تفسير سورة العنكبوت-09a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة تفسير قوله تعالى : << اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ............ >>
(لِيجازيَكم به) هذه الجملة خبرية لكن لها معنى عظيم ليس المقصُود مِن هذه الجملة أن نعْرِف أو أن نعلَم بأن الله يعلمُ ما نصنَع ولكن المقصود منها التَّحذير مِن أن نصنَع ما يخالف شريعته وقوعًا في النهي أو تركًا للأمر، وقوله تعالى: (( يعلم ما تصنعون )) (ما) اسم موصول دال على العموم يشمَل كلَّ ما نصنَع مِن قول أو فعل فيما يتعلَّقُ بحقه وفيما يتعلَّقُ بحقِّ عباده (يعلَم ما تصنعون) قال: " لِيجازِيَكم به " هذه النتيجة واضِحَة متى تكون المجازاة عليه؟ في الدنيا ويومَ القيامة، والمجازَاةُ عليه -أي على ما نصنَع- قد تكُون شرعيةً بفعْلِ العبد وقد تكون كونيَّة بفعل الله، المجازاة عليه شرعيةً بفعل العبد مثل الحدود فإنَّ الحدود عقوبة شرعية ولَّا كونية؟ شرعِيَّة في فعل العبد هو المأمُور بفعلِها وتكون كونيَّة قدَرِيَّة بفعلِ الله كما لو أُصيبَ الإنسان بأمراض وتَلَف أموال وما أشبه ذلك (( والله يعلم ما تصنعون ))
1 - تتمة تفسير قوله تعالى : << اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ............ >> أستمع حفظ
هل الإبتلاء يكون دائما عقوبة أم لا؟.
الطالب: ......
الشيخ : قد يكون عقوبة وقد يكون ابتلاء وامتحان كما قال الله تعالى: (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ))[البقرة:155] فيكون اختبار، وقد يكون عقوبة لقوله تعالى: (( وما ِأصابكم مِن مصيبة فبما كسَبَتْ أيديكم )) فالإنسان قد يُبتَلَى عقوبةً على سيِّئَة أو امتحان، المصائب التي تأتي الرسول صلى الله عليه وسلم هذه مِن باب الامتحان حتى يصِلَ الإنسان إلى درجة الكمال لأنَّ الصبر كما تعرِفُون منزِلَة عالِية عظيمة في الدين (( وإنَّما يوفى الصابرون أجرَهم بغير حساب )) لكن الصبْر بدون مصبُور عليه ما يمكن لا بُدّ مِن أشياء ترِد على الإنسان مِن قضاءِ الله يصبِر عليها.
الطالب: .....
الشيخ : داخلٌ في ذلك، الفتنة بالنسبة للخير فتنَة الشكر وبالنسبة للشَّرّ فتنة الصبر.
الطالب: شيخ! يقول تعالى: (( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ..............
الشيخ : لا لا ما يحتمل،
أظن ما سبق ناقشنا ..... باقي الفوائد؟ ...
الشيخ : قد يكون عقوبة وقد يكون ابتلاء وامتحان كما قال الله تعالى: (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ))[البقرة:155] فيكون اختبار، وقد يكون عقوبة لقوله تعالى: (( وما ِأصابكم مِن مصيبة فبما كسَبَتْ أيديكم )) فالإنسان قد يُبتَلَى عقوبةً على سيِّئَة أو امتحان، المصائب التي تأتي الرسول صلى الله عليه وسلم هذه مِن باب الامتحان حتى يصِلَ الإنسان إلى درجة الكمال لأنَّ الصبر كما تعرِفُون منزِلَة عالِية عظيمة في الدين (( وإنَّما يوفى الصابرون أجرَهم بغير حساب )) لكن الصبْر بدون مصبُور عليه ما يمكن لا بُدّ مِن أشياء ترِد على الإنسان مِن قضاءِ الله يصبِر عليها.
الطالب: .....
الشيخ : داخلٌ في ذلك، الفتنة بالنسبة للخير فتنَة الشكر وبالنسبة للشَّرّ فتنة الصبر.
الطالب: شيخ! يقول تعالى: (( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ..............
الشيخ : لا لا ما يحتمل،
أظن ما سبق ناقشنا ..... باقي الفوائد؟ ...
المناقشة .
المناقشة والأسئلة
قال الله تعالى: (( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ))[العنكبوت:45] إلى آخره الأمر في قوله: (اتل) عصام! موجَّه لِمَن؟
الطالب: ...
الشيخ : ولا يصلُح أن يكون موجَّهًا لكل مَن يصِحّ خطابُه؟
الطالب: ...
الشيخ : لا، قصدي هل لا يصِح أن نجعلَه موجَّهًا لكل مَن يتأتي خطابه؟
الطالب: ............
الشيخ : مر علينا علمناه
الطالب: أنا ما أذكر أنا ما حضرت الدرس ....
الشيخ : وغيره لم يُوح إليه صح
الطالب: هو أقم الصلاة
الشيخ : ما يخالف له أيضًا.
طيب الأمر الموجه للرسول صلى الله عليه وسلم خاصَّة هل يكون له ولِغيرِه؟ إبراهيم!
الطالب: ....
الشيخ : أحسنت في مثل هذه الآية؟
الطالب: هذه مشترَك
الشيخ : له ولغيرِه، نعم.
ما هو الدليل على أنَّ الخطاب الموجَّه لَهُ: لَهُ ولغيره؟
الطالب: .......... أقم الصلاة؟ إن الصلاة؟
الشيخ : لا، الدليل منفصل ما هو مِن الآية،
الطالب: .. قوله تعالى: (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك )) ثم قال: (( قد فرض الله لكم )) كذلك (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ))
الشيخ : لا هذي أنَا قصْدِي إذا كان الخطاب خاصّ للرسول r وواضِح أنه هذا خاصّ له وهو ينقسم إلى قسمين قسم ما يتعَدَّى الحكم إلى غيره، وقسم يتعدى الحكم الى غيره بدليل قوله تعالى: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني )) وقوله: (( لقد كان لكم في رسول الله أُسْوة حسنة )) أما مثل اللي ذكرت ومثل (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء )) فالخطابُ له والمراد له وللأمَّة بدليل أنَّه قال: (إذا طلقتم) وقال: (فرض الله لكم) ومثل هذه الآية اللي ذكرت يكون الخطاب فيها مشتركًا بمقتضَى دلالَةِ اللفظ لا بمقتَضَى التَّأَسِّي به فصار الآن الخطاب الموجَّه للرسول عليه الصلاة والسلام ثلاثة أقسام: قسم يدُلّ الدليل بمقتضى اللفظ الخاصّ على أنَّه له ولغيرِه مثل: (إذا طلقتم النساء) قال: (يا أيها النبي) ثم قال: (إذا طلقتم النساء)، ومثل (يا أيها النبي لم تحرم) ثم قال: (قد فرض الله لكم)، وقسم آخر يختَصُّ به ولا يتعَدَّاه إلى غيره عملًا مو هو بمقتضى اللفظ مثل: (( ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك )) هذا كلُّه خاص بالرسول r لا يتعدَّاه إلى غيره، والثالث ما يكون خاصًّا به بمقتَضَى الخطاب لكن يتنَاولُ غيره بمقتَضَى التَّأَسِّي بدليلٍ منفصل مثل هذه الآية فإنَّ الرسول أُمِرَ به لكن حقيقةً نحن أيضًا يجِبُ علينا أن نتلُوَ ما ألقَاه إلى نبيِّه وأن نُقِيم الصلاة.
طيب قوله: (( اتل )) هذه فعل أمر يا غانم! مبني على الضم وما عهِدْنا أنَّ فعلَ الأمر يُبنَي على الضم فكيف تُجيب عن هذا؟
الطالب: مبني على حذف الواو
الشيخ : على حذف الواو صح أصله: فلا يتلُو بالواو ففِعْلُ الأمر يقولُون مقتَطَع مِن الفعل المضارع، فعل الأمر يقولون: هو فعلٌ مضارع مجزوم لكن احذِفْ منه حرف المضارَعَة، وهذه قاعدة مفيدة لكم أنَّ فعل الأمر فعلٌ مضارع مجزوم حُذِفَ منه حرف المضارعة، فمثلًا إذا قال لك قائل: صِغِ الأمرَ مِن (خاف) وش تقول؟
الطالب: خف
الشيخ : خِف خَطأ،
الطالب: خَف
الشيخ : خف، وش الدليل؟ هات فعل مضارِع مجزوم واحذِف منه ياء المضارعة تقول: لم يَخِف ولَّا لم يَخَف؟
الطالب: لم يخَف.
الشيخ : احذف الياء خَفْ، طيب صِغ فعل أمر مِن نام؟ صِيغها ... من (نام)،
الطالب: نم
الشيخ : نَم ولَّا نِم؟
الطالب: نم
الشيخ : الدليل أنَّ فعل المضارع المجزُوم تقول فيه: لم يَنَم ما تقول: لَم يَنِم احذِف ياء المضارعة فيكُون (نَم) فهمتم؟ هذه فائدة تُفِيد الإنسان في مثل هذه الأشياء التي تخفى لأن كثير مِن الطلبة إذا قلت له صيغ الأمر من مِن (خاف) يقول: خِف، واحد يقول: خُف أي نعم،
الطالب: نقول له: شدِّد الفاء بعد
الشيخ : لا ما يشدِّد لكن يَضُم الخاء (خُف) ... لا (نِمَّ) بتشديد الميم مِن النَّمِيمَة مشدَّدة الميم نَمَّ يَنِمُّ نِمَّ، طيب قوله تعالى: (( اتلُ ما أوحي إليك )) هذه التلاوة عصام! هذه التلاوة لفظية ولَّا لفظية ومعنوية؟ كلُّها؟ تلاوة لفظية مثل ايش؟
الطالب: قراءة القرآن
الشيخ : قراءة القرآن والمعنوية؟ أي نعم التطبيق يعني الاتِّباع، قوله تعالى: (( ما أوحي إليك - وأَقِم الصلاة )) هذا العطف يا عبد الرحمن! مِن عطْف؟
الطالب: الخاص على العام.
الشيخ : الخاص على العام لأنَّ مِن جملَة ما أوحي إليه إقامة الصلاة.
قوله: ( إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )) المرَاد بالنهي هنا يا وليد! حقِيقَتُه؟
الطالب: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكَر...
الشيخ : تنهى عن الفحشاء هي المراد بالنهي حقِيقَته؟
الطالب: لا ليس على حقيقته
الشيخ : ولَّا المنع؟ تمنع عن الفحشاء؟
الطالب: وإنَّما هي تمنع عن الفحشاء.
الشيخ : المراد المنع؟
الطالب: ....
الشيخ : لا ما سألْنا عن التعريف أولًّا خلي نشوف الحكم هل المرَاد بالنهي هنا المنع ولَّا حقيقة النهي؟
الطالب: حقيقة النهي
الشيخ : يعني الواحِد إذا صلَّى يسمع أصوات تقول له: لا تزْنِي لا تسْرِق؟
الطالب: بل المنع
الشيخ : المراد المنع؟
الطالب: أي نعم أن الصلاة تمنع
الشيخ : عن الفحشاء؟
الطالب: عن الفحشاء والمنكر.
الشيخ : طيب حال تلَبُّسِه بها أو حتَّى بعد فراغِه منها؟
الطالب: حتى بعد فراغِه منها حتى بعد الفراغ.
الشيخ : طيب ما الحكمة في التعبير بالنَّهْي يا عبد الرحمن! دُون المنع؟
الطالب: .. حتى ولو كان الإنسان خارج الصلاة فالمعني بعد الصلاة .......
الشيخ : نحن ذكرنا معنًى غير هذا هل منكم من يستحْضِر؟
الطالب: النهي أشَدّ من المنع
الشيخ : النَّهي أشد مِن المنع لأنَّها تُوجِب في القلْب كراهة لهذا الشيء ونفورًا منه ومجرَّد المنع لا يقْتَضِي ذلك عرفْتم ولَّا لا؟ يعني قد أمنَع إنسان عن معصية لكنَّه يبقى قلبه معلَّقًا بها غير كارهٍ لها، لكن في النهي يُوجِبُ النفور فالصَّلاة تُوجِب المنْع مِن المعاصي أو الفحشاء والمنكر وتوجبُ أيضا كراهَتها والنَّفور منها كأنَّ داعيًا في قلبك ينهَاك عن هذا الشيء، طيب سؤال هل هذه الآية مطابِقة للواقع يا إبراهيم! ولَّا لا؟
الطالب: مطابقة في الغالب
الشيخ : غالبًا؟ ... اي لكن الآن كلمة (غالبًا) تقتضي واحد وخمسين في المائة، ثُمّ يَرِد علينا إشكال لأنَّ الآية عامة ما هي أغلَبِيَّة، والسؤال الآن هل هو مُطابق للواقع ولَّا لا؟ ... أنا أقصد المطابقة في الواقع يعني واقع الناس الآن هل صلاتُهم تنهاهم عن الفحشاء والمنكَر؟
الطالب: .... يختلف ... الإنسان الذي يصلي الصلاة يعني بأركانها.
الشيخ : معروف هذا نحن نؤمن بذلك بأنه إذا صلَّى الإنسان صلاةً تامَّة على الوجه المطلوب أنها تنهاه، يجب علينا أن نؤمِن بذلك لأنه خبرُ الله، السؤال الآن هل هو مطابق للواقع ولَّا لا؟
الطالب: لا ما هو مطابق للواقع
الشيخ : ليس مُطابقًا في أكثَر الناس إذًا صلاتنا فيها خلل ولَّا لا؟ صلاتنا فيها خلل، إذَا كان قلبُك لا يتغَيَّر عند خروجِك مِن الصلاة فاعلَم أنَّ الصلاة ناقِصَةٌ كذا؟ لأنَّ هذا خبَر مَن يعلم السر وأخفى وهو الله عز وجل، وصِدْق، أصدق القول واضح؟ ولهذا جاء عن بعض السلف: " مَن لم تنْهَه صلاتُه عن الفحشاء والمنكر لم يزْدَدْ مِن الله إلا بُعْدًا " والعياذ بالله، طيب قوله: ما الحكمة في أنَّها تنهى عن الفحشاء والمنكَر نحن طوَّلْنا البحث في الآية لأنَّها مفيدة، ما الحكمة مِن أنَّها تنهى عن الفحشاء والمنكر؟
الطالب: أنها صلةٌ بالله والإنسان إذا اتَّصَل بالله عظم نهيُه وعظُم أمرُه.
الشيخ : أحسنت يعظُم شأنُ الله في نفسِه عندما يكون مُتَّصِلًا بالله عز وجل، ثم هو أيضًا عندما يريد أن يفعل الفحشاء والمنكر يتذَكَّر الساعةَ التي كان فيها مُتَّصِلًا بالله عز وجل فينهاه، وأنا قلت لكم حين التفسير أنَّ بعض الناس قد يُصَلِّي مَرَّةً مِن المرات صلاةً حسَب الحال تامَّة فيَجِدُ طعمَ هذه الصلاة في قلبِه إلى ما شاء الله إلى مُدَّة طوِيلة وهو يتذَكَّر لَذَاذَة هذه المناجَاة وحُسنَها وتنْهَاه عن الفحشاء والمنكر.
قوله تعالى: (( ولذكر الله أكبر )) أولًّا إعراب هذه الجملة؟ لست مِن أهل الإعراب؟ نعم يا صالح! إعرابُها؟
الطالب: اللام؟
الشيخ : اللام وكلها. اللام اللام قبْل
الطالب: (ذكر) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة، .. واسم الله مُضَافٌ اليه، (أكبر) خبَرها
الشيخ : خبرها نعم أحسنت، الإضافة هنا مِن إضافَة المصدَر إلى فاعلِه أو إلى مفعوله؟
الطالب: إلى مفعوله.
الشيخ : إلى مفعولِه
الطالب: لا إلى فاعله
الشيخ : إلى فاعله؟ اجزِمْ
الطالب: إلى فاعلِه
الشيخ : طيب ما الفرق بين التقدِيرَيْن؟
الطالب: الفرق أنَّ هذه (ولذكر الله) يعني القرءان وذكر الله
الشيخ : هذا على أي التقديرين؟
الطالب: على أنه مضاف إلى فاعله، أما إذا كان مفعوله فهو ذِكْرُ الله للناس أي .. لهم ....
الشيخ : الآن يعني تقول: يصلح لهذا ولهذا؟
الطالب: لا، على تفسير
الشيخ : إضافته إلى المفعول إلى الفاعل؟
الطالب: إلى فاعله
الشيخ : إلى الفاعل إلى فاعلِه، طيب ما تقولون أنتم في الأمرين في الإضافة إلى الفاعِل والمفعول، وفي التقدير اللي قال؟
الطالب: .. إلى المفعول
الشيخ : إضافة إلى المفعول؟
الطالب: ...
الشيخ : وش المانع على إضافة المفعول على بإضافة المفعول؟ وش المعنى على هذا التقدير؟
الطالب: المعنى أنَّ مَن يذْكُر الله عز وجل يعني هذا يكون مِن أعظَم الأشياء، أو ....
الشيخ : يعني ذكرُك الله أكبَر وأعظَم مِن النَّهي عن الفحشاء والمنكر كذا؟ طيب إذًا (( إن الصلاة تنهَى عن الفحشاء والمنكر )) (( ولَذكر الله أكبر ))؟
الطالب: ...
الشيخ : مضاف إلى المفعول؟ والمعنى -إذًا- ولَذْكِرُك الله أكبَر مِن النهي عن الفحشاء والمنكر يعني ما في الصلاة مِن ذكرِ الله أعظم مِن الفحشاء والمنكر، أو على سبيل العموم كما اختاره المؤلف، .. تقدير أنه مضاف للفاعل وش المعنى؟ يوسف!
الطالب: الفاعل؟ .... ذكر الله جل وعلا للإنسان ... أعظم مِن فعله
الشيخ : ؟ أعظم مِن فعلِك لأنَّ الشأن أن يذكرَك الله لا أن تذْكُر الله كما في قوله: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) ما قال: فاتبعوني تُحِبُّوا الله قال: (يحببكم) إذْ أنَّ الشأن في محبَّةِ الله للإنسان فعلى هذا يكون المعنى: ولذكرُ الله لكم حين تصُلَّون لأن المصلي ذاكرٌ لله بلا شك أو لا؟ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ))[الجمعة:9] والمراد بالذِّكْر هنا الخطبة والصَّلاة، فعلى هذا فيكون المعنى: ولذكرُ الله إيَّاكم في الصلاة أعظَم مما يحصُل لكم أنتم بالصلاة مِن النهي عن الفحشاء والمنكر، ألا يمكن أن نقول: إنها صالحةٌ لهذا ولهذا فلْتَكُن لهذا ولهذا؟ ما بينهن تضَادّ نحن قلنا في القاعدة في التفسير: إذا كانت الآية محتَمِلَة لِمَعْنَيَيْن لا يُناقِضُ أحدُهما الآخر حُمِلَت على المعنَيَيْن فإن كان أحدُهما يُناقِضُ الآخر ماذا نصنَع؟ يُؤخَذ بالراجح، لأنَّه ما يمكن تحتَمِل الآية معنيين متناقِضَيْن ولكن يُؤخَذ بالراجح، نعم؟
الطالب: ما تكون مِن باب الجزاء؟
الشيخ : ايه هو مِن باب الجزاء كما ثبَت في الحديث القدسي: ( مَن ذكرني في نفسِه ذكرْتُه في نفسي، ومَن ذكرَني في ملأ ذكرتُه في ملأٍ خير منهم ).
الطالب: الواو يعني مستأنفة؟
الشيخ : أي نعم هي قد تكون مستأنَفَة على الاحتمالين.
طيب قولُه: (( ولذكر الله أكبَر )) (أكبر) أين المفضَّل عليه؟ تفضَّل علي!
الطالب: ...
الشيخ : النهي عن الفحشاء والمنكر، وإن شئنا قلنا: حُذِفَ المفضَّل عليه للعموم نعم.
الطالب: قد يقول قائل لم يقصد معنى واحد
الشيخ : نعم هو المتكَلِّم يقصد معنًى واحد ولكن ما دام أنه كلامه محتمِل للوجهين بدون تناقُض ما الذي يُعْلِمُنا أنَّه لم يرِد إلا واحدا، فهذا كلامُ الله عز وجل، وكلامُ الله سبحانه وتعالى واسِعُ المعنى فما دامَ اللفظ صالحًا للوجهين بدون تناقُضٍ بينهما ما يمكن أن نقول إنَّه لم يُرِدْ إلا هذا.
قوله تعالى: (( والله يعلمُ ما تصنعون )) هذه الآية جملة خبرية الجملة الخبرية تُفيد علم الله بما نصنَع فما الغرَضُ منهَا؟ عبيد! هل المراد الغَرَض منها التَّرْغيب أو الترهيب؟ أيُّهما؟ الترغيب؟ الترهيب؟ يعني يعلَم ما نصنَع ويُجازينا عليه؟ ما الذي أدراك أنَّه للترهيب فقط؟ ... أنت تقول للترهيب، نعم، ما الذي أدراك؟
الطالب: ........
الشيخ : طيب غانم!
الطالب: الترغيب والتَّرْهِيب
الشيخ : لِلترغيب والتَّرْهِيب طيب هذا رأْيان أيُّهما أصح؟
الطالب: الصحيح أنها للترهيب
الشيخ : للترهيب؟
الطالب: أي نعم
الشيخ : وش الدليل
الطالب: لأنها دالَّة على المراقبَة فإذا عرَفَ أنَّ الله يراقِبُه
الشيخ : خافَ منه، ... وإذا عرَف أنَّ الله يعلَم ما يصنع ولا يضِيع عليه ما .. الطاعة؟
الطالب: يعني في هذه الآية ... الترغيب والترهيب ....
الشيخ : طيب هي الحقيقة للترغيب والترهيب هي للترغيب والترهيب، وهي للترغيب هنا قد تكون أقرب، لأنَّ ما قبلَها أمر وليس بنهي، اللي قبلها أمر ولا نهي؟
الطالب: أمْر
الشيخ : أمر لو كان نهيًا لكانَت لِلترهيب أقرَب، لا تزنِ فإن الله يعلَم ما تصنَع هذا ترهيب، اعمَلْ صالحا فإنَّ الله يعلَمُ ما تصنَع ايش الواضح؟
الطالب: ترغيب.
الشيخ : الترغيب، لكن مع ذلك نقول هي لهما جميعًا، لأنَّها تشمل ترغيب فعل الأمر والترهيبَ مِن مخالفَتِه وعصيانِه أي نعم، الحقيقة أنَّنا طوَّلْنا في هذه المناقشة كأنَّها درْس كامِل لكن ما فيه بأس لأنَّنا وُدَّنَا نوَدُّ أنَّ الإنسان ينفَتِحُ له ما ينفَتِح مِن معرفةِ القرآن وأسرارِه بقدْرِ المستطاع نعم
قال الله تعالى: (( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ))[العنكبوت:45] إلى آخره الأمر في قوله: (اتل) عصام! موجَّه لِمَن؟
الطالب: ...
الشيخ : ولا يصلُح أن يكون موجَّهًا لكل مَن يصِحّ خطابُه؟
الطالب: ...
الشيخ : لا، قصدي هل لا يصِح أن نجعلَه موجَّهًا لكل مَن يتأتي خطابه؟
الطالب: ............
الشيخ : مر علينا علمناه
الطالب: أنا ما أذكر أنا ما حضرت الدرس ....
الشيخ : وغيره لم يُوح إليه صح
الطالب: هو أقم الصلاة
الشيخ : ما يخالف له أيضًا.
طيب الأمر الموجه للرسول صلى الله عليه وسلم خاصَّة هل يكون له ولِغيرِه؟ إبراهيم!
الطالب: ....
الشيخ : أحسنت في مثل هذه الآية؟
الطالب: هذه مشترَك
الشيخ : له ولغيرِه، نعم.
ما هو الدليل على أنَّ الخطاب الموجَّه لَهُ: لَهُ ولغيره؟
الطالب: .......... أقم الصلاة؟ إن الصلاة؟
الشيخ : لا، الدليل منفصل ما هو مِن الآية،
الطالب: .. قوله تعالى: (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك )) ثم قال: (( قد فرض الله لكم )) كذلك (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ))
الشيخ : لا هذي أنَا قصْدِي إذا كان الخطاب خاصّ للرسول r وواضِح أنه هذا خاصّ له وهو ينقسم إلى قسمين قسم ما يتعَدَّى الحكم إلى غيره، وقسم يتعدى الحكم الى غيره بدليل قوله تعالى: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني )) وقوله: (( لقد كان لكم في رسول الله أُسْوة حسنة )) أما مثل اللي ذكرت ومثل (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء )) فالخطابُ له والمراد له وللأمَّة بدليل أنَّه قال: (إذا طلقتم) وقال: (فرض الله لكم) ومثل هذه الآية اللي ذكرت يكون الخطاب فيها مشتركًا بمقتضَى دلالَةِ اللفظ لا بمقتَضَى التَّأَسِّي به فصار الآن الخطاب الموجَّه للرسول عليه الصلاة والسلام ثلاثة أقسام: قسم يدُلّ الدليل بمقتضى اللفظ الخاصّ على أنَّه له ولغيرِه مثل: (إذا طلقتم النساء) قال: (يا أيها النبي) ثم قال: (إذا طلقتم النساء)، ومثل (يا أيها النبي لم تحرم) ثم قال: (قد فرض الله لكم)، وقسم آخر يختَصُّ به ولا يتعَدَّاه إلى غيره عملًا مو هو بمقتضى اللفظ مثل: (( ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك )) هذا كلُّه خاص بالرسول r لا يتعدَّاه إلى غيره، والثالث ما يكون خاصًّا به بمقتَضَى الخطاب لكن يتنَاولُ غيره بمقتَضَى التَّأَسِّي بدليلٍ منفصل مثل هذه الآية فإنَّ الرسول أُمِرَ به لكن حقيقةً نحن أيضًا يجِبُ علينا أن نتلُوَ ما ألقَاه إلى نبيِّه وأن نُقِيم الصلاة.
طيب قوله: (( اتل )) هذه فعل أمر يا غانم! مبني على الضم وما عهِدْنا أنَّ فعلَ الأمر يُبنَي على الضم فكيف تُجيب عن هذا؟
الطالب: مبني على حذف الواو
الشيخ : على حذف الواو صح أصله: فلا يتلُو بالواو ففِعْلُ الأمر يقولُون مقتَطَع مِن الفعل المضارع، فعل الأمر يقولون: هو فعلٌ مضارع مجزوم لكن احذِفْ منه حرف المضارَعَة، وهذه قاعدة مفيدة لكم أنَّ فعل الأمر فعلٌ مضارع مجزوم حُذِفَ منه حرف المضارعة، فمثلًا إذا قال لك قائل: صِغِ الأمرَ مِن (خاف) وش تقول؟
الطالب: خف
الشيخ : خِف خَطأ،
الطالب: خَف
الشيخ : خف، وش الدليل؟ هات فعل مضارِع مجزوم واحذِف منه ياء المضارعة تقول: لم يَخِف ولَّا لم يَخَف؟
الطالب: لم يخَف.
الشيخ : احذف الياء خَفْ، طيب صِغ فعل أمر مِن نام؟ صِيغها ... من (نام)،
الطالب: نم
الشيخ : نَم ولَّا نِم؟
الطالب: نم
الشيخ : الدليل أنَّ فعل المضارع المجزُوم تقول فيه: لم يَنَم ما تقول: لَم يَنِم احذِف ياء المضارعة فيكُون (نَم) فهمتم؟ هذه فائدة تُفِيد الإنسان في مثل هذه الأشياء التي تخفى لأن كثير مِن الطلبة إذا قلت له صيغ الأمر من مِن (خاف) يقول: خِف، واحد يقول: خُف أي نعم،
الطالب: نقول له: شدِّد الفاء بعد
الشيخ : لا ما يشدِّد لكن يَضُم الخاء (خُف) ... لا (نِمَّ) بتشديد الميم مِن النَّمِيمَة مشدَّدة الميم نَمَّ يَنِمُّ نِمَّ، طيب قوله تعالى: (( اتلُ ما أوحي إليك )) هذه التلاوة عصام! هذه التلاوة لفظية ولَّا لفظية ومعنوية؟ كلُّها؟ تلاوة لفظية مثل ايش؟
الطالب: قراءة القرآن
الشيخ : قراءة القرآن والمعنوية؟ أي نعم التطبيق يعني الاتِّباع، قوله تعالى: (( ما أوحي إليك - وأَقِم الصلاة )) هذا العطف يا عبد الرحمن! مِن عطْف؟
الطالب: الخاص على العام.
الشيخ : الخاص على العام لأنَّ مِن جملَة ما أوحي إليه إقامة الصلاة.
قوله: ( إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )) المرَاد بالنهي هنا يا وليد! حقِيقَتُه؟
الطالب: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكَر...
الشيخ : تنهى عن الفحشاء هي المراد بالنهي حقِيقَته؟
الطالب: لا ليس على حقيقته
الشيخ : ولَّا المنع؟ تمنع عن الفحشاء؟
الطالب: وإنَّما هي تمنع عن الفحشاء.
الشيخ : المراد المنع؟
الطالب: ....
الشيخ : لا ما سألْنا عن التعريف أولًّا خلي نشوف الحكم هل المرَاد بالنهي هنا المنع ولَّا حقيقة النهي؟
الطالب: حقيقة النهي
الشيخ : يعني الواحِد إذا صلَّى يسمع أصوات تقول له: لا تزْنِي لا تسْرِق؟
الطالب: بل المنع
الشيخ : المراد المنع؟
الطالب: أي نعم أن الصلاة تمنع
الشيخ : عن الفحشاء؟
الطالب: عن الفحشاء والمنكر.
الشيخ : طيب حال تلَبُّسِه بها أو حتَّى بعد فراغِه منها؟
الطالب: حتى بعد فراغِه منها حتى بعد الفراغ.
الشيخ : طيب ما الحكمة في التعبير بالنَّهْي يا عبد الرحمن! دُون المنع؟
الطالب: .. حتى ولو كان الإنسان خارج الصلاة فالمعني بعد الصلاة .......
الشيخ : نحن ذكرنا معنًى غير هذا هل منكم من يستحْضِر؟
الطالب: النهي أشَدّ من المنع
الشيخ : النَّهي أشد مِن المنع لأنَّها تُوجِب في القلْب كراهة لهذا الشيء ونفورًا منه ومجرَّد المنع لا يقْتَضِي ذلك عرفْتم ولَّا لا؟ يعني قد أمنَع إنسان عن معصية لكنَّه يبقى قلبه معلَّقًا بها غير كارهٍ لها، لكن في النهي يُوجِبُ النفور فالصَّلاة تُوجِب المنْع مِن المعاصي أو الفحشاء والمنكر وتوجبُ أيضا كراهَتها والنَّفور منها كأنَّ داعيًا في قلبك ينهَاك عن هذا الشيء، طيب سؤال هل هذه الآية مطابِقة للواقع يا إبراهيم! ولَّا لا؟
الطالب: مطابقة في الغالب
الشيخ : غالبًا؟ ... اي لكن الآن كلمة (غالبًا) تقتضي واحد وخمسين في المائة، ثُمّ يَرِد علينا إشكال لأنَّ الآية عامة ما هي أغلَبِيَّة، والسؤال الآن هل هو مُطابق للواقع ولَّا لا؟ ... أنا أقصد المطابقة في الواقع يعني واقع الناس الآن هل صلاتُهم تنهاهم عن الفحشاء والمنكَر؟
الطالب: .... يختلف ... الإنسان الذي يصلي الصلاة يعني بأركانها.
الشيخ : معروف هذا نحن نؤمن بذلك بأنه إذا صلَّى الإنسان صلاةً تامَّة على الوجه المطلوب أنها تنهاه، يجب علينا أن نؤمِن بذلك لأنه خبرُ الله، السؤال الآن هل هو مطابق للواقع ولَّا لا؟
الطالب: لا ما هو مطابق للواقع
الشيخ : ليس مُطابقًا في أكثَر الناس إذًا صلاتنا فيها خلل ولَّا لا؟ صلاتنا فيها خلل، إذَا كان قلبُك لا يتغَيَّر عند خروجِك مِن الصلاة فاعلَم أنَّ الصلاة ناقِصَةٌ كذا؟ لأنَّ هذا خبَر مَن يعلم السر وأخفى وهو الله عز وجل، وصِدْق، أصدق القول واضح؟ ولهذا جاء عن بعض السلف: " مَن لم تنْهَه صلاتُه عن الفحشاء والمنكر لم يزْدَدْ مِن الله إلا بُعْدًا " والعياذ بالله، طيب قوله: ما الحكمة في أنَّها تنهى عن الفحشاء والمنكَر نحن طوَّلْنا البحث في الآية لأنَّها مفيدة، ما الحكمة مِن أنَّها تنهى عن الفحشاء والمنكر؟
الطالب: أنها صلةٌ بالله والإنسان إذا اتَّصَل بالله عظم نهيُه وعظُم أمرُه.
الشيخ : أحسنت يعظُم شأنُ الله في نفسِه عندما يكون مُتَّصِلًا بالله عز وجل، ثم هو أيضًا عندما يريد أن يفعل الفحشاء والمنكر يتذَكَّر الساعةَ التي كان فيها مُتَّصِلًا بالله عز وجل فينهاه، وأنا قلت لكم حين التفسير أنَّ بعض الناس قد يُصَلِّي مَرَّةً مِن المرات صلاةً حسَب الحال تامَّة فيَجِدُ طعمَ هذه الصلاة في قلبِه إلى ما شاء الله إلى مُدَّة طوِيلة وهو يتذَكَّر لَذَاذَة هذه المناجَاة وحُسنَها وتنْهَاه عن الفحشاء والمنكر.
قوله تعالى: (( ولذكر الله أكبر )) أولًّا إعراب هذه الجملة؟ لست مِن أهل الإعراب؟ نعم يا صالح! إعرابُها؟
الطالب: اللام؟
الشيخ : اللام وكلها. اللام اللام قبْل
الطالب: (ذكر) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة، .. واسم الله مُضَافٌ اليه، (أكبر) خبَرها
الشيخ : خبرها نعم أحسنت، الإضافة هنا مِن إضافَة المصدَر إلى فاعلِه أو إلى مفعوله؟
الطالب: إلى مفعوله.
الشيخ : إلى مفعولِه
الطالب: لا إلى فاعله
الشيخ : إلى فاعله؟ اجزِمْ
الطالب: إلى فاعلِه
الشيخ : طيب ما الفرق بين التقدِيرَيْن؟
الطالب: الفرق أنَّ هذه (ولذكر الله) يعني القرءان وذكر الله
الشيخ : هذا على أي التقديرين؟
الطالب: على أنه مضاف إلى فاعله، أما إذا كان مفعوله فهو ذِكْرُ الله للناس أي .. لهم ....
الشيخ : الآن يعني تقول: يصلح لهذا ولهذا؟
الطالب: لا، على تفسير
الشيخ : إضافته إلى المفعول إلى الفاعل؟
الطالب: إلى فاعله
الشيخ : إلى الفاعل إلى فاعلِه، طيب ما تقولون أنتم في الأمرين في الإضافة إلى الفاعِل والمفعول، وفي التقدير اللي قال؟
الطالب: .. إلى المفعول
الشيخ : إضافة إلى المفعول؟
الطالب: ...
الشيخ : وش المانع على إضافة المفعول على بإضافة المفعول؟ وش المعنى على هذا التقدير؟
الطالب: المعنى أنَّ مَن يذْكُر الله عز وجل يعني هذا يكون مِن أعظَم الأشياء، أو ....
الشيخ : يعني ذكرُك الله أكبَر وأعظَم مِن النَّهي عن الفحشاء والمنكر كذا؟ طيب إذًا (( إن الصلاة تنهَى عن الفحشاء والمنكر )) (( ولَذكر الله أكبر ))؟
الطالب: ...
الشيخ : مضاف إلى المفعول؟ والمعنى -إذًا- ولَذْكِرُك الله أكبَر مِن النهي عن الفحشاء والمنكر يعني ما في الصلاة مِن ذكرِ الله أعظم مِن الفحشاء والمنكر، أو على سبيل العموم كما اختاره المؤلف، .. تقدير أنه مضاف للفاعل وش المعنى؟ يوسف!
الطالب: الفاعل؟ .... ذكر الله جل وعلا للإنسان ... أعظم مِن فعله
الشيخ : ؟ أعظم مِن فعلِك لأنَّ الشأن أن يذكرَك الله لا أن تذْكُر الله كما في قوله: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) ما قال: فاتبعوني تُحِبُّوا الله قال: (يحببكم) إذْ أنَّ الشأن في محبَّةِ الله للإنسان فعلى هذا يكون المعنى: ولذكرُ الله لكم حين تصُلَّون لأن المصلي ذاكرٌ لله بلا شك أو لا؟ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ))[الجمعة:9] والمراد بالذِّكْر هنا الخطبة والصَّلاة، فعلى هذا فيكون المعنى: ولذكرُ الله إيَّاكم في الصلاة أعظَم مما يحصُل لكم أنتم بالصلاة مِن النهي عن الفحشاء والمنكر، ألا يمكن أن نقول: إنها صالحةٌ لهذا ولهذا فلْتَكُن لهذا ولهذا؟ ما بينهن تضَادّ نحن قلنا في القاعدة في التفسير: إذا كانت الآية محتَمِلَة لِمَعْنَيَيْن لا يُناقِضُ أحدُهما الآخر حُمِلَت على المعنَيَيْن فإن كان أحدُهما يُناقِضُ الآخر ماذا نصنَع؟ يُؤخَذ بالراجح، لأنَّه ما يمكن تحتَمِل الآية معنيين متناقِضَيْن ولكن يُؤخَذ بالراجح، نعم؟
الطالب: ما تكون مِن باب الجزاء؟
الشيخ : ايه هو مِن باب الجزاء كما ثبَت في الحديث القدسي: ( مَن ذكرني في نفسِه ذكرْتُه في نفسي، ومَن ذكرَني في ملأ ذكرتُه في ملأٍ خير منهم ).
الطالب: الواو يعني مستأنفة؟
الشيخ : أي نعم هي قد تكون مستأنَفَة على الاحتمالين.
طيب قولُه: (( ولذكر الله أكبَر )) (أكبر) أين المفضَّل عليه؟ تفضَّل علي!
الطالب: ...
الشيخ : النهي عن الفحشاء والمنكر، وإن شئنا قلنا: حُذِفَ المفضَّل عليه للعموم نعم.
الطالب: قد يقول قائل لم يقصد معنى واحد
الشيخ : نعم هو المتكَلِّم يقصد معنًى واحد ولكن ما دام أنه كلامه محتمِل للوجهين بدون تناقُض ما الذي يُعْلِمُنا أنَّه لم يرِد إلا واحدا، فهذا كلامُ الله عز وجل، وكلامُ الله سبحانه وتعالى واسِعُ المعنى فما دامَ اللفظ صالحًا للوجهين بدون تناقُضٍ بينهما ما يمكن أن نقول إنَّه لم يُرِدْ إلا هذا.
قوله تعالى: (( والله يعلمُ ما تصنعون )) هذه الآية جملة خبرية الجملة الخبرية تُفيد علم الله بما نصنَع فما الغرَضُ منهَا؟ عبيد! هل المراد الغَرَض منها التَّرْغيب أو الترهيب؟ أيُّهما؟ الترغيب؟ الترهيب؟ يعني يعلَم ما نصنَع ويُجازينا عليه؟ ما الذي أدراك أنَّه للترهيب فقط؟ ... أنت تقول للترهيب، نعم، ما الذي أدراك؟
الطالب: ........
الشيخ : طيب غانم!
الطالب: الترغيب والتَّرْهِيب
الشيخ : لِلترغيب والتَّرْهِيب طيب هذا رأْيان أيُّهما أصح؟
الطالب: الصحيح أنها للترهيب
الشيخ : للترهيب؟
الطالب: أي نعم
الشيخ : وش الدليل
الطالب: لأنها دالَّة على المراقبَة فإذا عرَفَ أنَّ الله يراقِبُه
الشيخ : خافَ منه، ... وإذا عرَف أنَّ الله يعلَم ما يصنع ولا يضِيع عليه ما .. الطاعة؟
الطالب: يعني في هذه الآية ... الترغيب والترهيب ....
الشيخ : طيب هي الحقيقة للترغيب والترهيب هي للترغيب والترهيب، وهي للترغيب هنا قد تكون أقرب، لأنَّ ما قبلَها أمر وليس بنهي، اللي قبلها أمر ولا نهي؟
الطالب: أمْر
الشيخ : أمر لو كان نهيًا لكانَت لِلترهيب أقرَب، لا تزنِ فإن الله يعلَم ما تصنَع هذا ترهيب، اعمَلْ صالحا فإنَّ الله يعلَمُ ما تصنَع ايش الواضح؟
الطالب: ترغيب.
الشيخ : الترغيب، لكن مع ذلك نقول هي لهما جميعًا، لأنَّها تشمل ترغيب فعل الأمر والترهيبَ مِن مخالفَتِه وعصيانِه أي نعم، الحقيقة أنَّنا طوَّلْنا في هذه المناقشة كأنَّها درْس كامِل لكن ما فيه بأس لأنَّنا وُدَّنَا نوَدُّ أنَّ الإنسان ينفَتِحُ له ما ينفَتِح مِن معرفةِ القرآن وأسرارِه بقدْرِ المستطاع نعم
ما الدليل على أن الخطاب الموجه للنبي صلى الله عليه وسلم موجه له ولأمته؟.
الطالب: .... يسألك عن الدليل إذا كان .. أنَّ الخطاب يعُم الرسول وسائر ...
الشيخ : أي نعم أنَّ الخِطَاب الموجَّه للرسول لَه وللأمة، الدليل؟ مَن يعرِف؟
الطالب: ...
الشيخ : لا هذا الحَقِيقَة دليل على وُجُوب التَّأَسِّي به، لكن الدليل على أنَّ الخطاب الموجَّه له -ما لم يدُلَّ دليل على أنَّه له- أنَّه له وللأمة قولُه تعالى: (( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا بعده؟
الطالب: خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ))
الشيخ : خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ )) يدلّنا على أنَّه لولا قوله: (خالصة) لكان الحكم له ولغيرِه فدَلَّ هذا على أنَّ الحكم عند الإطلاق الموجَّه للرسول صلى الله عليه وسلم له وللأمة، ويدلّك على هذا أيضًا آية أخرى وهي قوله تعالى لَمَّا ذكَر أنَّ الله أحلَّ له امرأَةَ زيد بن حارثة وش قال؟ قال: (( لكيلا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم )) أقرأ الآية (( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا)) الحكم الآن لِمَن؟ للرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك عُلِّل بعلَّةٍ عامَة فقال: (( لكيلا يكون على المؤمنين )) ما قال (عليك) (( على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قضَوْا منهُنَّ وطَرا )) فهذا دليل على أنَّ الخطاب الموجَّه له يكُون له وللأمة واضِح؟ طيب.
الطالب: ونستفيد أيضًا في الآية الأولى دلالَة على المقسوم أيضًا صَدَّر في قوله: (إنا أحللنا أزواجك)
الشيخ : إلا هي أقول: فيها دليل وهذا أيضًا تُؤَيدُها.
الطالب: يكون مثلًا جعلَ الخطاب المفرد للرسول ثم .. بحكم المرأة خالِصَةً لك
الشيخ : دليل على أنَّ الخطاب -الموجه له- له وللأمة.
ثم قال الله تعالى: (( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي ))
الشيخ : أي نعم أنَّ الخِطَاب الموجَّه للرسول لَه وللأمة، الدليل؟ مَن يعرِف؟
الطالب: ...
الشيخ : لا هذا الحَقِيقَة دليل على وُجُوب التَّأَسِّي به، لكن الدليل على أنَّ الخطاب الموجَّه له -ما لم يدُلَّ دليل على أنَّه له- أنَّه له وللأمة قولُه تعالى: (( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا بعده؟
الطالب: خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ))
الشيخ : خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ )) يدلّنا على أنَّه لولا قوله: (خالصة) لكان الحكم له ولغيرِه فدَلَّ هذا على أنَّ الحكم عند الإطلاق الموجَّه للرسول صلى الله عليه وسلم له وللأمة، ويدلّك على هذا أيضًا آية أخرى وهي قوله تعالى لَمَّا ذكَر أنَّ الله أحلَّ له امرأَةَ زيد بن حارثة وش قال؟ قال: (( لكيلا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم )) أقرأ الآية (( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا)) الحكم الآن لِمَن؟ للرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك عُلِّل بعلَّةٍ عامَة فقال: (( لكيلا يكون على المؤمنين )) ما قال (عليك) (( على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قضَوْا منهُنَّ وطَرا )) فهذا دليل على أنَّ الخطاب الموجَّه له يكُون له وللأمة واضِح؟ طيب.
الطالب: ونستفيد أيضًا في الآية الأولى دلالَة على المقسوم أيضًا صَدَّر في قوله: (إنا أحللنا أزواجك)
الشيخ : إلا هي أقول: فيها دليل وهذا أيضًا تُؤَيدُها.
الطالب: يكون مثلًا جعلَ الخطاب المفرد للرسول ثم .. بحكم المرأة خالِصَةً لك
الشيخ : دليل على أنَّ الخطاب -الموجه له- له وللأمة.
ثم قال الله تعالى: (( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي ))
كلمة توجيهية من الشيخ رحمه الله تعالى لطالب العلم في أهمية الفهم للمسائل العلمية وعدم الإعتماد على الحفظ وحده .
أنَا يهُمُّنِي مِن طالب العلم ليس أن يحفَظ المسائل حفْظُ المسائل بسِيط أعتَقِد أنَّ المسَجِّل أقوى منَّا حفظًا للمسائل ولَّا لا؟ ... لو تعطي المسَجِّل ألف مسألة وتجِيه عُقُب عشرين سنة يعطيك إياه ولَّا لا؟ يعطيك إياه لكن المهم مِن طالب العلم أن يفْهَم ففي الفهم فهْم الدلالة مِن القرآن ومِن السنة أيضًا هذه يفتَح الله بها على الإنسان عِلمًا كثيرًا يمكِن ما يدْرِكه أحد ولهذا قال علي بن أبي طالب لما سُئِل: هل عَهِد إليكم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بشيء؟ قال: " لا إلَّا ما في هذه الصحيفة أو فهمًا يؤتيهِ الله تعالى أحدًا في القرآن " شوف (أو فهمًا) ولا شك أنَّ عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه مِن الفهم في القرآن شيئًا كثيرًا، فالمهم أني أنا أُحِب مِن طالب العلم أن يكونَ حريصًا على الفهم قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( رُبَّ مُبَلَّغٍ أوعَى مِن سَامِع ) فالحِفْظُ بمنزِلَة الصَّيدَلَة الصيدلِي عنده الأدوية كلها لكن الفهْم والتَّقرير والاستِنْبَاط هذا بمنزلَة الطبيب يستطيع يُوَجِّه الأدْوية وينتَفِع بها، الصيدلي يحفظْها لك لكن الطبيب هو الذي ينتَفِع وينْفَع، فأنا أهَمّ شيء عندي لطالب العلم في تفسير القرآن وكذلك في السُّنَّة هو الفهم والاستنْبَاط والتَّفْرِيع وأظُن مَرَّ علينا أنَّ دلالة اللفظ على معناه تكون على ثلاثة أوجه أو لا؟ مُطَابَقَة وتضَمُّن والتِزَام: المطابقة والتضمُّن أمرُهما بسيط أدنى طالب علم ممكن يعرفهما، لكن التزام هذا هو المهم وهو الذي يتفَرَّع عليه مسائل ما يحصِيها إلَّا الله دلالة الالتزام إذا وُفِّقَ الإنسان لها ينالُ خيرًا كثيرًا في هذه المسألة أي نعم
5 - كلمة توجيهية من الشيخ رحمه الله تعالى لطالب العلم في أهمية الفهم للمسائل العلمية وعدم الإعتماد على الحفظ وحده . أستمع حفظ
قال الله تعالى : << و لاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذي أنزل إلينا و أنزل إليكم وإلهنا و إلهكم واحد ونحن له مسلمون >>
التفسيرُ
قال الله تعالى: (( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتِي هي أحْسَن )) (لا تجادلوا) الخطاب هنا لِلأمة جميعًا وهو نهي، وقوله: (تجادِلُوا) ما هي المجادَلَة؟ المجادَلَة مُنَازَعَة الخصم لِأمرين لِلظُّهور عليه وإبطَال حجَّتِه، هذه هي المجادلة تنازِع خصمك مِن أجل أن تعلُوَ عليه وتظْهَر عليه وتبطِل حجَّتَه، مأخوذة مِن فَتْلِ الرأس مِن فَتْل الحبْل لأنَّ الجَدْل اللي هو فتْل الحبل وش المقصُود به؟ إحكامُه وتقوِيَتُه كأنَّ المنازع يُريد أن يقوِّي حجتَه على خصمِه وأظنُّنا نعرف في اللغة العامية نسَمِّي قُرون المرأة جدايل لأنَّها تَفْتِلُه وتقَوِّيه، وقوله: (( لا تجادِلُوا أهل الكتاب )) يعني الذين أُوتُوه وأهْلُ الشيء يُرَاد به مَن أُوتِيَهُ وإن لم يعمَل به، ويُراد به مَن أوتيه وعَمِلَ به، ومحَلُّ الثناء الثاني ولَّا الأول؟
الطالب: الثاني
الشيخ : محل الثناء الثاني، فأهلُ القرآن مَن هم؟ الذِين حَفِظُوه فقط تلَاوَةً أو حفظُوه وعَمِلُوا به؟
الطالب: حفظِوه وعملوا به.
الشيخ : نعم كلُّهم يقال لهم أهل فالأوَّلُون أهل والآخِرُون أهْل، لكن حقيقة الأمر أنَّ الثناء والمدح على مَن كانوا أهلَه تلاوةً وعملًا، فأهلُ الكتاب هم الذين أوتوه: إن عمِلوا به صاروا أهلًا حقًّا وإن لم يعملُوا لم يكونوا أهلًا حقًّا، وقوله: (( أهل الكتاب )) المراد بالكتاب هنا الجنس وإلَّا فهما كتابَان التوراة والإنجيل: التَّوراة لِمَن؟ لليهود والإنجيل للنصارى، وقوله: (إلا بالتي هي أحسَن) هذا الاستثناء مفرَّغ مِن عُمُومِ الأحوال يعني في أيِّ حالٍ مِن الأحوال لا تجادِلُوهم إلَّا بالتي هي أحسن، وهذا كقولِه تعالى: (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))[النحل:125]، وقوله: (( إلا بالتي هي أحسن )) (بالتي) لم يقُل: بالذي قال: بالتي، والتي كما نعرف جميعا مؤنث ولَّا مذكر؟ للمؤنث أي إلَّا بالطَّريقة التي هي أحسَن لأنَّ المجادلة ما هي كلمةٌ تُلقَى بل هي طُرُق، ولذلك عندهم في علْمِ الأدَب والمناظرة عندَهم للمناظرة طُرُق يتمَكَّن بها الإنسان مِن الوصول إلى إقناَعِ الخصم وإقامَةِ الحجة عليه، ولهذا قال: (بالتي) أي بالطريقة التي هي أحسَن، وقوله: (بالتي هي أحسن) عندنا المجادَلة بالتي هي أحسن ما يخالِف (التي هي أحسن) هُنَا أتَى باسم التفضيل مُطْلَقًا لِيَعُمّ الحُكْم في سياق الأدلة مثلًا، في سياق المجادَلة، والحُسْن أيضًا في كيفية هذه المجادلَة لأنَّه لا بُدَّ مِن الأمرين لا بد مِن حُسْن الطريق بمعنى أن نأتِي بأقرب الطرق لِإقناعِ الخصم، ولا بد أيضًا مِن كيفِيَّة وضعِ هذه الطريق أو إلقاء هذه الطريق كيفية إلقائِها، نضرب مثلًا للأمرين: إنسان عنده قُوَّة في المناظرة وإِيراد الحجج لكن إذا جاء يُجادل يقول: أنت بليد أنت حمار ما تعرِف القضية كذا وكذا وكذا وكذا أنا الحقيقة مخطئ أنِّي أجَادِل مثل هذا الحِمَار هذي أَحْسَن ولَا لا؟ ليست أحسَن وإن كان عرضُ الطريق جيِّدًا لكن هذا كيفِيَّة إلقَاء هذه الطريق ليس بجيِّد، إنسانٌ آخر ليِّنُ الكلام مُهَذَّب لكن ما يُحْسِن يُنَاظِر هذا أيضًا ليس داخلًا في قوله: (بالتي هي أحسَن)، انظر إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام لَمَّا حاجَّه الرجل في رَبِّه (( قال إبراهيم ربِّي الذي يُحيِي ويميت قال: أنا أحيي وأميت )) ما رَاح ينازعه إبراهيم يقول أنت ما تُحيي ولا تميت أنت إنَّما تبقي الحياة أو تفعَل السبب الذي يكون به الموْت لأن حقيقة الأمْر الإنسَان ما هو بيحيي ولا يُمِيت لكنّه يفعَل السبب الذي به يموت أو يستَبْقِي حياةً مِن غيرِه أليس كذلك؟ ما راح يُنازِع هذه المنازَعة لأنَّها قد تطُول أتى له بايش؟ بدليل آخر ما يقدر ينفلت منه (( قال إبراهيم فإنَّ الله يأتي بالشمس مِن المشرق فأْتِ بها مِن المغرب )) بسيطة يقدر؟
الطالب: لا.
الشيخ : ولهذا قال: (( فَبُهِتَ الذي كَفَرَ )) ما اسْتَطَاع أن يتخلَّص مِن هذا الإيراد أبدًا، هذه أيضًا مِن الأحسن في المناظَرَة أنَّك إذا رأيْت أنَّك بسُلُوكِك هذه الطريق ينفَتِح عليك باب المعارَضَة تسلك الطريق الآخر، قد يقول الإنسان في نفسه: أنا ما وُدِّي أنهزم وُدِّي أُثَّبِت هذه الحجة التي أدْلَيْت بها خلوا بالكم يا جماعة قد يقول إنسان في نفسه: أنَا أُحِبُّ أن أبقَى على الحجة التي أدْليت بها ولا أُورِدُ الأخرى لأنِّي أخشَى أن يكون ذلك انهزامًا أليس هذا واردًا؟ هذا وارِد قد يصِير الإنسان يُدِلي بحُجَّة ثم يبدأ ينازِع فيها لِأجل يُحَقِّقْها ويُثْبِتْها وذاك يفتح عليه أبواب النقْض، بدلًا مِن هذا ما دام عندك حُجَّة واضِحَة تُبطِل بها قولَ خصمك فإنَّ المقْصُود ما هو؟ المقصود بالذات مِن المجادَلة المقصود الأول ما هو؟ إبطَال حجة الغير المنازِع فما دام عندي حجَّة أعرف أنَّه ما يستطيع أن يُنازع بها أتْرُك الذي أتيت به أولًّا أقول: دعنا مِن كذا فما تقول في كذا؟ لأن هذا يفتح لك أوَّلًا إفحام الخصم بسرعة، وثانيًا لئَلَّا يكُون بالمنازَعة في الحجة الأولى يظهَر عليك لأنَّ الإنسان قد يكون كما تعرفون قد يكون عند الخصم استعدَادٌ في المناظَرة في مسألَةٍ مِن المسائل وعنده لها دليل واضِح، ثم عند المجادَلَة يَغلبك بينما يكون عندك أنت ما هو أقوى منه لكن لو سلَكْت طريقًا آخر وصلْتَ إلى مقصُودِك، المهم أنَّنا نقول في المجادلة التي هي أحسن: يشمَل أي شيء؟ الطريقَة التي بها تندَفِع حجةُ الخصم وتقومُ عليه الحجة، ويشمَل كذلك كيفيةَ إلقَاء هذه الحجة في المجادَلة فهو شامل لِهذا وهذا، نعم وقوله: (( إلا بالتي هي أحسن )) عندنا أَحْسَن وحَسَن، شوف في المجادلة مع أنَّ الإنسان عند المجادلة تجِدُه وُدُّه بس في الشيء الذي يغِيظُ الخصم ومع ذلك أمَرَ الله بالتي هي أحسَن لأنَّ المقصُود الوُصُول إلى الحق لا مُجرَّد الغَلَبة، الذي يَقْصِد بمجادلَتِه مجَرَّد الغلبة لا لله ولكن لِنفسِه هذا في الحقيقة خاسِر وإن نَجَح، نعم مَن قَصَدَ الظهور والغلبة على خصمِه لله لأنَّه يعتقد أنَّ الحق معَه فيُرِيد أن يعْلُوَ هذا الحقّ فهذا لا شكَّ أنه حَسَن ولا يُلَام عليه المرْء، لكن أعلَى منه مَن قَصَد إظْهَار الحق بقَطْعِ النظر عن كَونِ ذلكم صَار لنفسه أو لا، فالمراتب إذًا ثلاثة عند المناظرة:
1- مِن الناس مَن يناظر مِن أجل ظهورِه هو وغلبَتِه فقط هذا خاسِر، وهذا معناه أنَّه سيناظِر على قولِه وإن كان باطلًا،
2- ومِن الناس مَن يُناظِر ويُريد الغلبة أو الانتصَار لنفسه لأنَّ قولَه يرى أنه الحق فهذه مرتَبَة الإنسان فيها سالم وناجي،
3- المرتبة الثالِثة أعلاها أن يقْصِد بذلك إظْهَار الحق بقَطْعِ النظر عن كونِه انتصر أو ما انتصر ما يهم، نعم؟ ولذلك قد مثلًا يرَى مِن نفسِه أنه في هذا المكان أنقَص مرتَبَةً ولكنَّه لا يهمه أن يكون ناقصَ المرتبة لأنَّه يريد ظهُور الحق فهذا لا شك أنَّه أعلى المراتب.
وقوله تعالى: (( إلَّا بالتي هي أحسن )) كالدعاء إلى الله بآياته والتنبيهِ على حُجَجِه " (الدعاء إلى الله بآياته) أيّ الآيات؟ الشرعية والكونِيَّة الشرعية والكونِيَّة لأنَّ الله تعالى يُقِيم الحُجَّةَ بهما جميعًا قال الله تعالى: (( فلا تطع الكافِرين وجاهدْهُم به - بالقرآن - جهادًا كبيرًا )) فالمجادَلَة بالآيات الكونية وبالآيات الشرعية، طيب الآيات الشرعية صحيح أنَّها حَقّ لِلمُجادَلَة بها كيف أُجادل بالآيات الشرعية؟ أُبَيِّن ما في الشريعة ما في شريعة الله مِن الحكم والأسْرَار فإنَّ هذه الشريعة إذا بانت حكَمُها وأسرَارُها لِكُلِّ ذي عقلٍ تبَيَّن له أنَّها هي الحق، كذلك أيضًا أُبَيِّن ما في آيات الله الشرعية مِن الالْتِئَام والانْتِظَام وعدَمِ الاخْتِلَاف (( ولو كان مِن عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) هذه مُجَادَلَة بالآيات الايش؟
الطالب: الشرعية
الشيخ : الشرعية، المجادَلَة بالآيات الكونية أن نُرِيَهم آيات الله الكونية وأقول: مَن فعل كذا؟ مَن فعل كذا؟ قال الله تعالى: (( أم خُلِقُوا مِن غير شيء أم هم الخالِقُون * أم خلَقُوا السماوات )) هذه الآيات اللي في الطور مناظَرَة في الآيات الكونِيَّة والشَّرْعِيَّة أو لا؟ (( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ )) (( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ )) ها الأخيرة هذه بالآيات الشرعية والأولى بالآيات الكونية، فتُجَادَل المعاند بالآيات الكونية وتُبَيِّنُ له، ومِن ذلك مناظرة إبراهيم عليه الصلاة السلام للذي حاجَّه في ربِّه فإنَّه ناظرَهُ بالآيات الكونية، وقوله: " والتنبيه على حُجَجِه " حُجَج الحُجَج جمع حُجَّة وهي الدِّلِيل الـمُقْنِع والمفحِم للخصم
قال الله تعالى: (( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتِي هي أحْسَن )) (لا تجادلوا) الخطاب هنا لِلأمة جميعًا وهو نهي، وقوله: (تجادِلُوا) ما هي المجادَلَة؟ المجادَلَة مُنَازَعَة الخصم لِأمرين لِلظُّهور عليه وإبطَال حجَّتِه، هذه هي المجادلة تنازِع خصمك مِن أجل أن تعلُوَ عليه وتظْهَر عليه وتبطِل حجَّتَه، مأخوذة مِن فَتْلِ الرأس مِن فَتْل الحبْل لأنَّ الجَدْل اللي هو فتْل الحبل وش المقصُود به؟ إحكامُه وتقوِيَتُه كأنَّ المنازع يُريد أن يقوِّي حجتَه على خصمِه وأظنُّنا نعرف في اللغة العامية نسَمِّي قُرون المرأة جدايل لأنَّها تَفْتِلُه وتقَوِّيه، وقوله: (( لا تجادِلُوا أهل الكتاب )) يعني الذين أُوتُوه وأهْلُ الشيء يُرَاد به مَن أُوتِيَهُ وإن لم يعمَل به، ويُراد به مَن أوتيه وعَمِلَ به، ومحَلُّ الثناء الثاني ولَّا الأول؟
الطالب: الثاني
الشيخ : محل الثناء الثاني، فأهلُ القرآن مَن هم؟ الذِين حَفِظُوه فقط تلَاوَةً أو حفظُوه وعَمِلُوا به؟
الطالب: حفظِوه وعملوا به.
الشيخ : نعم كلُّهم يقال لهم أهل فالأوَّلُون أهل والآخِرُون أهْل، لكن حقيقة الأمر أنَّ الثناء والمدح على مَن كانوا أهلَه تلاوةً وعملًا، فأهلُ الكتاب هم الذين أوتوه: إن عمِلوا به صاروا أهلًا حقًّا وإن لم يعملُوا لم يكونوا أهلًا حقًّا، وقوله: (( أهل الكتاب )) المراد بالكتاب هنا الجنس وإلَّا فهما كتابَان التوراة والإنجيل: التَّوراة لِمَن؟ لليهود والإنجيل للنصارى، وقوله: (إلا بالتي هي أحسَن) هذا الاستثناء مفرَّغ مِن عُمُومِ الأحوال يعني في أيِّ حالٍ مِن الأحوال لا تجادِلُوهم إلَّا بالتي هي أحسن، وهذا كقولِه تعالى: (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))[النحل:125]، وقوله: (( إلا بالتي هي أحسن )) (بالتي) لم يقُل: بالذي قال: بالتي، والتي كما نعرف جميعا مؤنث ولَّا مذكر؟ للمؤنث أي إلَّا بالطَّريقة التي هي أحسَن لأنَّ المجادلة ما هي كلمةٌ تُلقَى بل هي طُرُق، ولذلك عندهم في علْمِ الأدَب والمناظرة عندَهم للمناظرة طُرُق يتمَكَّن بها الإنسان مِن الوصول إلى إقناَعِ الخصم وإقامَةِ الحجة عليه، ولهذا قال: (بالتي) أي بالطريقة التي هي أحسَن، وقوله: (بالتي هي أحسن) عندنا المجادَلة بالتي هي أحسن ما يخالِف (التي هي أحسن) هُنَا أتَى باسم التفضيل مُطْلَقًا لِيَعُمّ الحُكْم في سياق الأدلة مثلًا، في سياق المجادَلة، والحُسْن أيضًا في كيفية هذه المجادلَة لأنَّه لا بُدَّ مِن الأمرين لا بد مِن حُسْن الطريق بمعنى أن نأتِي بأقرب الطرق لِإقناعِ الخصم، ولا بد أيضًا مِن كيفِيَّة وضعِ هذه الطريق أو إلقاء هذه الطريق كيفية إلقائِها، نضرب مثلًا للأمرين: إنسان عنده قُوَّة في المناظرة وإِيراد الحجج لكن إذا جاء يُجادل يقول: أنت بليد أنت حمار ما تعرِف القضية كذا وكذا وكذا وكذا أنا الحقيقة مخطئ أنِّي أجَادِل مثل هذا الحِمَار هذي أَحْسَن ولَا لا؟ ليست أحسَن وإن كان عرضُ الطريق جيِّدًا لكن هذا كيفِيَّة إلقَاء هذه الطريق ليس بجيِّد، إنسانٌ آخر ليِّنُ الكلام مُهَذَّب لكن ما يُحْسِن يُنَاظِر هذا أيضًا ليس داخلًا في قوله: (بالتي هي أحسَن)، انظر إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام لَمَّا حاجَّه الرجل في رَبِّه (( قال إبراهيم ربِّي الذي يُحيِي ويميت قال: أنا أحيي وأميت )) ما رَاح ينازعه إبراهيم يقول أنت ما تُحيي ولا تميت أنت إنَّما تبقي الحياة أو تفعَل السبب الذي يكون به الموْت لأن حقيقة الأمْر الإنسَان ما هو بيحيي ولا يُمِيت لكنّه يفعَل السبب الذي به يموت أو يستَبْقِي حياةً مِن غيرِه أليس كذلك؟ ما راح يُنازِع هذه المنازَعة لأنَّها قد تطُول أتى له بايش؟ بدليل آخر ما يقدر ينفلت منه (( قال إبراهيم فإنَّ الله يأتي بالشمس مِن المشرق فأْتِ بها مِن المغرب )) بسيطة يقدر؟
الطالب: لا.
الشيخ : ولهذا قال: (( فَبُهِتَ الذي كَفَرَ )) ما اسْتَطَاع أن يتخلَّص مِن هذا الإيراد أبدًا، هذه أيضًا مِن الأحسن في المناظَرَة أنَّك إذا رأيْت أنَّك بسُلُوكِك هذه الطريق ينفَتِح عليك باب المعارَضَة تسلك الطريق الآخر، قد يقول الإنسان في نفسه: أنا ما وُدِّي أنهزم وُدِّي أُثَّبِت هذه الحجة التي أدْلَيْت بها خلوا بالكم يا جماعة قد يقول إنسان في نفسه: أنَا أُحِبُّ أن أبقَى على الحجة التي أدْليت بها ولا أُورِدُ الأخرى لأنِّي أخشَى أن يكون ذلك انهزامًا أليس هذا واردًا؟ هذا وارِد قد يصِير الإنسان يُدِلي بحُجَّة ثم يبدأ ينازِع فيها لِأجل يُحَقِّقْها ويُثْبِتْها وذاك يفتح عليه أبواب النقْض، بدلًا مِن هذا ما دام عندك حُجَّة واضِحَة تُبطِل بها قولَ خصمك فإنَّ المقْصُود ما هو؟ المقصود بالذات مِن المجادَلة المقصود الأول ما هو؟ إبطَال حجة الغير المنازِع فما دام عندي حجَّة أعرف أنَّه ما يستطيع أن يُنازع بها أتْرُك الذي أتيت به أولًّا أقول: دعنا مِن كذا فما تقول في كذا؟ لأن هذا يفتح لك أوَّلًا إفحام الخصم بسرعة، وثانيًا لئَلَّا يكُون بالمنازَعة في الحجة الأولى يظهَر عليك لأنَّ الإنسان قد يكون كما تعرفون قد يكون عند الخصم استعدَادٌ في المناظَرة في مسألَةٍ مِن المسائل وعنده لها دليل واضِح، ثم عند المجادَلَة يَغلبك بينما يكون عندك أنت ما هو أقوى منه لكن لو سلَكْت طريقًا آخر وصلْتَ إلى مقصُودِك، المهم أنَّنا نقول في المجادلة التي هي أحسن: يشمَل أي شيء؟ الطريقَة التي بها تندَفِع حجةُ الخصم وتقومُ عليه الحجة، ويشمَل كذلك كيفيةَ إلقَاء هذه الحجة في المجادَلة فهو شامل لِهذا وهذا، نعم وقوله: (( إلا بالتي هي أحسن )) عندنا أَحْسَن وحَسَن، شوف في المجادلة مع أنَّ الإنسان عند المجادلة تجِدُه وُدُّه بس في الشيء الذي يغِيظُ الخصم ومع ذلك أمَرَ الله بالتي هي أحسَن لأنَّ المقصُود الوُصُول إلى الحق لا مُجرَّد الغَلَبة، الذي يَقْصِد بمجادلَتِه مجَرَّد الغلبة لا لله ولكن لِنفسِه هذا في الحقيقة خاسِر وإن نَجَح، نعم مَن قَصَدَ الظهور والغلبة على خصمِه لله لأنَّه يعتقد أنَّ الحق معَه فيُرِيد أن يعْلُوَ هذا الحقّ فهذا لا شكَّ أنه حَسَن ولا يُلَام عليه المرْء، لكن أعلَى منه مَن قَصَد إظْهَار الحق بقَطْعِ النظر عن كَونِ ذلكم صَار لنفسه أو لا، فالمراتب إذًا ثلاثة عند المناظرة:
1- مِن الناس مَن يناظر مِن أجل ظهورِه هو وغلبَتِه فقط هذا خاسِر، وهذا معناه أنَّه سيناظِر على قولِه وإن كان باطلًا،
2- ومِن الناس مَن يُناظِر ويُريد الغلبة أو الانتصَار لنفسه لأنَّ قولَه يرى أنه الحق فهذه مرتَبَة الإنسان فيها سالم وناجي،
3- المرتبة الثالِثة أعلاها أن يقْصِد بذلك إظْهَار الحق بقَطْعِ النظر عن كونِه انتصر أو ما انتصر ما يهم، نعم؟ ولذلك قد مثلًا يرَى مِن نفسِه أنه في هذا المكان أنقَص مرتَبَةً ولكنَّه لا يهمه أن يكون ناقصَ المرتبة لأنَّه يريد ظهُور الحق فهذا لا شك أنَّه أعلى المراتب.
وقوله تعالى: (( إلَّا بالتي هي أحسن )) كالدعاء إلى الله بآياته والتنبيهِ على حُجَجِه " (الدعاء إلى الله بآياته) أيّ الآيات؟ الشرعية والكونِيَّة الشرعية والكونِيَّة لأنَّ الله تعالى يُقِيم الحُجَّةَ بهما جميعًا قال الله تعالى: (( فلا تطع الكافِرين وجاهدْهُم به - بالقرآن - جهادًا كبيرًا )) فالمجادَلَة بالآيات الكونية وبالآيات الشرعية، طيب الآيات الشرعية صحيح أنَّها حَقّ لِلمُجادَلَة بها كيف أُجادل بالآيات الشرعية؟ أُبَيِّن ما في الشريعة ما في شريعة الله مِن الحكم والأسْرَار فإنَّ هذه الشريعة إذا بانت حكَمُها وأسرَارُها لِكُلِّ ذي عقلٍ تبَيَّن له أنَّها هي الحق، كذلك أيضًا أُبَيِّن ما في آيات الله الشرعية مِن الالْتِئَام والانْتِظَام وعدَمِ الاخْتِلَاف (( ولو كان مِن عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) هذه مُجَادَلَة بالآيات الايش؟
الطالب: الشرعية
الشيخ : الشرعية، المجادَلَة بالآيات الكونية أن نُرِيَهم آيات الله الكونية وأقول: مَن فعل كذا؟ مَن فعل كذا؟ قال الله تعالى: (( أم خُلِقُوا مِن غير شيء أم هم الخالِقُون * أم خلَقُوا السماوات )) هذه الآيات اللي في الطور مناظَرَة في الآيات الكونِيَّة والشَّرْعِيَّة أو لا؟ (( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ )) (( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ )) ها الأخيرة هذه بالآيات الشرعية والأولى بالآيات الكونية، فتُجَادَل المعاند بالآيات الكونية وتُبَيِّنُ له، ومِن ذلك مناظرة إبراهيم عليه الصلاة السلام للذي حاجَّه في ربِّه فإنَّه ناظرَهُ بالآيات الكونية، وقوله: " والتنبيه على حُجَجِه " حُجَج الحُجَج جمع حُجَّة وهي الدِّلِيل الـمُقْنِع والمفحِم للخصم
اضيفت في - 2007-08-13