالب:...
الشيخ : القاعدة إنك لو حذفتها هنا قلت: ما أتاهم نذير. صحّ فهو دليل على زيادتها
الطالب: ...
الشيخ : حين رفع فوقهم الطور قال: (( خذوا ما آتيناكم بقوة )) فالظاهر أن المؤلف تَوَهَّم في هذا نعم، وخلنا نتأمل بعد في قوله تعالى: (( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها )) وش اللي قبله؟ ايش في سورة الأعراف؟ ...
الطالب: (( وكتبنا له في الألواح مِن كل شيء )).
الشيخ : (( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ))[الأعراف:145] إذاً قول المؤلف:" أن خذ الكتاب بقوة" بالمعنى أتى بها، وإلّا فالله يقول: فخذها أي الألواح اللي فيها التوراة بقوة، يقول إذاً أُمِر موسى أن يأخذها بقوة أن يأخذ الألواح بقوة فعلى كل حال كلام المؤلف إذاً صواب بس إنه أتى به بالمعنى لا باللفظ (( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ )) أي خُذ هذه الألواح بِقوة (( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها )) يقول الله عز وجل: (( ولكن )) أرسلناك (( رحمة من ربك )) اعتدنا أن قوله: (رحمة) مفعول لأجله عاملها محذوف التقدير: أرسلناك رحمة، وقوله: (رحمة) ليس المعنى أنَّه هو الرحمة ولكن المعنى أنَّه أرسل بالرحمة لِيَرحم به، فالرحمة مِن الله سبحانه وتعالى وأرسله الله رحمةً كما قال تعالى في آية أخرى: (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ))[الأنبياء:107] ليس المعنى: وما أرسلناك إلا حال كونك رحمة. ولكن: إلا مِن أجل الرحمة. فبيْن المعنيين فرق.
(( ولكن رحمة مِن ربك )) أضاف الربوبية إلى الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل التخصيص والتشهير وهذه الرحمة الخاصة وهناك رحمة عامة، وفيها دليل -أي في قوله: (مِن ربك)- على أنَّ إرسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخلق لِيُرحمُوا بِه أنه من الربوبية الخاصة، لأنّ مِن نعمة الله على العبد أن يلهِمَه الهدى لِيهدِيَ الناس به فإنَّ هذا في الحقيقة من أكبر النعم، فالنبي عليه الصلاة والسلام أُوحِيَ إليه لِيُرحَم الخلق بما أُوحِي إليه، وهذا مِن مقتضى الربوبية الخاصة ولهذا قال: (من ربك) ولم يقل: (من ربهم) مِن ربك الذي ربَّاك تربية خاصة، (لِتُنْذِر) اللام هنا حرف جر، لأنها داخلةٌ على (أنْ) المقدرة أي (لأن تنذر) ثم تُحوَّل إلى مصدر فيكون (لإنذارك قوماً) ولهذا على مذهب البصريين تقول اللام حرف جر، و(تنذر) فعلٌ مضارع منصوب ب(أن) مضمرةً جوازاً بعد اللام، على رأي الكوفيين يقولون: إن اللام هي الناصبة فيقول: اللام لام كي وهي ناصبة، لكن البصريين أدق منهم في هذه الناحية بل حقيقة الأمر أن اللام حرف جر وأنَّ (أنْ) هي الناصبة مُقدَّرة، طيب أين متعلق (لتنذر) مُتعَلَّقُها هذا المحذوف الذي قدَّره المؤلف (أرسلناك).
(( لتنذر قوما )) الإنذار هو الإعلام بِما يُخَاف، هذا الإنذار الإعلام بِما يخاف، والإعلام بما يُرغَب ايش يُسَمى؟
الطالب: بشارة.
الشيخ : بَشارة أو تبشير، وقوله: (قوماً) المراد بِهم قريش، ولا يعني ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام مبعُوثٌ إليهم خاصة ولكن لِأنَّ أوَّل مَن أنذرهم كانت قريش وإلَّا فقد بُعِث لهم ولغيرهم (( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ -مِن قريش وغيرِهم- نَذِيرًا )).
(( لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ )) (ما) نافية، و(أتاهم) بمعنى جاءهم، و(مِن) حرف جر زائد إعراباً لا معنىً، و(نذير) فاعل أتى يعني: (ما جاءهم نذير) وفائدةُ زيادةِ (مِن) أنَّ التنصيص على العموم، فِي كل الأزمان الماضية ما أتاهم أحد ينذِرُهم قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقوله: (لتنذر قوما ما أتاهم) جملة (ما أتاهم) في محل نصب صفة لايش؟
الطالب: قوم.
الشيخ : لـ(قوما) وقوله: (ما أتاهم من نذير من قبلك) قال المؤلف: "وهم.. بمكة" هذا تفسير (القوم)، إذا قال قائل: أليس إسماعيل رسولا؟
الطالب: بلى.
الشيخ : طيب إذاً هو قد أتاهم قبل النبي صلى الله عليه وسلم ولّا لا؟
الطالب: المراد أولاده أولاده ما ...
الشيخ : أو يُقال: أنه لما طال العهد حتى انمحت صاروا محتاجين إلى نذير ولم يأتهم نذير، ف(ما أتاهم من نذير) بعد أن انقرضت معالِم رسالة إسماعيل، وإلّا فلا ريب أن إسماعيل مُرسَل إليهم، لأنه نبي ولكنه انقرضت، ولهذا كان من دعاء إسماعيل وإبراهيم أنهم قالوا: (( ربنا وابعث فيهم رسولاً مِنْهم )) وأجمع المفسرون على أنَّ المراد به محمد صلى الله عليه وسلم، فمُنْذ إسماعيل إلى أن بُعِثَ الرسول عليه الصلاة والسلام ما جاءهم نبي وانقرضت معالم النبوة وكان أول من غيرها عمرو بن لحي الخزاعي فإنه هو الذي أدخل عبادة الأصنام وأدخل السوائب على العرب حتى انمحت به الحقيقة.
الطالب: ولا لهم علاقة بـ .. إسرائيل وموسى وعيسى؟
الشيخ : لا ما لهم علاقة، لأنّ رسالة موسى وعيسى إلى قومهم إِلى بني إسرائيل.
(( لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون )) (لعل) هذه للتعليل وهي متعلقة ب(تنذر) تنذرهم لأجل أن يتذكروا أي يتعظوا بِما جئت به، وهذه التعليل سنذكر في الفوائد إن شاء الله ما هي فائدته.
الطالب:...
الشيخ : ما هي خبر يعني ما دخلت على اسم.
الطالب:...
الشيخ : لا، تزاد في خبر (ما) لكن هنا ما فيها ما دخلت على جملة اسمية، زيادة (مِن) أنها إذا حُذِفت استقام الكلام بدونها.
الطالب:...
الشيخ : القاعدة إنك لو حذفتها هنا قلت: ما أتاهم نذير. صحّ فهو دليل على زيادتها
6 - قال الله تعالى : << وما كنت بجانب الطور إذ نادينا و لكن رحمة من ربك لتنذر قوما مآ أتيناهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون>> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << و لولآ أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولآ أرسلت إلينا رسولا فنتبع ءاياتك و نكون من المؤمنين >>
(( ولولا أن تصيبهم مصيبة )) عقوبة (( بما قدمت أيديهم )) مِن الكفر وغيره (( فيقولوا ربنا لولا )) هلا (( أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك )) المرسَلَ بها (( ونكون من المؤمنين ))" (لولا) هنا تكررت مرتين وفي كل موضع لها معنى غيره في الموضع الآخر، الأول قال: (ولولا أن تصيبهم) الضمير يعود على قريش أهل مكة، وإصابة الشيء بمعنى نزوله يعني تنزِل به مصيبة والمراد بالمصيبة هنا العقوبة بسبب كُفرِهم، وهي أعني (لولا) حرف امتناع؟
الطالب: لوجود.
الشيخ : حرف امتناعٍ لِوجود، و(أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ، وجواب (أن) محذوف كما يُقَدِّره المؤلف، وقوله: (بما قدمت) أي بسبب و(ما) اسم موصول أي بسبب الذي قدمت أيديهم، والمراد ب(أيديهم) أنفسُهم أي بما قدموه، وعبر باليد عن النفس، لأنَّ اليد في الغالب هي آلة العمل، واعلم أنَّ هناك فرقاً بين إضافة الفعل إلى اليد وبين إضافة الفعل إلى النفس بواسطة اليد، فمثلاً قوله تعالى: (( مما عملت أيدينا أنعاما )) أي مِما عملناه أي مِما خلقناه، وليس المراد أن الله خلق الأنعام بيده، وأما قوله: (( بما خلقت بيديَّ )) فهنا أضاف الفعل إلى نفسه ثُم جَعَل اليدَ واسطة فيدل على أن آدم خُلِق بِيَد الله، كذلك مثلاً لو قلت: بِما عملتَ بيدك أو بما قدمت يداك فهنا نقول: الإنسان عمِل الشيء بيده كذا ولّا لا؟ فهو عمِله نفسُه لكن بيدِه أمّا إذا قلت: بما عملت يداك أو بما قدمت يداك فالمُراد بما عملت سواءٌ عملته بواسطة اليد أو بالعين أو بالرجل أو باللسان المهم أنه يُضاف إليك يُضاف العمل إلى اليد لا إِلى العامل بواسطة اليد، فإذا أُضِيف إلى العامل بواسطة اليد صار العملُ له لكن من باب المباشر للعمل اليد، وإذا أُضِيف العمل إلى اليد صار المُراد به عمل الإنسان سواءٌ بيده أو بغير يده، فقوله: (بما قدمت أيديهم) ليس كقوله: بما قدموا بأيديهم ولّا لا؟ لأنَّ الأول المُراد (بما قدموا) سواء كان باليد أو بالرجل أو بالعين أو بالأذن أو باللسان، وقوله:" (بما قدمت أيديهم) مِن الكفر وغيره" صحيح أنّ المصائب ما تكون إلا بالمعاصي (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )) وهنا قال: (لولا أن تصيبهم مصيبة) بسبب كفرهم (فيقولوا) الفاء حرف عطف و(يقولوا) معطوف على (تصيبهم) يعني (فأن يقولوا) متى بعد المصيبة ولّا قبلها؟
الطالب: بعد.
الشيخ : بعد المصيبة، (فيقولوا) محتجين على الله (ربَّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبعَ) يعني هلَّا أرسلتَ إلينا رسولا قبلَ أن تصيبنا بالعقوبة (فنتبعَ آياتك ونكونَ من المؤمنين) وهي حُجَّة لهم ولّا لا؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ : حُجة لهم لو أُصِيبوا بغير أن يُرسَل إليهم رسول لكان ذلِك حُجَّة، لأن الله تعالى يقول: (( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )) [النساء:165]ويقول: (( ومَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ))[الإسراء:15] فلولا هذا الأمر أن يُصابُوا بكفرهم وذنوبهم ثم يحتجوا على ربهم بأنه لم يُرسِل إليهم رسول فما هو الجواب؟ هل الجواب: لعاقبناهم؟ أو الجواب: لما أرسلناك إليهم؟ نشوف قال المؤلف:" وجواب لولا محذوف وما بعدها مبتدأ" يعني والخبر محذوف معروف، والمعنى: لولا الإصابة المُسَبَّبُ عنها قولُهم أو لولا قولُهم المُسَبَّب عنها أي لعاجلناهم بالعقوبة أو ولَمَا أرسلناك إليهم رسولاً كأنّ المؤلف جعل الجواب مُّرَكباً مِن إثبات ونفي، الإثبات قوله: لعاجلناهم بالعقوبة، والنفي: ولَمَا أرسلناك إليهم لِماذا؟ لأنهم هم ذكروا أمرين لأن الله ذَكَر أمرين: الإصابة وقولُهم: (لولا أرسلت إلينا رسولا) فكان الجواب أيضاً مُركباً مِن أمرين، ويجوز أن يكون الجواب مركَّباً مِن أحد الأمرين أي لعاقبناهم أو لَمَا أرسلناك إليهم، لأن المعنى يتِم بدون تقدير الأمرين جميعاً، وعلى هذا فتكون الواو هنا في كلام المؤلف بمعنى (أو)، وأظنُّ الآية معناها واضح مِن حيث الإجمال أنَّه لولا أن هؤلاء الكفار المستحِقِّين للعقوبة بِسبب كفرهم لولا أن يحتجوا بأنه لم يُرسَل إليهم رسول -نعم- لعاقبناهم بِدون أن نرسِلَك أو لَمَا أرسلناك إليهم، فيكون إرسال النبي عليه الصلاة والسلام إقامةً للحجة عليهم ودفعاً لحُجتهم ودحضاً لها فكأن النبي عليه الصلاة والسلام الآن أُرسِل إليهم قبل أن يُؤْخَذُوا بالعقوبة، وهذا يقتضِي أنَّهم إذا كذبوه كانوا مُستحقين للعقوبة، لأن الحجة التي يحتجُّون بها قد زالت، طيب عندنا الإعراب أظننا فهمناه مِن كلام المؤلف (لولا) الأولى شرطية وهي حرف امتناع لوجود، و(لولا) الثانية تحضيضية بمعنى هلّا، وقوله: (فيقولوا) معطوف على قوله: (أن تصيبهم)، وقوله: (فنتبع) منصوب ب(أن) مضمرةً بعد فاء السببية الواقعة في جواب لولا التحضيضية ولّا لا؟ منصوب ب(أن) مضمرة بعد فاء السببية الواقعةِ جوابا لـ(لولا) التحضيضية.
الطالب: ...
الشيخ : لا، لأن التحضيرية (لولا) بمعنى (هلَّا) نعم وهي تحضيضية، وإذا وقعت الفاء في جوابها نُصِب الفعل ب(أن) مضمرة ابن مالك يقول:
وبعد فاء جواب نفي أو طلب محضين (أن) وسترُها حتمٌ نَصَب
يعني أنَّ (أن) تنصب بعد فاء الواقعة في جواب طلب أو نفي محضين، وسترُها -أي حذفها وجوباً- حتم، وأظنه موجود في بيت يقرأه الطلاب مُنذ صغرهم لِمَا تَنصِبُ فيه (أن) مضمرة بعد الجواب أو في الجواب وهو؟
الطالب:...
الشيخ : لا، لا، لا، هذا شاهد .. قواعد
مُر وادعُ وانهَ وسلْ واعرِض لِحَضِّهِمُوا تمنَّ وارجُ كذاك النفي قد كمُلا
هذه تسعة إذا وقعت الفاء جواباً لواحد مِنها فإنه يُنصَب الفعل بعدها ب(أن) مُضمرة ما حفظتموه من قبل؟ مُر وادعُ وانه وسل واعرِض.
الطالب: لوجود.
الشيخ : حرف امتناعٍ لِوجود، و(أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ، وجواب (أن) محذوف كما يُقَدِّره المؤلف، وقوله: (بما قدمت) أي بسبب و(ما) اسم موصول أي بسبب الذي قدمت أيديهم، والمراد ب(أيديهم) أنفسُهم أي بما قدموه، وعبر باليد عن النفس، لأنَّ اليد في الغالب هي آلة العمل، واعلم أنَّ هناك فرقاً بين إضافة الفعل إلى اليد وبين إضافة الفعل إلى النفس بواسطة اليد، فمثلاً قوله تعالى: (( مما عملت أيدينا أنعاما )) أي مِما عملناه أي مِما خلقناه، وليس المراد أن الله خلق الأنعام بيده، وأما قوله: (( بما خلقت بيديَّ )) فهنا أضاف الفعل إلى نفسه ثُم جَعَل اليدَ واسطة فيدل على أن آدم خُلِق بِيَد الله، كذلك مثلاً لو قلت: بِما عملتَ بيدك أو بما قدمت يداك فهنا نقول: الإنسان عمِل الشيء بيده كذا ولّا لا؟ فهو عمِله نفسُه لكن بيدِه أمّا إذا قلت: بما عملت يداك أو بما قدمت يداك فالمُراد بما عملت سواءٌ عملته بواسطة اليد أو بالعين أو بالرجل أو باللسان المهم أنه يُضاف إليك يُضاف العمل إلى اليد لا إِلى العامل بواسطة اليد، فإذا أُضِيف إلى العامل بواسطة اليد صار العملُ له لكن من باب المباشر للعمل اليد، وإذا أُضِيف العمل إلى اليد صار المُراد به عمل الإنسان سواءٌ بيده أو بغير يده، فقوله: (بما قدمت أيديهم) ليس كقوله: بما قدموا بأيديهم ولّا لا؟ لأنَّ الأول المُراد (بما قدموا) سواء كان باليد أو بالرجل أو بالعين أو بالأذن أو باللسان، وقوله:" (بما قدمت أيديهم) مِن الكفر وغيره" صحيح أنّ المصائب ما تكون إلا بالمعاصي (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )) وهنا قال: (لولا أن تصيبهم مصيبة) بسبب كفرهم (فيقولوا) الفاء حرف عطف و(يقولوا) معطوف على (تصيبهم) يعني (فأن يقولوا) متى بعد المصيبة ولّا قبلها؟
الطالب: بعد.
الشيخ : بعد المصيبة، (فيقولوا) محتجين على الله (ربَّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبعَ) يعني هلَّا أرسلتَ إلينا رسولا قبلَ أن تصيبنا بالعقوبة (فنتبعَ آياتك ونكونَ من المؤمنين) وهي حُجَّة لهم ولّا لا؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ : حُجة لهم لو أُصِيبوا بغير أن يُرسَل إليهم رسول لكان ذلِك حُجَّة، لأن الله تعالى يقول: (( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )) [النساء:165]ويقول: (( ومَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ))[الإسراء:15] فلولا هذا الأمر أن يُصابُوا بكفرهم وذنوبهم ثم يحتجوا على ربهم بأنه لم يُرسِل إليهم رسول فما هو الجواب؟ هل الجواب: لعاقبناهم؟ أو الجواب: لما أرسلناك إليهم؟ نشوف قال المؤلف:" وجواب لولا محذوف وما بعدها مبتدأ" يعني والخبر محذوف معروف، والمعنى: لولا الإصابة المُسَبَّبُ عنها قولُهم أو لولا قولُهم المُسَبَّب عنها أي لعاجلناهم بالعقوبة أو ولَمَا أرسلناك إليهم رسولاً كأنّ المؤلف جعل الجواب مُّرَكباً مِن إثبات ونفي، الإثبات قوله: لعاجلناهم بالعقوبة، والنفي: ولَمَا أرسلناك إليهم لِماذا؟ لأنهم هم ذكروا أمرين لأن الله ذَكَر أمرين: الإصابة وقولُهم: (لولا أرسلت إلينا رسولا) فكان الجواب أيضاً مُركباً مِن أمرين، ويجوز أن يكون الجواب مركَّباً مِن أحد الأمرين أي لعاقبناهم أو لَمَا أرسلناك إليهم، لأن المعنى يتِم بدون تقدير الأمرين جميعاً، وعلى هذا فتكون الواو هنا في كلام المؤلف بمعنى (أو)، وأظنُّ الآية معناها واضح مِن حيث الإجمال أنَّه لولا أن هؤلاء الكفار المستحِقِّين للعقوبة بِسبب كفرهم لولا أن يحتجوا بأنه لم يُرسَل إليهم رسول -نعم- لعاقبناهم بِدون أن نرسِلَك أو لَمَا أرسلناك إليهم، فيكون إرسال النبي عليه الصلاة والسلام إقامةً للحجة عليهم ودفعاً لحُجتهم ودحضاً لها فكأن النبي عليه الصلاة والسلام الآن أُرسِل إليهم قبل أن يُؤْخَذُوا بالعقوبة، وهذا يقتضِي أنَّهم إذا كذبوه كانوا مُستحقين للعقوبة، لأن الحجة التي يحتجُّون بها قد زالت، طيب عندنا الإعراب أظننا فهمناه مِن كلام المؤلف (لولا) الأولى شرطية وهي حرف امتناع لوجود، و(لولا) الثانية تحضيضية بمعنى هلّا، وقوله: (فيقولوا) معطوف على قوله: (أن تصيبهم)، وقوله: (فنتبع) منصوب ب(أن) مضمرةً بعد فاء السببية الواقعة في جواب لولا التحضيضية ولّا لا؟ منصوب ب(أن) مضمرة بعد فاء السببية الواقعةِ جوابا لـ(لولا) التحضيضية.
الطالب: ...
الشيخ : لا، لأن التحضيرية (لولا) بمعنى (هلَّا) نعم وهي تحضيضية، وإذا وقعت الفاء في جوابها نُصِب الفعل ب(أن) مضمرة ابن مالك يقول:
وبعد فاء جواب نفي أو طلب محضين (أن) وسترُها حتمٌ نَصَب
يعني أنَّ (أن) تنصب بعد فاء الواقعة في جواب طلب أو نفي محضين، وسترُها -أي حذفها وجوباً- حتم، وأظنه موجود في بيت يقرأه الطلاب مُنذ صغرهم لِمَا تَنصِبُ فيه (أن) مضمرة بعد الجواب أو في الجواب وهو؟
الطالب:...
الشيخ : لا، لا، لا، هذا شاهد .. قواعد
مُر وادعُ وانهَ وسلْ واعرِض لِحَضِّهِمُوا تمنَّ وارجُ كذاك النفي قد كمُلا
هذه تسعة إذا وقعت الفاء جواباً لواحد مِنها فإنه يُنصَب الفعل بعدها ب(أن) مُضمرة ما حفظتموه من قبل؟ مُر وادعُ وانه وسل واعرِض.
اضيفت في - 2007-08-13