التعليق على اقتضاء الصراط المستقيم-07a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.47 ميغابايت )
التنزيل ( 1125 )
الإستماع ( 114 )


5 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فإذا كانت الشريعة قد جاءت بالنهي عن مشاركة الكفار في المكان الذي حل بهم فيه العذاب، فكيف بمشاركتهم في الأعمال التي يعملونها. فإنه إذا قيل : هذا العمل الذي يعملونه لو تجرد عن مشابهتهم لم يكن محرما ونحن لا نقصد التشبه بهم فيه ، فنفس الدخول إلى المكان ليس بمعصية لو تجرد عن كونه أثرهم ونحن لا نقصد التشبه بهم، بل المشاركة في العمل أقرب إلى اقتضاء العذاب من الدخول إلى الديار فإن جميع ما يعملونه مما ليس من أعمال المسلمين السابقين ، إما كفر ، وإما معصية ، وإما شعار كفر ، أو معصية وإما مظنة للكفر والمعصية ، وإما أن يخاف أن يجر إلى معصية وما أحسب أحدا ينازع في جميع هذا ولئن نازع فيه فلا يمكنه أن ينازع في أن المخالفة فيه أقرب إلى المخالفة في الكفر والمعصية وأن حصول هذه المصلحة في الأعمال أقرب من حصولها في المكان . ألا ترى أن متابعة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في أعمالهم أنفع وأولى من متابعتهم في مساكنهم ورؤية آثارهم ". أستمع حفظ

6 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأيضا مما هو صريح في الدلالة ما روى أبو داود في سننه حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو النضر يعني هاشم بن القاسم حدثنا عبد الرحمن بن ثابت حدثنا حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " وهذا إسناد جيد، فإن ابن أبي شيبة وأبا النضر وحسان بن عطية ثقات مشاهير أجلاء من رجال الصحيحين وهم أجل من أن يحتاجوا إلى أن يقال : هم من رجال الصحيحين . وأما عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فقال يحيى بن معين وأبو زرعة وأحمد بن عبد الله: ليس به بأس . وقال عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم : هو ثقة وقال أبو حاتم: هو مستقيم الحديث . وأما أبو منيب الجرشي فقال : فيه أحمد بن عبد الله العجلي هو ثقة وما علمت أحدا ذكره بسوء وقد سمع منه حسان بن عطية وقد احتج الإمام أحمد وغيره بهذا الحديث وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله : { ومن يتولهم منكم فإنه منهم } وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال : من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة. فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفرا ، أو معصية ، أو شعارا لها كان حكمه كذلك وبكل حال يقتضي تحريم التشبه بعلة كونه تشبها ، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير " أستمع حفظ

7 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضا ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ، ففي كون هذا تشبها نظر لكن قد ينهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه ، ولما فيه من المخالفة ، كما أمر بصبغ اللحى وإحفاء الشوارب ، مع أن قوله صلى الله عليه وسلم : " غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود " دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا، ولا فعل، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية . وقد روى في هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التشبه بالأعاجم وقال: " من تشبه بقوم فهو منهم " ذكره القاضي أبو يعلى. وبهذا احتج غير واحد من العلماء على كراهة أشياء من زي غير المسلمين قال محمد بن أبي حرب : سئل أحمد عن نعل سندي يخرج فيه . فكرهه للرجل والمرأة وقال : إن كان للكنيف والوضوء وأكره الصرار . وقال : هو من زي العجم ". أستمع حفظ

9 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد سئل سعيد بن عامر عنه فقال : سنة نبينا أحب إلينا من سنة باكهن وقال في رواية المروذي وقد سأله عن النعل السندي فقال : أما أنا فلا أستعملها ، ولكن إن كان للطين ، أو المخرج فأرجو، وأما من أراد الزينة فلا ورأى على باب المخرج نعلا سنديا فقال : يتشبه بأولاد الملوك . وقال حرب الكرماني: قلت لأحمد : فهذه النعال الغلاظ قال : هذه السندية قال : إذا كان للوضوء ، أو للكنيف ، أو لموضع ضرورة فلا بأس . وكأنه كره أن يمشي فيها في الأزقة قيل : فالنعل من الخشب؟ . قال : لا بأس بها أيضا إذا كان موضع ضرورة ." أستمع حفظ

11 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " قال حرب حدثنا أحمد بن نصر حدثنا حبان بن موسى ، قال : سئل ابن المبارك عن هذه النعال الكرمانية فلم تعجبه وقال: أما في هذه غنية عن تلك؟ وروى الخلال عن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال : سألت سعيد بن عامر عن لباس النعال السبتية فقال: زي نبينا أحب إلينا من زي باكهن ملك الهند، ولو كان في مسجد المدينة لأخرجوه من المدينة . سعيد بن عامر الضبعي إمام أهل البصرة علما ودينا، من شيوخ الإمام أحمد قال يحيى بن سعيد القطان وذكر عنده سعيد بن عامر فقال: هو شيخ المصر منذ أربعين سنة وقال أبو مسعود بن الفرات : ما رأيت بالبصرة مثل سعيد بن عامر وقال الميموني: رأيت أبا عبد الله عمامته تحت ذقنه، ويكره غير ذلك وقال : العرب عمائمها تحت أذقانها وقال أحمد في رواية الحسن بن محمد: يكره أن لا تكون العمامة تحت الحنك كراهية شديدة، وقال: إنما يتعمم بمثل ذلك اليهود والنصارى والمجوس. ولهذا أيضا كره أحمد لباس أشياء كانت شعار الظلمة في وقته من السواد ونحوه وكره هو وغيره تغميض العين في الصلاة وقال : هو من فعل اليهود. وقد روى أبو حفص العكبري بإسناده عن بلال بن أبي حدرد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تمعددوا ، واخشوشنوا ، وانتعلوا ، وامشوا حفاة " . وهذا مشهور محفوظ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب به إلى المسلمين ، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في كلام الخلفاء الراشدين ". أستمع حفظ

13 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقال الترمذي : حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى ؛ فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع ، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف " .قال : وروى ابن المبارك هذا الحديث عن ابن لهيعة ولم يرفعه وهذا وإن كان فيه ضعف فقد تقدم الحديث المرفوع من تشبه بقوم فهو منهم وهو محفوظ عن حذيفة بن اليمان أيضا من قوله، وحديث ابن لهيعة يصلح للاعتضاد كذا كان يقول أحمد وغيره ". الكلام على ابن لهيعة أستمع حفظ

14 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأيضا ما روى أبو داود حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي حدثنا محمد بن ربيعة حدثنا أبو الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن علي بن ركانة ، أو محمد بن علي بن ركانة عن أبيه أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم قال ركانة : وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس ". وهذا يقتضي أنه حسن عند أبي داود ورواه الترمذي أيضا عن قتيبة وقال : غريب وليس إسناده بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن، ولا ابن ركانة. وهذا القدر لا يمنع أن يعتضد بهذا الحديث ويستشهد به ، وهذا بين في أن مفارقة المسلم المشرك في اللباس أمر مطلوب للشارع ". أستمع حفظ

15 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " كقوله : " فرق ما بين الحلال والحرام الدف والصوت " فإن التفريق بينهما مطلوب في الظاهر ، إذ الفرق بالاعتقاد والعمل بدون العمامة حاصل فلولا أنه مطلوب بالظاهر أيضا لم يكن فيه فائدة، وهذا كما أن الفرق بين الرجال والنساء لما كان مطلوبا ظاهرا وباطنا " لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء وقال : أخرجوهم من بيوتكم " ونفى المخنث لما كان رجلا متشبها في الظاهر بغير جنسه، وأيضا عن أبي غطفان المري قال : سمعت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول : حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع . قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه مسلم في صحيحه. وروى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يوما، أو بعده يوما " . ورواه سعيد بالإسناد ولفظه : " صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود وصوموا يوما قبله ، أو يوما بعده " والحديث رواه ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس فتدبر هذا يوم عاشوراء يوم فاضل يكفر سنة ماضية صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه ورغب فيه، ثم لما قيل له قبيل وفاته: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. أمر بمخالفتهم بضم يوم آخر إليه، وعزم على ذلك. ولهذا استحب العلماء منهم الإمام أحمد أن يصوم تاسوعاء وعاشوراء ، وبذلك عللت الصحابة رضي الله عنهم . قال سعيد بن منصور : حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع عطاء سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول : صوموا التاسع والعاشر ، خالفوا اليهود ". أستمع حفظ

16 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنا أمة أمية ؛ لا نكتب ولا نحسب، الشهر : هكذا وهكذا " . يعني مرة : تسعة وعشرين، ومرة : ثلاثين . رواه البخاري ومسلم. فوصف هذه الأمة بترك الكتاب والحساب الذي يفعله غيرها من الأمم في أوقات عبادتهم وأعيادهم، وأحالها على الرؤية حيث قال - في غير حديث- : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته "، وفي رواية : " صوموا من الوضح إلى الوضح " أي من الهلال إلى الهلال وهذا : دليل على ما أجمع عليه المسلمون- إلا من شذ من بعض المتأخرين المخالفين المسبوقين بالإجماع- من أن مواقيت الصوم والفطر والنسك إنما تقام بالرؤية عند إمكانها، لا بالكتاب والحساب، الذي تسلكه الأعاجم من الروم والفرس، والقبط، والهند، وأهل الكتاب من اليهود والنصارى . وقد روي عن غير واحد من أهل العلم : أن أهل الكتابين قبلنا إنما أمروا بالرؤية - أيضا - في صومهم وعباداتهم، وتأولوا على ذلك قوله تعالى : { كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } ولكن أهل الكتابين بدلوا ". أستمع حفظ