تفسير سورة العنكبوت-10b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
قال الله تعالى : << وما كنت تتلوا من قبله من كتاب و لا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون >>
خلَّ من طريقِه نعم، هذي محاجَّة بالباطل هذه مُحَاجَّة بالباطل، أي نعم
قال الله تعالى: (( وما كنت تتلُو من قبلِه -أي القرآن- مِن كتابٍ ولا تخُطُّه بيمينك )) هذا مبتدا الدرس؟ كل الآية؟ إذًا ما نأخذ فوائِدها حتى نقف على هذا، قال (( وما كنت تتلو من قبلِه )) أي من قبل القرآن (( مِن كتاب )) هذه "مِن" حرف جر زائدَةٌ إعرابًا لكنها مفيدةٌ معنًى (( ولا تخطه بيمينك إذًا لارتاب المُبطلون )) (إذًا) هذه (إذ) منَوَّنَة ويُسمِّى علماء النحو هذا التنوين يا غانم! يسمونه تنوين العوض عوضًا عن ايش؟ (إذًا) عوض عن جملَة، التقدير: إذ لو كنت تتلُو من قبلِه مِن كتاب أو تخطه بيمينك لارتَاب المبطلون، انتبهوا لتنوين العوض يقول هذه (إذ) (إذًا) أصله وش أصله؟ (إذ) ونُوِّنَت تنْوِينَ عِوَض عن جُمْلة، وتقدِير الكلام: إذ لو كنت تتلُو مِن قبلِه مِن كتاب أو تخُطُّه بيمينك لارتاب المبطلون، طيب على هذا نقول: (لارتاب المبطلون) اللام واقعةٌ في جواب (لو) المحذوفة أو لا؟ في الجمْلة المعَوَّضِ عنها بالتنوين، فقوله: (لارتاب) اللام واقعةٌ في جواب (لو) المحذوفـــة في الجملة المعوَّضِ عنها بايش؟ بالتنْوين، هل نحفظُ مثالًا آخــر فيه التنـــوين عوض عن جملة؟ تذكرون شيء؟
الطالب: قوله تعالى: (( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفَرَّقُون ))
الشيخ : نعم، (يومئذ يتفرقون) أي يوم إذ تقُوم الساعة كذا؟ (( فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ )) أي حين إذْ بلغَت عوَض عن جملة حين إذْ بلغت الحلقوم، وهذا كثير في القرآن نعم، قال: (( إذًا لارتاب المبطلون )) ارتَاب بمعنى شك إلَّا أنَّ أهل العلم يقولون: إنَّ الريب والشك بينهما فرق فالرَّيبُ شكٌّ بقَلَق والشَّكّ ترَدُّدٌ بدون قلق يعني أنَّهم لو كُنت على هذا الحال لارْتَاب المبطلون، وقوله: (لارتاب المبطلون) ما قال لارتاب الناس لأنَّه حتى لو فُرِض أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يتلُو كتابًا مِن قبلِ ذلك ويخطُّه بيمينِه وأتى بهذا القرآن مع وجود الآيات الدَّالَّة على صدقِه هل يحصُل ارتياب؟ ما يحصُل ارْتِياب لكن المبطِل قد يحتَجُّ بالشبهة ويراها بَيِّنَة أليس كذلك؟ ما نقول (ويستفاد) لأنَّ الفوائد إن شاء الله غدًا أو بعد غَد، (إذًا لارتاب المبطلون) (ال) هنا وش إعرابها عند النحويين؟ اسم موصول صِلَتُه (مبطلون) " وصفةٌ صِرِيحَة صِلَةُ (ال) " طيب وقوله: (المبطلون) أي المائلون إلى الباطل أو الداخِلون فيه لأنَّ زيادة الهمزة قد تُفِيد الدُّخول في الشيء مثل ما يقال أَحْصَدَ الزرعُ ايش معناها؟ دخَل في وقْتِ الحصاد ويقال أَنْجَدَ الرجل أي دخَل في نَجْد، أَبْطَل أي دَخَل في الباطل وأخَذ به كما أنَّ المبطلون أي المبتغون للباطل الدَّاخلون فيه والله أعلم
قال الله تعالى: (( وما كنت تتلُو من قبلِه -أي القرآن- مِن كتابٍ ولا تخُطُّه بيمينك )) هذا مبتدا الدرس؟ كل الآية؟ إذًا ما نأخذ فوائِدها حتى نقف على هذا، قال (( وما كنت تتلو من قبلِه )) أي من قبل القرآن (( مِن كتاب )) هذه "مِن" حرف جر زائدَةٌ إعرابًا لكنها مفيدةٌ معنًى (( ولا تخطه بيمينك إذًا لارتاب المُبطلون )) (إذًا) هذه (إذ) منَوَّنَة ويُسمِّى علماء النحو هذا التنوين يا غانم! يسمونه تنوين العوض عوضًا عن ايش؟ (إذًا) عوض عن جملَة، التقدير: إذ لو كنت تتلُو من قبلِه مِن كتاب أو تخطه بيمينك لارتَاب المبطلون، انتبهوا لتنوين العوض يقول هذه (إذ) (إذًا) أصله وش أصله؟ (إذ) ونُوِّنَت تنْوِينَ عِوَض عن جُمْلة، وتقدِير الكلام: إذ لو كنت تتلُو مِن قبلِه مِن كتاب أو تخُطُّه بيمينك لارتاب المبطلون، طيب على هذا نقول: (لارتاب المبطلون) اللام واقعةٌ في جواب (لو) المحذوفة أو لا؟ في الجمْلة المعَوَّضِ عنها بالتنوين، فقوله: (لارتاب) اللام واقعةٌ في جواب (لو) المحذوفـــة في الجملة المعوَّضِ عنها بايش؟ بالتنْوين، هل نحفظُ مثالًا آخــر فيه التنـــوين عوض عن جملة؟ تذكرون شيء؟
الطالب: قوله تعالى: (( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفَرَّقُون ))
الشيخ : نعم، (يومئذ يتفرقون) أي يوم إذ تقُوم الساعة كذا؟ (( فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ )) أي حين إذْ بلغَت عوَض عن جملة حين إذْ بلغت الحلقوم، وهذا كثير في القرآن نعم، قال: (( إذًا لارتاب المبطلون )) ارتَاب بمعنى شك إلَّا أنَّ أهل العلم يقولون: إنَّ الريب والشك بينهما فرق فالرَّيبُ شكٌّ بقَلَق والشَّكّ ترَدُّدٌ بدون قلق يعني أنَّهم لو كُنت على هذا الحال لارْتَاب المبطلون، وقوله: (لارتاب المبطلون) ما قال لارتاب الناس لأنَّه حتى لو فُرِض أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يتلُو كتابًا مِن قبلِ ذلك ويخطُّه بيمينِه وأتى بهذا القرآن مع وجود الآيات الدَّالَّة على صدقِه هل يحصُل ارتياب؟ ما يحصُل ارْتِياب لكن المبطِل قد يحتَجُّ بالشبهة ويراها بَيِّنَة أليس كذلك؟ ما نقول (ويستفاد) لأنَّ الفوائد إن شاء الله غدًا أو بعد غَد، (إذًا لارتاب المبطلون) (ال) هنا وش إعرابها عند النحويين؟ اسم موصول صِلَتُه (مبطلون) " وصفةٌ صِرِيحَة صِلَةُ (ال) " طيب وقوله: (المبطلون) أي المائلون إلى الباطل أو الداخِلون فيه لأنَّ زيادة الهمزة قد تُفِيد الدُّخول في الشيء مثل ما يقال أَحْصَدَ الزرعُ ايش معناها؟ دخَل في وقْتِ الحصاد ويقال أَنْجَدَ الرجل أي دخَل في نَجْد، أَبْطَل أي دَخَل في الباطل وأخَذ به كما أنَّ المبطلون أي المبتغون للباطل الدَّاخلون فيه والله أعلم
1 - قال الله تعالى : << وما كنت تتلوا من قبله من كتاب و لا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون >> أستمع حفظ
الأسئلة .
الطالب: قبل ...
الشيخ : قبل الكتاب يعني قبل القرْآن يبي يجينا في الفوائِد إن شاء الله.
(( وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يُؤمنون به )) مِن فوائد هذه الآية
الطالب: أخذناها
الشيخ : أخذناها؟ عجيب طيب نأجل هذه نخليها مع اللي بعدها قال الله تعالى: (( وما كنت تتلو من قبله -أي القرآن- من كتاب ولا تخطُّه بيمينك إذًا لارتَاب المبطلون ))
الشيخ : قبل الكتاب يعني قبل القرْآن يبي يجينا في الفوائِد إن شاء الله.
(( وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يُؤمنون به )) مِن فوائد هذه الآية
الطالب: أخذناها
الشيخ : أخذناها؟ عجيب طيب نأجل هذه نخليها مع اللي بعدها قال الله تعالى: (( وما كنت تتلو من قبله -أي القرآن- من كتاب ولا تخطُّه بيمينك إذًا لارتَاب المبطلون ))
قال الله تعالى : << بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم و ما يجحد بئاياتنآ إلا الظالمون >>
التفسير
قال الله تعالى: (( بل هو آيات بينات )) (بل هو) هذه (بل) للإبطال وقد سبقَ لنا أن (بل) تأتي للإضراب وأنَّ الإضراب نوعان: إضرابٌ لإبطال ما سبَق وإضرابٌ للانتقال منه إلى ما فوقَه أو دونِه، ولهذا يقال: الإضراب نوعان: إبطَاليّ وانتقَاليّ ففي قوله تعالى: (( بل ادَّارَكَ علمُهم في الآخرة بل هم في شكٍّ منها بل هم منها عَمُون )) ما نوْع الإضراب؟
الطالب: انتقالي
الشيخ : انتقالي، وهُنا لَمَّا قال الله تعالى نعم وقولُه تعالى: (( إذا تُتْلى عليه آياتنا قال أساطيرُ الأولين * كلَّا بل رانَ على قلوبِهم )) ما هذا؟
الطالب: إبطال.
الشيخ : هذا إبطَال أبطَلَ قوله: إنَّها أساطير الأولين، هنا قال: (بل هو آيات) هذا إبطالي ولَّا انتقالي؟
الطالب: إبطالي
الشيخ : (( وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ )) يحتمِل أنَّه إبطَالِيّ أو انتقَالِيّ، أما كونُه إبطاليًّا فهو لِإِبْطَالِ قولهم: إنَّه جاء بِه مِن عندِه، أمَّا كونُه انتقاليًّا فإنَّه لَمَّا نفى ما يكُون به مُتَقَوَّلًا على الله أثبت أنَّه آياتٌ مِن الله فيكون انتِقَالًا مِن النَّفْي إلى الإِيجَاب قال: (( بل هو )) أي القرآن (( آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم )) أي المؤمنين يحفظونَه " قوله: (آيات) جمعَها لأنَّ كلَّ آية من القرآن فهي آيةٌ على صدْقِ الرسول صلى الله عليه وسلم لأنَّ كلَّ آيةٍ منه فهي -كما قال أهل العلم- معجِزَة كلّ آية مِن القرآن فهي معجِزَة والله تعالى تحدَّى الناس والعَرْب كلَّهم أن يأتوا بمثْلِ هذا القرآن أو بعَشْرِ سورٍ منه أو بسُورة أو بحديث ولو آيَة قال الله تعالى: (( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ {أنت معنا يا عبيد؟ ما أظن} لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ))[الإسراء:88] هذا عمومُ القرآن، عشرة سور (( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ))[هود:13] وهذه سورة هود، السورة الواحدة: (( أم يقولون افترَاه قل فأْتُوا بسورةٍ مِن مثلِه )) وهذه في يونُس، الآيةُ الواحدة (( فليأتوا بحدِيثٍ مثلِه إن كانوا صادقين )) وهذه في سورة الطور، إذًا كلُّ آيةٍ منه فهي آيَة ومعجِزَة للرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا قال: (( بل هو آياتٌ )) جمعَها، والآيات العلامات كما تقدَّم وسبَق أنَّ آياتِ الله سبحانه وتعالى تنقَسِم إلى كونِيَّة وشرْعِيَّة.
الطالب: ... الإعجاز فقط بلفظه؟
الشيخ : لا، كلّه لفظِه ومعناه وكل ما يتعلَّق به الإعجاز، وقوله: (( بيِّنَات )) أي ظاهِرات لا إشكَال فيها ولا غُمُوض، وقوله: (( في صدور الذين أوتوا العلم )) (في) للظرفية حملَها المؤلف وكثيرٌ من المفسرين على أنَّ المراد حِفْظُه عن ظهْرِ قلب وأنَّ هذا القرآن محفوظٌ في الصدور ولهذا قال المؤلف في تفسيره: " أي المؤمنين يحفظونه " ويكون المعنى أنَّ هذا القرآن محفُوظٌ في الصدور، ويحتَمِل أنَّ المعنى آياتٌ بيناتٌ في صدورِ الذين أوتوا العلم أي في قلوبِهم أي أنَّهم يعلمُون أنَّه حقّ كما قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ))[يونس:57] وقد يقال: إنَّ المراد النوعَانِ جميعًا أي حفظُه في الصدور فإنَّه يدُلُّ على أنه معتَنًى به ومهْتَمٌّ به، وكذلك كونُه آياتٍ بينات في الصدور يعتَرِفُ به أهلُ الإيمان أهلُ العلم، المهم أنَّه لا ينبغي أن نقْتَصِر على أنَّ المراد أنَّه في صدورهم يحفظُونَه بل أنّه في صدورِهم يعلَمُونَه ويحفظونه كذلك فأهل العلم يعرِفُون في قلوبِهم أنَّ القرآن آياتٌ بينات ولا يمتَرُون في هذا ولذلك قال: (( وما يجحَدُ بآياتنا إلا الظالمون ))، وقول المؤلف: " (( في صدور الذين )) .. أي المؤمنين " بناءً على أنَّ المرادَ به أهل العلم العامِلِين به وهذا لا يكون إلَّا للمؤمنين، وقوله: (( وما يجحد بآياتنا )) تقدم أن الجحْد هنا ضُمِّن معنى ايش؟
الطالب: التَّكذيب.
الشيخ : التكذيب، وقوله: (( الظالمون )) الظلم هنا الظلم الأكبر لأنَّ الظلم ظُلْمان: ظلم أصغر وهو ما دون الشرك والكفر، وظلمٌ أكبر وهو الكفر والشرك وكلاهُما موجُودٌ في القرآن ايش مثال الظلم الأكبر؟
الطالب: (( إنَّ الشرك لظلم عظيم ))
الشيخ : (( إنَّ الشرك لظلم عظيم ))، وكذلك هنا في هذه الآية، كذلك (( الكافرون هم الظالمون ))، طيب الظلم الأصغر
الطالب: (( قال رب إني ظلمت نفسي فاغفِر لي ))
الشيخ : نعم (( قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي ))، (( إنَّما السبيل على الذين يظلِمُون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ))
قال الله تعالى: (( بل هو آيات بينات )) (بل هو) هذه (بل) للإبطال وقد سبقَ لنا أن (بل) تأتي للإضراب وأنَّ الإضراب نوعان: إضرابٌ لإبطال ما سبَق وإضرابٌ للانتقال منه إلى ما فوقَه أو دونِه، ولهذا يقال: الإضراب نوعان: إبطَاليّ وانتقَاليّ ففي قوله تعالى: (( بل ادَّارَكَ علمُهم في الآخرة بل هم في شكٍّ منها بل هم منها عَمُون )) ما نوْع الإضراب؟
الطالب: انتقالي
الشيخ : انتقالي، وهُنا لَمَّا قال الله تعالى نعم وقولُه تعالى: (( إذا تُتْلى عليه آياتنا قال أساطيرُ الأولين * كلَّا بل رانَ على قلوبِهم )) ما هذا؟
الطالب: إبطال.
الشيخ : هذا إبطَال أبطَلَ قوله: إنَّها أساطير الأولين، هنا قال: (بل هو آيات) هذا إبطالي ولَّا انتقالي؟
الطالب: إبطالي
الشيخ : (( وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ )) يحتمِل أنَّه إبطَالِيّ أو انتقَالِيّ، أما كونُه إبطاليًّا فهو لِإِبْطَالِ قولهم: إنَّه جاء بِه مِن عندِه، أمَّا كونُه انتقاليًّا فإنَّه لَمَّا نفى ما يكُون به مُتَقَوَّلًا على الله أثبت أنَّه آياتٌ مِن الله فيكون انتِقَالًا مِن النَّفْي إلى الإِيجَاب قال: (( بل هو )) أي القرآن (( آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم )) أي المؤمنين يحفظونَه " قوله: (آيات) جمعَها لأنَّ كلَّ آية من القرآن فهي آيةٌ على صدْقِ الرسول صلى الله عليه وسلم لأنَّ كلَّ آيةٍ منه فهي -كما قال أهل العلم- معجِزَة كلّ آية مِن القرآن فهي معجِزَة والله تعالى تحدَّى الناس والعَرْب كلَّهم أن يأتوا بمثْلِ هذا القرآن أو بعَشْرِ سورٍ منه أو بسُورة أو بحديث ولو آيَة قال الله تعالى: (( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ {أنت معنا يا عبيد؟ ما أظن} لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ))[الإسراء:88] هذا عمومُ القرآن، عشرة سور (( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ))[هود:13] وهذه سورة هود، السورة الواحدة: (( أم يقولون افترَاه قل فأْتُوا بسورةٍ مِن مثلِه )) وهذه في يونُس، الآيةُ الواحدة (( فليأتوا بحدِيثٍ مثلِه إن كانوا صادقين )) وهذه في سورة الطور، إذًا كلُّ آيةٍ منه فهي آيَة ومعجِزَة للرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا قال: (( بل هو آياتٌ )) جمعَها، والآيات العلامات كما تقدَّم وسبَق أنَّ آياتِ الله سبحانه وتعالى تنقَسِم إلى كونِيَّة وشرْعِيَّة.
الطالب: ... الإعجاز فقط بلفظه؟
الشيخ : لا، كلّه لفظِه ومعناه وكل ما يتعلَّق به الإعجاز، وقوله: (( بيِّنَات )) أي ظاهِرات لا إشكَال فيها ولا غُمُوض، وقوله: (( في صدور الذين أوتوا العلم )) (في) للظرفية حملَها المؤلف وكثيرٌ من المفسرين على أنَّ المراد حِفْظُه عن ظهْرِ قلب وأنَّ هذا القرآن محفوظٌ في الصدور ولهذا قال المؤلف في تفسيره: " أي المؤمنين يحفظونه " ويكون المعنى أنَّ هذا القرآن محفُوظٌ في الصدور، ويحتَمِل أنَّ المعنى آياتٌ بيناتٌ في صدورِ الذين أوتوا العلم أي في قلوبِهم أي أنَّهم يعلمُون أنَّه حقّ كما قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ))[يونس:57] وقد يقال: إنَّ المراد النوعَانِ جميعًا أي حفظُه في الصدور فإنَّه يدُلُّ على أنه معتَنًى به ومهْتَمٌّ به، وكذلك كونُه آياتٍ بينات في الصدور يعتَرِفُ به أهلُ الإيمان أهلُ العلم، المهم أنَّه لا ينبغي أن نقْتَصِر على أنَّ المراد أنَّه في صدورهم يحفظُونَه بل أنّه في صدورِهم يعلَمُونَه ويحفظونه كذلك فأهل العلم يعرِفُون في قلوبِهم أنَّ القرآن آياتٌ بينات ولا يمتَرُون في هذا ولذلك قال: (( وما يجحَدُ بآياتنا إلا الظالمون ))، وقول المؤلف: " (( في صدور الذين )) .. أي المؤمنين " بناءً على أنَّ المرادَ به أهل العلم العامِلِين به وهذا لا يكون إلَّا للمؤمنين، وقوله: (( وما يجحد بآياتنا )) تقدم أن الجحْد هنا ضُمِّن معنى ايش؟
الطالب: التَّكذيب.
الشيخ : التكذيب، وقوله: (( الظالمون )) الظلم هنا الظلم الأكبر لأنَّ الظلم ظُلْمان: ظلم أصغر وهو ما دون الشرك والكفر، وظلمٌ أكبر وهو الكفر والشرك وكلاهُما موجُودٌ في القرآن ايش مثال الظلم الأكبر؟
الطالب: (( إنَّ الشرك لظلم عظيم ))
الشيخ : (( إنَّ الشرك لظلم عظيم ))، وكذلك هنا في هذه الآية، كذلك (( الكافرون هم الظالمون ))، طيب الظلم الأصغر
الطالب: (( قال رب إني ظلمت نفسي فاغفِر لي ))
الشيخ : نعم (( قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي ))، (( إنَّما السبيل على الذين يظلِمُون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ))
3 - قال الله تعالى : << بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم و ما يجحد بئاياتنآ إلا الظالمون >> أستمع حفظ
الأسئلة
الطالب: الذين أوتوا العلم .....
الشيخ : يرونه حقًّا؟
الطالب: لا ....
الشيخ : المؤلف كما ترى حملَها على المؤمنين لأنَّهم المنتفِعُون بالعلم، لكن هل إنَّ غيرَ المؤمنين مِن أهل العلم يقولون: القرآن آيات بينات؟ قد يكون آيات بينات ويجحدون نعم ربما يكون عندهم آيات بينَات ولكنَّهم يجحدُون بها، نعم وقد ثبت عن بعض زعماءِ قريش أنَّه لما سَمِع القرآن أُعجِبَ به وقال: هذا ما يمكن يكون مِن قول بشر واعترف بأنَّه مِن الله لكنَّه منعه الكِبْر، وقد ذكر الله عن فرعون أنَّهم جحدوا بالآيات واستيقَنَتْها أنفسُهم فعلى هذا نقول إبقائُها على أنها عامة (( في صدور الذين أوتوا العلم )) يكون أولى.
الطالب: .......
الشيخ : (( صُدُور الذين أوتوا العلم )) يشمَل هؤلاء وهؤلاء ولا نقول أيضًا في مسألة الحِفْظ قد لا يحفظونه لكن يعرفون أنَّه حقّ على الوجهِ الثاني الذي ذكرناه
الشيخ : يرونه حقًّا؟
الطالب: لا ....
الشيخ : المؤلف كما ترى حملَها على المؤمنين لأنَّهم المنتفِعُون بالعلم، لكن هل إنَّ غيرَ المؤمنين مِن أهل العلم يقولون: القرآن آيات بينات؟ قد يكون آيات بينات ويجحدون نعم ربما يكون عندهم آيات بينَات ولكنَّهم يجحدُون بها، نعم وقد ثبت عن بعض زعماءِ قريش أنَّه لما سَمِع القرآن أُعجِبَ به وقال: هذا ما يمكن يكون مِن قول بشر واعترف بأنَّه مِن الله لكنَّه منعه الكِبْر، وقد ذكر الله عن فرعون أنَّهم جحدوا بالآيات واستيقَنَتْها أنفسُهم فعلى هذا نقول إبقائُها على أنها عامة (( في صدور الذين أوتوا العلم )) يكون أولى.
الطالب: .......
الشيخ : (( صُدُور الذين أوتوا العلم )) يشمَل هؤلاء وهؤلاء ولا نقول أيضًا في مسألة الحِفْظ قد لا يحفظونه لكن يعرفون أنَّه حقّ على الوجهِ الثاني الذي ذكرناه
تتمة تفسير الآية : << بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم و ما يجحد بئاياتنآ إلا الظالمون >> .
(( وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون )) أي اليهود جحدُوها بعد ظهورِها " قوله: " أي اليهود " لا شكَّ أنه قاصر فإنَّ الآية عامَّة تشمل اليهود والنصارى والمجوس وكلَّ مَن عانَد فإنَّه ظالم
5 - تتمة تفسير الآية : << بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم و ما يجحد بئاياتنآ إلا الظالمون >> . أستمع حفظ
قال الله تعالى : << وقالوا لولآ أنزل عليه ءايت من ربه قل إنما الأيات عند الله و إنمآ أنا نذير مبين >>
قال الله تعالى: (( وقالوا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربه )) (وقالوا) عندي " أي كفار مكة " يعني هم الذين اقترحوا الآيات كما في قوله تعالى: (( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا ))[الإسراء:90] إلى آخرِه، وقوله: (لولا) بمعنى هلَّا فتكون للتحْضِيض وهذا إحدَى معاني (لولا) والمعنى الثاني يا حسين! مرَّت علينا قريبًا المعنى الثاني يا غانم المعنى الثاني لِـ(لولا)؟
الطالب: الشرط
الشيخ : المعنى الثاني أن تكون شرطِيَّة حرفُ امتناَع لِوجُود مثالها: (( ولولا دفْعُ الله الناس بعضَهم ببعض لفسدت الأرض ))
الطالب: (( لولا كتابٌ مِن الله
الشيخ : (( لولا كتابٌ مِن الله سبَق لَمَسَّكُم )) فهمتم؟ أمَّا هنا فهي لِلتحضيض بمعنى (هلا) يعني: (( لولا أنزل عليه آيةٌ )) أي على محمد صلى الله عليه وسلم (( آيةٌ مِن رَبِّه )) وفي قراءة: آيات " والمعنى واحد لأنَّ (آية) نكرة في سياق ما يُشْبِه الشَّرْط وهو التحضيض فكانت للعُموم، وقوله: (( لولا أُنْزِلَ عليه آية من ربه )) (آية) أي علامة على صدقِه يعني لَصَدَّقْنَاه هذا المعنى يقولون: لولا أنزل عليه آية هلَّا أنزل عليه آية حتى نصَدِّقَه ويتبَيَّن لنا صدقُه، وقوله: " وفي قراءة آياتٌ" القراءَة هنا سبعية ولَّا شاذَّة؟
الطالب: سبعية.
الشيخ : سبْعِيَّة لأنَّ مِن اصطلاح المؤلف أنَّه إذا قال: " وفي قراءة " فهي سبْعِيَّة وإذا قال: " وقرِئَ " فهي شاذَّة قال: " كناقَة صَالِح وعَصَا مُوسَى ومائِدَة عِيسَى " فهذه آيَات حِسِّيَّة وهم طَلَبُوا هذه تعنُّتًا وإلَّا فقد جاءَهم مِن الآيات الحسية والمعنوية ما هو أعظَم لقد أَرَاهم النبي صلى الله عليه وسلم انشقَاق القمر، ولقد أخبرَهم بما رأى ليلة الإسراء والمعراج نعم، فهذه آياتٌ مِن جنسِ ما طلَبُوا لكن كمَا قال الله عز وجل: (( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ))[يونس: 97:96] وكلُّ إنسان متعَنِّت فإنَّه لا يمكن أن يقْبَل لأنَّ مَن قصده الحق يكفِيه الآية التي تدُلُّ على صدق ما قال صاحبُه أمَّا المتعنت اللي يقول مثلًا هات كذا فإذا جاء به قال: لا هات غيره فهذا ما يُقْبَل منه، والمتعَنِّت هذا دأبُه يعني حتى لو جاءَت آيةٌ على ما يقولون لقالوا: نريد غيرَها أنت ساحر نُريد غير هذه الآية، ولهذا يقول الله عز وجل في جوابهم طيب فيها أمثلة ناقة صالح كيف هي آية ناقة صالح؟
الطالب:...... فتشرَب الماء يومًا ويشربُوا لبنها يومًا
الشيخ : نعم مثل ما قال: (( لها شرْبٌ ولكم شرب يوم معلوم )) هذا وجهُ كونها آية، أمَّا ما ذُكِر في الإسرائيليات مِن أنَّها خرجت من الحجر وما أشبه ذلك فالله أعلم به، إنما الآية التي أبانَها الله هي أنَّ لها شربًا ولهم شرْب شرب يومٍ معلوم، وعصا موسى آية مِن وجوهٍ متعددة منها أنَّه إذا ألقَاهَا كانت ثُعْبَانًا عظيمًا، ومنها أنها التقَمَتْ ما جاءَ به السحرة مِن الحبال والعِصِيّ، ومنها أنَّه كان يضرب بها الحجر فيتفجَّر عيونًا، ومنها أنَّه كان ضرَبَ بها البحر فانفلَق فكان كل فرْقٍ كالطَّوْد العظيم، ومنها أو ليس منها أنَّها يهشُّ بها على غنمِه؟
الطالب: ليس منها
الشيخ : ليس منها؟ اي لأن هذا لِكُلِّ أحد.
الطالب: استحب بعض العلماء .. العصا.
الشيخ : أي مو هو بصحيح لا ليس بصحيح ... ما هو مِن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام
الطالب: ...
الشيخ : لا أكلته (تلقف ما يأفكون) تأكله أكْل والله أعلم
الطالب: ....
الشيخ : ما ندري .... موجودة يعني هذه حبال كثيرة وعصيٌّ كثيرة ملَئُوا المكان،
الطالب: ...
الشيخ : لا هيِّن هي تنقلب عصا الانقلَاب غير مسألة أنه يذهَب ولا يُدْرَى أين ذهب.
الطالب: الحجم الكبير هذا ينقلِب إلى عصَا
الشيخ : طيب كذلك أيضًا مائِدَة عيسى هذا التَّمْثِيل مِن المؤلف يدُلُّ على أنَّه يرى أنَّ المائدة أنزِلت وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم فمِنهم مَن قال: إنَّ الله أنزَل المائدة على بني إسرائيل، ومنهم مَن قال إنَ الله لم ينزِلْها أيُّهما أقرب إلى ظاهر القرآن؟
الطالب: قال: إني منَزِّلُها عليكم
الشيخ : طيب ما يخالف نشوف الآن (( هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا )) شوف الله أكبَر البَطْن دائِمًا الناس يبْغُون مليه كذلك أيضًا قوم موسى قالوا: حِنْطَة بدَل حِطَّة، طيب أقول: (( وتطمئِنَّ قلوبنا ونعلم أن قد صدَقْتَنَا ونكون عليها مِن الشاهدين * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ))[المائدة:115] إن نظرنا إلى قوله: (إني منَزِّلُها) فظاهرُه أنها نزلت وإن نظرْنا إلى الشَّرط (( فمَن يكفُر بعدُ منكم فإنِّي أعذِّبُه )) قلنا: إنَّها ما نزلت ليش؟ لأنَّه ما جرى هذا التعذيب الذي لم يُعَذَّب أحدٌ مِن العالمين به للنصارى، وأيضًا فإنَّها لو كانت هذه المائدة نزَلَتْ لكانت عيدًا لأولِهم وآخرِهم وهي الآن مجهولة ما هي عند النصارى هذه المائدة، عيد المائدة ما هو موجود عند النصارى فهذا مما استَدَلَّ به مَن يقول إنَّها لم تنزل لأنَّ الله تعالى ذكَر شرطًا لِنُزُولِها لم يُوجَد فدَلَّ على عدم وجود النزول.
الطالب: العذاب .... لأنه ما ذكر في الدنيا ولا في الآخرة
الشيخ : لا معرُوف أنَّه في الدنيا عقوبةً لهم لأنَّ الآيات إذا نزلت الآيات المقترَحَة إذا نزلَتْ ولم يؤْمِن أصحابُها فإنهم يُعَذِّبُون.
الطالب: (( إني منَزِّلُها عليكم )) لم يُذكَر شرط هذه العبارة.
الشيخ : هذا كله واحد الشَّرط سواء مِن أولها أو آخرها فهو منتظر
الطالب: (( إني منَزِّلُها عليكم فمن يكفر )) ....
الشيخ : (فمن يكفر) مفرَّع على ما قبله الفاء تدُلّ على التفريع، فإذا نزَّلْتُها فمَن يكفر فإني أعذبُه
الطالب: قد حرفوا النصارى ....
الشيخ : على كل حال الآية محتمِلَة ولهذا اختلف العلماء وكلٌّ له وجْه.
طيب هذه ثلاث آيات قلنا: إنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام أُعطِي ما هو أعظَم منها لكن المتَعَنِّت لا ينْتَفِع بالآيات، طيب قال الله عز وجل مبَيِّنًا أنَّ لدى الرسول عليه الصلاة والسلام أعظَم مِن ذلك الجواب: (( قل )) لهم (( إنما الآيات عند الله )) ينزِّلُها كيف يشاء " ولو قال: ومتى شاء لكان أحسَن (إنما الآيات عند الله) هذا الجملة حصْر يعني ما الآيات إلَّا عندَ الله ليست عندِي حتى أعطيَكم ما تقتَرِحُون، وإذا كانت عند الله فإنها تبَعٌ لمشيئَتِه وحكمتِه ينَزِّلُها كيف يشاء ومتى شَاء، وليس الناس هم الذي يقتَرِحون على الله عز وجل الآيَات إنَّما الله تعالى هو الذي يُنَزِّلُها فالحكم إذًا إلى مَن؟ إلى الله، والله عز وجل ينزِّلُها لِحكمة ومع ذلك فإنَّنا نعلَم عِلْم اليقين أنَّ الله ما أرسَل رسولًا إلا آتَاه مِن الآيات ما يؤمِنُ على مثله البشر لأنَّ الله حكيم لا يرسِل رسولًا للناس يقول للناس: أنا رسولُ الله إليكم أستَبِيحُ دمائَكم وأموالَكم ونسائَكم إذا لم تؤمِنُوا بي هذا لا يمكن أنَّ الله تعالى يمكنه إلا بآيات تُلْزِمُ الناس بقبولِ قولِه وهذا أمرٌ معلوم أنَّه ينافي الحكمة لو جاءَ رسولٌ بدون آيات أليس كذلك؟ ولهذا قال: إنَّما الآياتُ عند الله يعني هو الذي يأتِي بها لكن تبعًا لمشيئتِه وحكْمَتِه ينَزِّلُها كيف يشاءُ ومتى شاء،
(( وإنَّما أنا نذيرٌ مُبِين )) مُظْهِرٌ إنذارِي بالنار أهلَ المعصية " ( إنما أنا نَذِيرٌ مُبِين ) هذه أيضًا الجملة حصْر، وهل الحصْرُ في الجملتين (إنَّما الآيات عند الله) وفي (إنَّما أنَا نذير مبين) هل هو حقيقيّ أو إِضَافي؟
الطالب: في الأولى حقيقي
الشيخ : الأولى حقيقِي توافقون؟ نعم، .. نشوف هذان رأيان ما تقول يا غانم؟ تُرَجِّح حقيقي ولَا إضافي؟ (إنما الآيات عند الله) هذا حصر و(إنما أنا نذير مبين) هذا حصر آخَر هل الحصْرُ فيهما حقيقي أو الإضافي؟ طيب إذًا ما يخالف، رأيان رأي يقول: إن الحصر في الأولى إضافي والثاني حقيقي ورأي بالعكس ورأيٌ يقول يجوز الوجهان وهذا على كل حال الأخير طريقة معروفَة، للجِنِّ وأتباعِهم طيب بقي لنا الواقع أنَّ الحصر الأول حقيقي أنَّ الآيات ما تكون إلا عند الله ما أحد يستطيع أن يأتي بها، والثاني إضافي لأنَّك إذا قلت: ما أنا إلا نذير مبين فإن هذا ليس باعتبار الواقع والحقيقة أنّه ليس إلا نذِيرًا بل هو نذِير مبِين وبشِير وسِرَاج منير وبَشَر إلى آخره فالحصْر إذًا إضافِي أي بالإضافة إلى كذا فهو بالإضَافة إلى الإتيان بالآيات غيرُ قادِر لكن يقدر على شيء آخر وهو الإنذار، وقوله: (إن أنا إلا نذير) ما هو الإنذار؟ يقول العلماء: إنَّ الإنذار هو الإخبار بالمخُوف هو الإنذار، والإخبارُ بالمرغوب بَشَارَة فالنبيُّ عليه الصلاة والسلام نذِير وهنا ما قال: بشِير لأنَّ المقام يقتَضي ذلك إذ هو يخاطِب المكذِّبِين المعانِدِين، وقوله: (مُبِين) هنا بمعنى بَيِّن أو بمعنى مُبَيِّن؟
الطالب: بيِّن
الشيخ : لا مُبَيِّن ولهذا قال: مظهِر، نعم فقط وقد علِمْنا أنَّ بَان وأَبَانَ: بانَ لا تستعْمَلُ إلا لازِمَة يقال: بان الصبح إذا ظَهَر، وبان هذا مِن هذا إذا انفصَل منه، وأمَّا أبان فتستعمل لازمةً ومتعَدِّيَة يقال: أبَان الصبح بمعنَى بانَ وظهر، ويقال أبانَ الأمرَ بمعنى أظهَرَهُ ووضَّحَه، في بعض الأحيان تكون الآية لا تحتمل إلَّا اللازم وفي بعض الأحيان لا تحتَمِل إلَّا المتعدي وفي بعضِها تصلح لِهذا وهذا، فالرسول عليه الصلاة والسلام نذِير مُبِينٌ لإنذَارِه أو نذير بيِّنُ الإنذار وعلى هذا فيكون النعت سببِيًّا إذا جعَلْنا مُبِين بمعنى بَيِّن والأصل أنَّ النعت حقيقِي وليس سَبَبِيًّا، وقوله: (( إنما أنا نذير مبين )) أي مُظْهِر " هنا شوف كلام المؤلف في قولِه: " مظهرٌ إنذاري بالنار أهلَ المعصية " ايش إعراب (أهل المعصية)؟
الطالب: مفعول لـ(إنذار)
الشيخ : مفعول لـ(إنذار) لأنَّ إنذار مصدر يعمَل عمل فعلِه، فالرسول عليه الصلاة والسلام هذا شأنُه وهذه وظيفته أنَّه منذر، أمَّا أنه يأتي بالآيات إذا طُلبَت أو أنَّه يهدي الناس إذا ضَلَّوا فهذا ليس إليه هذا إلى الله عز وجل هو الذي يملك هذا
الطالب: الشرط
الشيخ : المعنى الثاني أن تكون شرطِيَّة حرفُ امتناَع لِوجُود مثالها: (( ولولا دفْعُ الله الناس بعضَهم ببعض لفسدت الأرض ))
الطالب: (( لولا كتابٌ مِن الله
الشيخ : (( لولا كتابٌ مِن الله سبَق لَمَسَّكُم )) فهمتم؟ أمَّا هنا فهي لِلتحضيض بمعنى (هلا) يعني: (( لولا أنزل عليه آيةٌ )) أي على محمد صلى الله عليه وسلم (( آيةٌ مِن رَبِّه )) وفي قراءة: آيات " والمعنى واحد لأنَّ (آية) نكرة في سياق ما يُشْبِه الشَّرْط وهو التحضيض فكانت للعُموم، وقوله: (( لولا أُنْزِلَ عليه آية من ربه )) (آية) أي علامة على صدقِه يعني لَصَدَّقْنَاه هذا المعنى يقولون: لولا أنزل عليه آية هلَّا أنزل عليه آية حتى نصَدِّقَه ويتبَيَّن لنا صدقُه، وقوله: " وفي قراءة آياتٌ" القراءَة هنا سبعية ولَّا شاذَّة؟
الطالب: سبعية.
الشيخ : سبْعِيَّة لأنَّ مِن اصطلاح المؤلف أنَّه إذا قال: " وفي قراءة " فهي سبْعِيَّة وإذا قال: " وقرِئَ " فهي شاذَّة قال: " كناقَة صَالِح وعَصَا مُوسَى ومائِدَة عِيسَى " فهذه آيَات حِسِّيَّة وهم طَلَبُوا هذه تعنُّتًا وإلَّا فقد جاءَهم مِن الآيات الحسية والمعنوية ما هو أعظَم لقد أَرَاهم النبي صلى الله عليه وسلم انشقَاق القمر، ولقد أخبرَهم بما رأى ليلة الإسراء والمعراج نعم، فهذه آياتٌ مِن جنسِ ما طلَبُوا لكن كمَا قال الله عز وجل: (( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ))[يونس: 97:96] وكلُّ إنسان متعَنِّت فإنَّه لا يمكن أن يقْبَل لأنَّ مَن قصده الحق يكفِيه الآية التي تدُلُّ على صدق ما قال صاحبُه أمَّا المتعنت اللي يقول مثلًا هات كذا فإذا جاء به قال: لا هات غيره فهذا ما يُقْبَل منه، والمتعَنِّت هذا دأبُه يعني حتى لو جاءَت آيةٌ على ما يقولون لقالوا: نريد غيرَها أنت ساحر نُريد غير هذه الآية، ولهذا يقول الله عز وجل في جوابهم طيب فيها أمثلة ناقة صالح كيف هي آية ناقة صالح؟
الطالب:...... فتشرَب الماء يومًا ويشربُوا لبنها يومًا
الشيخ : نعم مثل ما قال: (( لها شرْبٌ ولكم شرب يوم معلوم )) هذا وجهُ كونها آية، أمَّا ما ذُكِر في الإسرائيليات مِن أنَّها خرجت من الحجر وما أشبه ذلك فالله أعلم به، إنما الآية التي أبانَها الله هي أنَّ لها شربًا ولهم شرْب شرب يومٍ معلوم، وعصا موسى آية مِن وجوهٍ متعددة منها أنَّه إذا ألقَاهَا كانت ثُعْبَانًا عظيمًا، ومنها أنها التقَمَتْ ما جاءَ به السحرة مِن الحبال والعِصِيّ، ومنها أنَّه كان يضرب بها الحجر فيتفجَّر عيونًا، ومنها أنَّه كان ضرَبَ بها البحر فانفلَق فكان كل فرْقٍ كالطَّوْد العظيم، ومنها أو ليس منها أنَّها يهشُّ بها على غنمِه؟
الطالب: ليس منها
الشيخ : ليس منها؟ اي لأن هذا لِكُلِّ أحد.
الطالب: استحب بعض العلماء .. العصا.
الشيخ : أي مو هو بصحيح لا ليس بصحيح ... ما هو مِن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام
الطالب: ...
الشيخ : لا أكلته (تلقف ما يأفكون) تأكله أكْل والله أعلم
الطالب: ....
الشيخ : ما ندري .... موجودة يعني هذه حبال كثيرة وعصيٌّ كثيرة ملَئُوا المكان،
الطالب: ...
الشيخ : لا هيِّن هي تنقلب عصا الانقلَاب غير مسألة أنه يذهَب ولا يُدْرَى أين ذهب.
الطالب: الحجم الكبير هذا ينقلِب إلى عصَا
الشيخ : طيب كذلك أيضًا مائِدَة عيسى هذا التَّمْثِيل مِن المؤلف يدُلُّ على أنَّه يرى أنَّ المائدة أنزِلت وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم فمِنهم مَن قال: إنَّ الله أنزَل المائدة على بني إسرائيل، ومنهم مَن قال إنَ الله لم ينزِلْها أيُّهما أقرب إلى ظاهر القرآن؟
الطالب: قال: إني منَزِّلُها عليكم
الشيخ : طيب ما يخالف نشوف الآن (( هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا )) شوف الله أكبَر البَطْن دائِمًا الناس يبْغُون مليه كذلك أيضًا قوم موسى قالوا: حِنْطَة بدَل حِطَّة، طيب أقول: (( وتطمئِنَّ قلوبنا ونعلم أن قد صدَقْتَنَا ونكون عليها مِن الشاهدين * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ))[المائدة:115] إن نظرنا إلى قوله: (إني منَزِّلُها) فظاهرُه أنها نزلت وإن نظرْنا إلى الشَّرط (( فمَن يكفُر بعدُ منكم فإنِّي أعذِّبُه )) قلنا: إنَّها ما نزلت ليش؟ لأنَّه ما جرى هذا التعذيب الذي لم يُعَذَّب أحدٌ مِن العالمين به للنصارى، وأيضًا فإنَّها لو كانت هذه المائدة نزَلَتْ لكانت عيدًا لأولِهم وآخرِهم وهي الآن مجهولة ما هي عند النصارى هذه المائدة، عيد المائدة ما هو موجود عند النصارى فهذا مما استَدَلَّ به مَن يقول إنَّها لم تنزل لأنَّ الله تعالى ذكَر شرطًا لِنُزُولِها لم يُوجَد فدَلَّ على عدم وجود النزول.
الطالب: العذاب .... لأنه ما ذكر في الدنيا ولا في الآخرة
الشيخ : لا معرُوف أنَّه في الدنيا عقوبةً لهم لأنَّ الآيات إذا نزلت الآيات المقترَحَة إذا نزلَتْ ولم يؤْمِن أصحابُها فإنهم يُعَذِّبُون.
الطالب: (( إني منَزِّلُها عليكم )) لم يُذكَر شرط هذه العبارة.
الشيخ : هذا كله واحد الشَّرط سواء مِن أولها أو آخرها فهو منتظر
الطالب: (( إني منَزِّلُها عليكم فمن يكفر )) ....
الشيخ : (فمن يكفر) مفرَّع على ما قبله الفاء تدُلّ على التفريع، فإذا نزَّلْتُها فمَن يكفر فإني أعذبُه
الطالب: قد حرفوا النصارى ....
الشيخ : على كل حال الآية محتمِلَة ولهذا اختلف العلماء وكلٌّ له وجْه.
طيب هذه ثلاث آيات قلنا: إنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام أُعطِي ما هو أعظَم منها لكن المتَعَنِّت لا ينْتَفِع بالآيات، طيب قال الله عز وجل مبَيِّنًا أنَّ لدى الرسول عليه الصلاة والسلام أعظَم مِن ذلك الجواب: (( قل )) لهم (( إنما الآيات عند الله )) ينزِّلُها كيف يشاء " ولو قال: ومتى شاء لكان أحسَن (إنما الآيات عند الله) هذا الجملة حصْر يعني ما الآيات إلَّا عندَ الله ليست عندِي حتى أعطيَكم ما تقتَرِحُون، وإذا كانت عند الله فإنها تبَعٌ لمشيئَتِه وحكمتِه ينَزِّلُها كيف يشاء ومتى شَاء، وليس الناس هم الذي يقتَرِحون على الله عز وجل الآيَات إنَّما الله تعالى هو الذي يُنَزِّلُها فالحكم إذًا إلى مَن؟ إلى الله، والله عز وجل ينزِّلُها لِحكمة ومع ذلك فإنَّنا نعلَم عِلْم اليقين أنَّ الله ما أرسَل رسولًا إلا آتَاه مِن الآيات ما يؤمِنُ على مثله البشر لأنَّ الله حكيم لا يرسِل رسولًا للناس يقول للناس: أنا رسولُ الله إليكم أستَبِيحُ دمائَكم وأموالَكم ونسائَكم إذا لم تؤمِنُوا بي هذا لا يمكن أنَّ الله تعالى يمكنه إلا بآيات تُلْزِمُ الناس بقبولِ قولِه وهذا أمرٌ معلوم أنَّه ينافي الحكمة لو جاءَ رسولٌ بدون آيات أليس كذلك؟ ولهذا قال: إنَّما الآياتُ عند الله يعني هو الذي يأتِي بها لكن تبعًا لمشيئتِه وحكْمَتِه ينَزِّلُها كيف يشاءُ ومتى شاء،
(( وإنَّما أنا نذيرٌ مُبِين )) مُظْهِرٌ إنذارِي بالنار أهلَ المعصية " ( إنما أنا نَذِيرٌ مُبِين ) هذه أيضًا الجملة حصْر، وهل الحصْرُ في الجملتين (إنَّما الآيات عند الله) وفي (إنَّما أنَا نذير مبين) هل هو حقيقيّ أو إِضَافي؟
الطالب: في الأولى حقيقي
الشيخ : الأولى حقيقِي توافقون؟ نعم، .. نشوف هذان رأيان ما تقول يا غانم؟ تُرَجِّح حقيقي ولَا إضافي؟ (إنما الآيات عند الله) هذا حصر و(إنما أنا نذير مبين) هذا حصر آخَر هل الحصْرُ فيهما حقيقي أو الإضافي؟ طيب إذًا ما يخالف، رأيان رأي يقول: إن الحصر في الأولى إضافي والثاني حقيقي ورأي بالعكس ورأيٌ يقول يجوز الوجهان وهذا على كل حال الأخير طريقة معروفَة، للجِنِّ وأتباعِهم طيب بقي لنا الواقع أنَّ الحصر الأول حقيقي أنَّ الآيات ما تكون إلا عند الله ما أحد يستطيع أن يأتي بها، والثاني إضافي لأنَّك إذا قلت: ما أنا إلا نذير مبين فإن هذا ليس باعتبار الواقع والحقيقة أنّه ليس إلا نذِيرًا بل هو نذِير مبِين وبشِير وسِرَاج منير وبَشَر إلى آخره فالحصْر إذًا إضافِي أي بالإضافة إلى كذا فهو بالإضَافة إلى الإتيان بالآيات غيرُ قادِر لكن يقدر على شيء آخر وهو الإنذار، وقوله: (إن أنا إلا نذير) ما هو الإنذار؟ يقول العلماء: إنَّ الإنذار هو الإخبار بالمخُوف هو الإنذار، والإخبارُ بالمرغوب بَشَارَة فالنبيُّ عليه الصلاة والسلام نذِير وهنا ما قال: بشِير لأنَّ المقام يقتَضي ذلك إذ هو يخاطِب المكذِّبِين المعانِدِين، وقوله: (مُبِين) هنا بمعنى بَيِّن أو بمعنى مُبَيِّن؟
الطالب: بيِّن
الشيخ : لا مُبَيِّن ولهذا قال: مظهِر، نعم فقط وقد علِمْنا أنَّ بَان وأَبَانَ: بانَ لا تستعْمَلُ إلا لازِمَة يقال: بان الصبح إذا ظَهَر، وبان هذا مِن هذا إذا انفصَل منه، وأمَّا أبان فتستعمل لازمةً ومتعَدِّيَة يقال: أبَان الصبح بمعنَى بانَ وظهر، ويقال أبانَ الأمرَ بمعنى أظهَرَهُ ووضَّحَه، في بعض الأحيان تكون الآية لا تحتمل إلَّا اللازم وفي بعض الأحيان لا تحتَمِل إلَّا المتعدي وفي بعضِها تصلح لِهذا وهذا، فالرسول عليه الصلاة والسلام نذِير مُبِينٌ لإنذَارِه أو نذير بيِّنُ الإنذار وعلى هذا فيكون النعت سببِيًّا إذا جعَلْنا مُبِين بمعنى بَيِّن والأصل أنَّ النعت حقيقِي وليس سَبَبِيًّا، وقوله: (( إنما أنا نذير مبين )) أي مُظْهِر " هنا شوف كلام المؤلف في قولِه: " مظهرٌ إنذاري بالنار أهلَ المعصية " ايش إعراب (أهل المعصية)؟
الطالب: مفعول لـ(إنذار)
الشيخ : مفعول لـ(إنذار) لأنَّ إنذار مصدر يعمَل عمل فعلِه، فالرسول عليه الصلاة والسلام هذا شأنُه وهذه وظيفته أنَّه منذر، أمَّا أنه يأتي بالآيات إذا طُلبَت أو أنَّه يهدي الناس إذا ضَلَّوا فهذا ليس إليه هذا إلى الله عز وجل هو الذي يملك هذا
6 - قال الله تعالى : << وقالوا لولآ أنزل عليه ءايت من ربه قل إنما الأيات عند الله و إنمآ أنا نذير مبين >> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << أولم يكفهم أنآ أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون >>
ثم قال الله تعالى معارِضًا لطلبهم بما هو أولى منه فقال: (( أولم يكفِهم -فيما طلبوا- أنا أنزلنا عليك الكتاب -القرآن- يُتْلى عليهم )) (أولم يكفِهم) الضمير يعود على مَن؟ على الذين قالوا: لولا أنزل عليه آيات مِن ربه، والهمزة هنا للاستفهام، والواو عاطفة على أي شيء؟ على جملة مُقَدَّرة تُقَدَّر بحسب المقام هذا أحد الرأيين لأهل النحو، والرأي الثاني يقولون: إنَّ الواو عاطفة على الجملة السابقة ولا تحتَاجُ إلى تقْدِير وأنَّ ترتيبَ الهَمْزَةِ التَّأَخُّر وأنَّ التقدير: (وَألم يكْفِهِم) وهذا القول أسهَل لأَنَّ القولَ الأول وإن كان أنه مبني على أصل وهو أنَّ الأصل عدم التقدِيم والتأخير لكنَّ القول الأول أحيانًا يُعْيِيك أن تُقَدِّر المحذوف ما تستطيع أن تقدِّرَه، وأمَّا هذا القول فإنه لا يُعْيِيك ما دام إنّك تقول: هذا معطوف على ما سبق ما يكون فيه إشكَال أبدًا، وقوله: (أولم يكفهم) الكفاية بمعنى الغِنَى عن الشيء، ومنه ما هو معروف عند اهل الفقه يجِبُ عليه كِفَايةُ مِن يَمُونُه أي إغْنَاء مَن يمونُه عن غيره، فمعنى (يكفِهم) أي يُغْنِهم عن كل آية (أنَّا أنزلنا عليك)، (أنَّا) هذه تُؤَوَّل وما بعدها بالمصدر على أن يكون فاعل (يكفي) يعني: أولم يكفِهم تنزِيلُنا، عندكم إنزالنا أولم يكفهم إنزالُنا عليك الكتاب، وهذا الاستفهام هنا للتوبيخ يعني كان الذي يجِب أن يكفِيَهم هذا الإنْزَال ولهذا قال: (أنَّا أنزَلْنا عليك الكتاب) القرآن، وهو مكتوبٌ كما مرّ في اللوح المحفوظ والصَّحف التي بأيدي الملائكة والمصاحف التي بأيدِينا، (( يُتْلَى عليهم )) يُقْرأ ولا أحدَ يحولُ بينهم وبينه والذي يتلوه مَن؟ الرسول عليه الصلاة والسلام يتلُوه على الناس فيبَلِّغُهم إيَّاه فيتنَاقَلُونَه، وقوله: (يتلى عليهم) قال: " فهو آية مستمرة لا انقضاءَ لها بخلاف ما ذُكِر من الآيات " والحقيقة أنَّه كما قال المؤلف آيةٌ مستمرة إلى يوم القيامة لأنَّ الله تعالى يقول: (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ))[الحجر:9] بخلاف الآيات السابقة، الآيات السابقة آيات مشهودة مَن الذي ينتفع بها؟ المشَاهِدُون لها أمَّا مَن بعدَهم فإنما تصِلُ إليهم عن طريق الأخبار وتعلمون أنَّه ليس الخبر كالعِيَان، أمَّا القرآن فإنَّه بيننا نشاهده ونسمَعُه ونتلُوه فليس هو مِن طريق الخبر عن شيء مضى فيكونُ أعظم آيةً من الآيات التي انقضَت وزالت، وهذا هو السرُّ في أنَّ هذا القرآن كان آيةً لكل الناس لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثٌ إلى جميعِ البشر، ولكن لاحظوا أنَّ هذا القرآن آية لِمَن يُتْلَى عليه ولا يبعُدُ عن أذهانِكم ما سبق قبلَ قليل أنَّه آياتٌ بينات في صدورِ الذين أوتوا العلم، أمَّا المستكْبِرُون عنه فليس آيةً لهم الذي يقْرَأُ القرآن وهو مُعْرِض لا لِينتفعَ به فإنَّه لا تظهَرُ له الآيات فِيه، قال الله تعالى: (( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ))[التوبة:125] وقال الله تعالى أيضًا في سورة القِتَال: (( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ))[مُحَمَّد:16] فلا ينتفعون ولا يحفظُون أيضًا فالقرآن آياتٌ لكن لِمَن أقبل عليه، ولهذا قال الله تعالى: (( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ))[ص:29]، ثم إنَّ هذا القرآن آية بنفسِهِ لا لِوجُودِ مانِع مِن معارضَتِه خلافًا لِمَن قال: إنَّ معارضَة القرآن ليس لِلقرآن نفسه ولكن لِصَرْفِ الناس عن معارضَتِه وإلَا فهم قادِرُون، هذا لا شكَّ أنَّه خطأ خطأٌ بيِّن ولو صحَّ لكان آية لكنَّه لم يصِحّ بل نقول: إنَّ القرآن نفسَه آيةٌ مِن آيات الله وكافٍ في الدلالة على صدقِ الرسول صلى الله عليه وسلم لكن لِمَن تدبَّرَه، وقوله: لِمَن تدبره واضِح لأنَّ العامِّي الآن قد لا يظْهَرُ له كونُه آيةً للرسولِ صلى الله عليه وسلم بيِّنَة لأنَّه ليس مِن أهل العلم، نعم العامي يشعُر بأن هذا القرآن كلامُ الله وكذلك أيضًا يشعُر بما فيه مِن التَّرغيب والتَّرهيب يشعُر بذلك ولهذا تجِدُه يسأل الله مِن فضله عند آية الترغيب ويستعِيذ بالله مِن النار أو مِن العذاب عند آية الترهيب، وإذا جاءت أسماءُ الله فإنه يشعُر بأنَّه يقشَعِرُّ جلده ثم يلِين لِذِكْر الله، لكن الآيات العظيمة التي يتضَمَّنها هذا القرآن لا يعرفها العامي، (( أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم )) وش تقول؟
الطالب: ...
الشيخ : أي لكن أوّل مَن تلاه الرسول عليه الصلاة والسلام فالذي بلغه أولًّا الرسول عليه الصلاة والسلام
الطالب: .....
الشيخ : يُتْلى عليهم لأنَّه أعم، لكن أول مَن تلاه الرسول عليه عليه الصلاة والسلام وهذا هو السبب أنَّه ما قال: تتلوه عليهم لأنَّه يتْلُوه على الناس ثم الناس يُعَلِّم بعضُهم بعضًا،
قال: (( يتلى عليهم إن في ذلك )) الكتاب (( لرحمة وذكرى )) عِظَةً (( لقوم يؤمنون )) " (إن في ذلك) قال المؤلف: " الكتاب " ويحتَمِل أنَّه إنزال الكتاب أننا أنزلنا عليك لأنَّ الذي ذكَرَ الله أنه يكفِيهم هو الكتاب ولَّا إنزالُه؟ إنزالُه فيكون الذي فيه الذكرى هو الإنزَال، ومعلومٌ أنَّه إنما تكون الذكرى بالإنزال باعتبَار المنَزَّل لكن إنزالُه مِن الله ذِكْرى فالقرآن في الحقيقة ذِكْرَى مِن الوجهين مِن جهة أنَّه نزَل مِن عند الله ومجَرَّد شعُور الإنسان بأنَّه نزَل مِن عند الله لا شك أنه يتذكَّر به ويعظِّمُه لأنَّه كلام ربه، وكذلك أيضًا ما فيه من المعاني العظيمة والآثار الحميدة هو أيضًا آية مِن آيات الله ولهذا قال: (( إن في ذلك لرحمة ))، وقولُه (لَرحمة) مِن أين الرحمة؟ مِن الله فالله أنزل القرآن رحمةً للناس وأيضًا ذكرى يعني عِظَة يَتَذَكَّر به الناس فبه يَتَرَاحَمُون ويُرحمون، وبه أيضًا يتذكرون ولكن لقوم يؤمِنُون أمَّا مَن لم يؤمِن فليس رحمةً في حقه ليش؟ نعم لأنَّه يزيده رِجْسًا إلى رِجْسِه فيَضِلّ أكثَر ويزداد كفرًا -والعياذ بالله-، فعلى هذا المؤمن هو الذي يكون القرآن رحمةً له وذكرى ينتفِعُ به، وما دام الأمر عُلِّق على الوصف في قوله: (لقوم يؤمنون) وكلما كان الإنسان أقْوى إيمانًا كان أكْثَر رحمَةً بهذا القرآن وتذَكُّرا، وكلما كان الإنسان أضعف إيمانًا كان القرآنُ أقَلَّ رحمةً له وتذَكُّرًا
الطالب: ...
الشيخ : أي لكن أوّل مَن تلاه الرسول عليه الصلاة والسلام فالذي بلغه أولًّا الرسول عليه الصلاة والسلام
الطالب: .....
الشيخ : يُتْلى عليهم لأنَّه أعم، لكن أول مَن تلاه الرسول عليه عليه الصلاة والسلام وهذا هو السبب أنَّه ما قال: تتلوه عليهم لأنَّه يتْلُوه على الناس ثم الناس يُعَلِّم بعضُهم بعضًا،
قال: (( يتلى عليهم إن في ذلك )) الكتاب (( لرحمة وذكرى )) عِظَةً (( لقوم يؤمنون )) " (إن في ذلك) قال المؤلف: " الكتاب " ويحتَمِل أنَّه إنزال الكتاب أننا أنزلنا عليك لأنَّ الذي ذكَرَ الله أنه يكفِيهم هو الكتاب ولَّا إنزالُه؟ إنزالُه فيكون الذي فيه الذكرى هو الإنزَال، ومعلومٌ أنَّه إنما تكون الذكرى بالإنزال باعتبَار المنَزَّل لكن إنزالُه مِن الله ذِكْرى فالقرآن في الحقيقة ذِكْرَى مِن الوجهين مِن جهة أنَّه نزَل مِن عند الله ومجَرَّد شعُور الإنسان بأنَّه نزَل مِن عند الله لا شك أنه يتذكَّر به ويعظِّمُه لأنَّه كلام ربه، وكذلك أيضًا ما فيه من المعاني العظيمة والآثار الحميدة هو أيضًا آية مِن آيات الله ولهذا قال: (( إن في ذلك لرحمة ))، وقولُه (لَرحمة) مِن أين الرحمة؟ مِن الله فالله أنزل القرآن رحمةً للناس وأيضًا ذكرى يعني عِظَة يَتَذَكَّر به الناس فبه يَتَرَاحَمُون ويُرحمون، وبه أيضًا يتذكرون ولكن لقوم يؤمِنُون أمَّا مَن لم يؤمِن فليس رحمةً في حقه ليش؟ نعم لأنَّه يزيده رِجْسًا إلى رِجْسِه فيَضِلّ أكثَر ويزداد كفرًا -والعياذ بالله-، فعلى هذا المؤمن هو الذي يكون القرآن رحمةً له وذكرى ينتفِعُ به، وما دام الأمر عُلِّق على الوصف في قوله: (لقوم يؤمنون) وكلما كان الإنسان أقْوى إيمانًا كان أكْثَر رحمَةً بهذا القرآن وتذَكُّرا، وكلما كان الإنسان أضعف إيمانًا كان القرآنُ أقَلَّ رحمةً له وتذَكُّرًا
7 - قال الله تعالى : << أولم يكفهم أنآ أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون >> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السموات والأرض و الذين ءامنوا بالباطل وكفروا بالله أولآئك هم الخاسرون >>
(( قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدًا -بصدقي- يعلم ما في السماوات والأرض )) (كفي بالله) يقول المعربون إنَّ الباء هنا زائدة وأنَّ المعنى كفى اللهُ، و(شهيدًا) قيل إنَّها حال مِن الاسم الكريم، وقيل: إنَّها تمييز كقولهم: لله دَرُّه فارسًا لأنَّ (شهيدا) هنا ليست مصدرًا ولا اسمًا جامدًا بل هي مشْتَقَّة فتَصْلُح أن تكون حالًا وتصلُح أن تكون تمييزًا أي: كفى شهادةُ الله بيني وبينكم، وقوله: (كفى بالله شهيدا بيني وبينكم) ضَمَّنَ الشهادة هنا معنى الحُكْم وإلَّا فإنَّ الشاهد ما يكون شاهدًا بين فلان وفلان يكُون شاهدًا لِفلان على فُلان لكنَّه ضَمَّن الشهادة هنا معنى الحكم وهو كذلك فإنَّ شهادة الله لِنبيِّه عليه الصلاة والسلام بالحق حُكْمٌ له بالحق وما وجه كون ذلك شهادة وحكمًا؟ لأنَّ كون الله عز وجل يُمَكِّنُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم مِن قِتَالِ هؤلاء الكفار واستِبَاحَةِ دمائهم وأموالهم وكونه يمَكِّنُ له في الأرض فيفْتَحُ بلادَهم وش يدل عليه؟ على أنه حكَم لهه عليهم أو لهم عليه؟
الطالب: له عليهم
الشيخ : له عليهم وهذا ظاهر أنَّ تمْكِين اللهِ للرسول عليه الصلاة والسلام وهو يرَاهُ يقتُل عبادَه ويستبِيح دمائَهم وأموالِهم وهو سبحانه وتعالى يمكِّن له ويفتَح له الأرض أرضًا أرضًا لا شكَّ أنَّ هذا أكبرُ دليل على شهادَةِ الله له بالصِّدْق نعم، ولهذا قال في سورة الأنعام: (( قل أيُّ شيءٍ أكبرُ شهادَة قل الله شهِيدٌ بينِي وبينَكم )) وهذا أكبَر ما يكون مِن الشهادة شهادة لله وقد شَهِدَ الله لنبيِّه بالفِعْل والتَّمْكين على أنَّه حق قال: (( يعلم ما )) نعم
الطالب: له عليهم
الشيخ : له عليهم وهذا ظاهر أنَّ تمْكِين اللهِ للرسول عليه الصلاة والسلام وهو يرَاهُ يقتُل عبادَه ويستبِيح دمائَهم وأموالِهم وهو سبحانه وتعالى يمكِّن له ويفتَح له الأرض أرضًا أرضًا لا شكَّ أنَّ هذا أكبرُ دليل على شهادَةِ الله له بالصِّدْق نعم، ولهذا قال في سورة الأنعام: (( قل أيُّ شيءٍ أكبرُ شهادَة قل الله شهِيدٌ بينِي وبينَكم )) وهذا أكبَر ما يكون مِن الشهادة شهادة لله وقد شَهِدَ الله لنبيِّه بالفِعْل والتَّمْكين على أنَّه حق قال: (( يعلم ما )) نعم
اضيفت في - 2007-08-13