تفسير سورة العنكبوت-07b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة تفسير قوله تعالى : << فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوآ أنفسهم يظلمون >>
هذا لَمَّا نفى أنهم ظلمهم بيَّن مِن أين وقع هذا الظلم فقال: (( كانوا أنفسهم يظلمون )) أنفسَهم خبَر (كان) والواو اسمها،
الطالب: ... (وأنفسَهم) مفعول (يظلمون) .. كانوا يظلمون أنفسهم
الشيخ : لا، اسم (كان) الواو كانوا، طيب لو كان تأكيدًا لكانت مرفُوعة منصوبة.
الطالب: منصوبة ب(يظْلمون) مِن باب الاشتغال.
الشيخ : مِن باب الاشتغال؟ ما تقولون الآن توافقون يا إبراهيم؟
الطالب: ... الخبر الجملة
الشيخ : الكلام على (أنفسَهم) ايش نقول فيها؟ نقول .. من باب الاشتغال؟
الطالب: لا ..ما فيه ضمير ...
الشيخ : إذًا مفعول مقَدَّم لـ(يظلمون) ولا فيه اشتغال لأنّ الاشتغال يقول ابن مالك:
إنْ مضْمَرُ اسمٍ سابق فعلًا شغَل عنه بنفس لفظ أو المحل
الاشتغال لا بد يكون ضمير في الفعل المشغُول ولهذا سميناه اشتغال أمَّا هنا فـ(أنفسهم) مفعول مقدم لـ(يظلمون) وتقديمُها له فائدتان فَائِدة لفظِيَّة وفائِدَة معنوية: الفائدة اللفظية مُرَاعَاة الفواِصل يعني أواخِر الآيات هذه فائدة لفظِيَّة، لو قال: ولكن كانوا يظلمون أنفسهم ما تناسَبَت مع ما قبلها وبعدَها، والثاني الفائدة المعنويّة الحصْر والاختصَاص يعني ما ظلَمُوا إلا أنفسهم نعم فهم في الحقيقة هُم الذين ظلموا ولكن كما قال تعالى في آية أخرى (( وما ظلمْنَاهم ولكن كانوا هم الظالمين )) أمَّا نحن ما ظلمناهم نعم.
الطالب: يا شيخ تقدير .. في قوم نوح يعني جعل السياق هذا ... ما ورد في قصة نوح ..
الشيخ : اي نعم وش فيها؟
الطالب: فمنهم يعني مِن المذكُورين عاد ومَن قبلهم وقارون وفرعون وهامان هؤلاء اللي ذُكروا، فكلًّا من المذكورين أخذْنا بذنبه فمنهم ترتيب يعني على الترتيب ذكْر قوم نوح الآن له وجْه...
الشيخ : ما يهم يعني على كل حال مِن الناس يعني أنت تريد أن تقول: الضمير على أقرب مذكور.
السائل : اي ثم ترتيبه تسلسل ترتيب القرءان ذكَر العذاب بالتسلسل على حسب التعذيب
الشيخ : ولِمن أخذته الصيحة نقول كثمود ما هو بهذا الترتيب لأن شعيب قبْل هؤلاء.
الطالب: .. الصيحة تصلح لشعيب لِقوم شعيب مدين.
الشيخ : إذا راعَيْنا الترتيب ما تصلُح هنا لثمود ولَّا لا؟ أو تصلح لأنَّه قبل قارون، فمنهم مَن أخذته الصيحة ومنهم لاسيما أنَّ المؤلف يقول: (فكلا) من المذكورين لو قال فكلًّا من المذنبين على كل حال المسألة بسيطة ما دام أنه فيه مثال لهذا وهذا.
أظن على (( ولقد تركْنا منها آية بينة ))؟ آخر ما كتَبْنا مِن الفوائد؟
الطالب: ....
الشيخ : ما أخذنا فوائد؟ ايش عندكم اللي يكتبون؟ ... (بما كانوا يفسقون)؟ ذكرنا فيها إثبات السبب؟
الطالب: اي ذكرنا .......
الشيخ : إذًا على قوله: (( ولقَد تركْنَا منها )) طيب
الطالب: ... (وأنفسَهم) مفعول (يظلمون) .. كانوا يظلمون أنفسهم
الشيخ : لا، اسم (كان) الواو كانوا، طيب لو كان تأكيدًا لكانت مرفُوعة منصوبة.
الطالب: منصوبة ب(يظْلمون) مِن باب الاشتغال.
الشيخ : مِن باب الاشتغال؟ ما تقولون الآن توافقون يا إبراهيم؟
الطالب: ... الخبر الجملة
الشيخ : الكلام على (أنفسَهم) ايش نقول فيها؟ نقول .. من باب الاشتغال؟
الطالب: لا ..ما فيه ضمير ...
الشيخ : إذًا مفعول مقَدَّم لـ(يظلمون) ولا فيه اشتغال لأنّ الاشتغال يقول ابن مالك:
إنْ مضْمَرُ اسمٍ سابق فعلًا شغَل عنه بنفس لفظ أو المحل
الاشتغال لا بد يكون ضمير في الفعل المشغُول ولهذا سميناه اشتغال أمَّا هنا فـ(أنفسهم) مفعول مقدم لـ(يظلمون) وتقديمُها له فائدتان فَائِدة لفظِيَّة وفائِدَة معنوية: الفائدة اللفظية مُرَاعَاة الفواِصل يعني أواخِر الآيات هذه فائدة لفظِيَّة، لو قال: ولكن كانوا يظلمون أنفسهم ما تناسَبَت مع ما قبلها وبعدَها، والثاني الفائدة المعنويّة الحصْر والاختصَاص يعني ما ظلَمُوا إلا أنفسهم نعم فهم في الحقيقة هُم الذين ظلموا ولكن كما قال تعالى في آية أخرى (( وما ظلمْنَاهم ولكن كانوا هم الظالمين )) أمَّا نحن ما ظلمناهم نعم.
الطالب: يا شيخ تقدير .. في قوم نوح يعني جعل السياق هذا ... ما ورد في قصة نوح ..
الشيخ : اي نعم وش فيها؟
الطالب: فمنهم يعني مِن المذكُورين عاد ومَن قبلهم وقارون وفرعون وهامان هؤلاء اللي ذُكروا، فكلًّا من المذكورين أخذْنا بذنبه فمنهم ترتيب يعني على الترتيب ذكْر قوم نوح الآن له وجْه...
الشيخ : ما يهم يعني على كل حال مِن الناس يعني أنت تريد أن تقول: الضمير على أقرب مذكور.
السائل : اي ثم ترتيبه تسلسل ترتيب القرءان ذكَر العذاب بالتسلسل على حسب التعذيب
الشيخ : ولِمن أخذته الصيحة نقول كثمود ما هو بهذا الترتيب لأن شعيب قبْل هؤلاء.
الطالب: .. الصيحة تصلح لشعيب لِقوم شعيب مدين.
الشيخ : إذا راعَيْنا الترتيب ما تصلُح هنا لثمود ولَّا لا؟ أو تصلح لأنَّه قبل قارون، فمنهم مَن أخذته الصيحة ومنهم لاسيما أنَّ المؤلف يقول: (فكلا) من المذكورين لو قال فكلًّا من المذنبين على كل حال المسألة بسيطة ما دام أنه فيه مثال لهذا وهذا.
أظن على (( ولقد تركْنا منها آية بينة ))؟ آخر ما كتَبْنا مِن الفوائد؟
الطالب: ....
الشيخ : ما أخذنا فوائد؟ ايش عندكم اللي يكتبون؟ ... (بما كانوا يفسقون)؟ ذكرنا فيها إثبات السبب؟
الطالب: اي ذكرنا .......
الشيخ : إذًا على قوله: (( ولقَد تركْنَا منها )) طيب
1 - تتمة تفسير قوله تعالى : << فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوآ أنفسهم يظلمون >> أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : << ولقد تركنا منهآ ءاية بينة لقوم يعقلون >>
الفوائد
قال الله تعالى: (( وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ))[العنكبوت:35] مِن فوائد هذا الآية حكمة الله سبحانه وتعالى في إبقاء آثار الآيات (ولقد تركْنا منها) يعنى المراد إبقاء.
ومن فوائدها أنَّه لا ينتفع بالآيات إلا ذوو العقول لقوله: (( لقوم يعقلون )).
ومنها فائدة العقل فكلما أُوتِي الإنسان عقلًا فإنَّه مِن نعمة الله عليه كلما كان أعقل فهو مِن نعمة الله، مِن أين ناخذ فائدة العقل؟ مِن كون صاحبِه ينتَفِعُ به في الآيات التي تركَها الله عز وجل طيب
قال الله تعالى: (( وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ))[العنكبوت:35] مِن فوائد هذا الآية حكمة الله سبحانه وتعالى في إبقاء آثار الآيات (ولقد تركْنا منها) يعنى المراد إبقاء.
ومن فوائدها أنَّه لا ينتفع بالآيات إلا ذوو العقول لقوله: (( لقوم يعقلون )).
ومنها فائدة العقل فكلما أُوتِي الإنسان عقلًا فإنَّه مِن نعمة الله عليه كلما كان أعقل فهو مِن نعمة الله، مِن أين ناخذ فائدة العقل؟ مِن كون صاحبِه ينتَفِعُ به في الآيات التي تركَها الله عز وجل طيب
فوائد قوله تعالى : << وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال ياقوم ............... >>
ثم قال: (( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ ))[العنكبوت:36] إلى آخره مِن فوائد هذه الآية إثباتُ رحمة الله وحكمتِه في إرسَال الرسل فإنَّ إرسالَ الرسل يدل على الرحمة والحكمة: أمَّا الرحمة فظاهرة، لأنَّه لا يمكن للعباد أن ينتفعوا بعقولهم في التعبُّد لله عز وجل ولهذا يقول العلماء إنَّ العبادات توقيفية، وأما الحكمة فلِئَلَّا يكون للناس على الله حُجَّةٌ بعد الرسل.
ومن فوائد الآية أنَّ النبيَّ غالبًا يكون مِن قومِه لأنَّ الأنبياء الذين ذُكروا في القرآن كله يعَبَّر فيها بقوله: (( إلى قومه )) و(( أخَاهم )) وما أشبه ذلك والحكمة من هذا يعني نرجع إلى يتَوَلَّد منها فائدة أخرى وهي أنَّ الذي ينبغي أن يكونَ الرسول معروفًا بين قومه لأجل أن يُسَاعِدُوه ويعينوه ولا يكَذِّبُوه.
من فوائد الآية وجوب عبادة الله لقولِه: (( اعبدوا الله )).
ومنها وجوب الاستعداد لليوم الآخر لقوله: (( وارجُوا اليوم الآخر )).
ومنها إثباتُ اليوم الآخر واضِح؟
ومنها تحريم الإفساد في الأرض لقولِه: (( ولا تعثو في الأرض مفسدين )) والأصل في النهي التحريم.
ومنها أنَّ الشرائع تجمَع بين الأمرين الإيجابي والسلبي: الإيجابي بأي شيء؟ بالأوامِر، والسلبي بالنواهي يعني أنَّ الشرائع أفعال وتُرُوك مو هو مجرد أفعال، ولا يُصْلِحُ العباد إلَّا هذا، لأنَّ الإنسان قد تناسِبُه الأوامر ولا تناسبه النواهي وقد تناسبه النواهي فتسْهُل عليه ولا تناسِبُه الأوامر فجمَع الله سبحانه وتعالى في شرائعَه بين الأمر والنهي.
ومنها قلنا: تحريم الإفساد في الأرض؟ وذكرْنا في التفسير أنَّ هذا الإفساد يشمَل الإفساد المعنوي بالمعاصِي والإفساد الحسي بالتدمير والإهلاك
ومن فوائد الآية أنَّ النبيَّ غالبًا يكون مِن قومِه لأنَّ الأنبياء الذين ذُكروا في القرآن كله يعَبَّر فيها بقوله: (( إلى قومه )) و(( أخَاهم )) وما أشبه ذلك والحكمة من هذا يعني نرجع إلى يتَوَلَّد منها فائدة أخرى وهي أنَّ الذي ينبغي أن يكونَ الرسول معروفًا بين قومه لأجل أن يُسَاعِدُوه ويعينوه ولا يكَذِّبُوه.
من فوائد الآية وجوب عبادة الله لقولِه: (( اعبدوا الله )).
ومنها وجوب الاستعداد لليوم الآخر لقوله: (( وارجُوا اليوم الآخر )).
ومنها إثباتُ اليوم الآخر واضِح؟
ومنها تحريم الإفساد في الأرض لقولِه: (( ولا تعثو في الأرض مفسدين )) والأصل في النهي التحريم.
ومنها أنَّ الشرائع تجمَع بين الأمرين الإيجابي والسلبي: الإيجابي بأي شيء؟ بالأوامِر، والسلبي بالنواهي يعني أنَّ الشرائع أفعال وتُرُوك مو هو مجرد أفعال، ولا يُصْلِحُ العباد إلَّا هذا، لأنَّ الإنسان قد تناسِبُه الأوامر ولا تناسبه النواهي وقد تناسبه النواهي فتسْهُل عليه ولا تناسِبُه الأوامر فجمَع الله سبحانه وتعالى في شرائعَه بين الأمر والنهي.
ومنها قلنا: تحريم الإفساد في الأرض؟ وذكرْنا في التفسير أنَّ هذا الإفساد يشمَل الإفساد المعنوي بالمعاصِي والإفساد الحسي بالتدمير والإهلاك
فوائد قوله تعالى : << فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين >>
ثم قال: (( فكذَّبُوه فأخذَتْهم الرجفة فأصبحوا في دارِهم جاثمين )) مِن فوائد هذه الآية بيان ما يعانيه الرسل عليهم الصلاة والسلام من أقوامِهم لقوله: (( فكذبوه )) ولا ريبَ أنَّ تكذيب الإنسان الذي على حقّ أنَّه يبلُغُ في نفسه كل مبْلَغ، إنسان معه الحق والآيات وجاء لمصلَحَةِ الخلق ثم يكذِّبُونه هذا أمرٌ ليس بهَيِّن على النفس.
من فوائد الآية أيضا تسلِيَةُ الدعاة إلى الله عز وجل إذا عُورِضوا في دعوتِهم كيف ذلك؟ كيف هذه التسلية؟ أنَّ الرسل كُذِّبوا فهم مِن باب أولى، ولهذا يُسَلِّي الله النبي عليه السلام بمثل هذا (( وإن يُكَذِّبُوك فقد كُذِّبَت رسلٌ من قبلك جاءُوا بالبينات والزبر والكتاب المنير )) (( ولقد كُذِّبَت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا )) الداعي إلى الله لا ينبغِي أن يأنَف مِن أن يُكَذَّب فإنَّ هذا هو طريقُ الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعُهم سيكونوا مثلَهم.
مِن فوائِد الآية التعْجِيل بالعُقُوبة للمُكَذِّب هذا متَى؟ إذا قلنا: إن الفاء في قوله: (فأخذتهم( ايش؟ عاطفة، أمَّا إذا قلنا: إنها سببية فلا تدُلّ، لأن المسبَّب قد يتأخَّر عن السبب.
ومِنها من فوائد الآية حكمة الله عز وجل في عقوبَة المكذبين لِرُسُلِهم.
ومنها أنَّ العقوبة ليست جَوْرًا ولا ظُلْما لأَنّ الله تعالى مُنَزَّهٌ عن الظلم ولا يظلِمُ أحدًا فلولا أنَّ هؤلاء يعاقَبُون بحقّ ما عاقبَهم الله.
ومنها قدرة الله سبحانه وتعالى لقوله: (( فأصبحوا في دارهم جاثمين )) وكم هم؟ عددهم؟ قوْم قبيلة كبيرة أبادَهم الله تعالى في لحظَة وهذا دليل على قدرتِه وأنَّه إذا أراد شيئا فإنَّما يقول له: كن فيكون.
ومنها أنَّ الملاجئ لا تنفَعُ مِن الله تُؤْخذ مِن قوله: (في دارهم) الدار ملجَأ للإنسان يلجأُ بها مِن عدوه لكنَّها بالنسبة إلى الله لا تمنع ولا تنفع فلهذا قال: أصبحوا في دارهم
من فوائد الآية أيضا تسلِيَةُ الدعاة إلى الله عز وجل إذا عُورِضوا في دعوتِهم كيف ذلك؟ كيف هذه التسلية؟ أنَّ الرسل كُذِّبوا فهم مِن باب أولى، ولهذا يُسَلِّي الله النبي عليه السلام بمثل هذا (( وإن يُكَذِّبُوك فقد كُذِّبَت رسلٌ من قبلك جاءُوا بالبينات والزبر والكتاب المنير )) (( ولقد كُذِّبَت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا )) الداعي إلى الله لا ينبغِي أن يأنَف مِن أن يُكَذَّب فإنَّ هذا هو طريقُ الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعُهم سيكونوا مثلَهم.
مِن فوائِد الآية التعْجِيل بالعُقُوبة للمُكَذِّب هذا متَى؟ إذا قلنا: إن الفاء في قوله: (فأخذتهم( ايش؟ عاطفة، أمَّا إذا قلنا: إنها سببية فلا تدُلّ، لأن المسبَّب قد يتأخَّر عن السبب.
ومِنها من فوائد الآية حكمة الله عز وجل في عقوبَة المكذبين لِرُسُلِهم.
ومنها أنَّ العقوبة ليست جَوْرًا ولا ظُلْما لأَنّ الله تعالى مُنَزَّهٌ عن الظلم ولا يظلِمُ أحدًا فلولا أنَّ هؤلاء يعاقَبُون بحقّ ما عاقبَهم الله.
ومنها قدرة الله سبحانه وتعالى لقوله: (( فأصبحوا في دارهم جاثمين )) وكم هم؟ عددهم؟ قوْم قبيلة كبيرة أبادَهم الله تعالى في لحظَة وهذا دليل على قدرتِه وأنَّه إذا أراد شيئا فإنَّما يقول له: كن فيكون.
ومنها أنَّ الملاجئ لا تنفَعُ مِن الله تُؤْخذ مِن قوله: (في دارهم) الدار ملجَأ للإنسان يلجأُ بها مِن عدوه لكنَّها بالنسبة إلى الله لا تمنع ولا تنفع فلهذا قال: أصبحوا في دارهم
فوائد قوله تعالى : << وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين >>
ثم قال تعالى: (( وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ))[العنكبوت:38] مِن فوائد هذه الآية أوَّلًا: أنَّه ينبغِي الاعْتِبَار بأحوال مَن مضى، مِن أين تؤخذ؟ (( وقد تبيَّن لكم من مساكنهم )) يعني فاعتبِرُوا واتّعِظُوا.
ومنها بيانُ قدرة الله سبحانه وتعالى لأنَّ عادًا مِن أقوى عباد الله حتى إنَّهم قالوا: (( مَن أشد منَّا قوة )) ومع ذلك أهلكَهم الله بألطَف الأشياء ما هي؟
الطالب: الريح
الشيخ : الريح اللي هي مِن ألطف الأشياء أهلكَهم الله بها، فدلَّ هذا على كَمَال قدرةِ الله سبحانه وتعالى وأنَّه مهما بلغ الناسُ مِن القوة فليسَت قوتُهم بشيء بالنسبة إلى قوة الله.
ومِن فوائد الآية أنَّ الشيطان قد يُسَلَّطُ على بني آدم لقولِه: (( وزين لهم الشيطان أعمالهم )).
ومِن فوائدها التحذِير من تزْيِين الأعمال وأظُن كلّنا نفهَم أنَّ قوله: (زيَّن أعمالهم) أنَّها تدل على أنَّ هذه الأعمال أصلُها قبيح لكنَّها زُيِّنَت فيَجِب الحذر مِن تزيين الشيطان، إذا قال قائلٌ: ما هو الضابط لتزيين الشيطان قد أهوَى هذا العمل ويَزِين في نفسي فأفعل فلا أدري هل هو مِن تزيين الشيطان أو مِن تزيين الله عز وجل فما هو الضابِط؟ الضابط: إذا كان هذا العملُ خلاف شريعةِ الله فهو مِن تزيين الشيطان وإن كان موافقًا لِشريعة الله فهو مِن هداية الله وليس مِن تزْيِين الشيطان.
ومنها إثباتُ الشياطِين وتأثيرِها على بني آدم لقوله: (( وزين لهم الشيطان أعمالهم )).
ومنها الردّ على الجبرِيَّة في نسبَة الأعمال إليهم فإذا نُسِبَ إليهم فمعنى ذلك أنَّهم فاعلون حقيقة.
ومن فوائد الآية أيضًا أنَّ الأعمال السيئة قد تكُونُ سببًا لِضَلَالِ العبد لقولِه: (( وزيَّن لهم الشيطان أعمالهم فصدَّهم )) ولا ريبَ أنَّ الأعمال السيئة أنَّها سببٌ لضلال العبد (( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ))[المائدة:13] والأعمال السيئة يجُرُّ بعضها بعضًا حتى يعمَى الإنسان -والعياذ بالله- عن الحق بسبب معصيته.
ومِن فوائد الآية بشاعَةُ الصَّدِّ عن السبيل مع البصيرة مِن أين تؤخذ؟ مِن قوله: (( وكانوا مستبصرين )) فإنَّ الجملة هنا حالية على تقدير (قد) يعني فصدَّهُم وقد كانوا مستبصرين، والمستبصر كان بصَدَدِ ألا يصُدّ لكن -والعياذ بالله- قُوَّة السبب وضَعْف المانع هو الذي أوجَبَ لهم أن يصُدُّوا عن سبيل الله.
ومِن فوائد الآية استعمال أو اعتبار دلالة الألفاظ بِمَا يفهَمُه المخاطب أعني أنَّ (ال) في قوله: (السبيل) للعهْد أي العهود؟ العهد الذهني ففيه دليل على أنَّ المخاطب قد يُحَال على ما يفهمُه في ذهنِه من دلالَة الخطاب، وهو كذلك فلو قال قائل: هذه الآية فيها إبهام عن السبيل ما ندري أي سبيل؟ قلنا: لا إبهام فيها ما دام هناك شيءٌ معهود للمخاطَب فإنَّه ليس فيها إبهام
ومنها بيانُ قدرة الله سبحانه وتعالى لأنَّ عادًا مِن أقوى عباد الله حتى إنَّهم قالوا: (( مَن أشد منَّا قوة )) ومع ذلك أهلكَهم الله بألطَف الأشياء ما هي؟
الطالب: الريح
الشيخ : الريح اللي هي مِن ألطف الأشياء أهلكَهم الله بها، فدلَّ هذا على كَمَال قدرةِ الله سبحانه وتعالى وأنَّه مهما بلغ الناسُ مِن القوة فليسَت قوتُهم بشيء بالنسبة إلى قوة الله.
ومِن فوائد الآية أنَّ الشيطان قد يُسَلَّطُ على بني آدم لقولِه: (( وزين لهم الشيطان أعمالهم )).
ومِن فوائدها التحذِير من تزْيِين الأعمال وأظُن كلّنا نفهَم أنَّ قوله: (زيَّن أعمالهم) أنَّها تدل على أنَّ هذه الأعمال أصلُها قبيح لكنَّها زُيِّنَت فيَجِب الحذر مِن تزيين الشيطان، إذا قال قائلٌ: ما هو الضابط لتزيين الشيطان قد أهوَى هذا العمل ويَزِين في نفسي فأفعل فلا أدري هل هو مِن تزيين الشيطان أو مِن تزيين الله عز وجل فما هو الضابِط؟ الضابط: إذا كان هذا العملُ خلاف شريعةِ الله فهو مِن تزيين الشيطان وإن كان موافقًا لِشريعة الله فهو مِن هداية الله وليس مِن تزْيِين الشيطان.
ومنها إثباتُ الشياطِين وتأثيرِها على بني آدم لقوله: (( وزين لهم الشيطان أعمالهم )).
ومنها الردّ على الجبرِيَّة في نسبَة الأعمال إليهم فإذا نُسِبَ إليهم فمعنى ذلك أنَّهم فاعلون حقيقة.
ومن فوائد الآية أيضًا أنَّ الأعمال السيئة قد تكُونُ سببًا لِضَلَالِ العبد لقولِه: (( وزيَّن لهم الشيطان أعمالهم فصدَّهم )) ولا ريبَ أنَّ الأعمال السيئة أنَّها سببٌ لضلال العبد (( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ))[المائدة:13] والأعمال السيئة يجُرُّ بعضها بعضًا حتى يعمَى الإنسان -والعياذ بالله- عن الحق بسبب معصيته.
ومِن فوائد الآية بشاعَةُ الصَّدِّ عن السبيل مع البصيرة مِن أين تؤخذ؟ مِن قوله: (( وكانوا مستبصرين )) فإنَّ الجملة هنا حالية على تقدير (قد) يعني فصدَّهُم وقد كانوا مستبصرين، والمستبصر كان بصَدَدِ ألا يصُدّ لكن -والعياذ بالله- قُوَّة السبب وضَعْف المانع هو الذي أوجَبَ لهم أن يصُدُّوا عن سبيل الله.
ومِن فوائد الآية استعمال أو اعتبار دلالة الألفاظ بِمَا يفهَمُه المخاطب أعني أنَّ (ال) في قوله: (السبيل) للعهْد أي العهود؟ العهد الذهني ففيه دليل على أنَّ المخاطب قد يُحَال على ما يفهمُه في ذهنِه من دلالَة الخطاب، وهو كذلك فلو قال قائل: هذه الآية فيها إبهام عن السبيل ما ندري أي سبيل؟ قلنا: لا إبهام فيها ما دام هناك شيءٌ معهود للمخاطَب فإنَّه ليس فيها إبهام
5 - فوائد قوله تعالى : << وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين >> أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : << وقارون وفرعون وهامان ولقد جآهم موسى بالبينات فاسكبروا في الأرض وماكانوا سابقين >>
ثم قال: (( وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ ))[العنكبوت:39] فيه ذَمّ هؤلاء الثلاثة الأشخاص قارون وفرعون وهامان.
ومن فوائدها أيضا أنَّ سبَبَ الطغيان قد يكون المال وقد يكُون الجَاه والرِّئاسة، ففي قارُون سببُ طغيانِه المال، وفي فرعون وهامان الجاهُ والرِّئَاسة، وهذَان السببان هما سبَبُ استكْبَار الإنسان عن طاعة الله سبحانه وتعالى.
ومن فوائدِها إثباتُ رسالَة موسى صلى الله عليه وسلم لقوله: (( ولقد جاءهم موسى بالبينات )).
ومن فوائدها أنَّ موسى رسُول إلى فرعون وإلى بني إسرائيل، فرعون هُو مِن بني إسرائيل؟
الطالب: لا
الشيخ : مِن أين؟ من الأقباط، كيف نجمع بين هذا وبين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( وكان النبي يبعث إلى قومه خاصَّة )) وقومُ موسى هم بنو إسرائيل وموسى أُرْسِل إلى فرعون وإِلى بني إسرائيل؟
الطالب: .... مصر مملكة فرعون اللي هم بني إسرائيل، وبما أنه كان يستعبدهم ................. حتى يخرجوا معه .....
الشيخ : يعني أنَّ دخول بني إسرائيل في مملكة فرعون تقتَضِي الحكمة أنه يُرسَل إليهما جميعًا؟
الطالب: فرعون كان يمنعهم ويستعبدهم.
الشيخ : أي نعم، ومنع أيضًا موسى مِن أن يأخذ بني إسرائيل معه.
الطالب: .........
الشيخ : طيب إذًا يكون فرعون تابِع لِبني إسرائيل مع أنَّ أصْل الرسالة إلى مَن؟ إلى فرعون فكيف مثلًا يكُون الذي له أصل هو التابع؟ إذًا نرجع إلى ما قاله ايش اسمك؟ عصام
الطالب: .....
الشيخ : يعني إذًا نرجع إلى هذا نقول: أنَّه ما يمكِن إصلاح بني إسرائيل حتى يصْلح مَن له السيطرة عليهم هذا مرادُه؟
الطالب: قوله تعالى: (( ونريد أن نمُن على الذين استضعفوا في الأرض )) ...
الشيخ : المهم الآن أنّنا كلنا متفقون على أنَّ الرسالة إلى مَن؟ إلى فرعون وإلى بني إسرائيل، بل هي إلى فرعون أصلًا نعم.
الطالب: .........
الشيخ : دعاه إلى الله بل إنَّ الآيات (أرسلنا موسى إلى فرعون) كلها تدل على أن أصل الرسالة إلى فرعون.
الطالب: يقال إن الله سبحانه وتعالى حكمته .. أن يرسل إلى أقوام الأنبياء لأنَّه فيهم حمِيَّة إليه وركون إليه ونُصرة وهنا في فرعون له أيضًا حميَّة وميل إليه باعتباره هو اللي رباه باعتباره نشأ في كنفه فشارَك بني إسرائيل في هذا الحكْم.
الشيخ : أنا عندي والله أعلم أنَّ الجواب مِن أحد وجهين: الوجه الأول أنَّ قوله: ( كان النبي يبعث إلى قومه خاصّة ) ليس أولَ عُمومٍ يُخَصَّص يمكن أن نقول: هذا باعتبار الأكثر والأعمّ ونقول: إن موسى دلَّ الدليل على أنَّه بُعِث إلى فرعون وإلى بني إسرائيل وهذا الجواب ما فيه تكلف، ويمكن أن نقول: إنَّ الرسالة إلى فرعون لأنَّه ما يمكن لبني إسرائيل أن يستَقِلُّوا وأن يقوموا بواجِب الرسالة واتِّبَاع موسى إلا إذا اهْتَدى فرعون ولذلك ما كان لهم دولَة وسُلْطة إلا بعد أن أهلكَ الله فرعَوْن فيكون هذا قُصِدَ فرعون أولًّا، لأنَّه لا يمكن الوُصول إلى بني إسرائيل واستقْلَال الدعوة فيهم إلا بعد أن يُسْلِم هذا الرجل أو يَكفى كما هو الواضِح فتكون رسالته هنا مِن باب الوسائل إلى المقصود يكون موسى عليه الصلاة والسلام أُرسِل إلى بني إسرائيل لكن لا يمكن تحقيق الرسالة في بني إسرائيل حتى يهتَدِي هذا الرجل أو يقضِيَ الله عليه والذي حصَل أنَّ الله قضَى عليه بعد ما حصل مِن الآيات والبينات إلى آخره.
الطالب: والأقباط ....
الشيخ : الظاهر أنَّ الأقبَاط اللي في مصر بل كُل اللي في تحت ولَاية فرعون داخِلُون في هذا لأنَّه بالضرورة إذا آمن فرعون فسَيُؤْمِنُون لأنَّ السيطرة له عليهم.
الطالب: ......
الشيخ : إذا قلنا إنَّ المراد بالقوم مَن بُعِث فيهم صار معناه لو بُعِث النبي إلى جميع الناس صارُوا قومه فبَطَل دلالةُ آخر الحديث، وسيأتينا في قصة شعيب أو مَرَّ علينا في قصة شعيب أنَّه أيضًا أُرسِل إلى أصحاب الأيكة وليسُوا مِن قومه بدليل أنه ما قال: أخاهم، فالجواب: الأول وهو أن نقول: إنَّ هذا العموم قد خُصِّص دلَّتْ الأدلة أن بعض الرسل أُرسِل إلى قومِه وإلى غيرِهم ممن .. لكن ما فيه أيّ رسول أُرسل إلى الناس عامَّة أبدًا إلَّا محمد صلى الله عليه وسلم.
طيب من فوائد الآية قوله: (( ولقد جاءهم موسى بالبينات )) مِن فوائد الآية أنَّ الرُّسْل يُؤَيَّدُون بالآيات البينة لقولِه: (( بالبينات )) وثبتَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ما مِن نَبِيٍّ إلا أُوتِي مِن الآيات ما على مثلِه يؤمِن البشر ).
طيب من فوائدِها أيضًا إثباتُ الرحَّمة والحكمة في آياتِ الأنبياء أليس كذلك؟ لأنَّ الآيات التي مع الرسل رحْمَةٌ بالخلق وحِكْمَة: رحمة لأجْل أن تكون سببًا لاهتِدَائِهم، وحكمة لإقامَةِ الحجة عليهم حتى لا يقول قائل: إنَّ هذا الرسول ما أتانا بآية فهو كاذب، فإذًا إثبات الآيات للأنبياء فيها متضَمِّنَةٌ للرحمة والحكمة، الرحمة يا حسين كيف نقول إعطاء الأنبياء الآيات يتضَمَّن الرحمة؟
الطالب: ما يمكن يتعبدون إلَّا عن طريق طاعة الرسل ...
الشيخ : أي نعم قلنا: إن الآيات التي أوتيها الأنبياء تتضمن إثباتَ رحمة الله وحكمتِه، .... لأنَّ الآيات وسيلة إلى الهدايَة إذا رأَوا الآيات اهتدَوْا حِكْمة كيف ذلك؟
الطالب: .....
الشيخ : ما نسأل عن حكمة إرسال الرسل، حكْمَة إيتَاء الرسل الآيات
الطالب: ... تقوم عليهم الحجة
الشيخ : على مَن؟
الطالب: ...
الشيخ : فيقال لهم: أنتم كذَّبتم من قامَت الآيات على صدْقِهم، طيب حطوا بالكم يا جماعة لا .. الواحد منكم يحضر ويكون ... هذا غلط لازم الإنسان إذا حضَر يحضر بقلبه وجسمه، قال: (( بالبينات )).
ومِن فوائد الآية أنَّ بشاعة كفْر هؤلاء الثلاثة قارون وفرعون وهامان وذلك بالاستِكْبَار عن الحق والإعْرَاض عنه ولهذا قال: (( فاستكبروا في الأرض )).
ومِن فوائدِها كمالُ قدرةِ الله سبحانه وتعالى حيث لا يفُوتُه أحد مِن خلقه لقوله: (( وما كانوا سابقين )) مع عظمتِهم وكبرِيَائِهم وأموالِهم ما يسبِقُون الله وهذا تحقيقُ قولِه صلى الله عليه وسلم في أذكار الصلاة: ( ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدّ ) فإن الإنسان مهما عظُم وكثُر لا ينفَعُه عظمَتُه وكثْرَتُه
ومن فوائدها أيضا أنَّ سبَبَ الطغيان قد يكون المال وقد يكُون الجَاه والرِّئاسة، ففي قارُون سببُ طغيانِه المال، وفي فرعون وهامان الجاهُ والرِّئَاسة، وهذَان السببان هما سبَبُ استكْبَار الإنسان عن طاعة الله سبحانه وتعالى.
ومن فوائدِها إثباتُ رسالَة موسى صلى الله عليه وسلم لقوله: (( ولقد جاءهم موسى بالبينات )).
ومن فوائدها أنَّ موسى رسُول إلى فرعون وإلى بني إسرائيل، فرعون هُو مِن بني إسرائيل؟
الطالب: لا
الشيخ : مِن أين؟ من الأقباط، كيف نجمع بين هذا وبين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( وكان النبي يبعث إلى قومه خاصَّة )) وقومُ موسى هم بنو إسرائيل وموسى أُرْسِل إلى فرعون وإِلى بني إسرائيل؟
الطالب: .... مصر مملكة فرعون اللي هم بني إسرائيل، وبما أنه كان يستعبدهم ................. حتى يخرجوا معه .....
الشيخ : يعني أنَّ دخول بني إسرائيل في مملكة فرعون تقتَضِي الحكمة أنه يُرسَل إليهما جميعًا؟
الطالب: فرعون كان يمنعهم ويستعبدهم.
الشيخ : أي نعم، ومنع أيضًا موسى مِن أن يأخذ بني إسرائيل معه.
الطالب: .........
الشيخ : طيب إذًا يكون فرعون تابِع لِبني إسرائيل مع أنَّ أصْل الرسالة إلى مَن؟ إلى فرعون فكيف مثلًا يكُون الذي له أصل هو التابع؟ إذًا نرجع إلى ما قاله ايش اسمك؟ عصام
الطالب: .....
الشيخ : يعني إذًا نرجع إلى هذا نقول: أنَّه ما يمكِن إصلاح بني إسرائيل حتى يصْلح مَن له السيطرة عليهم هذا مرادُه؟
الطالب: قوله تعالى: (( ونريد أن نمُن على الذين استضعفوا في الأرض )) ...
الشيخ : المهم الآن أنّنا كلنا متفقون على أنَّ الرسالة إلى مَن؟ إلى فرعون وإلى بني إسرائيل، بل هي إلى فرعون أصلًا نعم.
الطالب: .........
الشيخ : دعاه إلى الله بل إنَّ الآيات (أرسلنا موسى إلى فرعون) كلها تدل على أن أصل الرسالة إلى فرعون.
الطالب: يقال إن الله سبحانه وتعالى حكمته .. أن يرسل إلى أقوام الأنبياء لأنَّه فيهم حمِيَّة إليه وركون إليه ونُصرة وهنا في فرعون له أيضًا حميَّة وميل إليه باعتباره هو اللي رباه باعتباره نشأ في كنفه فشارَك بني إسرائيل في هذا الحكْم.
الشيخ : أنا عندي والله أعلم أنَّ الجواب مِن أحد وجهين: الوجه الأول أنَّ قوله: ( كان النبي يبعث إلى قومه خاصّة ) ليس أولَ عُمومٍ يُخَصَّص يمكن أن نقول: هذا باعتبار الأكثر والأعمّ ونقول: إن موسى دلَّ الدليل على أنَّه بُعِث إلى فرعون وإلى بني إسرائيل وهذا الجواب ما فيه تكلف، ويمكن أن نقول: إنَّ الرسالة إلى فرعون لأنَّه ما يمكن لبني إسرائيل أن يستَقِلُّوا وأن يقوموا بواجِب الرسالة واتِّبَاع موسى إلا إذا اهْتَدى فرعون ولذلك ما كان لهم دولَة وسُلْطة إلا بعد أن أهلكَ الله فرعَوْن فيكون هذا قُصِدَ فرعون أولًّا، لأنَّه لا يمكن الوُصول إلى بني إسرائيل واستقْلَال الدعوة فيهم إلا بعد أن يُسْلِم هذا الرجل أو يَكفى كما هو الواضِح فتكون رسالته هنا مِن باب الوسائل إلى المقصود يكون موسى عليه الصلاة والسلام أُرسِل إلى بني إسرائيل لكن لا يمكن تحقيق الرسالة في بني إسرائيل حتى يهتَدِي هذا الرجل أو يقضِيَ الله عليه والذي حصَل أنَّ الله قضَى عليه بعد ما حصل مِن الآيات والبينات إلى آخره.
الطالب: والأقباط ....
الشيخ : الظاهر أنَّ الأقبَاط اللي في مصر بل كُل اللي في تحت ولَاية فرعون داخِلُون في هذا لأنَّه بالضرورة إذا آمن فرعون فسَيُؤْمِنُون لأنَّ السيطرة له عليهم.
الطالب: ......
الشيخ : إذا قلنا إنَّ المراد بالقوم مَن بُعِث فيهم صار معناه لو بُعِث النبي إلى جميع الناس صارُوا قومه فبَطَل دلالةُ آخر الحديث، وسيأتينا في قصة شعيب أو مَرَّ علينا في قصة شعيب أنَّه أيضًا أُرسِل إلى أصحاب الأيكة وليسُوا مِن قومه بدليل أنه ما قال: أخاهم، فالجواب: الأول وهو أن نقول: إنَّ هذا العموم قد خُصِّص دلَّتْ الأدلة أن بعض الرسل أُرسِل إلى قومِه وإلى غيرِهم ممن .. لكن ما فيه أيّ رسول أُرسل إلى الناس عامَّة أبدًا إلَّا محمد صلى الله عليه وسلم.
طيب من فوائد الآية قوله: (( ولقد جاءهم موسى بالبينات )) مِن فوائد الآية أنَّ الرُّسْل يُؤَيَّدُون بالآيات البينة لقولِه: (( بالبينات )) وثبتَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ما مِن نَبِيٍّ إلا أُوتِي مِن الآيات ما على مثلِه يؤمِن البشر ).
طيب من فوائدِها أيضًا إثباتُ الرحَّمة والحكمة في آياتِ الأنبياء أليس كذلك؟ لأنَّ الآيات التي مع الرسل رحْمَةٌ بالخلق وحِكْمَة: رحمة لأجْل أن تكون سببًا لاهتِدَائِهم، وحكمة لإقامَةِ الحجة عليهم حتى لا يقول قائل: إنَّ هذا الرسول ما أتانا بآية فهو كاذب، فإذًا إثبات الآيات للأنبياء فيها متضَمِّنَةٌ للرحمة والحكمة، الرحمة يا حسين كيف نقول إعطاء الأنبياء الآيات يتضَمَّن الرحمة؟
الطالب: ما يمكن يتعبدون إلَّا عن طريق طاعة الرسل ...
الشيخ : أي نعم قلنا: إن الآيات التي أوتيها الأنبياء تتضمن إثباتَ رحمة الله وحكمتِه، .... لأنَّ الآيات وسيلة إلى الهدايَة إذا رأَوا الآيات اهتدَوْا حِكْمة كيف ذلك؟
الطالب: .....
الشيخ : ما نسأل عن حكمة إرسال الرسل، حكْمَة إيتَاء الرسل الآيات
الطالب: ... تقوم عليهم الحجة
الشيخ : على مَن؟
الطالب: ...
الشيخ : فيقال لهم: أنتم كذَّبتم من قامَت الآيات على صدْقِهم، طيب حطوا بالكم يا جماعة لا .. الواحد منكم يحضر ويكون ... هذا غلط لازم الإنسان إذا حضَر يحضر بقلبه وجسمه، قال: (( بالبينات )).
ومِن فوائد الآية أنَّ بشاعة كفْر هؤلاء الثلاثة قارون وفرعون وهامان وذلك بالاستِكْبَار عن الحق والإعْرَاض عنه ولهذا قال: (( فاستكبروا في الأرض )).
ومِن فوائدِها كمالُ قدرةِ الله سبحانه وتعالى حيث لا يفُوتُه أحد مِن خلقه لقوله: (( وما كانوا سابقين )) مع عظمتِهم وكبرِيَائِهم وأموالِهم ما يسبِقُون الله وهذا تحقيقُ قولِه صلى الله عليه وسلم في أذكار الصلاة: ( ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدّ ) فإن الإنسان مهما عظُم وكثُر لا ينفَعُه عظمَتُه وكثْرَتُه
6 - فوائد قوله تعالى : << وقارون وفرعون وهامان ولقد جآهم موسى بالبينات فاسكبروا في الأرض وماكانوا سابقين >> أستمع حفظ
فوائد قوله تعالى : << فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ................ >>
وقوله: (( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ))[العنكبوت:40] مِن فوائد هذه الآية تمامُ قدرةِ الله في إرسالِ هذه العقوبات فإنَّها كلها عقوبات تدُلّ على القدرة.
ومنْها إبطَال قول هؤلاء الملحدين حينما تأتي مثل هذه الآيات في الوقت الحاضر فيقولوا هذه مِن الكوارث الطبيعية تأتي الزلازل اللي هي الرجفة ويقولون: هذه مسألة طبيعية، وتأتي الفيضانات العظيمة التي تُدَمِّر ويقولون هذه كوارث طبيعية ما يعتَبِرُون بها ويرون أنَّها نوع من العقوبات التي جرَت على الأمم السابقة، وكذلك الرياح الشديدة وهذا مِن موت القلوب والعياذ بالله أنَّ الإنسان يُعرَض عن التأمُّل والتدبر في هذه الآيات ويضِيفها إلى أمور طبيعية، وكأنها على زعمهم كأنَّ الطبيعة هي التي تخلُق وتفعَل بدون الله.
ومن فوائد الآية إثباتُ حكمَةِ الله عز وجل لقوله: (( أخذنا بذنبه )) سواءٌ قلنا إنَّ الباء للسببية أو لِلمقابلة.
ومنها إثباتُ الأسباب، وكل مَا جاءك في القرآن مِن لام للتعليل أو باء للسببية فإنها تدُلّ على إثبات الأسباب والحِكَم.
ومنها الردُّ على الجبرية الذين يُنكِرُون الأسباب ومَن وافقهم مِن الأشعرية فإنَّنا نحنُ أهل السنة والجماعة نُؤْمِن بالأسباب لكننا لا نقول إنَّ هذه الأسباب مؤثرة بنفسها ولكن بخلْقِ الله سبحانه وتعالى فيها التأثير.
ومنها أنَّ الجزاء مِن جنس العمل هذا على أيِّ الاحتمالين في الباء؟ البَدَلِيَّة والمقَابَلَة، الجزاءُ مِن جنس العمل لقولِه: (( فكلا أخذنا بذنبه ))، واعلموا أنَّ الجزاء من جنس العمل في الجزاءات الشرعية والجزاءَات الكونية الجزاءات الشرعية مثل الحدود، الحدود العقوبات المقَدَّرة مِن قبل الشرع كلُّها في الواقع عقوبات فقَطْع اليد بالسرقة لا شك أنَّه موافِق للحكمة لأنَّ اليد بها يأخذ، وقطع الأيدي والأرجل مِن خلاف لِقُطَّاع الطريق مُوافق للحكمة لأنَّ قُطاَّع الطريق يعتَدُون على الناس بأيْديهم وأرجلِهم، ورجم الزاني بالحجارة دون قتلِه بالسيف موافقٌ للحكمة أيضًــا، وهكذا كُلَّ العقوبات الشرعية والكونيــة فإنَّها موافِقَة للحكمة ويدل على هذا قولُه: (( فكـــلًّا أخــذنا بذنـــبِه )).
ومن فوائد الآية أيضًا قوله: حاصبا وصيحة وخسْف وغرق هذه الأنواع الأربعة مِن العقوبات ذكرُها له حكمة لأن قوله: (( مَن أرسلنا عليه حاصبًا )) هذا إهلاكٌ جاءَ من فوق، (( مَن خسفنا به الأرض )) مِن تحت، (( مَن أخذته الصيحة )) هذا إهلاك بالقَوْل والصَّوْت، وقوله: (( مَن أغرقْنا )) إهْلاك بالماء لأجل أن يتبين للناس أنَّ العقوبات لا تأتي من نوعٍ واحد تأتي مِن أنواع متعددة بحسب حال المعاقَب.
ومنها لكن ما وصلنا إلى قوله: (( وما كان الله ليظلَمهم )) ما كملنا الآية؟
الطالب: كملنا..
الشيخ : كملناها؟ طيب
ومنها بيانُ كمالِ عدلِ الله لقوله: (( وما كان الله ليظلِمَهم )) وهذه الصفة أظُنُّها مِن الصِّفات السلبية أو الثبوتية؟
الطالب: سلبية؟
الشيخ : سلْبِيَّة وقد مرَّ علينا عدَّةَ مرات أنَّ الصفات السلبية لا تكون مدحًا إلا إذا تَضَمَّنَت ثبوتًا، فمُجَرَّد النفي ما هو مدْح حتى يتضمن ثبوتًا، إذا نفى الله الظلمَ عن نفسه ليس معناه أنَّه لا يظلم فقط بل لِكَمَالِ عدلِه لا يظلِم وليس المعنى أنَّه غير قادر على الظلم بل هو قادِر سبحانه وتعالى على أن يظلِم لكنَّه لكمالِ عدله لا يظلِم ولو كان غيرَ قادر على الظلم لم يكن نفيُ الظلم عنه مدحًا أليس كذلك؟ ولهذا قالوا في قول الشاعر:
أُبَيِّلَةٌ لا يغدِرُون بذمة ولا يظلِمُون الناس حبَّةَ خَرْدِل
نفْي الظلم عن هؤلاء الجماعة هو مدْح ولَّا ذم؟ في هذا الباب ذمّ يعني لأنَّهم لعجزِهم لا يظلِمُون، وكذلك قول الشاعر:
لكن قومِي وإن كانُوا ذوِي حسب ليسوا مِن الشَّرِّ في شيءٍ وإن هَانَا
يعني ما هُم مِن الشر في شيء ولا يفعَلُون الشر ولا فيهم شر أبدًا، بل أبلغ مِن هذا أنهم
يجزُون من ظُلمِ أهل الظلْمِ مغفِرَةً ومِــــــن إسَـــــاءَة أهــــل السُّـــــوء إحســـانًا
إذا ظلَمَهم أحد قابَلُوه بالمغْفِرة والسماح نعم وكذلك أيضًا إذا أساءَ إليهم أحسَنوا هذا ظاهرُه أنَّه مدح نعم كما يقول الأخ عبد الله قال: جزاهم الله خيرًا لكنه في الحقيقة ذمّ مِن أبلَغ الذم لأنَّه يحتقِرُهم ويقول إنهم ما يستطيعون أن يثأَرُوا لأنفسهم أو ينتصِرُوا لأنفسِهم بل إذا أُسِيءَ إليهم قابلوا بالإحسان خوفًا من إساءةٍ أعظم، نعم وإذا ظلموا غفَرُوا ولهذا قال نفس الشاعر:
فليتَ لي بهمُ قومًا إذا ركِبُوا شنُّوا الإغَارَة فُرْسَانًا ورُكْبَانًا
تمنَّى أن الله يعطِيه بدلِهم فالمهِم أنَّ مُجَرَّد إثبات النفي لا يَدُلّ على الكمال حتى يتضَمَّنَ مدحًا وثبوتًا.
ومن فوائد الآية أنَّ الإنسان هو الظالِم لنفْسِه بفعل المعاصي لقوله: (( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) إذًا فأنت حرامٌ عليك فعل المعاصي لأنه ظلمٌ لنفسك وأمَّا الله تعالى فلا يظلِم، عندنا نفي الصفات مِن حيث العموم قد يتضَمَّن الكمال وقد يتضَمَّن النقص وقد يكون لِعدَم القَابِلِيَّة فالذي لله مِن أَيّهم أيّ الثلاثة؟
الطالب: الكمال.
الشيخ : قد يكون للكمال مثل هذه الآية مثل قوله تعالى: (( وما مسَّنَا مِن لُغُوب ))، وقد يكون نفي النقص لايش؟ لِعدم القابلية مثل أن تقول: إنَّ هذا الجدار لا يفعَل وهذا الجدار ما يظلِم لماذا؟ لِعدم القابلية فهل هذا مدحٌ له؟ لا، لأنَّه أصلًا ما يقبَل هذا الوصف، وقد يكون النفي للعجز مثل ما ذكَرنْا في أمثلة البَيْتَيْن
لكنَّ قومي وإن كانُوا ذوي حَسَبٍ ليسوا مِن الشَّرِّ في شَيْءٍ وإن هانا
ولا يكون لِلَّهِ مِن هذه الأقسام الثلاثة إلا القسْم الأول وهو ما تضَمَّن كمالًا ومدحًا ولهذا يقول أهل العلم: إنَّ الله تعالى إذا نفَى عن نفسِه صفَةً فإنَّ المراد بها أمران: نفيُ تلك الصفة والثاني: إثباتُ كمَالِ ضِدِّهَا
ومنْها إبطَال قول هؤلاء الملحدين حينما تأتي مثل هذه الآيات في الوقت الحاضر فيقولوا هذه مِن الكوارث الطبيعية تأتي الزلازل اللي هي الرجفة ويقولون: هذه مسألة طبيعية، وتأتي الفيضانات العظيمة التي تُدَمِّر ويقولون هذه كوارث طبيعية ما يعتَبِرُون بها ويرون أنَّها نوع من العقوبات التي جرَت على الأمم السابقة، وكذلك الرياح الشديدة وهذا مِن موت القلوب والعياذ بالله أنَّ الإنسان يُعرَض عن التأمُّل والتدبر في هذه الآيات ويضِيفها إلى أمور طبيعية، وكأنها على زعمهم كأنَّ الطبيعة هي التي تخلُق وتفعَل بدون الله.
ومن فوائد الآية إثباتُ حكمَةِ الله عز وجل لقوله: (( أخذنا بذنبه )) سواءٌ قلنا إنَّ الباء للسببية أو لِلمقابلة.
ومنها إثباتُ الأسباب، وكل مَا جاءك في القرآن مِن لام للتعليل أو باء للسببية فإنها تدُلّ على إثبات الأسباب والحِكَم.
ومنها الردُّ على الجبرية الذين يُنكِرُون الأسباب ومَن وافقهم مِن الأشعرية فإنَّنا نحنُ أهل السنة والجماعة نُؤْمِن بالأسباب لكننا لا نقول إنَّ هذه الأسباب مؤثرة بنفسها ولكن بخلْقِ الله سبحانه وتعالى فيها التأثير.
ومنها أنَّ الجزاء مِن جنس العمل هذا على أيِّ الاحتمالين في الباء؟ البَدَلِيَّة والمقَابَلَة، الجزاءُ مِن جنس العمل لقولِه: (( فكلا أخذنا بذنبه ))، واعلموا أنَّ الجزاء من جنس العمل في الجزاءات الشرعية والجزاءَات الكونية الجزاءات الشرعية مثل الحدود، الحدود العقوبات المقَدَّرة مِن قبل الشرع كلُّها في الواقع عقوبات فقَطْع اليد بالسرقة لا شك أنَّه موافِق للحكمة لأنَّ اليد بها يأخذ، وقطع الأيدي والأرجل مِن خلاف لِقُطَّاع الطريق مُوافق للحكمة لأنَّ قُطاَّع الطريق يعتَدُون على الناس بأيْديهم وأرجلِهم، ورجم الزاني بالحجارة دون قتلِه بالسيف موافقٌ للحكمة أيضًــا، وهكذا كُلَّ العقوبات الشرعية والكونيــة فإنَّها موافِقَة للحكمة ويدل على هذا قولُه: (( فكـــلًّا أخــذنا بذنـــبِه )).
ومن فوائد الآية أيضًا قوله: حاصبا وصيحة وخسْف وغرق هذه الأنواع الأربعة مِن العقوبات ذكرُها له حكمة لأن قوله: (( مَن أرسلنا عليه حاصبًا )) هذا إهلاكٌ جاءَ من فوق، (( مَن خسفنا به الأرض )) مِن تحت، (( مَن أخذته الصيحة )) هذا إهلاك بالقَوْل والصَّوْت، وقوله: (( مَن أغرقْنا )) إهْلاك بالماء لأجل أن يتبين للناس أنَّ العقوبات لا تأتي من نوعٍ واحد تأتي مِن أنواع متعددة بحسب حال المعاقَب.
ومنها لكن ما وصلنا إلى قوله: (( وما كان الله ليظلَمهم )) ما كملنا الآية؟
الطالب: كملنا..
الشيخ : كملناها؟ طيب
ومنها بيانُ كمالِ عدلِ الله لقوله: (( وما كان الله ليظلِمَهم )) وهذه الصفة أظُنُّها مِن الصِّفات السلبية أو الثبوتية؟
الطالب: سلبية؟
الشيخ : سلْبِيَّة وقد مرَّ علينا عدَّةَ مرات أنَّ الصفات السلبية لا تكون مدحًا إلا إذا تَضَمَّنَت ثبوتًا، فمُجَرَّد النفي ما هو مدْح حتى يتضمن ثبوتًا، إذا نفى الله الظلمَ عن نفسه ليس معناه أنَّه لا يظلم فقط بل لِكَمَالِ عدلِه لا يظلِم وليس المعنى أنَّه غير قادر على الظلم بل هو قادِر سبحانه وتعالى على أن يظلِم لكنَّه لكمالِ عدله لا يظلِم ولو كان غيرَ قادر على الظلم لم يكن نفيُ الظلم عنه مدحًا أليس كذلك؟ ولهذا قالوا في قول الشاعر:
أُبَيِّلَةٌ لا يغدِرُون بذمة ولا يظلِمُون الناس حبَّةَ خَرْدِل
نفْي الظلم عن هؤلاء الجماعة هو مدْح ولَّا ذم؟ في هذا الباب ذمّ يعني لأنَّهم لعجزِهم لا يظلِمُون، وكذلك قول الشاعر:
لكن قومِي وإن كانُوا ذوِي حسب ليسوا مِن الشَّرِّ في شيءٍ وإن هَانَا
يعني ما هُم مِن الشر في شيء ولا يفعَلُون الشر ولا فيهم شر أبدًا، بل أبلغ مِن هذا أنهم
يجزُون من ظُلمِ أهل الظلْمِ مغفِرَةً ومِــــــن إسَـــــاءَة أهــــل السُّـــــوء إحســـانًا
إذا ظلَمَهم أحد قابَلُوه بالمغْفِرة والسماح نعم وكذلك أيضًا إذا أساءَ إليهم أحسَنوا هذا ظاهرُه أنَّه مدح نعم كما يقول الأخ عبد الله قال: جزاهم الله خيرًا لكنه في الحقيقة ذمّ مِن أبلَغ الذم لأنَّه يحتقِرُهم ويقول إنهم ما يستطيعون أن يثأَرُوا لأنفسهم أو ينتصِرُوا لأنفسِهم بل إذا أُسِيءَ إليهم قابلوا بالإحسان خوفًا من إساءةٍ أعظم، نعم وإذا ظلموا غفَرُوا ولهذا قال نفس الشاعر:
فليتَ لي بهمُ قومًا إذا ركِبُوا شنُّوا الإغَارَة فُرْسَانًا ورُكْبَانًا
تمنَّى أن الله يعطِيه بدلِهم فالمهِم أنَّ مُجَرَّد إثبات النفي لا يَدُلّ على الكمال حتى يتضَمَّنَ مدحًا وثبوتًا.
ومن فوائد الآية أنَّ الإنسان هو الظالِم لنفْسِه بفعل المعاصي لقوله: (( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) إذًا فأنت حرامٌ عليك فعل المعاصي لأنه ظلمٌ لنفسك وأمَّا الله تعالى فلا يظلِم، عندنا نفي الصفات مِن حيث العموم قد يتضَمَّن الكمال وقد يتضَمَّن النقص وقد يكون لِعدَم القَابِلِيَّة فالذي لله مِن أَيّهم أيّ الثلاثة؟
الطالب: الكمال.
الشيخ : قد يكون للكمال مثل هذه الآية مثل قوله تعالى: (( وما مسَّنَا مِن لُغُوب ))، وقد يكون نفي النقص لايش؟ لِعدم القابلية مثل أن تقول: إنَّ هذا الجدار لا يفعَل وهذا الجدار ما يظلِم لماذا؟ لِعدم القابلية فهل هذا مدحٌ له؟ لا، لأنَّه أصلًا ما يقبَل هذا الوصف، وقد يكون النفي للعجز مثل ما ذكَرنْا في أمثلة البَيْتَيْن
لكنَّ قومي وإن كانُوا ذوي حَسَبٍ ليسوا مِن الشَّرِّ في شَيْءٍ وإن هانا
ولا يكون لِلَّهِ مِن هذه الأقسام الثلاثة إلا القسْم الأول وهو ما تضَمَّن كمالًا ومدحًا ولهذا يقول أهل العلم: إنَّ الله تعالى إذا نفَى عن نفسِه صفَةً فإنَّ المراد بها أمران: نفيُ تلك الصفة والثاني: إثباتُ كمَالِ ضِدِّهَا
ما صحة القول بنفي الظلم عن الله لأنه هو المتصرف في ملكه ؟
الطالب: القول بأن نفي الظلم عن الله ...
الشيخ : لا، هذا غلط هذا قول الجبرية هذا ليس بصحِيح، هؤلاء يقولون: إن الظلم محَال على الله لذاتِه لا لِعَدَم إرادَةِ الله له، وذلك أنهم يقولون: إنَّ الظلم أن يتصرَّفَ الإنسان في مُلْك غيره والله تعالى إذا تصرَّف في ملكِه فليس بظالِم فيجُوز على زعمِهم وليس بظُلْم أن يعاقِب المطِيع الذي أمضَى ليلَه ونهارَه في طاعة الله فيعاقِبَه عقوبة الكافر وعندهم أنَّ هذا ليس بظلم لأن يقال: الله ما تصرَّف إلَّا في ملكِه وعلى هذا قال السكَّارِيني رحِمه الله:
وجاز لِلمولى يُعَذِّب الورى مِن غيرِ ما ذَنْبٍ ولا جُرْمٍ جَرَى
فكُلُّ ما منه تعالى يجْمُل لأنَّه عن فعلِه لا يُسْأَل
الشيخ : لا، هذا غلط هذا قول الجبرية هذا ليس بصحِيح، هؤلاء يقولون: إن الظلم محَال على الله لذاتِه لا لِعَدَم إرادَةِ الله له، وذلك أنهم يقولون: إنَّ الظلم أن يتصرَّفَ الإنسان في مُلْك غيره والله تعالى إذا تصرَّف في ملكِه فليس بظالِم فيجُوز على زعمِهم وليس بظُلْم أن يعاقِب المطِيع الذي أمضَى ليلَه ونهارَه في طاعة الله فيعاقِبَه عقوبة الكافر وعندهم أنَّ هذا ليس بظلم لأن يقال: الله ما تصرَّف إلَّا في ملكِه وعلى هذا قال السكَّارِيني رحِمه الله:
وجاز لِلمولى يُعَذِّب الورى مِن غيرِ ما ذَنْبٍ ولا جُرْمٍ جَرَى
فكُلُّ ما منه تعالى يجْمُل لأنَّه عن فعلِه لا يُسْأَل
تتمة فوائد قوله تعالى : << فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ......... >>
... وأنَّ صفات الله سبحانه وتعالى تنقسِم إلى قسمَيْن ثبوتية وسلْبِيَّة فالثُّبُوتِيَّة ما أثْبَتَه الله لنفسِه ولا تكون إلا صفة َكمال، والسلبِيَّة ما نفَاه الله عن نفسِه ولا تكون إلَّا صفَة نقْص، وهي تدور على شيئين الصفات السلبية تدور على شيئين: أحدُهما النقص والثاني مشابَهَة المخلوقين، ولو قلنا: إنَّ مشابهة المخلوقين نقص وحصَرْنا هذين الشيئين في شيءٍ واحد لم يكن ذلك بعيدًا فإنَّ مشابهة الناقص يعتَبَرُ نقصًا.
ويستفادُ مِن الآية مِن آخرها في قوله: (( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) أنَّ العاصيَ ظالِمٌ لنفسِه ووجهُ ذلك أنَّ النفس عندك أمانَة فكما أنَّك ممنُوعٌ من نقصِها نقصًا حسيًّا فأنت ممنُوعٌ مِن نقصِها نقصًا معنويًّا بمعنى أن الإنسان لو أرادَ أن يقطع يدَه أو أُصْبُعَه أو يسيء إلى بدنِه كان ذلك محرَّمًا ولهذا مَن قتل نفسه بشَيْءٍ عُذِّبَ به في جهنم خالدًا مخلدًا، فجَعَل النبي صلى الله عليه وسلم قاتِل النفس كقاتِل الغير في التَّخْلِيد في النار والتَّعذيب بما قتَلَ به، وعلى هذا نقول: كلُّ مَن عصَى الله فإنَّه ظالم لنفسِه، ومِن هنا نعرف معنى قوله تعالى: (( ومن يرغَبُ عن ملَّةِ إبراهيم إلا مَن سَفِهَ نفسَه )) وأنَّ العدول عن ملَّةِ إبراهيم سفَه لأنَّه ظُلْم للنفس مِن حيث لا يشْعَر الإنسَان
ويستفادُ مِن الآية مِن آخرها في قوله: (( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) أنَّ العاصيَ ظالِمٌ لنفسِه ووجهُ ذلك أنَّ النفس عندك أمانَة فكما أنَّك ممنُوعٌ من نقصِها نقصًا حسيًّا فأنت ممنُوعٌ مِن نقصِها نقصًا معنويًّا بمعنى أن الإنسان لو أرادَ أن يقطع يدَه أو أُصْبُعَه أو يسيء إلى بدنِه كان ذلك محرَّمًا ولهذا مَن قتل نفسه بشَيْءٍ عُذِّبَ به في جهنم خالدًا مخلدًا، فجَعَل النبي صلى الله عليه وسلم قاتِل النفس كقاتِل الغير في التَّخْلِيد في النار والتَّعذيب بما قتَلَ به، وعلى هذا نقول: كلُّ مَن عصَى الله فإنَّه ظالم لنفسِه، ومِن هنا نعرف معنى قوله تعالى: (( ومن يرغَبُ عن ملَّةِ إبراهيم إلا مَن سَفِهَ نفسَه )) وأنَّ العدول عن ملَّةِ إبراهيم سفَه لأنَّه ظُلْم للنفس مِن حيث لا يشْعَر الإنسَان
قال الله تعالى : << مثل الذين اتخذوا من دون الله أوليآء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون >>
ثم قال تعالى: (( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ -أصنامًا يرجون نفعها- كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ ))[العنكبوت:41] " مثَل ومِثْل هي كشَبَه وشِبْه وزْنًا ومعْنًى، فالمـَثَل بمعنى الشَّبَه وهو عبارة عن تشْبِيه شيء معقُول بشَيء محسوس لأنَّ تَمْثِيل المعقولات بالمحسُوسَات يزيدها وضوحًا وبيانًا وتصوُّرًا مفهوم؟ وإن كانت لا تتَسَاوى مِن كلِّ وجه لكنَّها مِن هذا الوجه الذي شُبِّهَتْ به تتسَاوَى، وقوله: (( مثلُ الذين اتخذوا أولياء )) أي جعلَوا أولِياءَ، والمراد بالأولياء الأصنَام وسُمُّوا أولياء لأنَّ عابِدِيهَا يرجُون نفعَها كالوليِّ الذي ينفَعُك بالنُّصْرَة والدِّفَّاع وجلْب الخير وما أشبه ذلك، وأيضًا أولياء حيث إنَّهم هم
اضيفت في - 2007-08-13