التعليق على اقتضاء الصراط المستقيم-03b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.42 ميغابايت )
التنزيل ( 1296 )
الإستماع ( 119 )


1 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقال : أين هذا السائل؟ وكأنه حمده ، فقال : "إنه لا يأتي الخير بالشر " وفي رواية : فقال : " أين السائل آنفا؟ أو خير هو؟ - ثلاثا - إن الخير لا يأتي إلا بالخير وإن مما ينبت الربيع : ما يقتل حبطا، أو يلم إلا آكلة الخضر فإنها أكلت حتى إذا امتدت خاصرتها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ، ثم رتعت وإن هذا المال خضر حلو، ونعم صاحب المسلم هو، لمن أعطى منه المسكين واليتيم، وابن السبيل - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وإنه من يأخذه بغير حقه كالذي يأكل ولا يشبع ، ويكون عليه شاهدا يوم القيامة ". أستمع حفظ

2 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله سبحانه مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة النساء ، معللا بأن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء . وهذا نظير ما سنذكره من حديث معاوية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنما هلك بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم " - يعني وصل الشعر - . وكثير من مشابهات أهل الكتاب في أعيادهم، وغيرها، إنما يدعو إليها النساء. " أستمع حفظ

3 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما الخوض كالذي خاضوا، فروينا من حديث الثوري عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتى إذا كان منهم من أتى أمه علانية كان في أمتي من يصنع ذلك ، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة " قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه اليوم وأصحابي " رواه أبو عيسى الترمذي وقال: " هذا حديث غريب مفسر، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وهذا الافتراق مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة ، وسعد ومعاوية ، وعمرو بن عوف ، وغيرهم ، وإنما ذكرت حديث ابن عمرو ؛ لما فيه من ذكر المشابهة . فعن محمد بن عمرو عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، أو اثنتين وسبعين فرقة ، والنصارى مثل ذلك ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " . رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي وقال: " هذا حديث حسن صحيح "." أستمع حفظ

4 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وعن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة " . وقال: " إنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه ، فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله ، والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به محمد لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به ". هذا حديث محفوظ من حديث صفوان بن عمرو عن الأزهر بن عبد الله الحرازي عن أبي عامر عبد الله بن لحي عن معاوية . رواه عنه غير واحد، منهم: أبو اليمان وبقية وأبو المغيرة. رواه أحمد وأبو داود في سننه . وقد روى ابن ماجه هذا المعنى من حديث صفوان بن عمرو عن راشد بن سعد عن عوف بن مالك الأشجعي ويروى من وجوه أخرى ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بافتراق أمته على ثلاث وسبعين فرقة ، واثنتان وسبعون ؛ لا ريب أنهم الذين خاضوا كخوض الذين من قبلهم . ثم هذا الاختلاف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم إما في الدين فقط ، وإما في الدين والدنيا ثم قد يؤول إلى الدماء وقد يكون الاختلاف في الدنيا فقط. وهذا الاختلاف الذي دلت عليه هذه الأحاديث ، هو مما نهي عنه في قوله سبحانه : { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا } . وقوله : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيءٍ }، وقوله : { وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل } وهو موافق لما رواه مسلم في صحيحه، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه " أنه أقبل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم انصرف إلينا فقال : " سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة : سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألت ربي أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها " أستمع حفظ

5 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وروى أيضا في صحيحه عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي : أن لا يهلكها بسنة بعامة ، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال : يا محمد إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، فيستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها - أو قال : من بين أقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ، ويسبي بعضهم بعضا " . ورواه البرقاني في صحيحه وزاد : " وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين ، وحتى يعبد فئام من أمتي الأوثان ، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ، ولا تزال ، طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى " وهذا المعنى محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ، يشير إلى أن التفرقة والاختلاف لا بد من وقوعهما في الأمة ، وكان يحذر أمته ؛ لينجو منه من شاء الله له السلامة " أستمع حفظ

6 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " كما روى النزال بن سبرة، عن عبد الله بن مسعود قال : " سمعت رجلا قرأ آية سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها ، فأخذت بيده ، فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فعرفت في وجهه الكراهية وقال : " كلاكما محسن ، ولا تختلفوا ؛ فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا " رواه مسلم . نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف الذي فيه جحد كل واحد من المختلفين ما مع الآخر من الحق ؛ لأن كلا القارئين كان محسنا فيما قرأه ، وعلل ذلك : بأن من كان قبلنا اختلفوا فهلكوا . ولهذا قال حذيفة لعثمان: " أدرك هذه الأمة ، لا تختلف في الكتاب كما اختلف فيه الأمم قبلهم " لما رأى أهل الشام والعراق يختلفون في حروف القرآن، الاختلاف الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم . فأفاد ذلك بشيئين : أحدهما : تحريم الاختلاف في مثل هذا . والثاني: الاعتبار بمن كان قبلنا، والحذر من مشابهتهم. واعلم أن أكثر الاختلاف بين الأمة الذي يورث الأهواء تجده من هذا الضرب ، وهو أن يكون كل واحد من المختلفين مصيبا فيما يثبته أو في بعضه مخطئا في نفي ما عليه الآخر ، كما أن القارئين كل منهما كان مصيبا في القراءة بالحرف الذي علمه ، مخطئا في نفي حرف غيره ؛ فإن أكثر الجهل إنما يقع في النفي الذي هو الجحود والتكذيب ، لا في الإثبات ، لأن إحاطة الإنسان بما يثبته أيسر من إحاطته بما ينفيه" أستمع حفظ

11 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ولهذا نهيت هذه الأمة أن تضرب آيات الله بعضها ببعض ؛ لأن مضمون الضرب : الإيمان بإحدى الآيتين والكفر بالأخرى - إذا اعتقد أن بينهما تضادا - إذ الضدان لا يجتمعان . ومثل ذلك : ما رواه مسلم - أيضا - عن عبد الله بن رباح الأنصاري أن عبد الله بن عمرو قال : " هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال : " إنما هلك من كان قبلكم من الأمم باختلافهم في الكتاب ". فعلل غضبه صلى الله عليه وسلم بأن الاختلاف في الكتاب سبب هلاك من كان قبلنا ، وذلك يوجب مجانبة طريقهم في هذا عينا ، وفي غيره نوعا والاختلاف على ما ذكره الله في القرآن قسمان : أحدهما : يذم الطائفتين جميعا ، كما في قوله : { ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك } فجعل أهل الرحمة مستثنين من الاختلاف ، وكذلك قوله تعالى : { ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيدٍ } وكذلك قوله : { وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم } وقوله: { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات } وقوله : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيءٍ }. وكذلك وصف اختلاف النصارى بقوله : { فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون } ووصف اختلاف اليهود بقوله : { وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله } وقال : { فتقطعوا أمرهم بينهم زبرًا كل حزبٍ بما لديهم فرحون }. وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما وصف أن الأمة تفترق على ثلاث وسبعين فرقة ؛ قال : " كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة "، وفي الرواية الأخرى : " من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ". فبين : أن عامة المختلفين هالكون من الجانبين ، إلا فرقة واحدة ، وهم أهل السنة والجماعة . وهذا الاختلاف المذموم من الطرفين يكون سببه تارة : فساد النية ؛ لما في النفوس من البغي والحسد وإرادة العلو في الأرض ، ونحو ذلك ، فيجب لذلك ذم قول غيرها ، أو فعله ، أو غلبته ليتميز عليه ، أو يحب قول من يوافقه في نسب أو مذهب أو بلد أو صداقة ، ونحو ذلك ، لما في قيام قوله من حصول الشرف والرئاسة ، وما أكثر هذا من بني آدم ، وهذا ظلم . ويكون سببه - تارة - جهل المختلفين بحقيقة الأمر الذي يتنازعان فيه ، أو الجهل بالدليل الذي يرشد به أحدهما الآخر ، أو جهل أحدهما بما مع الآخر من الحق : في الحكم ، أو في الدليل ، وإن كان عالما بما مع نفسه من الحق حكما ودليلا . والجهل والظلم : هما أصل كل شر ، كما قال سبحانه : { وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا }" أستمع حفظ

12 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " أما أنواعه: فهو في الأصل قسمان: اختلاف تنوع واختلاف تضاد. واختلاف التنوع على وجوه: منه ما يكون كل واحد من القولين أو الفعلين حقا مشروعا، كما في القراءات التي اختلف فيها الصحابة، حتى زجرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: " كلاكما محسن ". ومثله اختلاف الأنواع في صفة الأذان والإقامة والاستفتاح والتشهدات وصلاة الخوف وتكبيرات العيد وتكبيرات الجنازة، إلى غير ذلك مما قد شرع جميعه، وإن كان قد يقال إن بعض أنواعه أفضل. ثم نجد لكثير من الأمة في ذلك من الاختلاف ؛ ما أوجب اقتتال طوائف منهم على شفع الإقامة وإيثارها ، ونحو ذلك ، وهذا عين المحرم ومن لم يبلغ هذا المبلغ ؛ فتجد كثيرا منهم في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع والإعراض عن الآخر أو النهي عنه ، ما دخل به فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ." أستمع حفظ