تفسير سورة الروم-02a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة تفسير قوله تعالى : << يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون >>
(( ظاهرا من الحياة الدنيا )) شوف سبحان الله العظيم يعلمون أثبت لهم العلم لكنه علم قاصر من وجهين الوجه الأول إنما يعلمون ظاهرا لا باطنا ظاهرا من الحياة الدنيا وكم من الأمور الخفية في هذه الحياة لا يعلمها أولئك الكفار والدليل أن الكفار لا يعلمون كل خفي في الحياة الدنيا الدليل على هذا تطور الصنائع المخترعات لأن هذا التطور بالنسبة للسابقين غير معلوم ثم سيأتي تطور آخر يكون بالنسبة للموجودين غير معلوم إذن هم إنما يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فلا يعلمون كل ما في الدنيا من ظاهر وباطن أيضا يقول ظاهرا من الحياة الدنيا وليس كل ظاهر بل ظاهر الفرق بأن يقال يعلمون كل ظاهر من الحياة الدنيا وبين أن يقول يعلمون الظاهر من الحياة الدنيا أو يقال يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا التعبير يكون على هذه الوجوه يعلمون كل ظاهر يعلمون الظاهر يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا أيهم الأقل ؟ الأخير يعني ما يعلمون كل ظاهر إنما يعلمون ظاهرا منها فقط وهناك ظواهر أخرى يعلمونها ولا لا ؟ لا يعلمونها أيضا فعلم بهذا قصور علم هؤلاء فهم فيما يتعلق بالله عز وجل لا يعلمون جهال وفيما يتعلق بالدنيا إنما يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فقط فيما يتعلق بالآخرة يقول (( وهم عن الآخرة هم غافلون )) شوف جملة اسمية أكد فيها المبتدأ أين اللي أكد ؟ هم عن الآخرة هم غافلون الثانية هم توكيد للأولى ولو حذفت وقيل وهم عن الآخرة غافلون يستقيم الكلام ولا لا ؟ يستقيم لكنه كرر للتوكيد يعني هم بالنسبة لأمور الآخرة غافلون معرضون عنها لا يفكرون فيها تجد الواحد منهم في أمور الدنيا تنتهر من علمه بها ولكن بأمور الآخرة عنده غفلة ما يفكر فيها وما يحاول أن يعمل فكره وينظر في هذا الخلق العظيم ماذا يكون مآله وكيف خلق وإلى أين ينتهي غافل قال الله تعالى في آية أخرى (( بل قلوبهم في غمرة من هذا )) يعني من أمر الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم طيب والأعمال الأخرى (( ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون )) يدركونها تماما لكن في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر لا قلوبهم في غمرة ولهذا هذه الغمرة يجد جزاءها إذا قيل له (( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد )) وهذا متى يكون ؟ يكون يوم القيامة المهم أن هؤلاء الذين غفلوا عن الله عز وجل وعن الآخرة عندهم علم من الحياة الدنيا راجع الآن للصنائع تجد شيء يبهرك لكن من كونهم هم في أمر الآخرة هم أميون لا يعلمون شيئا لأنهم والعياذ بالله عندهم غفلة وهذا تعجب نقول كيف هم الآن يصلون إلى الأجواء ويصنعون الطائرات ويصنعون الآلات الغريبة نعم ومع ذلك ما عندهم علم بالله واليوم الآخر لو تسأل الطفل من المسلمين أجابك ولو تسأل أكبر واحد من المخترعين ما أجابك
هل في قوله تعالى عن الكفار " يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا " إقرار للكفار بالعلم الذي هو صفة مدح ؟
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
الطالب : الضمير هنا يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا هل نجعله يعود على الكفار أم يعود على غيرهم حتى من المسلمين الغافلين ؟
الشيخ : لا المقصود من هذا أن هؤلاء الجاهلون يعني لأجل تأكيد الذم بالنسبة لهم هؤلاء الذين جهلوا بالله وصدق وعده مع ذلك لا لقصور فيهم أو لأفهامهم لكن لغفلتهم ولا حتى المؤمنين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا لا يعلمون كل شيء لكن المؤمنين معهم علم بالله وأسمائه وصفاته وحينئذ ما يكون هذا نقص فيهم إنما محط النقص هو أن هؤلاء لا يعلمون ما يتعلق بالإيمان بالله ويعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا
الطالب :يعود على الكفار فقط
الشيخ :ايه يعود على الكفار لأن المقصود بهذا تأكيد الذم بحقهم وإلا فحتى المسلمين فيه دليل آخر لقوله تعالى (( ويخلق ما لا تعلمون )) حتى المؤمنين ما علموا إلا ظاهرا من الحياة الدنيا فقط .
الطالب : الضمير هنا يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا هل نجعله يعود على الكفار أم يعود على غيرهم حتى من المسلمين الغافلين ؟
الشيخ : لا المقصود من هذا أن هؤلاء الجاهلون يعني لأجل تأكيد الذم بالنسبة لهم هؤلاء الذين جهلوا بالله وصدق وعده مع ذلك لا لقصور فيهم أو لأفهامهم لكن لغفلتهم ولا حتى المؤمنين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا لا يعلمون كل شيء لكن المؤمنين معهم علم بالله وأسمائه وصفاته وحينئذ ما يكون هذا نقص فيهم إنما محط النقص هو أن هؤلاء لا يعلمون ما يتعلق بالإيمان بالله ويعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا
الطالب :يعود على الكفار فقط
الشيخ :ايه يعود على الكفار لأن المقصود بهذا تأكيد الذم بحقهم وإلا فحتى المسلمين فيه دليل آخر لقوله تعالى (( ويخلق ما لا تعلمون )) حتى المؤمنين ما علموا إلا ظاهرا من الحياة الدنيا فقط .
2 - هل في قوله تعالى عن الكفار " يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا " إقرار للكفار بالعلم الذي هو صفة مدح ؟ أستمع حفظ
هل المسلم الذي يهتم بالدنيا فقط ولا يلقي بالا للآخرة يكون فيه شبه بالكفار ؟
الطالب :............بعض المسلمين قلة حتى بعض أمور الدين غافلين عنها
الشيخ :نعم نعم صحيح هذا يكون فيه شبه من الكفار حيث حقق أمور الدنيا وأعرض عن أمور الآخرة .
الطالب :....
الشيخ : يختلفون منهم من ينكر وجود الله ومنهم من لا ينكر وجوده لكن من لم ينكر وجود الله ويؤمن بوجود الله ثم يعبد غيره أو يشرك هذا متناقض .
الشيخ :نعم نعم صحيح هذا يكون فيه شبه من الكفار حيث حقق أمور الدنيا وأعرض عن أمور الآخرة .
الطالب :....
الشيخ : يختلفون منهم من ينكر وجود الله ومنهم من لا ينكر وجوده لكن من لم ينكر وجود الله ويؤمن بوجود الله ثم يعبد غيره أو يشرك هذا متناقض .
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون >>
(( لا يخلف الله وعده )) يستفاد من هذه الآية الكريمة أن غلبة الروم للفرس وفرح المؤمنين بذلك خبر متضمن للوعد ومن فوائدها امتناع إخلاف الله وعده لقوله (( لا يخلف الله وعده )) ومن فوائدها ثبوت القدرة والصدق لله عز وجل مأخوذ من قوله (( لا يخلف الله وعده )) يعني المتضمن لكمال الصدق والقدرة ومن فوائدها أن أكثر الناس غير عالمين بما يستحقه الله تعالى من صفات الكمال لقوله (( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) ومن فوائدها أن العلم الحقيقي هو العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته لا العلم بالدنيا لقوله (( لا يعلمون ))، (( يعلمون ظاهرا )) فنفى العلم عنهم لأن علم الدنيا ليس بعلم في الحقيقة فالعلم الحقيقي الذي يمدح عليه المرء هو العلم بالله وأسمائه وصفاته وأحكامه
4 - الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون >> أستمع حفظ
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون >>
ومن فوائدها قصور علم المرء لقوله يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ليس كل الظاهر وليس الباطن فالمرء علمه قاصر حتى في أمور الدنيا أيضا ومن فوائدها ذم الذين يتكالبون على العلوم الدنيوية مع غفلتهم عن الآخرة لقوله (( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون )) ومن فوائدها أنها تتضمن مدح من يقبلون على الآخرة ويحرصون عليها وإن فاتهم شيء من أمور الدنيا لأنه إذا ذم من كان على العكس فذم الضد مدح لضده فالذين يقبلون على الآخرة ولو كان ما عندهم إلا أمور قليلة من الدنيا أكمل بكثير من الذين يقبلون على الدنيا ويغفلون عن الآخرة وهذا ما تدل عليه هذه الآيات ومن فوائدها أيضا أنه لا يمكن للمرء الإحاطة بعلم الدنيا وهذا ذكرناه ولا لا ؟ قصور علم المرء ذكرناه إذن ....
5 - الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون >> أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : << أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات و الأرض و ما بينهمآ إلا بالحق و أجل مسمى .... >>
ثم قال الله تعالى (( أو لم يتفكروا في أنفسهم )) ليرجعوا عن غفلتهم قوله (( أو لم يتفكروا )) سبق لنا مرارا كيف نعرب مثل هذا التركيب وقلنا إن في إعرابه للنحوبين قولين أحدهما أن الهمزة مقدمة على مكانها وأن أصلها أو لم يتفكروا فتكون جملة معطوفة على ما سبق والوجه الثاني أن تكون الهمزة داخلة على محذوف يقدر بحسب السياق ويكون ما بعدها من حرف العطف عاطفا على ذلك المحذوف وفي هذه الآية يكون التقدير أغفلوا ولم يتفكروا ثم قال الله أو لم يتفكروا والاستفهام للتوبيخ لأن الإنسان مأمور بأن يتفكروا وقوله (( أو لم يتفكروا في أنفسهم )) هل قوله في أنفسهم هي محل التفكر أو آلة التفكر ؟ بمعنى هل المقصود من الآية الحث على تفكرهم في أنفسهم كما في قوله تعالى (( وفي أنفسكم أفلا تبصرون )) أو الحث على التفكر على خلق السماوات والأرض في أنفسهم نعم ؟ كلا الأمرين أي نعم كلا الأمرين لكن الأقرب الأخير ولهذا قال (( ما خلق الله السماوات )) فالمعنى أو لم يرجعوا إلى أنفسهم ويتفكروا تفكيرا حقيقيا في هذا الكون ليعرفوا بذلك حكمة الله عز وجل وما يتضمنه من صفاته العظيمة وقوله في أنفسهم (( ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق )) " ما " إعرابها ؟
الطالب :اسم موصول
الشيخ : لا نافية الدليل قوله(( ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق )) خلق بمعنى أوجد وأبدع ولا يكون غالبا إلا بتقدير وتنظيم لأن أصل الخلق تقدير في النفس كما قال الشاعر " ولأنت تفري ما خلقت وبعض الناس يخلق ثم لا يفري " يعني ما قدرت فالخلق هو الإبداع بتقدير وتنظيم وقوله السماوات سبق الكلام عليها وأن المراد بها الطباق وكانت سبعا وقوله والأرض مفرد والمراد الجنس فيشمل جميع الأراضين وهي سبع وعطفت على السماوات وهي منصوبة ولهذا فتحت بخلاف السماوات لأنها جمع مؤنث سالم وقوله (( وما بينهما )) ما اسم موصول معطوف على الأرض ولا على السماوات ؟ على السماوات نعم العلماء يقولون أنه إذا تعددت المعطوفات فالمعطوف عليه الأول منها لأنه المباشر للعامل كذلك المباشر للعامل وما بعده فرع عليه فيكون العطف إذا على السماوات لو قلت جاء زيد وعمرو وبكر وخالد وسعيد فسعيد معطوف على زيد أول واحد لأنه مباشر وما بعده فرع والفرع لا يعطف على فرع يعطف على أصل وقوله (( ما بينهما )) البينية ما تقتضي التماس فقد يكون الشيء بين الشيئين وهو لا يمس أحدهما وهنا اللي بين السماوات والأرض لا يلزم أن يمس ولكن هل يمكن أن يمس ؟ يمكن لكن لا يلزم نعم فعلى هذا نقول ما بينهما يشمل السحاب والرياح والنجوم والشمس والقمر وغير ذلك من المخلوقات العظيمة التي ما نعلمها وفي التنصيص على ذكر ما بين السماوات والأرض فيه دليل على أن ما بينهما أمر عظيم يقارن بنفس السماوات والأرض وهذا يعلمه أهل الفلك الذين يطلعون على ما في الأفق من الآيات العظيمة التي تدل على ما تدل عليه من كمال الله سبحانه تعالى وقوله (( إلا بالحق ))هذا محط الفائدة (( ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق ))ورغم حذف الفائدة فهذا بالخلق مقارن بالحق فالباء إذن للمصاحبة والملابسة أي أن خلقه تعالى مصحوب بالحق لماذا ؟ لأنه متضمن لكمال العدل ولكمال الصدق كمال العدل ما قامت السماوات والأرض إلا بالعدل والعدل حق وهل يشمل ذلك أن يكون الغاية منه حقا ؟ نعم يشمل فبالحق ابتداء وانتهاء كما قال الله تعالى (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين )) لو كان هذه السماوات والأرض خلقت لتحيا الخليقة عليها وتعيش وتموت بدون جزاء ولا حساب ولا ثواب ولا عقاب لو كان الأمر كذلك لكان باطلا وليس بحق إذن لا بد لهذه المخلوقات العظيمة أن يكون لها غاية غاية هي الحق فعلى هذا نقول إن قوله بالحق يشمل الابتداء والانتهاء وقوله (( وأجل مسمى )) معطوف على بالحق يعني ما خلقهما أيضا إلا بأجل مسمى معين والأجل غاية الشيء ومسمى من قبل من ؟ من قبل من
الطالب :من قبل الله سبحانه وتعالى
الشيخ : من قبل الله سبحانه تعالى هو الذي عينه وقوله بأجل يشمل الابتداء والانتهاء فابتدائها بأجل وانتهائها بأجل أيضا فإن الله تعالى أوجد هذه السماوات والأرض بعد أن كانت معدومة وإيجاده لها كان بالأجل المعين عنده وكذلك سوف ينهي السماوات والأرض وإنهائه إياها اه
الطالب :بالأجل
الشيخ : بالأجل إذن كل شيء عند الله تعالى مقدر حتى الحوادث التي تحدث في السماوات والأرض بعد خلقها وإيجادها كله بأجل لا يتقدم ولا يتأخر وإذا تأملت قليلا عرفت بذلك كمال قدرة الله سبحانه تعالى كيف هذه الأمور والشئون العظيمة الكثيرة كلها تدبر بأجل ما يتقدم ولاما يتأخر نحن الآن مقاربين من ابتداء الدرس في الساعة الثامنة ولكن نبدأ الدرس حين الساعة الثامنة والنصف حين الساعة الثامنة والثلث ونتأخر ما ينتظم أمرنا مع أنه بسيط وهكذا كل شئون الخلق ما يمكن لأحد أن يضبط جميع أعماله بأجله القمحدد مهما بلغ في الحرص لأنه قد يعتريها ما لا طاقة له به لا يقدر لكن الرب تعالى حدد كل شيء بأجله لا يتقدم ولا يتأخر وهذا لا شك أنه من كمال الحكمة والصنع (( صنع الله الذي أتقن كل شيء )) فإذا تأملنا هذا الكون العظيم على ما فيه من الحوادث الفلكية والأرضية والعامة والخاصة فإننا في الحقيقة نستدل بها دلالة واضحة على كمال المدبر لهذا الكون والخالق له كل شيء بأجل وفي آية أخرى (( وكل شيء عنده بمقدار )) أيضا بمقدار ما يزيد وما ينقص فهو بأجله وبمقداره لا يزيد ولا ينقص قوله بأجل مسمى لذلك هكذا عندكم
الطالب :...
الشيخ :تفنى عند انتهاءه وبعده البعث تفنى أي السماوات والأرض وما بينهما عند انتهاء هذا الأجل ثم يأتي البعث نعم
الطالب :اسم موصول
الشيخ : لا نافية الدليل قوله(( ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق )) خلق بمعنى أوجد وأبدع ولا يكون غالبا إلا بتقدير وتنظيم لأن أصل الخلق تقدير في النفس كما قال الشاعر " ولأنت تفري ما خلقت وبعض الناس يخلق ثم لا يفري " يعني ما قدرت فالخلق هو الإبداع بتقدير وتنظيم وقوله السماوات سبق الكلام عليها وأن المراد بها الطباق وكانت سبعا وقوله والأرض مفرد والمراد الجنس فيشمل جميع الأراضين وهي سبع وعطفت على السماوات وهي منصوبة ولهذا فتحت بخلاف السماوات لأنها جمع مؤنث سالم وقوله (( وما بينهما )) ما اسم موصول معطوف على الأرض ولا على السماوات ؟ على السماوات نعم العلماء يقولون أنه إذا تعددت المعطوفات فالمعطوف عليه الأول منها لأنه المباشر للعامل كذلك المباشر للعامل وما بعده فرع عليه فيكون العطف إذا على السماوات لو قلت جاء زيد وعمرو وبكر وخالد وسعيد فسعيد معطوف على زيد أول واحد لأنه مباشر وما بعده فرع والفرع لا يعطف على فرع يعطف على أصل وقوله (( ما بينهما )) البينية ما تقتضي التماس فقد يكون الشيء بين الشيئين وهو لا يمس أحدهما وهنا اللي بين السماوات والأرض لا يلزم أن يمس ولكن هل يمكن أن يمس ؟ يمكن لكن لا يلزم نعم فعلى هذا نقول ما بينهما يشمل السحاب والرياح والنجوم والشمس والقمر وغير ذلك من المخلوقات العظيمة التي ما نعلمها وفي التنصيص على ذكر ما بين السماوات والأرض فيه دليل على أن ما بينهما أمر عظيم يقارن بنفس السماوات والأرض وهذا يعلمه أهل الفلك الذين يطلعون على ما في الأفق من الآيات العظيمة التي تدل على ما تدل عليه من كمال الله سبحانه تعالى وقوله (( إلا بالحق ))هذا محط الفائدة (( ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق ))ورغم حذف الفائدة فهذا بالخلق مقارن بالحق فالباء إذن للمصاحبة والملابسة أي أن خلقه تعالى مصحوب بالحق لماذا ؟ لأنه متضمن لكمال العدل ولكمال الصدق كمال العدل ما قامت السماوات والأرض إلا بالعدل والعدل حق وهل يشمل ذلك أن يكون الغاية منه حقا ؟ نعم يشمل فبالحق ابتداء وانتهاء كما قال الله تعالى (( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين )) لو كان هذه السماوات والأرض خلقت لتحيا الخليقة عليها وتعيش وتموت بدون جزاء ولا حساب ولا ثواب ولا عقاب لو كان الأمر كذلك لكان باطلا وليس بحق إذن لا بد لهذه المخلوقات العظيمة أن يكون لها غاية غاية هي الحق فعلى هذا نقول إن قوله بالحق يشمل الابتداء والانتهاء وقوله (( وأجل مسمى )) معطوف على بالحق يعني ما خلقهما أيضا إلا بأجل مسمى معين والأجل غاية الشيء ومسمى من قبل من ؟ من قبل من
الطالب :من قبل الله سبحانه وتعالى
الشيخ : من قبل الله سبحانه تعالى هو الذي عينه وقوله بأجل يشمل الابتداء والانتهاء فابتدائها بأجل وانتهائها بأجل أيضا فإن الله تعالى أوجد هذه السماوات والأرض بعد أن كانت معدومة وإيجاده لها كان بالأجل المعين عنده وكذلك سوف ينهي السماوات والأرض وإنهائه إياها اه
الطالب :بالأجل
الشيخ : بالأجل إذن كل شيء عند الله تعالى مقدر حتى الحوادث التي تحدث في السماوات والأرض بعد خلقها وإيجادها كله بأجل لا يتقدم ولا يتأخر وإذا تأملت قليلا عرفت بذلك كمال قدرة الله سبحانه تعالى كيف هذه الأمور والشئون العظيمة الكثيرة كلها تدبر بأجل ما يتقدم ولاما يتأخر نحن الآن مقاربين من ابتداء الدرس في الساعة الثامنة ولكن نبدأ الدرس حين الساعة الثامنة والنصف حين الساعة الثامنة والثلث ونتأخر ما ينتظم أمرنا مع أنه بسيط وهكذا كل شئون الخلق ما يمكن لأحد أن يضبط جميع أعماله بأجله القمحدد مهما بلغ في الحرص لأنه قد يعتريها ما لا طاقة له به لا يقدر لكن الرب تعالى حدد كل شيء بأجله لا يتقدم ولا يتأخر وهذا لا شك أنه من كمال الحكمة والصنع (( صنع الله الذي أتقن كل شيء )) فإذا تأملنا هذا الكون العظيم على ما فيه من الحوادث الفلكية والأرضية والعامة والخاصة فإننا في الحقيقة نستدل بها دلالة واضحة على كمال المدبر لهذا الكون والخالق له كل شيء بأجل وفي آية أخرى (( وكل شيء عنده بمقدار )) أيضا بمقدار ما يزيد وما ينقص فهو بأجله وبمقداره لا يزيد ولا ينقص قوله بأجل مسمى لذلك هكذا عندكم
الطالب :...
الشيخ :تفنى عند انتهاءه وبعده البعث تفنى أي السماوات والأرض وما بينهما عند انتهاء هذا الأجل ثم يأتي البعث نعم
6 - تفسير قول الله تعالى : << أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات و الأرض و ما بينهمآ إلا بالحق و أجل مسمى .... >> أستمع حفظ
تفسير قول الله تعالى : <<.....و إن كثيرا من الناس بلقآء ربهم لكافرون >>
يقول وإن كثيرا من الناس أي كفار مكة بلقاء ربهم لكافرون أي لا يؤمنون بالبعث بعد الموت قوله(( كثيرا من الناس )) خصه المؤلف بأهل مكة والصواب العموم أهل مكة وغيرهم كثير من الناس ينكرون البعث نعم يمكن نجد في أهل مكة من هو أشد منهم إنكارا للبعث فتخصيص العام في القرآن أمر لا ينبغي إلا إذا قام الدليل على هذا فعلى العين والرأس وقوله (( بلقاء ربهم لكافرون )) اللقاء بمعنى المواجهة والمقابلة وكل إنسان سوف يلقى الله تعالى (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ))أي إنسان المؤمن ولا الكافر ؟ حتى الكافر أي نعم لأنه قال يا أيها الإنسان عام ثم قال بعد قوله (( فملاقيه )) (( فأما من أوتي كتابه بيمينه وأما من أوتي كتابه من وراء ظهره )) فدل ذلك على أنه عام فكل أحد ملاقي الله تعالى فسوف يحاسبه ولكن حساب الله للناس يختلف المؤمن يقرره بذنوبه فإذا أقر بها غفر له وأما الكافر والعياذ بالله فإنه يخزى بها ويعاقب عليها ويكون هوان له فيقال (( بلقاء ربهم لكافرون )) اللام في قوله لكافرون ايش ؟ للتوكيد وكافرون خبر إن وبلقاء ربهم متعلق به وقدم عليه لمراعاة الفواصل ومراعاة الفواصل في القرآن الكريم ظاهر لأن الكلام عامة إذا كان له فواصل متفقة يكون هذا أنشط للنفس وأرغب لاستماعه وتلاوته قال ( بلقاء ربهم لكافرون ) الكفر في اللغة الستر ومنه سمي الكفُرَّة الذي هو كافور النخل غلاف الطلع لأنه يستره والمراد بالكفر ستر نعمة الله تعالى على المرء بحيث يعصيه إذا أمره ويجحده إذا طلب منه الإيمان وأنواع الكفر كثيرة منها الكفر المخرج عن الملة ومنها الكفر أي خصال كفر وليس كفر مطلق وهذا يرجع إلى حسب النصوص الشرعية (( وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون ))
تفسير قول الله تعالى : << أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم>>
(( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم )) هذا معطوف على قوله أو لم يتفكروا فالتفكر في خلق السماوات والأرض والسير في الأرض فقط ثم السير في الأرض إما أن يكون سيرا بالأقدام أو سيرا بالأفهام إن كان سيرا بالأفهام فهو داخل فيما سبق نعم وقد نقول أن هذا أخص مما سبق لأنه قال (( فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم )) فهو نظر في حوادث لا في خلق الأرض فتكون هذه الآية منفصلة عن التي قبلها من حيث المعنى فالأولى تفكير ولهذا جاء متعلقها عاما السموات والأرض وما بينهما وهذا السير لأمر مخصوص ما هو ؟ الحوادث أن ينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم فيشمل السير بالقدم والسير بالفكر والفهم على القول بأنه سير أقدام يكون السير حسيا وعلى الثاني يكون معنويا فيشمل السير الحسي والسير المعنوي السير الحسي إذا قال قائل كيف تطلبون من الإنسان أن يسير بقدمه إلى مواقع العذاب وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن ندخل مواقع العقاب إلا ونحن باكون نقول لا تعارض لأن هذا هو المقصود من السير إلى مواقع العذاب المقصود به الاتعاظ والانزجار وهذا يتحقق بالبكاء ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن ندخل على ديار ثمود إلا ونحن باكون وقال ( إن لم تكونوا باكين فلا تدخلوها ) وبعض الناس يذهب إلى ديار ثمود على سبيل النزهة والطرب والتمتع بالمناظر ولهذا يأخذون لها صور خوفا أو إعجابا ؟ إعجابا بها وهذا من قسوة القلب والعياذ بالله والجهل بما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام لأن غالبهم يكون جاهلا غالب هؤلاء الذي يروحون لهذا المقصد يكونوا جاهلين ما نقول إن كلهم عندهم قسوة قلب تعمدوا مخالفة الحق لكن نقول عندهم شيء من الجهل وإلا فلا يجوز الإنسان الذي لا يعرف من نفسه أنه إذا ذهب فإنه يتأثر حتى يبكي لا يجوز أن يهب لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك وقوله (( في الأرض )) (( سيروا في الأرض )) ايش معناها ؟ قيل معناها على لأنها لو أخذت بظاهرها لكان السير في سراديب تحت الأرض في لأن في للظرفية والظرف محيط بالمظروف من جميع الجوانب ولا يمكن أن تحيط بك الأرض من جميع الجوانب إلا إذا كنت داخل الأرض في سرداب وليس هذا مرادا فعلى هذا تكون فيه بمعنى على وقيل إن في للظرفية على بابها ولا حاجة إلى تأوليها وأن ظرفية كل شيء بحسبها فيكون في الأرض معناه في ظهر الأرض وكل أحد أنه لا يراد أن تخرق الأرض وتمشي في أسفلها ما أحد يفهم هذا وأيا كان فإن المراد السير على ظهر الأرض .
الطالب :....
الشيخ : .... من اليمين والسار ما في جدار على كل حال المعنى واضح حتى لو قلنا إن في للظرفية نقول الظرف لكل موضع بحسبه ما هو لازم أن يكون في جوف وقوله تعالى (( في الأرض فينظروا ) الأرض مفرد المراد به الجنس أي الأراضي التي وقع العذاب بأهلها نعم مثل ديار ثمود وغير الأحقاف وديار قوم لوط كما قال الله تعالى (( وإنهما لبسبيل مقيم ))
الطالب :....
الشيخ :.... مثل ما قلتك أنه الجهل الغالب عليهم الجهل وإلا ما من صلاح يفلح ما كان نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن دخوله إلا في حال البكاء لكن الغالب هو جهل قال (( فينظروا كيف كان )) ينظروا نظر بصر أو نظر بصيرة ؟
الطالب :....
الشيخ :إن كان السير بالقدم فالنظر نظر بصر وإن كان السير بالفهم فالنظر نظر بصيرة يعني فينظروا بعين البصيرة أو بعين البصر حسب السير الذي سبق وقوله (( فينظروا )) الفاء هنا هل هي سببية أو عاطفة ؟
الطالب : سببية .... عاطفة
الشيخ :يجوز فها الوجهان يجوز أن تكون عاطفة والمعنى أفلم يسيروا فلم ينظروا ويجوز أن تكون سببية والمعنى أفلم يسيروا فبسبب سيرهم نعم ينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم .
الطالب :.... أنهم ينظروا إلى عين البصرة .... لو أنهم أبصر ماينفع ....
الشيخ : ما يخالف بعين البصر الذي يؤدي إلى عين البصيرة لكن يعني هو المقصود أنك إذا سرت بقدمك لا أقول ما هو إنك إذا وصلت إلى مكان تغمض تنظر بعين لكن هذا النظر هل يفيد ولا ما يفيد إن كان ما فيه بصيرة ما يفيد المراد بالسير بالقدم النظر بالعين ليؤدي ذلك إلى النظر بالبصيرة وإلا فالنظر المباشر مع القدم هو العين نعم وقوله (( فينظروا )) يسيروا وينظروا ايش الجازم هنا ؟ مجزومات بحذف النون والواو فاعل لأنها من الأفعال الخمسة وقوله (( كيف كان عاقبة الذين من قبلهم )) كيف هذه اسم استفهام خبر كان فاعل مقدم وعاقبت اسمها في مكانه والعاقبة مصدر بمعنى العقبى وعاقبة الشيء ما يتلوه ويأتي بعده فقوله عاقبة الذين من قبلهم أي ما تلي تكذيبهم للرسل وقوله الذين من قبله من الأمم على إهلاك وهي إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم ايش عاقبة ثمود ؟ الإهلاك والدمار عاقبة عاد الذين استكبروا في الأرض وقالوا من أشد منا قوة لا أحد أشد منا قوة عاقبتهم أن أهلكوا بأمر من ألطف الأشياء وهو الريح ، الريح خفيف جسم لا يرى نعم هؤلاء الكبار الأجسام الشيديد القوى أهلكوا بهذه الريح اللطيفة التي لا ترى نعم ليتبين ضعف الإنسان وأنه مهما كان فالله عز وجل أقوى منه كما قال تعالى (( أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة )) وكذلك قرى قوم لوط الذين أترفوا فترفوا والعياذ بالله أترفوا ونعموا حتى كانوا من شدة الترف والعياذ بالله يعدلون عما خلق الله لهم من أزواجهم إلى إتيان الذكور نسأل الله العافية قال (( كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ))
الطالب :....
الشيخ : .... من اليمين والسار ما في جدار على كل حال المعنى واضح حتى لو قلنا إن في للظرفية نقول الظرف لكل موضع بحسبه ما هو لازم أن يكون في جوف وقوله تعالى (( في الأرض فينظروا ) الأرض مفرد المراد به الجنس أي الأراضي التي وقع العذاب بأهلها نعم مثل ديار ثمود وغير الأحقاف وديار قوم لوط كما قال الله تعالى (( وإنهما لبسبيل مقيم ))
الطالب :....
الشيخ :.... مثل ما قلتك أنه الجهل الغالب عليهم الجهل وإلا ما من صلاح يفلح ما كان نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن دخوله إلا في حال البكاء لكن الغالب هو جهل قال (( فينظروا كيف كان )) ينظروا نظر بصر أو نظر بصيرة ؟
الطالب :....
الشيخ :إن كان السير بالقدم فالنظر نظر بصر وإن كان السير بالفهم فالنظر نظر بصيرة يعني فينظروا بعين البصيرة أو بعين البصر حسب السير الذي سبق وقوله (( فينظروا )) الفاء هنا هل هي سببية أو عاطفة ؟
الطالب : سببية .... عاطفة
الشيخ :يجوز فها الوجهان يجوز أن تكون عاطفة والمعنى أفلم يسيروا فلم ينظروا ويجوز أن تكون سببية والمعنى أفلم يسيروا فبسبب سيرهم نعم ينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم .
الطالب :.... أنهم ينظروا إلى عين البصرة .... لو أنهم أبصر ماينفع ....
الشيخ : ما يخالف بعين البصر الذي يؤدي إلى عين البصيرة لكن يعني هو المقصود أنك إذا سرت بقدمك لا أقول ما هو إنك إذا وصلت إلى مكان تغمض تنظر بعين لكن هذا النظر هل يفيد ولا ما يفيد إن كان ما فيه بصيرة ما يفيد المراد بالسير بالقدم النظر بالعين ليؤدي ذلك إلى النظر بالبصيرة وإلا فالنظر المباشر مع القدم هو العين نعم وقوله (( فينظروا )) يسيروا وينظروا ايش الجازم هنا ؟ مجزومات بحذف النون والواو فاعل لأنها من الأفعال الخمسة وقوله (( كيف كان عاقبة الذين من قبلهم )) كيف هذه اسم استفهام خبر كان فاعل مقدم وعاقبت اسمها في مكانه والعاقبة مصدر بمعنى العقبى وعاقبة الشيء ما يتلوه ويأتي بعده فقوله عاقبة الذين من قبلهم أي ما تلي تكذيبهم للرسل وقوله الذين من قبله من الأمم على إهلاك وهي إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم ايش عاقبة ثمود ؟ الإهلاك والدمار عاقبة عاد الذين استكبروا في الأرض وقالوا من أشد منا قوة لا أحد أشد منا قوة عاقبتهم أن أهلكوا بأمر من ألطف الأشياء وهو الريح ، الريح خفيف جسم لا يرى نعم هؤلاء الكبار الأجسام الشيديد القوى أهلكوا بهذه الريح اللطيفة التي لا ترى نعم ليتبين ضعف الإنسان وأنه مهما كان فالله عز وجل أقوى منه كما قال تعالى (( أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة )) وكذلك قرى قوم لوط الذين أترفوا فترفوا والعياذ بالله أترفوا ونعموا حتى كانوا من شدة الترف والعياذ بالله يعدلون عما خلق الله لهم من أزواجهم إلى إتيان الذكور نسأل الله العافية قال (( كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ))
تفسير قول الله تعالى : << كانوا أشد منهم قوة و أثاروا الأرض و عمروهآ أكثر مما عمروها وجآءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون >>
(( كانوا أشد منهم قوة ...)) كانوا جملة استئنافية يراد بها بيان حال هؤلاء السابقين أشد منهم قوة كعاد وثمود لا شك أنهم أشد من قريش قوة عاد معروف قوتهم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود أيضا الذين ينحتون من الجبال بيوتا فارهين بيوتا آمنين أمينة عالي شاملة من الجبال من الأحجار وهذا يدل على القوة ومن السهول يتخذون قصورا (( وتتخذون من سهولها قصورا )) قصورا عظيمة ضخمة هذا ما حصل لأهل مكة ومع ذلك دمرهم الله تعالى بكفرهم وتكذيبهم (( كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض )) وأثاروا الأرض معطوف على كانوا ما هي على خبر كان على كان نفسها عاقبة الذين من قبلهم كانوا عاقبة الذين من قبلهم أثاروا الأرض وليست معطوفة على أشد حتى نقول كانوا أشد منهم قوة وكانوا أثاروا الأرض وعمروها والمعطوف على كان أثاروا الأرض يقول حرثوها وقلبوها للزرع ويش بعدها
الطالب :والغرس
الشيخ :والغرس هذا إثارة الأرض الإنسان إذا حرث الأرض لا شك أنه يثير الأرض ولا لا ؟ تعرفون الحرث بالمسحاة ولا بالجرارات تثير الأرض يعني ترفعها وكذلك أيضا الغرس فإن الإنسان يثير الأرض ليحفر للشجرة حتى يثبتها فهؤلاء أشد منهم قوة وأيضا أثاروا الأراضي أهل مكة ما أثاروا الأرض لأنه واد غير ذي زرع (( وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها )) عمروها أي السابقون عمروا الأرض ويش هو بالتجارة والبناء والمصانع وغيرها سليمان عليه السلام قال الله له ((يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور)) جفان الصحاف التي يوضع فيها الطعام والجواب ويش الجابية ؟ بركة الماء كبار ولا صغار هذا ؟ هذا عظيم وقدور راسيات ما تتشال من كبرها وكثرة الطعام فيها هذا كله ولا هو مثله ما حصل لقريش (( فعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات )) بالحجج الظاهرات أيضا للمصاحبة أو للتعدية يحوز هذا وهذا المعنى أن الرسل عليهم الصلاة والسلام جاءتهم بالبينات رسلهم من قبل من ؟ من قبل الله تعالى بالبينات بالحجج البينات أو قل بالآيات البينات التي تشمل الحجج والأحكام فإن الحكم إذا كان حكما عادلا نافعا للعباد فإنه بينة تدل على صدق من أتى به طيب الرسل كلهم جاءوا بالبينات ؟ نعم ما من رسول إلا أتى ببينة (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان )) إذن فمع كل نبي كتاب كل نبي له كتاب كل نبي له آيات بينات ((كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس بالحق فيما اختلفوا فيه ... )) المهم أنه ما من رسول إلا معه بينة ومعه كتاب وقوله (( فجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم )) بإهلاكهم بغير جرم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بتكذيبهم فما كان الله ليظلمهم اللام في قوله (( ليظلمهم )) إعرابها لام الجحود تسمى لام الجحود أي لام النهي لملازمتها لهم وقد سبق لنا يا غانم أن لام الجحود ما سبقها قرأناها في الأجرومية قرأنا لام الجحود أنها تنصب الفعل المضارع وقلنا إن لام الجحود هي التي سبقها
الطالب :لم يكن أو ما كان
الشيخ : لم يكن أو ما كان هنا سبقها ما كان وقوله ما كان الله ليظلمهم إذا قيل ما كان الله ليفعل كذا وما أشبه ذلك فاعلم أنه للممتنع غاية الامتناع (( وما كان ربك نسيا )) ممتنع غاية الامتناع (( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا )) ممتنع غاية الامتناع وهكذا كل ما جاء مثل هذا التعبير فالمراد أنه ممتنع غاية الامتناع وقوله ليظلمهم الظلم في الأصل النقص ومنه قوله تعالى (( كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا )) وهو في الشرع كذلك نقص فيما يجب فيشمل الإهمال في الواجب والتعدي في المحرم التعدي في المحرم نقص لأنك بخست نفسك حقها حيث لم تجتنب المحرم وكذلك أيضا التقصير في الواجب نقص فمن قصر في واجب فقد ظلم نفسه ومن تعدى في محرم فقد ظلم نفسه لأنه نقص مما يجب أن يعامل به نفسه فيكون الظلم إما ترك لواجب وإما فعلا لمحرم بالنسبة لله عز وجل ،ما كان الله ليظلمهم هذا الصفة سلبية ولا ثبوتية ؟
الطالب :سلبية
الشيخ :وايش تتضمن ؟ كمال العدل فهو لا يظلمهم لا لأنه عاجز عنهم ولا لأنه غير قابل له ولكنه لكمال عدله سبحانه وتعالى لا يمكن يظلمهم نعم ونفي الظلم يكون لثلاثة أسباب إما للكمال أو العدل أو عدم القابلية إما للكمال يعني كمال العدل أو العدل أو عدم القابلية خذو بالكم إذا قلت إن الجدار لا يظلم فهو لعدم القابلية لا يقع منه الظلم أصلا إذا قلت فلان ضعيف لا يظلم عدوه
الطالب : هذا للعجز
الشيخ : هذا للعجز قال الشاعر " قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل " ليش ؟ لعجزهم إذا قلت إن الله لا يظلم الناس شيئا نعم فهو لكمال عدله هو قادر تعالى على أن يظلم لكنه ممتنع عليه لكمال صفاته لا يظلم وقالت الجبرية إنه لا يظلم لعدم قابليته.
الطالب :والغرس
الشيخ :والغرس هذا إثارة الأرض الإنسان إذا حرث الأرض لا شك أنه يثير الأرض ولا لا ؟ تعرفون الحرث بالمسحاة ولا بالجرارات تثير الأرض يعني ترفعها وكذلك أيضا الغرس فإن الإنسان يثير الأرض ليحفر للشجرة حتى يثبتها فهؤلاء أشد منهم قوة وأيضا أثاروا الأراضي أهل مكة ما أثاروا الأرض لأنه واد غير ذي زرع (( وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها )) عمروها أي السابقون عمروا الأرض ويش هو بالتجارة والبناء والمصانع وغيرها سليمان عليه السلام قال الله له ((يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور)) جفان الصحاف التي يوضع فيها الطعام والجواب ويش الجابية ؟ بركة الماء كبار ولا صغار هذا ؟ هذا عظيم وقدور راسيات ما تتشال من كبرها وكثرة الطعام فيها هذا كله ولا هو مثله ما حصل لقريش (( فعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات )) بالحجج الظاهرات أيضا للمصاحبة أو للتعدية يحوز هذا وهذا المعنى أن الرسل عليهم الصلاة والسلام جاءتهم بالبينات رسلهم من قبل من ؟ من قبل الله تعالى بالبينات بالحجج البينات أو قل بالآيات البينات التي تشمل الحجج والأحكام فإن الحكم إذا كان حكما عادلا نافعا للعباد فإنه بينة تدل على صدق من أتى به طيب الرسل كلهم جاءوا بالبينات ؟ نعم ما من رسول إلا أتى ببينة (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان )) إذن فمع كل نبي كتاب كل نبي له كتاب كل نبي له آيات بينات ((كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس بالحق فيما اختلفوا فيه ... )) المهم أنه ما من رسول إلا معه بينة ومعه كتاب وقوله (( فجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم )) بإهلاكهم بغير جرم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بتكذيبهم فما كان الله ليظلمهم اللام في قوله (( ليظلمهم )) إعرابها لام الجحود تسمى لام الجحود أي لام النهي لملازمتها لهم وقد سبق لنا يا غانم أن لام الجحود ما سبقها قرأناها في الأجرومية قرأنا لام الجحود أنها تنصب الفعل المضارع وقلنا إن لام الجحود هي التي سبقها
الطالب :لم يكن أو ما كان
الشيخ : لم يكن أو ما كان هنا سبقها ما كان وقوله ما كان الله ليظلمهم إذا قيل ما كان الله ليفعل كذا وما أشبه ذلك فاعلم أنه للممتنع غاية الامتناع (( وما كان ربك نسيا )) ممتنع غاية الامتناع (( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا )) ممتنع غاية الامتناع وهكذا كل ما جاء مثل هذا التعبير فالمراد أنه ممتنع غاية الامتناع وقوله ليظلمهم الظلم في الأصل النقص ومنه قوله تعالى (( كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا )) وهو في الشرع كذلك نقص فيما يجب فيشمل الإهمال في الواجب والتعدي في المحرم التعدي في المحرم نقص لأنك بخست نفسك حقها حيث لم تجتنب المحرم وكذلك أيضا التقصير في الواجب نقص فمن قصر في واجب فقد ظلم نفسه ومن تعدى في محرم فقد ظلم نفسه لأنه نقص مما يجب أن يعامل به نفسه فيكون الظلم إما ترك لواجب وإما فعلا لمحرم بالنسبة لله عز وجل ،ما كان الله ليظلمهم هذا الصفة سلبية ولا ثبوتية ؟
الطالب :سلبية
الشيخ :وايش تتضمن ؟ كمال العدل فهو لا يظلمهم لا لأنه عاجز عنهم ولا لأنه غير قابل له ولكنه لكمال عدله سبحانه وتعالى لا يمكن يظلمهم نعم ونفي الظلم يكون لثلاثة أسباب إما للكمال أو العدل أو عدم القابلية إما للكمال يعني كمال العدل أو العدل أو عدم القابلية خذو بالكم إذا قلت إن الجدار لا يظلم فهو لعدم القابلية لا يقع منه الظلم أصلا إذا قلت فلان ضعيف لا يظلم عدوه
الطالب : هذا للعجز
الشيخ : هذا للعجز قال الشاعر " قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل " ليش ؟ لعجزهم إذا قلت إن الله لا يظلم الناس شيئا نعم فهو لكمال عدله هو قادر تعالى على أن يظلم لكنه ممتنع عليه لكمال صفاته لا يظلم وقالت الجبرية إنه لا يظلم لعدم قابليته.
اضيفت في - 2007-08-13