تفسير سورة العنكبوت-04b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
فوائد قوله تعالى : <<إن في ذلك لأيات لقوم يؤمنون >>
مِن أين تُؤْخذ؟ مِن قوله تعالى: (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ))[العنكبوت :24] واضح؟ ولا يُنَافي هذا ما جاء في عدَّة آيات (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )) و(( لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )) وما أشبه ذلك لأنَّ العقل والتَّفَكُّر ونحوَهما مِن مُقتضيات الإيمان وكلَّما الإنسان أقوى إيمانًا كان أكثرَ عقلًا وتفكرًا، والتفكر أيضًا يدعو إلى الإيمان فهما متلازمان.
ومن فوائد الآية، خلي ... بعدها لأننا ما كملنا هذا
ومن فوائد الآية، خلي ... بعدها لأننا ما كملنا هذا
هل ثبت في النجاة من النار عن أحد من الصحابة؟.
الطالب: ... هل سبق .... هذا بالنسبة للنجاة مِن النار .... الصحابة كما ...؟
الشيخ : نعم هم ذكروا أنَّه ثبت وذكر هذا ابن كثير رحمه الله "في البداية والنهاية" وقال: إنَّه ما مِن آيةٍ لِنَبِيٍّ سابق إلا كانت آيةً للنبي عليه الصلاة والسلام أو أعْظَم، لكن منها ما جرى للرسول عليه الصلاة والسلام لنفسِه ومنها ما جرى لأمته، ومَا جرى لأمته فإنَّه مِن آياته لأنَّه يشهَد بصِحَّة الطريقة التي هم عليها فيكون ذلك مِن آيات النبي عليه الصلاة والسلام
الشيخ : نعم هم ذكروا أنَّه ثبت وذكر هذا ابن كثير رحمه الله "في البداية والنهاية" وقال: إنَّه ما مِن آيةٍ لِنَبِيٍّ سابق إلا كانت آيةً للنبي عليه الصلاة والسلام أو أعْظَم، لكن منها ما جرى للرسول عليه الصلاة والسلام لنفسِه ومنها ما جرى لأمته، ومَا جرى لأمته فإنَّه مِن آياته لأنَّه يشهَد بصِحَّة الطريقة التي هم عليها فيكون ذلك مِن آيات النبي عليه الصلاة والسلام
هل في قوله تعالى:{قالوا اقتلوه أو حرقوه} رد على الجبرية حيث نسب الفعل إليهم؟.
الطالب: ..الجبرية.. (( اقتلوه أو حرقوه ))
الشيخ : ماذا تقول ....؟
الطالب:..... ؟
الشيخ : اي بس هم يقولون أنه يقتل أن الإنسان يقتل ويفعل ويقوم لكنه مُجبَر عليه إلا أن يُقال مثلًا: إنَّه كونه مخير بعض وبعض نعم من يجيب على هذا؟ فيه أيضًا بعد فائدة ثانية .. وهي أنَّ الأسباب لا تفعَلُ فعلَها إلا بإرادة الله وهذه مُهِمَّة، فالأسباب مهما قوِيَت ما تفعل الفعل إلا بإذن الله بمعنى أنَّ الله تعالى قد يمنَعُ مِن تأثيرها فالنار سبب للإحراق بلا شك وهنا سُلِبَت هذه السببية ولم تُؤَثِّر
الشيخ : ماذا تقول ....؟
الطالب:..... ؟
الشيخ : اي بس هم يقولون أنه يقتل أن الإنسان يقتل ويفعل ويقوم لكنه مُجبَر عليه إلا أن يُقال مثلًا: إنَّه كونه مخير بعض وبعض نعم من يجيب على هذا؟ فيه أيضًا بعد فائدة ثانية .. وهي أنَّ الأسباب لا تفعَلُ فعلَها إلا بإرادة الله وهذه مُهِمَّة، فالأسباب مهما قوِيَت ما تفعل الفعل إلا بإذن الله بمعنى أنَّ الله تعالى قد يمنَعُ مِن تأثيرها فالنار سبب للإحراق بلا شك وهنا سُلِبَت هذه السببية ولم تُؤَثِّر
قال الله تعالى : << وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار ومالكم من ناصرين >>
(( قَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا ))[العنكبوت :25] يعني إنَّ الذي اتخذتموه أوثانًا لا يجمَعُكم عليه إلا المودة، ولهذا قال المؤلف: المعنى تواددتم على عبادتها، لأنَّه والعياذ بالله أهل الشر يتوَادُّون على فعلِ الشر كما أنَّ أهل الخير يتنَاصَرُون أيضًا على فعل الخير فكذلك أهل الشر، وقوله: (( مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ )) هنا يجوز في كلمة (بَيْن) أن يُضَافَ إليها ما قبلها ويجوز أن يُقطع عن الإضافة فيجوز مثلًا في غير القرآن مودَّةً بينَكم، ويجوز مَوَدَّةَ بينِكم وهي هنا على هذا الوجه، وقوله: ((فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )) متعَلِّقَة بما قبلها يعني أنَّها مودة في الحياة الدنيا فقط فهَؤلاء المشركون يتوَادُّون في الشِّرك في الدنيا فقط تجدُهم متنَاصِرين متعَاونين لكن (( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا )) (( يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ )) يعني ينكره كقوله تعالى: (( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ))[البقرة :166] وهذا لاشكَّ أنَّه إنكَار وكُفْر لبعضهم ببعض (( وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا )) كقوله تعالى: (( وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ))[الأحزاب67 :68] ومُجَادَلة الأتباع للمتبُوعِين في عدة آيات مِن القرآن ليس في آية البقرة فقط، فيه (( وقَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا )) (( وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا )) وما أشبه ذلك
الطالب: ((كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ))
الشيخ : ((كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا )) فالحاصل أنَّ هذه المودة بين المشركين في الدنيا فقط، أما يوم القيامة فإنَّ كلَّ واحد منهم يتبرأ من الآخر وينكِرُه ويلعنه أيضًا، وهذا لا شك أنَّه مِن أشد ما يكون من العقوبات، لكن المتقين خُلَّتهم باقية إلى يوم القيامة (( الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ))[الزخرف :67]، وأمَّا هؤلاء فإنَّ الموَدَّة فيما بينهم تزول في الموقِف، قال: (( يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ )) يَتَبَرَّأُ، بِتَبَرُّؤِ القادَة مِن الأتباع (( وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا )) بلعنِ الأتباع للقادة " نعم، والآية عامة أنه يتَبَرَّأ القادة مِن الأتباع والأتباع من القادة، وكذلك أيضًا يلعن بعضهم بعضًا قال: (( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ )) (( مأواكم )) مصيرُكم جميعًا فالمأوى بمعنى المصير لأنَّه مِن أوَى يَأْوِي إذا صارَ إلى الشيء واتَّجهَ إليه (( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ))[العنكبوت :25] وهذه النار قد أعدَّها الله سبحانه وتعالى للكافرين وهي الآن موجُودة ورآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أُسْرِي به، وهي نار لا يستطِيع الإنسان أن يُدْرِك في الدنيا ما فيها مِن العذاب، فإنَّها فُضِّلَت على نار الدنيا بتسع وستين جزءًا{ترى من عادتنا أن إذا تمت الحلقة ما حد يوسع لأحد لأنه لو بقينا كل واحد يوسع للثاني لكان تصير الحلقة واسعة، وكون ... متقاربين أحسن، أقول: إنَّ هذه النار فُضِّلَت على نار الدنيا بتسع وستين جزءًا أضِف إليها الجزء المتَمِّم للسبعين والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( على نارِكم هذه ) أو ( على نار الدنيا ) ونار الدنيا كما تعرفون فيها نار شديدة الحرارة وفيها نار متوسطة وفيها نار باردة بالنسبة لغيرِها ومع ذلك فإنها تُقاس في أعلى نار في الدنيا فتُفَضَّل عليها بتسع وستين جزءًا، (( وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )) مانِعين عنها " ((مَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )) هذه فيها (من) الزائدة للتوكيد لأن (( ناصرين )) أصلُها مبتدأ وخبرُه قوله: (( لكم )) يعني لا أحدَ ينصرُكم فيمنعُكم مِن دخول النار هذا كلام م ن؟ هذا كلام إبراهيم، لأنَّه قال: (( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ))[العنكبوت :25] هذا مِن كلام إبراهيم عليه الصلاة والسلام
الطالب: ((كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ))
الشيخ : ((كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا )) فالحاصل أنَّ هذه المودة بين المشركين في الدنيا فقط، أما يوم القيامة فإنَّ كلَّ واحد منهم يتبرأ من الآخر وينكِرُه ويلعنه أيضًا، وهذا لا شك أنَّه مِن أشد ما يكون من العقوبات، لكن المتقين خُلَّتهم باقية إلى يوم القيامة (( الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ))[الزخرف :67]، وأمَّا هؤلاء فإنَّ الموَدَّة فيما بينهم تزول في الموقِف، قال: (( يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ )) يَتَبَرَّأُ، بِتَبَرُّؤِ القادَة مِن الأتباع (( وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا )) بلعنِ الأتباع للقادة " نعم، والآية عامة أنه يتَبَرَّأ القادة مِن الأتباع والأتباع من القادة، وكذلك أيضًا يلعن بعضهم بعضًا قال: (( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ )) (( مأواكم )) مصيرُكم جميعًا فالمأوى بمعنى المصير لأنَّه مِن أوَى يَأْوِي إذا صارَ إلى الشيء واتَّجهَ إليه (( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ))[العنكبوت :25] وهذه النار قد أعدَّها الله سبحانه وتعالى للكافرين وهي الآن موجُودة ورآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أُسْرِي به، وهي نار لا يستطِيع الإنسان أن يُدْرِك في الدنيا ما فيها مِن العذاب، فإنَّها فُضِّلَت على نار الدنيا بتسع وستين جزءًا{ترى من عادتنا أن إذا تمت الحلقة ما حد يوسع لأحد لأنه لو بقينا كل واحد يوسع للثاني لكان تصير الحلقة واسعة، وكون ... متقاربين أحسن، أقول: إنَّ هذه النار فُضِّلَت على نار الدنيا بتسع وستين جزءًا أضِف إليها الجزء المتَمِّم للسبعين والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( على نارِكم هذه ) أو ( على نار الدنيا ) ونار الدنيا كما تعرفون فيها نار شديدة الحرارة وفيها نار متوسطة وفيها نار باردة بالنسبة لغيرِها ومع ذلك فإنها تُقاس في أعلى نار في الدنيا فتُفَضَّل عليها بتسع وستين جزءًا، (( وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )) مانِعين عنها " ((مَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )) هذه فيها (من) الزائدة للتوكيد لأن (( ناصرين )) أصلُها مبتدأ وخبرُه قوله: (( لكم )) يعني لا أحدَ ينصرُكم فيمنعُكم مِن دخول النار هذا كلام م ن؟ هذا كلام إبراهيم، لأنَّه قال: (( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ))[العنكبوت :25] هذا مِن كلام إبراهيم عليه الصلاة والسلام
4 - قال الله تعالى : << وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار ومالكم من ناصرين >> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << فأمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم >>
هل نقول أن معنى <<إني مهاجر إلى ربي >> أنه هاجر بدينه ؟
الطالب:..... موجود في كل البقاع؟
الشيخ : لا ما هو موجود في كل البقاع لو كان موجود في كُل بقعة ما خرَج مِن مكانه هذا لأنَّ قومه هؤلاء كذَّبوه وأنكرُوه وأرادُوا أن يُحْرِقُوه.
الطالب: يعني (( هاجَر )) هاجَر به لا هاجر إلى دينه.
الشيخ : إلى دينه إلى مكانٍ فيه دينُ الله ولذلك مثلًا المدينة صارَت دار الهجرة لَمَّا أُقِيمَ فيها الدين.
الطالب: يعني هاجر إلى قومٍ يعبدون الله.
الشيخ : إي نعم إلى دين الله.
الطالب: ....... ؟
الشيخ : نعم هذه قالها ... ما هو في الشام قالَها في مصر وهو صحِيح، وقوله في الأرض الصحيح أنه ليس المراد بعامة الأرض الصحيح أنَّ المراد أرض مِصْر.
الطالب: ........؟
الشيخ : إي نعم مؤمن
الشيخ : لا ما هو موجود في كل البقاع لو كان موجود في كُل بقعة ما خرَج مِن مكانه هذا لأنَّ قومه هؤلاء كذَّبوه وأنكرُوه وأرادُوا أن يُحْرِقُوه.
الطالب: يعني (( هاجَر )) هاجَر به لا هاجر إلى دينه.
الشيخ : إلى دينه إلى مكانٍ فيه دينُ الله ولذلك مثلًا المدينة صارَت دار الهجرة لَمَّا أُقِيمَ فيها الدين.
الطالب: يعني هاجر إلى قومٍ يعبدون الله.
الشيخ : إي نعم إلى دين الله.
الطالب: ....... ؟
الشيخ : نعم هذه قالها ... ما هو في الشام قالَها في مصر وهو صحِيح، وقوله في الأرض الصحيح أنه ليس المراد بعامة الأرض الصحيح أنَّ المراد أرض مِصْر.
الطالب: ........؟
الشيخ : إي نعم مؤمن
قال الله تعالى : << ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة و الكتاب وءاتيناه أجره في الدنيا وإنه في الأخرة لمن الصالحين >>
قال: (( وَوَهَبْنَا لَهُ )) [العنكبوت :27] بعدَ إسماعيل (( إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ )) " الهبَة معناها الإعطاء بدون ثوَاب أو بدون عِوَض، وكُلّ ما تفضَّل الله به على عباده فهو بدون عوض تفضُّلٌ منه، (( إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ )) بعد إسحاق " وإنما جَعَل الله يعقُوب هبةً لإبراهيم لأنَّه ابنُ ابنِه وسيأتِي لنا إن شاء الله تعالى في الفوائد أنَّ في هذا دليلًا على أن الجَدَّ أبٌ لأنَّ الله جعل ابن الابن هبَةً لجده، (( وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ )) ذُرِّيَّة مَن؟ إبراهيم وهنا خَالَف القاعدة الضَمِير فعاد إلى المذْكُور الأَوَّل والغَالب أنَّ الضمير يعُود إلى أقرب مذكور، لكنه قد يخرُج عن هذِه القاعدة بحسَبِ السِّيَاق كما في قوله تعالى: (( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ))[الحج :78](( هو )) يعُود على مَن؟ على الله لا على إبراهيم مع أنَّ إبراهيم أقرَب مذكور، وقوله: (( وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ )) قدَّم الجار والمجرور وهو الظرف على المظْرُوف وهي النُّبوة والكتاب إشارةً إلى الحصْر ولهذا قال أهل العلم: " ما مِن نبِيٍّ بعد إبراهيم إلا وهو مِن ذُرِّيَّةِ إبراهيم " ويُكنى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأبي الأنبِيَاء، وجعلنا في ذريته النبوة فكلُّ الأنبياء بعد إبراهيم مِن ذُرِّيَّتِه (( وَالْكِتَابَ )) بمعنى الكُتُب فهو مفْرَدٌ يُرَاد به الجنس أي التوراة والإنجيل والزَّبور والفُرْقان " التوراة نزلَت على موسى والإنجيل على عيسى والزَّبور على داوود والفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم، (( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا )) وهو الثناء الحَسن في كلِّ أهل الأديان " (( وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنِ الصَّالِحِينَ ))[العنكبوت :27](( آتيناه )) أعْطيناه فهي تنصِب مفعولين أحدُهما الهاء في (( آتيناه )) والثاني: (( أجرَه ))، وقولُه: (( أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا )) الأجر هو العِوَض عوَضُ الشيء يسمى أجرًا ومنه الأُجرة عوضًا للعامل على عملِه، وقوله: (( أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا )) ما هو أجرُه في الدنيا؟ هل نقول: إنَّه ما قال المؤلف الثناءُ الحَسن في كلِّ الأديان أو ما هو أعَمّ من ذلك؟ الصواب أنه ما هو أعم مِن ذلك مِن قُرَّةِ عينه بأولادِه وانتشَارِهم وكثْرَتِهم، وكذلك الثناءُ الحَسن كل الأديان ينْتَمُون إليه ويُرِيدُون أن يكُونَ مِنْه، ولهذا قال الله تعالى: (( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا )) كَمَا ادَّعَت اليهود (( وَلا نَصْرَانِيًّا )) كما ادَّعَتِ النصارى (( وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ))[آل عمران :67] ثم حَكَمَ الله تعالى بين الطَّوَائِف فقال: (( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ )) محمد صلى الله عليه وسلم (( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ))[آل عمران :68]، وقولُه: (( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنِ الصَّالِحِينَ ))[العنكبوت :27] اللَّام في قولِه: (( لَمِن الصالحين )) للتوكيد فالجملة مؤكدة بـ(إنَّ) واللام، وقوله: (( الصالحين )) أي الذين لهم الدرجات العُلَى، والمراد هنا أعلى أنواع الصالحين وهم الأنبياء أو الرُّسُل، لأَنَّ إبراهيم صلى الله عليه وسلم مِن أُولى العزم الخمسة وهم محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم عليه الصلاة والسلام وموسى وعيسَى ونوح، وقوله: (( لَمِن الصالحين )) إذا جَاءَت الصالِحُون وحدها شملت كُلَّ الأجناسِ الأربعة وهم النَّبِيُّون والصديقون والشهداء والصالحون والله أعلم
7 - قال الله تعالى : << ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة و الكتاب وءاتيناه أجره في الدنيا وإنه في الأخرة لمن الصالحين >> أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : << وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم ..................>>
أولًّا أَنَّ الأصنام لا تنفع عابِدِيها.
ومن فوائدها أيضًا أنَّ غاية ما يحصُل لهم مِن هذه الأصْنَام الـمُوَادَّة لهم في هذه الحياة الدنيا على الباطل.
ومن فوائدِها أيضًا أنَّ أهل الباطل قد يقَعُ بينهم مودَّة لِحِمَايَة باطِلِهم والانتصار على الحق ولكنَّ هذا لا يدُوم.
مِن فوائد الآية أنَّ هؤلاء الذين اجتمعوا على الباطل إذا كان يومُ القيامة فإنَّ بعضَهم يتبَرَّأُ من بعضهم ويلعن بعضُهم بعضًا لقوله: (( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ))[العنكبوت :25].
ومِن فوائدها إثباتُ البعْث لقوله: (( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ))، وسُمِّي يوم القيامة ذكرْناه سابقًا ونسيت أن أذكره في مجالسنا الأخيرة فقد سُمِّيَ يوم القيامة لِوجوه ثلاثة: أولًا أنَّ الناس يقُومُون فيه مِن قبورهم لِرَبِّ العالمين، وثانيًا أنَّه يقوم فيه الأشهاد كما قال الله تعالى: (( وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ))[غافر :51]، وثالثًا أنَّه يُقَامُ فيه العدْلُ (( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ))[الأنبياء :47].
الطالب: ما هو معنى الأشهاد؟
الشيخ : الأشهاد الذين يشْهَدُون على الرسل بأنَّهم بلَّغُوا وعلى الأمم بأنهم بُلِّغَت وكذلك الجوارح تشْهَد على الإنسان بما عَمِل.
ومِن فوائد الآية الكريمة إثباتُ النار لقوله: (( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ ))[العنكبوت :25]وهل هي موجودة الآن ولَّا لا؟ موجودة بدليل قوله تعالى: (( وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ))[آل عمران :131]فهي موجودة الآن.
ومِن فوائد الآية أنَّ هؤلاء المشركين لا يجِدُون مَن يمنَعُهم مِن عذاب الله لقوله: (( وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )) فلا أحدَ يمنَعُهم مِن عذابِ الله تعالى يوم القيامة.
ومن فوائدها أيضًا أنَّ غاية ما يحصُل لهم مِن هذه الأصْنَام الـمُوَادَّة لهم في هذه الحياة الدنيا على الباطل.
ومن فوائدِها أيضًا أنَّ أهل الباطل قد يقَعُ بينهم مودَّة لِحِمَايَة باطِلِهم والانتصار على الحق ولكنَّ هذا لا يدُوم.
مِن فوائد الآية أنَّ هؤلاء الذين اجتمعوا على الباطل إذا كان يومُ القيامة فإنَّ بعضَهم يتبَرَّأُ من بعضهم ويلعن بعضُهم بعضًا لقوله: (( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ))[العنكبوت :25].
ومِن فوائدها إثباتُ البعْث لقوله: (( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ))، وسُمِّي يوم القيامة ذكرْناه سابقًا ونسيت أن أذكره في مجالسنا الأخيرة فقد سُمِّيَ يوم القيامة لِوجوه ثلاثة: أولًا أنَّ الناس يقُومُون فيه مِن قبورهم لِرَبِّ العالمين، وثانيًا أنَّه يقوم فيه الأشهاد كما قال الله تعالى: (( وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ))[غافر :51]، وثالثًا أنَّه يُقَامُ فيه العدْلُ (( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ))[الأنبياء :47].
الطالب: ما هو معنى الأشهاد؟
الشيخ : الأشهاد الذين يشْهَدُون على الرسل بأنَّهم بلَّغُوا وعلى الأمم بأنهم بُلِّغَت وكذلك الجوارح تشْهَد على الإنسان بما عَمِل.
ومِن فوائد الآية الكريمة إثباتُ النار لقوله: (( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ ))[العنكبوت :25]وهل هي موجودة الآن ولَّا لا؟ موجودة بدليل قوله تعالى: (( وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ))[آل عمران :131]فهي موجودة الآن.
ومِن فوائد الآية أنَّ هؤلاء المشركين لا يجِدُون مَن يمنَعُهم مِن عذاب الله لقوله: (( وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )) فلا أحدَ يمنَعُهم مِن عذابِ الله تعالى يوم القيامة.
8 - فوائد قوله تعالى : << وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم ..................>> أستمع حفظ
هل يؤخذ من الآية :{ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا}أن المؤمنين تبقى مودتهم يوم القيامة؟.
هل يُؤْخَذ من الآية أنَّ المتقين في يوم القيامة تبقى موَّدتهم؟ ربما يُؤْخَذ بِما يُسَمَّى قِياس العكس الذي أثبَتَه النبي صلى الله عليه وسلم لأنَّ القياس قياسان: قياس مماثلة وموافقة وقياس عَكْس: قياس العكس أثبتَه الرسول صلى الله عليه وسلم في قولِه لما قال: ( وفي بُضْعِ أحدكم صدقة ) يعنى الإنسان إذا جامَع زوجتَه فهو صدقة قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوتَه ويكون فيها أجر فقال: ( أرأيتم لو وضعَها في حرام أكان عليه وزر ) الجواب نعم يكون عليه وزر ( فكذلك إذا وضعَها في الحلال كان له أجر ) هذا يُسَمَّى قياس العكس يمكن أن نقول: إذا كان هؤلاء المشركون يتبرَّأُ بعضهم مِن بعض يوم القيامة ويلعن بعضهم بعضًا فالمتَّقُون الموحدون المخلصون على عكسِ ذلك، وأنا أريد هل تُؤخذ مِن هذه الآية لَسْتُ أُريدُ إثبات الحكم نفسِه فإنَّ الحكم ثابِت في آية أخرى وهي قوله تعالى: (( الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ))[الزخرف :67]، ثم قال تعالى: (( فآمن له لُوط )) طيب فيها مناقَشَة ما ناقْشناه في الحقيقة أخذنا الفوائد ونسينا نناقش
9 - هل يؤخذ من الآية :{ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا}أن المؤمنين تبقى مودتهم يوم القيامة؟. أستمع حفظ
المناقشة
قوله تعالى: (( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ )) (يومَ) هذه ظرف وما هو العامل فيها؟ إبراهيم!
الطالب: يكفر
الشيخ : يكفر والثاني؟ .. تنازعها عاملان؟
الطالب: يكفر ويلعن.
الشيخ : يكفر ويلعَن، نعم، وقوله: (( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ )) إعرابُها مأوَى؟ أحمَد!
الطالب: ...... (( ومأواكم النار ))
الطالب: يكفر
الشيخ : يكفر والثاني؟ .. تنازعها عاملان؟
الطالب: يكفر ويلعن.
الشيخ : يكفر ويلعَن، نعم، وقوله: (( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ )) إعرابُها مأوَى؟ أحمَد!
الطالب: ...... (( ومأواكم النار ))
اضيفت في - 2007-08-13