تفسير سورة الروم-05a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة فوائد قوله تعالى : << ومن آياته يريكم البرق خوفًا وطمعًا ............ >>
كثيرا أي شيء فشيئا ما ظنكم لو كان هذا المطر ينزل دفعة واحدة من السماء هل يبقي مباني بل ولا يبقى ولا أواني ولا آدمي ولا ينفع شيئا يهلك ولا ينفع نعم ومنها أيضا من كونها من آيات الله أن هذا الماء ينزل من السماء فلو كان ينزل من شيء كامن لكان يغرق الأسفل قبل أن يصل إلى الأعلى ولكن الله عز وجل جعله من فوق حتى يسقي به الأعلى والأسفل وقوله (( ينزل من السماء ماءا فيحيي به الأرض بعد موتها )) فيحيي الله عز وجل وبه الباء للسببية وهي تفيد كما سيأتي إن شاء الله تعالى تفيد إثبات العلل في أفعال الله وسبق لنا مرارا وتكرارا بأن أفعال الله وشرع الله كله مقرون بالحكمة والتعليل ومنه ما سبق لكن نسيت أن أنبهكم عليها قوله (( لتسكنوا إليها )) اللام للتعليل فتفيد الحكمة ثبوت الحكمة في أفعال الله وقد مر علينا في العقيدة أن من أهل البدع من ينكر الحكمة من هم ؟ الأصل الجبرية الى هما الجهمية ينكرون الحكمة المعتزلة على العكس المعتزلة يوجبون الحكمة ولهذا قالوا أنه يجب على الله فعل الأصلح كما مر علينا في العقيدة نعم وقوله (( فيحيي به الأرض بعد موتها )) كلمة الأرض هل المراد ذات الأرض تحيا أو المراد النبات الذي في الأرض يحيا ؟ المراد النبات الذي في الأرض .
الطالب :.....
الشيخ : ايش نوعها خلاف هذا جاء طيب المراد بالأرض نبات الأرض وحينئذ قد يعترض علينا معترض ويقول إنكم تقولون لا مجاز في القرآن وهنا إذا حملتم الأرض على نباتها فقد قلتم بالمجاز فما هو الجواب على هذا ؟ الجواب على هذا أننا كررنا مرارا بأن الكلمة في حد ذاتها لا يفهم معناها إلا بسياقها نعم فقوله (( ومن آياته خلق السماوات والأرض )) لا شك أن المراد ذات الله لكن يحيي الأرض بعد موتها يخاطب أناس يعرفون الذي يحيا والذي يموت يعرفون الذي يحيا بالمطر والذي يموت بفقد المطر فهل أحد ممن يخاطب بهذه الآية يقول إن هذا الطين وهذا الرمل وهذا الحجر يموت بفقد المطر ويحيا بوجوده ؟ ما أحد يقول هذا والكلمة يعين معناها السياق هو الذي يعين معناها وبهذا نسلم من القول بالمجاز لأن القول بالمجاز أبرز علامات المجاز أنه يصح نفيه والقرآن ما فيه شيء يصح نفيه لأنه لو صح نفي شيء في القرآن لكان معناه التكذيب مثال ذلك يريد أن ينقض قال قائل الجدار لا يريد ويش معنى هذا ؟ نفي ما أثبت الله عز وجل وهذا هو الذي جعل بعض أهل العلم ينكر المجاز في القرآن ويثبته في غيره من اللغة العربية يقول لأنه ليس في القرآن شيء يصح نفيه نعم وأبرز علامات المجاز أنه يصح نفيه ولكن الصواب ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا مجاز لا في القرآن ولا في اللغة العربية لأننا نقول أن الذي يعين المعنى هو السياق وعليه فإذا تعين معنى الكلمة فهو حقيقتها في كل سياق إما في ذلك المذكور فالمشار إليه كل ما سبق (( يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماءا فيحيي به الأرض بعد موتها )) هذه الثلاثة هذا المذكور فيه (( آيات لقوم يعقلون )) تقول يتدبرون وهنا قال (( لآيات لقوم يعقلون )) أي لذوي عقل والعقل تقدم أنه ينقسم إلى قسمين عقل إدراك وعقل رشد عقل إدراك الذي هو مناط التكليف الذي يقول فيه العلماء يشترط لوجود الطلاق أن يكون عاقلا أي عقل إدراك أي الإنسان يدرك به الأمور فيميز بين النافع والضار وغيره هذا المعنى عندنا .... العقل الثاني عقل الرشد الذي هو مناط الثناء والمدح وهو الذي يوجد في القرآن كثيرا عقل الرشد مثلا نفى الله سبحانه وتعالى العقل عن الكفار مع أنهم أذكياء عندهم عقل وإدراك لكنهم ليس عندهم عقل رشد يتصرفون فيه تصرف العاقل وسمي العقل عقلا لأنه يعقل صاحبه عما يضره وهذا هو الذي جعله يسمى عقلا ويسمى حجرا (( هل في ذلك قسم لذي حجر )) لأنه يحجر صاحبه ويحجزه عما لا ينفعه وقوله (( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون )) أتى بالعقل هنا لأنه إشارة إلى ما سيذكر فيما بعد نعم لأن الآيات كما تشاهدون كلها في تقدير إعادة الموقع وانتقال العقل من هذه الأشياء المحسوسة إلى أشياء منظورة موجودة إنما يكون عن طريق العقل ولهذا قال هنا (( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ))
الطالب :.....
الشيخ : ايش نوعها خلاف هذا جاء طيب المراد بالأرض نبات الأرض وحينئذ قد يعترض علينا معترض ويقول إنكم تقولون لا مجاز في القرآن وهنا إذا حملتم الأرض على نباتها فقد قلتم بالمجاز فما هو الجواب على هذا ؟ الجواب على هذا أننا كررنا مرارا بأن الكلمة في حد ذاتها لا يفهم معناها إلا بسياقها نعم فقوله (( ومن آياته خلق السماوات والأرض )) لا شك أن المراد ذات الله لكن يحيي الأرض بعد موتها يخاطب أناس يعرفون الذي يحيا والذي يموت يعرفون الذي يحيا بالمطر والذي يموت بفقد المطر فهل أحد ممن يخاطب بهذه الآية يقول إن هذا الطين وهذا الرمل وهذا الحجر يموت بفقد المطر ويحيا بوجوده ؟ ما أحد يقول هذا والكلمة يعين معناها السياق هو الذي يعين معناها وبهذا نسلم من القول بالمجاز لأن القول بالمجاز أبرز علامات المجاز أنه يصح نفيه والقرآن ما فيه شيء يصح نفيه لأنه لو صح نفي شيء في القرآن لكان معناه التكذيب مثال ذلك يريد أن ينقض قال قائل الجدار لا يريد ويش معنى هذا ؟ نفي ما أثبت الله عز وجل وهذا هو الذي جعل بعض أهل العلم ينكر المجاز في القرآن ويثبته في غيره من اللغة العربية يقول لأنه ليس في القرآن شيء يصح نفيه نعم وأبرز علامات المجاز أنه يصح نفيه ولكن الصواب ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا مجاز لا في القرآن ولا في اللغة العربية لأننا نقول أن الذي يعين المعنى هو السياق وعليه فإذا تعين معنى الكلمة فهو حقيقتها في كل سياق إما في ذلك المذكور فالمشار إليه كل ما سبق (( يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماءا فيحيي به الأرض بعد موتها )) هذه الثلاثة هذا المذكور فيه (( آيات لقوم يعقلون )) تقول يتدبرون وهنا قال (( لآيات لقوم يعقلون )) أي لذوي عقل والعقل تقدم أنه ينقسم إلى قسمين عقل إدراك وعقل رشد عقل إدراك الذي هو مناط التكليف الذي يقول فيه العلماء يشترط لوجود الطلاق أن يكون عاقلا أي عقل إدراك أي الإنسان يدرك به الأمور فيميز بين النافع والضار وغيره هذا المعنى عندنا .... العقل الثاني عقل الرشد الذي هو مناط الثناء والمدح وهو الذي يوجد في القرآن كثيرا عقل الرشد مثلا نفى الله سبحانه وتعالى العقل عن الكفار مع أنهم أذكياء عندهم عقل وإدراك لكنهم ليس عندهم عقل رشد يتصرفون فيه تصرف العاقل وسمي العقل عقلا لأنه يعقل صاحبه عما يضره وهذا هو الذي جعله يسمى عقلا ويسمى حجرا (( هل في ذلك قسم لذي حجر )) لأنه يحجر صاحبه ويحجزه عما لا ينفعه وقوله (( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون )) أتى بالعقل هنا لأنه إشارة إلى ما سيذكر فيما بعد نعم لأن الآيات كما تشاهدون كلها في تقدير إعادة الموقع وانتقال العقل من هذه الأشياء المحسوسة إلى أشياء منظورة موجودة إنما يكون عن طريق العقل ولهذا قال هنا (( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ))
قال الله تعالى : << ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون >>
ثم قال عز وجل (( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره )) بإرادته من غير عمد من آياته أن تقوم نقول في إعرابها كما قلنا فيما سبق أي من آياته قيام السماوات والأرض بأمره وقوله بغير عمد بأمره بإرادته بغير عمد أفادنا المؤلف رحمه الله أن المراد بالأمر هنا الأمر الكوني لأنه قال بإرادته وإن كان في تفسير الأمر بالإرادة شيء من الشك إذا أنني أخشى من أنه فسر الأمر بالإرادة فرارا من الكلام أو من إثبات الكلام لله عز وجل لأن الأمر ولو كان كونيا يكون بالكلام (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) فأخشى أن المؤلف غفر الله له أراد تفسير الأمر بالإرادة الفرار من إثبات الكلام ومعروف أن الأشاعرة لا يثبتون الكلام يالحرف والصوت وإنما يثبتون الكلام على أنه المعنى القائم بالنفس والحرف المكتوب والصوت المسموع يقولون إنه عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله وقوله (( أن تقوم )) أيضا فسره بقوله من غير عمد وهذا يدل على أنه ذهب أن المراد بالقيام هنا القيام الحسي يعني أن تبقى غير واقعة على الأرض بل هي ممسكة بأمر الله سبحانه وتعالى بغير عمد وهذا تفسير قاصر والصواب أن قيام السماوات والأرض أعم من كونه قياما حسيا أو قياما معنويا بمعنى أنه يشمل القيام الحسي والقيام والمعنوي فالسماوات قائمة بأمر الله قياما حسيا بما فيها من الانتظام بما خلق الله عز وجل من الأهداف المتضمنة للشمس والقمر والنجوم وغير ذلك وكذلك الأرض قائمة قياما حسيا بما أودع الله تعالى فيها من مصالح الخلق من أشجار ونبات وأنهار وبحار وغير ذلك هذا قيام حسي فيه أيضا قيام معنوي وهو قيام هذه بطاعة الله فإن المعاصي إفساد في الأرض كما قال الله تعال (( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها )) فالسماوات أيضا والأرض تقوم بأمر الله الشرعي كما تقوم بأمره الكوني ولا قيام للأرض ولا للسماوات إلا بالتزام أمر الله الشرعي فحينئذ يفسر القيام بأنه قيام حسي وقيام معنوي عرفتم القيام الحسي ما هو ؟ القيام الحسي هو قيام هذه الأجرام بما فيها الأفلاك والنجوم وبما في الأرض من الأشجار والبحار وغير ذلك هذا قيام حسي القيام المعنوي أيش المراد به ؟ أن تقوم بطاعة الله عز وجل وتخلق وتقى بطاعة الله فالآية شاملة للمعنيين وعلى هذا يكون المراد بالأمر الأمر الكوني والأمر الشرعي قال (( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون )) أتى بثم بعد ذكر قيام السماوات والأرض لأن البعث متأخر ما يكون إلا بعد قيام الساعة يقول ثم إذا دعاكم الفاعل من ؟ الله عز وجل دعوة أي واحدة من الأرض إذا أنتم تخرجون من الأرض يوم ينفخ إسرائيل في الصور فيبعث من في القبور إذا أنتم تخرجون منها أحياءا فخروجكم منها بدعوة من آياته تعالى إذا دعاكم دعوة من الأرض قوله (( من الأرض )) هل تتعلق بتخرجون يعني إذا دعاكم دعوة تخرجون من الأرض أو متعلق بدعا ؟ نقول هو متعلق بدعا إذا دعاكم دعوة من الأرض وليس متعلق بتخرجون لأنه لا يتعلق ما قبل إذا الفجائية بما بعدها إذا دعاكم إذا شرطية وإذا أنتم إذا فجائية فهي نائبة مناب الفاء الواقعة في جواب الشرط قوله تعالى (( إذا دعاكم دعوة من الأرض )) يعني دعاكم منها هل دعوة الله تكون من الأرض أو إذا دعاكم من الأرض يعني أنكم أنتم في الأرض ؟ المراد هذا إذا دعاكم من الأرض مثل ما تقول دعوته من بيته ما أنا في البيت لكن هو في البيت فدعوته منه ليحضر نعم (( إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون )) وهذه الآية كقوله تعالى (( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة )) يعني على وجه الأرض إذا أنتم تخرجون هذا من آيات الله أيضا
2 - قال الله تعالى : << ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون >> أستمع حفظ
قال الله تعالى : << وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون >>
ثم قال (( وله من في السماوات والأرض )) ملكا وخلقا وعبيدا (( وله من في السماوات والأرض ))ا لضمير في له يعود على الله وهو خبر مقدم والمبتدأ منفي وتقديم الخبر كما هو معروف في علم البلاغة يفيد الحصر يعني فالله وحده له من في السماوات والأرض وقوله من في السماوات جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره
الطالب :.....
الشيخ :لا استقر لأن جار المجرور الواقع صلة للموصل تقدر بفعل بخلاف الواقع خبرا لمبتدأ فإنه يقدر بس الفرق بينهما الجار والمجرور إذا وقع صلة أو مضاف إذا وقع صلة لموصول فقدر متعلقة فعلا لأن الأصل في صلة الموصول أن يكون جملة لكن إذا وقع الجار والمجرور أو الظرف خبر المبتدأ فقدره باسم لأن الأصل في الخبر أن يكون مفردا لا جملة تقول زيد في البيت تقدره كائن في البيت يكون زيد مبتدأ وكأنه خبر لكن لو قلت زيد في البيت أي زيد استقر في البيت صار الخبر جملة والأصل في الأخبار الأصل في الخبر أن يكون مفردا كذا أما إذا قلت يعجبني الذي في المسجد ما تقول أنه الكائن في المسجد لأنك إذا قدرت الذي كائن في المسجد لزم أن تقدر مبتدأ أيضا أي الذي هو كائن في المسجد أليس كذلك ؟ لماذا يلزمك أن تقدر مبتدأ ؟ لأن صلة الموصول لا بد أن تكون جملة بخلاف خبر المبتدأ فإنه يكون مفردا مفهوم يا جماعة إذا عندما نقدر المتعلق بالجار والمجرور الواقع صلة ماذا نقدره ؟ فعلا ليكون ذلك جملة وعندما نقدر متعلق الجار والمجرور أو الظرف المبتدأ نقدره اسما نعم (( وله من في السماوات )) أي من استقر في السماوات والأرض من في السماوات من الملائكة هذا الذي نعرف والأرض من البشر والحيوان وهنا قال من تغليبا للعاقل وإلا فإن الأرض فيها العاقل وغير العاقل من في السماوات والأرض قال ملكا وخلقا وعبيدا كان الأولى أن يقدم الخلق ثم الملك ثم العبيد نعم فهل من في السماوات هو الذي يملكهم سبحانه وتعالى وهو الذي خلقهم وهو ربهم وهم عبيده له ملك السماوات والأرض ولا أحد يعارضه في ذلك كل من في السماوات والأرض كما قال الله عز وجل (( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا )) كل له قانتون مطيعون كل نعم مبتدأ وقانتون خبره والجار والمجرور له متعلق بقانتون لكنه قدم عليه للالتصاق والحصر وقوله (( كل )) التنوين هنا عوض عن مفرد كل ما جاءت كل أو بعض منونة فإنها عوض عن مفرد المعنى يعني التقدير كل من في السماوات والأرض وقوله (( له قانتون )) يقول مطيعون والطاعة هنا طاعة وخضوع للأمر الكوني وهذا شامل للمؤمن وغير المؤمن أليس كذلك ؟ والثاني طاعة وقنوت للأمر الشرعي وهذا خاص بالمؤمن وعلى هذا يكون المراد بالقنوت هنا الشرعي أو الكوني ؟ الكوني لأنه قال كل له ولا يتصور هذا إلا في الكوني فالكل خاضع لأمر الله قانت باعتبار أمره الكوني إذا أراد شيئا على من في السماوات والأرض أن يقول له كن فيكون
الطالب :.....
الشيخ :لا استقر لأن جار المجرور الواقع صلة للموصل تقدر بفعل بخلاف الواقع خبرا لمبتدأ فإنه يقدر بس الفرق بينهما الجار والمجرور إذا وقع صلة أو مضاف إذا وقع صلة لموصول فقدر متعلقة فعلا لأن الأصل في صلة الموصول أن يكون جملة لكن إذا وقع الجار والمجرور أو الظرف خبر المبتدأ فقدره باسم لأن الأصل في الخبر أن يكون مفردا لا جملة تقول زيد في البيت تقدره كائن في البيت يكون زيد مبتدأ وكأنه خبر لكن لو قلت زيد في البيت أي زيد استقر في البيت صار الخبر جملة والأصل في الأخبار الأصل في الخبر أن يكون مفردا كذا أما إذا قلت يعجبني الذي في المسجد ما تقول أنه الكائن في المسجد لأنك إذا قدرت الذي كائن في المسجد لزم أن تقدر مبتدأ أيضا أي الذي هو كائن في المسجد أليس كذلك ؟ لماذا يلزمك أن تقدر مبتدأ ؟ لأن صلة الموصول لا بد أن تكون جملة بخلاف خبر المبتدأ فإنه يكون مفردا مفهوم يا جماعة إذا عندما نقدر المتعلق بالجار والمجرور الواقع صلة ماذا نقدره ؟ فعلا ليكون ذلك جملة وعندما نقدر متعلق الجار والمجرور أو الظرف المبتدأ نقدره اسما نعم (( وله من في السماوات )) أي من استقر في السماوات والأرض من في السماوات من الملائكة هذا الذي نعرف والأرض من البشر والحيوان وهنا قال من تغليبا للعاقل وإلا فإن الأرض فيها العاقل وغير العاقل من في السماوات والأرض قال ملكا وخلقا وعبيدا كان الأولى أن يقدم الخلق ثم الملك ثم العبيد نعم فهل من في السماوات هو الذي يملكهم سبحانه وتعالى وهو الذي خلقهم وهو ربهم وهم عبيده له ملك السماوات والأرض ولا أحد يعارضه في ذلك كل من في السماوات والأرض كما قال الله عز وجل (( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا )) كل له قانتون مطيعون كل نعم مبتدأ وقانتون خبره والجار والمجرور له متعلق بقانتون لكنه قدم عليه للالتصاق والحصر وقوله (( كل )) التنوين هنا عوض عن مفرد كل ما جاءت كل أو بعض منونة فإنها عوض عن مفرد المعنى يعني التقدير كل من في السماوات والأرض وقوله (( له قانتون )) يقول مطيعون والطاعة هنا طاعة وخضوع للأمر الكوني وهذا شامل للمؤمن وغير المؤمن أليس كذلك ؟ والثاني طاعة وقنوت للأمر الشرعي وهذا خاص بالمؤمن وعلى هذا يكون المراد بالقنوت هنا الشرعي أو الكوني ؟ الكوني لأنه قال كل له ولا يتصور هذا إلا في الكوني فالكل خاضع لأمر الله قانت باعتبار أمره الكوني إذا أراد شيئا على من في السماوات والأرض أن يقول له كن فيكون
قال الله تعالى : << وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم >>
ثم قال تعالى (( وهو الذي يبدأ الخلق )) من ماء ثم يعيده بعد هلاكه وهو أهون عليه من البدء وهو الذي يبدأ الخلق أي يبتدئه وأتى بكلمة يبدئ لأن الخلق مستمر كل يوم يكون فيه ابتداء خلق أليس كذلك ؟ الأجنة في بطون الأمهات تنشئ كل يوم كم في الدنيا في اليوم الواحد جنين يكون كثير جدا ولهذا أتى بالفعل المضارع الدال على الاستمرار ولم يقل بدء وقوله (( ثم يعيده )) أي ثم هو الله عز وجل يعيده ومعنى الإعادة رده على ما كان أوله كما قال تعالى (( كما بدأنا أول خلق نعيده )) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ( أن الناس يحشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلا كما بدأوا ) قال (( ثم يعيده)) وهو الضمير يعود على الإعادة هكذا المفهوم من قوله يعيده فمرجع الضمير إذن المصدر المفهوم من الفعل وقد سبق لنا عدة مرات أن مرجع الضمير قد لا يذكر بلفظه ولكن يذكر ما يدل عليه انظر إلى قوله تعالى (( اعدلوا هو أقرب للتقوى )) أين مرجع الضمير في هو ؟ العدل المفهوم من كلمة اعدلوا إذا ثم يعيده نقول وهو أي الإعادة نعم والإعادة مصدر فصح أن يعود الضمير عليهم مذكرا قال أهون عليه أهون اسم تفعيل من هان يهون واسم التفعيل يدل على أن الهون على أن الهون في حقه درجات هين وأهون ودرجات الهون قد توحي بأن هناك مشقة لأنه لولا أن في بعضها مشقة ما صار بعضها أهون من بعض ولذلك اختلف المفسرون في اسم التقييد هنا وهو أهون فقيل إنه بمعنى هين وهو أهون عليه أي وهو هين عليه وقال بعض المفسرين ما ذهب إليه المؤلف وهو أنه أهون عليه من البدء بالنظر لما عند المخاطبين من أن إعادة الشيء أسهل من ابتدائه وإلا فهما عند الله وتعالى سواء في السهولة فصار الآن كلمة أهون هل هي على بابها أو لا ؟ المؤلف مشى على أنها على بابها لكن هذا باعتبار المخاطبين لأن المخاطب يعرف أن إعادة الشيء نعم أهون من ابتدائه وكذبوا ذلك أن إعادته لا تحتاج إلى تفسير جديد لأنه قد سبق فيها التفسير ثانيا أن مواد التكوين موجودة افرض مثلا أني صنعت سيارة عندما أريد صنعها تحتاج إلى تفكير أولا ومواد فإذا أردت أن أعيدها مرة ثانية مثل أن تفك هذه السيارة وأردت أن أعيدها يكون الإعادة أهون لأن التفكير فقد فرغت منه والمواد موجودة موفرة فيكون الإعادة أهون باعتبار المخاطب أما بالنسبة لله عز وجل فلا نقول إنه في حقه ما هو أهون وما هو هين بل الكل عند الله تعالى هين وسهل وقال بعض المفسرين بأن هين هنا بمعنى أهون بمعنى هين فيكون على هذا يكون هون بالنسبة لله عز وجل لا يكون بالنسبة لنا نحن ما عندنا نحن وهو هين عليه طيب في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( كذبني ابن آدم وليس له ذلك وشتمني ابن آدم وليس له ذلك قال أما تكذيبه إياي فقوله أني لن أعيده وليس بدء الخلق بأهون علي من إعادته ) فهو مفسر للآية ليس بدء الخلق بأهون علي من إعادته فهو يفسر أن كل ذلك هين عليه ولكن لا شك أنا الإعادة أهون باعتبار المفهوم للمخاطبين فما مشى عليه المؤلف رحمه الله هنا جيد (( وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض )) أي الصفة العليا وهي أنه لا إله إلا الله قوله تعالى وله المثل له خبر مقدم والمثل مبتدأ مؤخر والمثل يطلق على عدة معاني فيطلق على الشبه كقوله تعالى (( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا )) يعني شبهه كشبه الذي استوقد نارا ويطلق المثل على الصفة كقوله تعالى ((مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن .... )) ويطلق المثل على الذات قالوا ومنه قوله تعالى (( ليس كمثله شيء )) يعني ليس كذاته ترى المثل والممثل سواء فهما واحد وقالوا منه قول الشاعر " ليس كمثل الفتى زهير " المراد بالمثل هنا وله المثل الأعلى أي المعاني ؟ الصفة له الصفة العليا في السماوات الأرض كل صفة كاملة فلله سبحانه وتعالى وكل صفة نقص فإنه منزه عنها لماذا ينزه عن صفة النقص ؟ لأنه ما دام قد ثبت له الصفة الكاملة العليا فإنه للضرورة العقلية ينتفي عنه النقص لأنه لو اتصف بنقص ما استحق أن يكون له المثل الأعلى أليس كذلك ؟ إذن هذه الآيات الكريمة تدل على صفات الكمال لله عز وجل الكمال المطلق لأنه قال المثل الأعلى وعلى انتفاء النقص من جميع الوجوه إذ أنه لو اتصف بنقص ما استحق أن يكون له المثل الأعلى ونأخذ من هذا إنه كل ما وصف الله نفسه فهو صفة كمال وليس فيه نقص أليس كذلك ؟ كل ما وصف الله به نفسه فهو صفة كمال وكل كمال فإن الله تعالى مستحق له فهذان شيئان الأول أن نعلم علم اليقين أن كل ما وصف الله به نفسه فهو صفة كمال الثاني أن نعلم أن كل صفة كمال فالله تعالى مستحق لها فهو أهل لها كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام ( أهل اثناء والمجد ) وسيأتي إن شاء الله في الفوائد ما يستدل به على الرد على الذين ينكرون صفات الله بحجة أنها تستلزم النقص وهو التشبيه وقوله ((وله المثل الأعلى )) في السماوات والأرض كيف معنى المثل الأعلى في السماوات والأرض نعم يعني عند أهل السماوات من الملائكة وعند أهل الأرض فكل الفطر السليمة فإنها تعترف بأن المثل الأعلى والصفة العليا لله وحده وأما قول المؤلف وهي أنه لا إله إلا الله فهذا فرد من أفراد المثل الأعلى ليس هو المثل الأعلى كله فإن لا إله إلا الله تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالإلوهية وهذا من المثل الأعلى لكن المثل الأعلى أعم من ذلك فله مثلا القدرة الكاملة والعلم الكامل والحياة الكاملة والسمع الكامل والبصر الكامل والحكمة البالغة وهكذا فهي أعم من تفرده بالإلوهية وهو العزيز في ملكه الحكيم في خلقه تفسيره هذا فيه قصور العزيز يعني ذو العزة وهي الغلبة والقهر والقدر فله عزة قهر والقدر سبحانه وتعالى والقهر فالعزة إذن ثلاثة معاني عزة القهر بمعنى أنه القاهر لكل شيء فلا يغلبه أحد قال الله تعالى (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون )) الثاني عزة القدر ايش معنى عزة القدر ؟ المعنى أنه سبحانه لا نظير له ولا شبه له لكمال قدره سبحانه وتعالى وعظمته ومنه قوله هذا الشيء عزيز أي نادر الوجود لا نظير له القسم الثالث من العزة المعنى الثالث من العزة عزة الامتناع بمعنى أنه يمتنع عليه النقص لكمال قوته ومنه قولهم هذه الأرض عزاز يعني شداد قوية ما يمكن ينفذ إليها شيء والأرض الرخوة بالعكس كل شيء يؤثر فيها حتى الرجل إذا مشى عليها يؤثر ولا لا ؟ بخلاف الأرض الصلبة التي تسمى العزاز فصارت الآن عزة القدر وعزة القهر والثالث عزة الامتناع قوله تعالى (( وما ذلك على الله بعزيز )) من أي المعاني ؟ الامتناع بعزيز أي بممتنع فهو من عزة الامتناع وأما قوله (( الحكيم )) فإن المؤلف يقول الحكيم في صنعه وفي خلقه وأحيانا يقول في صنعه ومعناهما واحد لكن هذا قاصر أيضا لأن الحكيم مشتق من الحكم والحكمة فعلى قولنا أنه مشتق من الحكم يكون حكيم بمعنى حاكم مثل رحيم بمعنى راحم وعلى قوله أنه من الحكمة يكون حكيم بمعنى متقن فهو من أحكم يحكم نعم طيب فعيل بمعنى مفعل هل تأتي في اللغة العربية الجواب نعم ومنه قوله تعالى عذاب أليم بمعنى مؤلم ومنه قول الشاعر " أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحاب البطون " أمن ريحانة الداعي السميع أي المسمع لأن الداعي يسمع غيره وليس هو نفسه سميعا طيب إذن نقول حكيم إذا كان من الحكمة فهو من أحكم بمعنى أتقن خذ بالك من تفسيره نقول حكيم نقول مأخوذة من الحكم والحكمة فعلى أنه مأخوذ من الحكم يكون بمعنى حاكم مثل رحيم بمعنى راحم سميع بمعنى سامع طيب إذا قلنا إن من الحكمة فهي من أحكم فهي حكيم بمعنى محكم أي اسم فاعل من الرباعي طيب الحكم ينقسم حكم الله عز وجل إلى قسمين كوني وشرعي فالكوني نافذ في جميع الخلق شاءوا أم أبوا والشرعي نافذ فيمن ؟ فيمن أطاع الله عز وجل أما من لم يطعه فإنه لا ينفذ حكمه طيب هل هناك أمثلة من القرآن تدل على هذا التقسيم أن الحكم كوني وشرعي ؟ نقول نعم موجود قال أحد إخوة يوسف (( فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين )) المراد بالحكم هنا الحكم الكوني القدري يعني أو يقدر الله ذلك أما الحكم الشرعي فإن الله لما ذكر ما يجب في النساء المهاجرات في سورة الممتحنة ايش قال ؟ قال (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم )) المراد بالحكم هنا الشرعي لأن ما ذكر من الأمور كله أمور شرعية طيب ما تقولون في قول الله تعالى (( وله الحكم وإليه ترجعون )) ؟ شامل وكذلك قوله تعالى (( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )) الظاهر أنه شامل وإن كان في الشرع في هذه الآية أظهر لأن الله قال (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )) طيب إذن الحكيم من الحكم ينقسم إلى قسمين هما حكم شرعي وحكم كوني الحكم الكوني هو قضائه وقدره وكل أحد خاضع له الحكم الشرعي ما حكم به شرعا ويخضع له كل أحد ؟ لا لا يخضع له كل أحد أما إذا قلنا الحكمة بمعنى أحكم فإن الحكمة يقولون أنها تنقسم إلى قسمين حكمة غائية وحكمة صورية يعني صورة الشيء كذا وكذا فكون الشيء على صورة معينة نجد أن جميع ما خلق الله في صفاته كله على صفة موافقة للحكمة نعم تدبر المخلوقات تجد أن المخلوقات في ذواتها وحركاتها وهيئاتها وصفاتها كلها موافقة للحكمة الحكمة الغائية هي الغايات المحمودة في أفعاله وأحكامه الشرعية كل ما خلق الله عز وجل فإنه لغاية محمودة ليس عبثا ولا سدى (( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق)) (( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )) حتى ما يقدره الله من الأمور المؤلمة فإنها حكمة فهزيمة المؤمنين يوم أحد حكمة ولا لا ؟ نعم حكمة لا شك نعم (( وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا )) وقال (( وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين )) فإذن كل أفعاله سبحانه وتعالى حكمة ولها غاية محمودة كذلك أيضا أحكامه الشرعية مثل أحكامه الكونية هي على وضعها على صفة معنية موافقة للحكمة ثم غاياتها الحميدة التي بها صلاح القلوب والبلاد والعباد أيضا حكمة فصار يا إخواننا الحكمة نوعان حكمة في الشيء على صفة معنية وحكمة في غايته الحميدة ثم أن هذه الحكمة تكون في الشرع وتكون في القدر في الكون إننا إذا علمنا ذلك أن الله تعالى حكيم فإننا نطمئن غاية الاطمئنان إلى ما قضاه وقدره ولما شرعه وحكم به نطمئن وأنه موافق للحكمة وحينئذ لا يمكن أن نورد ولا أن يرد على .
اضيفت في - 2007-08-13