الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون >>
لقوله (( بما كسبت أيدي الناس )) ويدل لهذا أيضا قوله تعالى (( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون )) ومن فوائد الآية الكريمة إثبات العلل والأسباب وأن أفعال الله عز وجل معللة لا بد لها من علة من أين تؤخذ ؟ من قوله (( بما كسبت )) ولا شك أن أفعال الله تعالى وأحكامه معللة لأن من أسمائه الحكيم ومن فوائد الآية الكريمة أن الناس لا يعاقبون إلا بأكسابهم لقوله (( بما كسبت أيدي الناس )) فيتفرع على ذلك أن من أراد أن ترفع عنه العقوبة فليتب إلى الله لأن التوبة من أسباب رفع العقوبة وجلب المتوبة ولهذا قال هود لقومه (( ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين )) وقال نوح لقومه (( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا )) ومن فوائد الآية الكريمة أن الجزاء من جنس العمل وبقدر العمل لقوله ليذيقهم بعض الذي عملوا ومن فوائد الآية الكريمة بيان سعة رحمة الله وأن رحمته سبقت غضبه لقوله (( بعض الذي عمله )) ولو أن الغضب كان بقدر الرحمة لكان الله يذيقنا كل الذي عملنا ولو كان غالبا للرحمة لكان يذيقنا أكثر مما عملنا ولا لا فالأمور ثلاثة الآن إذاقة البعض أو المثل أو الأكثر المثل أو الأكثر ممتنع وإنما يذيق الله تعالى البعض لأنه سبب في الحديث الصحيح أن الله تعالى كتب كتابا عنده فوق العرش ( إن رحمتي سبقت غضبي ) ولولا هذا لكان الله تعالى يؤاخذ الناس بما عملوا ومن فوائد الآية الكريمة أن العقوبات قد تكون سببا في الرجوع إلى الله من أين ؟ (( لعلهم يرجعون )) كما أنها قد تكون بالعكس قد تكون سببا في الازدياد من العتو والنفور والعياذ بالله يدل على ذلك وقوله تعالى (( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين)) والجمع بين هذه الآية والذي نحن بقصده أن يقال إن العقوبات على سبيل العموم مفيدة لكن على سبيل الخصوص قد لا تفيد لأن الله قال (( ومن الناس من يعبد الله )) من الناس نعم على أن قوله (( فإن أصابته فتنة )) يحتمل أن يكون المراد بها فتنة في الدين بحيث ما يكون عنده مقاومة فيقع حبالها والعياذ بالله لكنه أظهر أنها عامة (( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ))
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين >>
ثم قال تعالى (( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين )) في هذه الآية الكريمة الأمر بالاعتبار بما جرى للسابقين قل سيروا في الأرض وفي من فوائد الآية أنه ينبغي للإنسان أنه ينبغي للإنسان أن يقرأ كتب التاريخ الماضية للاعتبار ولكن كما نعلم جميعا كتب التاريخ بعضها مزيف ليس على حقيقته فمصدر التاريخ في الأمم السابقة ما أخبر الله به ورسوله قال الله تعالى في سورة إبراهيم (( ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله .... )) فنفى أن يكون لأحد علم بهم إلا الله إذن من أين نأخذ أخبارهم ؟ ما دام لا يعلمهم إلا الله نأخذها من الله إما من الكتاب أو من السنة ومن فوائد الآية الكريمة أن أسباب هلاك الأمم السابقين كان إشراك أكثرهم لقوله (( كان أكثرهم مشركين )) ومنها أن العقوبة إذا حلت قد تصيب الصالح وغيره لأنه قال كان أكثرهم يعني والبعض لم يشرك ومن ذلك قوله تعالى (( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة واعلموا أن الله شديد العقاب )) وقد ينجي الله المؤمنين كما أنجى الله الرسل ومن معهم أنجاهم
الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون >>
(( فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون )) في هذا وجوب الاتجاه إلى الدين فأقم وجهك للدين ويلزم من وجوب الاتجاه إليه وجوب الإعراض عما سواه لأن الوجهة واحدة إما إلى هنا وإما إلى هنا فإذا لزم أن تتجه إلى الدين لزم أن تنحرف عن غيره ومن فوائد الآية تحريم الحكم بغير ما أنزل الله لأنه مخالف للاتجاه إلى الدين القيم والحكم بغير ما أنزل الله منه ما يكون كفرا ومنه ما يكون فسقا ومنه ما يكو ظلما كما ذكر الله تعلى في سورة المائدة (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) وفي الآية الثانية (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )) وفي الآية الثالثة (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )) وهذه الأوصاف تتنزل على حال الحاكم فقد يكون كافرا أو ظالما أو فاسقا ومن فوائد الآية الكريمة أن هذا الدين قيم ايش معنى قيم ؟ معتدل لا اعوجاج فيه لا في جانب العبادة ولا في جانب المعاملة ومن فوائدها أنك إذا ظننت أن في الدين ما يخالف الاستقامة فاعلم أنك قاصر إما في علمك وإما في فهمك وجه ذلك أن الله وصف هذا الدين بأنه قيم كل شيء تستعرضه في دين الله فيبدوا لك أنه ليس على الاستقامة فاعلم أنك مصيب مخطئ لقصور علمك أو لقصور فهمك والإنسان يؤتى من هاتين الناحيتين إما لقصور علم ما عنده علم وإما لقصور فهمه عنده علم ولكن ما يفهم ومن فوائد الآية الكريمة أنه ينبغي لمن أمر بشيء أن يذكر ما يغري به ويرغب فيه من أين يؤخذا؟ الطالب :.... الشيخ :لا نعم هذا صحيح ولكن قبل ذلك لقوله (( القيم )) فالإنسان إذا عرف أنه قيم لا شك أنه يتجه إليه فأنت إذا أردت أن تأمر بشيء فاذكر الأسباب التي توجب للناس الإقبال عليه بأوصافه المحبوبة وثمراته الحميدة نعم ومن فوائد الآية الكريمة الجمع بين الترغيب والترهيب طيب الترغيب القيم والترهيب (( من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله )) ومن فوائدها إثبات يوم القيامة وأنه آت لا محالة لا مرد له من الله ومن فوائدها أن يوم القيامة يوم عظيم من أين ؟ من تنكير يوم من قبل أن يأتي يوم والتنكير يفيد التعظيم نعم وقوله نعم ويدل لذلك لعظم هذا اليوم قوله تعالى (( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين )) ومن فوائد الآية الكريمة أن الحكم لله سبحانه وتعالى لقوله (( لا مرد له من الله )) فلا أحد يستطيع أن يمنع ما أراد الله ولا أن يجلب ما لم يرد الله أبدا اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ومن فوائد الآية الكريمة أن الناس يوم القيامة ينقسمون ويتفرقون لقوله (( يومئذ يصدعون ))
تتمة الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون >>
فيه في الآية الأولى أول ما أخذنا بما كسبت أيدي الناس فيها دليل على بطلان مذهب الجبرية كيف ؟ الجبرية يقولون أن الإنسان مجبر على عمله عرفتم ما يفعل باختياره ولا يضاف الفعل إليه إلا على سبيل المجاز فيقال صلى صام زكى مجازا لا حقيقة نعم الآية الكريمة ترد عليهم من وجهين الوجه الأول قوله (( بما كسبت أيدي الناس )) فأضاف الكسب إلى أيدي الناس الوجه الثاني أن الله تعالى عاقبهم على هذا الفعل ولو كانوا مجبرين عليه لكانت عقوبتهم ظلما لهم كيف يعاقبون على ما ليس في اختيارهم ؟ ففيها رد من وجهين وجه لفظي وهو إضافة الكسب إلى أيديهم وجه معنوي وهو أنه يلزم من عقوبتهم على ذلك لو كانوا مجبرين أن يكون الله تعالى ظالم لهم والله تعالى ليس بظلام للعبد وكذلك أيضا يؤخذ من قوله (( بعض الذي عملوا )) أضاف العمل إليهم نبدأ الدرس الجديد الآن
تفسيرقول الله تعالى : << من كفر فعليه كفره و من عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون >>
قال الله تعالى (( و من كفر فعليه كفره )) يقول المؤلف وذلك كفره وهو الناس هذا كالتفسير لقوله تعالى (( يصدعون )) لأن يصدعون يتفرقون بحسب أعمالهم فقوله من كفر هذه .... الإعراب من كفر من شرطية وفعل الشرط كفر وجوابه جملة فعليه جمله وقوله فعليه كفره جملة خبرية مكونة من مبتدأ وخبر المبتدأ قوله كفره والخبر قوله فعليه مقدم وفائدة التقديم الحصر (( ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون )) مثلها شرطية وجواب الشرط قوله (( فلأنفسهم يمهدون )) وقدم المعمول وهو لأنفسهم يمهدون للحصر وهي فائدة معنوية ولمراعاة الفواصل وهي فائدة لفظية لأنه لو قال يمهدون لأنفسهم استقام الكلام لكنه قدم لهاتين الفائدتين يقول الله عز وجل من كفر فعليه كفره نعم يعني أي إنسان يكفر فإن وبال كفره عليه لا يضر إلا نفسه ويكون على غيره ولا لا ؟ لا يكون على غيره إلا أن يكون ذلك الغير سببا فيه فإن كان سببا فيه صار عليه مثل وزره قال الله تعالى (( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون )) وقال تعالى (( ولا يحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم )) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) فإذا قيل هل هذا يناقض الآية (( من كفر فعليه كفره ))؟ الجواب لا يناقضها لأنه إذا كان هو السبب فإن ذلك من عمله لكن صورة المسألة مختلفة أنه عمل غيره وعمل نفسه إنما حقيقة الأمر أن الدال على الكفر فاعل لما يؤجر عليه قال (( ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون )) يوطئون منازلهم في الجنة من عمل صالحا طيب الكفر في اللغة العربية الكفر هو الستر ومنه الكفرة الذي هو غلاف جذع النخل ويسمى باللغة العامية الكافور غلاف النخل هنا يستر النخل فالكفر في الأصل هو هذا والمراد به الخروج عن طاعة الله لأن الخارج عن طاعة الله قد ستر ما أنعم الله به عليه من العقل والعلم وما أشبه ذلك وقوله (( ومن عمل صالحا )) العمل الصالح قال أهل العلم هو ما جمع شرطين أساسيين أحدهما الإخلاص والثاني المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ايش ضد الإخلاص ؟ ضده الشرك والمتابعة ضده الابتداع نعم فمثلا إذا وجدنا رجلا يصلي الصلاة المعتادة ولكنه يرائي الناس بها فعمله ليس يصالح أيش الذي فقد منه ؟ الإخلاص وإذا وجدنا رجلا قد أحدث نوعا من العبادات لم يرد به الشرع ولكنه مخلص يريد بذلك وجه الله وتجده خاشعا يبكي ويتأثر بهذه العبادة لكنها على غير شريعة الله فهذا عبادته باطلة لفقد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ما إذا أخرج العبادات المشروعة عما شرعت عليه هي عبادة مشروعة في الأصل لكن أخرجها عما كانت عليه فإنه لا يقبل عمله كما لو صلى الصلاة بعد خروج وقتها متعمدا بدون عذر فهذا يقبل منه ؟ لماذا ؟ لأنه ما فيه متابعة وهو مخلص لكنه غير متابع وكذلك لو صلى صلاة بغير طمأنينة لو صلى صلاة ما يطمئن فيها إذا قال سمع الله لمن حمد على طول سجد إذا قام من السجود على طول سجد فصلاته باطلة لا تقبل لو صلى إلى يوم الدين ما قبل الله منه لماذا ؟ لعدم المتابعة ولهذا لما صلى رجل صلاة لا يطمئن فيها قال له النبي صلى الله عليه وسلم (( ارجع فصلي فإنك لم تصلي )) فنفى عنه الفعل لانتفاء صحته هو صلى الآن ولكن ما هي صلاة . الطالب :.... الشيخ : أي نعم ولو سألته لما صليت يقول ما صليت إلا لله لكنه خالف أمر الله الإخلاص في القلب لأنه ما كان يصلي على شان الناس نقول صلى ولا ما صلى ، صلى لله لكنه خالف أمر الله . الطالب :هل يلزم أن يفقه ما يقول المصلي ؟ الشيخ :لا ماهو بلازم ليس بلازم ولكن أفضل أن يفقه ما يقول إذا كان قلبه خشعا حاضرا في القلب فهو أفضل الطالب : خاشع القلب الأن يخشع لأشياء خارج الصلاة .... الشيخ :ويش لون يعني الطالب :مثلا هو ايصلي يفكر في أشياء الشيخ :لا ، لا أمور داخل الصلاة فليستحضر ما يقول في صلاته وما يقرأ في صلاته ما مثلا يروح يتذكر جلسة إن كان خاشعا فيها فيما سبق ما يصلح إلا إذا مرت به إذا مرت به مع قراءته نعم يقول (( ومن عمل صالحا )) إذن العمل الصالح ما هو ؟ هو الذي جمع بين شرطين الإخلاص لله سبحانه وتعالى والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم (( فلأنفسهم يمهدون )) المهد والتمهيد بمعنى التوطئة ومنها قولهم هذا طريق ممهد أي موطئ محتم لأجل أن تطأه الأقدام فمعنى يمهدون أي يحطمون الشيء حتى يكون موطئا لهم وذلك لأن الذين يعملون صالحا يتوصلون بعملهم الصالح إلى دخول الجنة فيسهل لهم الطريق الذي يوصلهم إليه وقوله (( فلأنفسهم يمهدون )) تقديم المعمول يفيد الحصر فإذا قال قائل هل هذا ينافي ما ثبت به الحديث بأن ( من سن سنة حسنة في الإسلام فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) نقول لا لا ينافيه لأن الذين يعملون حسنة يسنون الحسنات عملوا ولا لا ؟ عملوا فتبعوا على ذلك فالأجر الذي حصل لهم من أجل إتباع غيرهم لهم هو في الحقيقة من فعلهم
تفسيرقول الله تعالى : << ليجزي الذين ءامنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين >>
قال الله تعالى (( ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله )) قال متعلق بيصدعون دائما نشوف أن العلماء إذا جاء ظرف أو جار ومجرور يقولون متعلق بكذا متعلق ايش معنى متعلق ؟ يعني هذا هو الذي عمل فيه لأن الجار والمجرور والظرف في منزلة المفعول به والمفعول به لا بد له من عامل يعمل به فإذا قال متعلق بكذا يعني أن هذا هو الذي عمله ولا بد لكل جار أو ظرف لا بد له من متعلق لا بد للجار من التعلق بفعل أو معناه نحو .... فإذا معنى قوله متعلق بيصدعون أن العامل في كلمة ليجزي قوله يصدعون وهذا رأي المؤلف نعم ويحتمل أن يكون متعلق بقوله (( من قبل أن يأتي يعني يأتي يوم لا مرد له من الله ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) لأن التصدع في الحقيقة هو نفس الجزم فكيف يكون الشيء علة لنفسه هذا ما يضعف كلام المؤلف لكن إذا قيل يأتي هذا اليوم لأجل مجازئته صار المعنى مستقيما واضحا فإذا قلنا أن هذه اللام ليجزي لأن اللام حرف جر إذا قلنا أنها متعلقة بيأتي فهى أوضح من قولنا متعلقة بيصدعون لأن نفس التصدع والتفريغ والإيمان هو نفس الجزاء وقال بعض العلماء بعض المعربين إنه خبر لمبتدأ محذوف وهو متعلق لمحذوف خبرا لمبتدأ محذوف والتقدير ذلك ليجزي والمشار إليه ما سبق وهذا أيضا وجيه جدا أن يجعل متعلقا بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف طيب قلنا إن اللام في ليجزي حرف جر والمعلوم أن حروف الجر لا تدخل إلى على الأسماء وقد تبين لكم بأن من علامات الاسم الجر يكون حاصلا عليه الأجرومية يقول الاسم يعرف بالخط والتنوين ودخول الألف واللام وحروف الخفض فكيف صح أن نقول إن الألف واللام في قوله (( ليجزي )) حرف جر مع أنها داخلة على فعل نقول لأن هذا الفعل بمنزلة الاسم إذ أنه فعل مقدر فيه أن لأن التقدير لأن يجزي وأن مصدرية تحول الفعل إلى مصدر والمصدر اسم ولا ما غير اسم ؟ المصدر اسم فعليه يكون المعنى لجزائه لجزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى آخره عرفتم الآن فإذا دخلت اللام لام التعليل على الفعل فإنه يقدر بينها وبين فعل أن المصدرية لأن يجزي وقوله (( ليجزي الذين آمنوا )) الفاعل فاعل الجزاء هو الله سبحانه وتعالى وهو ضمير مستتر يعود عليه . الطالب :.... الشيخ : أي نعم على أن منصوب بأن مضمرة بعد اللام من واللام جار لما بعدها باعتبار الفعل سيكون مصدرا الطالب :لكن هى نفسها حرف جر الشيخ :ايه هي نفسها حرف جر وهي نفسها لام التعليل التي ينصب الفعل المضارع بأن بعدها على رأي البصريين . الطالب :.... لام التعليل. الشيخ : لا ،لا اللام هي واحدة ولام التعليل كما تدخل على الفعل تدخل على الأسماء فنقول جئت لإكرامك فهي لام التعليل وجئت لأكرمك هي لام التعليل وقوله (( ليجزي الذين آمنوا )) الجزاء بمعنى المكافأة يعن ليكافئهم (( ليجزي الذين آمنوا وعلموا الصالحات من فضله )) يثيبهم هذا تفسير للجزاء بمعنى الإثابة والثواب هو المكافأة وسمي ثوابا لأنه من ثاب يثوب إذا رجع لأنه يرجع إلى الإنسان جزاء علمه وقوله (( ليجزي الذين آمنوا وعلموا الصالحات )) انتبهوا لهذين الشرطين إيمان وعمل صالح فالإيمان وحده ما يكفي والعمل الصالح وحده لا يكفي هذا إذا قرن الإيمان بالعمل أما إذا قيل عمل صالح يكفي أو إيمان يكفي به العمل فالإيمان يكون بالقلب فمن لا إيمان في قلبه لو عمل من الصالحات ما عمل لم ينفعه المنافق يذكر الله ويصلي وينفق ولا لا ؟ وربما يخرج في الجهاد ينفعه عمله ؟ لماذا ؟ لأنه لا إيمان في قلبه طيب الإنسان اللي عنده إيمان بالله سبحانه وتعالى لكنه لم يعمل عملا صالحا ما عمل عملا صالحا ممكن ايش ؟ ممكن ايش ممكن يجزى إلا في واحدة فقط وهي الصلاة فإنه إذا لم يعملها لا ينفعه إيمان نعم لأنه قد دلت الأدلة على أن هذا العمل وإن كان عملا بدنيا ولكنه يكفر الإنسان بتركه كفرا مخرجا عن الملة أما غير الصلاة من الأعمال فقد قال عبد الله بن شفيق " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من العمل تركه كفر إلا الصلاة " يعني لو لم يزكي فإنه لا يخرج من الإيمان لو لم يصم فإنه لا يخرج من الإيمان نعم لو لم يحج فإنه لا يخرج من الإيمان هذا هو الصحيح وعن الإمام أحمد رواية أن جميع أركان الإسلام إذا تركها الإنسان متهاونا فهو كافر فإذا لم يزكي فهو كافر إذا لم يصم فهو كافر إذا لم يحج فهو كافر يقول لأن الركن عليه الاعتماد ركن الشيء عليه اعتماد الشيء فإذا لم يوجد الركن ما قام الشيء عرفتم وهذا لا شك أنه له وجها لكن الأدلة تمنع من القول بهذا فإن حديث أبي هريرة في الصحيح فيمن لا يؤدي زكاته ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عقوبته ثم قال ( ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) فقوله يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار يدل على أنه لا يكفر بمنع الزكاة ايش وجهه ؟ لأنه لو كفر بذلك ما صار له سبيل إلى الجنة واضح فإذا لم يكفر بترك الزكاة فما دونها من باب أولى ولا شك أن أركان الإسلام التي دون الزكاة أنها دونها فالصيام دون الزكاة والحج دون الزكاة فإن قال قائل ما تقولون في قوله تعالى (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) فإن ظاهره من كفر فلم يحج فإن الله غني عن العالمين ؟ فالجواب أن يقال المراد بالكفر هنا سوى الكفر الأكبر يعني كفر دون كفر ولهذا ما قال ومن لم يحج فهو الكافر أو وترك الحج هو الكفر كما قال في الصلاة وكفر فعل والفعل يدل على الإطلاق ولا يدل على العموم وهذا الجواب عن هذه الآية والذين قالوا إنه يكفر بترك الحج احتجوا بهذه الآية . الطالب : يقول علي بن أبي طالب " من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا " الشيخ : هذا عمر بن الخطاب وهذا يقال من باب التهديد أو أن هذا رأي له وهذا أيضا إن صح الحديث لأن في الحديث مقالا لكن إن صح فهو يحمل على أن المراد أن هذا من باب التحذير أو أنه رأي له كما رأه غيره هذا .
الطالب :يا شيخ قوله ( من مات ولم يغزوا ولم يحدث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية ). الشيخ :الذي أفهم من الحديث مات على شعبة من النفاق مات ميتة جاهلية ما يمنع الإنسان مات ميتة جاهلية لأنه فعل فعلا من أفعال الجاهلية حيث لم يقم بواجب الجهاد
ما معنى قول عيس عليه السلام " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفرلهم فإنك أنت العزيز الحكيم "؟
الطالب :طيب يا شيخ عيسى عليه السلام يقول يوم القيامة ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي بعدين قال في آخره (( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )) يعني كأنه يرد الغفران عيسى علي الصلاة والسلام أنه شيئين ذكر العذاب والغفران مثل الحديث الذي ذكرتم يعني الشيخ :ويش وجه الإشكال ؟ الطالب:الإشكال إما يرى سبيله إلى النار أو الجنة ؟ الشيخ :لا ما هذا هو بهذا الخبر لكن الخبر غير ما تقول لأنه يقول (( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم )) ثم بين فقال (( إن تعذبهم فإنهم عبادك )) وقد استحقوا ذلك (( وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )) الطالب :وكيف مشركون يعني الشيخ :يعني إن تغفر لهم لأني ما أعلم هل هم أشركوا أو فعلوا ذنوبا أخرى يستحقون بها المغفرة الطالب :أنهم كلهم مشركون .... (( أأنت قلت للناس)) للناس عموم (( اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ))(( ما قلت لهم إلا ما أمرتني به )) هذا الأمر (( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ))(( إن تعذبهم فإنهم عبادك )) هؤلاء الناس الذين هم عبادك يعبدوني وأمي يتخذوني وأمي إلهين من دون الله بعدين إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم
تفسير قول الله تعالى : << و من ءاياته أن يرسل الرياح مبشرات و ليذيقكم من رحمته و لتجري الفلك بأمره و لتبتغوا من فضله و لعلكم تشكرون >>
الشيخ : ومن آياته تعالى من للتبعيض وآياته مجرور بمن وأن يرسل الرياح هذه فعل مؤول بالمصدر وهو المبتدأ أي من آياته إرسال الرياح مبشرات حال من الرياح يقول الله عز وجل في هذه الآية(( من آياته )) أي بعض آياته يعني من هنا للتبعيض وذلك لأن آيات الله عز وجل لا يمكن إحصائها ولا حصرها ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد كل شيء لو أراد الإنسان أن يحصي آيات الله عز وجل التي في جسمه هو فقط ما استطاع إلى ذلك سبيلا فكيف بآيات الله سبحانه وتعالى التي ملأت الكون ولهذا تأتي من الدالة على التبعيض وقوله (( آياته )) أي علاماته واعلم أن كل آية فإنها تدل على العلم وتدل على القدرة وتدل على الحكمة هذا لا بد منه لا بد من ذلك في كل آية أنها تكون آية علامة على هذه الأمور الثلاثة العلم والقدرة والحكمة ثم تختص بعض الآيات بما تختص به أن تكون مثلا بعدها رحمة أو بعدها شيء يدل على السلطان والعظمة المهم أن لكل آية شيء خاص وشيء عام فالشيء العام هو هذه الثلاثة العلم والقدرة والحكمة أن يرسل الرياح مبشرات يضاف إلى هذه الثلاث الرحمة لأن هذه الرياح تبشر بالمطر وقوله (( أن يرسل الرياح )) والإرسال بمعنى الإطلاق ومنه قول الشاعر فأرسلها العراك يعني أطلقها ومنه قول القرويين دين مرسل يعني مطلق ليس به رهن يرسل الرياح أي يطلقها سبحانه وتعالى والرياح جمع ريح وهي الأهوية واعلم أن الريح تذكر مفردة وتذكر مجموعة فإذا ذكرت مجموعة فإنا تكون غالبا للرحمة وإذا ذكرت مفردة فإنها تكون غالبا للعقاب أهلكوا بريح صرر عاتية (( إذا أرسلنا عليهم الريح العقيم ))(( ريح فيها عذاب أليم )) وما أشبه ذلك ولكنها أعني الريح قد تفرد وتكون في مقام النعمة لاسيما إذا وصفت بما يدل على ذلك كما في قوله تعالى (( وجرين بهم بريح طيبة )) هنا الريح عقوبة ولا نعمة ؟ نعمة وإنما كانت نعمة لأنها وصفت طيبة وأيضا بالنسبة للسفن هل الأولى اختلاف الرياح أو اتحاد الرياح أو اتحاد الريح ؟ اتحادها لأنها إذا اختلف سير السفينة فيما سبق لما كانت السفن سفن شراعية هنا الرياح في مقام النعمة ولهذا كمل جمعت الرياح مبشرات حال من الرياح أى تبشر بالخير ولهذا بعض الرياح إذا هبت استبشر الناس لأن الله سبحانه وتعالى أجرى العادة أن هذه الريح المعينة يتكون منها السحاب ثم المطر وأحيانا يستبشرون بالريح إذا رأوها تجمع السحاب تجمعه وتكففه استبشروا بها وقوله (( مبشرات )) البشارة هي الإخبار بما يسر غالبا وسميت بشارة لأنها تؤثر على البشرة فالإنسان إذا استبشر ينير وجهه ويسفر وتجد عليه علامة البشرى وقد تطلق البشارة بما يسوء كقوله تعالى (( فبشرهم بعذاب أليم )) مبشرات قال بمعنى لتبشركم بالمطر المؤلف رحمه الله فسر اسم الفاعل بالفعل المعلل وقال بمعنى لتبشركم لأجل أن يسهل العطف في قوله (( وليذيقكم )) من رحمته لأن مبشرات وليذيقكم يجد الإنسان بينهما فجوة هذه الفجوة أراد المؤلف أن يقربها بقوله بمعنى ليبشركم بها ولكن الصحيح عندي أن مبشرات على حالها تعتبر اسما ولكننا نقدر فعلا يناسب ما بعده لأجل أن يصح عطف الفعل عليه والذي أرى أن يقدر لتستبشروا بها مبشرات لتستبشروا بها وليذيقكم من رحمته أو نجعل لتبشركم كما قال المؤلف ما نجعلها بمعنى مبشرات بل نجعلها فعلا مستقلا قدرناه ليصح العطف في قوله (( وليذيقكم من رحمته )) وقوله (( وليذيقكم )) بها من رحمته المطر والخصب تقدم لنا أن الله تعالى يعبر عن الإصابة بالإذاقة لأنها أعلى أنواع الإصابة وأبلغها وليذيقكم بها من رحمته يقول المطر والخصب ففسر الرحمة بأثرها وعلى هذا فتكون الرحمة في هذه الآية مخلوقة ولا صفة من صفات الله ؟ تكون مخلوقة وهذا الذي فسرها به محتمل لأن الله تعالى قد يطلق الرحمة على الشيء المخلوق الذي يكون من آثار رحمته كما ثبت في الحديث الصحيح أن الله قال للجنة ( أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ) ومن المعلوم أنه سبحانه وتعالى لم يرد أنها رحمته التي هي صفته لأن الجنة مخلوق بائن ولكن أراد أنها من أثر رحمته أو مقتضى رحمته فهنا يصح أن نقول وليذيقكم من رحمته أي من هذا المطر والخصب نعم ويكون الرحمة هنا مخلوقة من المخلوقات ويحتمل أن تكون الرحمة.