تفسير سورة القصص-08b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة فوائد الآية : << فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوآءهم .......>>
لقوله: (( إن الله لا يهدي )) والقدرية يرون أن الإنسان يُمكن أن يهتدي بنفسه وليس لله تبارك وتعالى عليه أي سلطة لأنهم -والعياذ بالله- القدرية وش يقولون بالنسبة لقدر الله؟ أي نعم أن الأمر أُنُف بمعنى أن الله ما قدَّر أفعال العباد وإني أنا أفعل وأترك باختياري المجرد المحض، وليس لله فيه أي مشيئة ولا خلق ولا شيء، لكن (( إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) يرد عليهم كما أنه أيضا يرد على الجهمية الجبرية الذي يقولون بالجبر بأن الله تعالى نسب هؤلاء بفعلهم إلى الظلم، ولو كانوا مجبرين عليه لكان نسبة الظلم إليهم ظلماً والله تبارك وتعالى لا يظلم أحداً ففي الآية إذاً رد على القدرية، ورد على من؟ ورد على الجبرية والجبرية الجهمية يعني الجهمية مِن مذهبهم الجبر وفيهم ثلاث جِيمات كما قال ابن القيم في النونية: الجهمية فيهم ثلاث جيمات كل الجيمات ذم جبر وإرجاء وجيم تجهم فهم جبرية مرجئة جهمية نعم الله .. الجيمات الثلاثة الجهمية والجبرية والمرجئة، على كل حال في الآية الكريمة ردٌّ على الطائفتين الضالتين وهما القدرية والجبرية، والقدرية ينكِرون قدر الله بالنسبة للأفعال والجبرية بالعكس (إن الله لا يهدي القوم الظالمين).
ومن فوائد الآية أنّ من تحرى العدل فإنه قد تعرض للهداية، لأنّ الظلم ضده العدل وانتفاء الهداية بوصف الظلم يقتضي ثُبوت الهداية بوصف العدل، فمن تحرى العدل فإنه يُوَفق للهداية، فالعدل سبب للهداية، وهكذا كل من تحرى الخير -بس عسى الله يوفقنا لتحريه- كل من تحرى الخير فإنه يُوفَّق له إذا كانت النية صادقة والعزم أكيد نعم.
الطالب:.....
الشيخ : يقولون أن الإنسان له إرادة مستقلة ما لله فيها دخل على الإطلاق .
ومن فوائد الآية أنّ من تحرى العدل فإنه قد تعرض للهداية، لأنّ الظلم ضده العدل وانتفاء الهداية بوصف الظلم يقتضي ثُبوت الهداية بوصف العدل، فمن تحرى العدل فإنه يُوَفق للهداية، فالعدل سبب للهداية، وهكذا كل من تحرى الخير -بس عسى الله يوفقنا لتحريه- كل من تحرى الخير فإنه يُوفَّق له إذا كانت النية صادقة والعزم أكيد نعم.
الطالب:.....
الشيخ : يقولون أن الإنسان له إرادة مستقلة ما لله فيها دخل على الإطلاق .
قال الله تعالى : << ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون >>
(( ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون )) (وصَّلنا) من التوصيل وحروفها الأصلية (وصل) والوصول إلى الشيء بلوغ غايته والمعنى أن الله سبحانه وتعالى يؤكِّد في هذه الجملة يؤكد بحروف ثلاثة -وهي القسم واللام وقد- أنّه وصل لهم القول، وقوله: (وصلنا لهم) المعروف أن وصل تتعدى بـ إلى فيقال: وصَل إليه ويقال: وصَّل إليه وأوصَل إليه هذا المعروف، وهنا عُدِّيَت باللام تعديتها باللام، لأنها تضمنت معنى البيان معنى الوصول والبيان ولهذا قال المؤلف في تفسيرها:" بيَّنَّا لهم " (بينا) وقد مر علينا أن اللغة العربية قد تعدي الفعل أو بعبارة أعم قد تعدي العامل بغير ما يَتَعَدَّى به لماذا؟ ذكرنا أن لِعلماء النحو في ذلك طريقين الطريق الأول التجوز في الحرف والطريق الثاني التجوز في الفعل فمثلاً هنا أَوَضح مثال لكم قوله تعالى: (( عيناً يشرب بها عباد الله )) العين يُشرب بِها ولا منها؟ يُشرَب منها الذي يُشرب به الإناء لكن العين يُشرب مِنها والآية الكريمة قال الله فيها: (( عيناً يشرب بها عباد الله )) فمعلوم أن الفعل هنا عُدِّى بغير ما يتعدى به فقال بعض النحويين: إن التجوز بالحرف وأن الباء بمعنى من فتكون تبعيضية، وقال بعض النحويين: بل التجوز في الفعل يَشْرب وأنه ضُمِّن معنى (روِي يرْوى) فمعنى يشرب بها أي يروى بها إذا شرب مِنها، وهذا في الحقيقة أصحُّهما .. البصريين يرون أن هذا التجوز وأن يُرَدّ بالتجوز موافقةً لهم في التعبير، فهنا نقول: (وصلنا لهم) المعروف أن وصَل أو وصَّل يتعدى بأي شيء-يا ماهر!؟- وصَل وش يتعدى به بأي حرف من حروف الجر؟ بـ(إلى) وهنا عُدِّي باللام، فنقول: إما أن تكون اللام بمعنى (إلى)، وإما أن نجعل (وصَّل) .. البيان، فمعنى (وصَّلنا إليهم ببيان) (( وصلنا لهم القول )) (القول) يقول المؤلف:" القرآن" ولعله أعمّ مما قال المؤلف، المراد القول أي قولُنا نعم، فالله تعالى ما يزال يُنَزِّل لعباده سبحانه وتعالى من قوله ووحيه، ما تصلح به أمورهم حتى وصلت الغاية إلى أين -يا غانم!؟- ما زال سبحانه وتعالى ... مثل لمح البصر ... أقول ما زال الله تعالى يوصل القول إلى عباده وهو الوحي، إلى أن وصل إلى محمد صلى الله عليه وسلم إلى القرآن.
(( وصَّلنا لهم القول لعلهم يتذكرون )) يعني: ما أغفلناهم بل ما زالت أقوالنا تصِل إلى الخلق وتبيِّنُ لهم (لعلهم يتذكرون) (لعل) هنا للتعليل أو لِأجل أن يتذَكَّروا تذكر .. بمعنى ذكر الشيء لكن لا لمجرد الذكر ولكن لِلاتعاظ به، ولهذا المؤلف رحمه الله دائماً يفسِّر يتذكرون بلازمه وهو الاتِّعاظ، وإلا أصل التذكر تذكرتُ الشيء أي كنت مِنه على ذِكْر لكن هناك لازم وهو الاتعاظ، أما مُجرد الذكر بدون اتعاظ فهذا لا ينفع والمؤلف يقول: يتعظون أي تُؤَثِّر فيهم الموعظة والقول فيؤمنون
(( وصَّلنا لهم القول لعلهم يتذكرون )) يعني: ما أغفلناهم بل ما زالت أقوالنا تصِل إلى الخلق وتبيِّنُ لهم (لعلهم يتذكرون) (لعل) هنا للتعليل أو لِأجل أن يتذَكَّروا تذكر .. بمعنى ذكر الشيء لكن لا لمجرد الذكر ولكن لِلاتعاظ به، ولهذا المؤلف رحمه الله دائماً يفسِّر يتذكرون بلازمه وهو الاتِّعاظ، وإلا أصل التذكر تذكرتُ الشيء أي كنت مِنه على ذِكْر لكن هناك لازم وهو الاتعاظ، أما مُجرد الذكر بدون اتعاظ فهذا لا ينفع والمؤلف يقول: يتعظون أي تُؤَثِّر فيهم الموعظة والقول فيؤمنون
قال الله تعالى : << الذين ءاتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون >>
قال الله تعالى: (( الذين آتيناهم الكتاب )) (آتيناهم) بمعنى أعطيناهم والإيتاء هنا شرعي ولا قدري؟ شرعي إيتاء شرعي، ويحتمل أن يكون (آتيناهم) إيتاءً قدرياً يعني قدَّرنا أن يأتيهم الكتاب وهو الوحي فأتاهم، وقوله: (الكتاب) بمعنى المكتوب والمراد به التوراة وكذلك الإنجيل كُلُّها تُسَمى كتابا، وقوله: (مِن قبله) الضمير يعود على القرآن (آتيناهم الكتاب من قبله) أي مِن قبْل القرآن (( هم )) أي الذين آتيناهم (( به )) أي بالقرآن يُؤْمِنُون أي يُصَدِّقُون وينقادون له، الإعراب الآن: الضمير مبتدأ (الذين آتيناهم الكتاب) وجملة (آتيناهم) صلة الموصول و(هم) مبتدأ ثان و(به يؤمنون) خبر المبتدأ الثاني الجملة، والجملة من المبتدأ الثاني والخبر .. عبد الله!
الطالب: ...
الشيخ : صحيح (هم به يؤمنون) الجملة مِن المبتدأ الثاني وخبرِه خبرُ المبتدأ الأول، والفائدة من تَكرار المبتدأ لأجل أن يكون إسناده كأنّ إسنادَ الإيمان إليهم مرتين، لأنه قال مرتين: مرة بالضمير (هم) ومرة بالمبتدأ الأول (الذين) ... طيب، (هم به) وأتى بقوله: (يؤمنون) بالفعل المضارع الدالِّ على الاستمرار ... أتى بالفعل المضارع الدال على الاستمرار إشارة إلى أنهم تلَقَّوه عن قبول وإذعان وأنهم ما زالوا على هذا الأمر، وهذه الجملة بالنسبة لما قبلها في المعنى كأنّها إقامة دليل على الذين كَذَّبوا بالقرآن يعني كأنه يقول: ( الذين أوتوا الكتاب من قبلكم آمنوا بالقرآن. مما يدل على ايش على أنّه حقّ ولّا باطل؟ على أنه حق، لأنهم هم مع أنهم أهل كتاب ترَكُوا كتابهم وآمنوا بالقرآن، وأنتم جهل وليس لديكم كتاب فكان حقاً عليكم أن تكونوا قبْلهم في الإيمان لأنه من الصعب أن الإنسان ينتقل من كتابه أو مِن دينه إلى دْين آخر، لكن ليس من الصعب أن الإنسان ينتقل من جهل إلى حقّ وعِلم، ثم إن فِيه أيضا في هذا تأنيب لهؤلاء، فيه أيضا دليل على أنه حق، لأن الذين أوتوا الكتاب ما آمنوا به إلا عن علم، وهو كذلك فإِنه ما فيه شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مكتوباً عند بني إسرائيل في التوراة والإنجيل يعرِفونه كما يعرِفون أبناءهم حتى أوصافه الخلْقية موجودة عندهم بقطع النظر عن منهاجه وسيرته (( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم )) هذا كله موجود في التوراة والإنجيل ومعروف، ولِهذا تجمع اليهود في المدينة من أجل أن يستقبلوا هذا النبي الذي وجدوا صفته عندهم .. وكانوا كما قال الله تعالى: (( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا )) أي يستنصرون عليهم بهذا النبي (( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به )) فالحاصل إنه في هذه الآية أقول: إنها وجه تعلقها بما قبلها من وجهين: الوجه الأول تأنيب هؤلاء الجاهليِّين -وش يا علي!- على الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم معَ أن أهل الكتاب وهم على دين انتقلوا من دينهم إلى دينه، فكنتم أولى باتباعه، والوجه الثاني أنّه إقامة دليل على صحة ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، لأن هؤلاء الذين عِنْدهم علم من الكتاب ما انتقلوا إلا عن علم بأنّه حق وهذا المناسبة واضح جدا الصلة بين هذه والنصوص التي قبلها، ولا ريب أيضا أن في هذه الآية ثناء على الذين آمنوا بالرسول عليه الصلاة والسلام مِن الذين أوتوا الكتاب ولِهذا .. (هم به يؤمنون) ولم يستكبروا عنه معَ أنّ لديهم كتابهم، نعم.
الطالب:....
الشيخ : يقول (( الذين أوتوا الكتاب من قبله هم به يؤمنون ))...
الطالب:
الشيخ : .. جنس القول ما جهِلوا كلام هذا الكتاب .. يقول: (( ما أتاهم من نذير من قبلك ))
الطالب:...
الشيخ : ولا نفي لكن هذه من باب الجنس يعني معناه أننا ما تركناهم بل إن القول وصل إليهم كما وصل إلى غيرهم مثل ما قلنا في تفسيره، إن الله ما زال سبحانه وتعالى ينزل الكتب على من سبق، قال: أيضاً" وش معنى أيضاً؟ "هم به يؤمنون أيضاً" وش معنى أيضا؟
الطالب: يعني اللي بعدهم.
الشيخ : يعني كما آمنوا بكتبهم، و(أيضا) يقولون إنها من الأسماء الملازِمة للنصب على المصدرية، لأن فعلها (آض يئيض أيضاً) مثل باع يبيع بيعاً لأنّ معناها رجع، نعم، فالمعنى أنهم هم أيضاً يُؤمنون بالقرآن، قال المؤلف: نزلت في جماعة أسلموا مِن اليهود كعبد الله بن سلام وغيرِه ومِن النصارى قدِموا مِن الحبشة ومِن الشام وكذلك مِن غير الشام، أسلموا من اليهود مثل عبد الله بن سلام واشتهر عبد الله بن سلام بالإسلام وهو مِن اليهود، لأنّه كان حبراً من أحبار اليهود وكان كما قال اليهود عنه في حضرة النبي عليه الصلاة والسلام أنّه خيرهم وابن خيرهم وسيدهم وابن سيدهم. معترفون له بالفضل والعلم والسيادة، نعم، فلهذا كانوا يضربون بِه المثل لأنّ مثل هذا -يا جماعة- الذي يكون سيدا في قومه قد تحمِله السيادة على أن ينافق وقد يحمله أيضاً حبُّ الرئاسة على عدم الإتباع لغيره، لأنه إذا تبِع غيره صار مرؤوسا لا رئيسا ولّا لا؟ لكنه رضى الله عنه تواضع للحقّ فكان مؤمناً بالرسول عليه الصلاة والسلام وقصة إيمانِه معروفة يعني الرسول خبَّأهُ ودعا اليهود وسألهم عنه وأثنوا عليه وسألهم عن رسالة الرسول فكذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام فقال لهم: ما رأيكم لو أسلم عبد الله بن سلام قالوا: حاشاه من ذلك ما يسلم لأنه خيرهم، فخرج وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فما خرجوا إلا وهم يثنون عليه شرًا، لأنه أسلم، "كذلك نزلت جماعة من النصارى قدموا من الحبشة" هذا ما أعرف له مثلاً تعرفون له مثالاً؟ قدم النصارى من نجران وأسلموا وفيهم نزلت (( وإذا سمِعوا ما أنزل من الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع )) ولكن الحبشة معروف أنه أسلم فيها نصارى مثل من؟ مثل النجاشي فإنه أسلم ودخل دين الإسلام وهو على دين النصرانية، ووصفه النبي عليه الصلاة والسلام بأنّه أخ للصحابة وأنّه رجل صالح، وهو كذلك أخ لهم ورجل صالح فالمهم على كل حال ما يهمنا أعيان الذين أسلموا المهم أنّ مِن الذين أوتوا الكتاب مِن اليهود والنصارى قوم آمنوا بالقرآن أيضا
الطالب: ...
الشيخ : صحيح (هم به يؤمنون) الجملة مِن المبتدأ الثاني وخبرِه خبرُ المبتدأ الأول، والفائدة من تَكرار المبتدأ لأجل أن يكون إسناده كأنّ إسنادَ الإيمان إليهم مرتين، لأنه قال مرتين: مرة بالضمير (هم) ومرة بالمبتدأ الأول (الذين) ... طيب، (هم به) وأتى بقوله: (يؤمنون) بالفعل المضارع الدالِّ على الاستمرار ... أتى بالفعل المضارع الدال على الاستمرار إشارة إلى أنهم تلَقَّوه عن قبول وإذعان وأنهم ما زالوا على هذا الأمر، وهذه الجملة بالنسبة لما قبلها في المعنى كأنّها إقامة دليل على الذين كَذَّبوا بالقرآن يعني كأنه يقول: ( الذين أوتوا الكتاب من قبلكم آمنوا بالقرآن. مما يدل على ايش على أنّه حقّ ولّا باطل؟ على أنه حق، لأنهم هم مع أنهم أهل كتاب ترَكُوا كتابهم وآمنوا بالقرآن، وأنتم جهل وليس لديكم كتاب فكان حقاً عليكم أن تكونوا قبْلهم في الإيمان لأنه من الصعب أن الإنسان ينتقل من كتابه أو مِن دينه إلى دْين آخر، لكن ليس من الصعب أن الإنسان ينتقل من جهل إلى حقّ وعِلم، ثم إن فِيه أيضا في هذا تأنيب لهؤلاء، فيه أيضا دليل على أنه حق، لأن الذين أوتوا الكتاب ما آمنوا به إلا عن علم، وهو كذلك فإِنه ما فيه شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مكتوباً عند بني إسرائيل في التوراة والإنجيل يعرِفونه كما يعرِفون أبناءهم حتى أوصافه الخلْقية موجودة عندهم بقطع النظر عن منهاجه وسيرته (( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم )) هذا كله موجود في التوراة والإنجيل ومعروف، ولِهذا تجمع اليهود في المدينة من أجل أن يستقبلوا هذا النبي الذي وجدوا صفته عندهم .. وكانوا كما قال الله تعالى: (( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا )) أي يستنصرون عليهم بهذا النبي (( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به )) فالحاصل إنه في هذه الآية أقول: إنها وجه تعلقها بما قبلها من وجهين: الوجه الأول تأنيب هؤلاء الجاهليِّين -وش يا علي!- على الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم معَ أن أهل الكتاب وهم على دين انتقلوا من دينهم إلى دينه، فكنتم أولى باتباعه، والوجه الثاني أنّه إقامة دليل على صحة ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، لأن هؤلاء الذين عِنْدهم علم من الكتاب ما انتقلوا إلا عن علم بأنّه حق وهذا المناسبة واضح جدا الصلة بين هذه والنصوص التي قبلها، ولا ريب أيضا أن في هذه الآية ثناء على الذين آمنوا بالرسول عليه الصلاة والسلام مِن الذين أوتوا الكتاب ولِهذا .. (هم به يؤمنون) ولم يستكبروا عنه معَ أنّ لديهم كتابهم، نعم.
الطالب:....
الشيخ : يقول (( الذين أوتوا الكتاب من قبله هم به يؤمنون ))...
الطالب:
الشيخ : .. جنس القول ما جهِلوا كلام هذا الكتاب .. يقول: (( ما أتاهم من نذير من قبلك ))
الطالب:...
الشيخ : ولا نفي لكن هذه من باب الجنس يعني معناه أننا ما تركناهم بل إن القول وصل إليهم كما وصل إلى غيرهم مثل ما قلنا في تفسيره، إن الله ما زال سبحانه وتعالى ينزل الكتب على من سبق، قال: أيضاً" وش معنى أيضاً؟ "هم به يؤمنون أيضاً" وش معنى أيضا؟
الطالب: يعني اللي بعدهم.
الشيخ : يعني كما آمنوا بكتبهم، و(أيضا) يقولون إنها من الأسماء الملازِمة للنصب على المصدرية، لأن فعلها (آض يئيض أيضاً) مثل باع يبيع بيعاً لأنّ معناها رجع، نعم، فالمعنى أنهم هم أيضاً يُؤمنون بالقرآن، قال المؤلف: نزلت في جماعة أسلموا مِن اليهود كعبد الله بن سلام وغيرِه ومِن النصارى قدِموا مِن الحبشة ومِن الشام وكذلك مِن غير الشام، أسلموا من اليهود مثل عبد الله بن سلام واشتهر عبد الله بن سلام بالإسلام وهو مِن اليهود، لأنّه كان حبراً من أحبار اليهود وكان كما قال اليهود عنه في حضرة النبي عليه الصلاة والسلام أنّه خيرهم وابن خيرهم وسيدهم وابن سيدهم. معترفون له بالفضل والعلم والسيادة، نعم، فلهذا كانوا يضربون بِه المثل لأنّ مثل هذا -يا جماعة- الذي يكون سيدا في قومه قد تحمِله السيادة على أن ينافق وقد يحمله أيضاً حبُّ الرئاسة على عدم الإتباع لغيره، لأنه إذا تبِع غيره صار مرؤوسا لا رئيسا ولّا لا؟ لكنه رضى الله عنه تواضع للحقّ فكان مؤمناً بالرسول عليه الصلاة والسلام وقصة إيمانِه معروفة يعني الرسول خبَّأهُ ودعا اليهود وسألهم عنه وأثنوا عليه وسألهم عن رسالة الرسول فكذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام فقال لهم: ما رأيكم لو أسلم عبد الله بن سلام قالوا: حاشاه من ذلك ما يسلم لأنه خيرهم، فخرج وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فما خرجوا إلا وهم يثنون عليه شرًا، لأنه أسلم، "كذلك نزلت جماعة من النصارى قدموا من الحبشة" هذا ما أعرف له مثلاً تعرفون له مثالاً؟ قدم النصارى من نجران وأسلموا وفيهم نزلت (( وإذا سمِعوا ما أنزل من الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع )) ولكن الحبشة معروف أنه أسلم فيها نصارى مثل من؟ مثل النجاشي فإنه أسلم ودخل دين الإسلام وهو على دين النصرانية، ووصفه النبي عليه الصلاة والسلام بأنّه أخ للصحابة وأنّه رجل صالح، وهو كذلك أخ لهم ورجل صالح فالمهم على كل حال ما يهمنا أعيان الذين أسلموا المهم أنّ مِن الذين أوتوا الكتاب مِن اليهود والنصارى قوم آمنوا بالقرآن أيضا
قال الله تعالى : << وإذا يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنه الحق من ربنآ إنا كنا من قبله مسلمين >>
(( وإذا يتلى عليهم )) القرآن (( قالوا آمنا به )) ما شاء الله (إذا يتلى قالوا) (إذا) -كما نعرف- شرطية وجواب الشرط متصل بفعله مباشرةً ولّا لا؟
الطالب: ...
الشيخ : جواب الشرط متصل بفعله مباشرة ولّا لا.
الطالب: (يتلى عليهم قالوا)
الشيخ : أسألكم هذا قاعدة عامة جواب الشرط يكون متصلاً بفعلِه مباشرة بمعنى أنه متى وُجِد فعل الشرط وُجِد جوابه، مو معنى الاتصال اللفظي الاتصال الوقوعي إذا وُجِد الشرط وُجِد المشروط نعم .. وطبعاً على حسب الحال يعني مو معناه أنه قد يكون فوراً قد يكون حتى في المستقبل فهنا يقول:(( إذا يتلى عليهم قالوا آمنا به )) (إذا يتلى) لم يقل: (إذا تُلِي) فمعنى ذلك أنه أيّ آية تتلى عليهم يقولون آمنا بها، ما آمنوا بالقرآن جملةً آمنوا بالقرآن تفصيلا، لأنَّ الفعلَ المضارع وش يدل عليه؟ يدُل على الاستمرار فكلَّ ما تُلِيَت عليهم آية آمَنُوا بها فزادتهم إيماناً (إذا يتلى عليهم) أي يقرأ عليهم (قالوا آمنا به) مع تردُّد ونظر وتفكير ولّا على طول يؤمنون؟
الطالب: على طول.
الشيخ : على طول لأن قلنا إن جواب الشرط يلي فعل الشرط مباشرةً (إذا يتلى) (قالوا آمنا به) أي بالذي تُلِي عليهم مِن القرآن قليلاً كان أو كثيراً، ثم بيَّنوا أن إيمانهم هذا عن اقتناع وعلى أساس (إنه الحق من ربنا) (إنه) أي ما تُلِي عليهم من القرآن، الحقُّ بمعنى الشيء الثابت الواقع الصادق خبراً العادل حكماً، وقولهم: (مِن ربنا) ولم يقولوا: مِن الله، لأن الرب هو الذي له التصرف المطلق فهو يتصرف بعباده شرعاً وقدراً فكأنهم يقولون إن ربنا لن يُخْلِيَنا مِن أن ينْزِل القرآن، وله الحكم والتصرف المطلق كوناً وشرعاً، وقولهم: (من ربنا) هذا إشارة إلى أنهم رضِى الله عنهم يفتخرون بانتسابهم إلى الله (مِن ربنا)، وقوله: (إنه الحق من ربنا) الجملة من حيث المعنى محلها مما قبلها؟
الطالب: تعليلية.
الشيخ : تعليلية يعني آمنا به لا لِأنه أعجبنا حسنه وبيانه وبلاغته ولكنّا آمنا به، لأنّه الحق من ربنا، فإذا قال قائل: إنه إذا كانت تعليلية فلماذا لا تُفتح الهمزة (أنه الحق من ربنا) لِأَنّ الجملة التعليلية على تقدير اللام، واللام إذا اتصلت ب(إن) وجب فتح همزتها فتقول: لِأن ذلك كذا ولا تقول: لإن ذلك كذا قال الله تعالى (( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ))[المؤمنون:60] ولم يقل: إنهم إلى ربهم. فهنا لماذا لم تكن تعليلية؟ قلنا: الجملة التعليلية قد تكون تعليلية من حيث المعنى فقط يعني يلاحظ بها المعنى فقط، وقد تكون تعليلية يُلَاحظ فيها اللفظ مع المعنى فإن لُوحِظ معها اللفظ مع المعنى فإنها تُفتح الهمزة، لأنها على تقدير اللام، وإن لُوحِظ اللفظ فقط فإنها تُكْسر الهمزة، وهنا لُوحِظ ايش؟
الطالب: المعنى.
الشيخ : لوحظ المعنى فقط، ملاحظة المعنى وملاحظة اللفظ أيهما أوْلَى؟ نقول: لكل مقام مقال، فملاحظة المعنى فائدتها أن الجملة تكون من حيث اللفظ منقطعة عما قبلها فكأنها جملة خبرية مستقلة وكأنها منقطعة عن اللفظ لكن إفادة التعليل مِن السياق، وأما التعليلية اللفظية فإنا تكون مرتبطة بما قبلها، وإذا شئتم ذلك فاقرؤوا قول ابن مالك: ( فاكسر في الابتداء ) فهذا هو الفرق بين الجملة التعليلية التي قُصد بها اللفظ والمعنى، أو التي قصد بها المعنى فقط.
(( إنا كنا من قبله مسلمين )) من قَبْل ايش؟ من قبل القرآن (إنا كنا من قبله) أي من قبل القرآن (مسلمين) قال المؤلف: "موحدين" ولو أنه فسر الإسلام بظاهره لكان أولى، لأن الإسلام معناه الاستسلام والانقياد وأصله من عدم المعارضة والمحاربة ولهذا يُقال السِّلم والإسلام يعني معناه عدم المعارضة والمحاربة فكلمة (من قبله مسلمين) أي منقادين مذعنين للحق، وقولهم: (إنا كنا من قبله مسلمين) ليس المراد بذلك الفخر والإعجاب بالعمل قطعاً، لأن السياق سياق ثناء ولكن المراد بذلك الثناء على الله بِما كانوا عليه في الحالَين في الحال السابقة وفي الحال الثانية، في الحال الثانية (إذا يتلى عليهم قالوا آمنا به) والحالة الأولى (كانوا من قبله مسلمين) منقادين متبعين للرسول الذي جاء إليهم، طيب وش إعراب (مسلمين) خبر كان ولّا (مِن قبله) هو الخبر؟
الطالب: مسلمين.
الشيخ : إي مسلمين هو الخبر نعم، ولو تقدم .. الخبر، لأن الخبر ما تحصُل به الفائدة سواءٌ تقدم أو تأخر
الطالب: ...
الشيخ : جواب الشرط متصل بفعله مباشرة ولّا لا.
الطالب: (يتلى عليهم قالوا)
الشيخ : أسألكم هذا قاعدة عامة جواب الشرط يكون متصلاً بفعلِه مباشرة بمعنى أنه متى وُجِد فعل الشرط وُجِد جوابه، مو معنى الاتصال اللفظي الاتصال الوقوعي إذا وُجِد الشرط وُجِد المشروط نعم .. وطبعاً على حسب الحال يعني مو معناه أنه قد يكون فوراً قد يكون حتى في المستقبل فهنا يقول:(( إذا يتلى عليهم قالوا آمنا به )) (إذا يتلى) لم يقل: (إذا تُلِي) فمعنى ذلك أنه أيّ آية تتلى عليهم يقولون آمنا بها، ما آمنوا بالقرآن جملةً آمنوا بالقرآن تفصيلا، لأنَّ الفعلَ المضارع وش يدل عليه؟ يدُل على الاستمرار فكلَّ ما تُلِيَت عليهم آية آمَنُوا بها فزادتهم إيماناً (إذا يتلى عليهم) أي يقرأ عليهم (قالوا آمنا به) مع تردُّد ونظر وتفكير ولّا على طول يؤمنون؟
الطالب: على طول.
الشيخ : على طول لأن قلنا إن جواب الشرط يلي فعل الشرط مباشرةً (إذا يتلى) (قالوا آمنا به) أي بالذي تُلِي عليهم مِن القرآن قليلاً كان أو كثيراً، ثم بيَّنوا أن إيمانهم هذا عن اقتناع وعلى أساس (إنه الحق من ربنا) (إنه) أي ما تُلِي عليهم من القرآن، الحقُّ بمعنى الشيء الثابت الواقع الصادق خبراً العادل حكماً، وقولهم: (مِن ربنا) ولم يقولوا: مِن الله، لأن الرب هو الذي له التصرف المطلق فهو يتصرف بعباده شرعاً وقدراً فكأنهم يقولون إن ربنا لن يُخْلِيَنا مِن أن ينْزِل القرآن، وله الحكم والتصرف المطلق كوناً وشرعاً، وقولهم: (من ربنا) هذا إشارة إلى أنهم رضِى الله عنهم يفتخرون بانتسابهم إلى الله (مِن ربنا)، وقوله: (إنه الحق من ربنا) الجملة من حيث المعنى محلها مما قبلها؟
الطالب: تعليلية.
الشيخ : تعليلية يعني آمنا به لا لِأنه أعجبنا حسنه وبيانه وبلاغته ولكنّا آمنا به، لأنّه الحق من ربنا، فإذا قال قائل: إنه إذا كانت تعليلية فلماذا لا تُفتح الهمزة (أنه الحق من ربنا) لِأَنّ الجملة التعليلية على تقدير اللام، واللام إذا اتصلت ب(إن) وجب فتح همزتها فتقول: لِأن ذلك كذا ولا تقول: لإن ذلك كذا قال الله تعالى (( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ))[المؤمنون:60] ولم يقل: إنهم إلى ربهم. فهنا لماذا لم تكن تعليلية؟ قلنا: الجملة التعليلية قد تكون تعليلية من حيث المعنى فقط يعني يلاحظ بها المعنى فقط، وقد تكون تعليلية يُلَاحظ فيها اللفظ مع المعنى فإن لُوحِظ معها اللفظ مع المعنى فإنها تُفتح الهمزة، لأنها على تقدير اللام، وإن لُوحِظ اللفظ فقط فإنها تُكْسر الهمزة، وهنا لُوحِظ ايش؟
الطالب: المعنى.
الشيخ : لوحظ المعنى فقط، ملاحظة المعنى وملاحظة اللفظ أيهما أوْلَى؟ نقول: لكل مقام مقال، فملاحظة المعنى فائدتها أن الجملة تكون من حيث اللفظ منقطعة عما قبلها فكأنها جملة خبرية مستقلة وكأنها منقطعة عن اللفظ لكن إفادة التعليل مِن السياق، وأما التعليلية اللفظية فإنا تكون مرتبطة بما قبلها، وإذا شئتم ذلك فاقرؤوا قول ابن مالك: ( فاكسر في الابتداء ) فهذا هو الفرق بين الجملة التعليلية التي قُصد بها اللفظ والمعنى، أو التي قصد بها المعنى فقط.
(( إنا كنا من قبله مسلمين )) من قَبْل ايش؟ من قبل القرآن (إنا كنا من قبله) أي من قبل القرآن (مسلمين) قال المؤلف: "موحدين" ولو أنه فسر الإسلام بظاهره لكان أولى، لأن الإسلام معناه الاستسلام والانقياد وأصله من عدم المعارضة والمحاربة ولهذا يُقال السِّلم والإسلام يعني معناه عدم المعارضة والمحاربة فكلمة (من قبله مسلمين) أي منقادين مذعنين للحق، وقولهم: (إنا كنا من قبله مسلمين) ليس المراد بذلك الفخر والإعجاب بالعمل قطعاً، لأن السياق سياق ثناء ولكن المراد بذلك الثناء على الله بِما كانوا عليه في الحالَين في الحال السابقة وفي الحال الثانية، في الحال الثانية (إذا يتلى عليهم قالوا آمنا به) والحالة الأولى (كانوا من قبله مسلمين) منقادين متبعين للرسول الذي جاء إليهم، طيب وش إعراب (مسلمين) خبر كان ولّا (مِن قبله) هو الخبر؟
الطالب: مسلمين.
الشيخ : إي مسلمين هو الخبر نعم، ولو تقدم .. الخبر، لأن الخبر ما تحصُل به الفائدة سواءٌ تقدم أو تأخر
4 - قال الله تعالى : << وإذا يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنه الحق من ربنآ إنا كنا من قبله مسلمين >> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون >>
قال الله تعالى: (( أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا )) (أولئك) المشار إليهم من؟ الذين أوتوا الكتاب ثم آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، أوتوا الكتاب من قبل فآمَنوا به ثم آمَنوا بالرسول، (يؤتون أجرهم) أي يعطون يعني يعطون أجرهم وهذه فيها شاهد لدرس البارحة ولا لا؟ (يعطون أجرهم) درس النحو ...
الطالب: هذه (يؤتون) من باب الكسر.
الشيخ : مِن باب الكسر، .. يفعل فيها .. مقام الفاعل لأنه .. عن المفعول، وهو الواو نائب فاعل (يؤتون) والمفعول الثاني (أجرهم) نعم، وأما قوله: (مرتين) فإنه مفعول مطلق يعني أنّه دال على المصدر لكنه بغير لفظه، كل ما دل على المصدر بغير لفظه فهو مفعول مطلق، (مرتين) بإيمانهم بالكتابين فهم يُؤتون أجرَهم مرتين المرة الأولى على الإيمان بالكتاب السابق، والمرة الثانية على الإيمان بالقرآن، وأما أهل الجاهلية الذي آمنوا بالقرآن فيُعطَون أجرهم مرة واحدة، لأنهم ما آمنوا مرتين، وقد ثبت بهذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام إضافة لهذه الآية فإن النبي عليه الصلاة والسلام ذَكَر الذين يؤتون أجرهم مرتين: الرجل الذي آمن بالكتاب الذي نَزَل إليه ثم آمن بما أُنزِل على محمد، والرجل يعتق المرأة ويتزوجها، والثالث العبد الذي أحسن في عبادة الله وفي معاملة مواليه، قال: (يؤتون أجرهم مرتين بِما صبروا) الباء للسببية، و(ما) مصدرية وما معنى المصدرية أو ما علامتها؟ علامتها أن تُحوَّل .. ما بعدها إلى مصدر، فهنا نقول في التحويل كما قال المؤلف: لصبرهم" وأسألكم الآن هل تصح أن تكون (ما) اسما موصولا؟
الطالب:....
الشيخ : أي بالذي صبروا يصِح؟ أي بالذي صبروا يؤتون أجرهم مرتين بالذي صبروا؟ لا، ما يصح وش معنى (بالذي صبروا) ثم لو كانت موصولة لكانت على تقدير الضمير (بالذي صبروه) وهذا ما يستقيم فإذاً هنا يتعين أن تكون مصدرية أي (بصبرهم) وهو أحد محامِل (ما) العشرة نُكرِّرها لأجل تبقى في أذهاننا. حافظه؟ اقرأها.
الطالب: محامل ( ما ) عشرٌ إذا رُمت عدّها فحافظ على بيت سليم من الشعر
ستفهم شرط الوصل فاعجب لنكرها لكف ونفي زيد تعظيم مصدر
الشيخ : .... سيبويه الثاني طيب
ستفهم شرط الوصل فاعجب لمثلها بِكفًّ ونفي زِيد تعظيمُ مصدر
اللي معنا مِن هذا البيت قوله: (مصدر)، وقوله: (بما صبروا) أي بصبرهم على العمل بهما وهذا الصبر على العمل بهما هل هو مِن باب الصبر على طاعة الله أو مِن باب الصبر عن معصية الله أو مِن باب الصبر على أقدار الله؟ نقول: هو الثلاثة تجتمِع، هم صبروا على طاعة الله فإن الشرع فيه أوامر شاقّة على النفوس تحتاج إلى معالجة فهذا صبر على طاعة الله، في الشرائع نواهي نُهِي عنها قد يشُقُّ على النفس تركُها ففيها صبر عن معصية الله، كذلك أيضاً في الشرائع إيذاء فإنّ المجرمين يُؤْذون المؤمنين وربما يضربونهم وربما يقتلونَهم أليس كذلك؟ وهذا صبر ايش؟
الطالب: على أقدار الله.
الشيخ : على أقدار الله المؤلمة، فعلى هذا يكون الصبر على الشرائع يتضمن الصبر بأنواعه الثلاثة: الصبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة.
طيب (( بما صبروا ويدرؤون )) وأصل الصبر في اللغة الحبس ومنه قولهم قُتِل فلان صبراً أي محبوساً على القتل، أُمسِك وقُتِل، فمعنى الصبر حبس النفس والنفس تحتاج إلى حبس على طاعة الله سبحانه وتعالى لأنه كم من إنسان يقول له ضميره: افعل كذا من الطاعة وربما يفعل البعض ثم يعجز فلا يصبِر نفسه، وكذلك بالنسبة للمعاصي فإنّ النفس المطمئنة تزجر المرءَ عن المعصية ولكن تأتيها النفس الأمارة بالسوء فتأمره بالمعصية وحينئذ تتصارع النفسان والتوفيق بيد الله عز وجل، كذلك بالنسبة للأقدار مِن الناس مَن لا يصبر على الأقدار بل إذا نزل به القدر يمكن -والعياذ بالله- يكفر كما قال الله عز وجل: (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ))[الحج:11] فإنّ بعض الناس قد لا يصبِر على الأقدار المؤلمة وتجده يقنَط، فيه ناس يقال: إنهم إذا أصيبوا بالمصائب انتحروا، هؤلاء غاية في الصبر؟ لا، بالعكس ما فيهم صبر هؤلاء ما صبروا على الأقدار فقتلوا أنفسهم ليُعَذَّبُوا بما قتلوا به أنفسهم في نار جهنم -والعياذ بالله- ويُخَلَّدُون فيها، لكن الصبر على الأقدار المؤلمة هذا أمر يمكن للإنسان أن يصبر عليه ويُحاسِب نفسه حتى يستقيم فالمهم أن الصبر إذاً ثلاثة أقسام صبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة أيهما أعلى وأكمل؟ من حيث .. على طاعة الله الصبر على الطاعة أفضل، لأن فيه جهادين: جهاد على العمل وجهاد على تحمُّل العمل، ثم الصبر عن المعصية، لأنه إلا جهاد واحد، على العمل ولّا على تحمل تركه؟ تحمُّل تركه ما فيه عمل يقال: لا تزن لا تزن ما أُمِرت كُلِّفت بفعل شيء نعم، الصبر على الأقدار المؤذية أو المؤلمة هو أدناه، لأنه صبر على ما لا اختيار للمرء فيه، كما قال بعض السلف: إما أن تصبر صبر الكرام وإما أن تسْلُوَ سُلُوَّ البهائم. كل إنسان إذا أُصِيب بمصيبة وطال عليها الزمن تبقى في نفسه ولّا لا؟ ينسى يسْلُوَ سُلُوَّ البهائم، البهيمة تجده .. ولدها .. لكن إذا حط لها علفا جيد وماء جيد نسيت، فإما أن تصبر صبر الكرام وإما أن تسْلُوَ سُلُوَّ البهائم، ولهذا كان صبر يوسف على ترك الزنا بامرأة العزيز أكملَ من صبره على ما حصل من قضية إخوانه له بلا ريب ولهذا قال الله تعالى: (( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ))[يوسف:24] ولم يقل مثل هذا حين ألقوه في غيابت الجب نعم
الطالب: هذه (يؤتون) من باب الكسر.
الشيخ : مِن باب الكسر، .. يفعل فيها .. مقام الفاعل لأنه .. عن المفعول، وهو الواو نائب فاعل (يؤتون) والمفعول الثاني (أجرهم) نعم، وأما قوله: (مرتين) فإنه مفعول مطلق يعني أنّه دال على المصدر لكنه بغير لفظه، كل ما دل على المصدر بغير لفظه فهو مفعول مطلق، (مرتين) بإيمانهم بالكتابين فهم يُؤتون أجرَهم مرتين المرة الأولى على الإيمان بالكتاب السابق، والمرة الثانية على الإيمان بالقرآن، وأما أهل الجاهلية الذي آمنوا بالقرآن فيُعطَون أجرهم مرة واحدة، لأنهم ما آمنوا مرتين، وقد ثبت بهذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام إضافة لهذه الآية فإن النبي عليه الصلاة والسلام ذَكَر الذين يؤتون أجرهم مرتين: الرجل الذي آمن بالكتاب الذي نَزَل إليه ثم آمن بما أُنزِل على محمد، والرجل يعتق المرأة ويتزوجها، والثالث العبد الذي أحسن في عبادة الله وفي معاملة مواليه، قال: (يؤتون أجرهم مرتين بِما صبروا) الباء للسببية، و(ما) مصدرية وما معنى المصدرية أو ما علامتها؟ علامتها أن تُحوَّل .. ما بعدها إلى مصدر، فهنا نقول في التحويل كما قال المؤلف: لصبرهم" وأسألكم الآن هل تصح أن تكون (ما) اسما موصولا؟
الطالب:....
الشيخ : أي بالذي صبروا يصِح؟ أي بالذي صبروا يؤتون أجرهم مرتين بالذي صبروا؟ لا، ما يصح وش معنى (بالذي صبروا) ثم لو كانت موصولة لكانت على تقدير الضمير (بالذي صبروه) وهذا ما يستقيم فإذاً هنا يتعين أن تكون مصدرية أي (بصبرهم) وهو أحد محامِل (ما) العشرة نُكرِّرها لأجل تبقى في أذهاننا. حافظه؟ اقرأها.
الطالب: محامل ( ما ) عشرٌ إذا رُمت عدّها فحافظ على بيت سليم من الشعر
ستفهم شرط الوصل فاعجب لنكرها لكف ونفي زيد تعظيم مصدر
الشيخ : .... سيبويه الثاني طيب
ستفهم شرط الوصل فاعجب لمثلها بِكفًّ ونفي زِيد تعظيمُ مصدر
اللي معنا مِن هذا البيت قوله: (مصدر)، وقوله: (بما صبروا) أي بصبرهم على العمل بهما وهذا الصبر على العمل بهما هل هو مِن باب الصبر على طاعة الله أو مِن باب الصبر عن معصية الله أو مِن باب الصبر على أقدار الله؟ نقول: هو الثلاثة تجتمِع، هم صبروا على طاعة الله فإن الشرع فيه أوامر شاقّة على النفوس تحتاج إلى معالجة فهذا صبر على طاعة الله، في الشرائع نواهي نُهِي عنها قد يشُقُّ على النفس تركُها ففيها صبر عن معصية الله، كذلك أيضاً في الشرائع إيذاء فإنّ المجرمين يُؤْذون المؤمنين وربما يضربونهم وربما يقتلونَهم أليس كذلك؟ وهذا صبر ايش؟
الطالب: على أقدار الله.
الشيخ : على أقدار الله المؤلمة، فعلى هذا يكون الصبر على الشرائع يتضمن الصبر بأنواعه الثلاثة: الصبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة.
طيب (( بما صبروا ويدرؤون )) وأصل الصبر في اللغة الحبس ومنه قولهم قُتِل فلان صبراً أي محبوساً على القتل، أُمسِك وقُتِل، فمعنى الصبر حبس النفس والنفس تحتاج إلى حبس على طاعة الله سبحانه وتعالى لأنه كم من إنسان يقول له ضميره: افعل كذا من الطاعة وربما يفعل البعض ثم يعجز فلا يصبِر نفسه، وكذلك بالنسبة للمعاصي فإنّ النفس المطمئنة تزجر المرءَ عن المعصية ولكن تأتيها النفس الأمارة بالسوء فتأمره بالمعصية وحينئذ تتصارع النفسان والتوفيق بيد الله عز وجل، كذلك بالنسبة للأقدار مِن الناس مَن لا يصبر على الأقدار بل إذا نزل به القدر يمكن -والعياذ بالله- يكفر كما قال الله عز وجل: (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ))[الحج:11] فإنّ بعض الناس قد لا يصبِر على الأقدار المؤلمة وتجده يقنَط، فيه ناس يقال: إنهم إذا أصيبوا بالمصائب انتحروا، هؤلاء غاية في الصبر؟ لا، بالعكس ما فيهم صبر هؤلاء ما صبروا على الأقدار فقتلوا أنفسهم ليُعَذَّبُوا بما قتلوا به أنفسهم في نار جهنم -والعياذ بالله- ويُخَلَّدُون فيها، لكن الصبر على الأقدار المؤلمة هذا أمر يمكن للإنسان أن يصبر عليه ويُحاسِب نفسه حتى يستقيم فالمهم أن الصبر إذاً ثلاثة أقسام صبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة أيهما أعلى وأكمل؟ من حيث .. على طاعة الله الصبر على الطاعة أفضل، لأن فيه جهادين: جهاد على العمل وجهاد على تحمُّل العمل، ثم الصبر عن المعصية، لأنه إلا جهاد واحد، على العمل ولّا على تحمل تركه؟ تحمُّل تركه ما فيه عمل يقال: لا تزن لا تزن ما أُمِرت كُلِّفت بفعل شيء نعم، الصبر على الأقدار المؤذية أو المؤلمة هو أدناه، لأنه صبر على ما لا اختيار للمرء فيه، كما قال بعض السلف: إما أن تصبر صبر الكرام وإما أن تسْلُوَ سُلُوَّ البهائم. كل إنسان إذا أُصِيب بمصيبة وطال عليها الزمن تبقى في نفسه ولّا لا؟ ينسى يسْلُوَ سُلُوَّ البهائم، البهيمة تجده .. ولدها .. لكن إذا حط لها علفا جيد وماء جيد نسيت، فإما أن تصبر صبر الكرام وإما أن تسْلُوَ سُلُوَّ البهائم، ولهذا كان صبر يوسف على ترك الزنا بامرأة العزيز أكملَ من صبره على ما حصل من قضية إخوانه له بلا ريب ولهذا قال الله تعالى: (( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ))[يوسف:24] ولم يقل مثل هذا حين ألقوه في غيابت الجب نعم
5 - قال الله تعالى : << أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون >> أستمع حفظ
هل الصبر على البلاء أعظم من الصبر على المعاصي؟.
الطالب: الصبر على الطاعة أعظم من الصبر ......
الشيخ : يؤلمك لكنه شيء بِغير اختيارك بغير اختيارك يعني أنت المعاصي تركتها باختيارِك تقدر تفعلها لكن ما فعلتها أما هذا ما تقدر ترفع البلاء، البلاء الذي نزل عليك ما تقدر، فأنت افرض نزل بإنسان بلاء هل يقدر يرفعه إذا قام يخبِّط وجهه ولّا يشقق ثوبه.
الطالب: ما ينفعه لكن لو صبر واستسلم ..
الشيخ : لا، لا، لأن الاستسلام للشرع أفضل مِن الاستسلام للقدر، الاستسلام للشرع هو الذي يُمدَح عليه الإنسان ويُثنى عليه، لكن الاستسلام للقدر كلُّ الناس يستسلمون للقدر حتى يعني أما تسمع قول الجاهلي:
وتجلدي للشامتين أريهم أنّي لريب الدهر لا أتضعضع
حتى الكفار الآن يعني أفعالهم تنزِل بهم المصائب، ولكن يقول: ما يهم يصبِر و.. وهو كافر ما يرجو بذلك الأجر والثواب.
الطالب: بس في وجه يا شيخ .. الصبر على المشاق، الصبر على الطاعات يمرن الإنسان عليه بالتدريب يعني وخلاص .. عليه، مثل التمرن على الصلاة على الصيام لكن إذا طرأت مصيبة عظيمة .. هذا شيء ما تمرن عليه.
الشيخ : لا قد يتمرن عليه إذا أُصِيب ... لا يتمرن حتى العبادة .. مثل الحج ما يأتي إلا مرة واحدة في العمر ومع ذلك يعتبر صبرا على الطاعة مع مشقته البدينة والمالية والأمنية، مسألة للوقوع وعدم الوقوع هذا شيء آخر، مع أننا نقول: هل الرجل يكابد الطاعة ويجد في النفس مشقة في معالجتها عند فعل الطاعة وإنسان آخر تمرَّن على الطاعة فصارت يعني أمرا سهلاً عليه أيهما أفضل؟
الطالب: مَن سهل عليه.
الشيخ : أما الأول فهو أشق عملاً والثاني أكمل حالاً، الثاني الذي صارت الطاعة كأنها سجية في نفسه هذا لا شك أنّه أكمل حالا من الأول لأن هذا كأن الطاعة صارت غريزة مِن محبته لها وسهولتها عليه، لكن الأول أشق عملاً، فيُعطَى هذا أجرَ الكُمَّل، وذاك يُعْطَى أجرَ الصابرين، يعني فيه نوع من المكابدة والمشاق، والعلماء مختلفين في هذه المسألة أيهم أفضل ولكن الصواب هذا التفصيل، فيقال: الذي يفعل الطاعة وهي سهلة عليه وينقاد لها بدون مكابدة هذا لا شك أنه أكمل حالاً من الأول بلا ريب، والثاني أشق عليه فيُعطَى الأجر على قدر المشقة النفسية، الآن شوف مثلاً واحد يحضر للدرس بسهولة وانقياد ويراى أنه غنيمة، وآخر لا، يكابد نفسه يالله يطلع مثلاً مِن البيت ويأتي ليحضر الدرس أيهم أكمل حال؟
الطالب: الأول.
الشيخ : الأول، وإن كان الثاني يُؤْجر على فعله لكن الأول أكمل حال وأقرب منزلة
الشيخ : يؤلمك لكنه شيء بِغير اختيارك بغير اختيارك يعني أنت المعاصي تركتها باختيارِك تقدر تفعلها لكن ما فعلتها أما هذا ما تقدر ترفع البلاء، البلاء الذي نزل عليك ما تقدر، فأنت افرض نزل بإنسان بلاء هل يقدر يرفعه إذا قام يخبِّط وجهه ولّا يشقق ثوبه.
الطالب: ما ينفعه لكن لو صبر واستسلم ..
الشيخ : لا، لا، لأن الاستسلام للشرع أفضل مِن الاستسلام للقدر، الاستسلام للشرع هو الذي يُمدَح عليه الإنسان ويُثنى عليه، لكن الاستسلام للقدر كلُّ الناس يستسلمون للقدر حتى يعني أما تسمع قول الجاهلي:
وتجلدي للشامتين أريهم أنّي لريب الدهر لا أتضعضع
حتى الكفار الآن يعني أفعالهم تنزِل بهم المصائب، ولكن يقول: ما يهم يصبِر و.. وهو كافر ما يرجو بذلك الأجر والثواب.
الطالب: بس في وجه يا شيخ .. الصبر على المشاق، الصبر على الطاعات يمرن الإنسان عليه بالتدريب يعني وخلاص .. عليه، مثل التمرن على الصلاة على الصيام لكن إذا طرأت مصيبة عظيمة .. هذا شيء ما تمرن عليه.
الشيخ : لا قد يتمرن عليه إذا أُصِيب ... لا يتمرن حتى العبادة .. مثل الحج ما يأتي إلا مرة واحدة في العمر ومع ذلك يعتبر صبرا على الطاعة مع مشقته البدينة والمالية والأمنية، مسألة للوقوع وعدم الوقوع هذا شيء آخر، مع أننا نقول: هل الرجل يكابد الطاعة ويجد في النفس مشقة في معالجتها عند فعل الطاعة وإنسان آخر تمرَّن على الطاعة فصارت يعني أمرا سهلاً عليه أيهما أفضل؟
الطالب: مَن سهل عليه.
الشيخ : أما الأول فهو أشق عملاً والثاني أكمل حالاً، الثاني الذي صارت الطاعة كأنها سجية في نفسه هذا لا شك أنّه أكمل حالا من الأول لأن هذا كأن الطاعة صارت غريزة مِن محبته لها وسهولتها عليه، لكن الأول أشق عملاً، فيُعطَى هذا أجرَ الكُمَّل، وذاك يُعْطَى أجرَ الصابرين، يعني فيه نوع من المكابدة والمشاق، والعلماء مختلفين في هذه المسألة أيهم أفضل ولكن الصواب هذا التفصيل، فيقال: الذي يفعل الطاعة وهي سهلة عليه وينقاد لها بدون مكابدة هذا لا شك أنه أكمل حالاً من الأول بلا ريب، والثاني أشق عليه فيُعطَى الأجر على قدر المشقة النفسية، الآن شوف مثلاً واحد يحضر للدرس بسهولة وانقياد ويراى أنه غنيمة، وآخر لا، يكابد نفسه يالله يطلع مثلاً مِن البيت ويأتي ليحضر الدرس أيهم أكمل حال؟
الطالب: الأول.
الشيخ : الأول، وإن كان الثاني يُؤْجر على فعله لكن الأول أكمل حال وأقرب منزلة
تتمة تفسير قوله تعالى : << أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون >>
طيب (( أولئك يُؤتَون أجرهم )) (( بِما صبروا )) والباء في قوله: (( بِما صبروا )) هي السببية أي: بسبب صبرهم (( ويدرؤون بالحسنة السيئة )) (يدرءون) يدفعون بالحسنة السيئةَ (السيئة) مفعول به والباء في قوله: (بالحسنة) هذه باء الآلة مثل ما تقول: ذبحت بالسكين وضربت بالعصا فعندنا دارئٌ ومَدْرُوء ومدروءٌ به، مَن الدارئ في الآية؟
الطالب: العاملون.
الشيخ : والمدروء؟
الطالب: السيئة.
الشيخ : السيئة، والمدروء به الحسنة كما تقول: ذبحت بالسكين فعندنا ذابح ومذبوح ومذبوح به آلة، فالحسنة لهم بمنزلة الآلة التي يتوصلون بها إلى غرضهم (يدرؤون بالحسنة السيئة) (السيئة) يقول المؤلف:" منهم " فإذا فعلوا سيئة أتَوا بعدها بحسنة فاندفعت السيئة، هذه الحسنة المدروء بها السيئة تنقسم إلى قسمين: قسم تُزيل السيئة من باب المقابلة، وقسم آخر تزيل السيئة من باب المحو والإزالة -.. بالكم يا جماعة- الحسنات التي تُدْرأ بها السيئات تنقسم إلى قسمين: قسم من باب المقابلة، وقسم من باب المحو والإزالة، فإن كانت الحسنة المدروء بها السيئة إن كانت توبة والتوبة من الحسنات ولّا لا؟ (( إن الله يحب التوابين )) إن كان من باب التوبة فهو من باب المحو والإزالة، وإن كانت حسنة أخرى كما لو دَفَع السيئات بالصلاة (( وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ))[هود:114] فهذا الدرءُ من باب؟
الطالب: لمقابلة.
الشيخ : المقابلة يعني أنّ ثواب الحسنة يُقابَل بعقوبة السيئة من باب الموازنة، فإذا رجح ثواب الحسنة انمحت السيئة وإلّا فلا، أيهما أكمل أي الدرئين أكمل؟ الأول ولّا الثاني؟ الأوّل أكمل، لأنه إذا حصل الأول صارت الحسنة الثانية زيادة رفعة في الدرجات ما هو بمقابلة بالسيئة، ثمّ إنه إذا كان الدرء من باب المقابلة فقد تضعف الحسنة الثانية الحسنة تضعف عن مقابلة السيئة فصار الدرء بالتوبة أكمل من الدرء بفِعْل حسنة أخرى تُقابِل السيئة وكِلا الأمرين يحصل بهما الدرء، وقول المؤلف:" منهم " يعني الحقيقة أن هذا الكلام وجيه، لكن لو قلنا: إنها أعم وأنهم يدرؤون بالحسنة والسيئة مِنهم ومِن غيرهم. كيف مِنهم ومِن غيرهم، يعني إذا أُسِيئَ إليهم دفعوا الإساءة بالإحسان فيكون هنا ثناء عليهم من حيث معاملتهم مع الخلق يصلُح ولّا ما يصلح؟ يصلح قال الله تعالى: (( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ))[فصلت:34-35] وعلى هذا فنحمِل الآية على المعنيين: يدرؤون بالحسنة السيئة بالنسبة لما يقع منهم في عبادة الله، ويدرؤون بالحسنة السيئة بالنسبة لما يقع من غيرهم في المعاملة، إذا عُوملوا أساء إليهم أحد قابلوه
الطالب: العاملون.
الشيخ : والمدروء؟
الطالب: السيئة.
الشيخ : السيئة، والمدروء به الحسنة كما تقول: ذبحت بالسكين فعندنا ذابح ومذبوح ومذبوح به آلة، فالحسنة لهم بمنزلة الآلة التي يتوصلون بها إلى غرضهم (يدرؤون بالحسنة السيئة) (السيئة) يقول المؤلف:" منهم " فإذا فعلوا سيئة أتَوا بعدها بحسنة فاندفعت السيئة، هذه الحسنة المدروء بها السيئة تنقسم إلى قسمين: قسم تُزيل السيئة من باب المقابلة، وقسم آخر تزيل السيئة من باب المحو والإزالة -.. بالكم يا جماعة- الحسنات التي تُدْرأ بها السيئات تنقسم إلى قسمين: قسم من باب المقابلة، وقسم من باب المحو والإزالة، فإن كانت الحسنة المدروء بها السيئة إن كانت توبة والتوبة من الحسنات ولّا لا؟ (( إن الله يحب التوابين )) إن كان من باب التوبة فهو من باب المحو والإزالة، وإن كانت حسنة أخرى كما لو دَفَع السيئات بالصلاة (( وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ))[هود:114] فهذا الدرءُ من باب؟
الطالب: لمقابلة.
الشيخ : المقابلة يعني أنّ ثواب الحسنة يُقابَل بعقوبة السيئة من باب الموازنة، فإذا رجح ثواب الحسنة انمحت السيئة وإلّا فلا، أيهما أكمل أي الدرئين أكمل؟ الأول ولّا الثاني؟ الأوّل أكمل، لأنه إذا حصل الأول صارت الحسنة الثانية زيادة رفعة في الدرجات ما هو بمقابلة بالسيئة، ثمّ إنه إذا كان الدرء من باب المقابلة فقد تضعف الحسنة الثانية الحسنة تضعف عن مقابلة السيئة فصار الدرء بالتوبة أكمل من الدرء بفِعْل حسنة أخرى تُقابِل السيئة وكِلا الأمرين يحصل بهما الدرء، وقول المؤلف:" منهم " يعني الحقيقة أن هذا الكلام وجيه، لكن لو قلنا: إنها أعم وأنهم يدرؤون بالحسنة والسيئة مِنهم ومِن غيرهم. كيف مِنهم ومِن غيرهم، يعني إذا أُسِيئَ إليهم دفعوا الإساءة بالإحسان فيكون هنا ثناء عليهم من حيث معاملتهم مع الخلق يصلُح ولّا ما يصلح؟ يصلح قال الله تعالى: (( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ))[فصلت:34-35] وعلى هذا فنحمِل الآية على المعنيين: يدرؤون بالحسنة السيئة بالنسبة لما يقع منهم في عبادة الله، ويدرؤون بالحسنة السيئة بالنسبة لما يقع من غيرهم في المعاملة، إذا عُوملوا أساء إليهم أحد قابلوه
اضيفت في - 2007-08-13