تفسير سورة العنكبوت-03a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
قال الله تعالى : << وإبراهيم إذقال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون >>
مفعولٌ لفعل محذوف تقديره (اذكر) والفائدة مِن حذف العامل هو الاختصار وبيان الاهتمام بالمعمول، فهنا حُذِفَت (اذكر) اختصارًا واهتمام بالمعمول وهو إبراهيم لِيُبدَأَ به أولًّا، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام كلنا يعرف أنه ثانِي أولي العزم مِن الرسل وأولُهم مَن؟ مُحَمَّدٌ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إبراهيم ثم موسى ثم نُوح وعِيسى اختلفوا أيُّهما أفضل والأولى أن يقال لِكُلٍّ مِنْهُما مَزِيَّة أمَّا الثلاثة محمد ثم إبراهيم ثم موسى فهذا مُتَّفَقٌ عَليه الترتِيب، وقد ابتلَاه الله تعالى بأمرين أحدُهما في الدعوة إلى الله والثاني في أعَزِّ محبوب إليه، أمَّا في الدعوة إلى الله فإنَّ الله ابتلاه بأن سَلَّط عليه قومَه لِيُحْرِقُوه والنَّتِيجَة أنْجَاه الله مِن النار وقال للنار: كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم، وأما الأمر الثاني فهو في أعزِّ الأشياء إليه وهو ابنُه حين بلغَ معه السعي وهو وحيدُه وأوَّلُ أولاده وهو إسماعيل على القول الصحيح ابتلاه الله تعالى بأن أمرَه بذبحِه أمرَه بأن يذْبَحَه هو واستَسْلَم ووافق ... واسْتَسْلم لِهذا الأمر والقصة معروفة وأنجَاه الله سبحانه وتعالى منه حين قال لَه: (( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ )) [الصافات :106] وسُمِّي خليلًا اتخذه الله خليلًا بسبب هذا الأمر حيث قدَّمَ على محبَّةِ الله تعالى أحبَّ شيء إليه [كذا ويقصِدُ العكس] وقد نبَّهْنا مِن قبل على أنَّ بعض الناس الجهَّال في الواقع يصِفُون النبي صلى الله عليه وسلم بأنه حبيبُ الله وأنَّ إبراهيم خليل الله وهذا خطأ فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم خليلُ الله أيضًا كما ثبتَ ذلك عنه، والذي يقول إنَّ محمدًا حبيب وإبراهيم خليل قد تنقَّصَ النبي صلى الله عليه وسلم لأنَّ درجة المحبة أدنى مِن درجة الخُلَّة (( إذ قَالَ لِقَوْمِهِ )) (إذْ) هذه ظرف وهي في موضع نصب على الحال أي حالَ كونِه قائلًا لقومه، وقوله: (( لقومه )) مَن القوم؟ القوم هم الجماعة الذين ينتسب إليهم الإنسان بنسب أو هدَف، كلُّ مَن ينتسب إليه الإنسان بنسب فهم قومه أو بهدف بأن يكون دعواهم واحدة وطريقُهم واحدة يسمى أيضًا قومًا، والمراد بقومه هنا مَن ينتسب إليهم قرابة (( لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ )) قال المؤلف: " خافُوا عقابه " (( اعبدوا الله )) أصل العبادة مأخُوذَة مِن الذُّلّ، ومنه قولُهم طريقٌ مُعَبَّد أي مُذَلَّل لأنَّ العبد يذل لمعبوده فالعبادة إذًا التذلل لله عز وجل بفعلِ أوامره واجتِنَاب نواهيه، وقد حدَّها شيخ الإسلام ابن تيمية بأنَّها " اسم جامِع لكل ما يحبه الله ويرضَاه مِن الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة "وهذا حدٌّ لها في الواقع باعتِبَار مَيدَان العبادة أمَّا أصلها فإنها الذُّلّ لأن هذا مقتضَاها في اللغة أن يتذَلَّل الإنسان لله سبحانه وتعالى بطاعَتِه فِعْلًا للأوامر وتركًا للنواهي، واعلم أنَّ العبادة تنقسم إلى قسمين :
أولًا: الخضوع للأمْرِ الكوني وهذه عَامَّة لِكُلِّ أحد كما في قوله تعالى: (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))[مريم :93] كُلُّ مَن في السماوات والأرض مِن مؤمن وكافر وبَرّ وفاجِر كلهم يأتون الله تعالى في هذا الوصف (( إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))، وهل مِن ذلك قوله تعالى (( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )) ؟
الطالب: إن قلنا إن الاستثناء متصل فهو منه، وإن قلنا منقطع فليس منه.
الشيخ : صح؟ فاهمين يا جماعة؟ ذكرْنا أن العبودية تنقسم إلى قسمين عامَّة وهي الخضُوع للأمر الكوني وهذه لا يُسْتَثْنَى منها أحد كُلُ الناس كل الخلق خاضع لأمر الله الكوني أليس كذلك؟ هل أحد يقدر يرفع المرض أو الموت عن نفسه؟ لا، مثاله قوله تعالى: (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))، هل مِن هذا قوله تعالى: (( إِنَّ عِبَادِي )) يُخَاطِب إبليس (( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )) الجواب كما قال محمد يقول: إن جعلْنا الاستثناءَ متصلًا فالمراد بالعبودية: العامة، وإن جعلناه منقطعًا فالمراد بالعبودية: الخاصة.
العبودية الخاصة: هي التذلل للأمر الشرعي التذلُّل لأمر الله الشرعي ومنها قوله تعالى: (( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا ))[الفرقان :63] هؤلاء تذللَّوا بأي شيء؟ بالأمر الشرعي، هنا في الآية الكريمة قال إبراهيم: (( اعبدوا الله )) أيُّ الأمرين يريد؟
الطالب: الشرعي.
الشيخ : التعبُّد لله بالعبادة الشرعية، وقوله: (( واتقوه )) عطفٌ على قوله: (( اعبدوا الله )) والعطف كما قيل يقتضِي المغايرة، ونحن ذكرنا أنَّ العبادَة التذُلَّل سبحانه وتعالى بالطاعة، والتقوى اتخاذ وقايةٍ من عذابه بطاعتِه هذه التقوى، أصلها مِن الوقاية فيَتَّقِي الإنسان عذابَ الله بطاعتِه، على هذين التفسيرين يكونُ عطف التقوى على العبادَة مِن باب عطفِ الشيءِ على نفسِه والمعروف أنَّ بلاغة القرآن تأبى ذلك يعني تأبى أن يُعْطَفَ الشيء على نفسه، لأنَّ ذلك مِن باب التكرار، نعم، فما هو الفرق الذي يكون به العطفُ مقتضيًا للمغايرة؟ فاهمين معي هذا؟ يعني إذا قلنا التقوى اتخاذُ وقايةٍ مِن عذاب الله بطاعته، والعبادة التذلل لله تعالى بطاعته صار معناهما واحدًا والعطفُ يقتضِي المغايَرَة فكيف يمكن أن نُفَسِّر العبادة بمعنًى يُغَايِر معنى التقوى؟ نقول: هذا الجواب على هذا مِن أحد وجهين: إمَّا أن يُراد بالعبادة هنا في هذه الآية بالعبادة فعل الأوامر وبالتقوى تركُ النواهي، يعني أن تَتَّقِيَ المعاصي وأن تفعلَ الطاعات، وهذا الوجه أعني أنَّه إذا كانت الكلمتان كل واحدة منهما تشمل معنى الأخرى عند الانفراد وتُغَايِرُها عند الاجتماع هذا له أمثلة كثيرة مثل الفقير والمسكين هما شيء واحد عند الانفراد ويختلفان عند الاجتماع، البِرّ والتقوى هما شيءٌ واحد عند الانفراد وشيئَانِ عند الاجتماع، هنا نقول العبادة والتقوى هما شيء واحد عند الانفراد وعند الاجتماع تُفَسَّرُ العبادة بإيش؟ بفعل الأوامر، والتقوى باجتناب النواهي هذه واحدة، أو نقول الوجه الثاني: أن يُرادُ بالعبادة مطلَق الالتزام والتذلل والتقوى المـُراد بها اتقاء العمل المعيَّن لأنَّه ليس كل مَن قام بمطلق العبادة يقوم بالتقوى، كثير من المسلمين الآن يعبدون الله لكن هل يتَّقُونه في كل شيء؟ يفعلون أشيا كثيرة، هذا الصوم عندنا الآن نصُوم لكن هل الصائم يتَّقِي الله عز وجل في كلِّ شيء بحيث يترك الكذب والغيبة والشتم والمحرَّم وقول الزور والعمل به؟ الجواب: ليس كلُّ صائم هكذا، وعلى هذا فنقول المراد بالعبادة مطلق الالتزام والتذلل، وبالتقوى أن يتقِي الإنسان ربه في كل فرد أوفي كل جنس مِن جنس المعاصي وأفرادها، (( واتقوه )) يقول المؤلف: " خافوا عقابه " ولو أنَّ المؤلف فسر الآية فيما يطابق اللفظ لكان أولى لو قال (( اتقوا عقابَهُ )) لكان أولى، (( ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ )) مما أنتم عليه مِن عبادة الأصنام " قال: (( ذلكم )) المشار إليه العبادة والتقوى
أولًا: الخضوع للأمْرِ الكوني وهذه عَامَّة لِكُلِّ أحد كما في قوله تعالى: (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))[مريم :93] كُلُّ مَن في السماوات والأرض مِن مؤمن وكافر وبَرّ وفاجِر كلهم يأتون الله تعالى في هذا الوصف (( إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))، وهل مِن ذلك قوله تعالى (( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )) ؟
الطالب: إن قلنا إن الاستثناء متصل فهو منه، وإن قلنا منقطع فليس منه.
الشيخ : صح؟ فاهمين يا جماعة؟ ذكرْنا أن العبودية تنقسم إلى قسمين عامَّة وهي الخضُوع للأمر الكوني وهذه لا يُسْتَثْنَى منها أحد كُلُ الناس كل الخلق خاضع لأمر الله الكوني أليس كذلك؟ هل أحد يقدر يرفع المرض أو الموت عن نفسه؟ لا، مثاله قوله تعالى: (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))، هل مِن هذا قوله تعالى: (( إِنَّ عِبَادِي )) يُخَاطِب إبليس (( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )) الجواب كما قال محمد يقول: إن جعلْنا الاستثناءَ متصلًا فالمراد بالعبودية: العامة، وإن جعلناه منقطعًا فالمراد بالعبودية: الخاصة.
العبودية الخاصة: هي التذلل للأمر الشرعي التذلُّل لأمر الله الشرعي ومنها قوله تعالى: (( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا ))[الفرقان :63] هؤلاء تذللَّوا بأي شيء؟ بالأمر الشرعي، هنا في الآية الكريمة قال إبراهيم: (( اعبدوا الله )) أيُّ الأمرين يريد؟
الطالب: الشرعي.
الشيخ : التعبُّد لله بالعبادة الشرعية، وقوله: (( واتقوه )) عطفٌ على قوله: (( اعبدوا الله )) والعطف كما قيل يقتضِي المغايرة، ونحن ذكرنا أنَّ العبادَة التذُلَّل سبحانه وتعالى بالطاعة، والتقوى اتخاذ وقايةٍ من عذابه بطاعتِه هذه التقوى، أصلها مِن الوقاية فيَتَّقِي الإنسان عذابَ الله بطاعتِه، على هذين التفسيرين يكونُ عطف التقوى على العبادَة مِن باب عطفِ الشيءِ على نفسِه والمعروف أنَّ بلاغة القرآن تأبى ذلك يعني تأبى أن يُعْطَفَ الشيء على نفسه، لأنَّ ذلك مِن باب التكرار، نعم، فما هو الفرق الذي يكون به العطفُ مقتضيًا للمغايرة؟ فاهمين معي هذا؟ يعني إذا قلنا التقوى اتخاذُ وقايةٍ مِن عذاب الله بطاعته، والعبادة التذلل لله تعالى بطاعته صار معناهما واحدًا والعطفُ يقتضِي المغايَرَة فكيف يمكن أن نُفَسِّر العبادة بمعنًى يُغَايِر معنى التقوى؟ نقول: هذا الجواب على هذا مِن أحد وجهين: إمَّا أن يُراد بالعبادة هنا في هذه الآية بالعبادة فعل الأوامر وبالتقوى تركُ النواهي، يعني أن تَتَّقِيَ المعاصي وأن تفعلَ الطاعات، وهذا الوجه أعني أنَّه إذا كانت الكلمتان كل واحدة منهما تشمل معنى الأخرى عند الانفراد وتُغَايِرُها عند الاجتماع هذا له أمثلة كثيرة مثل الفقير والمسكين هما شيء واحد عند الانفراد ويختلفان عند الاجتماع، البِرّ والتقوى هما شيءٌ واحد عند الانفراد وشيئَانِ عند الاجتماع، هنا نقول العبادة والتقوى هما شيء واحد عند الانفراد وعند الاجتماع تُفَسَّرُ العبادة بإيش؟ بفعل الأوامر، والتقوى باجتناب النواهي هذه واحدة، أو نقول الوجه الثاني: أن يُرادُ بالعبادة مطلَق الالتزام والتذلل والتقوى المـُراد بها اتقاء العمل المعيَّن لأنَّه ليس كل مَن قام بمطلق العبادة يقوم بالتقوى، كثير من المسلمين الآن يعبدون الله لكن هل يتَّقُونه في كل شيء؟ يفعلون أشيا كثيرة، هذا الصوم عندنا الآن نصُوم لكن هل الصائم يتَّقِي الله عز وجل في كلِّ شيء بحيث يترك الكذب والغيبة والشتم والمحرَّم وقول الزور والعمل به؟ الجواب: ليس كلُّ صائم هكذا، وعلى هذا فنقول المراد بالعبادة مطلق الالتزام والتذلل، وبالتقوى أن يتقِي الإنسان ربه في كل فرد أوفي كل جنس مِن جنس المعاصي وأفرادها، (( واتقوه )) يقول المؤلف: " خافوا عقابه " ولو أنَّ المؤلف فسر الآية فيما يطابق اللفظ لكان أولى لو قال (( اتقوا عقابَهُ )) لكان أولى، (( ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ )) مما أنتم عليه مِن عبادة الأصنام " قال: (( ذلكم )) المشار إليه العبادة والتقوى
1 - قال الله تعالى : << وإبراهيم إذقال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون >> أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : << وإبراهيم إذ قال لقومه ............ >>
قوله: (( وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ))[العنكبوت :16] يُستفَادُ منها فضيلة إبراهيم حيث أمرَ قومه بما ذُكِر.
ويستفاد منها أيضًا أنه ينْبَغِي ذِكْرُ الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى بما يرْفَعُ مِن شأنِهم لأنه قدَّرْنَا إبراهيم مفعولًا لِفعلٍ محذوف تقديرُه اذكر إبراهيم.
ومِن فوائد الآية وجوب عبادة الله وتقواه مِن قوله: (( اعبدوا الله واتقوه )) لأنَّ الأصل في الأمر الوجوب.
ومِن فوائد الآية أنَّ خير ما يحصل عليه العبد عبادَةُ الله وتقْواه لقوله: (( ذلكم خير لكم )).
ومِن فوائدها أيضًا مِن فوائد الآية أنَّه لا يَعْقِل هذه الأشياء إلَّا أهل العلم تُؤْخَذ مِن أين يا غانِم! مِن أين تؤخذ؟ أنه ما يعقل الخيرِيَّة في العبادة والتقوى إلا أهلُ العلم ... مِن كل الآية؟
الطالب: إن كنتم تعلمون
الشيخ : من قوله: (( إن كنتم تعلمون )).
ويستفاد منها أيضًا أنه ينْبَغِي ذِكْرُ الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى بما يرْفَعُ مِن شأنِهم لأنه قدَّرْنَا إبراهيم مفعولًا لِفعلٍ محذوف تقديرُه اذكر إبراهيم.
ومِن فوائد الآية وجوب عبادة الله وتقواه مِن قوله: (( اعبدوا الله واتقوه )) لأنَّ الأصل في الأمر الوجوب.
ومِن فوائد الآية أنَّ خير ما يحصل عليه العبد عبادَةُ الله وتقْواه لقوله: (( ذلكم خير لكم )).
ومِن فوائدها أيضًا مِن فوائد الآية أنَّه لا يَعْقِل هذه الأشياء إلَّا أهل العلم تُؤْخَذ مِن أين يا غانِم! مِن أين تؤخذ؟ أنه ما يعقل الخيرِيَّة في العبادة والتقوى إلا أهلُ العلم ... مِن كل الآية؟
الطالب: إن كنتم تعلمون
الشيخ : من قوله: (( إن كنتم تعلمون )).
فوائد قوله تعالى : << إنما تعبدون من الله أوثانا و تخلقون إفكا ............... >>
ثم قال سبحانه وتعالى: (( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ))[العنكبوت :17] مِن فوائد هذه الآية أنَّ كل ما يُعْبَدُ مِن دون الله فإنه وثَنٌ لا ينفع ولا يأتي بالرزق.
ومِن فوائدها أنَّ تسمية هذه الأوثان بالآلهة كذِب كقوله: (( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا )).
ومِن فوائدها أنَّه ينبغي لمن ذَكَر حكمًا أن يذكُرَ عِلَّتَه من قوله: (( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا )).
ومنها مِن فوائدها أنَّه ينبغي الاسْتِدْلَال بالمحْسُوس على المعقول مِن أين تؤخذ محمد إسماعِيل!؟ ... استدل بالمحسوس على المعقول مَن يعرف؟
الطالب: (لا يملكون لهم رزقا).
الشيخ : (( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا )) هذا دليل محسوس ووجْه الاستدلال بالمحسوس على المعقول أنَّ المحسوس ما يُنْكِرُه أحد لكن المعقول قد لا يتصوره الإنسان فضْلًا عن كونه يُقِرُّ به فإلزامُ الإنسان بالشيء المحسوس على المعقول هذه مِن طرق المناظرة والحُجَّة وإقامة الحجة والإلزام.
ومن فوائد الآية أنَّ الذي يجِب أن يُلْجَأَ إليه هو الله عز وجل مِن أين يا حَجَّاج؟ مِن أين تُؤْخذ؟ (( فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ )).
ومِن فوائد الآية أنَّه ذُكِرَ فيها سبَبُ الرزق وسبب بقَاءِ الرزق، سبب وجوده وسبب بقائِه ... أو نقول: (( اعبدوا الله )) هذا سبب الرزق (( وَاشْكُرُوا لَهُ )) هذا سبب البقاء.
ومنها مِن فوائد الآية وجوبُ شكر النعمة لقولِه؟
الطالب: (واشكروا له).
الشيخ : (( وَاشْكُرُوا لَهُ )) طيب هنا الفعل متعَدِّي ولَّا لازم؟ قل يا عصام!(( وَاشْكُرُوا لَهُ )) الفعل متعدي ولا لازم؟ متعدي؟ هنا في الآية الكريمة في الآية هنا، لازم ولَّا متعدي؟
الطالب: مُتعدي.
الشيخ : متعدي؟ أين المفعول؟
الطالب: .....
الشيخ : طيب من يعرف الجواب؟
الطالب: اشكروا الله ...
الشيخ : اشكروا نعمته مُخْلصين له هذا على القول بأنها متعدية أما على القول بأنَّها لازمة فإنَّ (شكر) تكون لازمة تقول شكرْتُ ومتعدية تقول شكرْتُ له، نعم ويكون المفعول هي الهاء وليس المحذوف.
ومِن فوائد الآية إثبات البعث مِن أين ناخذه يا أخ؟
الطالب: (( إليه ترجعون ))
الشيخ : (( إليه ترجعون )) وهذا يكون يومَ القيامة، إثباتُ البعث.
ومنها إثباتُ الجزاء على الأعمال من أين ناخذه يا عبدَ الله؟ مِن قوله: (( إليه ترجعون )) لأنَّ الفائدة مِن هذا الإخبار بأنهم سيُبعثون ويجازَوْن ليس مجرد بعث بدون جزاء بل لابُدَّ فيه مِن جزاء
ومِن فوائدها أنَّ تسمية هذه الأوثان بالآلهة كذِب كقوله: (( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا )).
ومِن فوائدها أنَّه ينبغي لمن ذَكَر حكمًا أن يذكُرَ عِلَّتَه من قوله: (( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا )).
ومنها مِن فوائدها أنَّه ينبغي الاسْتِدْلَال بالمحْسُوس على المعقول مِن أين تؤخذ محمد إسماعِيل!؟ ... استدل بالمحسوس على المعقول مَن يعرف؟
الطالب: (لا يملكون لهم رزقا).
الشيخ : (( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا )) هذا دليل محسوس ووجْه الاستدلال بالمحسوس على المعقول أنَّ المحسوس ما يُنْكِرُه أحد لكن المعقول قد لا يتصوره الإنسان فضْلًا عن كونه يُقِرُّ به فإلزامُ الإنسان بالشيء المحسوس على المعقول هذه مِن طرق المناظرة والحُجَّة وإقامة الحجة والإلزام.
ومن فوائد الآية أنَّ الذي يجِب أن يُلْجَأَ إليه هو الله عز وجل مِن أين يا حَجَّاج؟ مِن أين تُؤْخذ؟ (( فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ )).
ومِن فوائد الآية أنَّه ذُكِرَ فيها سبَبُ الرزق وسبب بقَاءِ الرزق، سبب وجوده وسبب بقائِه ... أو نقول: (( اعبدوا الله )) هذا سبب الرزق (( وَاشْكُرُوا لَهُ )) هذا سبب البقاء.
ومنها مِن فوائد الآية وجوبُ شكر النعمة لقولِه؟
الطالب: (واشكروا له).
الشيخ : (( وَاشْكُرُوا لَهُ )) طيب هنا الفعل متعَدِّي ولَّا لازم؟ قل يا عصام!(( وَاشْكُرُوا لَهُ )) الفعل متعدي ولا لازم؟ متعدي؟ هنا في الآية الكريمة في الآية هنا، لازم ولَّا متعدي؟
الطالب: مُتعدي.
الشيخ : متعدي؟ أين المفعول؟
الطالب: .....
الشيخ : طيب من يعرف الجواب؟
الطالب: اشكروا الله ...
الشيخ : اشكروا نعمته مُخْلصين له هذا على القول بأنها متعدية أما على القول بأنَّها لازمة فإنَّ (شكر) تكون لازمة تقول شكرْتُ ومتعدية تقول شكرْتُ له، نعم ويكون المفعول هي الهاء وليس المحذوف.
ومِن فوائد الآية إثبات البعث مِن أين ناخذه يا أخ؟
الطالب: (( إليه ترجعون ))
الشيخ : (( إليه ترجعون )) وهذا يكون يومَ القيامة، إثباتُ البعث.
ومنها إثباتُ الجزاء على الأعمال من أين ناخذه يا عبدَ الله؟ مِن قوله: (( إليه ترجعون )) لأنَّ الفائدة مِن هذا الإخبار بأنهم سيُبعثون ويجازَوْن ليس مجرد بعث بدون جزاء بل لابُدَّ فيه مِن جزاء
فوائد قوله تعالى : << وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين >>
ثم قال تعالى: (( وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))[العنكبوت :18] يُسْتَفَادُ مِن هذه الآية تحدِيدُ المـُكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم لقوله: (( فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ )) وقد علِمُوا ما جرَى لهم فعلى هذا يكون في ذلك تهدِيدٌ لهؤلاء المكَذِّبِين للرسول عليه الصلاة والسلام.
ومن فوائدها أيضًا أنَّ الرُّسُل يجِبُ عليهم الإبلاغ لقولِه: (( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ )) (على) تفيدُ الوجوب قال الله تعالى: (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ))[آل عمران :97] يعني واجب، فت(على) إذا قيل على فلان كذا وكذا فإنها تفيد الوجوب، فإذًا يستفاد مِن الآية وجوب الإبلاغ على مَن؟ على الرسل.
ومِن فوائدها أنه لا يجِب عليهم هداية الخلق أو لا؟ نعم، ما عليهم إلا البلاغ أمَّا الهداية فإلى الله عز وجل وكذلك الحساب على الله عز وجل (( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ))[الرعد :40].
ومِن فوائدها وجوب الإبلاغ على أهل العلم مِن أين تؤخذ؟
الطالب: وما على الرَّسُول إلا البَّلاغ
الشيخ : والعلماء ورثَةُ الأنبياء فيجِب عليهم الإبلاغ كما يجِبُ على الرسل.
ومنها أنَّ القرآن مُتَضَمِّنٌ لجميعِ الأحكام العقِيدِيَّة والعملية وأنَّه أتَى بذلك على أكمَلِ وجْه وأبْيَنِه لقوله: (( إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )) لِكُلِّ ما أرسل به لأَنَّه رسول فعليه البلاغ المبين لكل ما أرسل به، والنبي عليه الصلاة والسلام أرسل بعقائِد صحيحة سليمة وبأعمال قويمة وبأقوال مُسْتَقِيمَة، وعلى هذا فنَقُول مِن هذه الآية نستَدِلُّ بهذه الآية على أنَّ جميع الشريعة بَيِّنَة مُكَمَّلَة واضِحَة فنَرُدُّ به على جميع أهل البدع كل أهل البدع نرُدُّ بذلك عليهم لأنَّ أهل البدع يستلْزِمُ قولُهم ألَّا يكون النبي عليه الصلاة والسلام بَلَّغ البلاغ المبين، مثلًا الذين ينكرون حقيقة استواء الله على عرشه يقولون: معنى الاستواء الاستيلاء على العرش. هؤلاء تُكَذِّبُهُم هذه الآية لو كان المراد بالاستواء الاستيلاء لكان يأتي هذا المعنى ولو في آية واحدة، وكم آيات الاستواء في القرآن؟ سبْع آيات ما جاء ولا آية واحدة يقول الله فيها: استولى على العرش، فنقول: أنتم كاذبون تُكَذِّبكُم هذه الآية واضح؟ وكذلك بقية الشبهات التي يحتَجُّ بها أهل التعطيل أو أهل التمثيلِ أيضًا حتى أهلُ التمثيل الذين يقولون: نعم إن الله استوى على عرشه حقيقَة لكن استوائَه كاستواءِ المخلوق على المخْلُوق كاستواء المـَلِك على عرش الـمُلْك وما أشبه ذلك "نقول هؤلاء أيضًا يكذبهم قوله تعالى: (( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )) لأنَّ الرسول بلَّغ البلاغ المبين وقد أتانا من بيانِه قوله تعالى: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ))[الشورى :11]، نعم لو قال قائل: يُوجَد وقائع الآن تقع ما نرى لها ذكرًا في القرآن ولا في السنة فما هو الجواب على هذه الآية؟ أو لا؟ أليس يجرِى وقائع وقعَت وتقع ليس لها ذكرٌ في الكتاب ولا في السُّنَّة؟ .... نعم نقول هي مُبَيَّنَة ببيان الجنس يعني مو بلازم أنَّ القرآن يأتي بكل فرْد أو السنة تأتي بكل فرد لأنَّ أفراد القضايا ما لها حصْر ما ظنكم لو أن الله سبحانه وتعالى ذكرَ في القرآن كلَّ قضية تأتي إلى يوم القيامة كم يكون القرآن من مجلد؟ مجلدات ما لها حصر، لكنَّنا نقول هذه الأفراد أفراد هذه المسائل موجودةٌ بأجناسها وعلَلِها وقواعِدِها كما قال الأخ عُمَر يعني إمَّا أن تكون بالقياس وإمَّا أنَّها مسكوت عنها والسكوت في مقام البَيَان بيان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما سكَتَ عنه فهو عَفْوٌ ) المهم أنَّنا نقُول ما مِن قَضِيَّةٍ تقع إلا وحُكمُها موجودٌ في القرآن أو السنة باعتبارها فردًا ولَّا باعتبارها جِنسًا؟ باعتبارها جِنسًا فجِنس هذه القضية موجود في القرآن إمَّا بقاعدة عامة أو بقياس صحيح أو ما أشبه ذلك، لكن الخلل والنقص يأتي مِن واحدٍ مِن أمور: إمَّا قِلَّةٍ في العلم يكون الإنسان ما عنده علم والخلل هنا من أين؟ مِن الإنسان، إنسان ما أحاط بالسنة، القرآن يحيط به الإنسان لكن السنة ما يمكن يحيط بها الإنسان يُوجَد أحاديث تأتي على الإنسان ما كانَت تدُور به في ذهنه.
وإمَّا بقصُورٍ في الفهم يكون الإنسان عنده عِلْم لكنَّ فَهْمَه قاصِر ولا يكون ينوم أيضًا مثل بعض الناس اللي ينامُون في الدرس يكون عنده قُصُور في الفهم نعم، ولاحظوا أنَّ اختلاف الناس في الفهم أكثر وأعظَم مِن اختلافِهم في العلم، يُوجَد بعض الناس يستنبِط مِن دليلٍ واحد عدة مسائل، وآخر ما يستنبط إلَّا مسألة أو مسألتين.
ثالثًا مِن أسباب عدم معرفة الحق مِن القرآن والسنة أن يكون عند الإنسان سُوءُ قَصْد بحيث لا يُرِيدُ الحق -والعياذ بالله- ما يريد إلا أن ينتصرَ قوله فإنَّ هذا والعياذ بالله يُحَالُ بينه وبين الوصول إلى الصواب والمعرفة الحق لأنَّه لا يريده، هذه أسباب ثلاثة، السبب الرابع المعاصي فإن المعاصي ذُلٌّ وظُلْمَة تُوجِب أن يُحَال بين الإنسان وبين الوصول إلى الحق مِن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل إنَّ المعاصي تُوجِبُ نسيان الموجود نعم كما تمنَعُ وُجُود المحفوظ قال الله تعالى: (( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ))[المائدة :13] إذًا هذه أسباب أربعة كُلها تحُول بين الإنسان وبين الوصول إلى معرفة حكم الله الذي في الكتاب والسنة، أمَّا نفسُ الكتاب والسنة فإنَّها لاشكَّ أنها محيطةٌ بجميع القضايا إلى يوم القيامة يعني هذا الكتاب إلى يوم القيامة، وأما قولُ مَن قال مِن أهل العلم وهو مِن أعجب ما يكون: " إنَّ الكتاب والسنة ليس فيها إلا حكم القليل من القضايا " حتى إن بعضهم يزعم إنه ما في القرآن والسنة إلا نحو عُشْر القضايا " هذا خطأٌ عظيم ولهذا قال الله تعالى في القرآن: (( وَأنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ )).
مِن فوائد الآية أنَّ الرسل أفصَحُ الخلق مِن أن تؤخذ؟ مِن قوله: (( إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))[العنكبوت :18] المبين سواءٌ قلنا إنَّ المبين بمعنى بَيِّن أو بمعنى مُظْهِر والصواب أنَّها بمعنى مُظْهِر. أظُن انتهى؟ إلى هذا؟
ومن فوائدها أيضًا أنَّ الرُّسُل يجِبُ عليهم الإبلاغ لقولِه: (( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ )) (على) تفيدُ الوجوب قال الله تعالى: (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ))[آل عمران :97] يعني واجب، فت(على) إذا قيل على فلان كذا وكذا فإنها تفيد الوجوب، فإذًا يستفاد مِن الآية وجوب الإبلاغ على مَن؟ على الرسل.
ومِن فوائدها أنه لا يجِب عليهم هداية الخلق أو لا؟ نعم، ما عليهم إلا البلاغ أمَّا الهداية فإلى الله عز وجل وكذلك الحساب على الله عز وجل (( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ))[الرعد :40].
ومِن فوائدها وجوب الإبلاغ على أهل العلم مِن أين تؤخذ؟
الطالب: وما على الرَّسُول إلا البَّلاغ
الشيخ : والعلماء ورثَةُ الأنبياء فيجِب عليهم الإبلاغ كما يجِبُ على الرسل.
ومنها أنَّ القرآن مُتَضَمِّنٌ لجميعِ الأحكام العقِيدِيَّة والعملية وأنَّه أتَى بذلك على أكمَلِ وجْه وأبْيَنِه لقوله: (( إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )) لِكُلِّ ما أرسل به لأَنَّه رسول فعليه البلاغ المبين لكل ما أرسل به، والنبي عليه الصلاة والسلام أرسل بعقائِد صحيحة سليمة وبأعمال قويمة وبأقوال مُسْتَقِيمَة، وعلى هذا فنَقُول مِن هذه الآية نستَدِلُّ بهذه الآية على أنَّ جميع الشريعة بَيِّنَة مُكَمَّلَة واضِحَة فنَرُدُّ به على جميع أهل البدع كل أهل البدع نرُدُّ بذلك عليهم لأنَّ أهل البدع يستلْزِمُ قولُهم ألَّا يكون النبي عليه الصلاة والسلام بَلَّغ البلاغ المبين، مثلًا الذين ينكرون حقيقة استواء الله على عرشه يقولون: معنى الاستواء الاستيلاء على العرش. هؤلاء تُكَذِّبُهُم هذه الآية لو كان المراد بالاستواء الاستيلاء لكان يأتي هذا المعنى ولو في آية واحدة، وكم آيات الاستواء في القرآن؟ سبْع آيات ما جاء ولا آية واحدة يقول الله فيها: استولى على العرش، فنقول: أنتم كاذبون تُكَذِّبكُم هذه الآية واضح؟ وكذلك بقية الشبهات التي يحتَجُّ بها أهل التعطيل أو أهل التمثيلِ أيضًا حتى أهلُ التمثيل الذين يقولون: نعم إن الله استوى على عرشه حقيقَة لكن استوائَه كاستواءِ المخلوق على المخْلُوق كاستواء المـَلِك على عرش الـمُلْك وما أشبه ذلك "نقول هؤلاء أيضًا يكذبهم قوله تعالى: (( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )) لأنَّ الرسول بلَّغ البلاغ المبين وقد أتانا من بيانِه قوله تعالى: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ))[الشورى :11]، نعم لو قال قائل: يُوجَد وقائع الآن تقع ما نرى لها ذكرًا في القرآن ولا في السنة فما هو الجواب على هذه الآية؟ أو لا؟ أليس يجرِى وقائع وقعَت وتقع ليس لها ذكرٌ في الكتاب ولا في السُّنَّة؟ .... نعم نقول هي مُبَيَّنَة ببيان الجنس يعني مو بلازم أنَّ القرآن يأتي بكل فرْد أو السنة تأتي بكل فرد لأنَّ أفراد القضايا ما لها حصْر ما ظنكم لو أن الله سبحانه وتعالى ذكرَ في القرآن كلَّ قضية تأتي إلى يوم القيامة كم يكون القرآن من مجلد؟ مجلدات ما لها حصر، لكنَّنا نقول هذه الأفراد أفراد هذه المسائل موجودةٌ بأجناسها وعلَلِها وقواعِدِها كما قال الأخ عُمَر يعني إمَّا أن تكون بالقياس وإمَّا أنَّها مسكوت عنها والسكوت في مقام البَيَان بيان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما سكَتَ عنه فهو عَفْوٌ ) المهم أنَّنا نقُول ما مِن قَضِيَّةٍ تقع إلا وحُكمُها موجودٌ في القرآن أو السنة باعتبارها فردًا ولَّا باعتبارها جِنسًا؟ باعتبارها جِنسًا فجِنس هذه القضية موجود في القرآن إمَّا بقاعدة عامة أو بقياس صحيح أو ما أشبه ذلك، لكن الخلل والنقص يأتي مِن واحدٍ مِن أمور: إمَّا قِلَّةٍ في العلم يكون الإنسان ما عنده علم والخلل هنا من أين؟ مِن الإنسان، إنسان ما أحاط بالسنة، القرآن يحيط به الإنسان لكن السنة ما يمكن يحيط بها الإنسان يُوجَد أحاديث تأتي على الإنسان ما كانَت تدُور به في ذهنه.
وإمَّا بقصُورٍ في الفهم يكون الإنسان عنده عِلْم لكنَّ فَهْمَه قاصِر ولا يكون ينوم أيضًا مثل بعض الناس اللي ينامُون في الدرس يكون عنده قُصُور في الفهم نعم، ولاحظوا أنَّ اختلاف الناس في الفهم أكثر وأعظَم مِن اختلافِهم في العلم، يُوجَد بعض الناس يستنبِط مِن دليلٍ واحد عدة مسائل، وآخر ما يستنبط إلَّا مسألة أو مسألتين.
ثالثًا مِن أسباب عدم معرفة الحق مِن القرآن والسنة أن يكون عند الإنسان سُوءُ قَصْد بحيث لا يُرِيدُ الحق -والعياذ بالله- ما يريد إلا أن ينتصرَ قوله فإنَّ هذا والعياذ بالله يُحَالُ بينه وبين الوصول إلى الصواب والمعرفة الحق لأنَّه لا يريده، هذه أسباب ثلاثة، السبب الرابع المعاصي فإن المعاصي ذُلٌّ وظُلْمَة تُوجِب أن يُحَال بين الإنسان وبين الوصول إلى الحق مِن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل إنَّ المعاصي تُوجِبُ نسيان الموجود نعم كما تمنَعُ وُجُود المحفوظ قال الله تعالى: (( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ))[المائدة :13] إذًا هذه أسباب أربعة كُلها تحُول بين الإنسان وبين الوصول إلى معرفة حكم الله الذي في الكتاب والسنة، أمَّا نفسُ الكتاب والسنة فإنَّها لاشكَّ أنها محيطةٌ بجميع القضايا إلى يوم القيامة يعني هذا الكتاب إلى يوم القيامة، وأما قولُ مَن قال مِن أهل العلم وهو مِن أعجب ما يكون: " إنَّ الكتاب والسنة ليس فيها إلا حكم القليل من القضايا " حتى إن بعضهم يزعم إنه ما في القرآن والسنة إلا نحو عُشْر القضايا " هذا خطأٌ عظيم ولهذا قال الله تعالى في القرآن: (( وَأنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ )).
مِن فوائد الآية أنَّ الرسل أفصَحُ الخلق مِن أن تؤخذ؟ مِن قوله: (( إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))[العنكبوت :18] المبين سواءٌ قلنا إنَّ المبين بمعنى بَيِّن أو بمعنى مُظْهِر والصواب أنَّها بمعنى مُظْهِر. أظُن انتهى؟ إلى هذا؟
4 - فوائد قوله تعالى : << وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين >> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير >>
ثم قال الله تعالى: (( أَوَلَمْ يَرَوْا )) بالياء والتاء ينظُرُوا " بالياء يعني يروا والثانية تَرَوْا فهما قراءتان سَبْعِيَّتَان الرؤية هنا فسرها المؤلف بمعنى النظر فهي رؤية عين (أولم يروا)، ويحتمل أن تكون رؤيةً قلبية أي علمِيَّة بمعنى أولم يعلموا، وننظر أيُّهما أولى مِن سياق الآية (( كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ )) (( يُبْدِئُ )) يقول: " هو بضَمِّ أوله وقُرِئَ بفتحِه مِن (بَدَأَ) و(أبدأ) بمعنىً أي يخلُقُهم ابتداءً " عندنا (( يبدئ )) الآن فيها قراءَة سبعية وقراءة شاذة القراءة السبعية (( يبدئ )) من أين؟ الماضِي مِن (( يُبْدِئُ )) أَبْدَأ رُبَاعِي، القراءة الشاذة يقول: بفتحِ أوَّله (( يَبْدَأُ )) منين؟ مِن (بدأ) كيف عرفنا أنَّ هذه القراءة الشاذة؟ لأنَّ اصطلاح المؤلف رحمه الله أنه إذا قال قُرِئَ فهي شاذة، المؤلف يقول: مِن (بدأ) و(أبدأ) " هذا اللَّفّ والنَّشْر مُرَكَّب أو مُشَوَّش؟ مُشَوَّش يعني لَه شُوشَة؟
الطالب: نعم.
الشيخ : أو مُشَوَّش يعني غير مُرَكَّب؟ شوف الآن "مِن بَدَأَ" هذا على أيِّ القراءَتِين؟ الشاذَّة هذه (يبدأ)، و(أبدأ) على القراءة السبعية التي هي (( يُبْدِئُ )) والحقِيقَة أنَّ المؤلف لَيْتَه ما فعل هذا لأنَّه قد لا يَفْهم الإنسان أن هذا مِن باب التركيب مِن باب اللف والنشر المشوش ولا داعيَ إليه، لو قال المؤلف مِن (أبدأ) و(بدأ) لكان أوضح للإنسان الطالب، وقوله: "بمعنىً" إيش معناه؟ يعنى بمعنىً واحد يعني (بَدَأ) و(أبدأ) معناهما واحد أي يخلقُهم ابتداءً يعني كيف يخلقهم سبحانه وتعالى ابتداءً، وقولُه: (( كيف يبدِئُ الخلق )) الخلْق هنا مصدر بمعنى اسم المفعول أي المخلُوق كيف يبدَئُه ثم يُعِيدُه، والمصدَر يأتي بمعنى اسم المفعول كثيرًا في اللغة العربية، ومنه قوله تعالى: ((وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ ))[الطلاق :6] الحَمْل اللي في البطن بمعنى محْمُول، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدّ ) بمعنى مَرْدُود، هنا خَلْق بمعنى مخلوق، ومثلُها قوله تعالى: (( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ))[لقمان :11] أي مخلُوقُه، طيب قوله: (( كيف يبدئ الخلق ثم )) هو (( يُعِيدُه )) أي الخلق كما بدأهم " شوف المؤلف يقول: " أي الخلق كما بدأهم " إشارة إلى أنَّ الخلق بمعنى المخلوق اللي يعم كل الناس، وقوله: (( ثم )) هو (( يعيده )) قدَّر هو لِتكونَ الجملةُ استئنافِيَّةً لماذا؟ لأنَّ إعادَةَ الخلق لا يمكن أن ينظُرُوا إليها متى تكون إعادة الخلق؟ يوم القيامة في المستقبل، لكن ابتداء الخلق يمكن أن ينظروا إليه هذا مثلًا ننظر إلى مخلوقات الله عز وجل كيف تتوالد وكيف تتنامى وكيف تكبُر إلى آخرِه نعرِفُه لكن إعادةُ الخلق ما يمكن فلهذا قدَّرَ المؤلف رحمه الله قولَه: (ثم) هو (يعيده) لِئَلَّا يتوهَّمَ إنسانٌ أنَّها معطوفة على (( يُبدئ )) فلا يصِحُّ عطفُها على (يبدئ) لأنه لو كان معطوفة عليها لكان المعنى كيف يبْدئ الخلق ثم كيف يعيده، وهنا النظر لِكيفية الإعادة مُتَعَذِّرَة، نعم قوله سبحانه وتعالى: (( أولم يروا )) أنَا ذكرْت لكم أنها يحتَمل أن تكون علمية والمؤلف مشي على أنها عَيْنِيَّة بالبصر أيُّهما أشمل؟ الظاهِر أنَّ القلبية أشمَل، لأنها تَشْمَل ما رآه الإنسان بعينِه وما عَلِمَ به مِن غيره أليس كذلك؟ فهي إذًا أشمل، واعلم أنَّ الآية إذا احتملَتْ معنيين أحدُهما أشمل فالأولى حملُها على الأشمل، لأنَّ الأخصّ داخل فيه، بخلاف ما إذا حُمِلَتْ على الأخص فمعناها أنَّنَا أخرجْنا بعضَ دلالتها، وعليه نقول إنَّ الأولى نحملَها على الرؤية العلمية التي تحصُل بالبصَر وبالسمع أيضًا، نعم كما قال الله تعالى: ((جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ )) السمع والأبصار طريق العلم والأفئدة محَلّ الوعي، نعم وقوله: (( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ))[العنكبوت :19] يقول المؤلف:" (( إنَّ ذلك )) المذكُورَ مِن الخلق الأول والثاني (( على الله يسِير )) " أي سهل (( إن ذلك )) ابتداء الخلق سهْل على الله واقْرَأ قولَ الله تعالى: (( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ))[آل عمران :59] أمر سَهْل على الله إعَادَة الخَلْق أيضًا سَهْلَة لقولِه: (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ))[النازعات :13] زجرَة واحدة فقط (( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ))[النازعات :14] وأعمّ مِن ذلك قوله تعالى: (( وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ))[القمر :50] بدُون تأخُّر واحِدَة يأمُرُ الله الشيء فيكون مثل لَمْح البصر وهذا دليل على كمال قدرته جل وعلَا، نعم وقوله: (( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )) في آيةٍ ثانية (( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ))[الروم :27] فإنَّنا نقول لهؤلاء المنكرين للبعث هل تُقِرُّون بأنَّ الله خلقكم ابتداءً؟ ماذا يقولون؟ هم يَقُولُون: نعم الكلام المنكرين المقِرِّين بابتداء الخلق (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ))[الزخرف :87] مُقِرِّين بهذا الشيء نقول لهم: أيُّما أهون الابتداء أو الإعادة؟ الجواب: الإعادة أهون، فكيف تقرون بالأصعب ثم تُنْكِرُون الأهْوَن، وأقول بالأصعب لا باعتبار ذلك منسوبًا إلى الله عز وجل ولكن لأنَّ الكُلّ يسير عليه لكن نقول لهؤلاء ما دام الابتداء أشَدّ وأشَقّ فالإعادة مِن باب أولى أن تقِرُّوا بها، لكن هم يقِرّون بالابتداء لأنهم ما يستطيعوا الإنكار، ما يستطيعون يقولون: والله ما خلقنا الله نحن الذين خلقْنَا أنفسنا، الزوج هو الذي خلَقَ الولد في رحم الأم. هذا ما يمكن يقولونه فلِهَذا احتَجَّ الله عليهم بالابتداء لِيقروا بالإعادة، وقوله: (( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )) فكيف ينكرون الثاني
الطالب: نعم.
الشيخ : أو مُشَوَّش يعني غير مُرَكَّب؟ شوف الآن "مِن بَدَأَ" هذا على أيِّ القراءَتِين؟ الشاذَّة هذه (يبدأ)، و(أبدأ) على القراءة السبعية التي هي (( يُبْدِئُ )) والحقِيقَة أنَّ المؤلف لَيْتَه ما فعل هذا لأنَّه قد لا يَفْهم الإنسان أن هذا مِن باب التركيب مِن باب اللف والنشر المشوش ولا داعيَ إليه، لو قال المؤلف مِن (أبدأ) و(بدأ) لكان أوضح للإنسان الطالب، وقوله: "بمعنىً" إيش معناه؟ يعنى بمعنىً واحد يعني (بَدَأ) و(أبدأ) معناهما واحد أي يخلقُهم ابتداءً يعني كيف يخلقهم سبحانه وتعالى ابتداءً، وقولُه: (( كيف يبدِئُ الخلق )) الخلْق هنا مصدر بمعنى اسم المفعول أي المخلُوق كيف يبدَئُه ثم يُعِيدُه، والمصدَر يأتي بمعنى اسم المفعول كثيرًا في اللغة العربية، ومنه قوله تعالى: ((وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ ))[الطلاق :6] الحَمْل اللي في البطن بمعنى محْمُول، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدّ ) بمعنى مَرْدُود، هنا خَلْق بمعنى مخلوق، ومثلُها قوله تعالى: (( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ))[لقمان :11] أي مخلُوقُه، طيب قوله: (( كيف يبدئ الخلق ثم )) هو (( يُعِيدُه )) أي الخلق كما بدأهم " شوف المؤلف يقول: " أي الخلق كما بدأهم " إشارة إلى أنَّ الخلق بمعنى المخلوق اللي يعم كل الناس، وقوله: (( ثم )) هو (( يعيده )) قدَّر هو لِتكونَ الجملةُ استئنافِيَّةً لماذا؟ لأنَّ إعادَةَ الخلق لا يمكن أن ينظُرُوا إليها متى تكون إعادة الخلق؟ يوم القيامة في المستقبل، لكن ابتداء الخلق يمكن أن ينظروا إليه هذا مثلًا ننظر إلى مخلوقات الله عز وجل كيف تتوالد وكيف تتنامى وكيف تكبُر إلى آخرِه نعرِفُه لكن إعادةُ الخلق ما يمكن فلهذا قدَّرَ المؤلف رحمه الله قولَه: (ثم) هو (يعيده) لِئَلَّا يتوهَّمَ إنسانٌ أنَّها معطوفة على (( يُبدئ )) فلا يصِحُّ عطفُها على (يبدئ) لأنه لو كان معطوفة عليها لكان المعنى كيف يبْدئ الخلق ثم كيف يعيده، وهنا النظر لِكيفية الإعادة مُتَعَذِّرَة، نعم قوله سبحانه وتعالى: (( أولم يروا )) أنَا ذكرْت لكم أنها يحتَمل أن تكون علمية والمؤلف مشي على أنها عَيْنِيَّة بالبصر أيُّهما أشمل؟ الظاهِر أنَّ القلبية أشمَل، لأنها تَشْمَل ما رآه الإنسان بعينِه وما عَلِمَ به مِن غيره أليس كذلك؟ فهي إذًا أشمل، واعلم أنَّ الآية إذا احتملَتْ معنيين أحدُهما أشمل فالأولى حملُها على الأشمل، لأنَّ الأخصّ داخل فيه، بخلاف ما إذا حُمِلَتْ على الأخص فمعناها أنَّنَا أخرجْنا بعضَ دلالتها، وعليه نقول إنَّ الأولى نحملَها على الرؤية العلمية التي تحصُل بالبصَر وبالسمع أيضًا، نعم كما قال الله تعالى: ((جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ )) السمع والأبصار طريق العلم والأفئدة محَلّ الوعي، نعم وقوله: (( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ))[العنكبوت :19] يقول المؤلف:" (( إنَّ ذلك )) المذكُورَ مِن الخلق الأول والثاني (( على الله يسِير )) " أي سهل (( إن ذلك )) ابتداء الخلق سهْل على الله واقْرَأ قولَ الله تعالى: (( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ))[آل عمران :59] أمر سَهْل على الله إعَادَة الخَلْق أيضًا سَهْلَة لقولِه: (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ))[النازعات :13] زجرَة واحدة فقط (( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ))[النازعات :14] وأعمّ مِن ذلك قوله تعالى: (( وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ))[القمر :50] بدُون تأخُّر واحِدَة يأمُرُ الله الشيء فيكون مثل لَمْح البصر وهذا دليل على كمال قدرته جل وعلَا، نعم وقوله: (( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )) في آيةٍ ثانية (( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ))[الروم :27] فإنَّنا نقول لهؤلاء المنكرين للبعث هل تُقِرُّون بأنَّ الله خلقكم ابتداءً؟ ماذا يقولون؟ هم يَقُولُون: نعم الكلام المنكرين المقِرِّين بابتداء الخلق (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ))[الزخرف :87] مُقِرِّين بهذا الشيء نقول لهم: أيُّما أهون الابتداء أو الإعادة؟ الجواب: الإعادة أهون، فكيف تقرون بالأصعب ثم تُنْكِرُون الأهْوَن، وأقول بالأصعب لا باعتبار ذلك منسوبًا إلى الله عز وجل ولكن لأنَّ الكُلّ يسير عليه لكن نقول لهؤلاء ما دام الابتداء أشَدّ وأشَقّ فالإعادة مِن باب أولى أن تقِرُّوا بها، لكن هم يقِرّون بالابتداء لأنهم ما يستطيعوا الإنكار، ما يستطيعون يقولون: والله ما خلقنا الله نحن الذين خلقْنَا أنفسنا، الزوج هو الذي خلَقَ الولد في رحم الأم. هذا ما يمكن يقولونه فلِهَذا احتَجَّ الله عليهم بالابتداء لِيقروا بالإعادة، وقوله: (( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )) فكيف ينكرون الثاني
قال الله تعالى : << قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الله الخلق ثم الله ينشئ النشأة الأخرة إن الله على كل شيئ قدير >>
(( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ))[العنكبوت :20] هذه الآية مع التي قبلها ربما يظهَر منها إشكال لأنَّ الأولى (( أولم يروا )) تقرِير لهم بأنَّهم يرون كيف يُبْدِئُ الله الخلق ثم يعيده، وهنا يقول: (( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ )) فَيَقْتَضِي أنَّهم حتى الآن لم يعلَمُوا كيف بدأَ الله الخلق، نقول: الجواب على ذلك أنَّهم وإن كانوا يرَوْن كيف بدَأَ الله الخلق لكنَّهم قد ينكِرُونَه فأمرَ الله تعالى نبيه أن يأمرَهم بالسيرِ في الأرض (( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ )) امشُوا في الأرض انظُروا ما تلِد الوحوش انظروا إلى الحشرات انظروا إلى مخْلُوقَاتِ الله سبحانه وتعالى كيف تَنْشَأُ هذه الأشياء؟ بدُون أن نرى لها خالقًا سوى الله عز وجل، نعم فهذا مِن باب إلزامِهم ولا سِيَّمَا إذا قلنا إنَّ الرؤية الأولى علمية مِن باب إلزامهم بما يشاهدونَه في الأرض بعد أن يسيروا فيها، وقوله: (( قل سيروا في الأرض )) هل المراد السَّيْر بالبدن أو بالسير بالقلب أو هما؟ هما جميعًا لأن الإنسان قد يسِير ببدنه ويطَّلِع على مخلوقات الله وقد يسِير بقلبه فيقرَأُ ما كُتِبَ عن مخلوقات الله أليس كذلك؟ ربما تقرَأ كتاب عن الحيوانات أو غيرها وأنت في مكانك في حجرتك وتكون قد اطَّلعت على ما في مشارق الأرض ومغاربها ويكون السير حينئذ بالقلب، فهو شامل للأمرين جميعًا ثم اعلم أيضًا أنَّ السير بالقدم لا ينفَع إذا لم يكن هناك سيْرٌ بالقلب واعتبار لو أن الإنسان ماجَ فِجَاجَ الأرض كلها وهو غافل ما استفاد مِن ذلك السير شيئًا بل لابد أن يكون هناك تَيَقُّظ واعتبار نعم.
الطالب:.... ؟
الشيخ : لا يعتبر سائرًا في الأرض بعلمه اللي هو محله وهو القلب، يصلُح هذا وهذا، لأن الآن لو نظرنا إلى السير في الأرض إلى واقعِه أيُّما أكثر بالقلْب أم بالقدم؟ بالقلب ما فيها إشكال بل إنَّ السير بالقدم إذا لم يُقْصَد به الاعتِبَار فإنَّه لا فائدةَ منه إذا لم يُقصَد به الاعتبار، فإذا قُصِدَ به الاعتبار عاد إلى كونه سيرًا بالقلب إلَّا أنه اجتمع السير بالقلب والقدم، (( فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ )) عندَنا (انظُرُوا كيف) وبالأول (( أولم يروا كيف )) ومعلومٌ أن (انظروا)و(يروا) أنَّها أفعال متعدية فأين مفعولُها؟
الطالب: ...
الشيخ : أين أبناءُ سيبويه؟! (كيف بدأ الخلق)؟ وكيف يُبْدِئُ الله الخلق؟ الفعْل الذي قبلَه يحتَاج إلى مفعول، يا أخْوَان مُعَلَّق بالاستفهام إِذَا جاء الاستفهام يُعَلِّق الفعل مُعَلَّق بالاستفهام نعم مثلًا (( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده )) (( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق )) كلمة (كيف) هنا في موضع نصب على الحال وهي مُعَلِّقَةٌ الفعلَ عن العمل، وقد مَرَّ علينا هذا في ألفية ابن مالك في أي باب مِن أبواب النحو؟
الطالب: في باب ظن
الشيخ : في باب ظن وأخواتها " والتَزِمِ التعليق قبل نفْي مَا وإن " إلى آخره نعم، (( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)) لِمَن كان قبلَكم وأماتهم "
الطالب:.... ؟
الشيخ : لا يعتبر سائرًا في الأرض بعلمه اللي هو محله وهو القلب، يصلُح هذا وهذا، لأن الآن لو نظرنا إلى السير في الأرض إلى واقعِه أيُّما أكثر بالقلْب أم بالقدم؟ بالقلب ما فيها إشكال بل إنَّ السير بالقدم إذا لم يُقْصَد به الاعتِبَار فإنَّه لا فائدةَ منه إذا لم يُقصَد به الاعتبار، فإذا قُصِدَ به الاعتبار عاد إلى كونه سيرًا بالقلب إلَّا أنه اجتمع السير بالقلب والقدم، (( فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ )) عندَنا (انظُرُوا كيف) وبالأول (( أولم يروا كيف )) ومعلومٌ أن (انظروا)و(يروا) أنَّها أفعال متعدية فأين مفعولُها؟
الطالب: ...
الشيخ : أين أبناءُ سيبويه؟! (كيف بدأ الخلق)؟ وكيف يُبْدِئُ الله الخلق؟ الفعْل الذي قبلَه يحتَاج إلى مفعول، يا أخْوَان مُعَلَّق بالاستفهام إِذَا جاء الاستفهام يُعَلِّق الفعل مُعَلَّق بالاستفهام نعم مثلًا (( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده )) (( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق )) كلمة (كيف) هنا في موضع نصب على الحال وهي مُعَلِّقَةٌ الفعلَ عن العمل، وقد مَرَّ علينا هذا في ألفية ابن مالك في أي باب مِن أبواب النحو؟
الطالب: في باب ظن
الشيخ : في باب ظن وأخواتها " والتَزِمِ التعليق قبل نفْي مَا وإن " إلى آخره نعم، (( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)) لِمَن كان قبلَكم وأماتهم "
اضيفت في - 2007-08-13